الحَمْدُ لله وَالصًّلاةُ وَالسَّلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد: فواضحٌ منها هذه العبارة التي يقوُلها هذا الكذابُ واضحٌ مِنْها الانحِرافِ ، الانْحِرافُ فيها ظاهِرٌ يَفُوحُ ، وكَذِبُ هذا الكَذابِ بَيّنٌ لكُلِ مَنْ يَسْمعُ هذه العبارةَ، ولكنْ نحنُ نقوُلُ لهُ : إنّ أهْلَ السُنّةِ منذُ القِدَمِ إذَا وردوا على المَسْجِدَيْنِ "على مكةَ والمدينةِ " فإنّهم يَرِدونَ لأداءِ عبادةٍ عظيمةٍ أما بمكْةَ فيَقْصِدونها لأداءِ الحجِ والعُمرةِ ، وأما المدينَة فيَقْصِدونَها لِزِيَارَةِ مَسْجِدِ رسولِ اللهِ – صلى اللهُ عليهِ وسَلّمَ – الذي الصلاةُ فيه تَعْدِلُ ألفَ صلاةٍ فيما سِواهُ إلا المسْجَد الحرامِ فالصلاةُ فيهِ بمئةِ ألف صلاةً ، ومابينَ بيتِهِ – صلى اللهُ عليهِ وسَلّمَ –وبينَ مِنبَرِهِ – في مسْجِدِهِ الشريفِ - روضةً مِنْ رياضِ الجنّةِ ، فمنذُ القِدَمِ ، وأهْلُ العِلْمِ والإيمانِ إذا قَدِمُوا إلى هاتَيْنِ المدينَتَيْنِ فإنَّ أعظمَ مطالِبِهم بَعْدَ أداءِ هذيْنِ العَمَلَيْنِ العَظِيمَيْنِ ، والعِبَادتَيْنِ العَظِيمَتَيْنِ لقاءُ أهْلَ السُنّةِ والحَدِيثِ ، ويَتَأسْفونَ إذا ورَدُوا عليهما بل على غَيْرِهما مِنْ المُدُنِ ، وقدْ ماتَ عالِمُ السُنّةِ المَشْهورِ في هذا البلدِ فهذا أبو داودٍ – رحمَهُ اللهُ تعالى – دخَلْتُ بغدادَ وهم يقولونَ : ماتَ بالأمس عفانُ بن مسْلِم الصفّار – فاتَهُ – أو ، ودَخَلْتُ البصْرَةَ وهم يقولونَ ،أو ، ونادى المنادي- نَسِيْتُ – آ ، نادى المناديّ اليومَ : مات عُثمان المؤُذِنُ ، عُثمان المؤُذِنُ ، فأهْلُ السُنّةِ يتأسَفونَ على فَوْتِ عُلَماءِ السُنّةِ في المُدُنِ التي يَقْصِدونَها إذا فاتُوهم .
والإمامُ أبو داود – رَحِمَهُ اللهُ – وَفَدَ على مَكَةَ – وكانَ هَمُّهُ أنْ يَرْويَ عَنْ اثنَيْنِ - ، وفدها للحَجِ سَنَة عشْرِينَ ومِئتيْنِ للهِجْرةِ ، وفَدَها للحَجِ وكانَ هَمُّهُ أنْ يَلْقَى عَبْدَ اللهِ بن مَسْلَمَةِ القَعْنَبِيّ أحَدُ رُواةِ الموطأ الكِبارِ الأثباتِ في موطأِ الإمامِ مالكٍ – رحِمَهُ اللهُ – فوفَقَهُ اللهُ – جلّ وعلا – فروى عَنْهُ ، وعَبْدُ اللهِ بن مسْلَمَةِ تُوفْيَ بَعْدَ الحَجِ ، في مُنْتَصَفِ المُحَرْمِ سَنَةَ إحْدى وعِشْرِينَ ومِئَتَيْنِ للهِجْرةِ ، فاغْتَبَطَ بِذلك إذ أدْركَ هذا الحافِظَ المُتْقِنَ ، مِنَ الحُفْاظِ المُتْقِنِينَ الذين رَووا الموطأ عَنِ الإمامِ مالِكٍ وروى عنْهم ،وكذلكَ أدْرَكَ بِمَكْةَ غَيْرَهُ .
والشاهِدُ مِنْ هذا كُلِّهِ :
أنّ عُلَماءَ السُنّةِ ، وأهْلَ السُنّةِ إذَا وَرَدوا على مَكْةَ فإنَّهم معَ حَجِهم وقصْدِهِم للحَجِ يَغْتَبِطونَ بِلِقاءِ عُلَماءِ السُنّةِ والحَدِيثِ ، والشَيْخُ ربِيعٌ مِنْ كِبارِ عُلماءِ السُنّةِ والحَدِيثِ في هذا العَصْرِ ومَعْرِفَتُهُ تُغْني عنْ أنْ نتَكَلْمَ فِيهِ – وللهِ الحَمْدُ – حَتى الأعْداءِ الذينَ يُناصِبُونَهُ العدَاءَ ، ويَكْذِبُنَ عليهِ يَعْتَرِفونَ له بِالعِلْمِ وبالرُسُوخ في هذا البابِ ولا شك أنَّ الذي يَقُولُ مِثلَ هذا القول إنّما أرادَ السُخْرِيَةَ بالسَلَفِيِّينَ وبأهْلِ السُنَّةِ وأرادَ بهذا تَشْوِيِهِ صُورَتِهِم وأرادَ بذلكَ التَنْفِيرَ عَنْ عُلَماءِ السُنَّةِ.
ونحْنُ نَجْزمُ يَقِينًا لا نَتَرَددُ فِيهِ أنَّ الذي يّنْحَرِفُ عن أمثالِ هؤلاءِ العُلَماءِ الأعْلامِ في القديمِ مِنَ المُنْحَرِفينَ ،[ويَنْحَرف ] عَنْ مِثلِ الشَيخِ رَبِيعٍ و مِثْلِهِ في هذا الزمَنِ لا شَكَ أنّهُ مِنَ المُنْحَرِفيِنَ، لأنّهُ لمُ يُعَادَ الشَيْخُ ربيعٌ مِنْ مثلِ هؤلاءِ لمُزاحَمَتِهِ لَهُم على شيءٍ مِنَ الدُّنْيا وإنّما عادوهُ لأجْلِ ما عِنْدَهُ مِنَ الدَعْوةِ إلى هذا المَنْهَجِ السَلَفِيّ والردّ على مَنْ خَلَفَهُ ، فإنّهُ ما مِنْ طائفَةٍ وما مِنْ جماعَةٍ وما مِنْ حِزْبٍ إلا وقَدْ نالَهُم سَهْمٌ مِنْ سِهامِهِ المُسَدَدّةِ الموَفَقَةِ، فلذلك؛ كثُرَ خُصُومَهُ فأنا أشَبِهُهُ الآنَ في كَثْرَةِ الخُصُومِ عَلَيْهِ والافْتِراءِ عليهِ بالشيخِ مُحَمَد بن عَبْد الوهابِ في كَثْرَةِ الخُصومِ والافْتِراءِ عليهِ، حتى نَسَبوا النّاسَ إليهِ وقالوا عليهم : وهابِييّنَ وهكذا الآن تَسْمَعُونَ يقُولون: مَداخِلَة، ويَقُولونَ :جامِيّة كما تسّمَعُـوووون وهذا ليس بِبِدْعَة فمنْ قبْلُ قدْ قالوا: حنَابِلَة ليسَ ذلكَ بِبِدْعٍ ليسَ بِجَدِيدٍ فَمِنْ قَدِيمٍ كانوا يَقُولونَ لأهْلِ السُنّةِ حَنَابلِة ويُرِيدُونَ بذلكَ الطَعْنَ فيهِم، وتارَةٍ يَقوُلونَ :حَشَويّة وتارَةٍ يقولونَ : مُشَبِّهَةٍ ، وتارَةٍ يقُولونَ مُجَسِمَةٍ، وخُذْ مِنْ هذا الكلامَ الكَثِيرَ.
هل الحَنَابِلَة نُسِبُوا إلا إلى أحْمدَ بن حَنْبَل ؟ وهَلْ الانتِسابِ إلى مذهَبِ أحْمَدَ عَيْبٌ – رَحِمَهُ اللهُ -؟ لا والله ما هو إلا السُنّة وإنّا لنَحْمَدُ اللهَ - جَلّ وعلا- في هذه البلادِ أنْ هيأَ لنا قيامَ هذه الدَولةِ التي أظْهَرَتْ فيما مذْهبَ أحْمدَ بن حنْبل عقيدةً ، وفروعًا ، وسُنّةً ،وتَطْبِيِقًا ، وإتِباعًا لما كانَ عليهِ السَلَفُ الصالحُ فالإمامُ أحمدُ إمامَ أهْلِ السُنّةِ مُطْلَقًا – رحمَهُ اللهُ تعالى – فإذا نُسِبْنا إليهِ لا يَعِيبُنا ذلكَ ولا يؤثِرُ فينا ذلكَ بل نَرْفَعُ بذلكَ رؤوسَنا – وللهِ الحَمْدُ - ونُفاخِرُ بذلكَ وقَدْ أصْبَحَ أحْمَدُ بن حَنْبل مِحْنَةً مأمومَةً يعْني : مَقْصُودةً.
وهكذا انتَقَلَ بعْد ذلكَ إلى شَيْخِ الإسْلامِ ابن تَيْمِيّةَ – رَحِمَهُ اللهُ تعالى – وطُعِنَ فيهِ وفي طُلّابِه ، في تلامِيذهِ ، وفي مَدْرَسَتِهِ ، ونالَهُم ما نالَهم ،بل نالَ شَيْخَهم "شَيْخُ الإسْلامِ تَقيُّ الدِّينِ العباسُ بن تَيْمِيّةَ " مِنَ الأذى ما تَعْلَمونَهُ ويَعْلَمُه كَثِيرٌ مِنْكموكَتَبَ اللهُ لَهُ الظُهُورَ ، وهكذا..
جاءَ الإمامُ محمدُ بن عبد الوهابِ فنالَهُ مِنَ الأذى والطَرّدِ والإبْعادِ عَنْ وَطَنِه والإخْراجِ لهُ والمُحاربَةِ له والقَتْلِ لبَعْضِ أولادِهِ في بَعْضِ المعاركِ والكَذِبِ عليهِ – رحِمَةُ اللهِ ورضْوانِهِ عَليهِ - والافْتِراءِ عليهِ ، وعلى دَعْواتِهِ ما نَالَهُ وإلى الآن يَقولونَ : وهَابِيّة ، ولا يَزيدَهُ – وللهِ الحَمْدُ – إلا ظُهُورًا ،ولا يَزِيدَهُ إلا وضوحًا ولا يَزِيدَهُ إلا عُلوًا على جَميعِ مَنْ خَالَفَهُ لأنّ اللهَ قَدْ تَكَفَلَ بِهذا قال تعالى : ﴿وَلَيَنْصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ﴾، وهذا الإمامُ جاءنا نَصْرًا لدِّينِ اللهِ - تَبَاركَ وتعالى – الحقِ ، لدَعْوة النَبِيّ – صلى اللهُ عليهِ وسَلّمَ – الصافِيةِ النَقِيْةِ مِنَ الشِرْكِ والبِدَعِ ، فلمّا رأى ما ألْحقَ النّاسُ بِها مِنَ الشِركِوالبِدَعِ شَمَّر عَنْ ساعِدِ الجِدِّ – رضي اللهُ عَنْهُ –وقامَ خير قيامٍ حتى مَنَّ اللهُ عَليهِ وأقَرّ عَيْنَهُ بِرؤيةِ عَودةَ النَّاسِ إلى الإسْلامِ الصَحِيحِ وإلى السُنّةِ، صفى هذا الدِّينِ مِنَ الشِركِ ومِنَ البِدَعِ وهيأ اللهُ لهُ الأنْصارَ مِنْ آلِ سُعُودٍ – رحِمَهُم اللهُ جَمِيعًا فظهرتْ هذهِ الدَعوة والتي هي امتِدادٌ لدَعْوةِ شيْخِ الإسْلامِ – رحِمَهُ اللهُ تعالى - والتي هي امتِدادٌ لدَعْوةِ الإمامِ أحْمَدَ بن حَنْبَل ومذهَبِ أحْمدَ – رحِمَهُ اللهُ تعالى – فظَهرَ مرةً أُخْرى الحَنَابِلةُ أهْلُ السُنّةِ والحدِيثِ والأثرِ ونحنُ عندنا في الجنوبِ مِنَ المملكَةِ العربيةِ السُعُوديّة مَنَّ اللهُ علينا بِمُجَدّدٍ لدّعْوةِ التَوْحِيدِ فجاء والبِلادَ غارِقَةً في الشِرْكِ والبِدَعِ ذلِكُم الرجُلُ هو : الداعِيَةُ المجاهِدُ الشَيخ مُحَمْد بن عبد الله القرْعاوي – رحِمَهُ الله تعالى -.
فأظْهَرَ في جَنُوبِ البِلادِ السُعُوديّةِ الدَعْوةَ إلى التَوْحيدِ والسُنّةِ ومحَارَبةِ الشِرْكِ والبِدَعَةِ ، جاءَ وهو شَخْصٌ واحِدٌ ، واحِدٌ فأحيا اللهُ بِهِ أُمَةً كامِلةً ، فانْتَشَرَتْ الدَعْوَةُ السَلَفِيّةُ في مَنْطَقَةِ جَنُوبِ الممْلَكَة السُعُودِيّةِ مَنْطِقَةِ جازانَ ،وانتَشَرَتْ انْتِشارًا عَظيمًا ، فبَلَغَتْ مدارِسُهُ في وَقْتٍ وجِيزٍ أكثر مِنْ ألفيْنِ وخَمسُمئةِ مدرسَةً ، يومَ أنْ كانَ التَعْليمُ غيْرَ موجودًا، هذا الذي تَروونَهُ الآنَ ، ومَنَّ اللهُ عَلَيهِ بِهذهِ الدَوْلَةِ التي حَمَتْهُ وساعَدَتْهُ ونَصَرَتْهُ ، ِحينَما بدأت دَعْوتَهُ تَظْهَرُ وقَفَ مَعَهُ ُحُكامُ هّذهِ الدَوْلَةِ – جزاهَمُ اللهُ خيرًا – الملكُ عبْد العزيزِ ، والملكُ سُعُود ، ولم يزَلْ الدَعْمُ [مِنْهم ] له ظَهَرتْ حتى ظَهَرَتْ ثَمَرةُ دَعْوتِهِ ، والشَيْخُ رَبِيعٌ مِنْ ثَمَرَةُ دَعْوَةِ هذا الرَجُلِ – رَحِمَهُ اللهُ تعالى – وهذا الرَجلُ مِنْ ثَمَرَةِ الشَيْخِ محمدِ بن عبْد الوهابِ– رَحِمَهُ اللهُ تعالى – و محمد بن عبْد الوهابِ مِنْ ثمرةِ مَدْرَسَةِ شيْخِ الإسْلامِ ابن تَيْمِيّةَ – رحِمَهُ اللهُ تعالى - و شيْخِ الإسْلامِ ثمْرةَ مدْرَسَةِ الإمامِ أحمدَ بن حَنْبَل – رحِمَهُ اللهُ تعالى – فهي سِلْسِلَةٌ مُتَلاحِقَةٌ مُتَواصِلَةٌ ، آخِذٌ بَعْضُها بِبَعْضٍ ، ولاشَكْ أنتم تَعْلَمونَ مِثلي ما يَقومُ بِهِ الشَيخُ رَبِيْعٌ – رحمَه اللهُ ووفَقَه وحَفظهُ وجزاهُ عنا خَيْرًا – ما يَقُومُ بِهِ مِنْ نُصْرةِ الدَعْوةِ السَلَفِيّةِ ومِنْ نُصْرَةِ الدَعْوَةِ إلى السُنّةِ في هذهِ البِلادِ وفي خارِجِها وفي كُلِّ مكانٍ بِقَلَمِهِ وبِلِسَانِهِ – حفِظَهُ اللهُ ورَحِمَنا وإيّاهُ – يَقُومُ بِذلِكَ على قَدْرِ ما يَسْتَطِيعُ ومعَ تقَدُمهِ في السِّنّ وهو مُجْتَهِدٌ في هذا غاية الاجْتِهادِ ، فلا يُرْفَعُ إليهِ مخالِفٌ أو قَولَ مخالِفٍ إلا ردّ عليهِ ، وهذا مِنْ فَضلِ اللهِ -تَباركَ وتعالى – عليهِ ، وأسألُ اللهَ – جَلّ وعلا – ألا يَحْرِمَهُ الأجْرَ ، فَمَنْ كانَ مِثلُ هذا يُحْرَصُ على لُقِيِّهِ ولا [وإلا] لا يُحْرَصُ ؟ بلى واللهِ يُحْرَص ،أسْألُكُم أنتم يُحْرَصُ وإلا، لا ؟.
الحضور : يُحْرَصُ.
العلامة مُحَمْد بن هادي المدخلِيّ – حفظه الله -: بلى واللهِ يُحْرَص ، لأنّه عَلَمٌ مِنْ أعلامِ السُنّةِ في في هذا العَصْرِ ، والذينَ يَرُدّونَ عليهِ يَرُدّونَ عليه بالباطِلِ ، وقَدْ رأينا هؤلاءِ جميعًا، وما انْتَهى بهم [إليه] الحالُ والمآلُ يَبْدَؤون بهذا الكلامِ ثُّم يَعودون للإخوانِ المسلِمِينَ وإلى بَقِيّةِ الأحْزابِ والجَمْعِياتِ الحِزْبِيّةِ، التي كانوا هم بالأمس يومَ أنْ كانوا يُقْدِرُونَ الشَيْخَ رَبيِعًا ويحْتَرِمونَه ويُصَوِبُونَ كَلامَه رَجَعوا الآنَ إليها فشَهِدوا على أنّفُسِهِم بالانحِرافِ إذ بالأمسِ كانوا مَعَهُ على هذا والآن انْقَلَبوا فعادوا هم إلى مَنْ كانوا بالأمس ينتقدونه ؛ ولا شَك أيضًا كما قُلْتُ لَكُم : إنّ السَلَفِيّ والسُنّيّ إذا قَدِمَ على مَكْة لأداءِ حَجٍّ أو عُمْرَةٍ فإنّ مِنْ أعْظَمِ مطَالِبِهِ بَعْد أداءِ هذِهِ الفَرِيضَةِ أو النَافِلَةِ لمَنْ َ قَدْ أدْاهُمَا مِنْ أعْظَمِ المطالِبِ أنْ يَرى هذا الشَيْخَ الجَلِيلَ ، القائمَ في نُصْرَةِ دِّينِ اللهِ المقَامَ الذي نَعْرِفَهُ ، نَسْألُ اللهَ - جَلّ وعلا – أنْ يُوفِقَهُ وألا يَحْرِمَهُ الأجَرَ ، وهذا مِنَ الابْتِلاءفلا يَضُّرَهُ كما لمْ يَضُّرْ مَنْ كانَ قَبْلَهُ ، فالتَهْويلُ ، والتَهْوِيشُ عَليهِ لا يَضّرُهُ – بإذنِ اللهِ تباركَ وتعالى– ، وأما مُجَرَد الكلامِ الفجّ والسَّمِج هذا الذي سَمِعْتُم فاعْرِضوهُ على أيّ عاقِلٍ في الدُّنْيا ، أيّ عاقِلٍ في الدُّنْيا مِنَ المُسْلِمِينَ اعْرِضُوا هذا الكلامِ عليهِ وقولوا له : [هل] تَتَصَوْرُ واحِدًا مِنَ المُسْلِمِينَ يَقولُ أنّ مَنْ حَجَّ ولمْ يَزُرْ الشَيْخَ ربيعًا حَجّهُ غَيْر صَحِيحٍ – أنا أظُنّ حتى المَجْنونَ لا يَخْطُرُ بِبَالِهِ هذا ، ولكنْ هذا كُلُّهُ مِنَ المُبَالَغَةِ في تَشْوِيهِ صُورةَ السَلَفِيِّينَ ، وَنَقُول له أيضًا : نَعَم مَنْ وصَلَ إلى مَكْةَ ولمْ يَزُرْ الشيخَ ربيعًا وليسَ عِنْدَهُ عارِضٌ فإنَّ النُفُوسَ – والله- تسْتَريبُ مِنْهُ ، لمْ يَكُنْ عِنْدَهُ مانِعٌ ، ولا عارِضٌ ، فإنّ النُفُوسَ تَسْتريبُ مِنْهُ ، لأنّ ((الأرواحَ جنُودٌ مُجَنَدَةٌ ما تعَارَفَ مِنْها اتَلَفَ وما تناكَرَ مِنْها اختلفَ ))، فالسُّنّيّ يُحِبُ السُّنِّيَّ ولو كانا بأطرافِ الأرضِ هذا في شرْقِها وهذا في غرْبِها ويَتَمنى أنْ يلقَاهُ ويراهُ والبِدْعِيّ يكْرهُ السُّنّيّ ، كما أنَّ السُّنّيَّ يَكْرَهُ البِدْعيّ لا شكَ ولا ريبَ وإلا الذي يأتي إلا مَكْةَ وليس عِنْدُ شيءٌ يَمْنَعُهُ ما يَحْرِص على زِيارَةِ الشَيْخَ ؟ مَغْبونٌ هو الخاسِرُ والشيخُ ربيعُ ما يَضُرُّهُ شيءٌ لكِنْ هو الخاسِرُ.
والشيخُ ربيعٌ ما يَضُرُّهُ شيءٌ ، لكِنْ هو الخاسِرُ ، والنّاسُ كما قُلْتُ لكم : أهْلُ السُنّةِ – والله – يسْتَغْرِبونَ مِنْهُ ، لأنّهُ ما يَنْصَرِف عنْهُ إلا مَغْموس، كما قُلْتُ لكم بالقَيْدِ هذا: " إذا لمْ يَكُنْ لهُ عّذرٌ كـــ " عائلةٍ لا يَجِدُ مَنْ يَقوم بِهم ، أسْرةٍ مَعَهُ لا يَجِدُ مَنْ يَقُوم بِها، أطْفال ونَحْو ذلك ، أو وَقْتهُ قَصِيرٌ ، أو نحو ذلك مِن الأعذارِ الصحيحةِ ، أما مَنْ يُقِيم بمكةَ أسبوعًا، وعشرةَ أيام ولا يستَطيعُ الذهابَ للشيْخِ ربيعٍ ويقولُ :أنّهُ سلَفيّ ،نقولُ :ما الذي منَعَهُ؟ ما فيه وجود أعْذار صحيحة عِنْدَهُ ، فما الذي مَنَعَهُ ؟ إلا شيء في النَفْسِ لا شَك ولا ريب ، فنحْن نسألُ اللهَ العافيةَ ، والسلامةَ.
وقَدْ يَقولُ إنْسان - بَعد ذلكَ - : عليهِ أكثر مِنْ هذا القَولِ، هذا لا يَضُرّهُ ، ولا يضُروَنَ نحن – بإذن اللهِ - معاشِرَ السَلَفِيِّينَ فإنّ هذا مِنَ الكَذِبِ الذي انتَشَرَ في هذه الآونةِ واشتَهَرَ وليسَ هو ابن اليوم ، بلْ هو مِن قَديـمٍ، قَدْ قالَهُ أبو الحَسَن ومَنْ مَعَهُ ، وقَالَهُ علي حسن ومَنْ مَعَهُ ، وسيَسْتَمِرُ هذا وأمْثالهُ ، ولكنْ العبارةُ قَدْ لا تَكون هي واحدة ، تكون مُخْتلفةً بعْضها أخَف مِنْ بَعضٍ ، والمعْنى واحد المؤدى هو تَشْويهُ السَلَفِيِّينَ هذا المرادُ.
أقولُ: ولو كانتْ العباراتُ مُخْتلفةً ، هذا يقولُ : يَفْسِدُ حَجُّهُ ، وذاك يقول ما تَتِم زيارتكَ وحجُّكَ إلا بَعْد زيارةِ الشيخِ ربيع ، وآخَر قالَ : هل الشيخ ربيع مِنْ أركان الحَجِّ والعُمرَةِ ؟ وهكذا مِما سَمِعْنَاهُ مِنْ هذهِ الأقاويلِ ، اخْتَلَفَتْ ألفَاظُها ، واتَحَدَتْ معَانِيها ومُؤدياتُهَا ، والمَعْنى واحدٌ هو : التَنفيرُ مِنَ الشَيْخِ ، والتَشْويهُ لِمَنْ يُحِبهُ ويَزورهُ ويَذهَب إليهِ ويَسْمَع لهُ ولكنْ - بإذن الله – هذا الأمْر يُهيأ اللهُ – جلَّ وعلا - مَنْ يُفَند كذِبَهُ ، كما هيأ اللهُ –جلَّ وعلا لدعْوةِ الشيخ محمد بن عبد الوهاب مَنْ يَرُدّ على مَنْ افْتَرى عليها ويهيأ اللهُ للشيخِ كما هيأ اللهُ لشيخِ الإسْلامِ مَنْ يَرُدّ على مَنْ افترى عليهِ وعلى دَعْوتَهُ ويُهيأُ اللهُ للشيخِ كما هيأَ اللهُ للإمامِ أحْمدَ مَنْ يُدافِع ويذب عنهُ ويَرُدّ عَنْ طريقَتِهِ ومَنْهجِهِ والشيخُ حَفظَهُ اللهُ ورحِمَهُ ماشٍ على طريقَةِ هؤلاءِ ، نسألُ اللهَ – جلَّ وعلا – لنا ولهُ الثباتَ.
فطلَبَة العِلْمِ يُعْرَفونَ بأشياخِهم إنْ كانَ أشيْاخهُم مِنْ أهْلِ البِدْعَةِ عُرِفوا بِهم وإنْ كانَ أشياخُهُم أهْلَ السُنّةِ عُرفوا بِهِم.
نسألُ اللهَ – جَلَّ وعلا – أنْ يثَبِتنا وإيّاكم على الحقِ والهُدى حتى نلقاهُ.
ملاحظات:
والإمامُ أبو داود – رَحِمَهُ اللهُ – وَفَدَ على مَكَةَ – وكانَ هَمُّهُ أنْ يَرْويَ عَنْ اثنَيْنِ - ، وفدها للحَجِ سَنَة عشْرِينَ ومِئتيْنِ للهِجْرةِ ، وفَدَها للحَجِ وكانَ هَمُّهُ أنْ يَلْقَى عَبْدَ اللهِ بن مَسْلَمَةِ القَعْنَبِيّ أحَدُ رُواةِ الموطأ الكِبارِ الأثباتِ في موطأِ الإمامِ مالكٍ – رحِمَهُ اللهُ – فوفَقَهُ اللهُ – جلّ وعلا – فروى عَنْهُ ، وعَبْدُ اللهِ بن مسْلَمَةِ تُوفْيَ بَعْدَ الحَجِ ، في مُنْتَصَفِ المُحَرْمِ سَنَةَ إحْدى وعِشْرِينَ ومِئَتَيْنِ للهِجْرةِ ، فاغْتَبَطَ بِذلك إذ أدْركَ هذا الحافِظَ المُتْقِنَ ، مِنَ الحُفْاظِ المُتْقِنِينَ الذين رَووا الموطأ عَنِ الإمامِ مالِكٍ وروى عنْهم ،وكذلكَ أدْرَكَ بِمَكْةَ غَيْرَهُ .
والشاهِدُ مِنْ هذا كُلِّهِ :
أنّ عُلَماءَ السُنّةِ ، وأهْلَ السُنّةِ إذَا وَرَدوا على مَكْةَ فإنَّهم معَ حَجِهم وقصْدِهِم للحَجِ يَغْتَبِطونَ بِلِقاءِ عُلَماءِ السُنّةِ والحَدِيثِ ، والشَيْخُ ربِيعٌ مِنْ كِبارِ عُلماءِ السُنّةِ والحَدِيثِ في هذا العَصْرِ ومَعْرِفَتُهُ تُغْني عنْ أنْ نتَكَلْمَ فِيهِ – وللهِ الحَمْدُ – حَتى الأعْداءِ الذينَ يُناصِبُونَهُ العدَاءَ ، ويَكْذِبُنَ عليهِ يَعْتَرِفونَ له بِالعِلْمِ وبالرُسُوخ في هذا البابِ ولا شك أنَّ الذي يَقُولُ مِثلَ هذا القول إنّما أرادَ السُخْرِيَةَ بالسَلَفِيِّينَ وبأهْلِ السُنَّةِ وأرادَ بهذا تَشْوِيِهِ صُورَتِهِم وأرادَ بذلكَ التَنْفِيرَ عَنْ عُلَماءِ السُنَّةِ.
ونحْنُ نَجْزمُ يَقِينًا لا نَتَرَددُ فِيهِ أنَّ الذي يّنْحَرِفُ عن أمثالِ هؤلاءِ العُلَماءِ الأعْلامِ في القديمِ مِنَ المُنْحَرِفينَ ،[ويَنْحَرف ] عَنْ مِثلِ الشَيخِ رَبِيعٍ و مِثْلِهِ في هذا الزمَنِ لا شَكَ أنّهُ مِنَ المُنْحَرِفيِنَ، لأنّهُ لمُ يُعَادَ الشَيْخُ ربيعٌ مِنْ مثلِ هؤلاءِ لمُزاحَمَتِهِ لَهُم على شيءٍ مِنَ الدُّنْيا وإنّما عادوهُ لأجْلِ ما عِنْدَهُ مِنَ الدَعْوةِ إلى هذا المَنْهَجِ السَلَفِيّ والردّ على مَنْ خَلَفَهُ ، فإنّهُ ما مِنْ طائفَةٍ وما مِنْ جماعَةٍ وما مِنْ حِزْبٍ إلا وقَدْ نالَهُم سَهْمٌ مِنْ سِهامِهِ المُسَدَدّةِ الموَفَقَةِ، فلذلك؛ كثُرَ خُصُومَهُ فأنا أشَبِهُهُ الآنَ في كَثْرَةِ الخُصُومِ عَلَيْهِ والافْتِراءِ عليهِ بالشيخِ مُحَمَد بن عَبْد الوهابِ في كَثْرَةِ الخُصومِ والافْتِراءِ عليهِ، حتى نَسَبوا النّاسَ إليهِ وقالوا عليهم : وهابِييّنَ وهكذا الآن تَسْمَعُونَ يقُولون: مَداخِلَة، ويَقُولونَ :جامِيّة كما تسّمَعُـوووون وهذا ليس بِبِدْعَة فمنْ قبْلُ قدْ قالوا: حنَابِلَة ليسَ ذلكَ بِبِدْعٍ ليسَ بِجَدِيدٍ فَمِنْ قَدِيمٍ كانوا يَقُولونَ لأهْلِ السُنّةِ حَنَابلِة ويُرِيدُونَ بذلكَ الطَعْنَ فيهِم، وتارَةٍ يَقوُلونَ :حَشَويّة وتارَةٍ يقولونَ : مُشَبِّهَةٍ ، وتارَةٍ يقُولونَ مُجَسِمَةٍ، وخُذْ مِنْ هذا الكلامَ الكَثِيرَ.
هل الحَنَابِلَة نُسِبُوا إلا إلى أحْمدَ بن حَنْبَل ؟ وهَلْ الانتِسابِ إلى مذهَبِ أحْمَدَ عَيْبٌ – رَحِمَهُ اللهُ -؟ لا والله ما هو إلا السُنّة وإنّا لنَحْمَدُ اللهَ - جَلّ وعلا- في هذه البلادِ أنْ هيأَ لنا قيامَ هذه الدَولةِ التي أظْهَرَتْ فيما مذْهبَ أحْمدَ بن حنْبل عقيدةً ، وفروعًا ، وسُنّةً ،وتَطْبِيِقًا ، وإتِباعًا لما كانَ عليهِ السَلَفُ الصالحُ فالإمامُ أحمدُ إمامَ أهْلِ السُنّةِ مُطْلَقًا – رحمَهُ اللهُ تعالى – فإذا نُسِبْنا إليهِ لا يَعِيبُنا ذلكَ ولا يؤثِرُ فينا ذلكَ بل نَرْفَعُ بذلكَ رؤوسَنا – وللهِ الحَمْدُ - ونُفاخِرُ بذلكَ وقَدْ أصْبَحَ أحْمَدُ بن حَنْبل مِحْنَةً مأمومَةً يعْني : مَقْصُودةً.
أضحى ابنَ حنبل حجَّةً مبرورةً ... وبِحُبِّ أحمدَ يُعـرَفُ المـتنسِّكُ
وإذا رأيت لأحمـد متنقِّصـاً ... فاعلم بـأنَّ سُتـورَهُ ستُهَتَّـكُ
وإذا رأيت لأحمـد متنقِّصـاً ... فاعلم بـأنَّ سُتـورَهُ ستُهَتَّـكُ
وهكذا انتَقَلَ بعْد ذلكَ إلى شَيْخِ الإسْلامِ ابن تَيْمِيّةَ – رَحِمَهُ اللهُ تعالى – وطُعِنَ فيهِ وفي طُلّابِه ، في تلامِيذهِ ، وفي مَدْرَسَتِهِ ، ونالَهُم ما نالَهم ،بل نالَ شَيْخَهم "شَيْخُ الإسْلامِ تَقيُّ الدِّينِ العباسُ بن تَيْمِيّةَ " مِنَ الأذى ما تَعْلَمونَهُ ويَعْلَمُه كَثِيرٌ مِنْكموكَتَبَ اللهُ لَهُ الظُهُورَ ، وهكذا..
جاءَ الإمامُ محمدُ بن عبد الوهابِ فنالَهُ مِنَ الأذى والطَرّدِ والإبْعادِ عَنْ وَطَنِه والإخْراجِ لهُ والمُحاربَةِ له والقَتْلِ لبَعْضِ أولادِهِ في بَعْضِ المعاركِ والكَذِبِ عليهِ – رحِمَةُ اللهِ ورضْوانِهِ عَليهِ - والافْتِراءِ عليهِ ، وعلى دَعْواتِهِ ما نَالَهُ وإلى الآن يَقولونَ : وهَابِيّة ، ولا يَزيدَهُ – وللهِ الحَمْدُ – إلا ظُهُورًا ،ولا يَزِيدَهُ إلا وضوحًا ولا يَزِيدَهُ إلا عُلوًا على جَميعِ مَنْ خَالَفَهُ لأنّ اللهَ قَدْ تَكَفَلَ بِهذا قال تعالى : ﴿وَلَيَنْصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ﴾، وهذا الإمامُ جاءنا نَصْرًا لدِّينِ اللهِ - تَبَاركَ وتعالى – الحقِ ، لدَعْوة النَبِيّ – صلى اللهُ عليهِ وسَلّمَ – الصافِيةِ النَقِيْةِ مِنَ الشِرْكِ والبِدَعِ ، فلمّا رأى ما ألْحقَ النّاسُ بِها مِنَ الشِركِوالبِدَعِ شَمَّر عَنْ ساعِدِ الجِدِّ – رضي اللهُ عَنْهُ –وقامَ خير قيامٍ حتى مَنَّ اللهُ عَليهِ وأقَرّ عَيْنَهُ بِرؤيةِ عَودةَ النَّاسِ إلى الإسْلامِ الصَحِيحِ وإلى السُنّةِ، صفى هذا الدِّينِ مِنَ الشِركِ ومِنَ البِدَعِ وهيأ اللهُ لهُ الأنْصارَ مِنْ آلِ سُعُودٍ – رحِمَهُم اللهُ جَمِيعًا فظهرتْ هذهِ الدَعوة والتي هي امتِدادٌ لدَعْوةِ شيْخِ الإسْلامِ – رحِمَهُ اللهُ تعالى - والتي هي امتِدادٌ لدَعْوةِ الإمامِ أحْمَدَ بن حَنْبَل ومذهَبِ أحْمدَ – رحِمَهُ اللهُ تعالى – فظَهرَ مرةً أُخْرى الحَنَابِلةُ أهْلُ السُنّةِ والحدِيثِ والأثرِ ونحنُ عندنا في الجنوبِ مِنَ المملكَةِ العربيةِ السُعُوديّة مَنَّ اللهُ علينا بِمُجَدّدٍ لدّعْوةِ التَوْحِيدِ فجاء والبِلادَ غارِقَةً في الشِرْكِ والبِدَعِ ذلِكُم الرجُلُ هو : الداعِيَةُ المجاهِدُ الشَيخ مُحَمْد بن عبد الله القرْعاوي – رحِمَهُ الله تعالى -.
فأظْهَرَ في جَنُوبِ البِلادِ السُعُوديّةِ الدَعْوةَ إلى التَوْحيدِ والسُنّةِ ومحَارَبةِ الشِرْكِ والبِدَعَةِ ، جاءَ وهو شَخْصٌ واحِدٌ ، واحِدٌ فأحيا اللهُ بِهِ أُمَةً كامِلةً ، فانْتَشَرَتْ الدَعْوَةُ السَلَفِيّةُ في مَنْطَقَةِ جَنُوبِ الممْلَكَة السُعُودِيّةِ مَنْطِقَةِ جازانَ ،وانتَشَرَتْ انْتِشارًا عَظيمًا ، فبَلَغَتْ مدارِسُهُ في وَقْتٍ وجِيزٍ أكثر مِنْ ألفيْنِ وخَمسُمئةِ مدرسَةً ، يومَ أنْ كانَ التَعْليمُ غيْرَ موجودًا، هذا الذي تَروونَهُ الآنَ ، ومَنَّ اللهُ عَلَيهِ بِهذهِ الدَوْلَةِ التي حَمَتْهُ وساعَدَتْهُ ونَصَرَتْهُ ، ِحينَما بدأت دَعْوتَهُ تَظْهَرُ وقَفَ مَعَهُ ُحُكامُ هّذهِ الدَوْلَةِ – جزاهَمُ اللهُ خيرًا – الملكُ عبْد العزيزِ ، والملكُ سُعُود ، ولم يزَلْ الدَعْمُ [مِنْهم ] له ظَهَرتْ حتى ظَهَرَتْ ثَمَرةُ دَعْوتِهِ ، والشَيْخُ رَبِيعٌ مِنْ ثَمَرَةُ دَعْوَةِ هذا الرَجُلِ – رَحِمَهُ اللهُ تعالى – وهذا الرَجلُ مِنْ ثَمَرَةِ الشَيْخِ محمدِ بن عبْد الوهابِ– رَحِمَهُ اللهُ تعالى – و محمد بن عبْد الوهابِ مِنْ ثمرةِ مَدْرَسَةِ شيْخِ الإسْلامِ ابن تَيْمِيّةَ – رحِمَهُ اللهُ تعالى - و شيْخِ الإسْلامِ ثمْرةَ مدْرَسَةِ الإمامِ أحمدَ بن حَنْبَل – رحِمَهُ اللهُ تعالى – فهي سِلْسِلَةٌ مُتَلاحِقَةٌ مُتَواصِلَةٌ ، آخِذٌ بَعْضُها بِبَعْضٍ ، ولاشَكْ أنتم تَعْلَمونَ مِثلي ما يَقومُ بِهِ الشَيخُ رَبِيْعٌ – رحمَه اللهُ ووفَقَه وحَفظهُ وجزاهُ عنا خَيْرًا – ما يَقُومُ بِهِ مِنْ نُصْرةِ الدَعْوةِ السَلَفِيّةِ ومِنْ نُصْرَةِ الدَعْوَةِ إلى السُنّةِ في هذهِ البِلادِ وفي خارِجِها وفي كُلِّ مكانٍ بِقَلَمِهِ وبِلِسَانِهِ – حفِظَهُ اللهُ ورَحِمَنا وإيّاهُ – يَقُومُ بِذلِكَ على قَدْرِ ما يَسْتَطِيعُ ومعَ تقَدُمهِ في السِّنّ وهو مُجْتَهِدٌ في هذا غاية الاجْتِهادِ ، فلا يُرْفَعُ إليهِ مخالِفٌ أو قَولَ مخالِفٍ إلا ردّ عليهِ ، وهذا مِنْ فَضلِ اللهِ -تَباركَ وتعالى – عليهِ ، وأسألُ اللهَ – جَلّ وعلا – ألا يَحْرِمَهُ الأجْرَ ، فَمَنْ كانَ مِثلُ هذا يُحْرَصُ على لُقِيِّهِ ولا [وإلا] لا يُحْرَصُ ؟ بلى واللهِ يُحْرَص ،أسْألُكُم أنتم يُحْرَصُ وإلا، لا ؟.
الحضور : يُحْرَصُ.
العلامة مُحَمْد بن هادي المدخلِيّ – حفظه الله -: بلى واللهِ يُحْرَص ، لأنّه عَلَمٌ مِنْ أعلامِ السُنّةِ في في هذا العَصْرِ ، والذينَ يَرُدّونَ عليهِ يَرُدّونَ عليه بالباطِلِ ، وقَدْ رأينا هؤلاءِ جميعًا، وما انْتَهى بهم [إليه] الحالُ والمآلُ يَبْدَؤون بهذا الكلامِ ثُّم يَعودون للإخوانِ المسلِمِينَ وإلى بَقِيّةِ الأحْزابِ والجَمْعِياتِ الحِزْبِيّةِ، التي كانوا هم بالأمس يومَ أنْ كانوا يُقْدِرُونَ الشَيْخَ رَبيِعًا ويحْتَرِمونَه ويُصَوِبُونَ كَلامَه رَجَعوا الآنَ إليها فشَهِدوا على أنّفُسِهِم بالانحِرافِ إذ بالأمسِ كانوا مَعَهُ على هذا والآن انْقَلَبوا فعادوا هم إلى مَنْ كانوا بالأمس ينتقدونه ؛ ولا شَك أيضًا كما قُلْتُ لَكُم : إنّ السَلَفِيّ والسُنّيّ إذا قَدِمَ على مَكْة لأداءِ حَجٍّ أو عُمْرَةٍ فإنّ مِنْ أعْظَمِ مطَالِبِهِ بَعْد أداءِ هذِهِ الفَرِيضَةِ أو النَافِلَةِ لمَنْ َ قَدْ أدْاهُمَا مِنْ أعْظَمِ المطالِبِ أنْ يَرى هذا الشَيْخَ الجَلِيلَ ، القائمَ في نُصْرَةِ دِّينِ اللهِ المقَامَ الذي نَعْرِفَهُ ، نَسْألُ اللهَ - جَلّ وعلا – أنْ يُوفِقَهُ وألا يَحْرِمَهُ الأجَرَ ، وهذا مِنَ الابْتِلاءفلا يَضُّرَهُ كما لمْ يَضُّرْ مَنْ كانَ قَبْلَهُ ، فالتَهْويلُ ، والتَهْوِيشُ عَليهِ لا يَضّرُهُ – بإذنِ اللهِ تباركَ وتعالى– ، وأما مُجَرَد الكلامِ الفجّ والسَّمِج هذا الذي سَمِعْتُم فاعْرِضوهُ على أيّ عاقِلٍ في الدُّنْيا ، أيّ عاقِلٍ في الدُّنْيا مِنَ المُسْلِمِينَ اعْرِضُوا هذا الكلامِ عليهِ وقولوا له : [هل] تَتَصَوْرُ واحِدًا مِنَ المُسْلِمِينَ يَقولُ أنّ مَنْ حَجَّ ولمْ يَزُرْ الشَيْخَ ربيعًا حَجّهُ غَيْر صَحِيحٍ – أنا أظُنّ حتى المَجْنونَ لا يَخْطُرُ بِبَالِهِ هذا ، ولكنْ هذا كُلُّهُ مِنَ المُبَالَغَةِ في تَشْوِيهِ صُورةَ السَلَفِيِّينَ ، وَنَقُول له أيضًا : نَعَم مَنْ وصَلَ إلى مَكْةَ ولمْ يَزُرْ الشيخَ ربيعًا وليسَ عِنْدَهُ عارِضٌ فإنَّ النُفُوسَ – والله- تسْتَريبُ مِنْهُ ، لمْ يَكُنْ عِنْدَهُ مانِعٌ ، ولا عارِضٌ ، فإنّ النُفُوسَ تَسْتريبُ مِنْهُ ، لأنّ ((الأرواحَ جنُودٌ مُجَنَدَةٌ ما تعَارَفَ مِنْها اتَلَفَ وما تناكَرَ مِنْها اختلفَ ))، فالسُّنّيّ يُحِبُ السُّنِّيَّ ولو كانا بأطرافِ الأرضِ هذا في شرْقِها وهذا في غرْبِها ويَتَمنى أنْ يلقَاهُ ويراهُ والبِدْعِيّ يكْرهُ السُّنّيّ ، كما أنَّ السُّنّيَّ يَكْرَهُ البِدْعيّ لا شكَ ولا ريبَ وإلا الذي يأتي إلا مَكْةَ وليس عِنْدُ شيءٌ يَمْنَعُهُ ما يَحْرِص على زِيارَةِ الشَيْخَ ؟ مَغْبونٌ هو الخاسِرُ والشيخُ ربيعُ ما يَضُرُّهُ شيءٌ لكِنْ هو الخاسِرُ.
والشيخُ ربيعٌ ما يَضُرُّهُ شيءٌ ، لكِنْ هو الخاسِرُ ، والنّاسُ كما قُلْتُ لكم : أهْلُ السُنّةِ – والله – يسْتَغْرِبونَ مِنْهُ ، لأنّهُ ما يَنْصَرِف عنْهُ إلا مَغْموس، كما قُلْتُ لكم بالقَيْدِ هذا: " إذا لمْ يَكُنْ لهُ عّذرٌ كـــ " عائلةٍ لا يَجِدُ مَنْ يَقوم بِهم ، أسْرةٍ مَعَهُ لا يَجِدُ مَنْ يَقُوم بِها، أطْفال ونَحْو ذلك ، أو وَقْتهُ قَصِيرٌ ، أو نحو ذلك مِن الأعذارِ الصحيحةِ ، أما مَنْ يُقِيم بمكةَ أسبوعًا، وعشرةَ أيام ولا يستَطيعُ الذهابَ للشيْخِ ربيعٍ ويقولُ :أنّهُ سلَفيّ ،نقولُ :ما الذي منَعَهُ؟ ما فيه وجود أعْذار صحيحة عِنْدَهُ ، فما الذي مَنَعَهُ ؟ إلا شيء في النَفْسِ لا شَك ولا ريب ، فنحْن نسألُ اللهَ العافيةَ ، والسلامةَ.
وقَدْ يَقولُ إنْسان - بَعد ذلكَ - : عليهِ أكثر مِنْ هذا القَولِ، هذا لا يَضُرّهُ ، ولا يضُروَنَ نحن – بإذن اللهِ - معاشِرَ السَلَفِيِّينَ فإنّ هذا مِنَ الكَذِبِ الذي انتَشَرَ في هذه الآونةِ واشتَهَرَ وليسَ هو ابن اليوم ، بلْ هو مِن قَديـمٍ، قَدْ قالَهُ أبو الحَسَن ومَنْ مَعَهُ ، وقَالَهُ علي حسن ومَنْ مَعَهُ ، وسيَسْتَمِرُ هذا وأمْثالهُ ، ولكنْ العبارةُ قَدْ لا تَكون هي واحدة ، تكون مُخْتلفةً بعْضها أخَف مِنْ بَعضٍ ، والمعْنى واحد المؤدى هو تَشْويهُ السَلَفِيِّينَ هذا المرادُ.
أقولُ: ولو كانتْ العباراتُ مُخْتلفةً ، هذا يقولُ : يَفْسِدُ حَجُّهُ ، وذاك يقول ما تَتِم زيارتكَ وحجُّكَ إلا بَعْد زيارةِ الشيخِ ربيع ، وآخَر قالَ : هل الشيخ ربيع مِنْ أركان الحَجِّ والعُمرَةِ ؟ وهكذا مِما سَمِعْنَاهُ مِنْ هذهِ الأقاويلِ ، اخْتَلَفَتْ ألفَاظُها ، واتَحَدَتْ معَانِيها ومُؤدياتُهَا ، والمَعْنى واحدٌ هو : التَنفيرُ مِنَ الشَيْخِ ، والتَشْويهُ لِمَنْ يُحِبهُ ويَزورهُ ويَذهَب إليهِ ويَسْمَع لهُ ولكنْ - بإذن الله – هذا الأمْر يُهيأ اللهُ – جلَّ وعلا - مَنْ يُفَند كذِبَهُ ، كما هيأ اللهُ –جلَّ وعلا لدعْوةِ الشيخ محمد بن عبد الوهاب مَنْ يَرُدّ على مَنْ افْتَرى عليها ويهيأ اللهُ للشيخِ كما هيأ اللهُ لشيخِ الإسْلامِ مَنْ يَرُدّ على مَنْ افترى عليهِ وعلى دَعْوتَهُ ويُهيأُ اللهُ للشيخِ كما هيأَ اللهُ للإمامِ أحْمدَ مَنْ يُدافِع ويذب عنهُ ويَرُدّ عَنْ طريقَتِهِ ومَنْهجِهِ والشيخُ حَفظَهُ اللهُ ورحِمَهُ ماشٍ على طريقَةِ هؤلاءِ ، نسألُ اللهَ – جلَّ وعلا – لنا ولهُ الثباتَ.
فطلَبَة العِلْمِ يُعْرَفونَ بأشياخِهم إنْ كانَ أشيْاخهُم مِنْ أهْلِ البِدْعَةِ عُرِفوا بِهم وإنْ كانَ أشياخُهُم أهْلَ السُنّةِ عُرفوا بِهِم.
نسألُ اللهَ – جَلَّ وعلا – أنْ يثَبِتنا وإيّاكم على الحقِ والهُدى حتى نلقاهُ.
ملاحظات:
- هذا ردّ فرية أن السلفيين يعتقدون أن زيارة الشيخ الوالد ربيع بن هادي المدخليّ -حفظه الله- من أركان العمرة والحج، للعلامة محمد بن هادي المدخليّ حفظه الله تعالى.
- للاستماع للتسجيل الصوتي:
- لتحميل التسجيل الصوتي [من هنا].
- لمشاهدة الفيديو المرئي [من هنا].
- التسجيل من تفريغ الأخت الفاضلة بنت عمر.
- منقول من شبكة الورقات السلفية
- المصدر