قال العلامة محمد أمان الجامي –رحمه الله-
وذلك -شهادة أن محمدا رسول الله- يقتضي اتباعه - صلى الله عليه وسلم فيما جاء به وتقتضي- وتعظيم أمره ونهيه - تعظيم أمره بالامتثال وتعظيم نهيه بالانتهاء - ولزوم سنته -المراد بالسنة هنا الطريقة والمنهج والنهج والهدي ليست السنة التي تقابل الواجب ولزوم سنته أي طريقته تشمل هذه السنة ما جاء به رسول الله صلى الله عليه وسلم في الإلهيات وفي النبوات وفي شؤون المعاش أي الأصول، الأصول المتفق عليها بين الأنبياء داخلة في السنة دخولا أوليا ثم ما جاء في العبادة وما جاء في الأحكام وما جاء في السياسة يعني الرسول جاء بالسياسة تساءلوا الرسول جاء بالسياسة نعم السياسة باب من أبواب الفقه باب عظيم وخطير من أبواب الفقه الإسلامي جاء رسول الله صلى الله عليه وسلم بالسياسة الشرعية البناءة من سياسته عليه الصلاة والسلام ارتكاب أخف الضررين عند تعارض الأمور، هذه من الأمور المهمة قيل لرسول الله صلى الله عليه وسلم في شأن المنافقين ألا نقتلهم قال لا لئلا يقال إن محمدا يقتل أصحابه سياسة شرعية حكيمة، الناس من الخارج تسمع في المدينة أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم قد لا يفرقون بين المؤمنين وبين المنافقين لو تتبع المنافقون وقتلوا تكون الشائعة أنه بدأ يقتل أصحابه ويكون ذلك صدا في سبيل الدخول في الإسلام، رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم كيف الناس تتأذى ويؤذي بعضهم بعضا على باب الكعبة العالي وهو باق على ما كان وهمّ على أن يهدم الكعبة ويبني على أساس إبراهيم ويجعل لها بابين باب يُدخل منه وباب يخرج منه لاصق بالأرض ثم قال لولا أن قومك قريبو عهد بإسلام لفعلت ذلك يخاطب عائشة رضي الله عنها. لو فعل النبي صلى الله عليه وسلم ذلك ما الذي يحصل؟ كالذي يحصل لو قتل المنافقين للضرر والضرر باق بالنسبة إلى باب الكعبة العالي لا تزال الناس تركب بعضها فوق ظهور البعض حتى يصعدوا ثم يرمى بعض الناس من هناك ويؤذي بعضهم بعضا في الموسم لكن هذا الضرر أخف الضررين. مثال من أمثلة السياسة -ادرسوا السياسة الشرعية وكفوا عن الخوض في السياسة قبل ذلك لا يجوز أبدا للطالب الصغير الذي لم يدرس السياسة الشرعية الخوض في السياسة الذي يخوض في السياسة وهو لم يدرس ولم يعلم كالذي يقول ليكسر اللغة رأيتُ زيدُ في الطريق يقرأ الكتبَ رأيتُ زيدُ في المسجد لو سمعت مثل هذا تقره تمنعه والآخر يقول التوسل معناه أن تقول أغثني يا سيدي يا فلان وخذ بيدي هذا توسل بالصالحين هل تقره؟ والآخر يقول يأخذ كتابا من كتب الطب القديمة ويسافر في البادية ليصف للناس الوصف الطبي فيقول للمريض يقرأ في الكتاب المجرب أو طب الرحمة فيكتب ليقول شفاءه في الحبة السوداء فاذا هو يكتب شفاؤه في الحية السوداء وقد نقطت الباء من الدباء فأصبحت حية شفاؤه في الحية السوداء أقتلوها فأطعموه هؤلاء يسمون أنصاف وقد أخبر شيخ الإسلام أن فساد الدنيا من هذه الأنصاف، نصف نحوي نصف طبيب ونصف فقيه، ونصف السياسي داخل في نصف الفقيه السياسيون المراهقون اليوم هم الذين يفسدون الدنيا ويبلبلون الأفكار وينشرون الفساد بين الناس لذلك نصيحتنا لشبابنا الابتعاد عن الخوض في السياسة قبل الدراسة فلتدرس السياسة دراسة.
يقول الشارح رحمه الله تعالى: ولزوم سنته -في كل شيء تريد السياسة فالتزم سنة النبي عليه الصلاة والسلام تريد أن تصدر الأحكام فبسنته عليه الصلاة والسلام سنته هي كل شيء الدين في اتباع رسول الله عليه الصلاة والسلام - وأن لا تعارض -سنته- بقول أحد؛ -لا في العقيدة ولا في العبادة ولا في الأحكام ولا في السياسة ولا في الاقتصاد أن لا تعارض سنته عليه الصلاة والسلام بقول أحد هذا يتنافى مع الإيمان بالنبي عليه الصلاة والسلام – لأن غيره صلى الله عليه وسلم يجوز عليه الخطأ، -لا يوجد معصوم بعد رسول الله عليه الصلاة والسلام حتى الصحابة لذلك أفراد الصحابة كلامهم ليس بحجة بعد الخلفاء الراشدين إلا إجماعهم فإجماعهم حجة أما فرد يجب اتباعه وكلامه حجة وفعله حجة واقراره حجة ... لا يوجد بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم - والنبي صلى الله عليه وسلم قد عصمه الله تعالى وأمرنا بطاعته -الطاعة المطلقة لا الطاعة المقيدة فطاعة غيره عليه الصلاة والسلام مقيدة فطاعة الرسول مطلقة عليه الصلاة والسلام - والتأسي به، -وجاء- والوعيد -الشديد- على ترك طاعته بقوله تعالى: {وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْراً أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ} الآية. -ليس هنا اختيار ليس لك أن تختار العقائد أن تختار من العقائد ما تشاء ومن الأحكام ما تريد ومن المذاهب ما تشتهي ومن الجماعات ما تميل إليه إنما الاتباع فقط لا يسعك غير هذا إن كنت مؤمنا { فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجا مما قضيت ويسلموا تسليما } [النساء/65] ما أعظم هذه الآية تسمى آية الامتحان امتحن نفسك وإيمانك بهذه الآية { فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجا مما قضيت ويسلموا تسليما } [النساء/65] لو قبلت أمره وأحكامه وفي نفسك توقف وحرج وعدم انشراح البال وعدم التسليم الكامل اتهم إيمانك سواء صدر الحكم لك أو عليك يجب أن تقبل وتسلم تسليما- وقال: {فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ}. -انتبه الى تفسير الإمام أحمد إمام أهل السنة وقامع البدع هكذا لقبه من عرفوه في وقته - قال الإمام أحمد - رحمه الله تعالى -: أتدري ما الفتنة -في الآية-؟ الفتنة الشرك، لعله إذا رد بعض قوله - عليه الصلاة والسلام - أن يقع في قلبه شيء من الزيغ فيهلك. -والله المستعان-
شرح قرة عيون الموحدين الشريط السابع