ويقول أيضًا: ننشر الرد على أهل البدع فيقول قائل: أنت تقع في أعراضهم، فماذا نقول له؟.
الجواب:
نقول له مثل ما قال يوسف بن أسباط-رحمه الله-: (...يا هذا أنا أرحم بهؤلاء من آبائهم، أنا أذبُّ عنهم أن يتبعهم الناس...)، يعني: يقعون في الضلال فيحملون أوزارهم.
فالذي يبيِّن الغلط ويبيِّن البدعة هو في الحقيقة أرحم الناس بهذا المبتدع، حيث حذَّر الناس من أن يتَّبعوه على بدعته فيخف الحمل عليه، لأن الله-جلَّ وعَلَا-يقول في مَن يَضِلُّون الناس (لِيَحْمِلُوا أَوْزَارَهُمْ...) إيش؟، على ظهورهم (...كَامِلَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَمِنْ أَوْزَارِ الَّذِينَ يُضِلُّونَهُمْ بِغَيْرِ عِلْمٍ أَلَا سَاءَ مَا يَزِرُونَ)(النحل/25).
فالذي يحذِّر الناس خفف عنك الحمل، إذ لَمْ يتَّبعك ألف، اتَّبعك واحد ما وجد مَن يحذِّره، وإن رحمك الله سلمت ما اتبعك أحد على خطئك وبدعتك فَيَخِفْ ظهرك، أمَّا أن تحاسب على ضلالك وإضلال الآخرين هذه مصيبة عظيمة، فهذا يقال له.
ثمَّ إن السلف كلُّهم يذكرون الرد على أهل البدع أنَّه جهاد وأنَّه أعظم من الطعن من السيوف في سبيل الله، لأن الضرب بالسيوف يحسنه كل أحد أمَّا الرد على أهل الأهواء والبدع فلا يحسنه إلَّا نخبة من الناس وهم أهل العلم.
يحيى بن يحيى النيسابوري يقول: (...الذَّب عن السنَّة أعظم من الضرب بالسيوف...) رحمه الله-تعالى-، شيخ مسلم.
المقصود: الذي يقول لك: إنَّك تقع في أعراضهم، نعم تقع في أعراضهم لثلاث مصالح:
المصلحة الأولى: تنقية الدين من الشوائب، وهذه واجبة.
المصلحة الثانية: هداية الخلق وتحذيرهم من الانحراف، وهذا من النصيحة.
المصلحة الثالثة: الرحمة بهذا الذي ضلّ أن يتَّبعه من يتَّبعه على ضلاله فيحمل وزره مع أوزاره.
فما أعظمها منه خدمة، وما أشرفها من وظيفة، ولله درُّ هؤلاء، هم أنصح الخلق للخلق وأرحم الخلق بالخلق.
أمَّا الساكتون فهم الغاشُّون لله، ولدين الله-تبارك وتعالى-، وشرعه، ولعباد الله المؤمنين، فهذا الذي نقوله لهم.
ثمَّ إنَّ هذه النصيحة والتحذير للناس هي التي أوجبت علينا أنّ نقع في شخص هذا الإنسان، فالوقع في شخصه لا لأجل شخصه وإنَّمَا لمقصد شرعي شريف.
وأقول لابني السائل: إن شئت اقرأ كتاب (رياض الصـــالحين) الذي هو في كل مسجد ولله الحمد، ففيه عقد بابًا للتحذير من الغيبة، وأردفه بباب (باب ما يجوز من الغيبة).
الجماعة هؤلاء اليوم ما يريدون (باب ما يجوز من الغيبة) بس (باب التحذير من الغيبة)، (باب ما يجوز من الغيبة) ملغي، النووي ذكر هذا وهو مقتدٍ بمن تقدَّمه، البخاري يقول: (باب ما جاء في اغتياب أهل الفساد والريب)، النووي تابع لهؤلاء، وذكر تحت هذا الباب أحاديث، وذكر الأسباب الستَّة المعروفة التي يجيز الشرع لِمَن عرض له قواعد منها أو أكثر من ذلك أن يغتاب بسببها.
وقدَّره النووي-رحمه الله-بقوله: (...تباح الغيبة لكل غرض صحيح لا يتوصل إليها إلَّا به...).
القـدحُ ليس بِغيبـةٍ في سِتَّةٍ......مُتظلِّمٍ ومُعـرِّفٍ ومُحـذِّرِ
ولِمُظهِرٍ فِسقًا ومُستَفتٍ ومَن......طلبَ الإعانةَ في إزالةِ مُنـكرِ.
ذكر هذا في الباب-هذه الأبيات-، فهذا ليس بغيبة، هذا القدح ليس بغيبة وإن كانت صورته غيبة، لكنَّه نصيحة.
وهؤلاء هم أحد رجلين:
فنقول: الذي أجاز لنا الوقوع في عرض هذا المبتدع هو (المصلحة القائمة في تحذير الناس من بدعته حماية لشرع الله-تبارك وتعالى-ودينه، وحماية للخلق من أن يقعوا في الضلال، ورحمة به).
فبالله عليكم من المحسن إلى هذا المبتدع؟، نحن أم هذا الذي يقول: اسكتوا؟، أنا أسألكم! أجيبوا!، من المحسن إلى هذا المبتدع؟، أجيبوا!، نحن أم هذا الذي يقول: اسكتوا؟، نحن.
فنحن بمثابة من يضرب ولده ليصلحه، الضرب مؤلم لكنّ النتيجة طيِّبة، الإصلاح، النبي-صلى الله عليه وسلم-يقول في الصلاة مع الولد: (مُرُوا أَبْنَاءَكُمْ بِالصَّلاَةِ...) كم؟، (...لِسَبْعٍ، وَاضْرِبُوهُمْ عَلَيْهَا لِعَشْرٍ)، فأنت تضربه، هنا الضرب مكروه لهذا المضروب ما يحبه، وأنت تضربه وأنت لا تحب أن تضربه، لكن ضربته ليش؟، لمصلحته.
فهذه وإن كانت صورتها صورة الغيبة إلَّا أنها حقيقة ليست بغيبة، وهذا البلاء إنما جاء لهؤلاء من هؤلاء الذين ذكرناهم في أول حديثنا، لأنهم لا يستطيعون أن يغطوا على أهل البدع إلَّا بأن يرفعوا من مثل هذه المقالات في وجوه أهل الحق[1].
[1] من محاضرة (كيف غزيت الدعوة السلفية في السعودية) للشيخ العلامة الوالد المجاهد الناصح الشيخ محمد بن هادي المدخلي مع أولاده و إخوانه السلفيين في مدينة الرياض عاصمة الدعوة والعلم .وكان ليلة الخميس ليلة النصف من شعبان 1433هـ في استراحة ركن الضيافة بالسويدي.
الجواب:
نقول له مثل ما قال يوسف بن أسباط-رحمه الله-: (...يا هذا أنا أرحم بهؤلاء من آبائهم، أنا أذبُّ عنهم أن يتبعهم الناس...)، يعني: يقعون في الضلال فيحملون أوزارهم.
فالذي يبيِّن الغلط ويبيِّن البدعة هو في الحقيقة أرحم الناس بهذا المبتدع، حيث حذَّر الناس من أن يتَّبعوه على بدعته فيخف الحمل عليه، لأن الله-جلَّ وعَلَا-يقول في مَن يَضِلُّون الناس (لِيَحْمِلُوا أَوْزَارَهُمْ...) إيش؟، على ظهورهم (...كَامِلَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَمِنْ أَوْزَارِ الَّذِينَ يُضِلُّونَهُمْ بِغَيْرِ عِلْمٍ أَلَا سَاءَ مَا يَزِرُونَ)(النحل/25).
فالذي يحذِّر الناس خفف عنك الحمل، إذ لَمْ يتَّبعك ألف، اتَّبعك واحد ما وجد مَن يحذِّره، وإن رحمك الله سلمت ما اتبعك أحد على خطئك وبدعتك فَيَخِفْ ظهرك، أمَّا أن تحاسب على ضلالك وإضلال الآخرين هذه مصيبة عظيمة، فهذا يقال له.
ثمَّ إن السلف كلُّهم يذكرون الرد على أهل البدع أنَّه جهاد وأنَّه أعظم من الطعن من السيوف في سبيل الله، لأن الضرب بالسيوف يحسنه كل أحد أمَّا الرد على أهل الأهواء والبدع فلا يحسنه إلَّا نخبة من الناس وهم أهل العلم.
يحيى بن يحيى النيسابوري يقول: (...الذَّب عن السنَّة أعظم من الضرب بالسيوف...) رحمه الله-تعالى-، شيخ مسلم.
المقصود: الذي يقول لك: إنَّك تقع في أعراضهم، نعم تقع في أعراضهم لثلاث مصالح:
المصلحة الأولى: تنقية الدين من الشوائب، وهذه واجبة.
المصلحة الثانية: هداية الخلق وتحذيرهم من الانحراف، وهذا من النصيحة.
المصلحة الثالثة: الرحمة بهذا الذي ضلّ أن يتَّبعه من يتَّبعه على ضلاله فيحمل وزره مع أوزاره.
فما أعظمها منه خدمة، وما أشرفها من وظيفة، ولله درُّ هؤلاء، هم أنصح الخلق للخلق وأرحم الخلق بالخلق.
أمَّا الساكتون فهم الغاشُّون لله، ولدين الله-تبارك وتعالى-، وشرعه، ولعباد الله المؤمنين، فهذا الذي نقوله لهم.
ثمَّ إنَّ هذه النصيحة والتحذير للناس هي التي أوجبت علينا أنّ نقع في شخص هذا الإنسان، فالوقع في شخصه لا لأجل شخصه وإنَّمَا لمقصد شرعي شريف.
وأقول لابني السائل: إن شئت اقرأ كتاب (رياض الصـــالحين) الذي هو في كل مسجد ولله الحمد، ففيه عقد بابًا للتحذير من الغيبة، وأردفه بباب (باب ما يجوز من الغيبة).
الجماعة هؤلاء اليوم ما يريدون (باب ما يجوز من الغيبة) بس (باب التحذير من الغيبة)، (باب ما يجوز من الغيبة) ملغي، النووي ذكر هذا وهو مقتدٍ بمن تقدَّمه، البخاري يقول: (باب ما جاء في اغتياب أهل الفساد والريب)، النووي تابع لهؤلاء، وذكر تحت هذا الباب أحاديث، وذكر الأسباب الستَّة المعروفة التي يجيز الشرع لِمَن عرض له قواعد منها أو أكثر من ذلك أن يغتاب بسببها.
وقدَّره النووي-رحمه الله-بقوله: (...تباح الغيبة لكل غرض صحيح لا يتوصل إليها إلَّا به...).
القـدحُ ليس بِغيبـةٍ في سِتَّةٍ......مُتظلِّمٍ ومُعـرِّفٍ ومُحـذِّرِ
ولِمُظهِرٍ فِسقًا ومُستَفتٍ ومَن......طلبَ الإعانةَ في إزالةِ مُنـكرِ.
ذكر هذا في الباب-هذه الأبيات-، فهذا ليس بغيبة، هذا القدح ليس بغيبة وإن كانت صورته غيبة، لكنَّه نصيحة.
وهؤلاء هم أحد رجلين:
- إمَّا أن يكون عالمًا بهذا الكلام الذي نقوله جميعه لكنَّه يكتمه، فهو من أهل الأهواء.
- وإمَّا أن يكون غير ذلك فهو يردِّد ما يقال له، وحينئذ لا عبرة به.
فنقول: الذي أجاز لنا الوقوع في عرض هذا المبتدع هو (المصلحة القائمة في تحذير الناس من بدعته حماية لشرع الله-تبارك وتعالى-ودينه، وحماية للخلق من أن يقعوا في الضلال، ورحمة به).
فبالله عليكم من المحسن إلى هذا المبتدع؟، نحن أم هذا الذي يقول: اسكتوا؟، أنا أسألكم! أجيبوا!، من المحسن إلى هذا المبتدع؟، أجيبوا!، نحن أم هذا الذي يقول: اسكتوا؟، نحن.
فنحن بمثابة من يضرب ولده ليصلحه، الضرب مؤلم لكنّ النتيجة طيِّبة، الإصلاح، النبي-صلى الله عليه وسلم-يقول في الصلاة مع الولد: (مُرُوا أَبْنَاءَكُمْ بِالصَّلاَةِ...) كم؟، (...لِسَبْعٍ، وَاضْرِبُوهُمْ عَلَيْهَا لِعَشْرٍ)، فأنت تضربه، هنا الضرب مكروه لهذا المضروب ما يحبه، وأنت تضربه وأنت لا تحب أن تضربه، لكن ضربته ليش؟، لمصلحته.
فهذه وإن كانت صورتها صورة الغيبة إلَّا أنها حقيقة ليست بغيبة، وهذا البلاء إنما جاء لهؤلاء من هؤلاء الذين ذكرناهم في أول حديثنا، لأنهم لا يستطيعون أن يغطوا على أهل البدع إلَّا بأن يرفعوا من مثل هذه المقالات في وجوه أهل الحق[1].
لسماع المادة الصوتية:
قام بتفريغه: أبو عبيدة منجد بن فضل الحداد
الأحد الموافق: 18/ شعبان/ 1433 للهجرة النبوية الشريفة.
[1] من محاضرة (كيف غزيت الدعوة السلفية في السعودية) للشيخ العلامة الوالد المجاهد الناصح الشيخ محمد بن هادي المدخلي مع أولاده و إخوانه السلفيين في مدينة الرياض عاصمة الدعوة والعلم .وكان ليلة الخميس ليلة النصف من شعبان 1433هـ في استراحة ركن الضيافة بالسويدي.