بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
فهذا مقطع صوتي يبين فيه الشيخ أبو حازم القاهري السلفي - حفظه الله تعالى - موقفنا من الرئيس المصري محمد مرسى - وفقه الله -، وفيه أيضًا تبرئة الشيخ الفاضل محمد بن سعيد رسلان ممن طعن فيه، وحمَّل كلامه ما لا يحتمل.
للاستماع أو التحميل بصيغة إم بي ثري، اضغط هنا.
وقد قام أحد الإخوة - جزاه الله خيرًا - بتفريغ المقطع، ولم أنشط لمراجعته، فليعلم ذلك.
لتحميل التفريغ بصيغة بي دي أف: موقف أهل السنة من الرئيس المصري، وتبرئة الشيخ رسلان من الطعن فيه الشيخ أبي حازم القاهري حفظه الله.pdf
وهذا هو التفريغ:
((الحمد لله رب العالمين، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد يحيي ويميت، وهو على كل شيء قدير، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله صلى الله وسلم وبارك عليه وعلى آله وصحبه أجمعين.
لقد سأل بعض الإخوة عمّا يفعله غير قليل من الإخوة السلفيين من الطعن في الرئيس المصري - وفقه الله تعالى- وسبه وشتمه والوقيعة فيه على الملأ وفي المنتديات وعلى المواقع والشبكات. وذكر السّائل أنهم يتأولون في ذلك كلامًا لفضيلة الشيخ محمد سعيد رسلان - وفقه الله تعالى وحفظه- وسائر مشايخ السنة لا سيما ما وقع في كلامه الأخير في خطبته الأخيرة التي كانت قبل بضعة أيام والتي عُنون لها «الشيعة والمستشار». وقبل الجواب عن هذا، أودّ أن أقدّم بمقدمةٍ تذكيريّة ببيان موقف أهل السنّة والجماعة من الحاكم سواء كان بوصف العموم أو كان في صورة الرئيس المصري - وفقه الله تعالى وألهمه رشده ووقاه شر بطانة السوء -. فموقف أهل السنة والجماعة - كما يعرفه صغار طلبة السلفيين - أنه لا بد من لزوم جماعة الحاكم الممكن والسمع والطاعة له في المعروف وعدم الخروج عليه وشقّ عصا جماعته بأية صورة من الصور. وأن هذه الأمور تظل محفوظة للحاكم ما بقي في دائرة الإسلام مهما بلغ ظلمه وغشمه ومهما بلغت مخالفاته وتجاوزاته طالما أنه ما زال باقيًا في دائرة الإسلام فلا بد من حفظ حقوقه المقررة التي بينتها النصوص وأجمع عليها السلف ودوّنوها في معتقداتهم وكتبهم. وتفصيل هذا قد تعرّضنا له كثيرًا - ولله الحمد- في شرح رسائل السنة وشرح بعض الكتب المنهجيّة التي تناولت ذلك ككتاب «معاملة الحكام» وكتاب «الأمر بلزوم جماعة المسلمين» كلاهما للشيخ العلامة عبد السلام بن برجس -رحمه الله تعالى. وما يحدث في هذه الأيام في مصر، من تقوية المدّ الشيعي لا يسوّغ الخروج عن هذه القاعدة التي تمثّل موقف أهل السنة من الحكام. لو سلّمنا أن هناك تمكينًا للرافضة وتقوية لقلوبهم وشوكتهم في بلاد الإسلام، فهذا لا يعني أن الرئيس قد كفر أو خرج عن ملّة الإسلام أو ساغ الوقوع فيه أو الخروج عليه بأية صورة من الصور. ونحن كثيرًا في تقرير مسائل الحكام ما نتعرض لموقف أهل السنة من خلفاء المحنة الذين تولّوا كبرها وألزموا الناس بها- أعني محنة خلق القرآن. وكان من شأنهم من ذلك ما كان من تمكين المبتدعة الجهميّة والمعتزلة والمتكلمة ومعلوم أن القول بخلق القرآن كفر بإجماع السلف. فالصورة الواقعة إذن صورة تمكين لأناس يقولون كفرًا وينشرون كفرًا، بل يتولى الخلفاء في ذلك أمر أشد وهو امتحان الناس وإلزامهم فنحن نتكلم إذن على صورة هي من أشنع الصور وأقبحها وأشدها خطورة على الإسلام وأمة الإسلام ، ومع ذلك فقد كان موقف أهل السنة وأئمتهم كما هو مقرر معروف : يعرفون حقوق الأئمة ويرون إمارتهم ويلزمون بيعتهم ويعتبرونه ولاة شرعيين ولا يسوغون الخروج عليهم بأية صورة من الصور. وكما هو مقرر: وقوع الكفر لا يستلزم الخروج ولا يوجبه ولا يسوّغه. قوله صلى الله عليه وسلم:«إلا أن تروا كفرًا بواحًا» : ليس المقصود به مجرد وقوع الكفر كما يقوله أهل الضلال ويلزمهم أن يخرجوا على حاكمهم الآن على كل حال لكن ليس المراد ما يقولونه وإنما المراد بدلالة فهم ومنهج السلف وعملهم: كفر الحاكم عينًا. لا بد أن يكفر بعينه، لا بد أن يخرج بعينه عن ملّة الإسلام. فتمكين الرافضة كتمكين الجهمية سواء بسواء، وإن كان الرافضة أعظم شرًا وأشد خطورة على الإسلام وأهله -من أولئك الذين كانوا في القديم- لكن العبرة عندنا ليست بمقدار الشر والخطورة وإنما العبرة بما يخرج المرء عن دائرة الإسلام. فالخلفاء الذين تولوا كبر المحنة قديمًا ومكّنوا للجهمية وولّوهم الوزارات وجعلوهم بطانة لهم يستشيرونهم وينفذون كلمتهم في كل صغيرة وكبيرة وبسببهم قُتل غير واحد من خيار أهل السنة والجماعة ووقعت المحنة واشتدّت البليّة وعظُمت الرزية ومع ذلك كله يعترف الأئمة بولاية هؤلاء الولاة وخلافة هؤلاء الخلفاء ولا يطعنون عليهم ولا يخرجون عليهم بأية صورة من الصور. فلا بد من معرفة هذا - بارك الله فيكم أولاً- مع شدة تألمنا لهذا الواقع الذي يحدث الآن ومع شدة خوفنا على مستقبل الإسلام وأهله في هذا البلد- بناء على قوة المد الرافضي الشيعي فيها وتزايده- إلا أن هذا لا يخرجنا عن طورنا لا يخرجنا عن معتقدنا ومنهجنا. نحن - بحمد الله - أناسٌ أصحاب منهج وأصحاب عقيدة وأصحاب دين لا تستفزنا الحماسات ولا تحرّكنا العواطف. ليس في دين الله عز وجل شيئًا من ذلك أبدًا والقاعدة واحدة: «التعامل مع الحكام واحد» ، كما نعتذر لمبارك نعتذر لمرسي- هكذا صراحة. لأن كثيرًا من الإخوة للأسف - هدانا الله وإياهم- تراهم يعتذرون لمبارك ولا يعتذرون لمرسي. هذا غلط. هذا هوى. هذا هوى في النفس. نحن نكره الإخوان - لا شك - ونعاديهم ونعترف ببطلان منهجهم وعقيدتهم وأنهم من شر أهل البدع في الأرض، ولكن مبارك كان رجلاً صالحًا؟ كان رجلاً خيرًا؟ كان عدلاً قسطًا برًا؟ فالإنصاف الإنصاف عباد الله . ولا يستفزنكم الشيطان حتى لا يخرجكم من ملتكم وعقيدتكم وتقعوا بالبدع والضلالات - نسأل الله السلامة والعافية- . فالقاعدة واحدة والتعامل واحد لا يجوز لنا أن نتناقض ولا أن نتلوّن في دين الله عز وجل ونحن ننكر على المتلونين المتناقضين - فنعوذ بالله أن نكون منهم ونعوذ بالله أن نسلك سبيلهم؛ فهذا لا بد أن نعرفه أولاً. هذه مقدمة لا بد من تصورها وهي واضحة- ولله الحمد- ولكن لغلبة الأهواء واستفزاز العواطف وهذا داء قلّ من ينجو منه. الإنصاف عزيز؛ الإنصاف من أعز الأشياء ومن أندرها ومن أقلها وكذلك الإخلاص والصدق. منهاجنا يحتاج إلى إخلاص ويحتاج إلى صدق ويحتاج إلى تجرد واستعانة بالله عز وجل، وأما إذا ترك المرء لنفسه وهواه فإنه يضلّ - والعياذ بالله-.
ثم نأتي من بعد ذلك إلى قضية الإنكار والنصيحة : كيف يكون كل ذلك؟
أنا- ولله الحمد والمنّة- أفردتُ المسألة بتصنيف وهو «شفاء السقام» وقد أدخلته في تصنيف آخر وهو «النقد على ممدوح جابر» والنقد لا يزال موجودًا لمن أراد الحصول عليه ، فمن أراد معرفة تفصيل المسألة والاطلاع على آثار السلف وأقوال أهل العلم فليرجع إلى هذا الكتاب. وأنا ألخص لكم المسألة الآن: منهج أهل السنة والجماعة أن الإنكار على الحاكم والنصيحة له لا يكون شيء من ذلك إلا سرًا ولا فرق على الصحيح الذي ينبغي القطع به بين النصيحة والإنكار. وأنا تكلمتُ على هذا في الكتاب- المشار إليه- : من فرّق فتفريقه غلط وإنما النصيحة كالإنكار لا بد أن يكون ذلك في السر بنص كلام النبي صلى الله عليه وسلم: «من أراد أن ينصح لسلطان بأمر فليأخذ بيده وليخلُ به، فإن سمع منه وإلا كان أدّى الذي عليه» - أو كما قال عليه الصلاة والسلام وعلى هذا درج السلف. لم يكن من هدي السلف أبدًا الإنكار على الولاة علانية وما وقع من بعضهم في ذلك قد تعرضت عليه تفصيلاً في الكتاب المشار إليه فليرجع إليه من شاء. لكن هدي السلف ومنهج السلف وطريقة السلف أنه لا ينكر على الحاكم علانية أبدًا سواء كان ذلك بصورة الإنكار أم كان بصورة ذكر المثالب والعيوب. يعني إذا أردت أن تنكر يا فلان اتق الله أو على فلان أن يصنع كذا ويترك كذا: هذا إنكار أو هذه نصيحة سواء فعلت هذا أو قمت بذكر المثالب والعيوب: فلانٌ فيه وفيه وفعل وفعل قال وقال على وجه ذكر المثالب والعيوب والنقائص هذا كله لا يجوز أبدًا في دين الله عز وجل ولا في منهج السلف. فمن أراد أن ينصح السلطان بأمر فليخلُ به، لا يجوز أن يتكلم عليه على المنابر ولا في مجامع الناس فضلا عن الكتب والأشرطة والمحاضرات. هذا كله لا يجوز أبدًا وليس من دين الله عز وجل في شيء.هذا فضلاً عن السب والشتم ومعلوم أثر أنس رضي الله عنه وهو أثر صحيح ثابت ، قال : «نهانا كبراؤنا من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم عن سب الأمراء وقالوا اصبروا فإن الأمر قريب». فلا يجوز سب الأمراء ، لا يجوز أن يقال كما ذكر لي السائل أن الرئيس مثلا كذا أنه جبان أو أنه عميل أو أنه كذا. كل هذا لا يجوز أبدًا ؛ ليس من دين الله عز وجل في شيء. فهذا لا بد أن نعرفه صنيع هؤلاء الإخوة صنيع سوء ليس من السنة في شيء وهؤلاء لم يتحققوا بالمنهج وما أراهم درسوا شيئاً من العلم، وما أراهم جلسوا في حلقات المشايخ والعلماء، وما أراهم تحققوا بهذا المنهج على التمام. دعك من هؤلاء لأنه لا شك أننا كأشخاص لسنا معصومين وأننا كطلبة علم أو إخوة أو شباب - قل ما شئت - لا شك أن منّا بل كثير منا من يخطئ وليس صنيعه محسوبًا على المنهج وإنما الإشكال في كلام كبرائنا وشيوخنا ودعاتنا وعلمائنا. عندما يصنع الشاب من الشباب صنعه وخطؤه وينسب ذلك إلى المشايخ عندئذ نقول له توقف والزم حدّك. أن تصنع شيئًا لوحدك أنت مسؤول عن هذا، ليس صنيعك هذا محسوبًا على المنهج ولا على الدعوة لكن أن تخطئ وتخالف المنهج ثم تأتي من بعد ذلك تنسب صنيعك هذا إلى شيخ من الشيوخ أو عالم من العلماء أو داعية من دعاة المنهج؛ فهذا خطير. هذا ما ينبغي أبدًا. فهؤلاء الذين يتأولون كلام الشيخ رسلان ليس لهم في كلامه متعلق البتة. نحن في مقامنا هذا نبرّئ مشايخ السنة - لسنا نتكلم عن شخص الشيخ رسلان وفقه الله تعالى - ولكن نتكلم عمومًا وبما أن كلام طاله خصوصًا فنحن نتكلم عنه خصوصًا . الشيخ - حفظه الله تعالى- ليس في كلامه شيء، ليس في كلامه طعن ولا تنقص ولا وقيعة في الحاكم فضلاً عن التهييج فضلاً عن التثوير فضلا عن الدعوة إلى الخروج فضلا عن السب فضلا عن الشتم هذا كله لا أثر له في كلام الشيخ ونحن نستمع إليه سويًا قام بتفريغه بعض إخواننا.
قال - حفظه الله - بعد خطبة الحاجة : «فقد قدَّم المستشار القانوني لرئيس الجمهورية استقالته، معلنًا قبول الاعتذار عن عدم الاستمرار في العمل لمؤسسة الرئاسة، وقال بعد الديباجة: «ويجب أن يعلم الجميع أن استقالتي ترجع إلى عدة أسباب: أهمها» - وذكر ستة أسباب - ثم قال: «سابعًا: فتح أبواب مصر أمام السياحة الإيرانية، وما ينتج عنه من فتح أبواب تشيع والحسينات والمد الشيعي»- لعلها التشيع كذا وقع في التفريغ يعني-«وإعادة الدولة الفاطمية، وضخ أموال ومصالح إيرانية لخدمة أهدافهم في القضاء على المذهب السني في مصر».
هذا كلام المستشار ، قال الشيخ تعليقًا عليه: «وهذا السبب من أسباب الاستقالة من أكبر الأدلة على صدق التقدير للخطر الشيعي على أهل مصر.
وقد تم تقريره من داخل مؤسسة الحكم نفسها، ولا شك أن لديها من المعرفة والإحاطة بمثل هذه الأمور ما ليس عند غيرها.
وهذا يقيم الحجة على أولئك الذين اعتقدوا أن خطر المد الشيعي على مصر خطر متوهم، أو خطر مبالغ فيه.
وها هو المستشار المستقيل يذكر أن هدف الشيعة هو القضاء على المذهب السني في مصر، وتحويلها إلى دولة شيعية كما حدث مع العبيديين من أتباع عبيد الله بن ميمون القداح اليهودي الذي أعلن الرفضَ، والانتسابَ إلى فاطمة رضي الله عنها، وهي منه ومن الروافض براء.
وتغلَّب العبيديون على مصر وغيرها زاحفين من المغرب، وصارت لهم دولة رافضية خبيثة عُرفت بالدولة الفاطمية، وهي الدولة العبيدية الرافضية التي أسسها اليهودي الذي ترفَّض وتزندق.
قال المستشار المستقيل في أسباب الاستقالة..» ثم أعاد الكلام مرة أخرى، ثم قال الشيخ: «إذن؛ فالأمرُ جِدٌّ لا هَزْلَ فيه، وأمرٌ لا عَبَثَ معه، وعلى أهل السنة في مصر أن ينتبهوا لهذا الخطر وأن يأخذوا حِذْرَهم.
والحق أن فتح أبواب مصر أمام السياحة الإيرانية ليس المصدر الوحيد للخطر الشيعي على مصر، وليس إغلاقها وحده بكافٍ للتصدي لذلك الخطر.
إن الخطر الأكبر في عقيدة الفاتحين للأبواب، وفي موقفهم من الشيعة ودينهم، ولقد كانت مسألة التقريب بين أهل السنة والشيعة من أعظم ما اجترموه، واقترفته أيديهم، وكانوا من أوائل الممهدين لذلك، الداعين إلى إنشاء دور التقريب المزعومة..»، ثم أفاض الشيخ حفظه الله في الكلام على شأن التقريب وذكر شيئًا من معتقدات الرافضة ودينهم إلى آخر كلامه - وفقه الله-.
الإشكال في كلامه - حفظه الله - في موطنين:
الموطن الأول في قوله : «وقد تم تقريره من داخل مؤسسة الحكم نفسها، ولا شك أن لديها من المعرفة والإحاطة بمثل هذه الأمور ما ليس عند غيرها.»
الموطن الثاني في قوله: «إن الخطر الأكبر في عقيدة الفاتحين للأبواب، وفي موقفهم من الشيعة ودينهم.»
وهذا كله لا متعلق فيه لما ذكرته من صنيع الإخوة لا من قريب ولا من بعيد.
فأما الموطن الأول: فهو إخبار عن الواقع لا غير. ماذا يقول الشيخ؟ «وقد تمّ تقريره من داخل مؤسسة الحكم نفسها، ولا شك أن لديها من المعرفة والإحاطة بمثل هذه الأمور ما ليس عند غيرها.» أنت إيش تفهم من هذا الكلام؟ هذا مجرد إخبار . هو يخبرك عن واقع. يقول لك صورة الواقع كذا وكذا. صورة الواقع أن هذا الذي يحدث من الرافضة أو هذا الذي يحدث من دخول الرافضة في البلاد إنما هو بعلم مؤسسة الرئاسة وبمعرفتها، وهل يشك أحد في هذا؟ هل فيه خلاف في هذه الجزئية؟ فهذا من باب الإخبار بالواقع لا أكثر ولا أقل.
الموطن الثاني: ماذا يقول فيه؟ «إن الخطر الأكبر في عقيدة الفاتحين للأبواب، وفي موقفهم من الشيعة ودينهم»: هذا يتكلم فيه عن الإخوان، يتكلم على جماعة الإخوان، وكون الرئيس منهم لا يمنعنا من نقدهم. ولا بد هنا أن نوضح مسألة في غاية من الأهمية. لا بد أن نفرق بارك الله فيكم في مسألتين بين أمرين:
المسألة الأولى : إنكار المنكر العام
نحن ذكرنا آنفًا أن منهج أهل السنة بالنسبة للحاكم هو ماذا؟ أنه لا ينصح إلا سرًا ولا ينكر عليه إلا سرًا هذا في خاصة نفسه. هذا في خاصة نفسه. وأما في المنكر الذي يعم بين المسلمين وينتشر بينهم فلا بد من إنكاره وبيانه والتحذير منه وعلى هذا أيضًا درج السلف. وهنا تأتي العمومات التي يستدل بها الخوارج في غير موطنها. هنا تأتي العمومات: عمومات الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، عمومات النصيحة، عمومات بيان الحق والتحذير من الباطل. فنحن ننكر المنكر عمومًا: ننكر الزنا، ننكر الربا، ننكر العري والفساد، ننكر تسلط الكفار، ننكر ما يفعله النصارى من المخالفات- هذا لا بد منه-. لا بد أن نفرق- في مقامنا هذا-بين إنكار المنكر العام وبين الإنكار على الحاكم . الإنكار على الحاكم لا يكون إلا سرًا، وأما الانكار المنكر العام فلا بد أن يكون علنًا. الإشكال عند الأخوة هنا في نقطة : وهي ماذا؟ طيب المنكر العام من الذي أقره؟ ومن الذي سمح به؟ إنه الحاكم. فيقولون إنكار المنكر العام فيه إيماء إلى الحاكم. نقول وماذا نصنع؟ هذا الأمر ليس معتبرًا عند أئمة السلف. هذا الإيماء لا اعتبار به ولا التفات إليه، لماذا؟ لأن السلف لم يزالوا يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر، ولم يزل يقوم بذلك أهل العلم ولم يزالوا يبينون ذلك في كلامهم وفتاويهم مع أنه لا بد أن يكون هناك إيماء للرئيس. نفهم من هذا الكلام أننا لا ننكر الزنا؟ ولا ننكر الربا؟ من الذي يسمح بالتعاملات الربوية؟ أليس الرئيس؟ طيب إذن لا ننكر الربا؟ فهذا غلط -بارك الله فيكم- لا بد أن يكون عندنا فرقان، ولا بد أن يكون عندنا تمييز. فإنكار المنكر العام وإن كان فيه إيماء إلى الحاكم لا بد منه وهذا الإيماء لا اعتبار به عند أهل السنة أبدًا ولو كان عنده اعتبار لما أمرنا بمعروف ولما نهينا عن منكر، لأن جميع المنكرات التي تتفشى بين المسلمين إنما هي بعلم الحاكم. صحيح ولا لا؟ هذه هي المسألة الأولى.
المسألة الثانية: لا بد أن نفرق بين الطائفة والمعيّن.
الحاكم معيّن ينتسب إلى طائفة مبتدعة لا نخلط بين الأمرين في الإنكار. الحاكم إخواني- مثلا- ينتسب إلى طائفة الإخوان. ليس معنى أننا لا ننكر عليه أننا لا ننكر على الإخوان، وليس معنى إنكارنا على الإخوان أن ننكر عليه. واضح الكلام ولا لا؟ يبقى الإخوة عندهم تحاشي: يقول والله طيب الرئيس الآن من الإخوان إذن لا نتكلم في الإخوان. وأي كلام في الإخوان سيُفهم منه الطعن في الرئيس. هذا غلط. طيب ما الدليل؟ بماذا نستشهد في مقامنا هذا؟ نستشهد بصنيع السلف. لا بد أن نعود إلى قضية المحنة ونصدر عنها . الخلفاء استعانوا بمن ؟ بجهمية بمعتزلة بمتكلمة. السلف سكتوا عن الجهمية؟ سكتوا عن المعتزلة؟ أجيبوا يا جماعة. بل ألم يتكلموا في نفس الأشخاص الذين كان الخلفاء يستعينون بهم؟ ألم يتكلموا في ابن أبي دؤاد؟ ألم يتكلموا في المريسي؟ صحيح ولا لا؟ إذن لا نخلط -بارك الله فيكم-.
الحاكم المعين هذا شيء وأما الجماعة أو الطائفة أو غير ذلك هذا شيء آخر تمامًا. فليس معنى لزومنا لطاعة الحاكم أننا نلزم طاعة الإخوان. بيعتنا للرئيس ليست بيعة للإخوان. عدم إنكارنا علانية إنما هو في شأن الرئيس ليس في شأن الإخوان، فإذا أنكر واحدٌ منا على الإخوان -سواء كان شيخًا أم عالمًا أم طالب علم أم غير ذلك- فهذا لا يتناول الرئيس من قريب ولا من بعيد. فُهم الإيماء، فُهم التعريض، فُهم كذا، ليفهم من شاء ما شاء، واضح؟ فلا بد أن يكون عندنا فرقان، ولا بد أن ننظر في الأشياء التي لا اعتبار بها عند أهل السنة والجماعة والتي يؤدي اعتبارها إلى مفاسد كبيرة وتضييع لكثير من الواجبات. فهذا كلام الشيخ - حفظه الله تعالى- ترون فيه وقيعة؟ ترون فيه سبًا أو طعناً أو تنقصًا؟ فضلاً عن التهييج؟ فضلاً عن التثبيط؟ لكن أصحاب الأهواء هكذا شأنهم من الإخوة من يكره الرئيس هذا صحيح ولا لا؟ من الإخوة من يكره الرئيس، والإخوان سيفعلون والإخوان سيفعلون والإخوان... طيب يا أخي، المنهج ماذا تعلمتَ منه؟ أليس في المنهج «كما تكونوا يولى عليكم» ؟ أليس في المنهج «من أعمالكم سُلط عليكم» ؟ أليس في المنهج ( أعمالكم عمالكم»؟ أليس في كتاب الله تعالى {وكذلك نولي بعض الظالمين بعضًا بما كانوا يكسبون } ؟ فالأخ من الإخوة- ما شاء الله -بريء ليس عنده تقصير وليس عنده ذنوب، إذن أنا لا أستحق أن يتولى عليَّ إخواني. ما شاء الله! أنت تعارض كتاب الله عز وجل، فأصلح نفسك واشتغل بها وأقبل على ربك بالتوبة والإنابة بدلاً من هذا الذي تصنعه. ألم نكن ننكر هذا على المخالفين؟ ألم نكن نقول هذا؟ مش كنا بنقول يا جماعة بدل ما تخرجوا وتقولوا إعتصامات ومظاهرات وثورات ارجعوا إلى ربكم بالتوبة. ألم نكن نذكر قول الحسن : «إن جَور الملوك نقمة من نقم الله تعالى وإن نقم الله لا تُستدفع بالسيف ولكن تُستدفع بالتوبة والإنابة». هذا كنا نقوله من قبل، طيب لماذا لا نعمل به الآن؟ فنحن عندنا تقصير، وعندنا ذنوب، وعندنا غفلة وتفريط. فبدلاً من أن نرجع إلى أنفسنا، ننفّس في المنتديات والفيس بوك هذا يعني أنا أكرهه لله ما أحبه أصلاً وما أزداد فيه كل يوم إلا بصيرة من كلام الإخوة والله. أخرج أنا على «الفيس بوك» وأقول وأشتم وألعن وكذا وأنا أنبهكم إلى أمر مهم جدًا. ما يدريك لعلّ الذي يشترك معك علماني. أنت شايف معاك على الشبكة دا؟ وبيدخلوا بأسماء مجهولة وأسماء مستعارة. فأنت مثلا داخل شخص وهو عارف أنه أنت سلفي ولاقيك ما شاء الله بتشتم في الرئيس يعني على قدر ما تستطيع يقوم هو يدخل ويستكثر بك ويستشهد بك وهو علماني. هو معادٍ للرئيس أصلا! فأنت ماذا صنعت أيها المسكين؟ قويت هؤلاء. قويت قلوبهم وما شاء الله كله يدخل ويعلق ويصنع كذا ويصنع كذا. حتى قال لي بعض الإخوة (أن) بعض الإخوة السلفيين- للأسف- يسجلون على صفحات ما أدري يعني صفحات يعني فيها تقريبًا إشادة بالرئيس السابق مثلا يعني شيء من هذا القبيل طيب. هل يصلح هذا؟ يصلح هذا.
الله المستعان، الله المستعان.
فبارك الله فيكم، علماء السنة ومشايخ السنة بريئون من الوقيعة في الحكام. كلام الشيخ لا شيء فيه -إن شاء الله تعالى- ولا حرج فيه أبدًا ولا ينبغي لأحد أن ينتقده. يعني في المقابل شوف الصنيع اللي أنا ذكرته. طيب في المقابل من الناحية التانية: المخالفون -ما شاء الله- كما حدثني الإخوة: انظر الشيخ رسلان ماذا يقول، وأنتم بتقولوا الإنكار على الحاكم وبتقولوا وبتقولوا، شوفوا الشيخ بتاعكم ماذا قال.
يا جهلة، يا جهلة ، وهذا الكلام فيه شيء؟ طيب مثلا إحنا نعكس عليهم القضية. طيب أنتم تؤمنون بشرعية الإنكار العلنية على الحكام، فما شأنكم لا تنكرون عليهم؟ مش هذا واجب وأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والجهاد في سبيل الله وضده سلبية وتخاذل وكذا؟ طيب -ما شاء الله- أين سيوفكم؟ أين ألسنتكم؟ أين أقلامكم؟ أين كل هذا؟ ولا هتعملوا زي حُرقوص؟ عارفين حُرقوص؟ لما طلع وقال إيه يعني الشيعة ماحنا عندنا نصارى. ما شاء الله، ما شاء الله . هذا مستغنٍ بحكايته عن ربه. واضح؟ فبارك الله فيكم، هكذا صنيع أهل الأهواء. فالانسان يبرأ من الهوى ويتجرد لله سبحانه وتعالى، ويكون عنده إنصاف وصدق، وتأصيل حقيقي في المنهج.
ولهذا في ختام هذه الكلمة أنا أنصح إخواني بضرورة التعلم والله يا إخوان- وهذه الكلمة مسجلة على الموقع أيضًا- لا يؤتى إلا من الفراغ والبطالة. يعني هؤلاء الذين ما شاء الله عندهم وقت يجلسون بالساعات على الشبكات والفيس وكذا وما أدري هذه الأشياء . يا أخي اقرأ كتابًا، اسمع شريطًا ، اقرأ شيئا من كتاب الله، احفظ شيئًا من حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم. ما هذه الأشياء؟ ما شاء الله عندك وقت والله لو كان الوقت يُشترى لاشتريت وقتك! لاشتريته بمال الدنيا كلها لأنه لا يقدّر نعمة ما هو فيه، ماذا يقول النبي عليه الصلاة والسلام ؟ «نعمتان مغبون فيهما كثيرٌ من الناس : الصحة والفراغ». والقاعدة كما قال السلف: «نفسك إن لم تشغلها بالحق، شغلتك بالباطل».
فأنا أنصح إخواني أنصح جميع ما يصل إليهم هذا الكلام أن يقبلوا على ربهم، وأن ينشغلوا بأنفسهم ويطلبوا العلم، ويحافظوا على ذكر الله عز وجل، ويزهدوا في الدنيا . والله الدنيا ما لها أية قيمة يا أخوة. الدنيا أهون عند الله من جناح بعوضة، فكيف تعزّ عليك أنت، وكيف تحرص عليها، وكيف تشتغل بها فالانسان يشتغل بما يعمر آخرته.
أنا أسأل هذا الاخ سؤالا: هذا الذي تكتبه على الصفحات يفيدك في الآخرة؟ يثقل ميزانك؟ ينفعك عند الله عز وجل؟ الانسان أحوج ما يكون بحاجة إلى حسنة واحدة لعلّها ترجح الكفة، لعلها تدخلك الجنة إن شاء الله تعالى، فبدل ما تقول جبان مثلا في حق الرئيس وكذا قل لا إله إلا الله مثلا اذكر الله. قل كلمة طيبة مر بمعروف وانه عن منكر والكلمة الطيبة صدقة. هذا هو ما أنصح نفسي وإخواني، وأما الانشغال بهذه الأشياء ففضلاً أنه لا فائدة فيه يجلب ضررا كثيرًا وشرا كبيرا فنحن في غنى ونحن في غناء عن كل هذه الأشياء. أسأل الله عز وجل أن يبصرنا بالحق وأن يقينا شر أنفسنا إنه ولي ذلك والقادر عليه.)) اهـ.
((الحمد لله رب العالمين، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد يحيي ويميت، وهو على كل شيء قدير، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله صلى الله وسلم وبارك عليه وعلى آله وصحبه أجمعين.
لقد سأل بعض الإخوة عمّا يفعله غير قليل من الإخوة السلفيين من الطعن في الرئيس المصري - وفقه الله تعالى- وسبه وشتمه والوقيعة فيه على الملأ وفي المنتديات وعلى المواقع والشبكات. وذكر السّائل أنهم يتأولون في ذلك كلامًا لفضيلة الشيخ محمد سعيد رسلان - وفقه الله تعالى وحفظه- وسائر مشايخ السنة لا سيما ما وقع في كلامه الأخير في خطبته الأخيرة التي كانت قبل بضعة أيام والتي عُنون لها «الشيعة والمستشار». وقبل الجواب عن هذا، أودّ أن أقدّم بمقدمةٍ تذكيريّة ببيان موقف أهل السنّة والجماعة من الحاكم سواء كان بوصف العموم أو كان في صورة الرئيس المصري - وفقه الله تعالى وألهمه رشده ووقاه شر بطانة السوء -. فموقف أهل السنة والجماعة - كما يعرفه صغار طلبة السلفيين - أنه لا بد من لزوم جماعة الحاكم الممكن والسمع والطاعة له في المعروف وعدم الخروج عليه وشقّ عصا جماعته بأية صورة من الصور. وأن هذه الأمور تظل محفوظة للحاكم ما بقي في دائرة الإسلام مهما بلغ ظلمه وغشمه ومهما بلغت مخالفاته وتجاوزاته طالما أنه ما زال باقيًا في دائرة الإسلام فلا بد من حفظ حقوقه المقررة التي بينتها النصوص وأجمع عليها السلف ودوّنوها في معتقداتهم وكتبهم. وتفصيل هذا قد تعرّضنا له كثيرًا - ولله الحمد- في شرح رسائل السنة وشرح بعض الكتب المنهجيّة التي تناولت ذلك ككتاب «معاملة الحكام» وكتاب «الأمر بلزوم جماعة المسلمين» كلاهما للشيخ العلامة عبد السلام بن برجس -رحمه الله تعالى. وما يحدث في هذه الأيام في مصر، من تقوية المدّ الشيعي لا يسوّغ الخروج عن هذه القاعدة التي تمثّل موقف أهل السنة من الحكام. لو سلّمنا أن هناك تمكينًا للرافضة وتقوية لقلوبهم وشوكتهم في بلاد الإسلام، فهذا لا يعني أن الرئيس قد كفر أو خرج عن ملّة الإسلام أو ساغ الوقوع فيه أو الخروج عليه بأية صورة من الصور. ونحن كثيرًا في تقرير مسائل الحكام ما نتعرض لموقف أهل السنة من خلفاء المحنة الذين تولّوا كبرها وألزموا الناس بها- أعني محنة خلق القرآن. وكان من شأنهم من ذلك ما كان من تمكين المبتدعة الجهميّة والمعتزلة والمتكلمة ومعلوم أن القول بخلق القرآن كفر بإجماع السلف. فالصورة الواقعة إذن صورة تمكين لأناس يقولون كفرًا وينشرون كفرًا، بل يتولى الخلفاء في ذلك أمر أشد وهو امتحان الناس وإلزامهم فنحن نتكلم إذن على صورة هي من أشنع الصور وأقبحها وأشدها خطورة على الإسلام وأمة الإسلام ، ومع ذلك فقد كان موقف أهل السنة وأئمتهم كما هو مقرر معروف : يعرفون حقوق الأئمة ويرون إمارتهم ويلزمون بيعتهم ويعتبرونه ولاة شرعيين ولا يسوغون الخروج عليهم بأية صورة من الصور. وكما هو مقرر: وقوع الكفر لا يستلزم الخروج ولا يوجبه ولا يسوّغه. قوله صلى الله عليه وسلم:«إلا أن تروا كفرًا بواحًا» : ليس المقصود به مجرد وقوع الكفر كما يقوله أهل الضلال ويلزمهم أن يخرجوا على حاكمهم الآن على كل حال لكن ليس المراد ما يقولونه وإنما المراد بدلالة فهم ومنهج السلف وعملهم: كفر الحاكم عينًا. لا بد أن يكفر بعينه، لا بد أن يخرج بعينه عن ملّة الإسلام. فتمكين الرافضة كتمكين الجهمية سواء بسواء، وإن كان الرافضة أعظم شرًا وأشد خطورة على الإسلام وأهله -من أولئك الذين كانوا في القديم- لكن العبرة عندنا ليست بمقدار الشر والخطورة وإنما العبرة بما يخرج المرء عن دائرة الإسلام. فالخلفاء الذين تولوا كبر المحنة قديمًا ومكّنوا للجهمية وولّوهم الوزارات وجعلوهم بطانة لهم يستشيرونهم وينفذون كلمتهم في كل صغيرة وكبيرة وبسببهم قُتل غير واحد من خيار أهل السنة والجماعة ووقعت المحنة واشتدّت البليّة وعظُمت الرزية ومع ذلك كله يعترف الأئمة بولاية هؤلاء الولاة وخلافة هؤلاء الخلفاء ولا يطعنون عليهم ولا يخرجون عليهم بأية صورة من الصور. فلا بد من معرفة هذا - بارك الله فيكم أولاً- مع شدة تألمنا لهذا الواقع الذي يحدث الآن ومع شدة خوفنا على مستقبل الإسلام وأهله في هذا البلد- بناء على قوة المد الرافضي الشيعي فيها وتزايده- إلا أن هذا لا يخرجنا عن طورنا لا يخرجنا عن معتقدنا ومنهجنا. نحن - بحمد الله - أناسٌ أصحاب منهج وأصحاب عقيدة وأصحاب دين لا تستفزنا الحماسات ولا تحرّكنا العواطف. ليس في دين الله عز وجل شيئًا من ذلك أبدًا والقاعدة واحدة: «التعامل مع الحكام واحد» ، كما نعتذر لمبارك نعتذر لمرسي- هكذا صراحة. لأن كثيرًا من الإخوة للأسف - هدانا الله وإياهم- تراهم يعتذرون لمبارك ولا يعتذرون لمرسي. هذا غلط. هذا هوى. هذا هوى في النفس. نحن نكره الإخوان - لا شك - ونعاديهم ونعترف ببطلان منهجهم وعقيدتهم وأنهم من شر أهل البدع في الأرض، ولكن مبارك كان رجلاً صالحًا؟ كان رجلاً خيرًا؟ كان عدلاً قسطًا برًا؟ فالإنصاف الإنصاف عباد الله . ولا يستفزنكم الشيطان حتى لا يخرجكم من ملتكم وعقيدتكم وتقعوا بالبدع والضلالات - نسأل الله السلامة والعافية- . فالقاعدة واحدة والتعامل واحد لا يجوز لنا أن نتناقض ولا أن نتلوّن في دين الله عز وجل ونحن ننكر على المتلونين المتناقضين - فنعوذ بالله أن نكون منهم ونعوذ بالله أن نسلك سبيلهم؛ فهذا لا بد أن نعرفه أولاً. هذه مقدمة لا بد من تصورها وهي واضحة- ولله الحمد- ولكن لغلبة الأهواء واستفزاز العواطف وهذا داء قلّ من ينجو منه. الإنصاف عزيز؛ الإنصاف من أعز الأشياء ومن أندرها ومن أقلها وكذلك الإخلاص والصدق. منهاجنا يحتاج إلى إخلاص ويحتاج إلى صدق ويحتاج إلى تجرد واستعانة بالله عز وجل، وأما إذا ترك المرء لنفسه وهواه فإنه يضلّ - والعياذ بالله-.
ثم نأتي من بعد ذلك إلى قضية الإنكار والنصيحة : كيف يكون كل ذلك؟
أنا- ولله الحمد والمنّة- أفردتُ المسألة بتصنيف وهو «شفاء السقام» وقد أدخلته في تصنيف آخر وهو «النقد على ممدوح جابر» والنقد لا يزال موجودًا لمن أراد الحصول عليه ، فمن أراد معرفة تفصيل المسألة والاطلاع على آثار السلف وأقوال أهل العلم فليرجع إلى هذا الكتاب. وأنا ألخص لكم المسألة الآن: منهج أهل السنة والجماعة أن الإنكار على الحاكم والنصيحة له لا يكون شيء من ذلك إلا سرًا ولا فرق على الصحيح الذي ينبغي القطع به بين النصيحة والإنكار. وأنا تكلمتُ على هذا في الكتاب- المشار إليه- : من فرّق فتفريقه غلط وإنما النصيحة كالإنكار لا بد أن يكون ذلك في السر بنص كلام النبي صلى الله عليه وسلم: «من أراد أن ينصح لسلطان بأمر فليأخذ بيده وليخلُ به، فإن سمع منه وإلا كان أدّى الذي عليه» - أو كما قال عليه الصلاة والسلام وعلى هذا درج السلف. لم يكن من هدي السلف أبدًا الإنكار على الولاة علانية وما وقع من بعضهم في ذلك قد تعرضت عليه تفصيلاً في الكتاب المشار إليه فليرجع إليه من شاء. لكن هدي السلف ومنهج السلف وطريقة السلف أنه لا ينكر على الحاكم علانية أبدًا سواء كان ذلك بصورة الإنكار أم كان بصورة ذكر المثالب والعيوب. يعني إذا أردت أن تنكر يا فلان اتق الله أو على فلان أن يصنع كذا ويترك كذا: هذا إنكار أو هذه نصيحة سواء فعلت هذا أو قمت بذكر المثالب والعيوب: فلانٌ فيه وفيه وفعل وفعل قال وقال على وجه ذكر المثالب والعيوب والنقائص هذا كله لا يجوز أبدًا في دين الله عز وجل ولا في منهج السلف. فمن أراد أن ينصح السلطان بأمر فليخلُ به، لا يجوز أن يتكلم عليه على المنابر ولا في مجامع الناس فضلا عن الكتب والأشرطة والمحاضرات. هذا كله لا يجوز أبدًا وليس من دين الله عز وجل في شيء.هذا فضلاً عن السب والشتم ومعلوم أثر أنس رضي الله عنه وهو أثر صحيح ثابت ، قال : «نهانا كبراؤنا من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم عن سب الأمراء وقالوا اصبروا فإن الأمر قريب». فلا يجوز سب الأمراء ، لا يجوز أن يقال كما ذكر لي السائل أن الرئيس مثلا كذا أنه جبان أو أنه عميل أو أنه كذا. كل هذا لا يجوز أبدًا ؛ ليس من دين الله عز وجل في شيء. فهذا لا بد أن نعرفه صنيع هؤلاء الإخوة صنيع سوء ليس من السنة في شيء وهؤلاء لم يتحققوا بالمنهج وما أراهم درسوا شيئاً من العلم، وما أراهم جلسوا في حلقات المشايخ والعلماء، وما أراهم تحققوا بهذا المنهج على التمام. دعك من هؤلاء لأنه لا شك أننا كأشخاص لسنا معصومين وأننا كطلبة علم أو إخوة أو شباب - قل ما شئت - لا شك أن منّا بل كثير منا من يخطئ وليس صنيعه محسوبًا على المنهج وإنما الإشكال في كلام كبرائنا وشيوخنا ودعاتنا وعلمائنا. عندما يصنع الشاب من الشباب صنعه وخطؤه وينسب ذلك إلى المشايخ عندئذ نقول له توقف والزم حدّك. أن تصنع شيئًا لوحدك أنت مسؤول عن هذا، ليس صنيعك هذا محسوبًا على المنهج ولا على الدعوة لكن أن تخطئ وتخالف المنهج ثم تأتي من بعد ذلك تنسب صنيعك هذا إلى شيخ من الشيوخ أو عالم من العلماء أو داعية من دعاة المنهج؛ فهذا خطير. هذا ما ينبغي أبدًا. فهؤلاء الذين يتأولون كلام الشيخ رسلان ليس لهم في كلامه متعلق البتة. نحن في مقامنا هذا نبرّئ مشايخ السنة - لسنا نتكلم عن شخص الشيخ رسلان وفقه الله تعالى - ولكن نتكلم عمومًا وبما أن كلام طاله خصوصًا فنحن نتكلم عنه خصوصًا . الشيخ - حفظه الله تعالى- ليس في كلامه شيء، ليس في كلامه طعن ولا تنقص ولا وقيعة في الحاكم فضلاً عن التهييج فضلاً عن التثوير فضلا عن الدعوة إلى الخروج فضلا عن السب فضلا عن الشتم هذا كله لا أثر له في كلام الشيخ ونحن نستمع إليه سويًا قام بتفريغه بعض إخواننا.
قال - حفظه الله - بعد خطبة الحاجة : «فقد قدَّم المستشار القانوني لرئيس الجمهورية استقالته، معلنًا قبول الاعتذار عن عدم الاستمرار في العمل لمؤسسة الرئاسة، وقال بعد الديباجة: «ويجب أن يعلم الجميع أن استقالتي ترجع إلى عدة أسباب: أهمها» - وذكر ستة أسباب - ثم قال: «سابعًا: فتح أبواب مصر أمام السياحة الإيرانية، وما ينتج عنه من فتح أبواب تشيع والحسينات والمد الشيعي»- لعلها التشيع كذا وقع في التفريغ يعني-«وإعادة الدولة الفاطمية، وضخ أموال ومصالح إيرانية لخدمة أهدافهم في القضاء على المذهب السني في مصر».
هذا كلام المستشار ، قال الشيخ تعليقًا عليه: «وهذا السبب من أسباب الاستقالة من أكبر الأدلة على صدق التقدير للخطر الشيعي على أهل مصر.
وقد تم تقريره من داخل مؤسسة الحكم نفسها، ولا شك أن لديها من المعرفة والإحاطة بمثل هذه الأمور ما ليس عند غيرها.
وهذا يقيم الحجة على أولئك الذين اعتقدوا أن خطر المد الشيعي على مصر خطر متوهم، أو خطر مبالغ فيه.
وها هو المستشار المستقيل يذكر أن هدف الشيعة هو القضاء على المذهب السني في مصر، وتحويلها إلى دولة شيعية كما حدث مع العبيديين من أتباع عبيد الله بن ميمون القداح اليهودي الذي أعلن الرفضَ، والانتسابَ إلى فاطمة رضي الله عنها، وهي منه ومن الروافض براء.
وتغلَّب العبيديون على مصر وغيرها زاحفين من المغرب، وصارت لهم دولة رافضية خبيثة عُرفت بالدولة الفاطمية، وهي الدولة العبيدية الرافضية التي أسسها اليهودي الذي ترفَّض وتزندق.
قال المستشار المستقيل في أسباب الاستقالة..» ثم أعاد الكلام مرة أخرى، ثم قال الشيخ: «إذن؛ فالأمرُ جِدٌّ لا هَزْلَ فيه، وأمرٌ لا عَبَثَ معه، وعلى أهل السنة في مصر أن ينتبهوا لهذا الخطر وأن يأخذوا حِذْرَهم.
والحق أن فتح أبواب مصر أمام السياحة الإيرانية ليس المصدر الوحيد للخطر الشيعي على مصر، وليس إغلاقها وحده بكافٍ للتصدي لذلك الخطر.
إن الخطر الأكبر في عقيدة الفاتحين للأبواب، وفي موقفهم من الشيعة ودينهم، ولقد كانت مسألة التقريب بين أهل السنة والشيعة من أعظم ما اجترموه، واقترفته أيديهم، وكانوا من أوائل الممهدين لذلك، الداعين إلى إنشاء دور التقريب المزعومة..»، ثم أفاض الشيخ حفظه الله في الكلام على شأن التقريب وذكر شيئًا من معتقدات الرافضة ودينهم إلى آخر كلامه - وفقه الله-.
الإشكال في كلامه - حفظه الله - في موطنين:
الموطن الأول في قوله : «وقد تم تقريره من داخل مؤسسة الحكم نفسها، ولا شك أن لديها من المعرفة والإحاطة بمثل هذه الأمور ما ليس عند غيرها.»
الموطن الثاني في قوله: «إن الخطر الأكبر في عقيدة الفاتحين للأبواب، وفي موقفهم من الشيعة ودينهم.»
وهذا كله لا متعلق فيه لما ذكرته من صنيع الإخوة لا من قريب ولا من بعيد.
فأما الموطن الأول: فهو إخبار عن الواقع لا غير. ماذا يقول الشيخ؟ «وقد تمّ تقريره من داخل مؤسسة الحكم نفسها، ولا شك أن لديها من المعرفة والإحاطة بمثل هذه الأمور ما ليس عند غيرها.» أنت إيش تفهم من هذا الكلام؟ هذا مجرد إخبار . هو يخبرك عن واقع. يقول لك صورة الواقع كذا وكذا. صورة الواقع أن هذا الذي يحدث من الرافضة أو هذا الذي يحدث من دخول الرافضة في البلاد إنما هو بعلم مؤسسة الرئاسة وبمعرفتها، وهل يشك أحد في هذا؟ هل فيه خلاف في هذه الجزئية؟ فهذا من باب الإخبار بالواقع لا أكثر ولا أقل.
الموطن الثاني: ماذا يقول فيه؟ «إن الخطر الأكبر في عقيدة الفاتحين للأبواب، وفي موقفهم من الشيعة ودينهم»: هذا يتكلم فيه عن الإخوان، يتكلم على جماعة الإخوان، وكون الرئيس منهم لا يمنعنا من نقدهم. ولا بد هنا أن نوضح مسألة في غاية من الأهمية. لا بد أن نفرق بارك الله فيكم في مسألتين بين أمرين:
المسألة الأولى : إنكار المنكر العام
نحن ذكرنا آنفًا أن منهج أهل السنة بالنسبة للحاكم هو ماذا؟ أنه لا ينصح إلا سرًا ولا ينكر عليه إلا سرًا هذا في خاصة نفسه. هذا في خاصة نفسه. وأما في المنكر الذي يعم بين المسلمين وينتشر بينهم فلا بد من إنكاره وبيانه والتحذير منه وعلى هذا أيضًا درج السلف. وهنا تأتي العمومات التي يستدل بها الخوارج في غير موطنها. هنا تأتي العمومات: عمومات الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، عمومات النصيحة، عمومات بيان الحق والتحذير من الباطل. فنحن ننكر المنكر عمومًا: ننكر الزنا، ننكر الربا، ننكر العري والفساد، ننكر تسلط الكفار، ننكر ما يفعله النصارى من المخالفات- هذا لا بد منه-. لا بد أن نفرق- في مقامنا هذا-بين إنكار المنكر العام وبين الإنكار على الحاكم . الإنكار على الحاكم لا يكون إلا سرًا، وأما الانكار المنكر العام فلا بد أن يكون علنًا. الإشكال عند الأخوة هنا في نقطة : وهي ماذا؟ طيب المنكر العام من الذي أقره؟ ومن الذي سمح به؟ إنه الحاكم. فيقولون إنكار المنكر العام فيه إيماء إلى الحاكم. نقول وماذا نصنع؟ هذا الأمر ليس معتبرًا عند أئمة السلف. هذا الإيماء لا اعتبار به ولا التفات إليه، لماذا؟ لأن السلف لم يزالوا يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر، ولم يزل يقوم بذلك أهل العلم ولم يزالوا يبينون ذلك في كلامهم وفتاويهم مع أنه لا بد أن يكون هناك إيماء للرئيس. نفهم من هذا الكلام أننا لا ننكر الزنا؟ ولا ننكر الربا؟ من الذي يسمح بالتعاملات الربوية؟ أليس الرئيس؟ طيب إذن لا ننكر الربا؟ فهذا غلط -بارك الله فيكم- لا بد أن يكون عندنا فرقان، ولا بد أن يكون عندنا تمييز. فإنكار المنكر العام وإن كان فيه إيماء إلى الحاكم لا بد منه وهذا الإيماء لا اعتبار به عند أهل السنة أبدًا ولو كان عنده اعتبار لما أمرنا بمعروف ولما نهينا عن منكر، لأن جميع المنكرات التي تتفشى بين المسلمين إنما هي بعلم الحاكم. صحيح ولا لا؟ هذه هي المسألة الأولى.
المسألة الثانية: لا بد أن نفرق بين الطائفة والمعيّن.
الحاكم معيّن ينتسب إلى طائفة مبتدعة لا نخلط بين الأمرين في الإنكار. الحاكم إخواني- مثلا- ينتسب إلى طائفة الإخوان. ليس معنى أننا لا ننكر عليه أننا لا ننكر على الإخوان، وليس معنى إنكارنا على الإخوان أن ننكر عليه. واضح الكلام ولا لا؟ يبقى الإخوة عندهم تحاشي: يقول والله طيب الرئيس الآن من الإخوان إذن لا نتكلم في الإخوان. وأي كلام في الإخوان سيُفهم منه الطعن في الرئيس. هذا غلط. طيب ما الدليل؟ بماذا نستشهد في مقامنا هذا؟ نستشهد بصنيع السلف. لا بد أن نعود إلى قضية المحنة ونصدر عنها . الخلفاء استعانوا بمن ؟ بجهمية بمعتزلة بمتكلمة. السلف سكتوا عن الجهمية؟ سكتوا عن المعتزلة؟ أجيبوا يا جماعة. بل ألم يتكلموا في نفس الأشخاص الذين كان الخلفاء يستعينون بهم؟ ألم يتكلموا في ابن أبي دؤاد؟ ألم يتكلموا في المريسي؟ صحيح ولا لا؟ إذن لا نخلط -بارك الله فيكم-.
الحاكم المعين هذا شيء وأما الجماعة أو الطائفة أو غير ذلك هذا شيء آخر تمامًا. فليس معنى لزومنا لطاعة الحاكم أننا نلزم طاعة الإخوان. بيعتنا للرئيس ليست بيعة للإخوان. عدم إنكارنا علانية إنما هو في شأن الرئيس ليس في شأن الإخوان، فإذا أنكر واحدٌ منا على الإخوان -سواء كان شيخًا أم عالمًا أم طالب علم أم غير ذلك- فهذا لا يتناول الرئيس من قريب ولا من بعيد. فُهم الإيماء، فُهم التعريض، فُهم كذا، ليفهم من شاء ما شاء، واضح؟ فلا بد أن يكون عندنا فرقان، ولا بد أن ننظر في الأشياء التي لا اعتبار بها عند أهل السنة والجماعة والتي يؤدي اعتبارها إلى مفاسد كبيرة وتضييع لكثير من الواجبات. فهذا كلام الشيخ - حفظه الله تعالى- ترون فيه وقيعة؟ ترون فيه سبًا أو طعناً أو تنقصًا؟ فضلاً عن التهييج؟ فضلاً عن التثبيط؟ لكن أصحاب الأهواء هكذا شأنهم من الإخوة من يكره الرئيس هذا صحيح ولا لا؟ من الإخوة من يكره الرئيس، والإخوان سيفعلون والإخوان سيفعلون والإخوان... طيب يا أخي، المنهج ماذا تعلمتَ منه؟ أليس في المنهج «كما تكونوا يولى عليكم» ؟ أليس في المنهج «من أعمالكم سُلط عليكم» ؟ أليس في المنهج ( أعمالكم عمالكم»؟ أليس في كتاب الله تعالى {وكذلك نولي بعض الظالمين بعضًا بما كانوا يكسبون } ؟ فالأخ من الإخوة- ما شاء الله -بريء ليس عنده تقصير وليس عنده ذنوب، إذن أنا لا أستحق أن يتولى عليَّ إخواني. ما شاء الله! أنت تعارض كتاب الله عز وجل، فأصلح نفسك واشتغل بها وأقبل على ربك بالتوبة والإنابة بدلاً من هذا الذي تصنعه. ألم نكن ننكر هذا على المخالفين؟ ألم نكن نقول هذا؟ مش كنا بنقول يا جماعة بدل ما تخرجوا وتقولوا إعتصامات ومظاهرات وثورات ارجعوا إلى ربكم بالتوبة. ألم نكن نذكر قول الحسن : «إن جَور الملوك نقمة من نقم الله تعالى وإن نقم الله لا تُستدفع بالسيف ولكن تُستدفع بالتوبة والإنابة». هذا كنا نقوله من قبل، طيب لماذا لا نعمل به الآن؟ فنحن عندنا تقصير، وعندنا ذنوب، وعندنا غفلة وتفريط. فبدلاً من أن نرجع إلى أنفسنا، ننفّس في المنتديات والفيس بوك هذا يعني أنا أكرهه لله ما أحبه أصلاً وما أزداد فيه كل يوم إلا بصيرة من كلام الإخوة والله. أخرج أنا على «الفيس بوك» وأقول وأشتم وألعن وكذا وأنا أنبهكم إلى أمر مهم جدًا. ما يدريك لعلّ الذي يشترك معك علماني. أنت شايف معاك على الشبكة دا؟ وبيدخلوا بأسماء مجهولة وأسماء مستعارة. فأنت مثلا داخل شخص وهو عارف أنه أنت سلفي ولاقيك ما شاء الله بتشتم في الرئيس يعني على قدر ما تستطيع يقوم هو يدخل ويستكثر بك ويستشهد بك وهو علماني. هو معادٍ للرئيس أصلا! فأنت ماذا صنعت أيها المسكين؟ قويت هؤلاء. قويت قلوبهم وما شاء الله كله يدخل ويعلق ويصنع كذا ويصنع كذا. حتى قال لي بعض الإخوة (أن) بعض الإخوة السلفيين- للأسف- يسجلون على صفحات ما أدري يعني صفحات يعني فيها تقريبًا إشادة بالرئيس السابق مثلا يعني شيء من هذا القبيل طيب. هل يصلح هذا؟ يصلح هذا.
الله المستعان، الله المستعان.
فبارك الله فيكم، علماء السنة ومشايخ السنة بريئون من الوقيعة في الحكام. كلام الشيخ لا شيء فيه -إن شاء الله تعالى- ولا حرج فيه أبدًا ولا ينبغي لأحد أن ينتقده. يعني في المقابل شوف الصنيع اللي أنا ذكرته. طيب في المقابل من الناحية التانية: المخالفون -ما شاء الله- كما حدثني الإخوة: انظر الشيخ رسلان ماذا يقول، وأنتم بتقولوا الإنكار على الحاكم وبتقولوا وبتقولوا، شوفوا الشيخ بتاعكم ماذا قال.
يا جهلة، يا جهلة ، وهذا الكلام فيه شيء؟ طيب مثلا إحنا نعكس عليهم القضية. طيب أنتم تؤمنون بشرعية الإنكار العلنية على الحكام، فما شأنكم لا تنكرون عليهم؟ مش هذا واجب وأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والجهاد في سبيل الله وضده سلبية وتخاذل وكذا؟ طيب -ما شاء الله- أين سيوفكم؟ أين ألسنتكم؟ أين أقلامكم؟ أين كل هذا؟ ولا هتعملوا زي حُرقوص؟ عارفين حُرقوص؟ لما طلع وقال إيه يعني الشيعة ماحنا عندنا نصارى. ما شاء الله، ما شاء الله . هذا مستغنٍ بحكايته عن ربه. واضح؟ فبارك الله فيكم، هكذا صنيع أهل الأهواء. فالانسان يبرأ من الهوى ويتجرد لله سبحانه وتعالى، ويكون عنده إنصاف وصدق، وتأصيل حقيقي في المنهج.
ولهذا في ختام هذه الكلمة أنا أنصح إخواني بضرورة التعلم والله يا إخوان- وهذه الكلمة مسجلة على الموقع أيضًا- لا يؤتى إلا من الفراغ والبطالة. يعني هؤلاء الذين ما شاء الله عندهم وقت يجلسون بالساعات على الشبكات والفيس وكذا وما أدري هذه الأشياء . يا أخي اقرأ كتابًا، اسمع شريطًا ، اقرأ شيئا من كتاب الله، احفظ شيئًا من حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم. ما هذه الأشياء؟ ما شاء الله عندك وقت والله لو كان الوقت يُشترى لاشتريت وقتك! لاشتريته بمال الدنيا كلها لأنه لا يقدّر نعمة ما هو فيه، ماذا يقول النبي عليه الصلاة والسلام ؟ «نعمتان مغبون فيهما كثيرٌ من الناس : الصحة والفراغ». والقاعدة كما قال السلف: «نفسك إن لم تشغلها بالحق، شغلتك بالباطل».
فأنا أنصح إخواني أنصح جميع ما يصل إليهم هذا الكلام أن يقبلوا على ربهم، وأن ينشغلوا بأنفسهم ويطلبوا العلم، ويحافظوا على ذكر الله عز وجل، ويزهدوا في الدنيا . والله الدنيا ما لها أية قيمة يا أخوة. الدنيا أهون عند الله من جناح بعوضة، فكيف تعزّ عليك أنت، وكيف تحرص عليها، وكيف تشتغل بها فالانسان يشتغل بما يعمر آخرته.
أنا أسأل هذا الاخ سؤالا: هذا الذي تكتبه على الصفحات يفيدك في الآخرة؟ يثقل ميزانك؟ ينفعك عند الله عز وجل؟ الانسان أحوج ما يكون بحاجة إلى حسنة واحدة لعلّها ترجح الكفة، لعلها تدخلك الجنة إن شاء الله تعالى، فبدل ما تقول جبان مثلا في حق الرئيس وكذا قل لا إله إلا الله مثلا اذكر الله. قل كلمة طيبة مر بمعروف وانه عن منكر والكلمة الطيبة صدقة. هذا هو ما أنصح نفسي وإخواني، وأما الانشغال بهذه الأشياء ففضلاً أنه لا فائدة فيه يجلب ضررا كثيرًا وشرا كبيرا فنحن في غنى ونحن في غناء عن كل هذه الأشياء. أسأل الله عز وجل أن يبصرنا بالحق وأن يقينا شر أنفسنا إنه ولي ذلك والقادر عليه.)) اهـ.