الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه
أما بعد :
فهذه مادة صوتية ومفرغة
بعنوان
الغيبة وأحكامها
لفضيلة الشيخ دكتور: محمد بن هادي المدخلي
حفظه الله تعالى
بعنوان
الغيبة وأحكامها
لفضيلة الشيخ دكتور: محمد بن هادي المدخلي
حفظه الله تعالى
◄ للاستماع والتحميل:
01-
02
03-
04-
تحميل تفريغ
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا و سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمداً عبده ورسوله. ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ﴾ [آل عمران:102]، ﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً﴾ [النساء:1]، ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً (70) يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيماً﴾ [الأحزاب:70-71]. أما بعد : فإن أصدق الكلام كلام الله وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم وشر الأمور محدثاتها وكل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار.أيها الإخوة الكرام , إنه لمن دواعي السرور والغبطة أن نلتقي في هذه الساعة التي نسأل الله سبحانه وتعالى أن يجعلها في ميزان الحسنات لنا جميعا , وأن يغفر لنا جميعا ولآبائنا وأمهاتنا وجميع المسلمين .
يسرنا أن نلتقي في مثل هذه الليلة , في هذه الجلسة لنتحدث في موضوع مهم ؛ الجميع يعرفه والجميع يطرق بابه , ولكن كثير ممن يطرق بابه اختلط عليه الحابل فيه بالنابل , والتبس عليه فيه الحق بالباطل , فأصبح في حيرة من أمره وأصبح كما يقال : ( كلمة تأتي به وكلمة تأخذه , وتبعد به ).
هذا الموضوع ؛ موضوع الغيبة التي لايسلم منها إلا من عصمه الله I , الغيبة شر ومرض وداء فتاك يفتك بالمجتمع الذي تظهر فيه .الغيبة لها تعريف ولها ضوابط ولها صور وأدلة على هذه الصور , الغيبة قد ورد عن النبي r فيها وعيد شديد وقد ورد عن النبي r فيها وعد بالخير والمغفرة لمن جنبه الله إياها ووفقه لأن يدافع عمن اغتيب , الغيبة هذه التي وقع فيها أكثر الناس ؛ لنبين حكمها في الشرع ونبين بعض أنواع العذاب الذي أعده الله للمغتابين , ونبين بعض الجزاء والخير الذي أعده الله للذابين عمن اغتيب في مجلس المغتابين , ونبين أيضا ما حكاه أئمة السلف من الإجماع على الصور التي تباح فيها الغيبة وهذا هو بيت القصيد الذي اختلط فيه الحابل بالنابل وقيل فيه بالحق وبالباطل حتى إنك لترى كثيرا من طلبة العلم يعلمون الغيبة المباحة بل الواجبة ولكنهم يَتَعَدَّوْنَ ذلك ويلبسون الحق بالباطل ويلبسون على أنفسهم وعلى الناس , فيغالطون أنفسهم ويلبسون على من لم يعرف , هذه المسألة التي زَلَّت فيها أقدام , وتحيرت فيها أفهام , فنستمد العون من الله I.
- تفسير الغيبة :
فنقول : إن الغيبة قد فسرها النبي r وبين ضابطها وحدها وعرَّفها بما لامزيد عليه , فلا نحتاج لأن نأخذ تعريفها من أي شخص آخر , فقد جاء في الحديث الصحيح الذي أخرجه الإمام مسلم وأبو داود والترمذي ؛ عن أبي هريرة t أن رسول الله r قال : } أتدرون ما الغيبة ؟ قالوا : الله ورسوله أعلم ! فقال r " الغيبة ذكرك أخاك بما يكره " فقال قائل " أرأيت يارسول الله إن كان في أخي ما أقول ! قال " إن كان فيه ما تقول فقد اغتبته , وإن لم يكن فيه ما تقول فقد بهته " { . وما أكثر البُهْت اليوم ؛ فالبُهْت غالب على الغيبة , المجالس يبدأ فيها بالغيبة ثم تنتقل إلى بُهْت , وهذا شر من النوع الأول , فالقسم الأول ؛ أن تذكر أخاك بما يكره مما هو فيه من الصفات الخِلْقِية أو الخُلُُقِية , أو تهمزه باللفظ أو تغتابه في الكتاب أو غير ذلك , لكن كثر في مجالسنا اليوم مسألة البُهت , ورمي البُرَآَءُ بالعيب والسوء , هذا هو الغالب على مجالس الكثير اليوم , إلا من رحم الله , ولعل الله I أن يمد في العمر ويفسح في الحياة فنتكلم في هذه النقطة بمحاضرة مستقلة مما نعيشه من الواقع ومن أحوال الناس وممن نسمع في هذه العصور كثيرا . أعود فأقول يقول r : } الغيبة ذكرك أخاك بما يكره { ؛ هذه هي الغيبة , تذكر ما فيه على وجه التَنَقُّّصِ والإحتقار والذم والعيب والشين له , ووضعه بين الناس , هذه هي الغيبة ! إن أخاك يكره منك ذلك لو كان حاضرا ولو كان حاضرا لما سكت عنك , ولما أطلق لك العنان , بل سيقطع عليك ويبين الحق الذي تنطق بخلافه حينما يكون غائبا .إذن , الغيبة : هي ذكرك أخاك بما يكره , إن كان فيه وذكرته على هذه الجهة أو على هذه الصفة , فقد وقعت في غيبته , وإن لم تكن فيه فقد وقعت في ما هو أعظم ؛ ألا وهو البهت , ورميه بما هو منه برآء , فليتق الله هؤلاء , فليتق الله من تكثر في مجالسهم رمي البُرَآَءُ بالعيوب , وليتق الله المغتابون أيضا , فإن الله سائل الجميع عما ينطقون وما يلفظون .
تعليق