بسم الله الرحمن الرحيمالحمد لله ، وصلَّى وسلَّم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين ، أما بعد :فهذا عظة وعبرة لأهل السنة السلفيين من كلام شيخ الإسلام يتكلم فيه عن وقعة قازان سنة 699 هـ، التي انكسر فيها المسلمون أمام التتار بوادي الخزندار، وقتل فيها جماعة من الأمراء وخلق كثير من العوام، وأبلوا فيها بلاءً حسناً، انظر [البداية والنهاية لابن كثير (17/71] .وقد بين شيخ الإسلام أن خلعة النصر إنما تكون مع ولاية الذل والإنكسار ، ولو حصل النصر فيها لأعقب ذلك بلاءً عظيماً .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله - في [جامع المسائل لابن تيمية - ط.عزير شمس (5/ 29] :
قال شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله - في [جامع المسائل لابن تيمية - ط.عزير شمس (5/ 29] :
((... فان هذه الفتنة التي جرت، وإن كانت مؤلمة للقلوب، فما هي -إن شاء الله- إلا كالدواء الذي يسقاه المريض ليحصل له الشفاء والقوة. وقد كان في النفوس من الكبر والجهل والظلم ما لو حصل معه ما تشتهيه من العز لأعقبها ذلك بلاء عظيما. فرحم الله عباده برحمته التي هو أرحم بها من الوالدة بولدها، وانكشف لعامة المسلمين شرقا وغربا حقيقة حال هؤلاء المفسدين الخارجين عن شريعة الإسلام وإن تكلموا بالشهادتين، وعلم من لم يكن يعلم ما هم عليه من الجهل والظلم والنفاق والتلبيس والبعد عن شرائع الإسلام ومناهجه، وحنت إلى العساكر الإسلامية نفوس كانت معرضة عنهم، ولانت لهم قلوب كانت قاسية عليهم، وأنزل الله عليهم من ملائكته وسكينته مالم يكن في تلك الفتنة معهم، وطابت نفوس أهل الإيمان ببذل النفوس والأموال للجهاد في سبيل الله، وأعدوا العدة لجهاد عدو الله وعدوهم، وانتبهوا من سنتهم، واستيقظوا من رقدتهم، وحمدوا الله على ما أنعم به من استعداد السلطان والعسكر للجهاد، وما جمعه من الأموال للإنفاق في سبيل الله... )).
قال ابن القيم - رحمه الله- في [زاد المعاد (3/ 19]:
(( ومنها: أنه سبحانه لو نصرهم دائما، وأظفرهم بعدوهم في كل موطن، وجعل لهم التمكين والقهر لأعدائهم أبدا لطغت نفوسهم، وشمخت وارتفعت، فلو بسط لهم النصر والظفر لكانوا في الحال التي يكونون فيها لو بسط لهم الرزق، فلا يصلح عباده إلا السراء والضراء، والشدة والرخاء، والقبض والبسط، فهو المدبر لأمر عباده كما يليق بحكمته، إنه بهم خبير بصير.
ومنها: أنه إذا امتحنهم بالغلبة والكسرة والهزيمة ذلوا وانكسروا وخضعوا، فاستوجبوا منه العز والنصر، فإن خلعة النصر إنما تكون مع ولاية الذل والانكسار، قال تعالى: {ولقد نصركم الله ببدر وأنتم أذلة} . وقال: {ويوم حنين إذ أعجبتكم كثرتكم فلم تغن عنكم شيئا}. فهو - سبحانه - إذا أراد أن يعز عبده ويجبره وينصره كسره أولا، ويكون جبره له ونصره على مقدار ذله وانكساره )).
ومنها: أنه إذا امتحنهم بالغلبة والكسرة والهزيمة ذلوا وانكسروا وخضعوا، فاستوجبوا منه العز والنصر، فإن خلعة النصر إنما تكون مع ولاية الذل والانكسار، قال تعالى: {ولقد نصركم الله ببدر وأنتم أذلة} . وقال: {ويوم حنين إذ أعجبتكم كثرتكم فلم تغن عنكم شيئا}. فهو - سبحانه - إذا أراد أن يعز عبده ويجبره وينصره كسره أولا، ويكون جبره له ونصره على مقدار ذله وانكساره )).
وقال الحافظ ابن كثير -رحمه الله- في[ تفسيره ط.سلامة (1/ 277)] عند قوله تعالى:{وَإِذْ قُلْنَا ادْخُلُوا هَذِهِ الْقَرْيَةَ فَكُلُوا مِنْهَا حَيْثُ شِئْتُمْ رَغَدًا وَادْخُلُوا الْبَابَ سُجَّدًا وَقُولُوا حِطَّةٌ نَغْفِرْ لَكُمْ خَطَايَاكُمْ وَسَنَزِيدُ الْمُحْسِنِينَ * فَبَدَّلَ الَّذِينَ ظَلَمُوا قَوْلًا غَيْرَ الَّذِي قِيلَ لَهُمْ فَأَنْزَلْنَا عَلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا رِجْزًا مِنَ السَّمَاءِ بِمَا كَانُوا يَفْسُقُونَ (59)}
((...وحاصل الأمر: أنهم أمروا أن يخضعوا لله تعالى عند الفتح بالفعل والقول، وأن يعترفوا بذنوبهم ويستغفروا منها، والشكر على النعمة عندها والمبادرة إلى ذلك من المحبوب لله تعالى، كما قال تعالى: {إذا جاء نصر الله والفتح * ورأيت الناس يدخلون في دين الله أفواجا * فسبح بحمد ربك واستغفره إنه كان توابا} [سورة النصر] ، فسره بعض الصحابة بكثرة الذكر والاستغفار عند الفتح والنصر، وفسره ابن عباس بأنه نعي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم أجله فيها، وأقره على ذلك عمر [بن الخطاب] رضي الله عنه. ولا منافاة بين أن يكون قد أمر بذلك عند ذلك، ونعى إليه روحه الكريمة أيضا؛ ولهذا كان عليه السلام يظهر عليه الخضوع جدا عند النصر، كما روي أنه كان يوم الفتح -فتح مكة-داخلا إليها من الثنية العليا، وإنه الخاضع لربه حتى إن عثنونه ليمس مورك رحله، يشكر الله على ذلك...)).
تعليق