طالب العلم السّلفيّ إذا أخطأ؛ كيف يناصح؟
يجيبك العلاّمة الوصابيّ حفظه الله
◄ حمل الصّوتيّة من المرفقات
التّفريغ
السّؤال: طالب العلم السّلفيّ الّذي له نشاط وله بروز وله أخطاء مُنتشرة، والرّدُّ على أخطائه أمرٌ مُتّفقٌ عليه، ولكن كيف تكون العبارات أثناء الرّدّ عليه؟ نُريد منكم توضيح في هذه المسألة بارك الله فيكم.يجيبك العلاّمة الوصابيّ حفظه الله
◄ حمل الصّوتيّة من المرفقات
التّفريغ
الجواب: الطّالب السّلفيّ وكذلك الدّاعي إلى الله السّلفيّ، الخطأ وارد؛ لأنّه بشر مُعرّض للخطأ، وفي الحديث "كلُّ بني آدم خطّاء وخير الخطّائين التّوابون"[ضعيف: أخرجه أحمد 198/3, والترمذي (2499), وابن ماجه (4251)]، وطبيعيّ أنْ يحصل الخطأ، لكن الشّأن كلّ الشّأن في الإصرار عليه، أمّا كونه أخطأ ثُمّ لمّا ظهر له الخطأ تراجع عنه؛ هذا أمرٌ طبيعيّ، هذا مِن طبع البشر "كلُّ بني آدم خطّاء" والله يقول: "وليس عليكم جناح فيما أخطأتم به ولكن ما تعمّدت قلوبُكم"[ الأحزاب: 5]، فرفع الحرج عن الخطأ؛ لأنّ الإنسان مُعرّض له، "ولكن ما تعمّدت قلوبُكم" يعني الإصرار: أصرّ على الخطأ، فحين أصرّ يأثم، وحين أخطأ الحرج مرفوع عنه، "ربّنا لا تُؤاخذنا إنْ نسينا أو أخطأنا"، قال الله عزّ وجلّ في الحديث القُدسيّ الّذي رواه الإمام مُسلم في صحيحه: "قد فعلتُ"[مسلم 126]، لا يُؤاخِذُ عبدَه في حال النِّسيان أو إذا أخطأ، لكن متى تبيّن له الخطأ عليه أنْ يتراجع عنه.
كيف يُناصح؟ يُناصح بالكلمة الطّيِّبة: "الكلمة الطّيِّبة صدقة"[متّفق عليه من حديث أبي هريرة رضي الله عنه]، لا بالعنف ولا بالتّشهير، ولا بتجميع الأخطاء، انتبه! "المؤمن مرآة أخيه"[أخرجه أبو داود في سننه عن أبي هريرة رضي الله عنه] كما جاء في الحديث الصّحيح، يقول النّبيُّ عليه الصّلاة والسّلام: "المؤمن مرآة أخيه"، تلك المرآة العاكسة للصُّورة، يرى ما لا يرى، أنت ما ترى ظهرك هو يرى ظهرك إذا فيه خطأ، فإذا أخطأ فهو مرآة أخيه، يُبيِّن له، إنّما يجتنب العنف، اجتنب العنف يا أخي، تقتدي بالكتاب والسُّنّة.
إذا كان ربُّنا يقول: "قد فعلتُ"، أنّه لا يؤاخذ هذا الخطأ، لكن يتراجع عنه، ويقول: "وليس عليكم جُناحٌ فيما أخطأتم به" فكيف تجعل مِن الحبّة قُبّة؟! لا تجعل مِن الحبّة قُبّة، تأدّب بآداب الكتاب والسُّنّة.
اليوم الخطأ عندهم وغدًا عندك، كما تُحبُّ أنْ تُعامَّل عامِّلْ، فتهدي له هذه الهديّة الّتي هي النّصيحة الثّمينة الغاليّة، ويا حبّذا لو تكون في ورقة، يا حبّذا، الحمد لله القلم انتشر، والأوراق كثُُرَتْ، فإذا جعلتَ النّصيحة في ورقة؛ فكثّر الله خيرك، وإذا واجه فلا حرج، لكن في الورقة أحسن، ولو كان بدون اسم؛ أحسن وأحسن، وإذا كان سيعرف خطّك، وسلّمتَ على أخيك، ودعوتَ له في الورقة هذه، ونبّهته على الخطأ، وذكرتَ المرجع، مرجعك أنت: الدليل، وختمتَ الرِّسالة بالسّلام وبالاسم الكريم وبالتّعريف؛ لا بأس، ما نُحبّ أنْ يحصل أيّ تحسّس بين إخواننا الطّيِّبين أبدًا.
طبيعيّ أنْ تُخطئ وطبيعيّ أنْ تُذكّر، شيء طبيعيّ عادي جدًا، عليك أنْ تَأْلَفَهُ وأنْ يَأْلَفَهُ غيرُك، والقلوب سليمة وصحيحة وطيِّبة فيما بينكم.
وكما قُلنا في كلمات سبقت إذا أبى؛ تنظر أنتَ إلى نوع المسألة، هل هي اجتهاديّة؟ إذا كانت اجتهاديّة؛ لا تشدّ عليه، قد قال بقوله مَن قال مِن أهل العلم، وإذا لم تكن اجتهاديّة وهي قول واحد، وما قَبِل منك؛ دلّه على رقم عالم مِن العلماء يتّصل به أو على مرجع، كتاب: المجلّد كذا، الصفحة كذا؛ حتى يزداد علمًا.
وأنا أنصح جميع الإخوة الأفاضل ألاّ يأخذ في نفسه شيئًا إذا ذُكِّر، لا تأخذ في نفسك، بل اعتبر هذه النّصيحة أعظم هديّة، هذه النّصيحة الّتي هي في ورقة خيرٌ لك من كذا كذا من العسل؛ لأنّ العسل لجسمك، والنّصيحة لدينك ولقلبك، أسأل الله التّوفيق لما يُحبّه ويرضاه، والآن إلى الصّلاة، وفي هذه اللّيلة نكتفي بهذا المقدار -إنْ شاء الله- على أمل اللِّقاء بكم غدًا -إنْ شاء الله- بعد صلاة الفجر بإذن الله.
تعليق