حكم الخروج الذي تفعله جماعة الدعوة والتبليغ
إعداد: هشام بن فهمي العارف
جاءنا سؤال بهذه الصيغة:
الخروج مع جماعة الدعوة والتبليغ صواب أم خطأ؟
الجواب وبالله ـ تعالى ـ التوفيق:
جماعة الدعوة والتبليغ كتب العلماء فيها وبيَّنوا، فأفادوا وحذّروا، والملاحظ أنه على الرغم من البيان والتحذير، فإن هذه الجماعة مستمرة ماضية في أسلوبها وطريقتها.
فجماعة الدعوة والتبليغ أحسنوا التلبيس والتدليس على الناس، لأن كثيراً من الناس للأسف أعرضوا عن كتاب الله وعن هدي محمد ـ صلى الله عليه وسلم ـ فابتلاهم الله بهؤلاء الذين جاءوا بدين صنعوه على طريقتهم الخاصة وجعلوه تحت شعار "الدعوة والتبليغ" ، وحقيقتهم أنهم لا يحسنون الدعوة، ولا يحسنون التبليغ، لأن الدعوة إلى الله لا بدَّ أن تكون دعوة على بصيرة، قال ـ تعالى ـ (قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنْ اتَّبَعَنِي وَسُبْحَانَ اللَّهِ وَمَا أَنَا مِنْ الْمُشْرِكِينَ(10 ولا تتأتى البصيرة إلا بالفهم الصحيح، ولا يكون التبليغ إلا بعد علم نافع، وفقه سليم.
والعلم النافع لا يكون نافعاً إذا افتقد أهم مقوماته وهو الدعوة إلى توحيد الله ـ تعالى ـ ومحاربة الشرك والبدعة. فأي دعوة ينتصرون لها هؤلاء؟!! وأي تبليغ يزعمونه؟!! تالله إنهم سياج واق للضلالات والخزعبلات والمبتدعات وتعمية الأمة عن الحق والحقيقة.
إن الخروج الذي تفعله جماعة ما يسمى بالدعوة والتبليغ، خروج خطير، لأنه مفسد.
وفساده من باب جهل هذه الجماعة بحقيقة الدعوة إلى الله، وجهلهم بعقيدة النبي محمد ـ صلى الله عليه وسلم ـ والسلف، إنهم جاهلون بالهدى الذي جاءت به الأنبياء، وما خروجهم إلا من باب اتباع البدعة والهوى. ولعل شيخنا الفاضل سعد بن عبد الرحمن الحصين كتب في حقهم "رأي آخر في جماعة التبليغ"، بعد تجربة فيهم عاشها وتعايشها فقد أفاد ـ حفظه الله ـ وأجاد، وكشف ما بهم من سوء.
وأنا أنصح من أحب زيادة المعرفة بهؤلاء؛ النظر إلى كتاباته وكتابات غيره من العلماء وفتاواهم الهادفة إلى تبصير الناس بهؤلاء الضّلاّل..
ولست بصدد التوسع في التحذير منهم لأن العلماء كما قلت حذروا منهم أيما تحذير، وعلى سلطات الحكم في بلاد المسلمين الحذر والتحذير منهم لأن محاضنهم محاضن تجهيل مما يدفع بالكثير من الشباب إلى الزهد في طلب العلم النافع، فتتهيأ نفوسهم بعد ذلك إلى فعل الإرهاب الذي تحذر منه الدول.
فهذا الخروج الذي يتصنّعه جماعة الدعوة والتبليغ خطره أنه يوفر لهم اللقاء بالعوام في أنحاء متعددة من البلد الواحد، فيعملون على تحريف فطرة الناس من خلال مظهرهم التلبيسي والتدليسي، ومن خلال بعض المواعظ والترقيقات التي ينطوي معظمها على كرامات خرافية، فتصير الناس بعد ذلك بسبب هذا التجهيل المتعمد إلى هاوية سحيقة.
إنهم يجهلون ويجهّلون العامة أن الرحمن على العرش استوى، إنه تضييع لصفة علو الله على العرش وأنه ـ سبحانه بذاته في السماء. وهكذا في مسائل أخرى من صفات الله ـ تعالى ـ ومن مسائل الإيمان.
ومؤسس جماعة الدعوة والتبليغ عنده بلايا وطامات من البدع العقدية والعبادات، وهذه الجماعة تعود بأصول اعتقاداتها إلى الصوفية النتنة التي عملت ولا تزال تعمل مستمرة جاهدة على إخراج الناس من دين الله الإسلام، فالحق أن خروج هذه الجماعة لا يجوز أن يسمى خروجاً بل إخراجاً للعامة عن فطرتها السوية.
وإلا فالخروج لدعوة الناس إلى الحق وتبليغهم رسالة الله على بصيرة، له أسسه، وأحكامه الشرعية، وضوابطه التي على رأسها أن يكون المبلغ عالماً بدين الله ـ تعالى ـ أي أنه على الكتاب والسنة بفهم سلف الأمة، فيعمل في سبيل الله وله أصل من منهج الله الرباني ففي الخبر الذي صح عن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ حين أرسل معاذ بن جبل ـ رضي الله عنه ـ قال له:
"إنك تقدم على قومٍ أهلِ كتاب فليكن أول ما تدعوهم إليه: عبادة الله (وفي رواية: أن يوحدوا الله ـ تعالى ) فإذا هم عرفوا الله فأخبرهم أن الله فرض عليهم خمس صلوات في يومهم وليلتهم..الحديث". أخرجه البخاري، ومسلم، وغيرهما.
إن الطقوس التي تتمسح بها جماعة الدعوة والتبليغ وتدلس فيها على العامة؛ طقوس تبدو لأول وهلة لمن ليس لديه علم شرعي حسنة، وهي في الحقيقة ليست كذلك لأنها (طقساً) فهي خاوية من الاعتقاد الصحيح، والفهم السديد.
وقد كتب العلماء جوابهم عن هذه الجماعة فوصفوها بالجماعة التي تشتمل أفكارها وأفعالها على: الضلال والبدعة، والدعوة إلى عبادة القبور، وأنها تركت الكلام في تفاصيل عقيدة التوحيد، وقد ونصح العلماء بعدم الخروج معهم، فالخروج معهم لون آخر من ألوان الحزبية المقيتة التي أنتشرت في آخر الزمان وفرقت الأمة، فهم حزب باطل لكنه بثوب الزهّاد الأوائل ـ زعموا؛ قاتلهم الله أنّى يؤفكون ـ فما فهموا معنى الزهد، ولو فهموا معناه حق الفهم لانخلعوا من هذه الضلالة، لكنهم حزبيون لانتصارهم وتكتلهم على بدعة الخروج المصطنعة المخترعة وغيرها من البدع االهدّامة.
وهذا الخروج المبتدع ليس له أصل في دين السلف، فطريقتهم في الخروج سببت لهم الحرج لهم مع عائلاتهم وأسرهم، ومن حولهم ممن عرف حقيقتهم المرّة، والخروج كشف جهلهم الواضح في دعوة الآخرين إلى دين الله ـ تعالى ـ فتدينهم شبيه والله بتدين المجوس الذين يتعبدون الشيطان بطريقة اليوغا.
فهذا الخروج المزعوم خروج على ضلالة وإضلال، فهم في عبادة الشيطان وليسوا في عبادة الرحمن، لأن الله ـ تعالى ـ لم يأمر به، ولم يقل به الأنبياء، ولم يفعل به الصحابة، ولا يرضاه العاقل السوي المتدين بدين الحق.
ولا يجوز لأحد ممن يقتدي بمنهج النبوة والسلف أن ينسبهم لأهل السنة والجماعة، بل هؤلاء أهل بدعة وضلالة، وفرقة وافتراق.
ومن أراد المزيد فعليه الرجوع إلى المصادر الصحيحة في وصف حالهم، ولا يعرف مقدار خطرهم إلا من قرأ كتاب الله ـ تعالى ـ وتشبَّع بسنة محمد ـ صلى الله عليه وسلم ـ واهتدى بهديه علماً وعملاً، عقيدة ومنهجاً، ونظر في طريقة السلف في الدعوة إلى الله ـ تعالى ـ الذين عقلوا الكتاب والسنة وكان لهم في محمد ـ صلى الله عليه وسلم ـ أسوة.
ومعلوم أن اجتهاد هؤلاء في الدين إنما هو اجتهاد في بدعة، وشر الأمور محدثاتها، فمهما زعموا أن خروجهم جهد، ويشبهونه ـ كذباً وزوراً ـ بجهد الصحابة، فهم في ضلالة. وآن الأوان للأمة أن تصدهم عن غيهم وأن تلحق بهم العار لأنهم استطعموا حلاوة الحيلة والتدليس والتلبيس، فلا مكان لهم بيننا.
منقول من منتديات الدعوة السلفية من المسجد الأقصى المبارك
تعليق