هل تُطبق قواعد الجرح والتعديل كلها فى هذا العصر؟
للشيخين ربيع بن هادي المدخلي و محمد بن هادي المدخلي حفظهما الله
فتاوى موقع ميراث الأنبياء
السؤال:
جزاكم الله خيرًا، يقول السائل: هل تُطبق قواعد الجرح والتعديل كلها فى هذا العصر؟
الجواب:
الشيخ ربيع –حفظه الله-: لمن السؤال؟ أجبهم يا شيخ محمد
الشيخ محمد –حفظه الله-: لا أبدا .
الشيخ ربيع :
إذًا فى زيادة فى الجرح والتعديل...... فى هذا العصر،كتب الجرح والتعديل سابقة وقواعدها قد لا تفي بما يستحقه هؤلاء بهذا الأصل من أهل الضلال، فهم لا يطيقون هذا المذهب ويبكون منه ويريدون إلغاءَه ويأصل الأصول لإبطاله، ناس يدعون السلفية هذا منهجهم تأصيل أصول نصحح ولا نجرح يريدوا منهجًا واسعًا أفيه، لا يريدون جرح أهل البدع حتى أهل وحدة الأديان لا يريدون نقضهم، ولا يريدون بيان الحق كأنهم أذنابٌ لهؤلاء ومأجورين معهم -بارك الله فيكم- فالجرح والتعديل أمر ضروري لا يميز بين أهل الحق والباطل والضلال والهدى إلا من خلال هذا المنهج أصوله وقواعده وتطبيقاته، استخدمه السلف والقرآن مليء بالجرح والسنة كذلك، الجرح والتعديل موجودة فى كتاب الله تمام مع الأنبياء ومع صالح المؤمنين فعلوه فى الكافرين، فى المنافقين، فى المجرمين، وفى الفاسقين -بارك الله فيكم- فعلوا فيهم،هذا أمر شرعه الله تعالى- تبارك وتعالى- وهو أصل للولاء والبراء، والولاء والبراء أصل عظيم من أصول الإسلام، ولا يتحقق إلا إذا طبقنا هذا المنهج، دعايات كثيرة ضد هذا المنهج الأصيل الذى هو سلاح أهلِ الحق على أهلِ الباطل فى كل زمان ومكان -بارك الله فيكم- فلا يحاربه إلا أهل الأهواء والضلال يعنى يقال: "يكاد المجرمُ أن يقول خذونى" يخاف أن تمسه هذه القواعد، وتفضح حقيقته ومنهجه فيحارب منهج أهل السنة والجماعة فى الجرح والتعديل، والله أهل البدع ما حاربوا الجرح والتعديل فى خلال السنوات هذه كلها مثل ما حاربوا هؤلاء المنتسبين إلى السنة كذبًا وزورًا ولا أصلوا أصولًا ضد هذا المذهب -بارك الله فيكم- فافهموا هذه الأمور وأدركوها.
تعليق للشيخ محمد –حفظه الله- :
أحب أن أضيف فى الجرح والتعديل، الجرح والتعديل قام وباقٍ على ثلاثةِ جوانب:
الأول: لحفظ سنة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- من الكذابين الوضاعين، ومن أهل الأهواء الذين كانوا إذا اهتوَوا شيئا جاءوا ووضعوا فيه حديثا كما ذكر الشافعي - رحمه الله وغيره- وهذا الجانب ما يتعلق بالرواية بدأ عند ظهور الفتن .
فسنة النبي وحي ثانٍ *** عليهما قد أطلق الوحيان
وإنما طريقها الرواية *** فافتقر الراوي إلي الدراية
لصحة المروي عن الرسول *** ليعلم المردود من مقبول
لاسيما عند تظاهر الفتن *** ولبس إفك المحدثين بالسنن
فقام عند ذلك الأئمة *** لخدمة الدين ونصح الأمة
فخلصوا صحيحها من مفترى *** حتى صفت نقية كما ترى
ثم إليها قربوا الوصولا *** لغيرهم فأصلوا أوصولا
و لقبوا ذاك *** بعلم المصطلح
وعلم المصطلح أخصر التفاسير فيه والتعريفات له أنه علم بقوانين يعرف بها أحوال الراوي والمروي، أو معرفة حال الراوي والمروي من حيث القبول والرد، هذا جانب .
الجانب الثاني: ما يتعلق بالطعن في أهل البدع، فالجرح والتعديل قائم وهو ضميمة إلى مسألة الضبط والصدق والعدالة،
فإن العدالة: هي استقامة الدين والمروءة من الخوارم، استقامة دين الإنسان ومروءة الإنسان، وأدخلوا هذا الباب، باب الديانة، باب أهل البدع مع الرواية للأمر الذي ذكرته قبل قليل، حتى يعرف المبتدع ومتى تقبل روايته، ومتى ترد يفصل فيها، ونحو ذلك، هل روى ما يؤيد بدعته، لا يؤيد بدعته إلى غير ذلك، فتجد هذا وهذا بينهما تلازم فيقولون ثقة ناصبي، ثقة خارجي، ثقة قدري، ثقة مرجي، وهكذا، وبعد ذلك بقية الألفاظ الأخرى التي ليس فيها تركيب، صدوق، صدوق يخطي، سيء الحذر، هذه ليس فيه تركيب بين الضبط وما بين الديانة، ويأتيك مثل هذا صدوق، صدوق يخطي، صدوق يهم، يهم كثيرا له أوهام، ضعيف، مضطرب الحديث، منكر الحديث، ونحو ذلك، هذا يتعلق بجانب الضبط في الرواية البحتة، هذا النوع انتهى وما انتهى كيف؟ إن أردت به تدوين الرجال الذين يبنى عليهم الحكم لصحة الحديث فقد انتهى لأن عصر الرواية انتهى، وإن أراد أنه خلاص ما عاد يُذكر فهذا يكذبه الواقع، نحن الآن نقول هذا حديث ضعيف علته فلان وهو في القرن الثاني نتكلم فيه وقد ما عاد له وجود إلا عجب الذنب، فنحن الآن نتكلم فيه وقد صار ترابا، هل نحن نتكلم فيه تشهيا ولا حفظا لسنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم –.
واقرأ كتابا يفيد الاصطلاح به *** تدرس صحيح من الموصوف بالسقم
تعرف الضعيف من الصحيح فمن هذه الناحية ما انتهى باقٍ إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها، ما اشتغل أهل الحديث بالذب عن سنة الرسول -صلى الله عليه وسلم- فإنهم يحتاجون وإلا لماذا نقرأ هذه الكتب في الرجال ونحكم على الأسانيد باقي الكلام فيهم من هذه الناحية باقٍ إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها .
الجانب الثالث: ما يتعلق بجرح الشهود الآن في الدينار والدرهم، يأتي الشاهد عند القاضي ليشهد على فلان أنه ظلم فلانا، أو أخذ ماله فيطعن في هؤلاء الشهود بأنهم إيش؟ غير عدول، من أجل إيش؟ من أجل الدينار والدرهم في أمور الدنيا، دينار ودرهم يجرح الشهود لحفظ حقوق الناس، أفلا يستحق أهل الأهواء والبدع الذين قد أخبرنا النبي -صلى الله عليه وسلم عنهم- بأنهم باقون إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها، إلى أن تأتي الساعة، النبي -صلى الله عليه وسلم- يقول: ((لَا تَزَالُ طَائِفَةٌ مِنْ أُمَّتِي قَائِمَةً بِأَمْرِ اللهِ، لَا يَضُرُّهُمْ مَنْ خَذَلَهُمْ أَوْ خَالَفَهُمْ))، وبدأ بالمخذل، فالمخذل قد يكون معك ولكن يخذلك، هذا أشد، ((أَوْ خَالَفَهُمْ حَتَّى يَأْتِيَ أَمْرُ اللهِ)) فالعراك بين أهل السنة والجماعة ورثة النبي -صلى الله عليه وسلم- هؤلاء باقٍ بينهم العراك هم وأعداء السنن الذين افترقوا وفارقوا السنة والكتاب، فأنت بحاجة إلى أن ترد عليهم وتكشف عوارهم وتبيّن انحرافهم، فأيّهم أولى بالله، جرح الناس لحفظ دين الله، أو جرحهم لحفظ الدينار والدرهم! لحفظ دين الله -جل وعلا-، فما دامت هذه الطائفة الناجية المنصورة باقية إلى قيام الساعة وهي وخصومها في عراك فهي محتاجة إلى هذا السلاح وهذا من أعظم أسلحتها وأخصه ما يقوم به إلّا أهل الحديث، يطعن في أبيه يقول : ضعيف،شيخ لا ترووا عنه، وهذا يطعن في ابنه لا يبالي، لم؟ المقصود حفظ دين الله -تبارك وتعالى- فإذا كان هذا على هذا النحو فالجرح والتعديل باقٍ وإن رغمت أنوف من لا يريده الآن، وهذا إنما يؤخذ من أهل الاختصاص والمعرفة به، هذا من ناحية، ومن ناحية ثانية هؤلاء الذين يحاربونه يجرحون أهله ويطعنون فيهم فما الذي جعل جرح أهل السنة فيهم غلوًا وتجريحًا وهؤلاء طائفة الجراحين ولم يجعلهم هم وهم المبطلون لم يجعلهم جراحين، كيف صار أهل السنة جراحين بهذا اللفظ يقولونه وهم حينما يطعنون في أهل السنة لا يصيرون جراحين، هذا ذكرني بنكتة، قال: ما فعل أبوك بحمارِهِ؟ قال الرجل: باعِهِ، قال له: ما شاء الله كيف قلتَ باعِهِ؟ قال له أنت لماذا قلتَ بحمارِهِ، قال: الباء حرف جر، قال له : ما شاء الله باؤك تجر وبائي لا تجر! تمامًا هؤلاء باعِهِ باؤهم تجر وهي في غير موضعها، وباء بحمارِهِ التي هي الجارة أصلًا؛ لا تجر، فسبحان الله العظيم!
يُقضى على المرء في أيام محنته *** حتى يرى حسنًا ما ليس بالحسن
فهذا الذي أحببت أن أوضحه في هذا وإلا كلام شيخنا هو القاعدة، والأصل في هذا .
تعليق الشيخ ربيع –حفظه الله تعالى-
الله يبارك فيكم في نكتة يعني الرواية باقٍ فيها الجرح والتعديل إلى الآن، الرواية نفسها ما انتهت كما يقول بعض الناس إنها انتهت بالقرن الثالث، لا نجد العلماء إلى العهد القريب يستخدمون الجرح والتعديل فلا يقبل رواية ولا يقبل كتابًا إلا من ثقة، ويشترطون في من يقرأ وهو لا يفقه لكنه غير صادق لا يقبلون منه ولا ثقة لا يقبلون منه، يقرأ الحديث البخاري أو مسلم أو غيره وهو غير فقيه فيه لا بد أن يكون حوله من العلماء الثقات يعدلونه ويثبتون إسناده ويثبتون رواياته، فالجرح والتعديل إلى الآن باقٍ في نقل سنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم- أحاديث وكتب باقٍ إلى الآن، ولهذا تجد الذهبي يجرح -بارك الله فيك- في شيوخ عصره من حملة الحديث يجرح فيهم، ابن حجر كذلك، ومن بعدهم إلى وقتنا هذا، فالجرح والتعديل باقٍ رواية ورأيًا وفي أهل البدع باقٍ، الجرح باقٍ إلى الآن، هؤلاء -بارك الله فيك- كل هدفهم أن يكموا أفواه أهل السنة عن بيان الحق وعن نقد أهل البدع والباطل والضلال، وعن نقد الكذابين والفاسقين، يريدون هذا، يريدون فوضى في الميادين الإسلامية كلها -بارك الله فيكم-، يريدوا أن يسرحوا ويمرحوا بباطلهم وخرافاتهم وأساطيرهم .
فالشاهد تكلم الأخ محمد في الجرح والتعديل ووفاه حقه لكن بقيت هذه النقطة فأحببت توضيحها -بارك الله فيكم-، وأنَّ حتى في مجال الرواية الجرح والتعديل باقٍ، فلا نقبل حديثًا أو كتابًا إلا من أيدٍ نظيفة من الثقات المقبولين الأمناء على دين الله -تبارك وتعالى-
الملف الصوتي في المرفقات
- الـمـصـدر