هذا مبحث من رسالة " أسس منهج السلف في الدعوة إلى الله " إعداد: فوّاز بن هليل بن رباح السّحيمِّي، والتي نال بها درجة الماجستير من كلية الدعوة بالمدينة النبوية والتابعة لجامعة الإمام محمد بن سعود.
قدم له سماحة العلامة: صالح بن فوزان الفوزان، فضيلة الشيخ: عُبيد بن عبدالله الجابري، فضيلة الشيخ: علي بن عبدالرحمن الحذيفي، فضيلة الشيخ: صالح بن عبدالله الحذيفي.
المقصود بهذه الوسيلة هو: ترك أهل المعاصي والبدع، وترك مخالطتهم ومجالستهم، ردعا ً لهم وحتى لا ينفذوا إلى الناس بنشر أباطيلهم وزيفهم؛ والأصل في تلك الوسيلة: قوله – تعالى-: "وإذا رأيت الذين يخوضون في آياتنا فأَعرِض عنهمجحتى يخوضوا في حديثٍ غيرِه وإمَّا يُنسِيَنَّك الشيطانُ فلا تقعُد بعد الذِّكرى مع القومِ الظالمين"(1). و قوله –تعالى-: "وقد نَزَّلَ عليكم في الكتابِ أن إذا سَمِعتُم آياتِ اللهِ يُكفرُ بها ويُستَهْزَأُ بها فلا تقعدوا معهم حتى يخوضوا في حديثٍ غيرِهجإنَّكم إذًا مِثلُهُم "(2). يقول الشوكاني- رحمه الله-: " في هذه الآية موعظة عظيمة لمن يتمسح بمجالسة المبتدعة الذين يحرّفون كلام الله ويتلاعبون بكتابه وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، ويردّون ذلك إلى أهوائهم وبدعهم الفاسدة؛ فإنه إذا لم يُنكر عليهم، ويغيّر ما هم عليه فأقلّ الأحوال أن يترك مجالستهم، وذلك يسيرٌ غير عسير"(3). فالهجر مشروع للزجر والتأديب وفي ذلك يقول شيخ الإسلام ابن تيميّة –رحمه الله-: " ومن كان مبتدعا ظاهر البدعة وجب الإنكارُ عليه، ومن الإنكار المشروع، أن يُهجر حتى يتوب، ومن الهجر: امتناع أهل الدين من الصلات عليه لينزجر من يتشبّه بطريقته ويدعو إليها" (4).
ــــــــــــــــــ
(1) الأنعام، آية: 68.
(2) النساء، آية: 140.
(3) "فتح القدير": (122/2).
(4) "الفتاوى": (292/24).
وهذا الهجر أسلوبٌ نبوي ّ يُقصد منه ردع المخالف وأتباعه، حتى لا يغترَّ به أحدٌ من الناس؛ فهو مشروع لمصلحة الدين؛ يقول شيخ الإسلام -رحمه الله-: " ولا ينبغي لأحدٍ من أهل السنة والجماعة أن يخالطَ أحدًا من أهل الأهواء حتى يُصاحبَه ويكون خاصته؛ مخافة أن يستزله، أو يستزلَّ غيره بصحبة هذا" (1). وهذا الأسلوب النبوي جاء لحماية الفرد والمجتمع من كلّ ما يضرّ به في دنياه وآخرته، "وسدِّ كل طريق يؤدِّي بأتباعِه إلى الشرّ أو يوقعهم في حبائل الشيطان، حرصا على تحصين المسلمين وحفظ دينهم من التغيير والتحريف والتبديل؛ فلا يؤمن أن تنتقل العدوى وتسري بين أفراد المجتمع المسلم إذا تساهلوا في مخالطة ومعاشرة أهل الزيغ والضلال" (2). ويدل لذلك: قوله صلى الله عليه وسلم حينما قال: " مثل ُ الجليس الصالح والجليس السوء كحامل المسك ونافخ الكير؛ فحامل المسك إما أن يُحذيَك، وإما أن تبتاع منه، وإما أن تجدَ ريحا طيّبةً؛ ونافخُ الكير إما أن يُحرق ثيابك ، وإما أن تجد ريحا خبيثَة" (3). يقول البغوي -رحمه الله- مؤكّدًا هذا الأسلوب: " وقد أخبر النبيُّ صلى الله عليه وسلم عن افتراق هذه الأمة، وظهور الأهواء والبدع فيهم، وحكم بالنجاة لمن اتّبع سنّته وسنّة أصحابِه -رضي الله عنهم أجمعين-؛ فعلى المرء المسلم إذا رأى رجلاً يتعاطى شيئا من الأهواء والبدع معتقدًا أو يتهاون بشيء من السنن أن يهجرَه ويتبرأ منه؛ وقد مضت الصحابة والتابعون وأتباعهم وعلماء السنّة على هذا مجمِعين معتقدين على معاداة أهل البدع ومهاجرتهم " (4). وممّا يدلّ على هذا الأسلوب قصة كعب بن مالك المشهورة مع أصحابِه حينما تخلّفوا عن غزوة تبوك، فهجر النبيُّ صلى الله عليه وسلم كعبا وصاحبيه؛ وفي الحديث قولُه: " ونهى رسولُ الله صلى الله عليه وسلم المسلمين عن كلامنا أيها الثلاثة من بين مَن تخلّف؛ فاجتنَبَنا الناسُ وتغيَّروا لنا، حتى تنكّرت في نفسي الأرض، فما هي التي أعرف ، فلبثنا على ذلك خمسين
ــــــــــــــــــ
(1) "الفتاوى": (16/475).
(2) "تنبيه أولي الأبصار"للشيخ: صالح السحيمي ص(73).
(3) أخرجه البخاري في كتاب البر، ح2628/ج273/16.
(4) "شرح السنة" للبغوي: (244/1).
ليلة" (1). وقد اتخذ الصحابة -رضي الله عنهم- هذا أسلوبا في دعوتهم وردعهم لأهل الباطل: يقول ابن عبّاس -رضي الله عنهما-: "لا تجالس أهل الأهواء؛ فإن مجالستَهم ممرضة للقلب" (2). وها هو عبدالله بن مغفَّل رضي الله عنه يأمر قريبا له بعدم الخذف (3) ويخبره بسنّة رسول الله صلى الله عليه وسلم فلم ينتهِ عن ذلك، فقال له: "أحدّثك عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم تخذف؟، لا أكلّمك أبداً" (4). ومما تقدّم يتبيّن أنّ أسلوب الهجر قد انتهجَه الصحابة والتابعون مقتدين بذلك بسيّد الأنبياء صلى الله عليه وسلم، بل أصبح هذا الأسلوب مؤصّلاً في كتب أهل السنة، لا يخلو كتابٌ من كتب أهل السنة إلا وفيه تأصيل ٌ وتقعيدٌ لهذا الأسلوب بذكر الأمثلة عليه، وتقريره عن سلف الأمّة. وممّا ينبغي أن يُعرف في هذا الباب هو: أن هذا الأسلوب مقرونٌ بضوابط شرعية، ومقاصد مرعيّة، لا بدّ من مراعاتها حين يريدُ الداعية استخدام هذا الأسلوب. يقول شيخ الإسلام ابن تيميَّة -رحمه الله-: " وهذا الهجر يختلف باختلاف الآمرين في قوّتهم وضعفهم وقلّتهم وكثرتهم؛ فإن المقصود به زجر المهجور وتأديبُه، ورجوع الناس عن مثلِ حالِه؛ فإن كانت المصلحة في ذلك راجحة بحيث يُفضي هجرُه إلى ضعف الشرِّ كان مشروعا، وإن كان لا المهجور ولا غيره يرتدع بذلك، بل يزيد الشر، والهاجر ضعيف بحيث يكونُ مفسدةُ ذلك راجحةً على مصلحته لم يُشرع الهجر" (5).
ـــــــــــــــــــ
(1) رواه مسلم في كتاب التوبة، ح2769/ج142/17.
(2) "الشريعة" للآجري: (452/1).
(3) الخَذَف هو: رميك حصاةً أو نواةً تأخذها بين سبابتيك وترمي بها. انظر: "النهاية في غريب الحديث" 16/2.
(4) أخرجه البخاري في كتاب الذبائح، ح 5476/ج29/11.
(5) "الفتاوى": (226/2.
وكلامه هنا -رحمه الله- دقيقٌ غاية الدقّة، واضحٌ غاية الوضوح في أن الهجرَ يكون مشروعا إذا كان مؤدّيا المقصود منه، ولا يؤدِّي المقصود منه إذا كان الهاجر ضعيفا لا أثر له ولا كلمة، أو يكون الهاجرون قلّة لا حول ولا قوّة لهم فعلى الداعية الإلمام بهذه الناحية المهمةّ في أسلوب الهجر؛ فالأمر منوطٌ بتحقيق المقصود منه والمصلحة في ذلك؛ فمتى لم يفد هذا الأسلوب فلينتقل الداعية إلى أسلوب آخر في الدعوة. وكذلك الحال إذا كان المدعوّ يمكن أن يُبيَّن له الحق ويقتنع به، ولم يُعرف عنه دعوةٌ إلى بدعته ونشرٌ لها؛ففرقٌ بين الداعية إلى بدعته وغبر الداعية؛ فقد لا يكون الهجر مناسبا لمن لا يدعو إلى بدعته لكونه قد ينتفعُ بالحق بطرق وأساليب أخرى. يقول ابن تيميّة -رحمه الله-: "فأما من كان مُستتراً بمعصية أو مُسراً لبدعة غير مكفِّرة فإن هذا لا يُهجر، وإنما يهجر الداعي إلى البدعة؛ إذ الهجر نوع من العقوبة" (1). وهذا الكلام المتين العظيم في حكم الهجر لا يشمل عوامّ الناس وصغار طلبة العلم؛ ممن لا ينفع هجرهُم ولا يؤدي إلى المقصود منه ولا أثر له في المهجور وفي نفس الوقت تضرّهم مجالسة أهل البدع بالتدليس والتضليل فحق هؤلاء البعد عن أهل البدع والشر حتى لا يختلط عليهم أمر دينِهم -كما سبق بيانُه-، وإنما الذي يستخدم أسلوب الهجر هم أهل العلم والدين؛ الذين متى ما إذا رأى أحدُهم المصلحةَ في عدم الهجر فإنه حينئذٍ يكونُ داعيةً لا مدعوًّا، مؤثِّرًا لا مؤثَّرًا عليه. فعلى الداعية المسلم أن يكون عارفا لهذه الضوابط الحكيمة في هذا الباب بلا إفراط ولا تفريط، بلا غلوّ ولا إجحاف على وفق هَدْيِ النبي صلى الله عليه وسلم. ـــــــــــــــــــ
(1) "الفتاوى": (175/24).
قدم له سماحة العلامة: صالح بن فوزان الفوزان، فضيلة الشيخ: عُبيد بن عبدالله الجابري، فضيلة الشيخ: علي بن عبدالرحمن الحذيفي، فضيلة الشيخ: صالح بن عبدالله الحذيفي.
أسس منهج السلف في الدعوة إلى الله
دار ابن القيم – دار ابن عفان: الطبعة الأولى 1423هـ
ص(159 – 162)
الفصل الثاني: في الوسائل الشرعية للدعوة على ضوء الأسس السلفية، وبيان وجه المخالفة فيها
المبحث السادس:
أسلوب الهجر
تقريره، من يُستخدم في حقهــــــــــــــــــ
(1) الأنعام، آية: 68.
(2) النساء، آية: 140.
(3) "فتح القدير": (122/2).
(4) "الفتاوى": (292/24).
وهذا الهجر أسلوبٌ نبوي ّ يُقصد منه ردع المخالف وأتباعه، حتى لا يغترَّ به أحدٌ من الناس؛ فهو مشروع لمصلحة الدين؛ يقول شيخ الإسلام -رحمه الله-: " ولا ينبغي لأحدٍ من أهل السنة والجماعة أن يخالطَ أحدًا من أهل الأهواء حتى يُصاحبَه ويكون خاصته؛ مخافة أن يستزله، أو يستزلَّ غيره بصحبة هذا" (1). وهذا الأسلوب النبوي جاء لحماية الفرد والمجتمع من كلّ ما يضرّ به في دنياه وآخرته، "وسدِّ كل طريق يؤدِّي بأتباعِه إلى الشرّ أو يوقعهم في حبائل الشيطان، حرصا على تحصين المسلمين وحفظ دينهم من التغيير والتحريف والتبديل؛ فلا يؤمن أن تنتقل العدوى وتسري بين أفراد المجتمع المسلم إذا تساهلوا في مخالطة ومعاشرة أهل الزيغ والضلال" (2). ويدل لذلك: قوله صلى الله عليه وسلم حينما قال: " مثل ُ الجليس الصالح والجليس السوء كحامل المسك ونافخ الكير؛ فحامل المسك إما أن يُحذيَك، وإما أن تبتاع منه، وإما أن تجدَ ريحا طيّبةً؛ ونافخُ الكير إما أن يُحرق ثيابك ، وإما أن تجد ريحا خبيثَة" (3). يقول البغوي -رحمه الله- مؤكّدًا هذا الأسلوب: " وقد أخبر النبيُّ صلى الله عليه وسلم عن افتراق هذه الأمة، وظهور الأهواء والبدع فيهم، وحكم بالنجاة لمن اتّبع سنّته وسنّة أصحابِه -رضي الله عنهم أجمعين-؛ فعلى المرء المسلم إذا رأى رجلاً يتعاطى شيئا من الأهواء والبدع معتقدًا أو يتهاون بشيء من السنن أن يهجرَه ويتبرأ منه؛ وقد مضت الصحابة والتابعون وأتباعهم وعلماء السنّة على هذا مجمِعين معتقدين على معاداة أهل البدع ومهاجرتهم " (4). وممّا يدلّ على هذا الأسلوب قصة كعب بن مالك المشهورة مع أصحابِه حينما تخلّفوا عن غزوة تبوك، فهجر النبيُّ صلى الله عليه وسلم كعبا وصاحبيه؛ وفي الحديث قولُه: " ونهى رسولُ الله صلى الله عليه وسلم المسلمين عن كلامنا أيها الثلاثة من بين مَن تخلّف؛ فاجتنَبَنا الناسُ وتغيَّروا لنا، حتى تنكّرت في نفسي الأرض، فما هي التي أعرف ، فلبثنا على ذلك خمسين
ــــــــــــــــــ
(1) "الفتاوى": (16/475).
(2) "تنبيه أولي الأبصار"للشيخ: صالح السحيمي ص(73).
(3) أخرجه البخاري في كتاب البر، ح2628/ج273/16.
(4) "شرح السنة" للبغوي: (244/1).
ليلة" (1). وقد اتخذ الصحابة -رضي الله عنهم- هذا أسلوبا في دعوتهم وردعهم لأهل الباطل: يقول ابن عبّاس -رضي الله عنهما-: "لا تجالس أهل الأهواء؛ فإن مجالستَهم ممرضة للقلب" (2). وها هو عبدالله بن مغفَّل رضي الله عنه يأمر قريبا له بعدم الخذف (3) ويخبره بسنّة رسول الله صلى الله عليه وسلم فلم ينتهِ عن ذلك، فقال له: "أحدّثك عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم تخذف؟، لا أكلّمك أبداً" (4). ومما تقدّم يتبيّن أنّ أسلوب الهجر قد انتهجَه الصحابة والتابعون مقتدين بذلك بسيّد الأنبياء صلى الله عليه وسلم، بل أصبح هذا الأسلوب مؤصّلاً في كتب أهل السنة، لا يخلو كتابٌ من كتب أهل السنة إلا وفيه تأصيل ٌ وتقعيدٌ لهذا الأسلوب بذكر الأمثلة عليه، وتقريره عن سلف الأمّة. وممّا ينبغي أن يُعرف في هذا الباب هو: أن هذا الأسلوب مقرونٌ بضوابط شرعية، ومقاصد مرعيّة، لا بدّ من مراعاتها حين يريدُ الداعية استخدام هذا الأسلوب. يقول شيخ الإسلام ابن تيميَّة -رحمه الله-: " وهذا الهجر يختلف باختلاف الآمرين في قوّتهم وضعفهم وقلّتهم وكثرتهم؛ فإن المقصود به زجر المهجور وتأديبُه، ورجوع الناس عن مثلِ حالِه؛ فإن كانت المصلحة في ذلك راجحة بحيث يُفضي هجرُه إلى ضعف الشرِّ كان مشروعا، وإن كان لا المهجور ولا غيره يرتدع بذلك، بل يزيد الشر، والهاجر ضعيف بحيث يكونُ مفسدةُ ذلك راجحةً على مصلحته لم يُشرع الهجر" (5).
ـــــــــــــــــــ
(1) رواه مسلم في كتاب التوبة، ح2769/ج142/17.
(2) "الشريعة" للآجري: (452/1).
(3) الخَذَف هو: رميك حصاةً أو نواةً تأخذها بين سبابتيك وترمي بها. انظر: "النهاية في غريب الحديث" 16/2.
(4) أخرجه البخاري في كتاب الذبائح، ح 5476/ج29/11.
(5) "الفتاوى": (226/2.
وكلامه هنا -رحمه الله- دقيقٌ غاية الدقّة، واضحٌ غاية الوضوح في أن الهجرَ يكون مشروعا إذا كان مؤدّيا المقصود منه، ولا يؤدِّي المقصود منه إذا كان الهاجر ضعيفا لا أثر له ولا كلمة، أو يكون الهاجرون قلّة لا حول ولا قوّة لهم فعلى الداعية الإلمام بهذه الناحية المهمةّ في أسلوب الهجر؛ فالأمر منوطٌ بتحقيق المقصود منه والمصلحة في ذلك؛ فمتى لم يفد هذا الأسلوب فلينتقل الداعية إلى أسلوب آخر في الدعوة. وكذلك الحال إذا كان المدعوّ يمكن أن يُبيَّن له الحق ويقتنع به، ولم يُعرف عنه دعوةٌ إلى بدعته ونشرٌ لها؛ففرقٌ بين الداعية إلى بدعته وغبر الداعية؛ فقد لا يكون الهجر مناسبا لمن لا يدعو إلى بدعته لكونه قد ينتفعُ بالحق بطرق وأساليب أخرى. يقول ابن تيميّة -رحمه الله-: "فأما من كان مُستتراً بمعصية أو مُسراً لبدعة غير مكفِّرة فإن هذا لا يُهجر، وإنما يهجر الداعي إلى البدعة؛ إذ الهجر نوع من العقوبة" (1). وهذا الكلام المتين العظيم في حكم الهجر لا يشمل عوامّ الناس وصغار طلبة العلم؛ ممن لا ينفع هجرهُم ولا يؤدي إلى المقصود منه ولا أثر له في المهجور وفي نفس الوقت تضرّهم مجالسة أهل البدع بالتدليس والتضليل فحق هؤلاء البعد عن أهل البدع والشر حتى لا يختلط عليهم أمر دينِهم -كما سبق بيانُه-، وإنما الذي يستخدم أسلوب الهجر هم أهل العلم والدين؛ الذين متى ما إذا رأى أحدُهم المصلحةَ في عدم الهجر فإنه حينئذٍ يكونُ داعيةً لا مدعوًّا، مؤثِّرًا لا مؤثَّرًا عليه. فعلى الداعية المسلم أن يكون عارفا لهذه الضوابط الحكيمة في هذا الباب بلا إفراط ولا تفريط، بلا غلوّ ولا إجحاف على وفق هَدْيِ النبي صلى الله عليه وسلم. ـــــــــــــــــــ
(1) "الفتاوى": (175/24).