بسم الله الرحمن الرحيم
قال الإمام نصر بن إبراهيم المقدسي -رحمه الله تعالى- : في مُقدِّمة كتابه (المحجة على تارك المحجة)
"... فواجب على كل مسلم احتاط لدينه ، وأراد المحافظة على إتمامه وتعيينه ، وأحبَّ أن يكون متبعاً لِملّته وشريعته ، أن يقتفي آثارهم ، وما أجمع عليه أصحابه ، لا يخلف ذلك إلى سواه ، فقد أخبر أنّ التكلُّف فيما عداه ، وقد كان الناس على ذلك زماناً بعده ، إذْ كان فيهم العلماء وأهل المعرفة بالله من الفقهاء ، من أراد غير الحق منعوه ، ومن ابتدع بدعة زجروه ، وإنْ زاغ عن الواجب قوّموه ، وبيّنوا له رشده وفهّموه ، فلَمَّا ذهب العلماء من الحكماء(1) ، ركب كل واحد هواه ، فابتدع ما أحب وارتضاه ، وناظر أهل الحق عليه ، ودعاهم بجهله إليه ، وزخرف لهم القول بالباطل وزين لهم ، حتى صار ذلك عندهم ديناً ، يكفر من خالفه ويلعن من باينه ، وساعده على ذلك من لاعلم له من العوام ، وتوقع به الظنة والإيهام ، ووجد على ذلك الجهال أعواناً ، ومِن أعداء العلم إخواناً ، أتباع كل ناعق ، ومجيب كُلّ زاعق ، لا يرجعون فيه إلى دين ، ولا يعتمدون على يقين ، قد تمثلت لهم به الرياسة، فزادهم ذلك في الباطل نفاسه ، تزينوا به للعامة ونسوا شدائد يوم الطامة ، وقد أخبر رسول الله –صلى الله عليه وسلم- في غير حديث ، فقال –صلى الله عليه وسلم-: "إن الله لا يقبض العلم انتزاعا ينتزعه من الناس ولكن يقبض العلم بقبض العلماء فإذا لم يبق عالم اتخذ الناس رءوسا جهالاً فسئلوا فأفتوا بغير علم فضلوا وأضلوا "(2).
فلَمَّا رأيت ذلك قد كثر ، وزاد الأمر فيه واشتهر ، حتى قلّ من يتكلم بعلم ، أو يدين بفهم ، إلاّ بقايا لا يرجع الجاهل إليهم(3) ، ولا يعولون في أمورهم عليهم ، لما أوغره رؤسائهم الجهال في صدورهم ، وقرروه في نفوسهم ، رغبة في اجتماع العوام عليهم ورجوعهم إليهم ، لئلا يشف عنهم ما ألفوه من برهم ورفقهم ، واعتادوه من تعظيمهم وعزهم ، فهلكوا في نفوسهم ، وأهلكوا أتباعهم ، وتركوا ما وجب عليهم ، وأتبعوا أهوائهم (4)، سألت الله العظيم التوفيق في جمع هذا الكتاب ، وسميته (الحجة على تارك المحجة ) .
وقصدت به بيان ما يجب اتباعه على المسلمين ، وما يلزم أهل التقية والدين ، من الرجوع إلى كتاب الله ، وسنة رسوله –صلى الله عليه وسلم- ، وإجماع الصحابة والتابعين لهم بإحسان ، والأئمة من العلماء المتقدمين ، ومن عرف بالورع والدين ، وما يجب تجنبه وإطراحه من البدع المحدثة ، والأهواء المضلة ، وترك الجدل والخصومة في الدين ، والكلام وغير ذلك مما حذرنا من مواقعته ، وأمرنا بمجانبته ومخالفته ،ورسمته أبواباً ، لينتفع به المبتديء ، وليتذكر به المنهي ، معتمداً فيه على الرويات والأسانيد ، طالباً من الله تعالى به المنفعة فيما لديه ، والقربة إليه ، إنه جواد كريم "ا.هـ(5)
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الهوامش:
(1) وفي هذا العصر مات ابن باز وقامت فتن ومات الألباني وقامت فتن ومات ابن عثيمين وقامت فتن ومات مقبل الوادعي -رحمهم الله جميعاً- وقامت فتن ووالله لو مات ربيع -حفظه الله- لتقومن فتن كذلك .. ولكن الله حافظ دينه .. والفرقة الناجية (الطائفة المنصورة ) باقية محفوظة بحفظ الله تعالى لأنها متمسكة بالتوحيد والسنة ..لكن موت العلماء له أثره..
(2) أخرجه البخاري في صحيحه في كتاب العلم باب كيف يقبض العلم ، برقم (100) ومسلم في في صحيحه في كتاب العلم باب رفع العلم وقبضه ، برقم(2673).
(3) فياباغي الخير هذا المفتي آل الشيخ موجود وهذا الفوزان وهذا اللحيدان وهذا الغديان وهذا صالح آل الشيخ وهذا ربيع المدخلي وهذا النجمي وهذا زيد المدخلي وهذا عبد المحسن العباد وهذا علي بن ناصر الفقيهي وهذا صالح السحيمي وهذا عبيد الجابري وهذا محمد بن هادي ...إلخ
فأدركوهم وانهلوا منهم ، وسيروا على طريقة السلف الصالح ...
(4) ولهذا تجد الفرق الضالة الآن تطعن في علماء السنة ( مثل فرق التبليغ والإخوان المسلمون والقطبيون (التكفيريون) والحدادية والصوفية ...) ويتهمونهم إما بالتساهل أو بالشدة ولكن الجميع يجتمع على الطعن في علماء السنة ليرجع الناس إلى أفكارهم الضالة و لايتنبهوا لهم ، كما نبه عليه الإمام نصر هنا .
(5) مختصر المحجة على تارك المحجة للإمام أبي الفتح نصر بن إبراهيم المقدسي -رحمه الله تعالى-[ج/1-ص/6 ]، أضواء السلف ط1 -1425هـ .
(وصلى الله وسلم وبارك على محمد وعلى آله وصحبه أجمعين)