((أما والله ما بلغ الوضاعون للحديث، ولا بلغت الجمعيات السرية ولا العلنية الكائدة للإسلام من هذا الدين عشر معشار ما بلغته منه هذه الطرق–الصوفية- المشؤومة)).
العلامة الإبراهيمي
الحكيم الترمذي وعقيدة ختم الوَلاية
جمع وإعداد
أبي عبد الله غريب بن عبد الله الأثري القسنطيني
غفر الله له.
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمداً عبده ورسوله .
((يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ ))
((يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَث مِنْهُمَا رِجَالاً َّكَثِيراً وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبا.))
((يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً (70) يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيماً))
فإنَّ أصدق الكلام كلام الله وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلّم وشر الأمور محدثاتها وكل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار
أما بعد :
فهذا جمع مبارك –إن شاء الله- لبعض المعلومات عن الحكيم الترمذي صاحب كتاب ((ختم الولاية)) و ((معرفة علل الشريعة)) جمعته لمّا رأيتُ بعض الصوفية في بعض المُنتديات –البدعية- يُثنون عليه ويذكرونه في مصاف أئمّة الحديث كالإمام أحمد والبخاري والترمذي وغيرهم مُتجاهلين حقيقة ما كان عليه الرجل من فساد في الاعتقاد وما حكم عليه أئمّة الحديث من أهل السنّة والجماعة في عصره تلبيساً على العوام وتدليسا عليهم.
ولا أُخفي عليك أخي القارئ أنّي ما كُنتُ أعرفُ عن الحكيم الترمذي هذا إلا أنّه من رواة الحديث وأنّ عليه مؤاخذات عقدية ليست بالهيّنة وما كُنتُ أعتقدُ أنّ هذه المُؤاخذات بالحجم الذي ستقرأه في هذا الموضوع بعيني رأسك !
فالرجل كان على خطر عظيم وضلال كبير في الاعتقاد بل لقد حكم عليه بعض عُلماء عصره بالكُّفر وأخرجوه من بلده لأجل مقالاته التي سيمرّ بك طرف منها بعد قليل إن شاء الله تعالى.
ولقد جمعتُ بحول الله في هذا الموضوع بعض المعلومات المُتعلّقة بالحكيم الترمذي وبعضا من أقواله التي ثبتت عنهُ ثمّ أردفتها بكلام كبار العلماء المتقدّمين والمتأخّرين في ردّها وتفنيدها.
ولا تنفعل أخي القارئ الكريم وتتعصّب وتقول: إنّ الرجل لهُ مكانته وفضله فكيف تتكلمون فيه ؟! لا تقل هذا أخي القارئ فإنّ هذا ليس من شيم طالب الحقّ، وإنّما هذا من شيم طالب الرجال !!
قال العلامة ابن الجوزي رحمه الله تعالى: (((واعلم أن اَلمحقق لا يهوله اسمٌ معظمٌ، كما قال رجل لعلي رضي الله عنه: أتظن أنا نظن أن طلحة والزبير كانا على باطل؟ فقال له: (إن الحق لا يعرف بالرجال، اعرف الحق تعرف أهله) ولعمري إنه قد وقر في النفوس تعظيم أقوام، فإذا نقل عنهم شيءٌ فسمعه الجاهلُ بالشرع قبله لتعظيمهم في نفسه. ..)) صيد الخاطر.
قال العلامة محمّد البشير الإبراهيمي -الرئيس الثاني لجمعية العلماء المسلمين الجزائريين-: سيقول بعض الناس: إن ما ذكرتموه من آثار الطرق السيئة كله صحيح وهو قليل من كثير؛ ولكن هذه الطرق لم يعترها الفساد والإفساد إلا في القرون الأخيرة؛ وأنتم ـ معشر المصلحين تذهبون في إنكاركم على ما قبل هذه القرون، وتتناولون فيما تكتبون وما تخطبون وما تدرسون ـ المحدثين والقدماء والأصول البعيدة والفروع القريبة ـ حتى بسطتم ألسنتكم بالسوء إلى مقامات وأسماء كانات قبل اليوم كحمام الحرم ولعل خصومكم يكونون أدنى للرجوع إلى الحق لو سكتم لهم عن هذه الأسماء.
لهذا القائل نقول: _ بعد شكره على الاعتراف ببعض الحق ـ إنّ الجزء الأخير من كلامك مقتبس مما يشنع به علينا خصوم الإصلاح وهو أننا ننبش القبور ولا نحترم الأموات وننكر كرامات الأولياء ومراتبهم (من غوثية وقطبانية) إلى أكاذيب يلفقونها وأراجيف يتناقلونها عنا.
فاسمع يا هذا :
إن حجة الإسلام قائمة، وميزانه منصوب، وآدابه متمثلة في سيرة الصحابة والتابعين؛ وإننا لا نعرف في الإسلام بعد قرونه الثلاثة الفاضلة ميزة لقديم على مُحْدث ولا لميت على حي ؛ وإنما هو الهدى أو الضلال، والاتباع أو الابتداع ؛ وليست التركة التي ورَّثَناها الإسلام عبارة عن أسماء تطفوا بالشهرة وترسب بالخمول ويقتتل الناس حولها كالأعلام، أو يفتنون بها كالأصنام.
وإنما ورَّثَنا الحكمة الأبدية، والأعمال الناشئة عن الإرادة، والعلم المبني على الدليل.
وإن المسلمين غلو في تعظيم بعض الأسماء غلوا منكراً فأدّاهم ذلك الغلو إلى نوع غريب من عبادة الأسماء نعاه القرآن على من قبلنا ليعظنا ويحذرنا ما صنعوا.
وقد عزل عمر خالد بن الوليد وقال خشيت أن يفتتن به الناس.
ونحن حين نحكم على الأشياء نحكم عليها بآثارها. وآثار هذا الغلو في المسلمين كانت الشر المستطير والتفرق الماحق.
ونحن إذ ننكر إنما ننكر الفاسد من الأعمال، والباطل من العقائد، سواء علينا أصدرت من سابق أم من لاحق،ومن حي أم من ميت. لأن الحكم على الأعمال لا على العاملين ؛ وليس صدور العمل الفاسد من سابق بالذي يحدث له حرمة أو يصيره حجة على اللاحقين ؛ بل الحجة لكتاب الله ولسنة رسوله فلا حق في الإسلام إلا ما قام دليله منهما واتضح سبيله من عمل الصحابة والتابعين بهما، أو إجماع العلماء بشرطه على ما يستند عليهما. وبهذا الميزان فأعمال الناس إما حق فيقبل أو باطل فيرد)) اهـ كلامه عليه رحمة الله (الطرق الصوفية: مقتطفات من تصدير نشرة جمعية العلماء المسلمين الجزائريين ص43-44 مكتبة الرضوان، ط1)
أو لعلّك ستقول إنّ ما في تلك الكتب مدسوس على أصحابها وليست من كلامهم في شيء !!
((فإني أدوي بصيحة الحق، تتحدى الصوفية وطواغيتها أن يجرؤ واحد منهم على القول: إن تلك الكتب مدسوسة!
أو يستنكر ما تطفح به من كفر، وليأتنا بأثارة من علم، أو ظن تدل على أنها دعية النسب إلى من افتروها!
نعم أدوي بصيحة الحق: إن تلك الكتب ليست بمدسوسة، ويشهد بذلك التاريخ الحق، وتواتر النقل الصحيح، ولكن هبوها كذلك، فما ينفعكم، وأنتم بها تدينون، وتؤمنون إيمان عابد الخر بالدن والكأس والعربدة!.
مدسوسة! إنها الترس الأخير، يلوذ به من ينأد منك تحت صدمة الحق الصاعقة! وشهادة زور تفتري؛ لينجو بها المجرم من عقاب جريمته!)) ((هذه هي الصوفية للعلامة عبد الرحمن الوكيل رحمه الله تعالى ص114-115 دار الإيمان الإسكندرية))
هذا وقد بدلتُ جُهدا كبيرا –أحتسبه عند الله- في جمع هذه المادّة وإخراجها للنّاس في خير حُلّة وإن كُنتُ لستُ أهلا لذلك لكنّها الغيرة على الدّين وعلى حُرُمات الله.
فعلى كلّ من يقفُ على خطئ منّي أو زلل أو نسيان فليَعلَم أنّه منّي ومن الشيطان وأنّ الله ورسولهُ منه براء والله أسأل أن يقينا الفتن والشبهات المضلات المهلكات وأن يجعلنا من عباده الذين يستمعون القول فيتّبعون أحسنه إنّه تعالى سميع مجيب.
أخوكم: أبو عبد الله غريب بن عبد الله الأثري الجزائري
قسنطينة: ضحى يوم 10/02/2008 م.
تنبيه: الحكيم الترمذي الذي نحن بصدد الكلام عنه ليس هوالإمام أبو عيسى ابن سورة الترمذي صاحب السنن المعروف عند العامّة وإنّما الحكيم الترمذي هذا شخص آخر مختلف تماما عن الإمام الترمذي صاحب السنن بل الفرق بينهما كالفرق بين السماء والأرض!
فالأوّل (الحكيم) صوفي خرافي (كما سيأتي) والثاني (ابن سورة) سنّي سلفي من أهل الحديث رضي الله عنه وأرضاه.
وقبل الشروع في المقصود أنقل لك أخي القارئ بعض كلام شيخ الإسلام ابن تيمية في الحكيم الترمذي ثمّ ندخل في صلب الموضوع.
من كلام شيخ الإسلام ابن تيمية في الحكيم الترمذي:
فصــل
في تَكَلُّم أبي عبد الله محمد بن علي الحكيم الترمذي في كتاب
((ختم الولاية)) بكلام مردود
تكلم أبو عبد الله محمد بن علي الحكيم الترمذي في كتاب ((ختم الولاية)) بكلام مردود، مخالف للكتاب والسنة، وإجماع السلف والأئمة، حيث غلا في ذكر الولاية، وما ذكره من خاتم الأولياء، وعصمة الأولياء ونحو ذلك مما هو مقدمة لضلال ابن عربي، وأمثاله، الذين تكلموا في هذا الباب بالباطل والعدوان،
ومنها فيه:
قال له قائل :
فهل يجوز أن يكون في هذا الزمان من يوازي أبا بكر وعمر رضي الله عنهما؟
قال : إن كنت تعني في العمل فلا، وإن كنت تعني في الدرجات فغير مدفوع، وذلك أن الدرجات بوسائل القلوب، وتسمية ما في الدرجات بالأعمال فمن الذي حوّل رحمة الله عن أهل هذا الزمان حتى لا يكون فيهم سابق ولا مقرب ولا مجتبى، ولا مصطفى، أو ليس المهدي كائنًا في آخر الزمان؟
فهو في الفتنة يقوم بالعدل، فلا يعجز عنها.
أو ليس كائنًا في آخر الزمان من له ختم الولاية؟
وهو حجة الله على جميع الأولياء يوم الموقف؟
فكما أن محمدًا صلى الله عليه وسلم آخر الأنبياء، فأعطى ختم النبوة وهو حجة الله على جميع الأنبياء، فكذلك هذا الولي آخر الأولياء في آخر الزمان.
قال له قائل :
فأين حديث النبي صلى الله عليه وسلم: (خرجت من باب الجنة، فأُتيت بالميزان فوضعت في كفة، وأمتي في كفة فرجحتُ بالأمة، ثم وضع أبو بكر مكاني فرجح بالأمة.ثم وضع عمر مكان أبي بكر فرجح بالأمة).
فقال :
هذا وزن الأعمال، لا وزن ما في القلوب، أين يذهب بكم يا عجم؟
ما هذا إلا من غباوة أفهامكم.
ألا ترى أنه يقول:
خرجت من باب الجنة، والجنة للأعمال، والدرجات للقلوب؛ والوزن للأعمال، لا لما في القلوب، إن الميزان لا يتسع لما في القلوب.
وقال فيه :
ثم لما قبض الله نبيه صير فيهم أربعين صديقًا؛ بهم تقوم الأرض فهم أهل بيته، وهم آله، فكلما مات منهم رجل خلفه من يقوم مقامه؛ حتى إذا انقرض عددهم، وأتى وقت زوال الدنيا؛ بعث الله وليًا اصطفاه واجتباه وقربه وأدناه وأعطاه ما أعطى الأولياء وخصه بخاتم الولاية، فيكون حجة الله يوم القيامة على سائر الأولياء.
فيوجد عنده ذلك الختم صدق الولاية، على سبيل ما وجد عند محمد صلى الله عليه وسلم صدق النبوة؛ لم ينله القدر، ولا وجدت النفس سبيلا إلى الأخذ بحظها من الولاية، فإذا برز الأولياء يوم القيامة، وأقبضوا صدق الولاية والعبودية، وجد ألوفًا عند هذا الذي ختم الولاية تمامًا؛ فكان حجة الله عليهم وعلى سائر الموحدين من بعدهم، وكان شفيعهم يوم القيامة، فهو سيدهم.
ساد الأولياء كما ساد محمد صلى الله عليه وسلم الأنبياء، فينصب له مقام الشفاعة، ويثنى على الله ثناء، ويحمده بمحامد يقر الأولياء بفضله عليهم في العلم بالله، فلم يزل هذا الولي مذكورًا أولًا في البدء أولا في الذكر، وأولا في العلم، ثم الأول في المسألة، ثم الأول في الموازنة، ثم الأول في اللوح المحفوظ، ثم الأول في الميثاق، ثم الأول في الحشر، ثم الأول في الخطاب، ثم الأول في الوفادة، ثم الأول في الشفاعة، ثم الأول في الجواز وفي دخول الدار، ثم الأول في الزيارة، فهو في كل مكان أول الأولياء، كما كان محمد صلى الله عليه وسلم أول الأنبياء، فهو من محمد صلى الله عليه وسلم عند الأذن، والأولياء عند القفا.
فهذا عند مقامه بين يديه في ملك الله ونجواه، مثال في المجلس الأعظم، فهو في منصته، والأولياء من خلفه درجة درجة، ومنازل الأنبياء مثال بين عينيه، فهؤلاء الأربعون في كل وقت هم أهل بيته. ولست أعنى من النسب، إنما أهل بيت الذكر.اهـ
من مجموع فتاوى شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى وأسكنه الفردوس الأعلى (قسم التصوّف من الجزء11).
فظهر لنا من كلام شيخ الإسلام رحمه الله تعالى أنّ الحكيم الترمذي:
1) غلا في مسألة الولاية وما يتعلّق بها من مباحث.
2) تكلّم بكلام مردود.
3) كلامُهُمخالف للكتاب والسنة، وإجماع السلف والأئمة.
4) قال بعصمة الأولياء !!
5) جوّز أن يكون في هذه الأمّة من يكون بمنزلة أبي بكر وعمر وقد يفوقهما !!
6) قال بعقيدة ختم الولاية.
7) قال عن خاتم الأولياء الوهمي أنّه حجة الله على جميع الأولياء يوم الموقف.
قال إنّ الجنة للأعمال، والدرجات للقلوب؛ والوزن للأعمال، لا لما في القلوب ؟!!
9) قال إنّ الميزان لا يتسع لما في القلوب !!
10) قال إنّ في الدنيا أربعين وليا بهم تقوم الدنيا وهم من آل بيت النبيّ صلى الله عليه وسلّم!!
11) قال إنّه إذا انقرض هؤلاء الأبعين رجلا بعث الله رجلا هو خاتم الأولياء فيكون حجة الله يوم القيامة على سائر الأولياء !!
12) قال إنّ خاتم الأولياء شفيعهم –أي الأولياء- يوم القيامة، فهو سيدهم !!
13) قال إنّ لخاتم الأولياء هذا كلّ ما لمحمّد صلى الله عليه وسلّم تقريبا !!
هذا مضمون ما جاء به الحكيم (!) الترمذي الإمام المبجّلُ عند الصوفية الأشرار !! كما نقلهُ عنه شيخ الإسلام ابن تيميّة قدّس الله ثراه.
والملاحَظُ من هذا الكلام أنّ هذا الرجُل أعني الحكيم الترمذي لم يأتي بشيء جديد البتّة، فإنّ أغلب بل كلّ ما تقيّأهُ في كتابه هذا قد نبح به من قبل الشيعة الروافض في كلامهم عن أئمّتهم المعصومين عامّة وعن إمامهم المهدي الشخصية الوهمية الأسطورية خاصّة، ولا فرق بين قيء الحكيم في أوليائه ونُباحهم في أئمّتهم إلا من جهة تحديد العدد !!
فالشيعة الروافض يجعلون من الأئمّة إثنا عشر رجلا من آل البيت منهم إمامهم المهدي (محمّد بن الحسن العسكري) الذي وُلدَ (!) من رجُل مات لا عَقبَ له !! وهو آخرهم وخيرهم وخاتمهم.
والحكيم الترمذي يجعلهم أربعين ولياً من آل البيت كذلك، وإذا انقرضوا بعث الله خاتما لهم وهو آخرهم وخيرهم.
هذا هو الفرقُ الوحيدُ بين ما جاء به الحكيم في كتابه وما جاءت به الرافضة في كُتُبهم.
فانظر مثلا ما قاله الصوفي عبد الرؤوف المناوي في تعريفه للأبدال (!): (وهم عند القوم سبعةلا يزيدون ولا ينقصون، يحفظ الله بهم الأقاليم السبعةلكل بدل إقليمفيه ولايته، منهم واحد على قدم الخليل وله الإقليم الأول، والثاني على قدم الكليم، والثالث على قدم هارون، والرابع على قدم إدريس، والخامس على قدم يوسف، والسادس على قدم عيسى، والسابع على قدم آدم. على ترتيب الأقاليم، وهم عارفون مما أودع الله في الكواكب السيارة من الأسرار والحركات والمنازل وغيرها، ولهم من الأسماء أسماء الصفات، وكل واحد بحسب ما يعطيه حقيقة ذلك الاسم الإلهي من الشمول والإحاطة)). اهـ (التوقيف على مهمات التعاريف للمناوي ص36) (حقيقة الأولياء للأمير الصنعاني، تحقيق الشيخ عبد الرزاق البدر حفظه الله)
وقال –أي المناوي-: (الأوتاد أربعة في كل زمان، لا يزيدون ولا ينقصون، أحدهميحفظ الله به المشرق وولايته فيه، والآخر المغرب، والآخر الجنوب، والآخر الشمال، ويعبر عنهم بالجبال لحكمهم في العالم حكم الجبال في الأرض، وألقابهم في كل زمن: عبد الحي، وعبد العليم، وعبد القادر وعبد المريد) (التوقيف ص66) (نفس المصدر)
وفي التعريفات له أيضاً ((القطب، وقد يسمى غوثاً باعتبار التجاء الملهوفإليه، عبارة عن الواحد الذي هو موضع نظر الله في كل زمان، أعطاه الله الطلسم الأعظم من لدنه، وهو يسري في الكونوأعيانه الباطنة والظاهرة سريان الروح في الجسد، بيده قسطاس الفيضالأعم، وزنه يتبع علمه، وعلمه يتبع علم الحق، وعلم الحق يتبع الماهيات الغير المجعولة، فهو يفيض روح الحياة على الكون الأعلى والأسفل، وهو على قلب إسرافيل من حيث حصته الملكية الحاملةمادة الحياة والإحساس، لا من حيث إنسانيته، وحكم جبريل فيه كحكم النفس الناطقة في النشأة الإنسانية، وحكم ميكائيل فيه كحكم القوة الجاذبة فيها، وحكم عزرائيل فيه كحكم القوة الدامعة فيها)).اهـ (التوقيف ص 273) (نفس المصدر)
قال الإمام الصنعاني رحمه الله عقب هذا الكلام: ((وكل هذه الألفاظ من الأقطاب وغيرها مبتدعةٌ اصطلاحيةٌ لم تأت سنةٌ بها ولا كتابٌ ولا لغةٌ)) (نفس المصدر)
وانظر يا هداك الله لما في كتب الرافضة من شؤون أئمّتهم:
فقد جاء في الكافي –وهو عُمدتُهم- (( باب: أن الله عز وجل لم يعلم نبيه علماً إلا أمره أن يعلمه أمير المؤمنين وأنه شريكه في العلم)) !!
وفيه أيضاً ((باب: أن الأئمة يعلمون جميع العلوم التي خرجت إلى الملائكة والأنبياء والرسل)) !!
وفيه ((باب: أن الأئمة عندهم جميع الكتب التي نزلت من عند الله عز وجل وأنهم يعرفونها على اختلاف ألسنتها))!!
وبوب المجلسي في بحار الأنوار (26/193-200)أبواباً ذكر فيها أنهم ((أعلموأفضل من الأنبياء، وأن أولى العزم من الرسل إنما صاروا أولى عزم بحبهم لأئمة الشيعة، وأنهم يرجعون بعد الموت، وأنهم قادرون على إحياء الموتى، وإبراء الأكمة، والأبرص، وجميع معجزات الأنبياء، ويعلمون ما كان وما يكون إلى يوم القيامة، وأنهم يعلمون متى يموتون، ولا يموتون إلا باختيارهم))
ويقول فيهم آية الشيطان روح إبليس الخميني في كتابه ((الحكومة الإسلامية ص91)): ((لا يتصور فيهم السهو والغفلة)) ويقول أيضاً في الكتاب نفسه ((وأن من ضروريات مذهبنا أن لأئمتنا مقاماً لا يبلغه ملك مقرب ولانبي مرسل)) وأنّ تعاليمهم كتعاليم الأنبياء (ص76) !!
فهل تجد فرقا بين العقيدتين أو تمايزاً بين الدينين ؟!
يقول المستشرق نيكلسونوهو يعقد مقارنة بين شخصية محمّد صلى الله عليه وسلّم في دين الإسلام وبين شخصيته في دين الصوفية ودين الشيعة الرافضة: ((إذا بحثنا في شخصية محمد، في ضوء ما ورد عنه في القرآن من آيات، وما أثر عنه من الحديث في الصدر الأول، وجدنا الفرق شاسعاً بين الصورة التي صور بها في ذلك العهد، وبين الصورة التي صور بها الصوفية أولياءهم، أو تلك الصورة صور بها الشيعة إمامهم المعصوم.
وظهر من المقارنة أن صورة شخصية الرسول لا تفضل عند الموازنة صورة الولي الصوفي، أو صورة الإمام الشيعي، إن لم تكن دونهما، ذلك أن الولي الصوفي والإمام المعصوم، قد وصفا بجميع الصفات الإلهية، بينما وصف الرسول القرآن بأنه بشر فيه كل ما للبشر من صفات، وأنه ينزل عليه الوحي من ربه بين آن وآخر، ولكنه لا يتلقاه مباشرة عن الله، بل بواسط الملك، وأنه لم ير الله قط، أو يطلع على أسراره، وأنه لا يتنبأ بالغيب، ولا يفعل المعجزات، أو خوارق العادات، بلهو عبد من عباد الله ورسول من رسله (ص 158 في التصوف الإسلامي ترجمة الدكتور عفيفي) (هذه هي الصوفية للعلامة عبد الرحمن الوكيل ص131-132 دار الإيمان الإسكندرية، مع ضرورة التنبيه على ما في كلام هذا المستشرق من الخطأ فيما يتعلّق بنفي معجزات الرسول صلى الله عليه وسلّم وخوارق العادات التي جرت على يديه).
فأنت ترى أنّ هذا المستشرق الكافر أدرك مدى توافق العقيدتين ومدى انسجام الدينين أعني دين الرافضة الإمامية ودين الصوفية القبورية !! فجمعهما في مقام واحد مُقابل دين الإسلام الذي عبّر عنه بالقرآن والحديث في العصر الأوّل !!
وهذا العلامة الإبراهيمي رحمه الله ينسبُ التصوّف إلى الفُرس – إيران حالياً- فيقول: ((وهل ضاقت بنا الألفاظ الدينية ذات المفهوم الواضح والدقة العجيبة في تحديد المعاني حتى نستعير من جرامقة اليونان أو جرامقة الفرس هذه اللفظة المبهمة الغامضة–أي الصوفية- التي يتسع معناها لكل خير ولكل شر ؟!)) (الطرق الصوفية ص47)
وصدَقَ الإمام مبارك الميلي رحمه الله حين قال بعذ أن ذكر مظاهر اتّحاد الباطنية بالصوفية وعدّ من تلك المظاهر:
1) ظهور مذهب الحلول والقول بالاتحاد.
2) قول مُتأخّري الصوفية بالقُطب ومعناه رأسُ العارفين، ويزعمون أنّه لا يُساويه أحدٌ في مقامه حتى يموت فيخلفه آخر. وذلك هو معنى الإمام المعصوم عند الرافضة !
3) القول بالأبدال وترتيبهم ترتيب الشيعة للنُّقباء !
4) اتّخاذ الصوفية لباس الخرقة شعارا لهم، وزعموا أنّ الحسن البصري لبسها من عليّ رضي الله عنه ! وتخصيص عليّ بشيء من الدّين هو من بدع الرافضة !
ثمّ قال بعد ذلك رحمه الله تعالى: ((تلك مظاهر من اتّحاد الصوفية بالرافضة. أمّا ثمرة هذا الاتّحاد فهو توصّل الرافضة إلى تحقيق ما عَجَزت عنهُ من تشويه محاسن الإسلام وقلب تعاليمه)) انظر (رسالة الشرك ومظاهره (ص282 إلى 303، الفصل29: هُداة الشرك وحُماته). طبعة دار البعث، قسنطينة).
صدق والله هذا الإمام الراسخُ في العلم الخبيرُ بشؤون الصوفية وطُرُقها العليمُ بخبايا الصوفية وزواياها، فرحمهُ الله ورضي الله عنه وأرضاه. فإنّ الفُرس المجوس حينما عجزوا عن الفتك بالإسلام عن طريق الرفض والتشيُّع لوضوح ضلاله وجلاء عدائه لجئوا إلى حيلة أخبث وأمكر وأدهى وأمر فدخلوا على المُسلمين باسم الزهد الذي عُرف فيما بعد بالتصوّف -الذي لا تعرفُه لُغة العرب فضلا عن الإسلام- واستطاعوا أن يخدعوا العُلماء فضلا عن العوام فنالوا بعض الثناء منهم وحصلوا على التزكية من بعضهم فما لبثوا أن كشّروا عن أنيابهم بعقائد أسلافهم من اليونان عُبّاد الأوثان ومن المجوس والهندوس فغرسوها في لحوم المسلمين الطيّبين باسم الوَلاية والكرامة وحبّ الصالحين.
وهذا أحمد سري شيخ مشايخ الطريقة البكتاشية يُصرّحُ من غير تقيّة قائلا:((الطريقة العلية البكتاشية هي طريقة أهل البيت الطاهر رضوان الله عليهم أجمعين)) (الرسالة الأحمدية ص67)
ويقول أيضاً:
((وجميع الصوفية على اختلاف طرقهم يقدسون النبي وأهل بيته ويغالون في هذه المحبة لدرجة اتهامهم بالباطنية والاثني عشرية)) (الرسالة الأحمدية ص6.
ويقول أيضاً: ((والطريقة العلية البكتاشية قد انحدرت أصولها من سيدنا ومولانا أمير المؤمنين علي بن أبي طالب كرم الله وجهه وعن أولاده وأحفاده إلى أن وصلت إلى مشايخنا الكرام يداً بيد، وكابر عن كابر، وعنهم أخذنا مبادئ هذه الطريقة الجليلة)) (الرسالة الأحمدية ص69).
واليوم أصبحت العلاقة الحميمية بين الصوفية والرافضة مكشوفة للعوام وأصبحت تُعلنُ حتى في القنوات والفضائحيات !! فها هو الهيتي المدعو مُحمّد بن بريكة أذلّه الله يقفُ إلى جانب الشيعي الرافضي المدعو بالكوراني ويُهاجم الشيخ عبدُ الرحمن دمشقية في مناظرة بين الكوراني ودمشقية على قناة المُستقلّة !
يقولُ الشيخُ دمشقية عن مُداخلة الهيتي بن بريكة ((لم يكن محمد بن بريكة رزيناً معي أبدا في حوار كان بيني وبينه علىقناة المستقلة.وقد كان متحاملا جدا.ولكنه ولله الحمد فشل فيتحامله.والحوار مسجل بيني وبينه وهو عندي. ولا أنسى موقفه في نفس الحوارمن الكوراني حيث كان يلاطف الكوراني ويعظمه ويصف قم بـ (قم المقدسة) )).
ويقول أيضا –أي دمشقية- ((وهو ممن يعظمون السقّاف الذي كان يتآمر مع الشيعة أيام المناظرات. وقد زعم أنّعليا لا يصفه الواصفون. ومناقبه تفوق كل مناقب الصحابة. هذا بالإضافة إلى زعمه بأنقم مدينة مقدسة.
ما الذي قدسها يا آية الله بريكة؟؟)) وقال كذلك: (( وقد أثنى ابن بريكة على حسن السقاف. واعتبرني خصما لدودا له))
وقال كذلك: ((لوحظ على ابن بريكة سكوته عن اتهامات الكوراني للبخاري. ونشاطه في الطعن بأهلالسنة.)) هذا ما قاله الشيخ عبدُ الرحمن دمشقية حول الهيتي ابن بريكة أعاذنا الله ممّا ابتلاهُ به.
فلا يغرُّك أخي القارئ ما قد تَسمَعه هنا أو هُناك أنّ الصوفية أعداء الرافضة وأنّ الهيتي ابن بريكة يُحذّر من انتشار الرفض والتشيُّع في الجزائر فما هذا بالحقيقة وما هذا إلا من خُدع القوم التي تعلّموها من كُتُب الماسونية وبروتوكولات خُبثاء صهيون وقديما قال الإمام الشافعي المُطّلبي رضي الله عنه:
لا يكُن ظنُّك إلا سيّئا **** فسوءُ الظنّ من أقوى الفطن
ما رمى الإنسان في مخمصة **** إلا حُسن القول والظنّ الحسن.
وأنصحك أخي أن تقرأ الفصل 29 من كتاب الشرك ومظاهره للإمام مبارك الميلي تحت عنوان: ((هُداةُ الشرك وحُماتُه)) ففيه الكثير عن علاقة الرافضة المجوس بالطرق الصوفية قاتل الله الجميع.
علماء السنّة ينفون الحكيم الترمذي من بلده
ويشهدون عليه بالكفر !
جاء في تذكرة الحفّاظ (2/645) دار الصميعي، الرياض، ط1 سنة 1415، تحقيق العلامة حمدي السلفي.
قال السلمي: (وهو أبو عبد الرحمن السلمي الصوفي المشهور) نفوه من ترمذ بسبب تأليفه كتاب ((ختم الولاية)) و((كتاب علل الشريعة)) وقالوا: زعم ان للاولياء خاتما وانه يفضل الولاية واحتج بقوله عليه السلام ((يغبطهم النبيون والشهداء)) وقال: ((لو لم يكونوا أفضل لما غبطوهم)) فجاء الى بلخ فأكرموه لموافقته إياهم في المذهب قلت عاش نحوا من ثمانين .
وجاء في السيّر للإمام الذهبي رحمه الله تعالى: (13/440) وما بعدها بتصرّف، مؤسسة الرسالة، ط9 سنة 1413 تحقيق شعيب الأرناؤوط ومحمد العرقسوسي:
...قال أبو عبدالرحمن السلمي: أخرجوا الحكيم من ترمذ وشهدوا عليه بالكفر وذلك بسبب تصنيفه كتاب ((ختم الولاية)) وكتاب ((علل الشريعة)) وقالوا إنه يقول إن للأولياء خاتما كالأنبياء لهم خاتم وإنه يفضل الولاية على النبوة واحتج بحديث ((يغبطهم النبيون والشهداء)) فقدم بلخ فقبلوه لموافقته لهم في المذهب.
.. وقال السلمي هُجر لتصنيفه كتاب((ختم الولاية)) و((علل الشريعة)) وليس فيه ما يوجب ذلك ولكن لبعد فهمهم عنه.
قلت (أي الإمام الذهبي) كذا تكلم في السلمي من أجل تأليفه كتاب ((حقائق التفسير)) فياليته لم يؤلفه.
فنعوذ بالله من الإشارات الحلاجية وانضاف البسطامية وتصوف الاتحادية فواحزناه على غربة الإسلام والسنة قال الله تعالى: ((وأن هذا صراطي مستقيما فاتبعوه ولا يتبعوا السبل فتفرق بكم عن سبيله)) الأنعام)). اهـ
وأبو عبد الرحمن السلمي هو أحد كبار الصوفية في عصره وهو ثقة عند أنصار التصوّف والخرافة بلا شكّ.
وجاء في لسان الميزان للحافظ ابن حجر (5/30 وما بعدها بتصرّف، مؤسسة الأعلمي للمطبوعات، ط3 سنة 1406 هـ تحقيق: دار المعرفة النظامية، الهند:
1033 محمد بن علي بن الحسن بن بشير الترمذي المؤذن المعروف بالحكيم أبو عبد الله ... ذكره أبو عبد الرحمن في طبقات الصوفية قال له الشان العالي والنعت المشهور (!) كان يقول: ((ما وضعت حرفا على حرف لينقل عني ولا لينسب الي شيء منه ولكن كنت إذا اشتد علي وقتي اتسلى بمصنفاتي (!!))).
قال السلمي: وقيل انه هُجر بترمذ في آخر عمره بسبب تصنيفه كتاب ((ختم الولاية)) و((علل الشريعة)).
قال فحمل إلى بلخ فاكرموه لموافقته لهم في المذهب يعني الرأي.
وبلغني أنّ أبا عثمان سئل عنه فقال:
((تنبؤا عنه شرا سبب)).
ومما أنكر عليه أنه كان يفضل الولاية على النبوة ويحتج بحديث ((يغبطهم به النبيون)) قال: ((لو لم يكونوا أفضل لما غبطوهم)).
وذكره أبو القاسم القشيري في الرسالة يحكي بهاتين الكتابين عن السلمي قال كان من كبار الشيوخ (أي شيوخ الصوفية) وله تصنيف في علوم القوم (أي الصوفية) وذكره القاضي كمال الدين بن العديم صاحب تاريخ حلب في جزء له سماه ((الملحة في الرد على أبي طلحة)) قال فيه:
((وهذا الحكيم الترمذي لم يكن من أهل الحديث ولا رواية له ولا أعلم له تطرقة وصناعة وانما كان فيه الكلام على إشارات الصوفية والطرائق ودعوى الكشف عن الأمور الغامضة والحقائق حتى خرج في ذلك عن قاعدة الفقهاء واستحق الطعن عليه بذلك والازراء وطعن على أئمة الفقهاء والصوفية وأخرجوه بذلك عن السيرة المرضية وقالوا: انه ادخل في علم الشريعة ما فارق به الجماعة وملأ كتبه الفظيعة بالأحاديث الموضوعة وحشاها بالأخبار التي ليست بمروية ولا مسموعة وعلل فيها جميع الأمور الشرعية التي لا يعقل معناها بعلل ما اضعفها وما اوهاها)).
قلت: (أي الحافظ ابن حجر) ولعمري بن العديم في ذلك ولولا أن كلامه يتضمن النقل عن الأئمة انهم طعنوا فيه لما ذكرته ولم صليت لهذا الرجل مع جلالته على ترجمة شافية والله المستعان. اهـ المقصود منه.
ونقل في كشف الظنون عن الصوفي التاج السبكي ابن الصوفي تقي الدين السبكي خبر إخراج أهل السنّة للحكيم من ترمذ لسوء مقالته. (كشف الظنون 1/9 دار الكتب العلمية 1413هـ)
شهادة ابن المفلح رحمه الله تعالى على الحكيم الترمذي بمجانبته للصواب:
قال أبو عبد الله محمد بن مفلح المقدسي في (الفروع: 6/381): ((رأيت أكثرالعباد على غير الجادة فمنهم من صح قصده ، ولا ينظرون في سيرة الرسول وأصحابه ولافي أخلاق الأئمة المقتدى بهم ، بل قد وضع جماعة من الناس لهم كتباً فيه رقائق قبيحة، وأحاديث غير صحيحة، وواقعات تخالف الشريعة ، مثل كتب الحارث المحاسبي وأبي عبدالله الحكيم الترمذي وأبي طالب المكي)).
خرافة:
ذكرالقدّيس الصوفي الخرافي الملقّب بالشعراني (أو بالأحرى البعراني كما كان يسمّيه العلامة محمد حامد الفقي رحمه الله تعالى) أنهم (أي علماء أهل السنّة والجماعة) أخرجوا الحكيم الترمذي إلى بلخ حين صنَّف كتاب ((علل الشريعة)) وكتاب ((ختم الأولياء)) فأنكروا عليه بسبب هذين الكتابين , وقالوا: فضلت الأولياء على الأنبياء ، وأغلظوا عليه فجمع كتبه كلها وألقاها في البحر فابتلعتها سمكة ثم لفظتها بعد سنين . هكذا يقول البعراني!. (انظر كشف زيف التصوّف للإمام ربيع السنّة حفظه الله تعالى ص 124 مجالس الهدى، الجزائر، ط1 سنة 1427هـ)
قلتُ: ولعلّ السمكة ألقتها بعدما ابتلعتها لأنّ معدتها لم تهضم ما فيها من باطل وخرافة بل سببت لها أمراضا وأوبئة !!
فهذه سمكة لفظت ما في جوفها من كتب هذا الرجل وتقيّأته (كما يذكر البعراني!) فما بالك بنا نحن الآدميين!!
أليس الحري بنا أن نهجُر كُتُب هذا الرجل وعقيدته اقتداءاً بسلفنا الصالح رحمهم الله تعالى ؟ بلى والله هذا هو الواجب علينا خاصةً بعدما انتشر على الساحة الدعوية أُناس لا يرقبون في أهل السنّة إلاً ولا ذمّة يبثّون في عوامّهم عقائد المجوس والهندوس وعبدة الأوثان والصلبان من الصوفية الطرقية ومن الشيعة الرافضة الإمامية. نسأل الله تعالى أن يحفظ علينا عقيدتنا (عقيدة أهل الأثر) وأن يُميتا عليها. آمين.
الحكيم الترمذي وحياة نبي الله الخضر عليه السلام:
والحكيم الترمذي يعتبر من ّأوائل الصوفية الذين نسجوا قصص خرافية وحكايات أسطورية عن نبي الله الخَضر عليه السلام ثمّ تبعه الصوفية المجانين فزادوا على ما ذكره الحكيم وأصحابه أشياء لا يتقبلها عقل ولا يصح فيها نقل !
قال الحكيم الترمذي فيكتابه ((ختم الولاية)) في جوابه عن علامات الأولياء:
((وللخضر عليه السلام، قصة عجيبةفي شأنهم ـ أي الأولياء ـ وقد عاين شأنهم في البدء ومن وقت المقادير فأحب أنيدركهم، فأعطى الحياة حتى بلغ من شأنه أنه يحشر مع هذه الأمة وفي زمرتهم، حتى يكونتبعاً لمحمد صلى الله عليه وسلم، وهو رجل من قرن إبراهيم الخليل، وذي القرنين، وكانعلى مقدمة جنده، حيث طلب ذو القرنين عين الحياة ففاتته وأصابها الخضر ...))(ختمالولاية ص 362)
ومما يجب التنبيه عليه في هذا المقام أنّ الصوفية بجميع طرقها وزواياها يُعظّمون الخضر عليه السلام أعظم من أيّ نبيّ آخر! ذلك لأنّهم يعتبرونه ولياً لا نبياً والمسألة وإن كان فيها خلاف بين أهل العلم –أي في كون الخضر نبيا أم رجلا صالحا- إلا أنّ الصوفية مُجمعون على كونه وليا لا نبيا لما تقرر عندهم من أفضلية الولي على النبي كما سيأتي! ولأنّ القصّة في سورة الكهف تُصوّرُ لنا الخضر بمنزلة المعلّم وموسى بمنزلة المُتعلّم.
كما أنّ الصوفية يحتجّون بقصّة الخضر مع موسى عليهما السلام في تقرير ما يُسمّونه بالعلم اللَدُني، وهو مأخوذٌ من قوله تعالى: ((آتيناه رحمة من عندنا علّمناه من لدنّا علما)) فقالوا أنّ الولي علمه لدُني أي أنّه لا يحتاجُ إلى تعلُّم بل الأمرُ كما قال الله تعالى: ((واتّقوا الله ويعلّمكم الله)) ! ولذلك تجد الصوفية من أشدّ النّاس تنفيرا من طلب العلم الشرعي! يقول حُجّة إسلامهم الغزالي: ((فالأنبياء والأولياء انكشف لهم الأمر، وفاض على صدورهم النور، لا بالتعليم والدراسة والكتابة للكتب، بل بالزهد في الدنيا والتبري من علائقها، وتفريغ القلب من شواغلها والإقبال بكنه الهمة على الله تعالى)) إلى أن قال –مُبيّنا طريق وصول المُريد إلى الكشف-: ((ثم يخلوا بنفسه في زاوية مع الاقتصار على الفرائض والرواتب، ويجلس فارغ القلب، ولا يفرق فكره بقراءة قرآن، ولا بالتأمل في تفسيره، ولا يكتب حديثاً ولا غيره. بل يجتهد أن لا يخطر بباله شيء سوى الله تعالى. فلا يزال، بعد جلوسه في الخلوة، قائلاً بلسانه: الله.. الله..)) انظر الإحياء (2/66 وما بعدها)
وكان أحد قادة جماعة التبليغ الصوفية القبورية التي حُقّ لها أن تُسمّى جماعة التبغيل! أقول: كان أحد زُعمائها يقول لطلابه: ((كونوا أولياء تنجحوا بدون مُذاكرة.)) !! (القول البليغ في التحذير من جماعة التبليغ ص 49 ط2، دار الصميعي)
يقول العلامة الإبراهيمي رحمه الله ردّا على هذه المقولة الخبيثة المُزهّدة في العلم وطلبه: ((ولماذا يُعَنِّي الناسُ أنفسهم في فهم القرآن وتدبره وحمل النفس على التخلق بأخلاقه والوقوف عند حدوده إذا كان كل ما يناله منه مع هذا التعب يجده في الطريق عفواً بلا تعب وبلا سبب أو بأيسر سبب ؟!
فإذا كان هذا القرآن يفيد معرفة الله ـ وهي أعلى مطلب ـ فالقوم عارفون بالله؛ وإن لم يدخلوا كُتَّاباً، ولم يقرؤوا كتاباً، وكل من ينتسب إليهم فهو عارف بالله بمجرد الانتساب أو بمجرد اللحظة من شيخه.
وقد كان قدماؤهم يتخذون من مراحل التربية مدارج للوصول إلى معرفة الله فيما يزعمون وفي ذلك تطويل للمسافة وإشعار بأن المطلوب شاق، حتى جاء الدجال ((ابن عليوه)) وأتباعه بالخاطئة فأدخلوا تنقيحات على الطريق ورسوماً أملاها عليهم الشيطان، وكان من تنقيحاتهم المضحكة تحديد مراحل التربية (الخلوية) لمعرفة الله بثلاثة أيام (فقط لا غير) تتبعها أشهر وأعوام في الانقطاع لخدمة الشيخ من سقي الشجر، ورعي البقر، وحصاد الزرع، وبناء الدور مع الاعتراف باسم الفقير والاقتصار على أكل الشعير !
ولئن سألتهم لم نزّلتم مدة الخلوة إلى ثلاثة أيام ؟ ليقولن فعلنا ذلك مراعاة لروح العصر الذي يتطلب السرعة في كل شيء ؛ فقل لهم قاتلكم الله ولِمَ نقصتم مدة الخلوة، ولم تنقصوا مدة الخدمة أيها الدجاجلة ؟
وقد قرأنا كثيراً من رسائلهم التي يتراسلون بها فإذا هم ملتزمون لصفة واحدة يصف بها بعضهم بعضاً وهي صفة (العارف بالله) وأكثر الطرقيين سخاءً في إعطاء هذا اللقب هم العليويّة. ونحن..... فقد عرفنا كثيراً من هؤلاء (العارفين بالله) فلم نعرفهم إلا حُمُرَاً ناهقة.
فكيف تبقى للقرآن قيمة في نفوس الناس من هذه الناحية بعد هذا التضليل ؟ وكيف لا يستحكم الجفاء بين الأمة وقرآنها مع هذا التدجيل والصد عن سواء السبيل ؟ ))
أقول: ولمّا كان الخضرُ بهذه المرتبة عند القوم فإنّك لا تجدُ صوفياً إلا وادّعى لقاء الخضر والأخذ منه!!
يقول الدجّال المدعوأحمد بن إدريس: ((اجتمعت بالنبي صلى الله عليه وسلم اجتماعاً صورياً ومعه الخضر عليه السلام فأمر النبي عليه السلام الخضر أن يلقنني أذكار الطريقة الشاذلية فلقنني إياها بحضرته صلى الله عليه وسلم)) (مفاتيح كنوز السماوات والأرض لصالح محمد الجعفري ص
ويقول الدجّال المدعو أحمد السرهندي كما في كتاب ((المنتخبات من المكتوبات لأحمد الفاروقي ص91 طبعة تركيا)): ((المكتوب الثاني والثمانون والمئتان إلى الملا بديع في بيان ملاقاة الخضر وإلياس عليها السلام وبيان نبذة من أحوالهما)) ثمّ شرع يسرد قصّة لقياه للخضر وإلياس عليهما السلام !!
بل زعم البعراني أن الخضر كان حنفياً!! حيث ذكر في كتاب ((معارج الألباب، ص44)) عن بعض شيوخه أنه ذكر له أن الخضر عليه السلام كان يحضر مجلس فقه أبي حنيفة في كل يوم بعد صلاة الصبح يتعلم منه الشريعة فلما مات (أي الإمام أبي حنيفة) سأل الخضر ربه أن يرد روح أبي حنيفة إلى قبره حيث يتم له علم الشريعة وأن الخضر كان يأتي إليه كل يوم على عادته يسمع منه الشريعة داخل القبر وأقام على ذلك خمس عشرة سنة حتى أكمل علم الشريعة!!
وهذه من خرافات الصوفية بلا شك وبلا ريب!
والمحزن في الأمر أنّ بعض أفاضل العلماء تأثّروا بما يقصّه الصوفية من خزعبلات ومنكرات فقالوا بحياة الخضر تبعا للصوفية! مثل الحافظ ابن الصلاح والحافظ السخاوي والإمام القرطبي والحافظ السيوطي رحمهم الله تعالى! بل نقل بعضهم (وهو النووي رحمه الله تعالى) الإجماع على ذلك!! انظر (شرحه على صحيح مسلم 8/153)
فهل بقي لأحدنا تردّد أو شكّ في وجوب مقاطعة كتب القوم وعدم استماع خطبهم ومحاضراتهم ؟
فإذا تأثّر أمثال هؤلاء الجبال بهذه الخزعبلات أفنسلم منها نحنُ العوام ؟!
قال العلامة الملا علي القاري في ((الموضوعات الكبرى)) (1224): ((الأحاديث التي فيها الخضر وحياته، كلّها كذب، ولا يصحّ في حياته حديث واحد...))
وقال الحافظ العلامة ابن كثير رحمه الله تعالى (قصص الأنبياء ص352 وما بعدها بتصرّف، دار ابن الهيثم، ط1 سنة 1422هـ):
((وأما الخلاف في وجوده (أي الخضر) إلى زماننا هذا، فالجمهور على أنه باق إلى اليوم، قيل لأنه دفن آدم بعد خروجهم من الطوفان فنالته دعوة أبيه آدم بطول الحياة، وقيل لأنه شرب من عين الحياة فحيي وذكروا أخباراً استشهدوا بها على بقاءه إلى الآن وسنوردها مع غيرها إن شاء الله تعالى وبه الثقة.))
ثمّ قال بعد إيراد عمدة القوم في حياته عليه السلام:
((وهذه الروايات والحكايات هي عمدة من ذهب إلى حياته إلى اليوم. وكل من الأحاديث المرفوعة ضعيفة جداً لا يقوم بمثلها حجة في الدين، والحكايات لا يخلو أكثرها عن ضعف الإسناد.
وقصاراها أنباء صحيحة إلى من ليس بمعصوم من صحابي أو غيره، لأنه يجوز عليه الخطأ، والله أعلم.
وقد تصدى الشيخ أبو الفرج بن الجوزي رحمه الله في كتابه: "عجالة المنتظر في شرح الخضر" للأحاديث الواردة في ذلك من المرفوعات فبين أنها موضوعة، ومن الآثار عن الصحابة والتابعين فمن بعدهم فبين ضعف أسانيدها ببيان أحوالها وجهالة رجالها، وقد أجاد في ذلك وأحسن الإنتقاد.))
ثمّ ذكر الأدلّة والبراهين على وفاة الخضر عليه السلام بما لا يُبقي في الذهن شكّ ولا ريب فانظرها للفائدة.
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في رسالة ((زيارة القبور والاستنجاد بالمقبور ص39-41 مكتبة الصفا)) ما نصه:
((ثلاثة أشياء ما لها من أصل:
باب النصيرية، ومنتظر الرافضة، وغوث الجهال، فإن النصيرية تدعي في الباب الذي لهم أنه الذي يقيم العالم فذاك شخصه موجود ولكن دعوى النصيرية فيه باطلة، وأما محمد بن الحسن المنتظر، والغوث المقيم بمكة ونحو هذا فإنه باطل ليس له وجود، وكذلك ما يزعمه بعضهم من أن القطب الغوث الجامع يمد أولياء الله ويعرفهم كلهم ونحو هذا فهذا باطل، فأبو بكر وعمر رضي الله عنهما لم يكونا يعرفان جميع أولياء الله ولا يمدانهم فكيف بهؤلاء الضالين المغترين الكذابين، ورسول الله صلى الله عليه وسلم سيد ولد آدم إنما عرف الذين لم يكن رآهم من أمته بسيماء الوضوء هو الغرة والتحجيل ومن هؤلاء من أولياء الله لا يحصيه إلا الله عز وجل وأنبياء الله الذي هو إمامهم وخطيبهم لم يكن يعرف أكثرهم بل قال الله تعالى: ((ولقد أرسلنا رسلاً من قبلك منهم من قصصنا عليك ومنهم من لم نقصص عليك)) وموسى لم يكن يعرف الخضر، والخضر لم يكن يعرف موسى بل لما سلم عليه موسى قال له الخضر: وإني بأرضك السّلام، فقال له: أنا موسى، قال: موسى بني إسرائيل؟
قال: نعم،
وقد كان بلغه اسمه وخبره ولم يكن يعرف عينه ومن قال أنه نقيب الأولياء أو أنه يعلمهم كلهم فقد قال الباطل.
والصواب الذي عليه المحققون أنه ميت وأنه لم يدرك الإسلام ولو كان موجوداً، في زمان النبي صلى الله عليه وسلم لوجب عليه أن يؤمن به ويجاهد معه كما أوجب الله ذلك عليه وعلى غيره ولكان يكون في مكة والمدينة ولكان يكون حضوره مع الصحابة للجهاد معهم وإعانتهم على الدين أولى به من حضوره عند قوم كفار ليرفع لهم سفينتهم ولم يكن مختفياً عن خير أمة أخرجت للناس وهو قد كان بين المشركين ولم يحتجب عنهم ثم ليس للمسلمين به وأمثاله حاجة في دينهم ودنياهم، فإن دينهم أخذوه عن الرسول صلى الله عليه وسلم النبي الأمي الذي علمهم الكتاب والحكمة وقال لهم نبيهم ((لو كان موسى حياً ثم اتبعتموه وتركتموني لضللتم)) وعيسى بن مريم عليه السلام إذا نزل من السماء إنما يحكم فيهم بكتاب ربهم وسنة نبيهم فأي حاجة لهم مع هذا إلى الخضر وغيره والنبي صلى الله عليه وسلم قد أخبرهم بنزول عيسى عليه السلام من السماء وحضوره مع المسلمين وقال ((كيف تهلك أمة أنا أولها وعيسى في آخرها)) فإذا كان النبيان الكريمان اللذان هما مع إبراهيم وموسى ونوح أفضل الرسل ومحمد صلى الله عليه وسلم سيد ولد آدم ولم يحتجبوا عن هذه الأمة لا عوامهم ولا خواصهم فكيف يحتجب عنهم من ليس مثلهم وإذا كان الخضر حياً دائماً فكيف لم يذكر النبي صلى الله عليه وسلم ذلك فقط، ولا خلفاؤه الراشدين؟!!
وقول قائل إنه نقيب الأولياء، فيقال له: من ولاه النقابة وأفضل الأولياء أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم وليس فيهم الخضر، وغاية ما يحكى في هذا الباب من الحكايات بعضها كذب وبعضها مبني على ظن رجال مثل شخص رأى رجلاً ظن أنه الخضر، وقال إنه الخضر، كما أن الرافضة ترى شخصاً تظن أنه الإمام المنتظر المعصوم أو تدعي ذلك. وروي عن الإمام أحمد بن حنبل أنه قال وقد ذكر له الخضر ((من أحالك على غائب فما أنصفك، وما ألقى هذا على ألسنة الناس إلا الشيطان)). اهـ
ورحم الله من قال: ((من قال أنّ الخضر نبي فقد أغلق باباً من أبواب الزندقة)).
الردّ على استدلال الصوفية بقصّة الخضر مع موسى عليهما السلام في تقسيم الشريعة إلى باطن وظاهر:
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: ((ولا حجة فيها -أي: في قصة الخضر- لوجهين:
أحدهما: أن موسى لم يكن مبعوثا إلى الخضر، ولا كان يجب على الخضر اتباع موسى، فإن موسى كان مبعوثا إلى بني إسرائيل، ولهذا قال الخضر لموسى: ((إنك على علم من علم الله علمك الله إياه، وأنا على علم من الله علمنيه لا تعلمه أنت)).
ومحمد رسول الله إلى جميع الثقلين فليس لأحد الخروج عن مبايعته ظاهرا وباطنا، ولا عن متابعة ما جاء به من الكتاب والسنة في دقيق ولا جليل، لا في العلوم، ولا في الأعمال، وليس لأحد أن يقول له كما قال الخضر لموسى.
وأما موسى فلم يكن مبعوثا إلى الخضر.
الثاني: أن قصة الخضر ليس فيها مخالفة للشريعة. بل الأمور التي فعلها تباح في الشريعة، إذا علم العبد أسبابها كما علمها الخضر، ولهذا لما بيّن أسبابها لموسى وافقه على ذلك، ولو كان فيها مخالفة للشريعة لم يوافقه بحال.
فإن خرق السفينة مضمونه: أن المال المعصوم يجوز للإنسان أن يحفظه لصاحبه بإتلاف بعضه، فإن ذلك خير من ذهابه بالكلية، كما جاز للراعي على عهد النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أن يذبح الشاة التي خاف عليها الموت.
وقصة الغلام مضمونها: جواز قتل الصبي الصائل ولهذا قال ابن عباس: وأما الغلمان فإن كنت تعلم منهم ما علمه الخضر من ذلك الغلام فاقتلهم وإلا فلا.
وأما إقامة الجدار ففيها فعل المعروف بلا أجرة مع الحاجة، إذا كان لذرية قوم صالحين)) باختصار عن مجموعة الرسائل والمسائل جـ4 ص67 (من حاشية مصرع التصوّف للبقاعي ص21-22 تحقيق العلامة عبد الرحمن الوكيل).
وقال الإمام البقاعي عليه رحمة الله (نفس المصدر):
((ولا حجة لهم في قصة الخضر مع موسى عليه السلام، للفرق بخصوص تلك الرسالة، مع أن الخبر بعلم الخضر جاء من الله تعالى إلى موسى عليه السلام، فأين هي من دعاويهم؟!
ولا شبهة عليها، فضلا عن دليل، بل هي مصادمة للقواطع، ومن صادم القواطع, انقطعت عنقه، ولو بلغ في الزهد والعبادة أقصى الغايات((وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ خَاشِعَةٌ، عَامِلَةٌ نَاصِبَةٌ، تَصْلَى نَارًا حَامِيَةً)) [الغاشية: 2-4] الآيات.
ولو وقعت منهم الخوارق، فإنها شيطانية.
قال الله تعالى: ((وَمَنْ يَعْشُ عَنْ ذِكْرِ الرَّحْمَنِ نُقَيِّضْ لَهُ شَيْطَانًا فَهُوَ لَهُ قَرِينٌ)) [يس: 43]، ((وَإِنَّ الشَّيَاطِينَ لَيُوحُونَ إِلَى أَوْلِيَائِهِمْ لِيُجَادِلُوكُمْ وَإِنْ أَطَعْتُمُوهُمْ إِنَّكُمْ لَمُشْرِكُونَ)) [الأنعام: 121])).
الحكيم الترمذي ومخاطبة الله تعالى للأولياء !!
قال الحكيم الترمذي: ((ما قولك في مُحَدِّث، بشر بالفوز والنجاة فقال: رب اجعل لي آية تحقق لي ذلك الخبر الذي جاءني لينقطع الشك والاعتراض.
فقال (أي الله تعالى): آتيك أن أطوي لك الأرض حتى تبلغ بيني الحرام في ثلاث خطوات، وأجعل لك البحر كالأرض تمشي عليه كيف شئت وأجعل لك التراب والجو في يديك ذهباً، ففعل هذا هل ينبغي له أن يطمئن إلى هذه البشرى بعد ظهور هذه الآية أولاً))اهـ (ختم الولاية ص401).
ونحنُ نسأل أتباع هذا الرجل: من هذا الذي خاطبه الله تعالى وكيف سمعه وما اسمُهُ ومتى حدث هذا وفي أيّ كتاب قرأوه ؟! قاتلهم الله ما أجرأهم على الكذب والبهتان.
الحكيم الترمذي وتدٌ من أوتاد الأرض !!
ذكر الحكيم الترمذي عن نفسه فيما سماه ((بدو شأن الترمذي)) أن زوجته قد تنبأت له، وزعمت له أنها رأت في شأنه عشرات من الرؤى منها أنها رأت أن سطح بيتها وكانت نائمة عليه قد هبط إلى الأرض وأنها وجدت داخل بيتها رجلين قاعدين في هيبة وأنهما قالا لها: قولي لزوجك: أنت وتد من أوتاد الأرض تمسك طائفة من الناس!! ((بدو شأن الترمذي مطبوع مع ختم الولاية ص25)).
كما زعم أن هذين الرجلين الذين بشراها هما محمد وعيسى عليهما الصلاة والسلام، وزوجته هذه أيضاً تنبأت له بأنها كانت نائمة مع زوجها في فراش واحد وجاء الرسول صلى الله عليه وسلم فدخل فراشهما معهما!! ((بدو شأن الترمذي مطبوع مع ختم الولاية ص38)).
فهل عذرت الآن –أخي القارئ- علماء السنّة حين أخرجوا الرجل من بلده ونفوه منها وحكموا عليه بالكفر والزندقة ؟!
ثمّ يواصل الترمذي هُراءه ودجله فيقول:
((ثم رأت – أي زوجته- رؤيا أخرى وهي بالفارسية وفي آخرها قالت: فانتبهت فوقع عليها حرص الاستماع إلى الموعظة وطلب الحقوق من نفسها. فأول ما ابتدى لها من تحقيق رؤياها أنها كانت في البستان قاعدة وذلك لثلاث بقين من ذي القعدة، بعد أن رأت هذه الرؤيا، بنحو من خمسة أيام (ستة) إذ وقع على قلبها: يا نور كل شيء وهداه أنت الذي فلق الظلمات نوره.
قالت فوجدت كأن شيئاً دخل صدري فدار حول قلبي فأحاط به وامتلأ الصدر إلى الحلق، حتى صرت شبه المخنوق من امتلائه، وله حرارة وحرقات على القلب فتزينت الأشياء كلها لي. فما وقع بصري على أرض ولا سماء وخلق من الخلق إلا رأيته بخلاف ما كنت أراه من الزينة والبهجة والحلاوة.
ثم وقع على قلبي كلمة بالفارسية: (نكيني من ترا داذم)، فامتلأت فرحاً وطيب نفس ونشاطاً فأخبرتني بذلك فلما كان اليوم الثاني قالت: وقع على قلبي أنا أعطيناك ثلاثة أشياء، ووقع الكلام بالفارسية: (سه جيزترا داذم جلال من (و) عظمة من وبهاء من (ومعنى هذه الكلمات بالعربية: أي أعطيناك ثلاثة أشياء هي جلالي وعظمتي وقدرتي!!)) وأضاء لي من فوقي فدام هكذا فوق رأسي في الهواء كما كنت رأيته في المنام فترى في ذلك الضوء علم الجلال وعلم العظمة وعلم البهاء..
فأما الجلال فإني رأيت كأن البيت يتحرك (ايذون جيزي همي بيود، وجمش خلق همه ازوي، وعظمة بري (و) همه جيزها ازوي، وبها (و) سرا (ي) همه جيزها همه جيزها (ازوي نخست فر (أي أعطيناك علم الأولين) سمانها وبذم او كنده.. تفروذ).
ثم وقع على قلبها، اليوم الثالث (تراداذم علم اولين وآخرين) فدام بها هذا حتى نطقت بعلم أسماء الله فكان يفتح لها في كل يوم اسم الأصل: ويبدو، ذلك الضوء على قلبها وينكشف لها باطن ذلك. حتى كان يوم الجمعة، في أيام العشرة، حضرت المجلس، فذكرت أنه وقع عليها اسم (اللطيف))).اهـ
ألم أقل لك أنّ الفُرس وراء هذا الدّين المُسمّى ((الصوفية)) ؟؟!!
تعليق