بسم الله الرحمن الرحيم
هذا كلام مختصر مفيد للإمام الشافعي -رحمه الله- أردت تسليط الضوء عليه، ولست آتٍ بجديد فهذا الكلام في كتاب ((الأم)) فكم قد طُبع وكم قد قرأه العلماء وطلاب العلم، بل هناك من درسه ولخصّه ، وإنما أردت إفادة مَن لم يطلع عليه أو تذكيره به ليكون حاضرا حال الاستدلال والله أعلم.
قال الشافعي -رحمه الله تعالى-:
وَأَمَّا الرَّجُلُ من أَهْلِ الْفِقْهِ يَسْأَلُ عن الرَّجُلِ من أَهْلِ الحديث فيقول كُفُّوا عن حَدِيثِهِ وَلَا تَقْبَلُوا حَدِيثَهُ لِأَنَّهُ يَغْلَطُ أو يحدث بِمَا لم يَسْمَعْ وَلَيْسَتْ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الرَّجُلِ عَدَاوَةٌ فَلَيْسَ هذا من الْأَذَى الذي يَكُونُ بِهِ الْقَائِلُ لِهَذَا فيه مَجْرُوحًا عنه لو شَهِدَ بهذا عليه إلَّا أَنْ يُعْرَفَ بِعَدَاوَةٍ له فَتُرَدَّ بِالْعَدَاوَةِ لَا بهذا الْقَوْلِ.
وَكَذَلِكَ إنْ قال إنَّهُ لَا يُبْصِرُ الْفُتْيَا وَلَا يَعْرِفُهَا فَلَيْسَ هذا بِعَدَاوَةٍ وَلَا غِيبَةٍ إذَا كان يَقُولُهُ لِمَنْ يَخَافُ أَنْ يَتَّبِعَهُ فَيُخْطِئَ بِاتِّبَاعِهِ وَهَذَا من مَعَانِي الشَّهَادَاتِ وهو لو شَهِدَ عليه بِأَعْظَمَ من هذا لم يَكُنْ هذا غِيبَةٌ.
إنَّمَا الْغِيبَةُ أَنْ يُؤْذِيَهُ بِالْأَمْرِ لَا بِشَهَادَتِهِ لِأَحَدٍ يَأْخُذُ بِهِ منه حَقًّا في حَدٍّ وَلَا قِصَاصٍ وَلَا عُقُوبَةٍ وَلَا مَالٍ وَلَا حَدٍّ لِلَّهِ وَلَا مِثْلُ ما وَصَفْت من أَنْ يَكُونَ جَاهِلًا بِعُيُوبِهِ فَيَنْصَحَهُ في أَنْ لَا يَغْتَرَّ بِهِ في دِينِهِ إذَا أَخَذَ عنه من دِينِهِ من لَا يُبْصِرُهُ فَهَذَا كُلُّهُ مَعَانِي الشَّهَادَاتِ التي لَا تُعَدُّ غِيبَةً ا.هـــ من كتاب الشهادات.
فرحم الله سلفنا ، ولفخر لهذه الأمة أن فيها أمثال الشافعي رحمه الله.