فَضْحُ الفِرْقَةِ الحَدَّادِيَّةِ
لفضيلة الشيخ:
أنا أشكُرُ المشايخ –جزاهُمُ اللهُ خيرًا- على بسطِهِم وإتاحة وقت أوسَع فيما يتعلّق بالحديث عن الحدّاديّة لأهمّيّة هذا الموضوع، وتظهر أهمّيّته من وجهين:
• الوجه الأوّل: أنّ هؤلاء يلتصقون بالسُّنّة والآثار، والرّدّ على المُخالِف لدعوة الحقّ كما هُوَ معروف من جهاد عُلَمائنا وسلفنا الصّالِح أنّهم يجتهدونَ في كشف وبيان المُخالِف لدعوة الحقّ ممّن هُوَ أقرب إلى السُّنّة يتظاهر بها أكثر من غيرهم، والنّصوص عنهم في هذا معروفة في مواضعها.
• والوجه الثّاني: أنّه يجبُ تخليصُ وتبرئة السّلفيّة من الفرقة الحدّاديّة، لأنّ كثيرًا من أفعالهم ومن طرائقهم تُنسب إلى السّلفيّة الحقّة وإلى أهل السُّنّة وإلى العُلَماء الرّاسخين؛ إمّا بجهلٍ من المخالفين وإمّا بخُبثٍ وكيدٍ وتواطئ، أن تُنسَب أفعالهم كما نُسبَت حادثة جُهَيْمَان بفعل الإخوان المُسلِمين وهُم أسبابها وهُم مُحرِّكُوها، ومع ذلك سمّى الجُهَيْمَانيُّونَ أنفُسَهم أهل الحديث! وأهل الأثر! كما يفعل الحدّاديّة اليوم! وسمّوا أنفسهم بالسّلفيِّين! وتوالَتْ كتاباتُ الكَتَبَةِ الفَجَرة من إعلاميِّين أو إخوانيِّين وأذنابهم على أنّ السّلفيِّين يقتحمون الحَرَم وأهل الحديث يفعلون تلك الأفعال الشّنيعة، فأجاب بعض علمائنا بجوابٍ عظيمٍ أنّ انتساب هؤلاء إلى السّلفيّة إمّا أنّهم جُهّال لا يعرفون حقيقة الدّعوة السّلفيّة، وإمّا أنّه كيدٌ وخُبثٌ ومكرٌ وتدليس منهم لتشويه هذا الاسم الشّريف وهذه الدّعوة الشّريفَة التي لَقَتْ قَبُولاً في بقاع الدُّنيَا.
واليوم التّاريخ يُعيد نفسَه، وجُلُّ قيادات الحدّاديّة هم من بقايا أتباع جُهَيْمَان الذين اقتحموا ذلك الحرم، اقتحموا حرم الله في الشّهر الحرام واستحلّوا الدّم الحرام وحادثتهم فاجعة القرن وفي أوّل يوم منهُ.
فإذن: يجبُ تكثيف الجهود لكشف حقيقة الحدّاديّة وبراءة الدّعوة السّلفيّة منها.
إنّ لهذه الفرقَة كتبة في مواقع التّواصل الاجتماعيّ في تويتر الفيس بوك وما إلى ذلك فضلاً عن اليوتيوب وعن مواقع الأنترنت الأُخرَى لهُم وجود ولهم بروز، ويُظهرون أنفسهم بالسّلفيّة ويستميتون في إظهار أنفسهم أنّهم الجاميّة، ويتجلّدون في ذكر الآثار في الرّدّ على أعيانٍ كثيرين من أهل الأهواء والبدع، وهؤلاء إن لم تُكشَف حقائقهم ويُبيَّن براءة الدّعوة السّلفيّة منهُم فإنّ ضرر ذلك عظيم.
والمُلفِتُ للنّظر: أنّ مع بقائعهم الكثيرة التي أفادها الشّيخان ويُوجَد في الواقع كثير ممّا لم يُذكَر، أنّهم مع ذلك تجد أنّ الحركيِّين يسبُّونَ جرائم أولئك على السّلفيِّين، فيصفون السّلفيِّين بالغُلاَة ويسكتون عن الغُلاَة الحقيقيِّين وهُم الحدّاديّة! فإذا عرفنا أنّ الحدّاد كان تكفيريًّا وأنّه كان تلميذًا لآل قطب لمحمّد فيما أذكر الآن وغير ذلك من الأمور، ثُمّ رأيناه مُتجلّدا في حربه على السّلفيِّين ويُصنِّف فيهم المُصنّفات ويطعَن فيهم في حواشي الكُتُب؛ وهذا وجه من أوجه خطورتهم أنّهم عمدوا إلى كُتُب السُّنّة التي هي مراجع لأهل السُّنّة النّقيّة عمدوا إليها فأخرجوها وحَشَوْها في حواشيها في أصولهم الفاسدة، وهم عندهم غلوٌّ في شخص محمود الحدّاد، فلا يرون عالمًا إلاّ هو! بل ويُلقِّبونه بإمام أهل السُّنّة! وعندهم غلوّ في حُكم البدعَة سواء من حيث توصيف البدعة أو من حيثُ الحُكم على من وقع في بدعة أو من حيث التّفريق لا يُفرِّقون بين بدعة مُكفِّرة عمليًّا في الأحكام وبين بدعة غير مُكفِّرة.
غلوّهم في الحُكم في القراءة في كتب أهل البدع مع تناقض لهم في ذلك، فعندهم:
أوّلا: خلطٌ في مفهوم ما هي كتب أهل البدع التي نهى السّلف عن قراءتها، فإذا وُجد كتابٌ علميّ يخدم الحديث والقرآن واللّغة وغير ذلك وكان مُصنِّفه قد زلّت قدمه في شيء اعتبروا القراءة في كتاب هذا المُصنِّف وفي هذا المُصنَّف قراءة في كتب أهل البدع مُحرّمة ومن فعلها فهو مُبتدع، فيُركِّبون لا يُفرِّقون بين الكُتُب التي تُصنَّف للبدعة وبين الكُتُب التي صُنِّفت لخدمة فنون وأنواع فروع الشّريعَة مع زَلَل وقع من أصحابها، فهم يعتبرون ذلك كلّه من القراءة في كتب أهل البدع.
ولهذا لمّا فعلوا تلك الأفعال ونُقِلت عنهم الأقوال في وجوب إحراق فتح الباري وإتلافه ونحو ذلك توالت عليهم ضربات أئمّة السُّنّة من الشّام ونجدٍ والحجاز واليَمَن في بيان أنّهم على أولى إن صحّ لو كان كما يقول شيخنا مقبل: لو كان يجوز التّعذيب بالنّار لكان إحراقه أولى من إحراق فتح الباري.
فالشّاهد أنّهم:
• أوّلاً: يغلون فيَعْتَبِرُونَ هذه المُصنّفات هي كتب أهل البدع التي نصّ عليها السّلف.
• ثانيًا: يعتبرون أنّ من نظر فيها فقد ابتدع.
• ثالثًا: يتناقضون.
فإذا بهم بعد ذلك إذا صنّفوا أو نقلوا أو كتبوا أو أرادوا أن يجمعوا في باب ما كما جمع محمود الحدّاد فيما يتعلّق بالحفظ للعلم، وكما جمع ربيبه وطفله الذي ربّاه عادل آل حمدان الغامدي الجدّي في جدّة لمّا جمع أحكام الأطفال والمُعلِّمين والمُتعلِّمين؛ فيجمعون ذلك ويأخذونه من كتب هم موصوفون عندهم بأنّهم من طُغاة وعُتاة أهل البدع! ألا نزّلوا هذا الحكم على أنفسهم وأنّهم بذلك قد صاروا مبتدعة ضُلاّلاً؟
فإذن: غلوّهم في بعض القراءة في كتب أهل البدع احتوى على هذين الأمرين مع تناقض فيه.
ولهم جوانبُ أخرى من الغُلُوّ، فإذن هؤلاء ينبغي أن يُعرَف أنّهم لمّا كانوا فصيلاً من فصائل التّكفيريِّين، فإنّ رائحة الحدّاديّة أنّهم فرقة تكفيريّة لكنّها تستّرت بالأثر والحديث، وهُمْ لا يلزم أن يكون كلّ فرق الحدّاديّة وأصنافهم على قول واحد! حتّى يُقال: ائتني بالحدّاديّ بتعريفٍ جامع مانع لا يدخل فيه غيره ولا يخرج منهُ من هُوَ منه، فهذا غير صحيح وغير (كلمة لم أفهمها) حتّى في توصيف وتصنيف الفرق القديمة والحديثة، فَهُمْ فيما كما أنّ الخوارج فرق كثيرة مُتنازعَة فالحدّاديّة فرقٌ كثيرةٌ مُتنازعَة.
الخوارج أحبطوا الأعمال بكبائر الذّنوب والآثام، وهؤلاء الحدّاديّة أحبطوا الأعمال كلّها بالبدعة يفعلها الرّجل، فعندهم: البدعة الواحدة مُحبطةٌ لجميع الأعمال! كالخوارج في إحباط جميع الأعمال بالكبيرة! فلمّا علمَ أهل البِدع من الحركيِّين قُطبيِّين أو سروريِّين وهم من أفراخ الإخوان المسلمين وفصائلهم؛ لمّا علموا أنّ هذه الفرقة الغاليَة التي شقّت منهم هي أقوى سلاح لضرب دعوة أهل السُّنّة، فهاهُوَ عبد الرّحمن بن عبد الخالق بن يوسف الأب الرّوحيّ لجمعية وكيان إحياء التّراث الإسلاميّ أنّه لمّا وجد هذه البقائع والجرائم من محمود الحدّاد وهو يعرفه ويعرف أنّها أقواله وأفعاله نسبها إلى أشياخ السُّنّة وأئمّة الهُدَى كما كان هُوَ يُعبِّر عن الشّيخ ربيع بقوله: إنِّي أعتقد أنّ الشّيخ ربيعا من أئمّة الهُدَى كما كتبه عبد الرّحمن عبد الخالق نفسه ونشره.
فإذن: ينسب هذه الجرائم إلى المشايخ السّلفيِّين في المدينة النّبويّة! ثُمّ إلى كلّ من عرف معرفتهم بحال هذه الجماعات!
فالحقيقة أيّها الإخوة: أنّ تمركزهم –نعم- نشأوا في السّعوديّة من حيث أنّ الذي أنشأهم هو محمود الحدّاد وهو الذي تظاهر بالآثار وربّى شبابا صغارا أحداثا على ذلك اليوم هم في الأربعينيّان والخمسينيّات من أسنانهم، لهم تواجد مُكثَّفٌ في جُدّة وفي الطّائف وفي الرّياض كمدينة وفي الخرج من الرِّياض وفي القصيم وفي المنطقة الشّرقيّة لأفراخ صغار غدًا سيعودون كبارًا إن لم يُكشَف أمرهم، فإنّهم يتنقّلون وينقلون ما يتعلّق بمذهبهم وأقوالهم بسرّيّة وإلاّ من وثقوا بهِ.
ولهذا وصل إلينا من أخبارهم بعض ما يسّره الله ممّن عرف خُبث طريقتهم، فكانوا يمتحنون في رابغ وفي ينبع وفي المدينة بعض أفراخ المدينة يمتحنون الشّباب بتبديع ابن باز! فإذا بدّعوا ابن باز أتوا به.
وأوّل ما يتظاهرون –أيضا وهذا أمر مُهمّ- أنّ من سماتهم: التّحذير لا من كتب أهل البدع فحسب بغلوّ فيه وإنّما يُحذِّرون من كتب العصريِّين السّلفيِّين فيبدأ بحيلة لطيفة: لا حاجتك لكتب المعاصرين! ابقَ مع كتب السّلف الأوّلين! القرون الثّلاثة!
فَهُمْ يتظاهرون بالعناية بكُتُبِ السّلف تحقيقًا ودراسةً وتدريسًا حتّى أنّ بعضهم في الطّائف كان يقرأ على الشّيخ ابن باز كتاب السُّنّة لابن أبي عاصم ويطعن في الشّيخ ابن باز! ويُضلِّلُهُ ويستهزأ به! فلمّا قيل له: إذًا لمَ تقرأ عليه؟ قال: ليُقيم عليه الحُجّة!!
وهاهُوَ حدّاديٌّ آخر كان يحلف أيمانًا مُغلّظة في جُدّة ويقول: والله ما يعرف هؤلاء المشايخ لا ابن باز ولا ابن فوزان ولا ابن عثيمين هؤلاء عمرهم ما قرؤوا كتب السُّنّة ولا يعرفونها! هؤلاء بعيدون عن كتب السُّنّة لا يعرفونها!
فإذن: عندهم تنفير من الأخذ عن علماء السُّنّة المعاصرين ومن الأخذ من كتبهم والتّزهيد، فكُلّ من سمعتموه أو رأيتموه يُحذِّر ويُزهِّد في كُتُب أئمّة السُّنّة المعاصرين وأشياخها ويستُرُ ذلك بقوله: عليكَ بكتب الأئمّة المُتقدِّمين وكُتُب القرون السّلف الماضين فاعْلَم أنّ هذا منهُم.
أكتفي بهذا، فإن بقيَ لِيَ وقتٌ أضفتُ إليهِ بعدُ ما يشاء الله.اهـ (1)
وفرّغه:/ أبو عبد الرحمن أسامة
18 / شعبان / 1434هـ
18 / شعبان / 1434هـ
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــ
(1)كلمَة للشّيخ الفاضل: عادل منصور -حفظه الله- بعنوان:"فَضْحُ الفِرْقَةِ الحَدَّادِيَّةِ"، وذلك ضمن ندوةٍ علميّةٍ ليلة السّبت 10 / جمادى الأولى / 1434هـ بمشاركة مجموعةٍ من المشايخ الفُضلاء -وفّقهُمُ الله-.
(1)كلمَة للشّيخ الفاضل: عادل منصور -حفظه الله- بعنوان:"فَضْحُ الفِرْقَةِ الحَدَّادِيَّةِ"، وذلك ضمن ندوةٍ علميّةٍ ليلة السّبت 10 / جمادى الأولى / 1434هـ بمشاركة مجموعةٍ من المشايخ الفُضلاء -وفّقهُمُ الله-.
تعليق