في إبطال دعوى الرافضي دلالة آية :( يحبهم ويحبونه ). على إمامة علي رضي الله عنه
قال الرافضي : البرهان الخامس والعشرون : قوله تعالى : [ فسوف يأتيِ الله بِقَومً يُحِبٌـُهم وَيِحبًـُونَهُ ]. قال الثعلبي : أنما نزلت في عليً ، وهذا يدل على أنه أفضل ، فيكون هو الإمام ) .
والجواب من وجوه :
أحدها : أن هذا كذب على الثعلبي ، فإنه قال في تفسيره في هذه الآية ( قال عليً وقتادة والحسن : إنهم أبوبكر و أصحابه ، وقال مجاهد : هم أهل اليمن ). وذكر حديث عياض بن غنم : أنهم أهل اليمن ، وذكر الحديث [ أتاكم أهل اليمن ]. فقد نقل الثعلبي أن علياً فسر هذه الآية بأنهم أبوبكر و أصحابه .
الثاني :
أن هذا قول بلا حجة ، فلا يجب قبوله .
الثالث :
أن هذا معارض بما هو أشهر منه و أظهر ، وهو أنها نزلت في أبوبكر و أصحابه ، الذين قاتلوا معه أهل الردة ، وهذا هو المعروف عند الناس كما تقدم ، لكن هؤلاء الكذابون أرادوا أن يجعلوا الفضائل التي جاءت في أبي بكر يجعلونها لعليً ، وهذا المكر السيئ الذي لا يحيق إلا بأهله.
الرابع :
أن يقال : إن الذي تواتر عند الناس أن الذي قاتل أهل الردة هو أبوبكر الصديق رضي الله عنه ، والذي قاتل مسيلمة الكذاب المدًعي للنبوة و أتباعه بني حنيفة و أهل اليمامة ، وقد قيل : كانوا نحو مائة ألف أو أكثر ، وقاتل طليحة الأسدي ، وكان قد ادًعى النبوة بنجد ، واتبعه من أسد وتميم وغطفان ما شاء الله ، وادعت النبوة سحاج ، امرأة تزوجها مسيلمة الكذاب ، فتزوج الكذاب بالكذابة .
والمقاتلون للمرتدين هم من الذين يحبهم الله ويحبونه ، وهم أحق الناس بالدخول في هذه الآية ، وكذلك الذين قاتلوا سائر الكفار من الروم والفرس ، هؤلاء أبوبكر وعمر ومن اتبعهما من أهل اليمن وغيرهم ، ولهذا رُوي أن هذه الآية لما نزلت سُئل النبي صل الله عليه وسلم عن هؤلاء ، فأشار إلى أبي موسى الأشعري ، وقال ( هاهم قوم هذا ) .
فهذا أمر يعرف بالتواتر والضرورة ، أن الذين أقاموا الإسلام وثبتوا عليه حين الردة ، وقاتلوا المرتدين والكفار ، وهم داخلون في قوله ( فسوف يأتي الله بقومً يحبهم ويحبونه أذلةً على المؤمنين أعزة على الكافرين يجهدون في سبيل الله ولا يخافون في الله لومة لآئم ). المائدة:54 .
و أما عليً رضي الله عنه فلا ريب أنه ممن يحب الله ويحبه الله ، لكن ليس بأحق بهذه الصفة من أبي بكر وعمر وعثمان ، ولا كان جهاده للكفار والمرتدين أعظم من جهاده هؤلاء ، ولا حصل به من المصلحة للدين أعظم مما حصل بهؤلاء ، بل كل منهم له سعي مشكور وعمل مبرور ، وآثار صالحة في الإسلام و أهله خير جزاء ، فهم الخلفاء الراشدون و الأئمة المهديون ، الذين قضوا بالحق وبه كانوا يعدلون .
و أما أن يأتي إلى أئمة الجماعة الذين كان نفعهم في الدين والدنيا أعظم ، فيجعلهم كفاراً أو فساقاً ظلمة ، ويأتي إلى من لم يجر على يديه من الخير مثل ما جرى على يد واحد منهم ، فيجعله الله أو شريكاً لله ، أو شريك رسول الله صل الله عليه وسلم أو الإمام المعصوم الذي لا يؤمن إلا من جعله معصوماً منصوصاً عليه ، ومن خرج عن هذا فهو كافر ، ويجعل الكفار المرتدين الذي قاتلهم أولئك كانوا مسلمين ، ويجعل المسلمين الذين يصلون الصلوات الخمس ، ويصومون شهر رمضان ، ويحجون البيت ، ويؤمنون بالقرآن ، يجعلهم كفاراً لأجل قتال هؤلاء.
فهذا عمل أهل الجهل والكذب والظلم و الإلحاد في دين الإسلام ، عمل من لا عقل له ولا دين ولا إيمان.
الوجه الخامس:
أن يقال : هب أن الآية نزلت في عليً ، أيقول القائل : إنها مختصة به ، ولفظها يصرح بأنهم جماعة ؟ قال تعالى : ( من يرتد منكم عن دينه فسوف يأتىِ الله بقومٍ يحبهم ويحبونه ) المائدة 54.
إلى قوله ( لومة لائم ). المائدة 54 .. أفليس هذا صريحاً في أن هؤلاء ليسوا رجلاً ، فإن الرجل لا يسمى قوماً في لغة العرب : لا حقيقةً ولا مجازاً ..!
ولو قال : المراد هو وشيعته .
لقيل : إذا كانت الآية أدخلت مع علي غيره ، فلا ريب أن الذين قاتلوا الكفار و المرتدين أحق بالدخول فيها ممن لم يقاتل إلا أهل القبلة ، فلا ريب أن أهل اليمن الذين قاتلوا مع أبي بكر وعمر وعثمان ، أحق بالدخول فيها من الرافضة الذين يوالون اليهود والنصارى والمشركين ، ويعادون السابقين الأولين .
الوجه السادس:
قوله : ( فسوف يأتىِ الله بقومً يحبهم ويحبونه ) المائدة 54 . لفظ مطلق ليس فيه تعيين ، وهو متناول لمن قام بهذه الصفات كائناً ما كان ، لا يخص ذلك بأبي بكر ولا بعليً ، وإذا لم يكن مختصاً بأحدهما ، لم يكن هذا من خصائصه ، فيبطل أن يكون بذلك أفضل ممن يشاركه فيه فضلاً عن أن يستوجب بذلك الإمامة .
بل هذه الآية تدل على أنه لا يرتد أحد عن الدين إلى يوم القيامة إلا أقام الله قوماً يحبهم ويحبونه ، أذلة على المؤمنين أعزة على الكافرين ، يجاهدون هؤلاء المرتدين.
انتهى بحمد الله وفضلة.
كتبة:
أبو أسيف مسعود الزائدي/ غفر الله له ولوالديه
من كتاب منهاج السنة النبوية لشيح الإسلام أبي العباس أحمد بن تيمية
رحمه الله تعالى.
قال الرافضي : البرهان الخامس والعشرون : قوله تعالى : [ فسوف يأتيِ الله بِقَومً يُحِبٌـُهم وَيِحبًـُونَهُ ]. قال الثعلبي : أنما نزلت في عليً ، وهذا يدل على أنه أفضل ، فيكون هو الإمام ) .
والجواب من وجوه :
أحدها : أن هذا كذب على الثعلبي ، فإنه قال في تفسيره في هذه الآية ( قال عليً وقتادة والحسن : إنهم أبوبكر و أصحابه ، وقال مجاهد : هم أهل اليمن ). وذكر حديث عياض بن غنم : أنهم أهل اليمن ، وذكر الحديث [ أتاكم أهل اليمن ]. فقد نقل الثعلبي أن علياً فسر هذه الآية بأنهم أبوبكر و أصحابه .
الثاني :
أن هذا قول بلا حجة ، فلا يجب قبوله .
الثالث :
أن هذا معارض بما هو أشهر منه و أظهر ، وهو أنها نزلت في أبوبكر و أصحابه ، الذين قاتلوا معه أهل الردة ، وهذا هو المعروف عند الناس كما تقدم ، لكن هؤلاء الكذابون أرادوا أن يجعلوا الفضائل التي جاءت في أبي بكر يجعلونها لعليً ، وهذا المكر السيئ الذي لا يحيق إلا بأهله.
الرابع :
أن يقال : إن الذي تواتر عند الناس أن الذي قاتل أهل الردة هو أبوبكر الصديق رضي الله عنه ، والذي قاتل مسيلمة الكذاب المدًعي للنبوة و أتباعه بني حنيفة و أهل اليمامة ، وقد قيل : كانوا نحو مائة ألف أو أكثر ، وقاتل طليحة الأسدي ، وكان قد ادًعى النبوة بنجد ، واتبعه من أسد وتميم وغطفان ما شاء الله ، وادعت النبوة سحاج ، امرأة تزوجها مسيلمة الكذاب ، فتزوج الكذاب بالكذابة .
والمقاتلون للمرتدين هم من الذين يحبهم الله ويحبونه ، وهم أحق الناس بالدخول في هذه الآية ، وكذلك الذين قاتلوا سائر الكفار من الروم والفرس ، هؤلاء أبوبكر وعمر ومن اتبعهما من أهل اليمن وغيرهم ، ولهذا رُوي أن هذه الآية لما نزلت سُئل النبي صل الله عليه وسلم عن هؤلاء ، فأشار إلى أبي موسى الأشعري ، وقال ( هاهم قوم هذا ) .
فهذا أمر يعرف بالتواتر والضرورة ، أن الذين أقاموا الإسلام وثبتوا عليه حين الردة ، وقاتلوا المرتدين والكفار ، وهم داخلون في قوله ( فسوف يأتي الله بقومً يحبهم ويحبونه أذلةً على المؤمنين أعزة على الكافرين يجهدون في سبيل الله ولا يخافون في الله لومة لآئم ). المائدة:54 .
و أما عليً رضي الله عنه فلا ريب أنه ممن يحب الله ويحبه الله ، لكن ليس بأحق بهذه الصفة من أبي بكر وعمر وعثمان ، ولا كان جهاده للكفار والمرتدين أعظم من جهاده هؤلاء ، ولا حصل به من المصلحة للدين أعظم مما حصل بهؤلاء ، بل كل منهم له سعي مشكور وعمل مبرور ، وآثار صالحة في الإسلام و أهله خير جزاء ، فهم الخلفاء الراشدون و الأئمة المهديون ، الذين قضوا بالحق وبه كانوا يعدلون .
و أما أن يأتي إلى أئمة الجماعة الذين كان نفعهم في الدين والدنيا أعظم ، فيجعلهم كفاراً أو فساقاً ظلمة ، ويأتي إلى من لم يجر على يديه من الخير مثل ما جرى على يد واحد منهم ، فيجعله الله أو شريكاً لله ، أو شريك رسول الله صل الله عليه وسلم أو الإمام المعصوم الذي لا يؤمن إلا من جعله معصوماً منصوصاً عليه ، ومن خرج عن هذا فهو كافر ، ويجعل الكفار المرتدين الذي قاتلهم أولئك كانوا مسلمين ، ويجعل المسلمين الذين يصلون الصلوات الخمس ، ويصومون شهر رمضان ، ويحجون البيت ، ويؤمنون بالقرآن ، يجعلهم كفاراً لأجل قتال هؤلاء.
فهذا عمل أهل الجهل والكذب والظلم و الإلحاد في دين الإسلام ، عمل من لا عقل له ولا دين ولا إيمان.
الوجه الخامس:
أن يقال : هب أن الآية نزلت في عليً ، أيقول القائل : إنها مختصة به ، ولفظها يصرح بأنهم جماعة ؟ قال تعالى : ( من يرتد منكم عن دينه فسوف يأتىِ الله بقومٍ يحبهم ويحبونه ) المائدة 54.
إلى قوله ( لومة لائم ). المائدة 54 .. أفليس هذا صريحاً في أن هؤلاء ليسوا رجلاً ، فإن الرجل لا يسمى قوماً في لغة العرب : لا حقيقةً ولا مجازاً ..!
ولو قال : المراد هو وشيعته .
لقيل : إذا كانت الآية أدخلت مع علي غيره ، فلا ريب أن الذين قاتلوا الكفار و المرتدين أحق بالدخول فيها ممن لم يقاتل إلا أهل القبلة ، فلا ريب أن أهل اليمن الذين قاتلوا مع أبي بكر وعمر وعثمان ، أحق بالدخول فيها من الرافضة الذين يوالون اليهود والنصارى والمشركين ، ويعادون السابقين الأولين .
الوجه السادس:
قوله : ( فسوف يأتىِ الله بقومً يحبهم ويحبونه ) المائدة 54 . لفظ مطلق ليس فيه تعيين ، وهو متناول لمن قام بهذه الصفات كائناً ما كان ، لا يخص ذلك بأبي بكر ولا بعليً ، وإذا لم يكن مختصاً بأحدهما ، لم يكن هذا من خصائصه ، فيبطل أن يكون بذلك أفضل ممن يشاركه فيه فضلاً عن أن يستوجب بذلك الإمامة .
بل هذه الآية تدل على أنه لا يرتد أحد عن الدين إلى يوم القيامة إلا أقام الله قوماً يحبهم ويحبونه ، أذلة على المؤمنين أعزة على الكافرين ، يجاهدون هؤلاء المرتدين.
انتهى بحمد الله وفضلة.
كتبة:
أبو أسيف مسعود الزائدي/ غفر الله له ولوالديه
من كتاب منهاج السنة النبوية لشيح الإسلام أبي العباس أحمد بن تيمية
رحمه الله تعالى.