العملُ بالسِّياسةِ ... لِماذا اخترنا الدّعوةَ؟
قال الشّيخُ عبدالحميد بن باديس رحمه الله: "فإنّنا اخترنا الخُطّة الدِّينيّة على غيرها عن علمٍ وبصيرةٍ، وتمسُّكًا بما هو مُناسبٌ لفطرتِنا وتربيتِنا مِن النُّصحِ والإرشادِ، وبثّ الخير، والثّبات على وجهٍ واحدٍ، والسَّيْر في خطٍّ مُستقيمٍ، وما كُنَّا لنجد هذا كُلَّه إلاّ فيما تفرَّغنا له مِن خدمةِ العلمِ والدِّين، وفي خدمتِهما أعظم خدمة، وأنفعها للإنسانيّة عامة. ولو أردنا أنْ ندخُل الميدانَ السِّياسيِّ لدخلناه جهراً، ولَضَرَبْنا فيه المَثَلَ بما عُرف عنّا مِن ثباتِنا وتضحياتِنا، ولقُدنا الأمّة كُلَّها للمطالبةِ بحقوقِها، ولكان أسهل شيءٍ علينا أنْ نَسِير بها على ما نرسمه لها، وأنْ نَبْلغ مِن نفوسِها إلى أقصى غايات التّأثير عليها، فإنّ مِمّا نعلمه، ولا يخفى على غيِرنا أنّ القائدَ الّذي يقول للأمّة: "إنّك مظلومةٌ في حقوقك، وإنّني أُريد إيصالَكِ إليها"، يجد منها ما لا يجد مَن يقول لها: "إنّك ضالّةٌ عن أصولِ دينِكِ، وإنّني أُريد هدايتَك"، فذلك تُلبِّيه كُلُّها، وهذا يُقاومه مُعظمُها أو شطرُها. وهذا كُلَّه نعلمه، ولكنّنا اخترنا ما اخترنا لِما ذكرنا وبيَّنا، وإنّنا - فيما اخترناه - بإذن الله لَمَاضون، وعليه مُتوكِّلون" أهـ مِن مقال للعلاّمة السّلفيّ ابن باديس في جريدة "الصِّراط السَّويّ" (رقم15/رمضان - 1352هـ)
النّقل مِن كتاب
اتحاف البرِيّة بفتاوى وأقوال العلماء في صُور المُشاركةِ السِّياسيّة
جمع وترتيب محمّد بن عوض بن عبدالغنيّ المصريّ
دار الاستِقامة ص46
اتحاف البرِيّة بفتاوى وأقوال العلماء في صُور المُشاركةِ السِّياسيّة
جمع وترتيب محمّد بن عوض بن عبدالغنيّ المصريّ
دار الاستِقامة ص46