الشيخ الألباني يقرر كلام أئمة السلف في وجوب هجر المبتدع في هذا الزمان
وترك المجادلة الا لمن كان عالما بالخير والشر كحذيفه رضي الله عنه
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومَنْ سار على نهجه إلى يوم الدين؛ أما بعد:وترك المجادلة الا لمن كان عالما بالخير والشر كحذيفه رضي الله عنه
فإنَّ من قواعد السلف مصارمة أهل البدع ومقاطعتهم تطبيقاً لِحقِ الولاء والبراء قال الفضيل -رحمه الله- كما في [حلية الأولياء(8/ 104)]:((إِنَّ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ وَمَلَائِكَتَهُ يَطْلُبُونَ حِلَقَ الذِّكْرِ فَانْظُرُ مَعَ مَنْ يَكُونُ مَجْلِسُكَ لَا يَكُونُ مَعَ صَاحِبِ بِدْعَةٍ فَإِنَّ اللهَ تَعَالَى لَا يَنْظُرُ إِلَيْهِمْ , وَعَلَامَةُ النِّفَاقِ أَنْ يَقُومَ الرَّجُلُ وَيَقْعُدَ مَعَ صَاحِبِ بِدْعَةٍ، وَأَدْرَكْتُ خِيَارَ النَّاسِ كُلُّهُمْ أَصْحَابُ سُنَّةٍ وَهُمْ يَنْهَوْنَ عَنْ أَصْحَابِ الْبِدْعَةِ)).
ومن أراد اللحوق بالسلف اتبع طريقهم فإنك لا تلحق الأبرار إلا بأعمالهم، وعلى هذا المنهج سار علماؤنا ومنهم الإمام الألباني -رحمه الله- في النهي عن مجالسة أهل البدع وترك مجادلتهم إلا لمن كان عالماً بالسنة والبدعة فقد سئل في سلسلة الهدى والنور شريط رقم(695):
((السؤال:لا يخفى عليكم أن أهل البدع بين كل فينة يظهرون أمراً يحاولون في ظنهم أن يخفوا منار السنة، فهل نواكب أهل البدع في الرد عليهم؟ وما هي النصيحة منكم في مثل هذا لنا ولإخواننا في الداخل والخارج؟ وبارك الله فيكم.
جواب الشيخ: الرد على أهل البدع لا يجوز إلا من كان عالماً بالسنة من جهة، والبدعة من جهة أخرى، لعلكم تذكرون معي حديث حذيفة بن اليمان في الصحيحين حين قال:"كان الناس يسألون رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الخير، وكنت أسأله عن الشر مخافة أن أقع فيه" وهذا كما قال الشاعر:
عرفت الشر لا للشر لكن لتوقيه*** ومن لا يعرف الخير من الشر يقع فيه
فمن كان عالماً بالخير والشر كـ حذيفة بن اليمان ، وكان بالتالي في هذا الزمان عارفاً بالسنة، فيتبعها ويحض الناس عليها، وعالماً بالبدعة فيجتنبها ويحذر الناس منها، هذا الشخص هو الذي يجوز له أن يجادل أهل البدعة أو المبتدعة، أما أن يفعل كما يفعل بعض إخواننا الذين لم يؤتوا من العلم إلا حظاً قليلاً، ثم يدخلون في مجادلة من هم أقوى منهم علماً، ولو كان هذا العلم مشوباً بكثير من البدعة أو علم الكلام -كما قلنا آنفاً- فهؤلاء ننصحهم أن ينطووا على أنفسهم، وأن يعتزلوا المبتدعة، وألا يجادلوهم؛ لأنهم سيتأثرون بشبهاتهم، كمثل ذاك السؤال الذي سمعتم في أول الجلسة، وسمعتم الرد عليه، أنهم يصغون لكل ناعق ولكل صائح، فتتعلق الشبهة في ذهن السامع؛ حتى يتيسر له عالم يتمكن من إزالة هذه الشبهة من نفسه.لذلك تكاثرت النصوص عن سلفنا الصالح من العلماء، كـ مالك و أحمد وغيرهم، أنهم كانوا يحذرون الناس كل التحذير من الجلوس مع أهل البدع؛ بل وكانوا يأمرونهم بمقاطعتهم؛ خشية أن يتسرب شيء من شبهاتهم إلى نفوسهم.
فهذا -أظن- جواب ما سألت، والأجر للجميع -إن شاء الله- ما دمنا مخلصين وقاصدين -أولاً- العلم النافع المستقى من كتاب الله ومن سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وعلى منهج السلف الصالح، ثم قاصدين -أيضاً- أن نعمل بما تعلمنا، ثم بعد ذلك نسأل الله عز وجل أن يزيدنا وإياكم علماً.
وسبحانك اللهم وبحمدك، أشهد أن لا إله إلا أنت، أستغفرك وأتوب إليك)).
حمل المقطع الصوتي من هنا
وقد قال الشيخ زيد بن محمد المدخلي-حفظه الله- في [الأجوبة السديدة على الأسئلة الرشيدة]:((فإن السلف رحمهم الله يتقربون بهجر أهل البدع تطبيقا لحق الولاء والبراء سواء كانت البدعة حقيقة أو إضافية ، ثم إن هجرهم للمبتدعين والفساق لغرض سام ومصلحة شرعية منها ما تقدم ذكره من الحرص على تطبيق حكم الولاء والبراء ، ومنها لينزجر المبتدعون عندما يشعرون بالجفاء لهم والإعراض عنهم والتحذير من أفعالهم ، ومنها ليعرف الناس عنهم فلا يغتروا بهم فيسقطوا في حمأة البدعة البغيضة وغير ذلك من المقاصد الشرعية المرضية)).