الحمد لله ربِّ العالمين والصَّلاة والسَّلام على نبيِّنا محمد و على آله وصحبه وسلَّم
أمّا بعدُ
فهذه فائدة منهجية من تعليق الشيخ عبد الله البخاري ـــ حفظه الله ـــ على الرسالة التبوكية للإمام ابن القيم ـــرحمه الله .
الكلام على الرفقاء :رفقائك في الطريق ، الرفقاء الذين تسير معهم ، في موطنٍ آخر من هذه الرسالة النافعة قال ـــ رحمه الله ــــ : فصلٌ والمقصود أنّ القلب لمّا تحول لهذا السفر طلب رفيقًا يأنس به في السفر ، تزودت وجمعت ،خلاص تريد السفر ، تبحث عن ماذا ؟ تأنس به ويأنس بك ،فلم يجد هذا الطالب ،لم يجد هذا الطالب إلا معارضًا مناقضًا له ، لم يجد في هذا السفر في الطريق إلا معارضًا مناقضًا له يعني : الضدّ، هذا قِسم .
القسم الثاني :أو لائمًا بالتأنيب مصرحًا ومعرضًا ، هذا القسم الثاني .
الأول المعارض أيش ؟ المناقض .
الثاني : الائم بالتأنيب مصرحًا ومعرضًا وهذا ظاهر ، المصرح بالتأنيب ظاهر .
أما المعرض مثل ماذا ؟ فلان طيب ولكن ْ ، هو ابن حلال وعلى السُنّة ولكنْ فيه أيش ؟ شدّة ، ها ، هولاء فيهم كذا ، طيب ولكنْ ، فهذا المخــــــــــــــــــــــــــــذِّل، "ولهذا أهل السُنّة لا يضرهم ["المخالف المناقض "ولا] مَنْ" خذلهم " حتى يأتي أمر الله ،وهم على ذلك كما أخبر النبيّ ـــ عليه الصلاة والسلام ـــ" فهذا المخذِّل من أشدّ الناس وقعًا عليك ، لأنّه في الصورة أنّه معك ، ورفيقك ـــ صحيح ــــ ولكن يَدُسُ لك ماذا ؟ هذه الدسائس ،وهذه أيش ؟ الإبر المخدرة ،ما أقول يدُسُ لك المخدرات لكنْ الإبر المخدرة ، حتى أيش ؟ تخاف فتحجم فتخلد إلى الأرض ، قال : أو فارغًا عن هذه الحركة معرضًا ، أبدًا ، ما يتكلم لا لك ولا عليك ،ساكت ، وياليت الناس كلهم هكذا ،ليت الناس كلهم هكذا تركوك وخلوك في حالك .
قال : أو فارغًا عن هذه الحركة معرضًا ، ابن القيم يقول : وليت الكل كانوا هكذا ، فلقد أحسن إليك من خلاك وطريقك ،ولم يطرح شره عليك ، انظر كيف هو يصورك أنّك مسافر ، وتحمل زادًا ، والسفرُ طويل ،وشاق ، فهذا الثالث(الفارغ) أو المعارض أو المخذِّل قال : فليت الكل كانوا هكذا يعني المعرضين عنك " فلقد أحسن إليك من خلاك وطريقك ،ولم يطرح شره عليك"، أنت الآن مجهد فيأتيك هذا ما هو كفاية يحمل شره ، إلا يبغاني أحمل شره معي ، زيادة على حمله أحمل كمان أنا معه ، فكأنّه يشبه هذا المعارض المناقض ،أو المؤنب تصريحًا وتلميحًا كالذي يأتي وأنت متعب ويطرح شره كمان عليك يزيد ،ثقلًا على ثقل ،أنت لست في حاجة إلى هذا ، أنت في حاجة إلى معين ، قال عليه الصلاة والسلام كما عند أبي داود وغيره(( خير الوزير من إذا ذكرت أعانك ، وإذا نسيت ذكرك ))، قال : ومن أراد هذا السفر ـــ أنت عرفت أقسام الناس الآن ـــ ، وهناك قسمٌ رابعٌ معلومٌ الذي معك قلبًا وقالبًا على السُنّة ، هو يبحث أيضًا على رفيق .
قال :من أراد هذا السفر فعليه بمرافقة الأموات ،الذين هم في العالم أحياء ، فإنّه يبلغُ بمرافقتهم إلى مقصده ، ماذا يقصد بمرافقة الأموات ، ما يقصد ـــ رحمه الله بالأرواح وغير ذلك ، لا ،إنما يريد أنْ تتأسى بالسلف ، وأنْ تتمسك بطريقتهم ،وأن تصبح وتمسي وأنت على منهاجهم ، تقول بقولهم ، تكف عمّا كفوا ، تنطق بما نطقوا ، هذا هو مراده .
قال ـــ رحمه الله : فإنّه يبلغ بمرافقتهم إلى مقصده ، وليحذر من مرافقة الأحياء ، الذين هم في الناس أمواتٌ ، فإنهم يقطعون عليه طريقه ، فليس لهذا السالك أنفع من تلك المرافقة ، وأوفق له من هذه المفارقة ، فقد قال بعض من سلف " شتان بين أقوامٍ موتى تحيا القلوب بذكرهم ، وبين وأقوامٍ أحياءٍ تموت القلوب بمخالطتهم .
قال :فما على العبد أضرُ من عشرائه وأبناء جنسه ، فإنّ نظره قاصر ، وهمته واقفة عند التشبه بهم ، ومباهاتهم ،والسلوك أيًّ سلكوا ، حتى لو دخل جحر ضبٍّ لأحب أنْ يدخل معهم ، فمتى ترقت همته من صحبتهم إلى صحبة من أشباحهم مفقودة ، ومحاسنهم وآثارهم الجميلة في العالم مشهودة استحدث بذلك همةً أخرى ، وعملًا آخر ، وصار بين الناس غريبًا وإنْ كان فيهم مشهورًا ونسيبًا ، لكنه غريبٌ محبوبٌ يرى ما الناس فيه وهم لا يرون ما هو فيه ، يقيمُ لهم المعاذير ما استطاع ، وينصحهم بجهده وطاقته سائرًا فيهم بعينين ، عينٌ ناظرة إلى الأمر والنهي بها يأمرهم وينهاهم ، ويواليهم ويعاديهم ويؤدي إليهم الحقوق ويستوفيها عليهم وعينٌ ناظرة إلى القضاءِ والقدر بها يرحمهم ويدعوا لهم ويستغفر لهم ، ويلتمس لهم وجوه المعاذير ، فيما لا يخلُ بأمرٍ ولا يعود بنقض شرعٍ ، قد وسعتهم بسطتهم ولينه ومعذرته ، واقفًا عند قوله تعالى: ((خذ العفو وأمر بالعرف واعرض عن الجاهلين )) متدبرًا لما تضمنته هذه الآية ، من حسن المعاشرة مع الخلق ، وأداء حق الله فيهم ، والسلامة من شرهم ، فلو أخذ الناس كلهم بهذه الآية لكفتهم ، وشفتهم ، فإنّ العفو ما عفا من أخلاقهم ، وسمحت به طبائعهم ، ووسعهم بدله من أمولهم وأخلاقهم فهذا ما منهم إليه ، وأما ما يكون منه إليهم فأمرهم بالمعروف ، وهو ما تشهد به العقول ، وتعرف حسنه وهو ما أمر الله به .
وأما ما يتقي به أذى جاهلهم فبالإعراض عنه ، وترك الانتصار لنفسه والانتقام لها ،فأيُّ كمالٍ للعبدِ وراء هذا ، انتهى كلامه ــــ رحمه الله ــــ ـ إذا أنت أيها المحب كما قلتُ في هذه الدار تسلك هذا السبيل ، وتسيرُ في هذا الطريق لابد أنْ تستصحب هذه النصائح النافعة الماتعة التي خرجت من إمامٍ حبر ، قد دلك على الطريق الصحيح ،بأوجز عبارة ـــ رحمة الله تعالى عليه ـــــ فإنّ العلم أيّها الإخوة " العلم الشرعي المنجي ـ يقود صاحبه ــــ إنْ شاء الله تعالى ــــ إنْ أخلص لله ــــ إلى السلامة كما قال الإمام ابن تيمية ــــ رحمه الله تعالى ــــ : السعادة ، والخير ، والكمال ، منحصرٌ في نوعين في :العلم النافع ، والعمل الصالح .
وفق الله الجميع لمراضيه ، وصلى الله وبارك على رسول الله وعلى آله وصحبه وسلم . تفريغ بنت عمر
أمّا بعدُ
فهذه فائدة منهجية من تعليق الشيخ عبد الله البخاري ـــ حفظه الله ـــ على الرسالة التبوكية للإمام ابن القيم ـــرحمه الله .
الكلام على الرفقاء :رفقائك في الطريق ، الرفقاء الذين تسير معهم ، في موطنٍ آخر من هذه الرسالة النافعة قال ـــ رحمه الله ــــ : فصلٌ والمقصود أنّ القلب لمّا تحول لهذا السفر طلب رفيقًا يأنس به في السفر ، تزودت وجمعت ،خلاص تريد السفر ، تبحث عن ماذا ؟ تأنس به ويأنس بك ،فلم يجد هذا الطالب ،لم يجد هذا الطالب إلا معارضًا مناقضًا له ، لم يجد في هذا السفر في الطريق إلا معارضًا مناقضًا له يعني : الضدّ، هذا قِسم .
القسم الثاني :أو لائمًا بالتأنيب مصرحًا ومعرضًا ، هذا القسم الثاني .
الأول المعارض أيش ؟ المناقض .
الثاني : الائم بالتأنيب مصرحًا ومعرضًا وهذا ظاهر ، المصرح بالتأنيب ظاهر .
أما المعرض مثل ماذا ؟ فلان طيب ولكن ْ ، هو ابن حلال وعلى السُنّة ولكنْ فيه أيش ؟ شدّة ، ها ، هولاء فيهم كذا ، طيب ولكنْ ، فهذا المخــــــــــــــــــــــــــــذِّل، "ولهذا أهل السُنّة لا يضرهم ["المخالف المناقض "ولا] مَنْ" خذلهم " حتى يأتي أمر الله ،وهم على ذلك كما أخبر النبيّ ـــ عليه الصلاة والسلام ـــ" فهذا المخذِّل من أشدّ الناس وقعًا عليك ، لأنّه في الصورة أنّه معك ، ورفيقك ـــ صحيح ــــ ولكن يَدُسُ لك ماذا ؟ هذه الدسائس ،وهذه أيش ؟ الإبر المخدرة ،ما أقول يدُسُ لك المخدرات لكنْ الإبر المخدرة ، حتى أيش ؟ تخاف فتحجم فتخلد إلى الأرض ، قال : أو فارغًا عن هذه الحركة معرضًا ، أبدًا ، ما يتكلم لا لك ولا عليك ،ساكت ، وياليت الناس كلهم هكذا ،ليت الناس كلهم هكذا تركوك وخلوك في حالك .
قال : أو فارغًا عن هذه الحركة معرضًا ، ابن القيم يقول : وليت الكل كانوا هكذا ، فلقد أحسن إليك من خلاك وطريقك ،ولم يطرح شره عليك ، انظر كيف هو يصورك أنّك مسافر ، وتحمل زادًا ، والسفرُ طويل ،وشاق ، فهذا الثالث(الفارغ) أو المعارض أو المخذِّل قال : فليت الكل كانوا هكذا يعني المعرضين عنك " فلقد أحسن إليك من خلاك وطريقك ،ولم يطرح شره عليك"، أنت الآن مجهد فيأتيك هذا ما هو كفاية يحمل شره ، إلا يبغاني أحمل شره معي ، زيادة على حمله أحمل كمان أنا معه ، فكأنّه يشبه هذا المعارض المناقض ،أو المؤنب تصريحًا وتلميحًا كالذي يأتي وأنت متعب ويطرح شره كمان عليك يزيد ،ثقلًا على ثقل ،أنت لست في حاجة إلى هذا ، أنت في حاجة إلى معين ، قال عليه الصلاة والسلام كما عند أبي داود وغيره(( خير الوزير من إذا ذكرت أعانك ، وإذا نسيت ذكرك ))، قال : ومن أراد هذا السفر ـــ أنت عرفت أقسام الناس الآن ـــ ، وهناك قسمٌ رابعٌ معلومٌ الذي معك قلبًا وقالبًا على السُنّة ، هو يبحث أيضًا على رفيق .
قال :من أراد هذا السفر فعليه بمرافقة الأموات ،الذين هم في العالم أحياء ، فإنّه يبلغُ بمرافقتهم إلى مقصده ، ماذا يقصد بمرافقة الأموات ، ما يقصد ـــ رحمه الله بالأرواح وغير ذلك ، لا ،إنما يريد أنْ تتأسى بالسلف ، وأنْ تتمسك بطريقتهم ،وأن تصبح وتمسي وأنت على منهاجهم ، تقول بقولهم ، تكف عمّا كفوا ، تنطق بما نطقوا ، هذا هو مراده .
قال ـــ رحمه الله : فإنّه يبلغ بمرافقتهم إلى مقصده ، وليحذر من مرافقة الأحياء ، الذين هم في الناس أمواتٌ ، فإنهم يقطعون عليه طريقه ، فليس لهذا السالك أنفع من تلك المرافقة ، وأوفق له من هذه المفارقة ، فقد قال بعض من سلف " شتان بين أقوامٍ موتى تحيا القلوب بذكرهم ، وبين وأقوامٍ أحياءٍ تموت القلوب بمخالطتهم .
قال :فما على العبد أضرُ من عشرائه وأبناء جنسه ، فإنّ نظره قاصر ، وهمته واقفة عند التشبه بهم ، ومباهاتهم ،والسلوك أيًّ سلكوا ، حتى لو دخل جحر ضبٍّ لأحب أنْ يدخل معهم ، فمتى ترقت همته من صحبتهم إلى صحبة من أشباحهم مفقودة ، ومحاسنهم وآثارهم الجميلة في العالم مشهودة استحدث بذلك همةً أخرى ، وعملًا آخر ، وصار بين الناس غريبًا وإنْ كان فيهم مشهورًا ونسيبًا ، لكنه غريبٌ محبوبٌ يرى ما الناس فيه وهم لا يرون ما هو فيه ، يقيمُ لهم المعاذير ما استطاع ، وينصحهم بجهده وطاقته سائرًا فيهم بعينين ، عينٌ ناظرة إلى الأمر والنهي بها يأمرهم وينهاهم ، ويواليهم ويعاديهم ويؤدي إليهم الحقوق ويستوفيها عليهم وعينٌ ناظرة إلى القضاءِ والقدر بها يرحمهم ويدعوا لهم ويستغفر لهم ، ويلتمس لهم وجوه المعاذير ، فيما لا يخلُ بأمرٍ ولا يعود بنقض شرعٍ ، قد وسعتهم بسطتهم ولينه ومعذرته ، واقفًا عند قوله تعالى: ((خذ العفو وأمر بالعرف واعرض عن الجاهلين )) متدبرًا لما تضمنته هذه الآية ، من حسن المعاشرة مع الخلق ، وأداء حق الله فيهم ، والسلامة من شرهم ، فلو أخذ الناس كلهم بهذه الآية لكفتهم ، وشفتهم ، فإنّ العفو ما عفا من أخلاقهم ، وسمحت به طبائعهم ، ووسعهم بدله من أمولهم وأخلاقهم فهذا ما منهم إليه ، وأما ما يكون منه إليهم فأمرهم بالمعروف ، وهو ما تشهد به العقول ، وتعرف حسنه وهو ما أمر الله به .
وأما ما يتقي به أذى جاهلهم فبالإعراض عنه ، وترك الانتصار لنفسه والانتقام لها ،فأيُّ كمالٍ للعبدِ وراء هذا ، انتهى كلامه ــــ رحمه الله ــــ ـ إذا أنت أيها المحب كما قلتُ في هذه الدار تسلك هذا السبيل ، وتسيرُ في هذا الطريق لابد أنْ تستصحب هذه النصائح النافعة الماتعة التي خرجت من إمامٍ حبر ، قد دلك على الطريق الصحيح ،بأوجز عبارة ـــ رحمة الله تعالى عليه ـــــ فإنّ العلم أيّها الإخوة " العلم الشرعي المنجي ـ يقود صاحبه ــــ إنْ شاء الله تعالى ــــ إنْ أخلص لله ــــ إلى السلامة كما قال الإمام ابن تيمية ــــ رحمه الله تعالى ــــ : السعادة ، والخير ، والكمال ، منحصرٌ في نوعين في :العلم النافع ، والعمل الصالح .
وفق الله الجميع لمراضيه ، وصلى الله وبارك على رسول الله وعلى آله وصحبه وسلم . تفريغ بنت عمر