العلَّامة محمد أمان الجامي-رحمه الله-: (أكثر العقائد المنحرفة المنتشرة بين المسلمين هي عقيدة الأشاعرة)
سأل بعض الحضور في الدرس الذي بعد العصر-أستحسن إعادة السؤال والإجابة لأنَّها شبهة-.فيقول: أنتم تكثرون من ذكر المعتزلة والأشاعرة، مع العلم أنَّ المعتزلة مرَّت عليهم مئات السنين وأنتم تكرِّرون ذكرهم ولا تتكلَّمون في العلمانيَّة والماسونيَّة، فكان المفروض أن تتحدَّثوا عنهما، أي: وعن أمثالهما من الفرق الضالة المعاصرة.
هذا الكلام له وجه ولكن فليعرف السائل أنَّ لكل مقام مقال، نحن نتحدَّث في مناسبات عن العلمانية والماسونيَّة وغيرهما من الحركات الجديدة المنتشرة بين الناس، ونحن ننكر جميع الحركات التي تجدَّدت في المسلمين، لأنَّ المسلمين الأولين ليس لهم إلَّا مذهب واحد وطريقة واحدة طريقة رسول الله-عليه الصلاة والسلام-واتباع الكتاب والسنَّة عقيدة وشريعة وأخلاقًا وعبادة وفي كل شيء، كتابهم الوحيد القرآن مشروحًا بالسنَّة النبوية.
وهذه الطوائف التي بدأت في أواخر عهد الصحابة في عهد علي بن أبي طالب-رضي الله عنه-واستمرَّت إلى اليوم تتجدَّد، وفي كل قرنٍ بل وربَّمَا في كلِّ سنة نسمع اسمًا جديدًا ولقبًا جديدًا لجماعة ولحركة، كل ذلك نحن نستنكره.
ولكن! فليفهم السائل شيئًا فاته، أنَّ المعتزلة وإن مرَّت عليهم سنوات-كما قال-، ولكن وإن انتهت في زعمه أو في نظره، ولكنَّ المعتزلة موجودة بين المسلمين، جميع طوائف الشيعة من الغلاة وغيرهم على طريقة الاعتزال في باب الأسماء والصفات، جميع طوائف الشيعة ينكرون أسماء الله-تعالى-وصفاته، وكتبهم منتشرة.
إذن: إنَّمَا نتحدَّث عن الأشياء الواقعة والفرق القائمة بالفعل، وإن كان نشأت المعتزلة في عهد العبَّاسيين ولكنَّها موجودة منتشرة إلَّا أنَّ أكثر الناس لا يعلمون لعدم اشتغالهم بما يتعلَّق وبالعقيدة أيضًا، لأنَّ باب الاشتغال بالعقيدة-الاشتغال بالعقيدة-ضعيف بين المسلمين، من يشتغل بالعقيدة هو الذي يعرف ما يعارض العقيدة من هذه الفرق والعقائد الضالة المنحرفة.
لذلك: لا يحسبنَّ أحد بأن المعتزلة انتهت، لم تنتهِ موجودة، الأشخاص موجودون والكتب موجودة، وفي مقدِّمة كتب المعتزلة بالنسبة لطلَّاب العلم التفسير المعروف بـ (الكشَّاف) للزمخشري، الزمخشري شيخ كبير من مشايخ المعتزلة ومن أئمَّتهم، والكشَّاف مرجعهم، وإن كان طلَّاب العلم من أهل السنَّة قد يحتاجون إليه من الناحية اللغوية لكنَّه تفسير خطير على العقيدة فليعلم ذلك.
أمَّا الأشاعرة فهم أكثر الناس وجودًا في العالم الإسلامي اليوم، أكثر العقائد المنحرفة المنتشرة بين المسلمين هي عقيدة الأشاعرة، مع العلم أنَّ كبار أئمَّة الأشاعرة الذين تابوا في آخر حياتهم ذمُّوا هذه العقيدة ونهوا الناس عنها في مقدِّمتهم: الإمام الغزالي والجويني الأب والجويني الابن والشهرستاني والرازي بالرجوع إلى كتب هؤلاء الأئمَّة.
تعلمون خطورة عقيدة الشاعرة وانتشارها وأنَّها موجودة، وإذا تحدَّثنا عن هذه الفرق لا نتَّهم بأنَّنا ننبش القبور، ولكنَّنا نتحدَّث عن الواقع-أمور واقعية-فليعلم ذلك[1].
لسماع المادة الصوتيَّة:
قام بتفريغه: أبو عبيدة منجد بن فضل الحداد
الأحد الموافق: 21/ ذو القعدة/ 1433 للهجرة النبويَّة الشريفة.
[1] لفضيلة الشيخ العلَّامة محمد أمان الجامي-رحمه الله-من شرحه لعمدة الأحكام الشريط:
تعليق