بسم الله الرحمن الرحيم
الإختصار في منهج إرشاد صنفين من المخالفين لاتباع سبيل العلماء الأخيار
الإختصار في منهج إرشاد صنفين من المخالفين لاتباع سبيل العلماء الأخيار
أخي –رعاك الله-: عليك بمراعات حال المخاطب، فإن كان المخاطب من العامة البسطاء الذين لا يفهمون اصطلاحات العلماء: بدعة، أهل البدع والأهواء، الجرح والتعديل، الرد على المخالف أصل من أصول أهل السنة.. إلخ.
ولا يدرك عقله تحذيرك من هؤلاء، فمثل هذا عليك أن تعظم شأن العلماء –حقا- في قلبه، وتكثر من ذكر أسمائهم على مسامعه، وتوافه أولا بأول ببعض كتبهم ودروسهم التي تناسب فهمه، وفي نفس الوقت تتغافل تماما عن ذكر هؤلاء الخطباء، وإذا هو أثار الكلام عليهم تشعره بعدم اهتمامك بهم، فلا ترفع لهم رأسا، بل تزهده في الاستماع لهم، فمع مرور الوقت، إذا أراد الله بهذا العبد خيرا، سوف تجده تلقائيا، تضعف همته عن مواصلة التلقي عن هؤلاء الخطباء، بسبب أنك قد استوليت على قلبه بحسن نصحك وتوجيهك ودماثة خلق وإحسانك إليه، فيدرك أنك لم تدع ارشاده إلى هؤلاء إلا لشر فيهم، هذا مع بداية تعلقه بالعلماء، وادركه للفارق الجلي بين طريقة العلماء في عرض المسائل الذي يتسم باليسر والوضوح الموافق للفطرة، وبين طريقة هؤلاء الخطباء الذي يتسم بالعنة واشعار السامع باليأس والعجز عن فعل ما يرمون إليه حيث إن أغلب خطب هؤلاء تتضمن –كما ذكرنا- استعراض خطوب المجتمع والنوازل التي تحل به، مع التهييج على الحكام، مما يعجز العامي عن تغييره، لكن هذا الخطيب يلهب عاطفته، ثم يدعه حيران لا يدري ما هو المطلوب منه!! كما قال الحافظ زين الدين العراقي رحمه الله في كتابه [الباعث على الخلاص من حوادث القصاص]: {ومن آفاتهم: أن يحدثوا كثيرا من العوام بما لا تبلغه عقولهم فيقعون في الاعتقادات السيئة هذا لو كان صحيحا، فكيف إذا كان باطلا ؟! وقال ابن مسعود: ما أنت محدث قوما حديثا لا تبلغه عقولهم إلا كان لبعضهم فتنة، رواه مسلم في مقدمة صحيحه... فلو أمسكوا عن الكلام وآفاته كان خيرا لهم}.
لكن الأمر الذي قد يدعو هذا العامي إلى معاودة الكرة بالاستماع إلى أمثال هؤلاء خطباء هو أنهم يدغدغون عواطفه بطائفة من القصص والحكايات على طريقة القصاص الذين تقدم ذكر تحذير السلف منهم، فيبيت هذا المخدوع كالطفل الذي يتلهى بالقصص والخيالات، ثم يزداد راحة بتفريغ شحنات السخط على الأوضاع القائمة حينما يتعرض هؤلاء الخطباء لغمز وسب الحكام ثم الدعاء عليهم بالإبادة وأن يرمل الله نساءهم وييتم أبناءهم.
وأما إن كان هذا المخاطب ممن ضل سنوات يترنح بين هؤلاء الخطباء وفي نفس الوقت قد نال نصيبا من الانتفاع بالعلماء الكبار، فمثل هذا الصنف يجب معه المصارحة والمكاشفة بالتحذير من هؤلاء، وأن هؤلاء العلماء –الذي هم بشهادته علماء كبار-، قد حذروا من هؤلاء الخطباء بسبب مخالفتهم لبعض الأصول، ووقوعهم في طائفة من الأهواء، هذا مع تدعيمك له بالكتب والدروس التي تبين له منهج أهل السنة في الرد على المخالف ونقد الكتب والرجال والطوائف.
اعلم –رعاك الله- أن دعوتك لهؤلاء هي هداية دلالة وارشاد فحسب، ليس هداية توفيق وسداد، فلست أنت مسؤول عن قبول هؤلاء لتحذيرك من عدمه، فلا تحزن عليهم، ولا تقطع نفسك عليهم حصرات. اهـ
المصدر نقلا من: : الكواشف الجليلة للفروق بين السلفية والدعوات الحزبية البدعية بشرح الشيخ أبي عبدالأعلى خالد عثمان المصري.