بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات وأشهد ألا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وسلم وبعد فإن أهل البدع لا يزالون يحاولون إظهار بدعهم بكل السبل والمحاولات في كل زمان ومكان نصرة لباطلهم ومناوأة لأهل السنة. و ربما أدخلوا عليها تعريفات غريبة وجديدة ليقبلها الناس ممن قل نصيبهم من العلم. ولا يستطيعون كشف حقيقة تلك التلبيسات الخفية إلا برجوعهم إلى العلماء الربانيين الذين قال الله فيه: " اتبعوا من لا يسألكم أجرا وهم مهتدون" و قال ممتدحا لهمم: " بل هو آيات بينات في صدور الذين أوتوا العلم" وكم من أناس يحفظون القرآن وليسوا من هؤلاء مع أن الآيات في صدورهم لأنهم نزلوها على غير ما أراد الله وحملوا النصوص مالا تحتمل وجعلوها مطية لشهواتهم فما بارك الله لهم في القرآن العظيم.
ومن ذلك على سبيل المثال لا الحصر أن المبتدعة قديما كانوا يقسمون العلماء إلى علماء شريعة وعلماء طريقة، ثم ينبذون علماء الشريعة ويعادونه ويذمونهم أيما ذم. وفي هذا العصر قالوا: فقهاء شريعة وفقهاء واقع. ثم تعاملوا مع علماء الشريعة بأبشع المعاملات حتى اتهموهم في دينهم وأنهم عملاء لليهود و النصارى، وغير ذلك.
و ليت شعري ما ذا يعنون بالواقع الذي جعله بعضهم آكد الفروض العينية؟ فإن كان المراد معرفة ما يدور في الواقع فالأمر كما قيل: " ما ليل حليمة بسر" إذ الأخبار عند الناس مسموعة ومقروءة ومرئية. وإن كان المراد معرفة الشرور القادمة على الأمة وبالتالي السعي في التحذير منها ثم النظر في وسائل الوقاية من ذلك الغزو الفكري القادم فهذا حاصل من أهل السنة على أكمل وجه وفي المقابل نرى أن أصحاب فقه الواقع هم أكثر الناس تورطا في الغزو الفكري.
وإذا أردت أن تعرف مبلغ علم أهل فقه الواقع فائت واحدا من هؤلاء الذين أطلقوا على أنفسهم فقهاء الواقع وقل له: علمني مما علمك الله. فإنك ستجده عاطلا. بخلاف ما لو قلت لعالم من علماء الشريعة: علمني مما علمك الله. فأبشر بالذي يسرك ففي أي باب من أبواب الشريعة شئت أن يعلمك علمك ما ينفعك.
وأيضا: فإن السؤال في القبر ليس عن فقه الواقع و إنما عن أشياء من علم علماء الشريعة إذ أن الذي يريد أن يتعلم مَن ربه ومَن نبيه وما دينه تعليما صحيحا فإنما يجد ذلك عند علماء الشريعة لا في الجرائد والمجلات.
ولست أحرم أن يكون عند أناس معرفة بالواقع فإن حكم ذلك ما بين مستحب واجب على الكفاية ولكن الكلام عن أولئك الذين طعنوا على علماء الشريعة بحجة أنهم لم يعرفوا الواقع ـ كما يدعي أولئك ـ مع أنني لا أقر بأن علماء الشريعة يجهلون الواقع بل إنهم كما أسلفت هم الذين بصروا الناس بواقعهم وحذروهم ما يجب أن يحذروه، والله أعلم.
ومن تلك القواعد التي يقصد بها رفع مستوى المبتدعة والحط من علماء أهل السنة تلك القاعدة التي يدندن بها الإخوان المسلمون:" نتعاون فيما اتفقنا عليه وليعذر بعضنا بعضا فيما اختلفنا فيه" هذه القاعدة التي مفادها: اسكت لي أسكت لك. أو كما يقال المصيبة تجمع المصابين. و يريدون أن يظهروا أنفسهم بأنهم هم الذين يلمون شمل المسلمين ويجمعون كلمتهم ويوحدون صفهم بمثل هذه القواعد، ومن ثم يكون علماء الإسلام الذين يحذرون من البدع والمحدثات و الضلالات مفرقين لكلمة المسلمين وغير مبالين بما يحصل للأمة من آلام...الخ.
وهذه القاعدة لا يقتنع بها إلا الذين ليس لهم مبدأ، فالذي عنده مبدأ ولو كان باطلا فإنه يأنف من أن يقتنع بهذه القاعدة، فالمعتزلي لا يريد أن يترك التحمس والانتصار لعقيدته المعتزليه وكذالك الشيعي والأشعري والجهمي وغيرهم من أهل الضلال فضلا عن أهل السنة, فعلى هذا فإنه لابد لمن التحق بالاخوان المسلمين أن يتميع منهجيا ـ إن صح التعبير ـ ولهذا فنحن نرى أن من كانت عقيدته سلفية في باب الأسماء والصفات أو في باب توحيد الألوهية ثم يلتحق بالإخوان المسلمين فإنه لا بد أن يترك الغيرة على عقيدته وتوحيده فلا يعادي أحدا من أجل بطلان عقيدته فضلا عن أن يعادي من هو دون ذلك ممن يستحق أن يعادَى كالذين أظهروا الإسلام مظهرا ديمقراطيا فإنه يمدحهم ويطريهم بل و يرفعهم إلى مصاف العلماء أو أرفع من العلماء كيفما كانوا ولو كانوا من سقط المتاع.
ثم إن الذي يظهر من تصرفاتهم و تصريحاتهم أن كل فرد منهم لابد أن يكون همه مصلحة الإخون المسلمين ولو أدى إلى ترك مناصرة عقيدته سواء كان شيعيا أو صوفيا... الخ مع العلم أن المبتدع لو أصر على عدم التنازل عن ضلالاته فإنه يُقَر على مبادئه الضالة أو الكفرية أو الرافضية وأن الذي لا بد أن يتنازل وقد تنحصر عليه القسمة في التنازل هو السني، فلا يمكن أن تكون سنيا إخوانيا في نفس الوقت قطعاً فهذا تناقض فلا السني الثابت على السنة يرضى بذلك ولا الإخوان المسلمون يرضون بذلك، هم يريدون أناسا مسخرين لهم كيفما شاؤا.
ــــــــــ
ثم إني نظرت في بعض قواعد أبي الحسن التي أنكرها عليه علماء أهل السنة حماة العلم وحراس العقيدة جزاهم الله خيرا فرأيتها من تلك القواعد المبتدعة التي مثلنا بها، ومن نظر في قواعد أبي الحسن علم أنه يستحق أن يحكم على صاحبها بأنه مبتدع بل إن بعضها يكفي في الحكم على قائلها بالبدعة فضلا عن كونها مجتمعة ومن لم يبدعه بسببها فالأمر فيه راجع إلى أحد أمرين.
إما أنه صاحب هوى شريك في البدعة فهذا لا سبيل إليه إلا أن يهديه الله أو أن يميطه عن الطريق بمنه وكرمه.
وإما أنه جاهل بقواعد السلف في الحكم على شخص ما بأنه مبتدع. فعليه ـ إن كان مخلصا لله تعالى ـ أن يسأل أهل العلم لقوله تعالى: فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون. وإما أن يقوم بالبحث والقراءة في كتب العلماء إن كان مؤهلا لذلك حتى يتبين له وجه الصواب تاركا العاطفة وراء ظهره، وأذكره بقول الله تعالى. "ومن يتق الله يجعل له مخرجا ". مع أنني لا أحب أن يعيقه عن البحث حكمي بالجهل بقواعد التبديع عند السلف على من لم يبدع أبا الحسن بسبب قواعده الضالة، لأن طالب العلم معترف مبدئيا بأن هناك علماً كثيراً لا يزال يجهله فليجعل هذا من ذاك.
مسألة: لو قال قائل: لم يظهر لي بعد أن أبا لحسن مبتدع فعنده أمور كثيرة لا يقر عليها بل هي أخطاء كبيرة إلا أنه لا يصل بها إلى البدعة. فما هو الذي يلزمني؟
فأقول: بما أنك قد ظهر لك من أمره ما ذكرت فينبغي لك أولا أن تحذره وثانيا أن تحذر منه ومن دعوته المنحرفة ولا إشكال أن أكون أنا وأنت واقفين موقفا واحدا في التحذير منه واحد يحذر منه بناءا على أنه مبتدع والثاني يحذر منه بناءا على أنه منحرف إذ لا يصح أن يقول إنسان أنا لا أعتقد أنه مبتدع وأعترف أن عنده ضلالات أو انحرافات ثم يرى بعد ذلك أن يكون نصيرا له ومعينا له فهذا ليس سائرا على قواعد شرعية. فمثلا لو شهد رجل على رجل بالزنا وشهد آخر بأنه رأى ما دون الزنا فقد اتفقا على أنهما يشهدان عليه بأمر منكر فهل يليق أن يقول الثاني بما أنني لم أر الزنا إذا الرجل عدل وعفيف!! هذا لا يتمشى مع العقل ولا قواعد الشريعة. وهذا من ذاك.
ثم إ ني رأيت لزاما علي أن أبين بعض ما ظهر لي نصحا للذين لا يزال أبو الحسن يغرر بهم، وتثبيتا وطمأنينة لإخواننا الذين قد بصرهم الله بحال أبي الحسن. وإني لعلى ثقة أن أحدا لو تتبع أشرطة أبي الحسن التي بلغت قرابة مائة وأربعين شريطا وكذلك ما كتبه في كتبه و ملازمه و أوراقه لوجد من الضلال والانحراف ما يذهل ولست مبالغا في ذلك. إنه يريد أن ينقض الدعوة السلفية خيطا خيطا لو تم له ما أراد، وهيهات فالله حافظ دينه ومعلٍ كلمته وحسبنا الله ونعم الوكيل ولا حول ولا قوة إلا بالله وهذا أوان الشروع في المقصود فأقول وبالله التوفيق:
{ نافذة إلى منهج أبي الحسن }
قال لي أخ في الله: كنت أحد الذين كانوا معجبين بدعوة أبي الحسن و منهجه وطريقته في الدعوة.
فقلت له: أي منهج تعني؟.
فقال: كنا نظن أن أبا الحسن هو الرجل المثالي في الدعوة وذلك أنه كان حريصا على عدم الاصطدام مع الآخرين أيا كانوا وذلك بعدم التسمية لآي شخص أو جماعة من المبتدعة. و من ناحية أخرى كان ينتقد بعض أخطاء أهل السنة فكنا نشعر أن هذا هو الرجل المثالي الذي يُصلِح الأخطاء داخل أهل السنة وفي نفس الوقت يحسن التعامل مع المخالفين، وكان هذا في حياة الشيخ مقبل عليه رحمة الله.
ومع اقتناعي بهذا المنهج الذي أرى عليه أبا الحسن إلا أنني لم يحصل مني تنكر لدعوة أهل السنة أو بغض لمشايخها أو رغبة في التخلص منهم أو التشكيك في دعوتهم أو تحذير الناس من تلقي العلم منهم وإنما كنت أظن أن هذا هو المنهج السلفي وإنما أساء بعض أهل السنة التعامل معه قال: فجربت هذه الطريقة في ( بلد معين) فظللت عشرة أشهر وأنا أسير على هذه الطريقة في الدعوة؛ فقال لي رجل من الإخوان المسلمين أتمنى أن يكون مثلك من السلفيين مائة, وظل رجل من الإخوان المسلمين بعدي في كل محاضرة لمدة عشرة أشهر فقلت: أريد أن أجرب أين وصل هذا الرجل وكيف أصبح تمكنه من المنهج السلفي فذكرت الزنداني وما هو عليه من البدعة وذكرت بعض ما عليه الإخوان المسلمون وإذا بالرجل يستنكر كلامي وإذا به إخواني على حاله وأنا سني على حالي لم يتغير من وضعنا شيء فعلمت أن هذا المنهج ليس بمنهج سلفي.
نافذة أخرى
قال أبو حذيفة فاروق بن إسماعيل الغيثي في الراجمات الأصولية تحت عنوان/ الكرابيسية دروس وعبر ومقارنات، رقم: 9/ص/35: كنت في ماضي الأيام قد التقيت بالمغراوي أنا والأخ عبد العزيز الغيثي والأخ إبراهيم عبد المجيد، فسمعته يقول لأتباعه: ربيع والنجمي و الجابري و الرمضاني والحربي يكيلون بمكيالين، يردون علي ويسكتون عن مقبل الوادعي؟!!. فقلت له كالمستغرب المندهش: وما ذا به الشيخ مقبل؟!! فقال المغراوي: مقبل عنده انحرافات كثيرة، وقد أخبرني الشيخ أبوالحسن المأربي عندكم في دار البر بالإمارات فقال لماذا يتكلمون عليك ويسكتون عن مقبل، الشيخ مقبل أيضا يقول بالمظاهرات والاغتيالات تكفير الحكام !!!انتهي.
قلت:أولا: في هذا الكلام افتراء على الشيخ مقبل. ولأبي الحسن عبارات كثيرة تدل على أنه غير راض عن دعوة الشيخ مقبل عليه رحمة الله.
ثانيا: أشكر الأخ فاروق الغيثي على كتابه كله لا على هذا المقطع فقط وأحب أن أنبه على أن كتاب الأخ فاروق من أحسن ما كتب في شأن أبي الحسن وقد نفع الله به كثيراً فأدعوا طلبة العلم لقراءته وهو موجود في شبكة سحاب حسب علمي والكتاب موجود عندي.
{ التحديد لبعض مسائل النزاع }
نظرة إلى خبر الآحاد والمجمل والمفصل،
أولا: حديث الآحاد:
ليس كلامي على تعريف حديث الآحاد و سرد كلام العلماء في أقسامه ونحو ذلك فذاك أمر معروف وإنما الكلام في ما دار حوله النزاع مع أبي الحسن و هو حكم حديث الآحاد وهل هو يفيد العلم أم يفيد الظن فأقول:
ما صححه العلماء أو عملوا به من غير خلاف بينهم فإما أن يكون في الصحيحين أو خارجهما ومما لا شك فيه أن العلماء قد أجمعوا على أن كل ما في الصحيحين صحيح سواء في ذلك المتواتر والآحاد، سوى أحرف يسيرة انتقدها بعض الحفاظ كالدارقطني وغيره؛ إلا أن أبا الحسن قد أقحم الصحيحين في الخلاف فقال في إتحاف النبيل /1 / 42: بعد أن ذكر القولين في آحاد الصحيحين: وعندي أن في الأمر تفصيلا ـ بخلاف الأحرف المنتقدة عليهما ـ فمن أحاديث الشيخين ـ وإن كان آحادا ـ ما يقطع السامع له بالصحة إلى النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم ومنها ما لا يبلغ هذه المنزلة وذلك راجع إلى قرائن أخرى تحف بعض آحاد الصحيحين خلاف ما سبق ذكره من قرائن فإن ما ذكروه من القرائن المشار إليها آنفا لا يلزم منه القطع بخبر الآحاد. أهـ.
وبهذا يظهر أن أبا الحسن لا يرى أن القرائن التي تلقى بها العلماء الصحيحين بالقبول كافية فيما ادعوه من إفادة العلم، والله أعلم ما هي القرائن التي يريد أبو الحسن أنها إذا وجدت أفادت آحاد الصحيحين العلم؟!
و أما الآحاد التي خارج الصحيحين وأجمع العلماء على تصحيحها بدون نزاع فإنها كذالك تفيد العلم لتلقي العلماء لها بالقبول وسيظهر لك ذلك بالنظر إلى الخلاف المزعوم، هل هو بين أهل السنة البين أم بين أهل السنة وغيرهم ودونك بيانه. ثم انظر إلى أبي الحسن في أي الطائفتين هو.
إذا نظرت إلى المتنازعين في إفادة خبر الآحاد العلم أو الظن تجد أن الذين قالوا: بأن خبر الآحاد لا يفيد العلم كلهم قد تأثروا بعلم الكلام ـ وإن كان منهم من هو رفيع الشأن عند أهل السنة علما وفضلا ـ وأن الذين قالوا بأن حديث الآحاد يفيد العلم هم من العلماء السلفيين الذين سلمت عقائدهم ولم يتأثروا بشيء من علم الكلام وتابعهم عدد كبير ممن تأثروا بعلم الكلام. وقد نبه على هذه النكتة المهمة الإمام عماد الدين ابن كثير في كتابه اختصار علوم الحديث، فقال رحمه الله حاكيا كلام ابن الصلاح: ثم استنبط من ذلك القطع بصحة ما فيهما من الأحاديث، لأن الأمة معصومة عن الخطأ فما ظنت صحته وجب عليها العمل به، لا بد أن يكون صحيحا في نفس الأمر. قال ابن كثير: وهذا جيد. ثم ذكر كلام النووي الذي لا يرى القطع بصحة ما فيهما ثم قال ابن كثير: قلت: وأنا مع ابن الصلاح فيما عول عليه وأرشد إليه والله أعلم. حاشية: ثم وقفت( والكلام لابن كثير) بعد هذا على كلام لشيخنا العلامة ابن تيمية مضمونة: أنه نقل القطع بالحديث الذي تلقته الأمة بالقبول عن جماعات من الأئمة؛ منهم القاضي عبد الوهاب المالكي، والشيخ أبو حامد الاسفراييني والقاضي أبو الطيب الطبري، والشيخ أبو إسحاق الشيرازي من الشافعية، وابن حامد، وأبو يعلى ابن الفراء، و أبو الخطاب، و ابن الزاغوني، وأمثالهم من الحنابلة، وشمس الأئمة السر خسي من الحنفية. قال: وهو قول أكثر أهل الكلام من الأشعرية وغيرهم؛ كأبي إسحاق الإسفراييني، وابن فورك. قال: وهو مذهب أهل الحديث قاطبة ومذهب السلف عامة، أهـ / 1 / 125/ وما بعدها من الباعث الحثيث تحقيق الألباني عليه رحمه الله.
فالجملة الأولى التي تحتها خط تفيد أن إجماع الأمة ليس على آحاد الصحيحين فقط بل على أن كل ما أجمعت الأمة بصحته فهو يفيد القطع إذ أنه يتكلم على كل ما وجب على الأمة أن تعمل به.
والجملة الثانية التي تحتها خط تفيد أن أكثر أهل الكلام يرون أن أحاديث الآحاد إذا ثبتت أفادت القطع موافقة لأهل السنة وأما من خالف في ذلك فقال بعدم إفادتها القطع إنما هم عدد يسير من المتكلمين كما يفيده قوله: "وهو قول أكثر..الخ" التي هي أفعل تفضيل بالنسبة لأهل الكلام فقط.
والجملة الثالثة التي تحتها خط تدل على أن السلف قاطبة مجمعون على أن حديث الآحاد الذي صححه العلماء يفيد العلم؛ ولم يفصل كما فصل في أهل الكلام.
فتبين بهذا أن أهل السنة كلهم عل وتيرة واحدة في شأن خبر الآحاد ليس لأحد أن يدعي الخلاف بين السلف في هذا. و مما يدل على أن قول أبي الحسن هو قول المعتزلة اعتراف أبي الحسن بنفسه كما في حاشية كتابه إتحاف النبيل /1/41/ لصهره إبراهيم الدمياطي حيث قال: وقد يقول قائل: إنكم بذلك وافقتم أهل الكلام من المعتزلة وغيرهم في القول بأن خبر الواحد يفيد الظن والجواب على ذلك أن أهل السنة وافقوهم على هذه الجزئية لما دل الدليل على ذلك.
قلت: أما التشابه بين أبي الحسن والمعتزلة فها قد اعترف به وأما الدليل على قول المعتزلة الملجئ لأهل السنة لموافقتهم فلا وجود له. ثم كيف يكون هذا القول حقا وتكو الأمة بما فيهم علماء الحديث قاطبة و السلف عامة عالة في هذه الجزئية على أهل الكلام وهذا افتراء على السلف فإنهم ليسوا في حاجة إلى تقعيدات المبتدعة. ولا عذر لأبي الحسن بكون هذا قول الدمياطي وليس قولَه فهذا كتاب أبي الحسن وقد أسلمه إلى صهره وتلميذه فهو مسئول عن ذلك الكلام وغيره مما فيه.
تنبيه: لقد جاء أبو الحسن وصهره هنا بغريبة من الغرائب فقال الدمياطي في حاشية إتحاف النبيل /1/40 في أثناء استدلاله على أن حديث الآحاد يفيد الظن: [ ولكان العلم حاصلا بخبر الأنبياء إذ أخبروا ببعثهم من غير حاجة إلى إظهار المعجزات والأدلة على صدقهم فلما أخبروا عن نبوتهم وأظهروا المعجزات الدالة على ذلك ثبت أن خبر الواحد لا يفيد العلم ]. أهـ
قلت: وهذه إساءة إلى الأنبياء حيث دل الكلام عل أن الأنبياء لولا ما أظهروا من المعجزات ما ثبت عند السامع صدق النبي ولكان المتبع له بدون معجزة إنما هو متبع بالظن! وعليه فإن أبا بكر حين اتبع بدون أن يطالب بالمعجزات يكون قد اتبع الظن بناءا على هذا الكلام الباطل الشنيع!! ثم من سبقهما إلى أن خبر الأنبياء يفيد الظن لولا المعجزات؟؟. وبعد هذا التقرير من أبي الحسن فإنك ستجد نفسك في حاجة إلى مناقشة كلام أبي الحسن وصهره كما تناقش معتزليا فتذكر له قصة معاذ حين بعثه النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم إلى اليمن وهل أفادهم علما أو ظنا؟! و ضمام ابن ثعلبة هل أفاد قومه علما أو ظنا؟!....الخ.
المؤاخذات على أبي الحسن في شأن خبر الآحاد:
1ـ الحكم على حديث الآحاد المتلقي بالقبول بأنه لا يفيد العلم مخالفة لأهل الحديث قاطبة و موافقة لأهل الكلام من المعتزلة وغيرهم كما أفاده كلام ابن كثير واعتراف الدمياطي المذكور قبل.
2ـ إقحام آحاد الصحيحين بأن منها ما يفيد العلم ومنها مالا يفيد إلا الظن.
3ـ صياغة جملة هائلة من الشُّبَه على حجية خبر الآحاد تدعم ما عليه المعتزلة، فإن قال: أنا أتيت بها واحتججت بها على عدم إفادة العلم فقط مع قولي بحجية تلك الأحاديث وأما المعتزلة فإنهم سيستدلون بها على عدم الحجية من أساسها. فأقول: لقد مهدت الطريق أمام المعتزلة لمناظرة أهل السنة كالذي يُرِي اللصوص طريقة السرقة ومواضع الضعف التي تسهل له السرقة ثم يقول: أنا ما سرقت.
ثم إنك لم توجد ردودا على المعتزلة فيما لو استدلوا على عدم الحجية بشبهاتك التي أوردتها؟؟ فأنت قد أوردت الشبهات نقدا ثم أهملت الدفاع عن حديث رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم.لا سيما وأنتم قد أقررتم أنكم وافقتم المعتزلة كما مضى ذكره.
4 ـ قوله الشنيع عن الأنبياء أنهم لولا ما أظهروا من المعجزات ما أفاد خبرهم العلم.
وفي ختام هذا الفصل أحب أن أنقل بعض ما كتبه الشيخ عبد العزيز بن باز عليه رحمة الله في كتابه "حكم إعفاء اللحية وخبر الآحاد" و كلامه كثير ونفيس فسأقتصر على ما تمس به الحاجة قال رحمه الله ص/21/ وما بعدها: وقد كان صلى الله عليه وعلى آله وسلم يقطع بصدق أصحابه، كما قطع بصدق تميم الداري لما أخبره بقصة الدجال وروى ذلك عنه على المنبر، ولم يقل أخبرني جبريل عن الله، بل قال: "حدثني تميم الداري" ومن له أدنى معرفة بالسنة يرى هذا كثيرا فيما يجزم بصق أصحابه ويرتب على أخبارهم مقتضاها من المحاربة و المسالمة والقتل و القتال. ونحن نشهد بالله ـ و لله شهادة على البت والقطع لا نمتري فيها ولا نشك ـ على صدقهم ونجزم به جزما ضروريا لا يمكننا دفعه عن نفوسنا، ومن هذا أنه كان يجزم بصدقهم فيما يخبرونه به من رؤيا المنام ويجزم لهم بتأويلها ويقول: "إنها رؤيا حق" وأثنى الله تعالى عليه بذلك في قوله: { ومنهم الذين يؤذون النبي ويقولون هو أذن قل أذن خير لكم يؤمن بالله ويؤمن للمؤمنين } التوبة:61/، فأثنى عليه ومدحه بتصديقه لمن أخبره من المؤمنين، ومن هذا إخبار الصحابة به بعضهم بعضا فإنهم كانوا يجزمون بما يحدِّث به أحدهم عن رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم ولم يقل أحد منهم لمن حدثه عن رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم: خبرك خبر واحد لا يفيد العلم حتى يتواتر، وتوقُّف من توقَّف منهم حتى عضده آخر منهم لا يدل على رد خبر الواحد عن كونه خبر واحد وإنما كان يستثبت أحيانا نادرة جداً إذا استخبر، ولم يكن أحد من الصحابة ولا أهل الإسلام بعدهم يشكُّون فيما يخبر به أبو بكر الصديق عن رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم ولا عمر ولا عثمان ولا علي ولا عبد الله بن مسعود وأبي بن كعب وأبو ذر ومعاذ بن جبل وعبادة بن الصامت وعبد الله بن عمر وأمثالهم من الصحابة، بل كانوا لا يشكُّون في خبر أبي هريرة مع تفرده بكثير من الحديث، ولم يقل له أحد منهم يوما واحدا من الدهر: خبرك خبر واحد لا يفيد العلم، وكان حديث رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم أجل في صدورهم من أن يقابل بذلك، وكان المخبر لهم أجل في أعينهم وأصدق عندهم من أن يقولوا له مثل ذلك، وكان أحدهم إذا روى لغيره حديثا عن رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم في الصفات تلقاه بالقبول واعتقد تلك الصفة به على القطع واليقين، كما اعتقد رؤية الرب وتكليمه ونداءه يوم القيامة لعباده بالصوت الذي يسمعه البعيد كما يسمعه القريب، ونزوله إلى سماء الدنيا كل ليلة وضحكه وفرحه وإمساك سمواته على إصبع من أصابع يده وإثبات القدم له، من سمع هذه الأحاديث ممن حدث بها عن رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم، أو عن صاحب اعتقد ثبوت مقتضاها بمجرد سماعها من العدل الصادق، ولم يرتب فيها، حتى أنهم ربما تثبتوا في بعض أحاديث الأحكام حتى يستظهروا بآخر، كما استظهر عمر رضي الله عنه برواية أبي سعيد الخدري
على خبر أبي موسى. و كما استظهر أبو بكر رضي الله عنه برواية محمد بن مسلمة على رواية المغيرة بن شعبة في توريث الجدة.
ولم يطلب أحد منهم الاستظهار في رواية أحاديث الصفات البتة، بل كانوا أعظم مبادرة إلى قبولها وتصديقها، والجزم بمقتضاها، وإثبات الصفات بها من المخبر لهم بها عن رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم، ومن له أدنى إلمام بالسنة والتفات إليها يعلم ذلك، ولولا وضوح الأمر في ذلك لذكرنا أكثر من مائة موضع،
فهذا الذي اعتمده نفاة العلم عن أخبار رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم خرقوا به إجماع الصحابة المعلوم بالضرورة وإجماع التابعين وإجماع أئمة الإسلام ووافقوا به المعتزلة و الجهمية و الرافضة و الخوارج الذين انتهكوا هذه الحرمة تبعهم بعض الأصوليين و الفقهاء، و إلا فلا يعرف لهم سلف من الأئمة بذلكن بل صرح الأئمة بخلاف قولهم. إلى آخر كلامه رحمه الله النفيس سواء الذي من قوله أو الذي من منقوله عن الأئمة فراجعه إن أردت التوسع في الموضوع.
{ حمل المجمل والمفصل }
هذه القاعدة لو لم تكن مبتدعة محدثة ما حار فيها كثير من طلبة العلم بل المشايخ؛ نعم هذا اللقب "المجمل والمفصل" موجود في كتب أهل العلم لكن المستغرب هو طريقة التعامل مع هذه القاعدة وهو المحدث، وإليك بيان شيء مما يزيل اللبس إن شاء الله.
من المعلوم أنه إذا ورد نص من الكتاب والسنة يحمل معنىً معينا ثم يأتي نص آخر يخالفه من بعض الوجوه فإنه يثب على قلوبنا يقين لا شك فيه أن الأول حق والثاني حق لأنه كلام المعصوم فلا نتوقع قطعا أن قائله حدثت له بعض التغيرات الآتي ذكرها لأنه كلام الله سبحانه وتعالى أو كلام من لا ينطق عن الهوى.
وأما لو جاءنا كلام من عالم من العلماء ـ فضلا عن غيرهم ـ يحمل معنىً من المعاني ثم جاء عنه كلام آخر يغايره من بعض الوجوه فهل يقول عاقل ـ فضلا عن عالم ـ إنه لابد أن يثب على قلوبنا نفس اليقين الذي وجدناه عند سماع النصين المختلفين من الوحي الشريف من أن كليهما حق؟؟ هذا لا يمكن لأنا نقول: إن هذا العالم تطرأ عليه التغيرات.
فربما يكون قد نسي كلامه السابق.
وربما تغير اجتهاده في المسألة.
وربما غضب فتكلم بكلام يخالف الشرع.
وربما ينحرف ويضل عن الصراط المستقيم، لأن الحي لا يؤمن عليه.
وعلى هذا فإنا إذا جاءنا كلام حق لعالم أو غير عالم من أهلا السنة ثم خالفه بكلام آخر فإننا نحكم على هذا الكلام بما يستحقه من أنه خطأ أو باطل أو بدعة أو معصية أو كلام شركي؛ أو غير ذالك. و هذا حكم على الكلام لا على المتكلم أما المتكلم فإننا لا نتعجل في الحكم عليه حتى نجمع كلامه كله من هنا وهناك ثم يحكم عليه بما يستحقه كما قال ذلك الشيخ أحمد النجمي في فتوى له نشرت في شبكة سحاب.
هذا نصها.
الحمد لله وكفى والصلاة والسلام على النبي المصطفى وعلى آله وصحبه أئمة الهدى ومصابيح الدجى، أما بعد: فقد سألت الوالد الإمام العلامة الشيخ أحمد بن يحيى النجمي ـ حفظه الله ـ يوم السبت /5/1/ 1424/ أثناء درسه في شرح صحيح مسلم، عن قاعدة حمل لمجمل على المفصل، هل هي خاصة بكلام المعصوم، أم من الممكن إعمالها في كلام العلماء؟ فأجاب ـ جزاه الله خيراً قائلا:
حمل المجمل على المفصل خاصة بكلام الله وكلام رسوله، ولا تدخل في كلام العلماء، وإنما كلام العلماء ينظر ـ مثلا ـ إذا وجد له كلام مختلف، فيبحث في كلامه و يجمع من هنا وهنا وينظر ما استقر عليه أمره. لكن كلام المعصوم الذي لا يتطرق إليه الشك و لا يتحول ولا يختلف فهذا يحمل مطلقه على مقيده وأما كلام العلماء وكلام الناس الذين يتأثرون بالانفعالات والأشياء التي تهجم على قلوبهم، فهذا لا يقال فيه، وما سمعنا أنه يحمل المجمل على المفصل إلا في كلام أبي الحسن. وصلى الله على تبينا محمد وعلى آله وسلم تسليما. انتهى.
قلت: و لنجعل سيد قطب في قضية "وحدة الوجود" هي المثال، لأنها هي السبب في إتيان أبي الحسن بهذه القاعدة فأبو الحسن دافع عن سيد قطب بأنه حين تكلم بكلام أهل وحدة الوجود إنما قصد به: أن كل شيء من عند الله كما هي عقيدة عوام مصرـ حسب قول أبي الحسن ـ. ثم علل ذلك بأن سيد قطب قد قال كلاما ظاهره أنه ينكر على من يقول بوحدة الوجود. وعلى هذا قال: هو يقصد: أن كل شيء من عند الله.
هذه طريقة أبي الحسن في التعامل مع هذه القضية الخطيرة التي تمس العقيدة بل هي كفر بالله عز وجل.
أما العلماء فإنهم حكموا على كلام سيد قطب بأنه يقول بوحدة الوجود ثم لم يتعجلوا في الحكم علي سيد قطب حتى يتبين لهم ما هو الذي استقر عليه أمره، إذ لو حكموا عليه لكفروه.
و لم يقف أبو الحسن في التماس العذر في قضية وحدة الوجود عند سيد قطب فقط بل جعل ذلك هو قول عوام مصر جميعا فقد دافع عن صوفية مصر الذين توارثوا هذه العقيدة الباطلة عن ابن الفارض وغيره حتى سرت هذه العقيدة الباطلة على ألسنة العامة.
ولإن كان هذا هو نظر أبي الحسن لسيد قطب وأنه لا يزال ـ في أهم أمور الدين "التوحيد" ـ في مرتبة العوام فينبغي أن يعرف أبو الحسن وغيره من أتباع سيد قطب من هو سيد قطب وكيف حق لهم أن يطعنوا في علماء المسلمين من أجل جاهل وثب بجهله على كتاب الله يفسره بجهله وهواه.
و مما يدل على ثبات العلماء على منهجهم و اضطراب أبي الحسن أنه قال في أثناء دفاعه عن سيد قطب: لو قلت بأنه يقول بوحدة الوجود لكفرته، ثم لما ادعا أنه تراجع عن ذلك و تبين له أن سيداً قال بقول أهل وحدة الوجود لم يقل بتكفيره. و أما العلماء فلم يتغير كلامهم بل ضللوه بسبب كلامه هذا ووكلوا أمره إلى الله إذ لم يظهر لهم هل هو جاهل فيعذر بجهله أم أنه يعاند على علم؟؟.
ثم يقال: بما أن أبا الحسن قد جُرِّب عليه أنه يخالف العلماء ثم يرجع إلى قولهم حين تشتد عليه الأمور فإنه يظهر جليا لكل ذي عينين مكانة أبي الحسن العلمية وأنه ليس عنده ما يكفيه من العلم فكيف يصح أن يكون متبوعا؟؟ علما أن أبا الحسن يعتبر الذين ساروا وراءه من أصحاب براءة الذمة وغيرهم أتباعا له فقد كان يتكلم في أحد الأشرطة في انتقاد له علينا فقال: يقولون إن أتباع أبي الحسن يقولن: كذا وكذا ـ في كلام لا أذكره الآن ـ فقال: لا تقلوا: أتباع أبي الحسن قولوا: بعض أتباع أبي الحسن. فكيف رضي أولئك بهذه التبعية؟؟!!
و مما ينبغي أن يعلم للأهمية أن حمل المجمل على المفصل عند أبي الحسن معناه أن الكلام الأول حق والثاني حق وهذا ظاهر في المثال المضروب " وحدة الوجود" فإنه زعم أن مراد سيد قطب بكلامه الذي وافق به أهل وحدة الوجود، معناه: أن كل شيء من عند الله. ومعلوم أن قول القائل: "كل شيء من عند الله" كلام حق، والواجب أن نعتبر كلام سيد قطب الموافق لكلام أهل الوحدة باطلا وسيئة وأبوا الحسن اعتبره حسنة؛ وقارن كلام أبي الحسن في المجمل والمفصل بما قيل في تلك القاعدة الباطلة " الموازنة" فإن أصحابها يقولون: لا تنسينا سيئات الرجل ما عنده من حسنات. أما قاعدة أبي الحسن"حمل المجمل على المفصل" فإنها تعتبر السيئات حسنات، فأي القاعدتين أبعد عن الحق؟؟!! فاعتبرو يا ألي الأبصار.
وعندما أنكر الناس على أبي الحسن هذه القاعدة المجمل والمفصل أراد أن يموه في القضية ـ كعادته ـ بأسلوب يرمي فيه عصفورين بحجر فيغالط أهل السنة من جانب ويرفع من شأن سيد قطب من جانب آخرغيَّر كلامه بأسلوب فيه مهزلة و تلاعب بعقول الناس فقال: السني مفصله الخير والمبتدع مفصله الشر فهذه القاعدة لا تزيد السني إلا خيرا ولا تزيد المبتدع إلا شرا. أهـ.
فحير أبو الحسن كثيرا من الناس بهذا المكر حتى تعاطف معه من تعاطف. و لو أمعنت النظر في هذا الكلام لوجدت أن أبا الحسن ـ فضلا عن غيره ـ إما أنه ليس مقتنعا بهذا الكلام أو أنه يفصح عن منهجه الذي لم يظهر بعد للعيان ولعله يظهر مع الأيام وإليك البيان فأقول:
من المعلوم أن حمل المجمل على المفصل نفع سيد قطب أيما نفع إذ نقل كلامه من حضيض الكفر إلى أوج التوحيد. وبعد هذا فإما أن سيد قطب سني أو مبتدع فإن قال أبو الحسن: إن سيد قطب من أهل البدع فكيف حمل مجمله الشر على مفصله الخير ـ الذي يدعيه ـ وهو يقول: إن مفصل المبتدع الشر، وأن هذه القاعدة لا تزيد المبتدع إلا شرا ؟؟! هذا تناقض!! لأن سيد قطب استفاد من هذه القاعدة.
وإن قال: إن سيد قطب من أهل السنة ـ وهذا هو المتوقع ـ فليصرح بها ويريحنا من هذا العناء واللف والدوران ويَعرِف ـ آنذاك ـ أولئك المغرر بهم ـ ممن لا يزالون معه ـ ماذا عند أبي الحسن.
عجيبة من العجائب: ذكر الشيخ أحمد بن سفيل في كلام له منشور في شبكة سحاب ما ملخصه أنه تكلم في مركز أبي الحسن عن سيد قطب وبين ما لديه من عقائد باطلة وأن أبا الحسن لم يرض عن الكلام وقال لم لا يلتمس له العذر فساء ذلك ألشيخ أحمد بن سفيل، وحين ذهبوا إلى منزل أبي الحسن أراد أبو الحسن أن يعتذر من بن سفيل حين رأى عليه آثار الغضب، فقال: يا شيخ أحمد إن لسيد رحما. فلم يرد ابن سفيل. فرد أبو الحسن الكلام ثانية وثالثة وقال في الثالثة: يا شيخ أحمد سيد قطب جد زوجتي. أهـ قلت: ينظر كيف اتصل نسبها به إذ أن أباها هو عبد الفتاح إسماعيل الذي هو من قادة الإخوان المسلمين بل من المؤسسين. لكن هل قرب نسب سيد قطب من زوجة أبي الحسن يعتبر مبررا لأبي الحسن لأن يلتمس له الأعذار في قضايا خطيرة منها في الله ومنها في الأنبياء ومنها في الصحابة وغير ذلك و يهون من شأنها؟؟.
الأطواق الأمنية على المبتدعة
لقد بذل أبو الحسن من الجهد في الحفاظ على المبتدعة ما لم يبذله المبتدعة أنفسهم في الدفاع عن أنفسهم بل لعله لم تخطر ببالهم تلك الطرائق التي بذلها أبو الحسن في الدفاع عنهم.
ثم إنك تشعر أن أبا الحسن حين يدافع عن المبتدعة لا يدافع عن أجنبيين عنه وإنما تشعر أنه يدافع عن نفسه وإخوانه وأحبابه، وحين يتكلم عن أهل السنة تشعر أنه يتكلم عن خصوم ألداء وإن ذكر أحدا من أهل السنة بخير فلحاجة ما, إما أن يكون محتاجا لبعض كلامه أو ليدرأ به في وجوه أقوام.
لقد بلغ ذلك الأمر من أبي الحسن مبلغ الليل والنهار لقد فارق أهل السنة وعاداهم من أجل المبتدعة وسبَّ أهل السنة في مشارق الأرض و مغاربها بما عجز عنه المبتدعة من أجل المبتدعة.
و سأذكر هنا إن شاء الله بعض قواعد أبي الحسن التي يحامي بها ويذب عن المبتدعة وهي تنبيك عن مدى الضرر الكامن في قواعد أبي الحسن التي يدندن بها في عامة مجالسه و تنبيك أيضا عن أن أهل السنة لم يقفوا منه هذا الموقف إلا لخطورة منهجه الدعوي المنحرف لا كما يظنه البعض بأنه غلو في التبديع والتضليل وو..الخ متابعين في ذلك أبا الحسن فأقول.
الطوق الأول: التثبت.
يقرر أبو الحسن أنه لا يحكم على شخص بخلاف ما يعرف عنه حتى يقرأ كتابا له بنفسه أو يسمع شريطا أو يجلس معه بنفسه.
( قال ذلك في الأشرطة السبعة التي سجلها في بداية الفتنة وادعا فيها أنها تراجعات وهي في الحقيقة إشعال للفتنة من عنوانها وهو قوله: " القول الأمين في صد العدوان المبين" فسمى نصح الناصحين له عدوانا مبينا ).
بل أكد ذلك بأنه لم يتراجع في شأن وحدة الوجود عند سيد قطب لكلام العلماء وإنما لأنه اطلع بنفسه وقرأ بنفسه، فأسقط بهذه القاعدة نقل الثقات ولوا كانوا علماء لأنه يريد أن يتثبت بنفسه،
وينبني على هذا أنك لو ثبت لديك ما يقتضي تبديع شخص فلا يلزمني أن آخذ به بل لعل أبا الحسن يرى أنه لا يجوز الأخذ به, فلو رأيت شخصا يجالس مبتدعا فلا تنكر عليه لأنك أنت الذي ثبت لديك أن فلانا فعل أو قال ما يقتضي تبديعه فلا تلزم غيرك بذلك، ويؤكد ذلك بقوله في غير ما موطن بما لا أحصي: " الخلاف في الأشخاص ليس خلافا في الأصول" ويقول: ما كل من كان مبتدعا لا بد أن يكون مبتدعا عند الجميع ولا من كان مبتدع يعامل معاملة واحدة عند الجميع فإذا أمعنت النظر وجدت أن أمامك من العراقيل والعقبات ما يحول بينك وبين تبديع أي شخص. ومن ثم لا تستنكر جلوس شخص أو تتلمذه على أي مبتدع لأنك لا تدري هل ذلك الشخص قد علم حال ذلك الرجل أم لم يعلم وسنكون في المبتدع الواحد مختلفين أيما اختلاف, ذك يقول: هو مبتدع ويحذر منه وذاك يقول: هو سني ويجالسه ويحث عليه وكم سيحصل من الاضطراب في العامة والخاصة؟؟.
والمشروع في هذا ما قاله الله تعالى في سورة الحجرات: ( يا أيها الذين آمنوا إن جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا ) فأمر الله بالتثبت في خبر الفاسق فأما كلام العدول الثقات ـ فضلا عن العلماء فلم يأمر بالتثبت في صحة ما نقلوه وعلى هذا سار العلماء والقضاة وغيرهم في تلقي الأخبار والحكم على الأشخاص، وكتب الجرح والتعديل طافحة بذلك.
الطوق الثاني: حمل المجمل على المفصل, وقد تكلمنا قبل عن بيان فساد هذه القاعدة.
ودور هذه القاعدة عند أبي الحسن أنك لو ثبت لديك ما يقتضي تبديع شخص فاحمل مجمله على مفصله ولا يلزم من ثبوت الباطل عنه أن يكون كذالك في واقع الأمر لأنه بما أن مفصله الخير فكذلك لا بد أن يكون مجمله خيرا أيضا، فمهما ثبت لديك عن شخص من باطل حتى ولو كان القول بوحدة الوجود أو التكفير أو الاخوانية أو القطبية أو غير ذلك فإياك أن تسيء الظن فتحكم عليه بأنه مبتدع بل احكم عليه بأنه على سنة !! إنها سنة أبي الحسن.
ثم لو حاولت أن تسيء الظن فإن أبا الحسن ومن كان على شاكلته مستعدون أن ينسوا أنك سلفي ـ أو يتناسوا ـ ثم يجعلوا من أنفسهم جبهة كبرى للدفاع عن ذلك المبتدع ضدك أنت مع أنك سلفي يقينا !! فبأي ميزان وزنوا وبأي أدلة استدلوا؟! و من سبقهم إلى هذا من أهل السنة قديما وحديثاً؟.
الطوق الثالث: نصحح ولا نهدم.
وهذا الكلام قد يقوله أهل السنة في حق من كان على منهج سلفي وحصلت منه بعض المآخذ التي لا يخلوا منها الناس ـ مع الأخذ بعين الاعتبار معرفة نوعية الخطأ الذي يمكن تصحيحه أو لا يمكن فإن كان التصحيح ممكنا فإن العلماء ينتقدون عليه ويبينون وجه الصواب مع بقاء ما بينهم من المودة والسير على النهج الواحد وإذا كان التصحيح غير ممكن بسبب أن ذلك الخطأ ضلال وانحراف لا يسكت عن مثله ولم ينفع معه النصح فإن العلماء يبينون حاله ليحذر منه لا كما جرى من أبي الحسن الذي يدافع عن الإخوان المسلمين وعلى رأسهم القرضاي وسيد قطب والزنداني وغيرهم بحجة أننا نصحح ولا نهدم ثم يطعن في أهل السنة غيرة على هؤلاء المبتدعة ويحشد الأشرطة والكتب لذلك فهذا هدم لأهل السنة وتصحيح للمبتدعة!!.
ودور هذه القاعدة أنك لو ثبت لديك في شخص ما، ما يقتضي تبديعه ثم لم تستطع حمل مجمله عل مفصله لأن القضية واضحة لكل ذي عينين بل حتى للعُمْي فآنذاك تتعامل معه بهذه القاعدة نصحح الأخطاء ولا نهدم الأشخاص، حفاظا عليه وصونا له من أن يحكم عليه أي عالم من علماء أهل السنة بأنه مبتدع، ومعلوم أن النقاش في قضايا توحيد وشرك و سنة وبدعة وقضايا منهجية ليست في أشياء اجتهادية مثل الجهر والإسرار بالبسملة وهل تحية المسجد واجبة أم ليست واجبة؟.. وغير ذلك بل الكلام في أناس عندهم تكفير وتحزب وأن الأمة تتواصى على الردة وغير ذلك و مطعون فيهم من قبل علماء أهل السنة وكلامهم منشور في أشرطة وكتب وملازم ولهم أتباع يروجون كلامهم وينشرون باطلهم.
فالقاعدة مطروحة برمتها وعمومها دون تقييد و يكون من ذكر ممن كان هذا حالهم أمثلة لها كالمغراوي وعدنان عرعور وسيد قطب وغيرهم. وحينئذ يظهر أنها بعيدة عن المنهج السلفي ومن خلال شرح هذه القاعدة يظهر لك شناعة ما فيها, ومن نظر إلى تعامل أبي الحسن مع هذه القاعدة يجد أنه صحح أهل البدعة وهدم أهل السنة.
و خلاصة هذه القاعدة أنها هي قاعدة الموازنة بصيغة أخرى ولكي يتبين لك هذا بجلاء فانظر إلى ما كتبه أبو الحسن حول هذه القاعدة فإنك ستجد أدلته هي بعينها أدلة أصحاب قاعدة الموازنة مع الزيادة.
أضف إلى ذلك أن من نظر إلى تصرف أبي الحسن مع هذه القاعدة يتبين له أن المقصود منها هو الذب عن المبتدعة إذ أنه تكلم على أهل السنة بأكثر من مائة وثلاثين شريطا إضافة إلى ما هو مكتوب في الأوراق إضافة إلى ما كتبه أتباعه و مناصروه و لو قلت لهم: ما هي القضية التي تحمستم لها هذا التحمس و طعنتم على أهل السنة هذا الطعن كله لقالوا: إننا نحارب الغلو في الحكم على المخالف. ثم تنظر من هو المخالف إذا بك تجد أناساً أو جماعة من المبتدعة قد طعن فيهم أهل السنة وهم أيضا قد طعنوا في أهل السنة, وعلى هذا فمن هو الذي صححه أبو الحسن ومن هو الذي هدمه؟؟ لقد صحح المبتدع أو المشكوك في منهجه على الأقل وهدم أهل السنة.
الطوق الرابع: المنهج الواسع الأفيح الذي يسع أهل السنة ويسع المسلمين جميعا.
وادعا أبوا الحسن أن هذه القاعدة مستفادة من كلام السلف. وقال في معنى كلامه إن من قرأ سيرة السلف قدر على أن يصيغ منهجا واسعا أفيح يسع أهل السنة ويسع الناس جميعا وكان الشيخ ربيع يحسن الظن بأبي الحسن فقال لعله يعني الأمور الدنيوية، فقال أبو الحسن في الأشرطة السبعة ـ غالب ظني ـ: إي والله ما قصدت إلا ذلك. ثم تناقض حالا وبغير مهلة فقال: أنا أرد على أولئك الذين جعلوا السنة كالمنديل من دخل تحته فهو السني ومن لم يدخل تحته فليس بسني.
قلت: وفي هذا الكلام من الخلط و المغالطة و العبث والاستهانة بالأتباع المغرر بهم ما ليس خافيا وأليك بيانه.
أولا: حين يحلف بأنه ما أراد إلا الأمور الدنيوية ثم يقرر بعد ذلك أنه يريد أن يرد على قوم ضيقوا تعريف السني حتى جعلوه كالمنديل. ألا يتقي الله في يمينه هذه؟؟!!.
ثانيا: حين يقول: بأنه يعني الأمور الدنيوية من الذي قال من أهل السنة: إنه لا يجوز شراء البصل والثوم إلا من سني أنت يا أبا الحسن لست في تقرير كيفية شراء الرز والفول وغير ذلك ـ وأعتذر عن تدني الكلام إلى هذا المستوى فأبو الحسن هو الذي أحوجنا لهذا ـ ولهذا أقول أنت يا أبا الحسن في تقرير أمور دعوية أنت في تقرير من هو السني ومن هو المبتدع كما دل عليه بقية كلامك. ألست ترى أن أهل السنة فيهم المدرس ومدير المدرسة والسائق و البقال والجندي... الخ أتُرى أن المدرسين من أهل السنة لا يدرسون إلا طلابا سلفيين؟ وهل السائق لا يركب إلا سلفيين ؟ وهكذا إلى آخره ؟ هذا يا أبا الحسن استخفاف بعقول الناس يشبه استدلالك على الانتخابات بأن الإمام عبد بن حميد شيخ الإمام البخاري له كتاب اسمه" المنتخب " وهل نحن في حاجة إلى قاعدة في هذا؟ إن الأمر مفروغ منه سواء قصدت الأمور الدنيوية أو الأمور الدينية فنحن في غنى عن كلامك من أساسه ولو سَلِمَت نيَّتك ما احتجنا إلى رد كلامك لأنه متهافت ولكنك أردت أن تطعن على أهل السنة في أمر عظيم إنه تعريف السني والمبتدع ليتسنى لك إدخال قوم من المبتدعة في أهل السنة من الباب الخلفي الذي زعمت أنك تفتحه بعد إذ سده العلماء ! إنك تريد الحفاظ على المبتدعة ولو بإدخال القواعد الباطلة على الشريعة، وحين ظهر للعيان مرادك زعمت أنك تريد الأمور الدنيوية؟ هذه مغالطة منك، وأبو الحسن يلجأ لمثل هذا عند المضايق.
ثالثا: هب أن سنيا قال: أحب أن يكون عملي عند سني لا عند مبتدع لأستريح من كثرة الجدال لأنني سأضطر إلى أن آمر بالمعروف وأنهى عن المنكر وسيكثر علي ذلك كما هو معلوم من كثرة المعاصي والبدع عند المبتدعة لا سيما وأن الرجل السني لا يسكت عند أن يرى منكرا ما استطاع إلى ذلك سبيلا، فلو أن سنيا اختار أن يكون عمله عند سني لا عند مبتدع فهل يكون قد جعل السنة ضيقة كالمنديل؟؟!
رابعا: قوله: من قرأ سيرة السلف... الخ يريد أبو الحسن أن يصوغ قاعدة حسب قوله، ومعنى هذا أن القاعدة إلى الآن ليست موجودة إذ لو كانت موجودة لذكرها وأراح نفسه وغيره، وكونها غير موجودة إلى الآن ٍلدليل على أن أبا الحسن عنده قواعد مخترعة محدثة فليتنبه لذلك!!.
خامسا: أن هذه القاعدة ـ وهي كما قلنا ـ طوق أمني على المبتدعة ـ دورها أنك إذا ثبت لديك عن شخصٍ ما يقتضي تبديعه ثم صعب عليك حمل مجمله على مفصله وصعب عليك العمل بقاعدة صحح ولا تهدم ويكون قد ظهر من أمر الرجل ما لا مجال للدفاع عنه فإنه يأتي دور هذه القاعدة التي مفادها أن لا تتقزز من التعايش مع أي ضليل مهما كان ضلاله بل حتى ولو كنت مع غير المسلمين لأن أبا الحسن قال: يسع أهل السنة ويسع الناس جميعا. ولا مجال بعد هذا للغيرة على الدعوة والعقيدة السلفية ولا معنى للولاء والبرء بعد هذا المنهج الأفيح المبتدع، وهذا هو منهج الإخوان المسلمين برمته الذين استعدوا لاستقبال النصارى أعضاءا في جماعتهم كما قال ذلك ابن الهضيبي في لقاء صحفي, فليت شعري كيف يكون الرجل نصرانيا إخوانيا في آن واحد لولا المنهج الواسع الأفيح الذي يسع الناس جميعا.؟؟!!
و الأمر الذي يستدعي الانتباه هو أن هذه الأطواق عند أبي الحسن تعتبر قواعد وأصولا يحب من أجلها ويبغض من أجلها بل إنه فارق أهل السنة من أجلها لأنه يراهم ـ إذ لم يسيروا عليها ـ أهل غلو, وهي في نفس الوقت أصول مبتدعة. وليس خافيا عليك أن من أتى بأصل مبتدع ووالى من أجله وعادى من أجله فهو مبتدع.
وأيضا فإنك إذا نظرت إلى هذه الأطواق الأمنية على المبتدعة ثم طبقتها لأصبحت قضية التبديع من الأمور المستحيلة ولأصبحت مهزلة أيضا ولْيَعِشِ المبتدعة في مأمن من التبديع إنهم أهل سنة عند أبي الحسن.
الطوق الخا مس / و/ السادس: و بعد هذا التقعيد ـ وإن شئت قلت التعقيد ـ الذي لا يستفيد منه سوى المبتدعة كنا نظن أن الأطواق الأمنية انتهت إلا أن أبا الحسن أضاف أطواقا أخرى وهو ما أضافه في موسم حج هذا العام 1424/ حيث صرح بأن الزنداني من أهل السنة وأن القرضاوي من أهل السنة وبعض النقلة يقول بأنه متوقف فيه وأظن أنه متوقف فيه من أجل ألا يعظم النقد عليه فيا سبحان الله كم بين أبي الحسن وبين علماء أهل السنة فانظر وقارن.
الشيخ بن عثيمين يقول في فتوى القرضاوي في شأن الانتخابات الاسرائيلية:هذه ردة وعلى حكام المسلين أن يقيموا عليه حد الردة أو بهذا المعنى.
الشيخ مقبل يقول: كفرت أو قاربت يا قرضاوي.
أبو الحسن يقول: القرضاوي من أهل السنة، أو متوقف في الحكم عليه بالبدعة. وجاء هذا الحكم بعد أن ذهب زمن الخوف بموت الشيخين. فاعتبروا يا أولي الأبصار.
ثم صرخ أبو الحسن بها مدوية فقال: أنا لا أبدع شخصا حتى أقيم الحجة عليه بنفسي وتتضمن إقامة الحجة عليه إزالة الشبهة منه.
قلت وهذان طوقان محكمان: الأول إقامة الحجة عليه بنفسه، والثاني إزالة الشبهة. وإن كان هذا قريبا من قاعدة التثبت إلا أن فيه معنى زائدا فإنك لو ثبتَّ لديك أن عند فلان بدعة فلا تبدعه لأنك لم تقم الحجة عليه بنفسك ثم لو أقمت الحجة عليه بنفسك فلا تبدعه لاحتمال أن الشبهة لم تزل منه بعد ثم لو أقمت الحجة عليه و زالت الشبهة منه تحكم عليه أنت بالبدعة فقط ولا تنكر على من جالسه من أهل السنة لاحتمال أنه لم يقم عليه الحجة أو أقامها ولم تزل الشبهة وهكذا يريد أبو الحسن أن نقف طابورا عند المبتدع الواحد نقيم عليه الحجة واحدا بعد واحد حتى ينتهي عدد أهل السنة ثم ينتقلون إلى المبتدع الثاني وهكذا.. فهل بعد هذه المهزلة مهزلة بأمر التبديع ؟؟.
وقد قال الله تعالى مقررا خلاف ما قرره أبو الحسن: "فريقا هدى وفريقا حق عليهم الضلالة إنهم اتخذوا الشياطين أولياء من دون الله ويحسبون أنهم مهتدون". وقال تعالى: الذين ضل سعيهم في الحياة الدنيا وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعا".
فهل زالت الشبهة من هؤلاء الذين ذكرهم الله في الآيتين وهل شفع لهم ظنهم بأنفسهم أنهم مهتدون، ؟ أو كونهم يحسبون أنهم يحسنون صنعا؟.
وبعد هذا التعقيد ـ ولا أقول: التقعيد ـ أصبحنا في منأى عن المبتدعة ولا أظنك تجد مبتدعا ـ على طريقة أبي الحسن المحدثة ـ إلا خلف ردم يأجوج وما جوج ـ إن وجدت ـ
سابعا: ثم وراء ذلك كله ما يحيرك ويذهلك وهو أعظم الأطواق وأحكمها قوله في أحد أشرطته: لا تلزمني إذا قلت بأن فلانا مبتدع أن أخرجه من أهل السنة فقد يكون السني مبتدعا.
يعني أنه لو توفرت المستحيلات الماضي ذكرها كلها وقدرت أن تنقب على مبتدع حتى اكتشفته وتحصلت عليه بعد اللتيا والتي وما كادوا يفعلون ثم جئت به إلى أبي الحسن وقلت له هذا مبتدع. لقال لك: لا يلزم من كونه مبتدعا أن لا يكون سنيا. أهكذا طريقة السلف يا أهل السنة ؟ أهكذا يا من أحسنتم الظن في أبي الحسن؟ أهكذا تربيتم على أيدي مشايخ وعلماء أهل السنة؟ هل يؤتمن مثل هذا على دين الله؟ وهل هو مؤهل لحماية السنة وهو بهذا المستوى المنحط علميا؟ فإن كان هذا صادرا منه عن جهل فلا يليق أن تكونوا أتباعا لجاهل وإن كان صادرا منه عن علم وسوء نية فلا يليق أن تكونوا أتباعا لهذا الرجل الذي تعامل مع قواعد الشريعة بخيانة وظلم وتعسف.
إن أبا لحسن جعل من نفسه مدافعا عن المبتدعة وممثلا لهم في وسط أهل السنة وقعد القواعد التي تخدم مبادئ المبتدعة حتى رفعهم إلى مستوى رفيع جدا, ألم أقل لكم إن أبا الحسن يتكلم عن المبتدعة كلام من يتكلم عن نفسه وإخوانه وأحبابه؟
وإضافة إلى ما تقدم فقد رفع أبو الحسن المبتدعة إلى مرتبة المجددين. فيقرر في كتابه السراج الوهاج أن المجدد لا مانع من أن يكون مبتدعا غير داع إلى بدعته. وهذا نص كلامه من كتابه السراج الوهاج/ص104/فقرة رقم/212/ الطبعة الثانية:... والمقصود أن يجدد للأمة الدين لا يحيي فيهم البدع، والأصل أن يكون هذا المجدد من علماء أهل السنة، لا من علماء البدعة، وإن عد بعضهم أهل البدع في المجددين؛ فإما أن العادّ يوافقه على بدعته، أو لأن المجدد جدد في السنة و لم يدع إلى بدعته. اهـ المراد
قلت: فإذا كان الأصل في المجدد أن يكون على سنة فمعناه أن الفرع أن يكون المجدد من المبتدعة كما يدل عليه بقية كلامه وهو قوله: " أو لأن المجدد جدد في السنة و لم يدع إلى بدعته" وهذا واضح جلي في أن أبا الحسن لا يمانع من كون المجدد مبتدعا غير داع إلى بدعته أو أنه يكون من الدعاة إلى بدعته لكن لا يكون متحمسا لها حتى يكون فيها من المجددين لها.
وبهذا فإني أرجوا أن أكون قد أوضحت بعض ما ينبغي إيضاحه حول هذه المسائل, ومن رأى من طلبة العلم إضافة على ما كتبت فليكن كلامي منبها له وملفتا لنظره, ومن قدر أيضا على أن يطرح هذه القواعد المبتدعة على شكل أسئلة على العلماء الكبار فهذا جيد ويعتبر من التعاون على البر والتقوى.
وإني لأتوقع أن كثيرا ممن يحسنون الظن بأبي الحسن إذا رأوا هذه القواعد فإنهم سيكون لهم موقف مشرف، وسينفرون من أبي الحسن وسيُفجَع في كثير ممن يراهم عضده في نصرة باطلة، وهم إنما نصروه ظنا منهم أنه على الحق ولو علموا أن هذه الأوابد موجودة لديه لفارقوه من أول وهلة ولكنه ظل يخفيها زمنا ثم يظهرها شيئا فشيئا على حذر مع تلبيس بالغ.
وإني وأنا أكتب هذه الأوراق أشعر بدويٍّ كبير وزلزلة كبرى في صف أبي الحسن وأن هناك عددا ليس بقليل ممن كانوا مناصرين لأبي الحسن قد تبين لهم من أمر أبي الحسن ما يدعوهم لتركه، ونحن نقول مرحبا بهم إذا رجعوا إلى إخوانهم ومشايخهم فإنا قد كنا معهم على دعوة واحدة وإنما حال بيننا وبينهم ما جاء به أبو الحسن من باطل و زينه لهم حتى ظنوه عين الحق، والآن وقد تبين لهم ما عليه أبو الحسن فليبادروا إلى لم الشمل وجمع الكلمة ولتعد المياه إلى مجاريها وليخسأ الباطل وأهله وليصرخوا بها مدوية يسمع بها من في المشرق ومن في المغرب والحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات؛ وهكذا فإن العلماء و طلبة العلم من بداية الفتنة إلى اليوم لا يزالون يتركون أبا الحسن طائفة تلو طائفة، ومن رجع من إخواننا وجد من المشايخ وطلبة العلم السلفيين الترحيب و التقدير والكلام الحسن، مع أن أبا الحسن قد صور المشايخ أمام أتباعه كأنهم وحوش، بغاة، غلاة ظلمة..الخ.
وختاما أقول: لم يعد الأمر كما قال أبو الحسن: نحن في اليمن، من دعا ولو إلى شعوذة وجد لنفسه أتباعا.اهـ فهذا الاحتقار لليمنيين وحب التبعية أصبح فاشلا، ولو كان الأمر كما تقول فإن هذا في أتباعه الشيعة والصوفية ولفيف المتميعين وأصحاب الدنيا الذين تريدهم أنصارا لك لا في السلفيين الذين يريدون الله والدار الآخرة فتأمل، والحمد لله رب العالمين.
سؤال: ليس خافيا على أحد ما وصل إليه أبو الحسن من التقارب مع الإخوان المسلمين من خلال دفاعه عن رموزهم وغير ذلك فلماذا لا نسمع بشيء من التقارب بين أبي الحسن والإخوان ا لمسلمين في مأرب؟؟
والجواب: أن ذلك لو حصل لانتبه أهل السنة في مارب ولحصل بينهم وبين أبي الحسن الاختلاف ويكون بينه وبين الإخوان المسلمين اتفاقات خاصة، وينصبُّ الجهد الآن من أبي الحسن والإخوان المسلمين على حد سواء في الحط من أهل السنة أما أبو الحسن فبحجة أنه مظلوم وأما الإخوان المسلمون فبحجة أن أهل السنة يسب بعضهم بعضا فلا يصلح السير معهم. ثم في الوقت المناسب سوف يكون الانظمام بين أبي الحسن وبين الإخوان المسلمين عندما يكونون مطمئنين أنهم قد قدروا على أن يشوهوا أهل السنة في اليمن أمام أهل السنة في مارب وأنا أعرف إخوة في مارب سلفيين محبين للسنة كارهين للاخوان المسلمين ولو قد ظهر لهم من أبي الحسن تقارب مع الإخوان المسلمين لرأى منهم أبو الحسن ما يسوءه، ولهذا فأنا أدعوهم إلى أن يبقى بغض الحزبية في قلوبهم كما كان وليأخذوا بالحذر والهدوء حتى يستبين لهم أمر أبي الحسن، وقل عسى أن يكون قريبا.
كتبه عبد العزيز بن يحيى البرعي بتأريخ/ 19/1/1425/
الحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات وأشهد ألا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وسلم وبعد فإن أهل البدع لا يزالون يحاولون إظهار بدعهم بكل السبل والمحاولات في كل زمان ومكان نصرة لباطلهم ومناوأة لأهل السنة. و ربما أدخلوا عليها تعريفات غريبة وجديدة ليقبلها الناس ممن قل نصيبهم من العلم. ولا يستطيعون كشف حقيقة تلك التلبيسات الخفية إلا برجوعهم إلى العلماء الربانيين الذين قال الله فيه: " اتبعوا من لا يسألكم أجرا وهم مهتدون" و قال ممتدحا لهمم: " بل هو آيات بينات في صدور الذين أوتوا العلم" وكم من أناس يحفظون القرآن وليسوا من هؤلاء مع أن الآيات في صدورهم لأنهم نزلوها على غير ما أراد الله وحملوا النصوص مالا تحتمل وجعلوها مطية لشهواتهم فما بارك الله لهم في القرآن العظيم.
ومن ذلك على سبيل المثال لا الحصر أن المبتدعة قديما كانوا يقسمون العلماء إلى علماء شريعة وعلماء طريقة، ثم ينبذون علماء الشريعة ويعادونه ويذمونهم أيما ذم. وفي هذا العصر قالوا: فقهاء شريعة وفقهاء واقع. ثم تعاملوا مع علماء الشريعة بأبشع المعاملات حتى اتهموهم في دينهم وأنهم عملاء لليهود و النصارى، وغير ذلك.
و ليت شعري ما ذا يعنون بالواقع الذي جعله بعضهم آكد الفروض العينية؟ فإن كان المراد معرفة ما يدور في الواقع فالأمر كما قيل: " ما ليل حليمة بسر" إذ الأخبار عند الناس مسموعة ومقروءة ومرئية. وإن كان المراد معرفة الشرور القادمة على الأمة وبالتالي السعي في التحذير منها ثم النظر في وسائل الوقاية من ذلك الغزو الفكري القادم فهذا حاصل من أهل السنة على أكمل وجه وفي المقابل نرى أن أصحاب فقه الواقع هم أكثر الناس تورطا في الغزو الفكري.
وإذا أردت أن تعرف مبلغ علم أهل فقه الواقع فائت واحدا من هؤلاء الذين أطلقوا على أنفسهم فقهاء الواقع وقل له: علمني مما علمك الله. فإنك ستجده عاطلا. بخلاف ما لو قلت لعالم من علماء الشريعة: علمني مما علمك الله. فأبشر بالذي يسرك ففي أي باب من أبواب الشريعة شئت أن يعلمك علمك ما ينفعك.
وأيضا: فإن السؤال في القبر ليس عن فقه الواقع و إنما عن أشياء من علم علماء الشريعة إذ أن الذي يريد أن يتعلم مَن ربه ومَن نبيه وما دينه تعليما صحيحا فإنما يجد ذلك عند علماء الشريعة لا في الجرائد والمجلات.
ولست أحرم أن يكون عند أناس معرفة بالواقع فإن حكم ذلك ما بين مستحب واجب على الكفاية ولكن الكلام عن أولئك الذين طعنوا على علماء الشريعة بحجة أنهم لم يعرفوا الواقع ـ كما يدعي أولئك ـ مع أنني لا أقر بأن علماء الشريعة يجهلون الواقع بل إنهم كما أسلفت هم الذين بصروا الناس بواقعهم وحذروهم ما يجب أن يحذروه، والله أعلم.
ومن تلك القواعد التي يقصد بها رفع مستوى المبتدعة والحط من علماء أهل السنة تلك القاعدة التي يدندن بها الإخوان المسلمون:" نتعاون فيما اتفقنا عليه وليعذر بعضنا بعضا فيما اختلفنا فيه" هذه القاعدة التي مفادها: اسكت لي أسكت لك. أو كما يقال المصيبة تجمع المصابين. و يريدون أن يظهروا أنفسهم بأنهم هم الذين يلمون شمل المسلمين ويجمعون كلمتهم ويوحدون صفهم بمثل هذه القواعد، ومن ثم يكون علماء الإسلام الذين يحذرون من البدع والمحدثات و الضلالات مفرقين لكلمة المسلمين وغير مبالين بما يحصل للأمة من آلام...الخ.
وهذه القاعدة لا يقتنع بها إلا الذين ليس لهم مبدأ، فالذي عنده مبدأ ولو كان باطلا فإنه يأنف من أن يقتنع بهذه القاعدة، فالمعتزلي لا يريد أن يترك التحمس والانتصار لعقيدته المعتزليه وكذالك الشيعي والأشعري والجهمي وغيرهم من أهل الضلال فضلا عن أهل السنة, فعلى هذا فإنه لابد لمن التحق بالاخوان المسلمين أن يتميع منهجيا ـ إن صح التعبير ـ ولهذا فنحن نرى أن من كانت عقيدته سلفية في باب الأسماء والصفات أو في باب توحيد الألوهية ثم يلتحق بالإخوان المسلمين فإنه لا بد أن يترك الغيرة على عقيدته وتوحيده فلا يعادي أحدا من أجل بطلان عقيدته فضلا عن أن يعادي من هو دون ذلك ممن يستحق أن يعادَى كالذين أظهروا الإسلام مظهرا ديمقراطيا فإنه يمدحهم ويطريهم بل و يرفعهم إلى مصاف العلماء أو أرفع من العلماء كيفما كانوا ولو كانوا من سقط المتاع.
ثم إن الذي يظهر من تصرفاتهم و تصريحاتهم أن كل فرد منهم لابد أن يكون همه مصلحة الإخون المسلمين ولو أدى إلى ترك مناصرة عقيدته سواء كان شيعيا أو صوفيا... الخ مع العلم أن المبتدع لو أصر على عدم التنازل عن ضلالاته فإنه يُقَر على مبادئه الضالة أو الكفرية أو الرافضية وأن الذي لا بد أن يتنازل وقد تنحصر عليه القسمة في التنازل هو السني، فلا يمكن أن تكون سنيا إخوانيا في نفس الوقت قطعاً فهذا تناقض فلا السني الثابت على السنة يرضى بذلك ولا الإخوان المسلمون يرضون بذلك، هم يريدون أناسا مسخرين لهم كيفما شاؤا.
ــــــــــ
ثم إني نظرت في بعض قواعد أبي الحسن التي أنكرها عليه علماء أهل السنة حماة العلم وحراس العقيدة جزاهم الله خيرا فرأيتها من تلك القواعد المبتدعة التي مثلنا بها، ومن نظر في قواعد أبي الحسن علم أنه يستحق أن يحكم على صاحبها بأنه مبتدع بل إن بعضها يكفي في الحكم على قائلها بالبدعة فضلا عن كونها مجتمعة ومن لم يبدعه بسببها فالأمر فيه راجع إلى أحد أمرين.
إما أنه صاحب هوى شريك في البدعة فهذا لا سبيل إليه إلا أن يهديه الله أو أن يميطه عن الطريق بمنه وكرمه.
وإما أنه جاهل بقواعد السلف في الحكم على شخص ما بأنه مبتدع. فعليه ـ إن كان مخلصا لله تعالى ـ أن يسأل أهل العلم لقوله تعالى: فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون. وإما أن يقوم بالبحث والقراءة في كتب العلماء إن كان مؤهلا لذلك حتى يتبين له وجه الصواب تاركا العاطفة وراء ظهره، وأذكره بقول الله تعالى. "ومن يتق الله يجعل له مخرجا ". مع أنني لا أحب أن يعيقه عن البحث حكمي بالجهل بقواعد التبديع عند السلف على من لم يبدع أبا الحسن بسبب قواعده الضالة، لأن طالب العلم معترف مبدئيا بأن هناك علماً كثيراً لا يزال يجهله فليجعل هذا من ذاك.
مسألة: لو قال قائل: لم يظهر لي بعد أن أبا لحسن مبتدع فعنده أمور كثيرة لا يقر عليها بل هي أخطاء كبيرة إلا أنه لا يصل بها إلى البدعة. فما هو الذي يلزمني؟
فأقول: بما أنك قد ظهر لك من أمره ما ذكرت فينبغي لك أولا أن تحذره وثانيا أن تحذر منه ومن دعوته المنحرفة ولا إشكال أن أكون أنا وأنت واقفين موقفا واحدا في التحذير منه واحد يحذر منه بناءا على أنه مبتدع والثاني يحذر منه بناءا على أنه منحرف إذ لا يصح أن يقول إنسان أنا لا أعتقد أنه مبتدع وأعترف أن عنده ضلالات أو انحرافات ثم يرى بعد ذلك أن يكون نصيرا له ومعينا له فهذا ليس سائرا على قواعد شرعية. فمثلا لو شهد رجل على رجل بالزنا وشهد آخر بأنه رأى ما دون الزنا فقد اتفقا على أنهما يشهدان عليه بأمر منكر فهل يليق أن يقول الثاني بما أنني لم أر الزنا إذا الرجل عدل وعفيف!! هذا لا يتمشى مع العقل ولا قواعد الشريعة. وهذا من ذاك.
ثم إ ني رأيت لزاما علي أن أبين بعض ما ظهر لي نصحا للذين لا يزال أبو الحسن يغرر بهم، وتثبيتا وطمأنينة لإخواننا الذين قد بصرهم الله بحال أبي الحسن. وإني لعلى ثقة أن أحدا لو تتبع أشرطة أبي الحسن التي بلغت قرابة مائة وأربعين شريطا وكذلك ما كتبه في كتبه و ملازمه و أوراقه لوجد من الضلال والانحراف ما يذهل ولست مبالغا في ذلك. إنه يريد أن ينقض الدعوة السلفية خيطا خيطا لو تم له ما أراد، وهيهات فالله حافظ دينه ومعلٍ كلمته وحسبنا الله ونعم الوكيل ولا حول ولا قوة إلا بالله وهذا أوان الشروع في المقصود فأقول وبالله التوفيق:
{ نافذة إلى منهج أبي الحسن }
قال لي أخ في الله: كنت أحد الذين كانوا معجبين بدعوة أبي الحسن و منهجه وطريقته في الدعوة.
فقلت له: أي منهج تعني؟.
فقال: كنا نظن أن أبا الحسن هو الرجل المثالي في الدعوة وذلك أنه كان حريصا على عدم الاصطدام مع الآخرين أيا كانوا وذلك بعدم التسمية لآي شخص أو جماعة من المبتدعة. و من ناحية أخرى كان ينتقد بعض أخطاء أهل السنة فكنا نشعر أن هذا هو الرجل المثالي الذي يُصلِح الأخطاء داخل أهل السنة وفي نفس الوقت يحسن التعامل مع المخالفين، وكان هذا في حياة الشيخ مقبل عليه رحمة الله.
ومع اقتناعي بهذا المنهج الذي أرى عليه أبا الحسن إلا أنني لم يحصل مني تنكر لدعوة أهل السنة أو بغض لمشايخها أو رغبة في التخلص منهم أو التشكيك في دعوتهم أو تحذير الناس من تلقي العلم منهم وإنما كنت أظن أن هذا هو المنهج السلفي وإنما أساء بعض أهل السنة التعامل معه قال: فجربت هذه الطريقة في ( بلد معين) فظللت عشرة أشهر وأنا أسير على هذه الطريقة في الدعوة؛ فقال لي رجل من الإخوان المسلمين أتمنى أن يكون مثلك من السلفيين مائة, وظل رجل من الإخوان المسلمين بعدي في كل محاضرة لمدة عشرة أشهر فقلت: أريد أن أجرب أين وصل هذا الرجل وكيف أصبح تمكنه من المنهج السلفي فذكرت الزنداني وما هو عليه من البدعة وذكرت بعض ما عليه الإخوان المسلمون وإذا بالرجل يستنكر كلامي وإذا به إخواني على حاله وأنا سني على حالي لم يتغير من وضعنا شيء فعلمت أن هذا المنهج ليس بمنهج سلفي.
نافذة أخرى
قال أبو حذيفة فاروق بن إسماعيل الغيثي في الراجمات الأصولية تحت عنوان/ الكرابيسية دروس وعبر ومقارنات، رقم: 9/ص/35: كنت في ماضي الأيام قد التقيت بالمغراوي أنا والأخ عبد العزيز الغيثي والأخ إبراهيم عبد المجيد، فسمعته يقول لأتباعه: ربيع والنجمي و الجابري و الرمضاني والحربي يكيلون بمكيالين، يردون علي ويسكتون عن مقبل الوادعي؟!!. فقلت له كالمستغرب المندهش: وما ذا به الشيخ مقبل؟!! فقال المغراوي: مقبل عنده انحرافات كثيرة، وقد أخبرني الشيخ أبوالحسن المأربي عندكم في دار البر بالإمارات فقال لماذا يتكلمون عليك ويسكتون عن مقبل، الشيخ مقبل أيضا يقول بالمظاهرات والاغتيالات تكفير الحكام !!!انتهي.
قلت:أولا: في هذا الكلام افتراء على الشيخ مقبل. ولأبي الحسن عبارات كثيرة تدل على أنه غير راض عن دعوة الشيخ مقبل عليه رحمة الله.
ثانيا: أشكر الأخ فاروق الغيثي على كتابه كله لا على هذا المقطع فقط وأحب أن أنبه على أن كتاب الأخ فاروق من أحسن ما كتب في شأن أبي الحسن وقد نفع الله به كثيراً فأدعوا طلبة العلم لقراءته وهو موجود في شبكة سحاب حسب علمي والكتاب موجود عندي.
{ التحديد لبعض مسائل النزاع }
نظرة إلى خبر الآحاد والمجمل والمفصل،
أولا: حديث الآحاد:
ليس كلامي على تعريف حديث الآحاد و سرد كلام العلماء في أقسامه ونحو ذلك فذاك أمر معروف وإنما الكلام في ما دار حوله النزاع مع أبي الحسن و هو حكم حديث الآحاد وهل هو يفيد العلم أم يفيد الظن فأقول:
ما صححه العلماء أو عملوا به من غير خلاف بينهم فإما أن يكون في الصحيحين أو خارجهما ومما لا شك فيه أن العلماء قد أجمعوا على أن كل ما في الصحيحين صحيح سواء في ذلك المتواتر والآحاد، سوى أحرف يسيرة انتقدها بعض الحفاظ كالدارقطني وغيره؛ إلا أن أبا الحسن قد أقحم الصحيحين في الخلاف فقال في إتحاف النبيل /1 / 42: بعد أن ذكر القولين في آحاد الصحيحين: وعندي أن في الأمر تفصيلا ـ بخلاف الأحرف المنتقدة عليهما ـ فمن أحاديث الشيخين ـ وإن كان آحادا ـ ما يقطع السامع له بالصحة إلى النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم ومنها ما لا يبلغ هذه المنزلة وذلك راجع إلى قرائن أخرى تحف بعض آحاد الصحيحين خلاف ما سبق ذكره من قرائن فإن ما ذكروه من القرائن المشار إليها آنفا لا يلزم منه القطع بخبر الآحاد. أهـ.
وبهذا يظهر أن أبا الحسن لا يرى أن القرائن التي تلقى بها العلماء الصحيحين بالقبول كافية فيما ادعوه من إفادة العلم، والله أعلم ما هي القرائن التي يريد أبو الحسن أنها إذا وجدت أفادت آحاد الصحيحين العلم؟!
و أما الآحاد التي خارج الصحيحين وأجمع العلماء على تصحيحها بدون نزاع فإنها كذالك تفيد العلم لتلقي العلماء لها بالقبول وسيظهر لك ذلك بالنظر إلى الخلاف المزعوم، هل هو بين أهل السنة البين أم بين أهل السنة وغيرهم ودونك بيانه. ثم انظر إلى أبي الحسن في أي الطائفتين هو.
إذا نظرت إلى المتنازعين في إفادة خبر الآحاد العلم أو الظن تجد أن الذين قالوا: بأن خبر الآحاد لا يفيد العلم كلهم قد تأثروا بعلم الكلام ـ وإن كان منهم من هو رفيع الشأن عند أهل السنة علما وفضلا ـ وأن الذين قالوا بأن حديث الآحاد يفيد العلم هم من العلماء السلفيين الذين سلمت عقائدهم ولم يتأثروا بشيء من علم الكلام وتابعهم عدد كبير ممن تأثروا بعلم الكلام. وقد نبه على هذه النكتة المهمة الإمام عماد الدين ابن كثير في كتابه اختصار علوم الحديث، فقال رحمه الله حاكيا كلام ابن الصلاح: ثم استنبط من ذلك القطع بصحة ما فيهما من الأحاديث، لأن الأمة معصومة عن الخطأ فما ظنت صحته وجب عليها العمل به، لا بد أن يكون صحيحا في نفس الأمر. قال ابن كثير: وهذا جيد. ثم ذكر كلام النووي الذي لا يرى القطع بصحة ما فيهما ثم قال ابن كثير: قلت: وأنا مع ابن الصلاح فيما عول عليه وأرشد إليه والله أعلم. حاشية: ثم وقفت( والكلام لابن كثير) بعد هذا على كلام لشيخنا العلامة ابن تيمية مضمونة: أنه نقل القطع بالحديث الذي تلقته الأمة بالقبول عن جماعات من الأئمة؛ منهم القاضي عبد الوهاب المالكي، والشيخ أبو حامد الاسفراييني والقاضي أبو الطيب الطبري، والشيخ أبو إسحاق الشيرازي من الشافعية، وابن حامد، وأبو يعلى ابن الفراء، و أبو الخطاب، و ابن الزاغوني، وأمثالهم من الحنابلة، وشمس الأئمة السر خسي من الحنفية. قال: وهو قول أكثر أهل الكلام من الأشعرية وغيرهم؛ كأبي إسحاق الإسفراييني، وابن فورك. قال: وهو مذهب أهل الحديث قاطبة ومذهب السلف عامة، أهـ / 1 / 125/ وما بعدها من الباعث الحثيث تحقيق الألباني عليه رحمه الله.
فالجملة الأولى التي تحتها خط تفيد أن إجماع الأمة ليس على آحاد الصحيحين فقط بل على أن كل ما أجمعت الأمة بصحته فهو يفيد القطع إذ أنه يتكلم على كل ما وجب على الأمة أن تعمل به.
والجملة الثانية التي تحتها خط تفيد أن أكثر أهل الكلام يرون أن أحاديث الآحاد إذا ثبتت أفادت القطع موافقة لأهل السنة وأما من خالف في ذلك فقال بعدم إفادتها القطع إنما هم عدد يسير من المتكلمين كما يفيده قوله: "وهو قول أكثر..الخ" التي هي أفعل تفضيل بالنسبة لأهل الكلام فقط.
والجملة الثالثة التي تحتها خط تدل على أن السلف قاطبة مجمعون على أن حديث الآحاد الذي صححه العلماء يفيد العلم؛ ولم يفصل كما فصل في أهل الكلام.
فتبين بهذا أن أهل السنة كلهم عل وتيرة واحدة في شأن خبر الآحاد ليس لأحد أن يدعي الخلاف بين السلف في هذا. و مما يدل على أن قول أبي الحسن هو قول المعتزلة اعتراف أبي الحسن بنفسه كما في حاشية كتابه إتحاف النبيل /1/41/ لصهره إبراهيم الدمياطي حيث قال: وقد يقول قائل: إنكم بذلك وافقتم أهل الكلام من المعتزلة وغيرهم في القول بأن خبر الواحد يفيد الظن والجواب على ذلك أن أهل السنة وافقوهم على هذه الجزئية لما دل الدليل على ذلك.
قلت: أما التشابه بين أبي الحسن والمعتزلة فها قد اعترف به وأما الدليل على قول المعتزلة الملجئ لأهل السنة لموافقتهم فلا وجود له. ثم كيف يكون هذا القول حقا وتكو الأمة بما فيهم علماء الحديث قاطبة و السلف عامة عالة في هذه الجزئية على أهل الكلام وهذا افتراء على السلف فإنهم ليسوا في حاجة إلى تقعيدات المبتدعة. ولا عذر لأبي الحسن بكون هذا قول الدمياطي وليس قولَه فهذا كتاب أبي الحسن وقد أسلمه إلى صهره وتلميذه فهو مسئول عن ذلك الكلام وغيره مما فيه.
تنبيه: لقد جاء أبو الحسن وصهره هنا بغريبة من الغرائب فقال الدمياطي في حاشية إتحاف النبيل /1/40 في أثناء استدلاله على أن حديث الآحاد يفيد الظن: [ ولكان العلم حاصلا بخبر الأنبياء إذ أخبروا ببعثهم من غير حاجة إلى إظهار المعجزات والأدلة على صدقهم فلما أخبروا عن نبوتهم وأظهروا المعجزات الدالة على ذلك ثبت أن خبر الواحد لا يفيد العلم ]. أهـ
قلت: وهذه إساءة إلى الأنبياء حيث دل الكلام عل أن الأنبياء لولا ما أظهروا من المعجزات ما ثبت عند السامع صدق النبي ولكان المتبع له بدون معجزة إنما هو متبع بالظن! وعليه فإن أبا بكر حين اتبع بدون أن يطالب بالمعجزات يكون قد اتبع الظن بناءا على هذا الكلام الباطل الشنيع!! ثم من سبقهما إلى أن خبر الأنبياء يفيد الظن لولا المعجزات؟؟. وبعد هذا التقرير من أبي الحسن فإنك ستجد نفسك في حاجة إلى مناقشة كلام أبي الحسن وصهره كما تناقش معتزليا فتذكر له قصة معاذ حين بعثه النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم إلى اليمن وهل أفادهم علما أو ظنا؟! و ضمام ابن ثعلبة هل أفاد قومه علما أو ظنا؟!....الخ.
المؤاخذات على أبي الحسن في شأن خبر الآحاد:
1ـ الحكم على حديث الآحاد المتلقي بالقبول بأنه لا يفيد العلم مخالفة لأهل الحديث قاطبة و موافقة لأهل الكلام من المعتزلة وغيرهم كما أفاده كلام ابن كثير واعتراف الدمياطي المذكور قبل.
2ـ إقحام آحاد الصحيحين بأن منها ما يفيد العلم ومنها مالا يفيد إلا الظن.
3ـ صياغة جملة هائلة من الشُّبَه على حجية خبر الآحاد تدعم ما عليه المعتزلة، فإن قال: أنا أتيت بها واحتججت بها على عدم إفادة العلم فقط مع قولي بحجية تلك الأحاديث وأما المعتزلة فإنهم سيستدلون بها على عدم الحجية من أساسها. فأقول: لقد مهدت الطريق أمام المعتزلة لمناظرة أهل السنة كالذي يُرِي اللصوص طريقة السرقة ومواضع الضعف التي تسهل له السرقة ثم يقول: أنا ما سرقت.
ثم إنك لم توجد ردودا على المعتزلة فيما لو استدلوا على عدم الحجية بشبهاتك التي أوردتها؟؟ فأنت قد أوردت الشبهات نقدا ثم أهملت الدفاع عن حديث رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم.لا سيما وأنتم قد أقررتم أنكم وافقتم المعتزلة كما مضى ذكره.
4 ـ قوله الشنيع عن الأنبياء أنهم لولا ما أظهروا من المعجزات ما أفاد خبرهم العلم.
وفي ختام هذا الفصل أحب أن أنقل بعض ما كتبه الشيخ عبد العزيز بن باز عليه رحمة الله في كتابه "حكم إعفاء اللحية وخبر الآحاد" و كلامه كثير ونفيس فسأقتصر على ما تمس به الحاجة قال رحمه الله ص/21/ وما بعدها: وقد كان صلى الله عليه وعلى آله وسلم يقطع بصدق أصحابه، كما قطع بصدق تميم الداري لما أخبره بقصة الدجال وروى ذلك عنه على المنبر، ولم يقل أخبرني جبريل عن الله، بل قال: "حدثني تميم الداري" ومن له أدنى معرفة بالسنة يرى هذا كثيرا فيما يجزم بصق أصحابه ويرتب على أخبارهم مقتضاها من المحاربة و المسالمة والقتل و القتال. ونحن نشهد بالله ـ و لله شهادة على البت والقطع لا نمتري فيها ولا نشك ـ على صدقهم ونجزم به جزما ضروريا لا يمكننا دفعه عن نفوسنا، ومن هذا أنه كان يجزم بصدقهم فيما يخبرونه به من رؤيا المنام ويجزم لهم بتأويلها ويقول: "إنها رؤيا حق" وأثنى الله تعالى عليه بذلك في قوله: { ومنهم الذين يؤذون النبي ويقولون هو أذن قل أذن خير لكم يؤمن بالله ويؤمن للمؤمنين } التوبة:61/، فأثنى عليه ومدحه بتصديقه لمن أخبره من المؤمنين، ومن هذا إخبار الصحابة به بعضهم بعضا فإنهم كانوا يجزمون بما يحدِّث به أحدهم عن رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم ولم يقل أحد منهم لمن حدثه عن رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم: خبرك خبر واحد لا يفيد العلم حتى يتواتر، وتوقُّف من توقَّف منهم حتى عضده آخر منهم لا يدل على رد خبر الواحد عن كونه خبر واحد وإنما كان يستثبت أحيانا نادرة جداً إذا استخبر، ولم يكن أحد من الصحابة ولا أهل الإسلام بعدهم يشكُّون فيما يخبر به أبو بكر الصديق عن رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم ولا عمر ولا عثمان ولا علي ولا عبد الله بن مسعود وأبي بن كعب وأبو ذر ومعاذ بن جبل وعبادة بن الصامت وعبد الله بن عمر وأمثالهم من الصحابة، بل كانوا لا يشكُّون في خبر أبي هريرة مع تفرده بكثير من الحديث، ولم يقل له أحد منهم يوما واحدا من الدهر: خبرك خبر واحد لا يفيد العلم، وكان حديث رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم أجل في صدورهم من أن يقابل بذلك، وكان المخبر لهم أجل في أعينهم وأصدق عندهم من أن يقولوا له مثل ذلك، وكان أحدهم إذا روى لغيره حديثا عن رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم في الصفات تلقاه بالقبول واعتقد تلك الصفة به على القطع واليقين، كما اعتقد رؤية الرب وتكليمه ونداءه يوم القيامة لعباده بالصوت الذي يسمعه البعيد كما يسمعه القريب، ونزوله إلى سماء الدنيا كل ليلة وضحكه وفرحه وإمساك سمواته على إصبع من أصابع يده وإثبات القدم له، من سمع هذه الأحاديث ممن حدث بها عن رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم، أو عن صاحب اعتقد ثبوت مقتضاها بمجرد سماعها من العدل الصادق، ولم يرتب فيها، حتى أنهم ربما تثبتوا في بعض أحاديث الأحكام حتى يستظهروا بآخر، كما استظهر عمر رضي الله عنه برواية أبي سعيد الخدري
على خبر أبي موسى. و كما استظهر أبو بكر رضي الله عنه برواية محمد بن مسلمة على رواية المغيرة بن شعبة في توريث الجدة.
ولم يطلب أحد منهم الاستظهار في رواية أحاديث الصفات البتة، بل كانوا أعظم مبادرة إلى قبولها وتصديقها، والجزم بمقتضاها، وإثبات الصفات بها من المخبر لهم بها عن رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم، ومن له أدنى إلمام بالسنة والتفات إليها يعلم ذلك، ولولا وضوح الأمر في ذلك لذكرنا أكثر من مائة موضع،
فهذا الذي اعتمده نفاة العلم عن أخبار رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم خرقوا به إجماع الصحابة المعلوم بالضرورة وإجماع التابعين وإجماع أئمة الإسلام ووافقوا به المعتزلة و الجهمية و الرافضة و الخوارج الذين انتهكوا هذه الحرمة تبعهم بعض الأصوليين و الفقهاء، و إلا فلا يعرف لهم سلف من الأئمة بذلكن بل صرح الأئمة بخلاف قولهم. إلى آخر كلامه رحمه الله النفيس سواء الذي من قوله أو الذي من منقوله عن الأئمة فراجعه إن أردت التوسع في الموضوع.
{ حمل المجمل والمفصل }
هذه القاعدة لو لم تكن مبتدعة محدثة ما حار فيها كثير من طلبة العلم بل المشايخ؛ نعم هذا اللقب "المجمل والمفصل" موجود في كتب أهل العلم لكن المستغرب هو طريقة التعامل مع هذه القاعدة وهو المحدث، وإليك بيان شيء مما يزيل اللبس إن شاء الله.
من المعلوم أنه إذا ورد نص من الكتاب والسنة يحمل معنىً معينا ثم يأتي نص آخر يخالفه من بعض الوجوه فإنه يثب على قلوبنا يقين لا شك فيه أن الأول حق والثاني حق لأنه كلام المعصوم فلا نتوقع قطعا أن قائله حدثت له بعض التغيرات الآتي ذكرها لأنه كلام الله سبحانه وتعالى أو كلام من لا ينطق عن الهوى.
وأما لو جاءنا كلام من عالم من العلماء ـ فضلا عن غيرهم ـ يحمل معنىً من المعاني ثم جاء عنه كلام آخر يغايره من بعض الوجوه فهل يقول عاقل ـ فضلا عن عالم ـ إنه لابد أن يثب على قلوبنا نفس اليقين الذي وجدناه عند سماع النصين المختلفين من الوحي الشريف من أن كليهما حق؟؟ هذا لا يمكن لأنا نقول: إن هذا العالم تطرأ عليه التغيرات.
فربما يكون قد نسي كلامه السابق.
وربما تغير اجتهاده في المسألة.
وربما غضب فتكلم بكلام يخالف الشرع.
وربما ينحرف ويضل عن الصراط المستقيم، لأن الحي لا يؤمن عليه.
وعلى هذا فإنا إذا جاءنا كلام حق لعالم أو غير عالم من أهلا السنة ثم خالفه بكلام آخر فإننا نحكم على هذا الكلام بما يستحقه من أنه خطأ أو باطل أو بدعة أو معصية أو كلام شركي؛ أو غير ذالك. و هذا حكم على الكلام لا على المتكلم أما المتكلم فإننا لا نتعجل في الحكم عليه حتى نجمع كلامه كله من هنا وهناك ثم يحكم عليه بما يستحقه كما قال ذلك الشيخ أحمد النجمي في فتوى له نشرت في شبكة سحاب.
هذا نصها.
الحمد لله وكفى والصلاة والسلام على النبي المصطفى وعلى آله وصحبه أئمة الهدى ومصابيح الدجى، أما بعد: فقد سألت الوالد الإمام العلامة الشيخ أحمد بن يحيى النجمي ـ حفظه الله ـ يوم السبت /5/1/ 1424/ أثناء درسه في شرح صحيح مسلم، عن قاعدة حمل لمجمل على المفصل، هل هي خاصة بكلام المعصوم، أم من الممكن إعمالها في كلام العلماء؟ فأجاب ـ جزاه الله خيراً قائلا:
حمل المجمل على المفصل خاصة بكلام الله وكلام رسوله، ولا تدخل في كلام العلماء، وإنما كلام العلماء ينظر ـ مثلا ـ إذا وجد له كلام مختلف، فيبحث في كلامه و يجمع من هنا وهنا وينظر ما استقر عليه أمره. لكن كلام المعصوم الذي لا يتطرق إليه الشك و لا يتحول ولا يختلف فهذا يحمل مطلقه على مقيده وأما كلام العلماء وكلام الناس الذين يتأثرون بالانفعالات والأشياء التي تهجم على قلوبهم، فهذا لا يقال فيه، وما سمعنا أنه يحمل المجمل على المفصل إلا في كلام أبي الحسن. وصلى الله على تبينا محمد وعلى آله وسلم تسليما. انتهى.
قلت: و لنجعل سيد قطب في قضية "وحدة الوجود" هي المثال، لأنها هي السبب في إتيان أبي الحسن بهذه القاعدة فأبو الحسن دافع عن سيد قطب بأنه حين تكلم بكلام أهل وحدة الوجود إنما قصد به: أن كل شيء من عند الله كما هي عقيدة عوام مصرـ حسب قول أبي الحسن ـ. ثم علل ذلك بأن سيد قطب قد قال كلاما ظاهره أنه ينكر على من يقول بوحدة الوجود. وعلى هذا قال: هو يقصد: أن كل شيء من عند الله.
هذه طريقة أبي الحسن في التعامل مع هذه القضية الخطيرة التي تمس العقيدة بل هي كفر بالله عز وجل.
أما العلماء فإنهم حكموا على كلام سيد قطب بأنه يقول بوحدة الوجود ثم لم يتعجلوا في الحكم علي سيد قطب حتى يتبين لهم ما هو الذي استقر عليه أمره، إذ لو حكموا عليه لكفروه.
و لم يقف أبو الحسن في التماس العذر في قضية وحدة الوجود عند سيد قطب فقط بل جعل ذلك هو قول عوام مصر جميعا فقد دافع عن صوفية مصر الذين توارثوا هذه العقيدة الباطلة عن ابن الفارض وغيره حتى سرت هذه العقيدة الباطلة على ألسنة العامة.
ولإن كان هذا هو نظر أبي الحسن لسيد قطب وأنه لا يزال ـ في أهم أمور الدين "التوحيد" ـ في مرتبة العوام فينبغي أن يعرف أبو الحسن وغيره من أتباع سيد قطب من هو سيد قطب وكيف حق لهم أن يطعنوا في علماء المسلمين من أجل جاهل وثب بجهله على كتاب الله يفسره بجهله وهواه.
و مما يدل على ثبات العلماء على منهجهم و اضطراب أبي الحسن أنه قال في أثناء دفاعه عن سيد قطب: لو قلت بأنه يقول بوحدة الوجود لكفرته، ثم لما ادعا أنه تراجع عن ذلك و تبين له أن سيداً قال بقول أهل وحدة الوجود لم يقل بتكفيره. و أما العلماء فلم يتغير كلامهم بل ضللوه بسبب كلامه هذا ووكلوا أمره إلى الله إذ لم يظهر لهم هل هو جاهل فيعذر بجهله أم أنه يعاند على علم؟؟.
ثم يقال: بما أن أبا الحسن قد جُرِّب عليه أنه يخالف العلماء ثم يرجع إلى قولهم حين تشتد عليه الأمور فإنه يظهر جليا لكل ذي عينين مكانة أبي الحسن العلمية وأنه ليس عنده ما يكفيه من العلم فكيف يصح أن يكون متبوعا؟؟ علما أن أبا الحسن يعتبر الذين ساروا وراءه من أصحاب براءة الذمة وغيرهم أتباعا له فقد كان يتكلم في أحد الأشرطة في انتقاد له علينا فقال: يقولون إن أتباع أبي الحسن يقولن: كذا وكذا ـ في كلام لا أذكره الآن ـ فقال: لا تقلوا: أتباع أبي الحسن قولوا: بعض أتباع أبي الحسن. فكيف رضي أولئك بهذه التبعية؟؟!!
و مما ينبغي أن يعلم للأهمية أن حمل المجمل على المفصل عند أبي الحسن معناه أن الكلام الأول حق والثاني حق وهذا ظاهر في المثال المضروب " وحدة الوجود" فإنه زعم أن مراد سيد قطب بكلامه الذي وافق به أهل وحدة الوجود، معناه: أن كل شيء من عند الله. ومعلوم أن قول القائل: "كل شيء من عند الله" كلام حق، والواجب أن نعتبر كلام سيد قطب الموافق لكلام أهل الوحدة باطلا وسيئة وأبوا الحسن اعتبره حسنة؛ وقارن كلام أبي الحسن في المجمل والمفصل بما قيل في تلك القاعدة الباطلة " الموازنة" فإن أصحابها يقولون: لا تنسينا سيئات الرجل ما عنده من حسنات. أما قاعدة أبي الحسن"حمل المجمل على المفصل" فإنها تعتبر السيئات حسنات، فأي القاعدتين أبعد عن الحق؟؟!! فاعتبرو يا ألي الأبصار.
وعندما أنكر الناس على أبي الحسن هذه القاعدة المجمل والمفصل أراد أن يموه في القضية ـ كعادته ـ بأسلوب يرمي فيه عصفورين بحجر فيغالط أهل السنة من جانب ويرفع من شأن سيد قطب من جانب آخرغيَّر كلامه بأسلوب فيه مهزلة و تلاعب بعقول الناس فقال: السني مفصله الخير والمبتدع مفصله الشر فهذه القاعدة لا تزيد السني إلا خيرا ولا تزيد المبتدع إلا شرا. أهـ.
فحير أبو الحسن كثيرا من الناس بهذا المكر حتى تعاطف معه من تعاطف. و لو أمعنت النظر في هذا الكلام لوجدت أن أبا الحسن ـ فضلا عن غيره ـ إما أنه ليس مقتنعا بهذا الكلام أو أنه يفصح عن منهجه الذي لم يظهر بعد للعيان ولعله يظهر مع الأيام وإليك البيان فأقول:
من المعلوم أن حمل المجمل على المفصل نفع سيد قطب أيما نفع إذ نقل كلامه من حضيض الكفر إلى أوج التوحيد. وبعد هذا فإما أن سيد قطب سني أو مبتدع فإن قال أبو الحسن: إن سيد قطب من أهل البدع فكيف حمل مجمله الشر على مفصله الخير ـ الذي يدعيه ـ وهو يقول: إن مفصل المبتدع الشر، وأن هذه القاعدة لا تزيد المبتدع إلا شرا ؟؟! هذا تناقض!! لأن سيد قطب استفاد من هذه القاعدة.
وإن قال: إن سيد قطب من أهل السنة ـ وهذا هو المتوقع ـ فليصرح بها ويريحنا من هذا العناء واللف والدوران ويَعرِف ـ آنذاك ـ أولئك المغرر بهم ـ ممن لا يزالون معه ـ ماذا عند أبي الحسن.
عجيبة من العجائب: ذكر الشيخ أحمد بن سفيل في كلام له منشور في شبكة سحاب ما ملخصه أنه تكلم في مركز أبي الحسن عن سيد قطب وبين ما لديه من عقائد باطلة وأن أبا الحسن لم يرض عن الكلام وقال لم لا يلتمس له العذر فساء ذلك ألشيخ أحمد بن سفيل، وحين ذهبوا إلى منزل أبي الحسن أراد أبو الحسن أن يعتذر من بن سفيل حين رأى عليه آثار الغضب، فقال: يا شيخ أحمد إن لسيد رحما. فلم يرد ابن سفيل. فرد أبو الحسن الكلام ثانية وثالثة وقال في الثالثة: يا شيخ أحمد سيد قطب جد زوجتي. أهـ قلت: ينظر كيف اتصل نسبها به إذ أن أباها هو عبد الفتاح إسماعيل الذي هو من قادة الإخوان المسلمين بل من المؤسسين. لكن هل قرب نسب سيد قطب من زوجة أبي الحسن يعتبر مبررا لأبي الحسن لأن يلتمس له الأعذار في قضايا خطيرة منها في الله ومنها في الأنبياء ومنها في الصحابة وغير ذلك و يهون من شأنها؟؟.
الأطواق الأمنية على المبتدعة
لقد بذل أبو الحسن من الجهد في الحفاظ على المبتدعة ما لم يبذله المبتدعة أنفسهم في الدفاع عن أنفسهم بل لعله لم تخطر ببالهم تلك الطرائق التي بذلها أبو الحسن في الدفاع عنهم.
ثم إنك تشعر أن أبا الحسن حين يدافع عن المبتدعة لا يدافع عن أجنبيين عنه وإنما تشعر أنه يدافع عن نفسه وإخوانه وأحبابه، وحين يتكلم عن أهل السنة تشعر أنه يتكلم عن خصوم ألداء وإن ذكر أحدا من أهل السنة بخير فلحاجة ما, إما أن يكون محتاجا لبعض كلامه أو ليدرأ به في وجوه أقوام.
لقد بلغ ذلك الأمر من أبي الحسن مبلغ الليل والنهار لقد فارق أهل السنة وعاداهم من أجل المبتدعة وسبَّ أهل السنة في مشارق الأرض و مغاربها بما عجز عنه المبتدعة من أجل المبتدعة.
و سأذكر هنا إن شاء الله بعض قواعد أبي الحسن التي يحامي بها ويذب عن المبتدعة وهي تنبيك عن مدى الضرر الكامن في قواعد أبي الحسن التي يدندن بها في عامة مجالسه و تنبيك أيضا عن أن أهل السنة لم يقفوا منه هذا الموقف إلا لخطورة منهجه الدعوي المنحرف لا كما يظنه البعض بأنه غلو في التبديع والتضليل وو..الخ متابعين في ذلك أبا الحسن فأقول.
الطوق الأول: التثبت.
يقرر أبو الحسن أنه لا يحكم على شخص بخلاف ما يعرف عنه حتى يقرأ كتابا له بنفسه أو يسمع شريطا أو يجلس معه بنفسه.
( قال ذلك في الأشرطة السبعة التي سجلها في بداية الفتنة وادعا فيها أنها تراجعات وهي في الحقيقة إشعال للفتنة من عنوانها وهو قوله: " القول الأمين في صد العدوان المبين" فسمى نصح الناصحين له عدوانا مبينا ).
بل أكد ذلك بأنه لم يتراجع في شأن وحدة الوجود عند سيد قطب لكلام العلماء وإنما لأنه اطلع بنفسه وقرأ بنفسه، فأسقط بهذه القاعدة نقل الثقات ولوا كانوا علماء لأنه يريد أن يتثبت بنفسه،
وينبني على هذا أنك لو ثبت لديك ما يقتضي تبديع شخص فلا يلزمني أن آخذ به بل لعل أبا الحسن يرى أنه لا يجوز الأخذ به, فلو رأيت شخصا يجالس مبتدعا فلا تنكر عليه لأنك أنت الذي ثبت لديك أن فلانا فعل أو قال ما يقتضي تبديعه فلا تلزم غيرك بذلك، ويؤكد ذلك بقوله في غير ما موطن بما لا أحصي: " الخلاف في الأشخاص ليس خلافا في الأصول" ويقول: ما كل من كان مبتدعا لا بد أن يكون مبتدعا عند الجميع ولا من كان مبتدع يعامل معاملة واحدة عند الجميع فإذا أمعنت النظر وجدت أن أمامك من العراقيل والعقبات ما يحول بينك وبين تبديع أي شخص. ومن ثم لا تستنكر جلوس شخص أو تتلمذه على أي مبتدع لأنك لا تدري هل ذلك الشخص قد علم حال ذلك الرجل أم لم يعلم وسنكون في المبتدع الواحد مختلفين أيما اختلاف, ذك يقول: هو مبتدع ويحذر منه وذاك يقول: هو سني ويجالسه ويحث عليه وكم سيحصل من الاضطراب في العامة والخاصة؟؟.
والمشروع في هذا ما قاله الله تعالى في سورة الحجرات: ( يا أيها الذين آمنوا إن جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا ) فأمر الله بالتثبت في خبر الفاسق فأما كلام العدول الثقات ـ فضلا عن العلماء فلم يأمر بالتثبت في صحة ما نقلوه وعلى هذا سار العلماء والقضاة وغيرهم في تلقي الأخبار والحكم على الأشخاص، وكتب الجرح والتعديل طافحة بذلك.
الطوق الثاني: حمل المجمل على المفصل, وقد تكلمنا قبل عن بيان فساد هذه القاعدة.
ودور هذه القاعدة عند أبي الحسن أنك لو ثبت لديك ما يقتضي تبديع شخص فاحمل مجمله على مفصله ولا يلزم من ثبوت الباطل عنه أن يكون كذالك في واقع الأمر لأنه بما أن مفصله الخير فكذلك لا بد أن يكون مجمله خيرا أيضا، فمهما ثبت لديك عن شخص من باطل حتى ولو كان القول بوحدة الوجود أو التكفير أو الاخوانية أو القطبية أو غير ذلك فإياك أن تسيء الظن فتحكم عليه بأنه مبتدع بل احكم عليه بأنه على سنة !! إنها سنة أبي الحسن.
ثم لو حاولت أن تسيء الظن فإن أبا الحسن ومن كان على شاكلته مستعدون أن ينسوا أنك سلفي ـ أو يتناسوا ـ ثم يجعلوا من أنفسهم جبهة كبرى للدفاع عن ذلك المبتدع ضدك أنت مع أنك سلفي يقينا !! فبأي ميزان وزنوا وبأي أدلة استدلوا؟! و من سبقهم إلى هذا من أهل السنة قديما وحديثاً؟.
الطوق الثالث: نصحح ولا نهدم.
وهذا الكلام قد يقوله أهل السنة في حق من كان على منهج سلفي وحصلت منه بعض المآخذ التي لا يخلوا منها الناس ـ مع الأخذ بعين الاعتبار معرفة نوعية الخطأ الذي يمكن تصحيحه أو لا يمكن فإن كان التصحيح ممكنا فإن العلماء ينتقدون عليه ويبينون وجه الصواب مع بقاء ما بينهم من المودة والسير على النهج الواحد وإذا كان التصحيح غير ممكن بسبب أن ذلك الخطأ ضلال وانحراف لا يسكت عن مثله ولم ينفع معه النصح فإن العلماء يبينون حاله ليحذر منه لا كما جرى من أبي الحسن الذي يدافع عن الإخوان المسلمين وعلى رأسهم القرضاي وسيد قطب والزنداني وغيرهم بحجة أننا نصحح ولا نهدم ثم يطعن في أهل السنة غيرة على هؤلاء المبتدعة ويحشد الأشرطة والكتب لذلك فهذا هدم لأهل السنة وتصحيح للمبتدعة!!.
ودور هذه القاعدة أنك لو ثبت لديك في شخص ما، ما يقتضي تبديعه ثم لم تستطع حمل مجمله عل مفصله لأن القضية واضحة لكل ذي عينين بل حتى للعُمْي فآنذاك تتعامل معه بهذه القاعدة نصحح الأخطاء ولا نهدم الأشخاص، حفاظا عليه وصونا له من أن يحكم عليه أي عالم من علماء أهل السنة بأنه مبتدع، ومعلوم أن النقاش في قضايا توحيد وشرك و سنة وبدعة وقضايا منهجية ليست في أشياء اجتهادية مثل الجهر والإسرار بالبسملة وهل تحية المسجد واجبة أم ليست واجبة؟.. وغير ذلك بل الكلام في أناس عندهم تكفير وتحزب وأن الأمة تتواصى على الردة وغير ذلك و مطعون فيهم من قبل علماء أهل السنة وكلامهم منشور في أشرطة وكتب وملازم ولهم أتباع يروجون كلامهم وينشرون باطلهم.
فالقاعدة مطروحة برمتها وعمومها دون تقييد و يكون من ذكر ممن كان هذا حالهم أمثلة لها كالمغراوي وعدنان عرعور وسيد قطب وغيرهم. وحينئذ يظهر أنها بعيدة عن المنهج السلفي ومن خلال شرح هذه القاعدة يظهر لك شناعة ما فيها, ومن نظر إلى تعامل أبي الحسن مع هذه القاعدة يجد أنه صحح أهل البدعة وهدم أهل السنة.
و خلاصة هذه القاعدة أنها هي قاعدة الموازنة بصيغة أخرى ولكي يتبين لك هذا بجلاء فانظر إلى ما كتبه أبو الحسن حول هذه القاعدة فإنك ستجد أدلته هي بعينها أدلة أصحاب قاعدة الموازنة مع الزيادة.
أضف إلى ذلك أن من نظر إلى تصرف أبي الحسن مع هذه القاعدة يتبين له أن المقصود منها هو الذب عن المبتدعة إذ أنه تكلم على أهل السنة بأكثر من مائة وثلاثين شريطا إضافة إلى ما هو مكتوب في الأوراق إضافة إلى ما كتبه أتباعه و مناصروه و لو قلت لهم: ما هي القضية التي تحمستم لها هذا التحمس و طعنتم على أهل السنة هذا الطعن كله لقالوا: إننا نحارب الغلو في الحكم على المخالف. ثم تنظر من هو المخالف إذا بك تجد أناساً أو جماعة من المبتدعة قد طعن فيهم أهل السنة وهم أيضا قد طعنوا في أهل السنة, وعلى هذا فمن هو الذي صححه أبو الحسن ومن هو الذي هدمه؟؟ لقد صحح المبتدع أو المشكوك في منهجه على الأقل وهدم أهل السنة.
الطوق الرابع: المنهج الواسع الأفيح الذي يسع أهل السنة ويسع المسلمين جميعا.
وادعا أبوا الحسن أن هذه القاعدة مستفادة من كلام السلف. وقال في معنى كلامه إن من قرأ سيرة السلف قدر على أن يصيغ منهجا واسعا أفيح يسع أهل السنة ويسع الناس جميعا وكان الشيخ ربيع يحسن الظن بأبي الحسن فقال لعله يعني الأمور الدنيوية، فقال أبو الحسن في الأشرطة السبعة ـ غالب ظني ـ: إي والله ما قصدت إلا ذلك. ثم تناقض حالا وبغير مهلة فقال: أنا أرد على أولئك الذين جعلوا السنة كالمنديل من دخل تحته فهو السني ومن لم يدخل تحته فليس بسني.
قلت: وفي هذا الكلام من الخلط و المغالطة و العبث والاستهانة بالأتباع المغرر بهم ما ليس خافيا وأليك بيانه.
أولا: حين يحلف بأنه ما أراد إلا الأمور الدنيوية ثم يقرر بعد ذلك أنه يريد أن يرد على قوم ضيقوا تعريف السني حتى جعلوه كالمنديل. ألا يتقي الله في يمينه هذه؟؟!!.
ثانيا: حين يقول: بأنه يعني الأمور الدنيوية من الذي قال من أهل السنة: إنه لا يجوز شراء البصل والثوم إلا من سني أنت يا أبا الحسن لست في تقرير كيفية شراء الرز والفول وغير ذلك ـ وأعتذر عن تدني الكلام إلى هذا المستوى فأبو الحسن هو الذي أحوجنا لهذا ـ ولهذا أقول أنت يا أبا الحسن في تقرير أمور دعوية أنت في تقرير من هو السني ومن هو المبتدع كما دل عليه بقية كلامك. ألست ترى أن أهل السنة فيهم المدرس ومدير المدرسة والسائق و البقال والجندي... الخ أتُرى أن المدرسين من أهل السنة لا يدرسون إلا طلابا سلفيين؟ وهل السائق لا يركب إلا سلفيين ؟ وهكذا إلى آخره ؟ هذا يا أبا الحسن استخفاف بعقول الناس يشبه استدلالك على الانتخابات بأن الإمام عبد بن حميد شيخ الإمام البخاري له كتاب اسمه" المنتخب " وهل نحن في حاجة إلى قاعدة في هذا؟ إن الأمر مفروغ منه سواء قصدت الأمور الدنيوية أو الأمور الدينية فنحن في غنى عن كلامك من أساسه ولو سَلِمَت نيَّتك ما احتجنا إلى رد كلامك لأنه متهافت ولكنك أردت أن تطعن على أهل السنة في أمر عظيم إنه تعريف السني والمبتدع ليتسنى لك إدخال قوم من المبتدعة في أهل السنة من الباب الخلفي الذي زعمت أنك تفتحه بعد إذ سده العلماء ! إنك تريد الحفاظ على المبتدعة ولو بإدخال القواعد الباطلة على الشريعة، وحين ظهر للعيان مرادك زعمت أنك تريد الأمور الدنيوية؟ هذه مغالطة منك، وأبو الحسن يلجأ لمثل هذا عند المضايق.
ثالثا: هب أن سنيا قال: أحب أن يكون عملي عند سني لا عند مبتدع لأستريح من كثرة الجدال لأنني سأضطر إلى أن آمر بالمعروف وأنهى عن المنكر وسيكثر علي ذلك كما هو معلوم من كثرة المعاصي والبدع عند المبتدعة لا سيما وأن الرجل السني لا يسكت عند أن يرى منكرا ما استطاع إلى ذلك سبيلا، فلو أن سنيا اختار أن يكون عمله عند سني لا عند مبتدع فهل يكون قد جعل السنة ضيقة كالمنديل؟؟!
رابعا: قوله: من قرأ سيرة السلف... الخ يريد أبو الحسن أن يصوغ قاعدة حسب قوله، ومعنى هذا أن القاعدة إلى الآن ليست موجودة إذ لو كانت موجودة لذكرها وأراح نفسه وغيره، وكونها غير موجودة إلى الآن ٍلدليل على أن أبا الحسن عنده قواعد مخترعة محدثة فليتنبه لذلك!!.
خامسا: أن هذه القاعدة ـ وهي كما قلنا ـ طوق أمني على المبتدعة ـ دورها أنك إذا ثبت لديك عن شخصٍ ما يقتضي تبديعه ثم صعب عليك حمل مجمله على مفصله وصعب عليك العمل بقاعدة صحح ولا تهدم ويكون قد ظهر من أمر الرجل ما لا مجال للدفاع عنه فإنه يأتي دور هذه القاعدة التي مفادها أن لا تتقزز من التعايش مع أي ضليل مهما كان ضلاله بل حتى ولو كنت مع غير المسلمين لأن أبا الحسن قال: يسع أهل السنة ويسع الناس جميعا. ولا مجال بعد هذا للغيرة على الدعوة والعقيدة السلفية ولا معنى للولاء والبرء بعد هذا المنهج الأفيح المبتدع، وهذا هو منهج الإخوان المسلمين برمته الذين استعدوا لاستقبال النصارى أعضاءا في جماعتهم كما قال ذلك ابن الهضيبي في لقاء صحفي, فليت شعري كيف يكون الرجل نصرانيا إخوانيا في آن واحد لولا المنهج الواسع الأفيح الذي يسع الناس جميعا.؟؟!!
و الأمر الذي يستدعي الانتباه هو أن هذه الأطواق عند أبي الحسن تعتبر قواعد وأصولا يحب من أجلها ويبغض من أجلها بل إنه فارق أهل السنة من أجلها لأنه يراهم ـ إذ لم يسيروا عليها ـ أهل غلو, وهي في نفس الوقت أصول مبتدعة. وليس خافيا عليك أن من أتى بأصل مبتدع ووالى من أجله وعادى من أجله فهو مبتدع.
وأيضا فإنك إذا نظرت إلى هذه الأطواق الأمنية على المبتدعة ثم طبقتها لأصبحت قضية التبديع من الأمور المستحيلة ولأصبحت مهزلة أيضا ولْيَعِشِ المبتدعة في مأمن من التبديع إنهم أهل سنة عند أبي الحسن.
الطوق الخا مس / و/ السادس: و بعد هذا التقعيد ـ وإن شئت قلت التعقيد ـ الذي لا يستفيد منه سوى المبتدعة كنا نظن أن الأطواق الأمنية انتهت إلا أن أبا الحسن أضاف أطواقا أخرى وهو ما أضافه في موسم حج هذا العام 1424/ حيث صرح بأن الزنداني من أهل السنة وأن القرضاوي من أهل السنة وبعض النقلة يقول بأنه متوقف فيه وأظن أنه متوقف فيه من أجل ألا يعظم النقد عليه فيا سبحان الله كم بين أبي الحسن وبين علماء أهل السنة فانظر وقارن.
الشيخ بن عثيمين يقول في فتوى القرضاوي في شأن الانتخابات الاسرائيلية:هذه ردة وعلى حكام المسلين أن يقيموا عليه حد الردة أو بهذا المعنى.
الشيخ مقبل يقول: كفرت أو قاربت يا قرضاوي.
أبو الحسن يقول: القرضاوي من أهل السنة، أو متوقف في الحكم عليه بالبدعة. وجاء هذا الحكم بعد أن ذهب زمن الخوف بموت الشيخين. فاعتبروا يا أولي الأبصار.
ثم صرخ أبو الحسن بها مدوية فقال: أنا لا أبدع شخصا حتى أقيم الحجة عليه بنفسي وتتضمن إقامة الحجة عليه إزالة الشبهة منه.
قلت وهذان طوقان محكمان: الأول إقامة الحجة عليه بنفسه، والثاني إزالة الشبهة. وإن كان هذا قريبا من قاعدة التثبت إلا أن فيه معنى زائدا فإنك لو ثبتَّ لديك أن عند فلان بدعة فلا تبدعه لأنك لم تقم الحجة عليه بنفسك ثم لو أقمت الحجة عليه بنفسك فلا تبدعه لاحتمال أن الشبهة لم تزل منه بعد ثم لو أقمت الحجة عليه و زالت الشبهة منه تحكم عليه أنت بالبدعة فقط ولا تنكر على من جالسه من أهل السنة لاحتمال أنه لم يقم عليه الحجة أو أقامها ولم تزل الشبهة وهكذا يريد أبو الحسن أن نقف طابورا عند المبتدع الواحد نقيم عليه الحجة واحدا بعد واحد حتى ينتهي عدد أهل السنة ثم ينتقلون إلى المبتدع الثاني وهكذا.. فهل بعد هذه المهزلة مهزلة بأمر التبديع ؟؟.
وقد قال الله تعالى مقررا خلاف ما قرره أبو الحسن: "فريقا هدى وفريقا حق عليهم الضلالة إنهم اتخذوا الشياطين أولياء من دون الله ويحسبون أنهم مهتدون". وقال تعالى: الذين ضل سعيهم في الحياة الدنيا وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعا".
فهل زالت الشبهة من هؤلاء الذين ذكرهم الله في الآيتين وهل شفع لهم ظنهم بأنفسهم أنهم مهتدون، ؟ أو كونهم يحسبون أنهم يحسنون صنعا؟.
وبعد هذا التعقيد ـ ولا أقول: التقعيد ـ أصبحنا في منأى عن المبتدعة ولا أظنك تجد مبتدعا ـ على طريقة أبي الحسن المحدثة ـ إلا خلف ردم يأجوج وما جوج ـ إن وجدت ـ
سابعا: ثم وراء ذلك كله ما يحيرك ويذهلك وهو أعظم الأطواق وأحكمها قوله في أحد أشرطته: لا تلزمني إذا قلت بأن فلانا مبتدع أن أخرجه من أهل السنة فقد يكون السني مبتدعا.
يعني أنه لو توفرت المستحيلات الماضي ذكرها كلها وقدرت أن تنقب على مبتدع حتى اكتشفته وتحصلت عليه بعد اللتيا والتي وما كادوا يفعلون ثم جئت به إلى أبي الحسن وقلت له هذا مبتدع. لقال لك: لا يلزم من كونه مبتدعا أن لا يكون سنيا. أهكذا طريقة السلف يا أهل السنة ؟ أهكذا يا من أحسنتم الظن في أبي الحسن؟ أهكذا تربيتم على أيدي مشايخ وعلماء أهل السنة؟ هل يؤتمن مثل هذا على دين الله؟ وهل هو مؤهل لحماية السنة وهو بهذا المستوى المنحط علميا؟ فإن كان هذا صادرا منه عن جهل فلا يليق أن تكونوا أتباعا لجاهل وإن كان صادرا منه عن علم وسوء نية فلا يليق أن تكونوا أتباعا لهذا الرجل الذي تعامل مع قواعد الشريعة بخيانة وظلم وتعسف.
إن أبا لحسن جعل من نفسه مدافعا عن المبتدعة وممثلا لهم في وسط أهل السنة وقعد القواعد التي تخدم مبادئ المبتدعة حتى رفعهم إلى مستوى رفيع جدا, ألم أقل لكم إن أبا الحسن يتكلم عن المبتدعة كلام من يتكلم عن نفسه وإخوانه وأحبابه؟
وإضافة إلى ما تقدم فقد رفع أبو الحسن المبتدعة إلى مرتبة المجددين. فيقرر في كتابه السراج الوهاج أن المجدد لا مانع من أن يكون مبتدعا غير داع إلى بدعته. وهذا نص كلامه من كتابه السراج الوهاج/ص104/فقرة رقم/212/ الطبعة الثانية:... والمقصود أن يجدد للأمة الدين لا يحيي فيهم البدع، والأصل أن يكون هذا المجدد من علماء أهل السنة، لا من علماء البدعة، وإن عد بعضهم أهل البدع في المجددين؛ فإما أن العادّ يوافقه على بدعته، أو لأن المجدد جدد في السنة و لم يدع إلى بدعته. اهـ المراد
قلت: فإذا كان الأصل في المجدد أن يكون على سنة فمعناه أن الفرع أن يكون المجدد من المبتدعة كما يدل عليه بقية كلامه وهو قوله: " أو لأن المجدد جدد في السنة و لم يدع إلى بدعته" وهذا واضح جلي في أن أبا الحسن لا يمانع من كون المجدد مبتدعا غير داع إلى بدعته أو أنه يكون من الدعاة إلى بدعته لكن لا يكون متحمسا لها حتى يكون فيها من المجددين لها.
وبهذا فإني أرجوا أن أكون قد أوضحت بعض ما ينبغي إيضاحه حول هذه المسائل, ومن رأى من طلبة العلم إضافة على ما كتبت فليكن كلامي منبها له وملفتا لنظره, ومن قدر أيضا على أن يطرح هذه القواعد المبتدعة على شكل أسئلة على العلماء الكبار فهذا جيد ويعتبر من التعاون على البر والتقوى.
وإني لأتوقع أن كثيرا ممن يحسنون الظن بأبي الحسن إذا رأوا هذه القواعد فإنهم سيكون لهم موقف مشرف، وسينفرون من أبي الحسن وسيُفجَع في كثير ممن يراهم عضده في نصرة باطلة، وهم إنما نصروه ظنا منهم أنه على الحق ولو علموا أن هذه الأوابد موجودة لديه لفارقوه من أول وهلة ولكنه ظل يخفيها زمنا ثم يظهرها شيئا فشيئا على حذر مع تلبيس بالغ.
وإني وأنا أكتب هذه الأوراق أشعر بدويٍّ كبير وزلزلة كبرى في صف أبي الحسن وأن هناك عددا ليس بقليل ممن كانوا مناصرين لأبي الحسن قد تبين لهم من أمر أبي الحسن ما يدعوهم لتركه، ونحن نقول مرحبا بهم إذا رجعوا إلى إخوانهم ومشايخهم فإنا قد كنا معهم على دعوة واحدة وإنما حال بيننا وبينهم ما جاء به أبو الحسن من باطل و زينه لهم حتى ظنوه عين الحق، والآن وقد تبين لهم ما عليه أبو الحسن فليبادروا إلى لم الشمل وجمع الكلمة ولتعد المياه إلى مجاريها وليخسأ الباطل وأهله وليصرخوا بها مدوية يسمع بها من في المشرق ومن في المغرب والحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات؛ وهكذا فإن العلماء و طلبة العلم من بداية الفتنة إلى اليوم لا يزالون يتركون أبا الحسن طائفة تلو طائفة، ومن رجع من إخواننا وجد من المشايخ وطلبة العلم السلفيين الترحيب و التقدير والكلام الحسن، مع أن أبا الحسن قد صور المشايخ أمام أتباعه كأنهم وحوش، بغاة، غلاة ظلمة..الخ.
وختاما أقول: لم يعد الأمر كما قال أبو الحسن: نحن في اليمن، من دعا ولو إلى شعوذة وجد لنفسه أتباعا.اهـ فهذا الاحتقار لليمنيين وحب التبعية أصبح فاشلا، ولو كان الأمر كما تقول فإن هذا في أتباعه الشيعة والصوفية ولفيف المتميعين وأصحاب الدنيا الذين تريدهم أنصارا لك لا في السلفيين الذين يريدون الله والدار الآخرة فتأمل، والحمد لله رب العالمين.
سؤال: ليس خافيا على أحد ما وصل إليه أبو الحسن من التقارب مع الإخوان المسلمين من خلال دفاعه عن رموزهم وغير ذلك فلماذا لا نسمع بشيء من التقارب بين أبي الحسن والإخوان ا لمسلمين في مأرب؟؟
والجواب: أن ذلك لو حصل لانتبه أهل السنة في مارب ولحصل بينهم وبين أبي الحسن الاختلاف ويكون بينه وبين الإخوان المسلمين اتفاقات خاصة، وينصبُّ الجهد الآن من أبي الحسن والإخوان المسلمين على حد سواء في الحط من أهل السنة أما أبو الحسن فبحجة أنه مظلوم وأما الإخوان المسلمون فبحجة أن أهل السنة يسب بعضهم بعضا فلا يصلح السير معهم. ثم في الوقت المناسب سوف يكون الانظمام بين أبي الحسن وبين الإخوان المسلمين عندما يكونون مطمئنين أنهم قد قدروا على أن يشوهوا أهل السنة في اليمن أمام أهل السنة في مارب وأنا أعرف إخوة في مارب سلفيين محبين للسنة كارهين للاخوان المسلمين ولو قد ظهر لهم من أبي الحسن تقارب مع الإخوان المسلمين لرأى منهم أبو الحسن ما يسوءه، ولهذا فأنا أدعوهم إلى أن يبقى بغض الحزبية في قلوبهم كما كان وليأخذوا بالحذر والهدوء حتى يستبين لهم أمر أبي الحسن، وقل عسى أن يكون قريبا.
كتبه عبد العزيز بن يحيى البرعي بتأريخ/ 19/1/1425/
بقلم: <span style="color:#993300"><b>عبد ا...?ي</b></span>
******************
http://www.alburaie.com/new/index.ph...&article_id=10
http://www.alburaie.com/new/index.ph...&article_id=10