العنوان: هل يجوز الانشغال عن خطبة الجمعة إذا كان الخطيب صاحب بدعة؟
الشيخ: محمد بن هادي المدخلي
القسم: العقيدة والمنهج | البدع المحدثة | صلاة الجمعة
السؤال:
هذا سؤال عن خطبة الجمعة، يقول: يخاف على نفسه من الفتنة؛ هل يجوز الانشغال له عن خطبة الجمعة؟
الجواب:
إذا كانت الخطبة باطلة، يعني فيها أباطيل، يذكر هناك أنه يقول بأن الخطيب يدعو إلى نفي الصفات، فلا يستمع لكلامه، لا يستمع لكلامه، إذا كان يدعو إلى نفي الصفات؛ أولًا: لا تصلي عنده، لا تصلي خلفه، إذًا تصلي عند غيره، فإذا كان كذلك، يدعو إلى نفي الصفات، لا يُصَلَّى خلفه، فإذا بُليت به، ما عَلِمت إلَّا وأنت في المسجد، فلا تسمع لكلامه، لأن هذا من الباطل، وإن استطعت أن تَردّه وعندك علم، فواجبٌ عليك، يجب عليك أن ترد عليه، وإن لم تستطع؛ فالله - سبحانه وتعالى- يعذرك، إمَّا لعدم علمك، أو تخوفك على نفسك، ما تستطيع، الله يعذرك.
لكن الذي يتعيَّن عليه إذا كان عنده علم وعنده قوة، فهذا الإمام أحمد وأمثاله، ما رخَّصوا له، لا يدع العامة يُفتنون بسبب هذا الخطيب المبتدع، ويترخص بهذه الرخصة، فعليه أن يقوم بحقِّ الله - جلَّ وعلا -، ويُنقذ هؤلاء من الإضلال، أحمد ما قَبِل من علي المديني وأمثاله ويحيى بن معين - رحمهم الله جميعًا-، فلمَّا قالوا لأحمد – رحمه الله – يعتذرون إليه، حديث عمار؛ أطرق أحمد ثم أقفى بوجهه وهو يقول: (عمَّار، عمَّار)، فخرج يحيى بن معين، ثُمَّ لمَّا خرج خارج الدار، أو الغرفة، جعل أحمد لا ينظر إليه، فكان أحمد يقول بعد ذلك للحاضر: عمَّار - رضي الله عنه - مَر عليهم وهم يسبُّون النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - وهو يقصد حديث عمار ((إِنْ عَادُوا فَعُدْ))، ﴿إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْإِيمَانِ﴾ قال له النبي – صلَّى الله عليه وسلَّم-: ((كَيْفَ تَجِدُ قَلْبَكَ؟))، قال: ((مُطْمَئِنًّا بِالْإِيمَانِ))، قال: ((إِنْ عَادُوا فَعُدْ))، فقال أحمد : عمَّار - رضي الله عنه – قال: ((سمعهم يسبون النبي، فنهاهم، فضربوه، وأنتم قيل لكم سنضربكم فأجبتم))، فلمَّا بلغ هذا يحيى- كان خارج الدار - قال أمرك يا سيدي، قل يا أحمد ما شئت، يعني هذا هو الفقة، أقرَّ له بالفقه، أنت ما قد جاك شيء ووقعت في الباطل، عمّار ضُرِب، فهل تقيس نفسك على هذا الذي نزل به البلاء؟! لا، أنت قيل لك سنضربك فأجبت، أمَّا عمَّار فضُرِب وهو يقول بالحق، فقال له النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم -: كيف تجدك؟ لما صار منه ما صار؛ قال: ((إِنْ عَادُوا فَعُدْ))، حينما نال من النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - فهل أنتم نالكم مثل عمار حتى تحتجون بحديثه؟ فيقولون: يَرْوون عن يحيى قال: أمرك يا سيدي، قل يا أحمد ما شئت، الآن عرف فقه حديث عمَّار، هذا وهو يحيى، فأنا أقول لهذا الأخ: إذا كان عنده قوة والناس ينظرون إليه، ويُقْتَدى به؛ فيجب عليه أن يُبَيِّن ولا يترك مثل هذا يُضِل الناس.