السلام عليكم ورحمة الله وبركاته .
موضوع الفتوى: تعريف الطاغوت .
المفتي: محمد بن صالح العثيمين .
رقم الفتوى: 268 .
الفتوى: نص السؤال:
ما تعريف الطاغوت؟
الجواب:
الطاغوت مشتق من الطغيان ، والطغيان مجاوزة الحد ومنه قوله تعالى : { إِنَّا لَمَّا طَغَا الْمَاءُ حَمَلْنَاكُمْ فِي الْجَارِيَةِ} [الحاقة:11]
يعني لما زاد الماء عن الحد المعتاد حملناكم في الجارية يعني السفينة.
واصطلاحًا : أحسن ما قيل في تعريفه ما ذكره ابن القيم – رحمه الله – أنه أي الطاغوت : (كل ما تجاوز به العبد حده من معبود، أو متبوع، أو مطاع ) ومراده بالمعبود والمتبوع والمطاع غير الصالحين، أما الصالحون فليسوا طواغيت وإن عبدوا، أو أتبعوا، أو أطيعوا؛فالأصنام التي تعبد من دون الله طواغيت، وعلماء السوء الذين يدعون إلي الضلال والكفر، أو يدعون إلى البدع، وإلي تحليل ما حرم الله، أو تحريم ما أحل الله طواغيت، والذين يزينون لولاة الأمر الخروج عن شريعة الإسلام بنظم يستوردونها مخالفة لنظام الدين الإسلامي طواغيت، لأن هؤلاء تجاوزوا حدهم، فإن حد العالم أن يكون متبعًا لما جاء به النبي ، صلي الله عليه وسلم لأن العلماء حقيقة ورثة الأنبياء، يرثونهم في أمتهم علمًا، وعملاً، وأخلاقًا، ودعوة ، وتعليمًا، فإذا تجاوزوا هذا الحد وصاروا يزينون للحكام الخروج عن شريعة الإسلام بمثل هذه النظم فهم طواغيت، لأنهم تجاوزوا ما كان يجب عليهم أن يكونوا عليه من متابعة الشريعة.
وأما المطاع في قوله – رحمه الله – فيريد به الأمراء الذين يطاعون شرعًا أو قدرًا، فالأمراء يطاعون شرعًا، إذا أمروا بما لا يخالف أمر الله ورسوله فالواجب علي الرعية إذا أمر ولي الأمر بما لا يخالف أمر الله الواجب عليهم السمع والطاعة، وطاعتهم لولاة الأمر في هذا الحال بهذا القيد طاعة لله – عز وجل – ولهذا ينبغي أن نلاحظ حين ننفذ ما أمر به ولي الأمر مما تجب طاعته فيه أننا في ذلك نتعبد لله – تعالى – ونتقرب إليه بطاعته، حتى يكون تنفيذنا لهذا الأمر قربة إلي الله – عز وجل – وإنما ينبغي لنا أن نلاحظ ذلك لأن الله – تعالي – يقول: { يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الأَمْرِ مِنْكُمْ }[النساء: 59].
وأما طاعة الأمراء قدرًا فإن الأمراء إذا كانوا أقوياء في سلطتهم فإن الناس يطيعونهم بقوة السلطان وإن لم يكن بوازع الإيمان، لأن طاعة ولي الأمر تكون بوازع الإيمان وهذه هي الطاعة النافعة، النافعة لولاة الأمر، والنافعة للناس أيضًا ، وقد تكون الطاعة بوازع السلطان بحيث يكون قويًا يخشي الناس منه ويهابونه لأنه ينكل بمن خالف أمره.
ولهذا نقول إن الناس مع حكامهم في هذه المسألة ينقسمون إلى أحوال أربع:
الحالة الأولي: أن يقوى الوازع الإيماني والرادع السلطاني وهذه أكمل الأحوال وأعلاها.
الحالة الثانية: أن يضعف الوازع الإيماني والرادع السلطاني وهذه أدني الأحوال وأخطرها علي المجتمع، علي حكامه ومحكوميه، لأنه إذا ضعف الوازع الإيماني والرادع السلطاني حصلت الفوضي الفكرية والخلقية، والعلمية.
الحالة الثالثة: أن يضعف الوازع الإيماني ويقوى الرادع السلطاني وهذه مرتبة وسطي لأنه إذا قوي الرادع السلطاني صار أصلح للأمة في المظهر فإذا اختفت قوة السلطان فلا تسأل عن حال الأمة وسوء عملها.
الحالة الرابعة: أن يقوى الوازع الإيماني ويضعف الرادع السلطاني فيكون المظهر أدنى منه في الحالة الثالثة لكنه فيما بين الإنسان وربه أكمل وأعلي.
والمهم أننا نقول إننا ينبغي لنا عند تنفيذ أوامر السلطان أن نعتقد أننا نتقرب إلى الله – عز وجل – بذلك.
وإنما قال ابن القيم: إن الطاغوت ( ما تجاوز به العبد حده من معبود، أو متبوع، أو مطاع) لأن الأمير الذي يطاع قد يأمر بما يخالف أمر الله ورسوله فإنه حينئذ لا سمع له ولا طاعة، ولا يجوز لنا أن نطيعه في معصية الله ، سبحانه وتعالى ،لأن الله تعالى، جعل طاعته تابعة لطاعته وطاعة رسوله، صلي الله عليه وسلم، كما يفهم من سياق الآية: { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ}[النساء: 59] ولم يقل:" وأطيعوا أولي الأمر منكم" فدل هذا علي أن طاعتهم غير مستقلة بل هي تبع لطاعة الله تعالى وطاعة رسوله، صلي الله عليه وسلم، وقد ثبت أن النبي، صلي الله عليه وسلم، قال: (( إنما الطاعة في المعروف)) أي فيما أقره الشرع، وأما ما أنكره فلا يجوز أن يطاع فيه أي مخلوق حتى لو كان الوالد أو الوالدة ، لأن طاعة الله مقدمة علي كل طاعة، فإذا أطاع الإنسان أميره أو ولي أمره في معصية الله فقد تجاوز به حده.
أسأل الله أن ينفع بها الأسلام والمسلمين .
موضوع الفتوى: تعريف الطاغوت .
المفتي: محمد بن صالح العثيمين .
رقم الفتوى: 268 .
الفتوى: نص السؤال:
ما تعريف الطاغوت؟
الجواب:
الطاغوت مشتق من الطغيان ، والطغيان مجاوزة الحد ومنه قوله تعالى : { إِنَّا لَمَّا طَغَا الْمَاءُ حَمَلْنَاكُمْ فِي الْجَارِيَةِ} [الحاقة:11]
يعني لما زاد الماء عن الحد المعتاد حملناكم في الجارية يعني السفينة.
واصطلاحًا : أحسن ما قيل في تعريفه ما ذكره ابن القيم – رحمه الله – أنه أي الطاغوت : (كل ما تجاوز به العبد حده من معبود، أو متبوع، أو مطاع ) ومراده بالمعبود والمتبوع والمطاع غير الصالحين، أما الصالحون فليسوا طواغيت وإن عبدوا، أو أتبعوا، أو أطيعوا؛فالأصنام التي تعبد من دون الله طواغيت، وعلماء السوء الذين يدعون إلي الضلال والكفر، أو يدعون إلى البدع، وإلي تحليل ما حرم الله، أو تحريم ما أحل الله طواغيت، والذين يزينون لولاة الأمر الخروج عن شريعة الإسلام بنظم يستوردونها مخالفة لنظام الدين الإسلامي طواغيت، لأن هؤلاء تجاوزوا حدهم، فإن حد العالم أن يكون متبعًا لما جاء به النبي ، صلي الله عليه وسلم لأن العلماء حقيقة ورثة الأنبياء، يرثونهم في أمتهم علمًا، وعملاً، وأخلاقًا، ودعوة ، وتعليمًا، فإذا تجاوزوا هذا الحد وصاروا يزينون للحكام الخروج عن شريعة الإسلام بمثل هذه النظم فهم طواغيت، لأنهم تجاوزوا ما كان يجب عليهم أن يكونوا عليه من متابعة الشريعة.
وأما المطاع في قوله – رحمه الله – فيريد به الأمراء الذين يطاعون شرعًا أو قدرًا، فالأمراء يطاعون شرعًا، إذا أمروا بما لا يخالف أمر الله ورسوله فالواجب علي الرعية إذا أمر ولي الأمر بما لا يخالف أمر الله الواجب عليهم السمع والطاعة، وطاعتهم لولاة الأمر في هذا الحال بهذا القيد طاعة لله – عز وجل – ولهذا ينبغي أن نلاحظ حين ننفذ ما أمر به ولي الأمر مما تجب طاعته فيه أننا في ذلك نتعبد لله – تعالى – ونتقرب إليه بطاعته، حتى يكون تنفيذنا لهذا الأمر قربة إلي الله – عز وجل – وإنما ينبغي لنا أن نلاحظ ذلك لأن الله – تعالي – يقول: { يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الأَمْرِ مِنْكُمْ }[النساء: 59].
وأما طاعة الأمراء قدرًا فإن الأمراء إذا كانوا أقوياء في سلطتهم فإن الناس يطيعونهم بقوة السلطان وإن لم يكن بوازع الإيمان، لأن طاعة ولي الأمر تكون بوازع الإيمان وهذه هي الطاعة النافعة، النافعة لولاة الأمر، والنافعة للناس أيضًا ، وقد تكون الطاعة بوازع السلطان بحيث يكون قويًا يخشي الناس منه ويهابونه لأنه ينكل بمن خالف أمره.
ولهذا نقول إن الناس مع حكامهم في هذه المسألة ينقسمون إلى أحوال أربع:
الحالة الأولي: أن يقوى الوازع الإيماني والرادع السلطاني وهذه أكمل الأحوال وأعلاها.
الحالة الثانية: أن يضعف الوازع الإيماني والرادع السلطاني وهذه أدني الأحوال وأخطرها علي المجتمع، علي حكامه ومحكوميه، لأنه إذا ضعف الوازع الإيماني والرادع السلطاني حصلت الفوضي الفكرية والخلقية، والعلمية.
الحالة الثالثة: أن يضعف الوازع الإيماني ويقوى الرادع السلطاني وهذه مرتبة وسطي لأنه إذا قوي الرادع السلطاني صار أصلح للأمة في المظهر فإذا اختفت قوة السلطان فلا تسأل عن حال الأمة وسوء عملها.
الحالة الرابعة: أن يقوى الوازع الإيماني ويضعف الرادع السلطاني فيكون المظهر أدنى منه في الحالة الثالثة لكنه فيما بين الإنسان وربه أكمل وأعلي.
والمهم أننا نقول إننا ينبغي لنا عند تنفيذ أوامر السلطان أن نعتقد أننا نتقرب إلى الله – عز وجل – بذلك.
وإنما قال ابن القيم: إن الطاغوت ( ما تجاوز به العبد حده من معبود، أو متبوع، أو مطاع) لأن الأمير الذي يطاع قد يأمر بما يخالف أمر الله ورسوله فإنه حينئذ لا سمع له ولا طاعة، ولا يجوز لنا أن نطيعه في معصية الله ، سبحانه وتعالى ،لأن الله تعالى، جعل طاعته تابعة لطاعته وطاعة رسوله، صلي الله عليه وسلم، كما يفهم من سياق الآية: { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ}[النساء: 59] ولم يقل:" وأطيعوا أولي الأمر منكم" فدل هذا علي أن طاعتهم غير مستقلة بل هي تبع لطاعة الله تعالى وطاعة رسوله، صلي الله عليه وسلم، وقد ثبت أن النبي، صلي الله عليه وسلم، قال: (( إنما الطاعة في المعروف)) أي فيما أقره الشرع، وأما ما أنكره فلا يجوز أن يطاع فيه أي مخلوق حتى لو كان الوالد أو الوالدة ، لأن طاعة الله مقدمة علي كل طاعة، فإذا أطاع الإنسان أميره أو ولي أمره في معصية الله فقد تجاوز به حده.
أسأل الله أن ينفع بها الأسلام والمسلمين .
تعليق