الثورات والإسلام
و أما الوحدة فنصوص الكتاب والسنة في وجوبها والتحذير من الفرقة صريحة لا تقبل التأويل، منها قوله تعالى في سورة آل عمران {واعْتَصِمُواْ بِحَبْلِ اللّهِ جَمِيعاً ولاَ تَفَرَّقُواْ واذْكُرُواْ نِعْمَتَ اللّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنتُمْ أَعْدَاء فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُم بِنِعْمَتِهِ إِخْوَاناً وَكُنتُمْ عَلَىَ شَفَا حُفْرَةٍ مِّنَ النَّارِ فَأَنقَذَكُم مِّنْهَا كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ} [الآية :103] ومنها قوله تعالى في سورة الأنعام {إن الَّذِينَ فَرَّقُواْ دِينَهُمْ وكَانُواْ شِيَعاً لَّسْتَ مِنْهُمْ فِي شَيْءٍ إِنَّمَا أَمْرُهُمْ إِلَى اللّهِ ثُمَّ يُنَبِّئُهُم بِمَا كَانُواْ يَفْعَلُونَ} [الآية :159].
و أما الثورة فلا تجوز في الإسلام إلا إذا ارتكب من يتولى الحكم الخيانة الكبرى، وهي الكفر بالله العلني، ومنه استحلال ما حرم الله وتحريم ما أحل الله، وترك الجهاد في سبيل الله، ولا يجوز أن يكون الثائرون متلبسين بالجريمة نفسها، أو عازمين على ارتكابها متى تم لهم الأمر، فتكون الثورة على باطل مثله أو شر منه، مع ما يترتب عليها من إخلال الأمن، وسفك الدماء البريئة، وفتح باب الفتنة، حتى يترحم الناس على الزمان الذي مضى عليهم قبل الثورة.
فمتى توفرت شروطها. وكان رجالها أكفاء مخلصين يريدون بها وجه الله والإصلاح في الأرض، ونصر المظلوم، وكسب المعدوم، فإنها تكلل بالنجاح، ولا تحتاج إلى من يثور عليها فتتسلسل الثورات، وتلك هي الطامة الكبرى، وفي الخبر ( أمير غشوم، خير من فتنة تدوم ).
الجمهورية والإسلام
و أما الجمهورية، فإن الإسلام يأمر بالشورى، ويشترط في الإمام شروطا معلومة، منها العلم والدين، والقدرة على القيام بالأمر، والجهاد في سبيل الله، وحماية حوزة المسلمين، ومتى وجدت هذه الشروط، استقامت الأمور، وسعد الإمام والرعية، رئيسهم ومرؤوسهم، فإن لم تتوفر فأقرب الناس إليها أقربهم من السعادة، والعكس بالعكس. هذا ما أراه واجبا علي من النصيحة لكلا الفريقين المتخاصمين من جمهوريين وملكيين.
أما الوحدة وما معها من الأمور السابقة فكلا الفريقين يدعيها، والمختلف فيه هو طريقها، فمن وجده وجدها. والشدة والعنف والارتجال أمور تتنافى مع الطريق المستقيم الذي يوصل إلى الغاية بسلامة، فعليكم بالرفق، فإن الله يعطي بالرفق ما لا يعطيه بالعنف. وأطيعوا الله ورسوله، ولا تنازعوا فتفشلوا وتذهب ريحكم، واصبروا إن الله مع الصابرين.
المصدر:http://www.alhilali.net/?c=3&p=2&f=60&a=ard
موقع الشيخ تقي الدين الهلالي -رحمه الله-