ِ
قال الشّيخ رحمه الله: " ولكنّنا لا نزال -من وقت لآخر- نسمع تلك الأصوات المنكرة من أولئك المخدوعين, ونقرأ مقالاتهم الّتي تنادي بالإلحاق بالغرب الدّيمقراطيّ, بل بعض المقالات يعتب المسلمين على تأخّرهم عن اللّحاق بالغرب في العمل بالدِّيمقراطيّة."
قال الشّيخ رحمه الله: " وقد خاض بعض الكُتَّاب الّذين تأثّروا بالثّقافة الغربيّة خوضاً كثيراً في هذه المسألة؛ محاولين القول بأنّ الشّورى في الإسلام تفسير للدِّيمقراطيّة الغربيّة, أو يقولون: إن الشّورى في الإسلام مرادفة للدِّيمقراطيّة, فجعلوا يُفسِّرون نظام الشُّورى قبل صدوره؛ تَخميناً من عند أنفسهم."
قال الشّيخ رحمه الله: " ماذا تعني هذه الجملة:" السّيادة للشّعب"؟
السّيادة للشّعب، أو السُّلطة للشّعب، ومَن تصوّر معنى هذه الجملة: "السُّلطة للشّعب"، ثُمَّ عرف أنواع السُّلطات الثّلاث الَّتِي سوف نتحدث عنها -إن شاء الله- لا يشكُّ بأنّ النِّظام الدِّيمقراطيِّ نظام إلحاديّ جاهليّ لا يصلح لنا في هذا البلد -السّعوديّة-، بل لايصلح لجميع البلدان الإسلاميّة الَّتِي تؤمن بالنّظام الإسلاميّ المُنَـزَّل.
- أنواع السُّلطات:
السُّلطة الَّتِي يتمتّع بها الشّعب في النّظام الدِّيمقراطيِّ أنواع ثلاثة :
السُّلطة الأولى: السُّلطة التّشريعيّة.
السُّلطة الثّانية: السُّلطة القضائيّة.
السُّلطة الثّالثة: السُّلطة التّنفيذيّة.
يرى النِّظام الدِّيمقراطيِّ أنّ الشّعب نفسّه هو الّذي يتمتّع بهذه السُّلطات كلّها، وذلك يعني أنّ الشّعب يملك تشريع القوانين المناسبة له، كما يملك التّعديل والإلغاء في مواد القانون إنْ شاء ذلك .ثُمَّ الشّعب نفسُه يتولَّى القضاء بين النّاس بواسطة لجنة معيّنة في ضوء التّشريع، كما يتولَّى الشّعب نفسُه التّنفيذ بعد القضاء، هكذا يكون الشّعبُ كلَّ شيء في النّظام الدِّيمقراطيِّ.
لنا أن نتساءل هنا: هل يسوغ لمسلم ما أن يعتقد صحّة تشريع غير تشريع الله العليم الحكيم؟
فإذا كان الشّعب هو الّذي يُشرِّع قانونه، وهو الّذي يتولَّى سلطة القضاء، ثُمَّ هو الّذي يُنفِّذ ما قضى به القاضي الدِّيمقراطيّ؛ فما الّذي بقي لربِّ العالمين الّذي خلق العباد، وأرسل إليهم رسلَه، وأنزل عليهم كتبَه تحمل ذلك التّنظيم الدّقيق العادل الّذي لا جَوْرَ فيه ولا نقص؟!
فالله سبحانه هو المشَّرِع وحده؛ فقد شرّع التّشريعات العادلة، وأنزلها في كتابه، وهي موجودة بين النّاس، أتى بها خاتَم النبيِّين، مُحمَّد رسول الله صلّى الله عليه وسلّم الّذي أرسله رحمة للعالمَين.
فالكتاب والسنّة الصّحيحة -الشّارحة للكتاب- هما محل التّشريع الإلهيّ الكامل، فيجب على كلّ مسلم الإذعان لذلك، ولم يبقَ إلاّ القضاء بين النّاس في ضوء ما جاء في الكتاب والسنّة، ثُمَّ تنفيذ تلك الأحكام بين عباد الله.
فهذا هو الّذي أُسِّسَت عليه هذه المملكة العملاقة المحروسة.
فتوضيح ذلك أنّ التّشريع لربِّ العالمين؛ قد تَمَّ.
وأمّا القضاء وتنفيذ ذلك التّشريع؛ فهو الّذي يتولاَّه ولاة أمور المسلمين؛ مِن ولِّي الأمر رئيس الدّولة، ورجال حكومته، من وزرائه وأمرائه ورجال الشُّورى والقضاء، وجميع أعضاء الدّولة؛ هؤلاء جميعاً يشغلون وظيفة واحدة، أَلاَ وهي تنفيذ أحكام الله بين عباد الله، كما جاءت مِن عند الله."
قال الشّيخ رحمه الله: "
الّذي أُريد أَنْ أَصِلَ إليه: أنّ الغرب النّصرانيّ أراد أنْ يتخلّص مِن ظلم ملوكه, فعقدوا اجتماعات ومؤتمرات كثيرة, فقرّروا أخيراً نظريّة "سيادة الشّعب".
وهي نظرية تنطلق من تصوّر إلحادي؛ إذْ يتصوّر أنّ النّاس خُلِقوا ثُمَّ أُهمِلوا, فتُرِكوا دون أنْ تُنظّم حياتهم, ويُبَيَّن لهم الخير من الشّرّ والناّفع من الضّار؛ ليتخبَّطوا بأنفسِهم في محاولة تنظيم شُئُونهم.
من هنا نشأت فكرة "سيادة الشّعب", وأنّ الشّعب صاحب السُّلطة بدل سلطة الملوك.
وهي فكرة ملحدة, تتنافى وقوله تعالى: ﴿وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولًا أَنِ اُعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ﴾[ النّحل:36] وما في معناها من الآيات الّتي تدلّ بأنّ الله لَمْ يترك العباد هَمَلاً حتَّى يشَّرعوا لأنفسِهم ويكفروا بالله ربِّهم وخالقهم, بل أرسل إليهم رسلاً, وأنزل عليهم كتاباً, وبيّنت لهم الرسل كلَّ ما يحتاجون إليه؛ ما لمْ يعرضوا عن شريعة الله, ويكفروا برسلِه.
فهي إذن نظرية لا تتلاءم مع عقيدتنا الإسلاميّة, ولا تصلح في أرضِنا كما أسلفنا.
وأمّا النّظام الإسلاميّ؛ فالسِّيادة المطلقة فيه حقّ لله تعالى وحده, فلا يُنازَع سبحانه في سلطانِه؛ إذ له الخلق والأمر, وله الملك كلّه, والشّرع شرعه, والسُّلطان سلطانه سبحانه, بيده الخير, وهو على كلِّ شيء قدير.
هذا النّظام هو الّذي ننصح به أولئك المخدوعين الّذين تورَّطوا في الإيمان بالدِّيمقراطيّة, فأصبحوا تابعين لقوم لا خلاق لهم, ولا يؤمنون بالله ولا باليوم الآخر, ولا يُحرِّمون ما حرّم الله, ولا يكفرون بما يجب أنْ يُكفر به شرعاً؛ حَتَّى يصِّح الإيمان بالله وحده؛ إذْ يقول سبحانه -وبقوله يهتدي المهتدون-: ﴿ فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِنْ بِاللَّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى لا انفِصَامَ لَهَا وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ﴾[البقرة: 256]"
هذا جزء من رسالة قيّمة بعنوان
"حقيقة الدّيمقراطيّة وأنّها ليست من الإسلام "
للشيخ العلاّمة محمّد أمان الجامي رحمه الله
تمّ النقل من الطبعة الأولى دار المنهاج 1426هـ ص(5-29)
منسّقة بشكل pdf
حملها من المرفقات
من كلام الشّيخ في الرّسالة:"حقيقة الدّيمقراطيّة وأنّها ليست من الإسلام "
للشيخ العلاّمة محمّد أمان الجامي رحمه الله
تمّ النقل من الطبعة الأولى دار المنهاج 1426هـ ص(5-29)
منسّقة بشكل pdf
حملها من المرفقات
قال الشّيخ رحمه الله: " ولكنّنا لا نزال -من وقت لآخر- نسمع تلك الأصوات المنكرة من أولئك المخدوعين, ونقرأ مقالاتهم الّتي تنادي بالإلحاق بالغرب الدّيمقراطيّ, بل بعض المقالات يعتب المسلمين على تأخّرهم عن اللّحاق بالغرب في العمل بالدِّيمقراطيّة."
قال الشّيخ رحمه الله: " وقد خاض بعض الكُتَّاب الّذين تأثّروا بالثّقافة الغربيّة خوضاً كثيراً في هذه المسألة؛ محاولين القول بأنّ الشّورى في الإسلام تفسير للدِّيمقراطيّة الغربيّة, أو يقولون: إن الشّورى في الإسلام مرادفة للدِّيمقراطيّة, فجعلوا يُفسِّرون نظام الشُّورى قبل صدوره؛ تَخميناً من عند أنفسهم."
قال الشّيخ رحمه الله: " ماذا تعني هذه الجملة:" السّيادة للشّعب"؟
السّيادة للشّعب، أو السُّلطة للشّعب، ومَن تصوّر معنى هذه الجملة: "السُّلطة للشّعب"، ثُمَّ عرف أنواع السُّلطات الثّلاث الَّتِي سوف نتحدث عنها -إن شاء الله- لا يشكُّ بأنّ النِّظام الدِّيمقراطيِّ نظام إلحاديّ جاهليّ لا يصلح لنا في هذا البلد -السّعوديّة-، بل لايصلح لجميع البلدان الإسلاميّة الَّتِي تؤمن بالنّظام الإسلاميّ المُنَـزَّل.
- أنواع السُّلطات:
السُّلطة الَّتِي يتمتّع بها الشّعب في النّظام الدِّيمقراطيِّ أنواع ثلاثة :
السُّلطة الأولى: السُّلطة التّشريعيّة.
السُّلطة الثّانية: السُّلطة القضائيّة.
السُّلطة الثّالثة: السُّلطة التّنفيذيّة.
يرى النِّظام الدِّيمقراطيِّ أنّ الشّعب نفسّه هو الّذي يتمتّع بهذه السُّلطات كلّها، وذلك يعني أنّ الشّعب يملك تشريع القوانين المناسبة له، كما يملك التّعديل والإلغاء في مواد القانون إنْ شاء ذلك .ثُمَّ الشّعب نفسُه يتولَّى القضاء بين النّاس بواسطة لجنة معيّنة في ضوء التّشريع، كما يتولَّى الشّعب نفسُه التّنفيذ بعد القضاء، هكذا يكون الشّعبُ كلَّ شيء في النّظام الدِّيمقراطيِّ.
لنا أن نتساءل هنا: هل يسوغ لمسلم ما أن يعتقد صحّة تشريع غير تشريع الله العليم الحكيم؟
فإذا كان الشّعب هو الّذي يُشرِّع قانونه، وهو الّذي يتولَّى سلطة القضاء، ثُمَّ هو الّذي يُنفِّذ ما قضى به القاضي الدِّيمقراطيّ؛ فما الّذي بقي لربِّ العالمين الّذي خلق العباد، وأرسل إليهم رسلَه، وأنزل عليهم كتبَه تحمل ذلك التّنظيم الدّقيق العادل الّذي لا جَوْرَ فيه ولا نقص؟!
فالله سبحانه هو المشَّرِع وحده؛ فقد شرّع التّشريعات العادلة، وأنزلها في كتابه، وهي موجودة بين النّاس، أتى بها خاتَم النبيِّين، مُحمَّد رسول الله صلّى الله عليه وسلّم الّذي أرسله رحمة للعالمَين.
فالكتاب والسنّة الصّحيحة -الشّارحة للكتاب- هما محل التّشريع الإلهيّ الكامل، فيجب على كلّ مسلم الإذعان لذلك، ولم يبقَ إلاّ القضاء بين النّاس في ضوء ما جاء في الكتاب والسنّة، ثُمَّ تنفيذ تلك الأحكام بين عباد الله.
فهذا هو الّذي أُسِّسَت عليه هذه المملكة العملاقة المحروسة.
فتوضيح ذلك أنّ التّشريع لربِّ العالمين؛ قد تَمَّ.
وأمّا القضاء وتنفيذ ذلك التّشريع؛ فهو الّذي يتولاَّه ولاة أمور المسلمين؛ مِن ولِّي الأمر رئيس الدّولة، ورجال حكومته، من وزرائه وأمرائه ورجال الشُّورى والقضاء، وجميع أعضاء الدّولة؛ هؤلاء جميعاً يشغلون وظيفة واحدة، أَلاَ وهي تنفيذ أحكام الله بين عباد الله، كما جاءت مِن عند الله."
قال الشّيخ رحمه الله: "
الّذي أُريد أَنْ أَصِلَ إليه: أنّ الغرب النّصرانيّ أراد أنْ يتخلّص مِن ظلم ملوكه, فعقدوا اجتماعات ومؤتمرات كثيرة, فقرّروا أخيراً نظريّة "سيادة الشّعب".
وهي نظرية تنطلق من تصوّر إلحادي؛ إذْ يتصوّر أنّ النّاس خُلِقوا ثُمَّ أُهمِلوا, فتُرِكوا دون أنْ تُنظّم حياتهم, ويُبَيَّن لهم الخير من الشّرّ والناّفع من الضّار؛ ليتخبَّطوا بأنفسِهم في محاولة تنظيم شُئُونهم.
من هنا نشأت فكرة "سيادة الشّعب", وأنّ الشّعب صاحب السُّلطة بدل سلطة الملوك.
وهي فكرة ملحدة, تتنافى وقوله تعالى: ﴿وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولًا أَنِ اُعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ﴾[ النّحل:36] وما في معناها من الآيات الّتي تدلّ بأنّ الله لَمْ يترك العباد هَمَلاً حتَّى يشَّرعوا لأنفسِهم ويكفروا بالله ربِّهم وخالقهم, بل أرسل إليهم رسلاً, وأنزل عليهم كتاباً, وبيّنت لهم الرسل كلَّ ما يحتاجون إليه؛ ما لمْ يعرضوا عن شريعة الله, ويكفروا برسلِه.
فهي إذن نظرية لا تتلاءم مع عقيدتنا الإسلاميّة, ولا تصلح في أرضِنا كما أسلفنا.
وأمّا النّظام الإسلاميّ؛ فالسِّيادة المطلقة فيه حقّ لله تعالى وحده, فلا يُنازَع سبحانه في سلطانِه؛ إذ له الخلق والأمر, وله الملك كلّه, والشّرع شرعه, والسُّلطان سلطانه سبحانه, بيده الخير, وهو على كلِّ شيء قدير.
هذا النّظام هو الّذي ننصح به أولئك المخدوعين الّذين تورَّطوا في الإيمان بالدِّيمقراطيّة, فأصبحوا تابعين لقوم لا خلاق لهم, ولا يؤمنون بالله ولا باليوم الآخر, ولا يُحرِّمون ما حرّم الله, ولا يكفرون بما يجب أنْ يُكفر به شرعاً؛ حَتَّى يصِّح الإيمان بالله وحده؛ إذْ يقول سبحانه -وبقوله يهتدي المهتدون-: ﴿ فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِنْ بِاللَّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى لا انفِصَامَ لَهَا وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ﴾[البقرة: 256]"