حيى الله أهل السنة والجماعة السلفيين في كل مكان مع مادة جديدة مسجلة وهي لقاء الإخوة المغاربة بمدينة أكادير مع الشيخ الفاضل الدكتور محمد بن عبد الوهاب العقيل حفظه الله أثناء قيامهم بالعمرة في رمضان (1432هـ) ...
والتي تضمنت ثناياها على مسألة خاض فيها الخائضون وغلا فيها المتنطعون ألاَ وهي مسألة العذر بالجهل حيث سلط فيها الشيخُ الضوءَ على كثير من جوانبها وجزئياتها بعلم ودحض للشبه التي يتمسك بها الغلاة من مثيريها ...
وإليكم الكلمة على الرابط التالي :
نسأل الله عز وجل أن ينفع بها الإسلام والمسلمين إنه جواد كريم ...
التفريغ
الحمد لله وأصلي وأسلم على المبعوث رحمة للعالمين نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين أما بعد :
فموضوع هذه الكلمة موضوع هام جدا, يتعلق بأمر هام خرج وظهر أخيرا مِنْ مَنْ ينتسب إلى العقيدة السلفية, وسبَّبَ الجهلُ به إشكالا كبيرا ,بل وفرقة بل أصبح مناط الولاء و البراء ,فمن وافقك فيما تعتقده في هذه المسألة واليته ,ومن خالفك فيما تعتقده في هذه المسألة عاديته ,هذه المسألة هي ما تسمى بمسألة العذر بالجهل وسبب ظهور هذه المسألة في هذا الزمان هو ظهور فتنة التكفير ,هذا هو سبب ظهورها وإلا في الحقيقة لا مناسبة لها لا من قريب ولا من بعيد شأنها شأن بقية المسائل الأصولية لأن هذه المسألة في الحقيقة مسألة أصولية ,وهي الأعذار التي ترفع الحرج والإثم الدنيوي والأخروي كالخطأ والنسيان والإكراه والتأويل والجهل , هذه أعذار متلازمة .وقد اجمع العلماء على أن الخطأ رافع للحرج وعلى أن التأويل رافع للحرج وعلى أن النسيان رافع للحرج وعلى أن الجهل كذلك رافع للحرج ,لأن العلة واحدة وهي عدم التعمد في الفعل أو الترك لأن الذي يؤاخذ لابد أن يكون عالما متعمدا ,أما الجاهل فلا يؤاخذ وأما غير العالم وغير المتعمد فلا يؤاخذ .لكن التكفيريين في هذا الزمان لما أرادوا تكفير المجتمعات الإسلامية وأرادوا العزلة عن هذه المجتمعات وأرادوا إنشاء أحزاب تقوم على تكفير المجتمعات ركزوا على هذا الجانب مستغليين بعض الكلمات التي وردت عن بعض العلماء قديما وحديثا, وإلا فإن النصوص الشرعية دالة دلالة ظاهرة على أنه لا فرق بين الخطأ والجهل في العذر بالجهل ,ولما نزل قول الله U :"لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ رَبَّنَا لا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا رَبَّنَا وَلا تَحْمِلْ عَلَيْنَا إِصْرًا كَمَا حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِنَا رَبَّنَا وَلا تُحَمِّلْنَا مَا لا طَاقَةَ لَنَا بِهِ وَاعْفُ عَنَّا وَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا أَنْتَ مَوْلانَا فَانصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ" [البقرة:286]. قال الله عز وجل كما في صحيح مسلم قد فعلت قد فعلت ,فأصبح محل إجماع على أن الأمر الذي فعلته بجهل أو فعلته بخطأ لا تؤاخذ عليه ,هذا بإجماع المسلمين .
لكن لماذا ميزوا الجهل عن الخطأ ؟ولماذا ميزوا الجهل عن التأويل ؟
ولماذا ميزوا الجهل عن النسيان ؟
حتى يكفروا المجتمعات الإسلامية ,لأن المجتمعات الإسلامية وقعت في أمور عظيمة جدا ومحاذير عظيمة ,هذه المحاذير لو أنهم فعلوها متعمدين عالمين ذاكرين لكفروا ,لكننا لا نكفرهم, لماذا ؟ قد يكون بعضهم مخطئ وبعضهم ناسي وبعضهم متأول وبعضهم جاهل ,فلما لم يستطيعوا أن يعذروهم بتلك الأعذار الثلاثة الخطأ والنسيان وعدم التعمد والتأويل بقي هذا العذر أخذوهم به ,قالوا هؤلاء ليسوا بجهلة أو قالوا هؤلاء جهلة غير معذورين بالجهل , وهذا خطأ كبير جدا, فإن العذر بالجهل قد قال الله عز وجل "وما كنا معذبين حتى نبعث رسولا ,يقول الأصفهاني رحمه الله تعالى " لو لم يرسل الله عز وجل الرسل ما وجب على أحد شيء أصلا ,ما وجب على أحد شيء أبدا ,ما وجبت علينا الصلاة إلا بالرسل والصيام والزكاة وهكذا بقيت شعائر الإسلام ما وجبت علينا إلا بالرسل , قال الله U" رُسُلًا مُبَشِّرِينَ وَمُنذِرِينَ لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللَّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ وَكَانَ اللَّهُ عَزِيزًا حَكِيمًا." [النساء:165]. قامت حجة الله على خلقه بإرسال الرسل, فكل من بلغته الرسالة فقد قامت عليه الحجة ومن لم تبلغه الرسالة لم تقم عليه الحجة ومن بلغه شيء قامت عليه الحجة بقدر ما بلغه من الرسالة , هذه قضية مفهومة جدا , لكن هؤلاء التكفيريين أرادوا أن يكفروا الناس وأخذوا ينمون هذه القضية : عدم العذر بالجهل!عدم العذر بالجهل !, سبحان الله !! كيف لا يعذرون بالجهل ؟ كيف لا يعذرون وأساس هذا الدين هو العلم, ومن ليس عنده علم لا يجب عليه شيء أصلا.
خذوا أوقات الصلاة مثلا , يقول النبي r "إن بلالا يؤذن بليل فكلوا واشربوا حتى يؤذن ابن أم مكتوم " وابن أم مكتوم لا يؤذن حتى يقول له الناس أذن ,أذن قد طلع الفجر, قد طلع الفجر, لماذا أذن ابن أم مكتوم ؟ لوجود العلم ,لو أنه أذن قبل أن يقول له الناس ,هل يقبل آذانه ؟ لا, لأنه أعمى ,كفيف ,آذانه لا يقبل إلا بالعلم ,لما قال له الناس قد طلع الفجر, أذن رضي الله عنه وأرضاه, فقبل آذانه لأنه مبني على علم , وهكذا سائر شعائر الإسلام من صلاة وزكاة وصيام رمضان " فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ " إذن الذي ما شهده يصومه أو لا يصومه؟ما يصومه إلا إذا أخبر أنه دخل الشهر ,فصامه ,بعلم أو بجهل؟ بعلم فقضية العلم وقضية الجهل قضيتان متلازمتان أبدا,إذا جاء هذا ذهب هذا ,والنصوص الشرعية كثيرة جدا ,أفرادا وجماعات في أن الجهل عذر رافع للحرج الشرعي والأخروي .
أضرب لكم مثالا على هذا :
تعرفون الزنا ؟! نعوذ بالله من الزنا , إنسان دخل بيته ووجد امرأة في فراشه فوطئها, فإذا هي ليست زوجته ,ما حكمه؟ زنا أو ما زنا ؟ زنا , لكن جهله رفع عنه الحد في الدنيا والإثم في الآخرة , ما الذي رفع الحد عنه ؟ الجهل , جهله : ظن أنها زوجته .
كذلك رجل تزوج محرما من محارمه بسبب الرضاعة جهلا أنها من محارمه,تزوج أخته من الرضاعة أو خالته من الرضاعة ومكث على زواجه عشرين سنة,بعد العشرين سنة قامة عليه الحجة ,أخبر بطريق الثقاة أنه يجب عليه أن يفارقها, لكن ما حكم ذلك الوطء؟ يحاسب عليه في الدنيا ؟ الأبناء أبناءه ينسبون إليه, ولا يقام عليه حد في الدنيا ولا عقاب يوم القيامة ,ولا يجرى ...لكن من نكح إحدى محارمه وهو يعلم, يقتل مباشرة, هذه قضية مجمع عليها, حتى قال سماحة المفتي العذر بالجهل عذر بإجماع المسلمين, إجماع المسلمين إجماعا, لكن الخلاف في حقيقة الجاهل, فلذلك نحن نفصل في المسألة فنقول :العذر بالجهل يعذر به أناس ولا يعذر به آخرون .العذر بالجهل هذه قضية أساسية بإجماع المسلمين ,عقيدة السلف رحمهم الله ,مذهب الفقهاء قاطبة ,فكما أنه عندهم عذر بالخطأ وعذر بالنسيان ,عندهم عذر بالجهل , هذا عذر عند كل الفقهاء ,لكن تنزيل هذه القضية على المعين هذه هي التي فيها الخلاف, هل هذه قاعدة مطردة أننا نعذر كل جاهل ؟ نقول: لا .هل لا نعذر كل جــــــــاهل ؟ نقول : لا
إذن القضية فيها تفصيل , العذر بالجهل أساس , لكن إذا أردنا أن ننزلها على الواقع هذا فيه تفصيل نقول : الجهلة ينقسمون إلى قسمين : جاهل مفرط, وجاهل غير مفرط.
الجاهل المفرط هذا هو المعرض " وَمَنْ أَعْرَضَ عَن ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى" [طه124],المعرض عن دين الله لا يتعلم ولا يعلم هذا عندنا كافر, هولا يريد أن يتعلم قال الله ولا يهمه ولا يرفع بذلك رأسا نعوذ بالله من ذلك...لا يريد.نقول أنت معرض عن دين الله ,الإعراض عند دين الله ناقض من نواقض الإسلام
هذا جاهل أو عالم ؟جاهل ,لكنه جاهل مفرط هو الذي لا يريد أن يتعلم, لم يرفع بالدين رأسا ,هذا معرض وهذا كافر إذا وقع في مكفر, نعوذ بالله من ذلك.
النوع الثاني: إنسان بذل وسعه في معرفة الحق فإن أصابه, ما شاء الله ,فإن أخطا فهو معذور, لأنه بذل وسعه, وهو المسلم الجديد,من نشا في بادية بعيدة ,من نشأ بين علماء سوء كحال كثير من المسلمين اليوم ,هو جاهل في نفسه ويظن أنه عالم, لأن عنده علم باطل ,علم بدعي ,علم على غير السنة ,من أين اخذ هذا العلم ؟أخذه من علماء.
الآن الأشاعرة من أين أخذوا علمهم ؟ من علماء أم من جهلاء ؟ من علماء, الصوفيون أخذوا علمهم من علماء ,لكن بحق أو بباطل ؟ إذن هو في الحقيقة علم أو جهل ؟ إذن هم جهلة , هؤلاء بارك الله فيكم ما دام جاء العامي وتعلم منهم وقال :هذا شيخي ويظن أنه عالم, تابع يظنه على السنة, يظنه على حق ,هذا معلوم قال الله عز وجل "فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون "
فرض طالب العلم أن يتعلم بالدليل, فرض الجاهل أن يسأل العالم ,الناس ثلاثة: العالم يأخذ من الكتاب والسنة مباشرة ,والمتبع نحوه ,بقي الجاهل " فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون "
أنا الآن في بلد كبلدك مثلا : من أسأل ؟ أسأل الشباب الجهلة أو في كلية الشريعة أو أسأل المفتي ؟ من أسأل ؟ أسأل المفتي, سألت المفتي: يا مفتي ما حكم كذا ؟قال حلا ل, فأخذته لأنه وافق هواي أو لأنه قول المفتي ؟ وأنا أعتقد أن المفتي أعلم أهل الزمان, وأن المفتي عضو في رابطة العالم الإسلامي, ما سمعت قط إنسانا ينكر عليه [..] ويخرج في التلفزيون ,ويتكلم في القران والتفسير والسنة [...]
أنا جاهل لا أميز, إذن الآن وكثير من طلاب العلم لا يعرفون يميزون بين البدعي والسني ,أتلزم العامي بهذا ؟
أنا أعرف بعض الدكاترة ما عرفوا حقيقة سيد قطب حتى قرؤوا كتب الشيخ ربيع, دكتور في الشريعة !!ما عرف حقيقة سيد قطب حتى قرأ كتب الشيخ ربيع ,إذا كان هذا حال دكتور في الشريعة !!فما بال العامي ؟فكيف تلزم العامي أن يخالف ما عليه عامة العلماء في بلده ,ويتابع إنسانا في آخر الدنيا ,هذا شيء كتبه الله [...]
لكن هذا العامي أحد رجلين : إما متبع لهواه أو متبع للحق ,متبع لهواه همه أن يأخذ قول هذا الرجل ,حق أو باطل , يريد يعظم هذا الرجل ,لا لأنه أعلم هذا البلد بل لأنه يحبه يعظمه لهواه, هذا أصاب الأخطاء كلها نعوذ بالله من ذلك ,أما إذا عظمه ظنا منه أنه العالم فهذا معذور مأجور إن شاء الله تعالى .
وإذا أردنا التفصيل في هذا ,فالتفصيل فيه كثير جدا, كذلك الذي أوصى أهله أن يحرقوه ويذروه مخافة الله تعالى فغفر له ,وكقول عائشة رضي الله عنها ,قالت للنبي r :هل يعلم الله كل شيء ؟ قال: نعم .وكقصة حاطب بن بلتعة وفعل تلك الفعلة وراسل أهل مكة عذره النبي r ونحوها من الأخطاء الخطيرة جدا التي يقع فيها [...] ولازلنا إلى يومنا هذا ,الصحابة اختلفوا في القبلة فصلى أحدهم إلى المشرق وأحدهم إلى المغرب , عذرهم النبي r ولا أمر أحدهم أن يعيد, وأهل قباء تنزل تحويل القبلة [...]فصلوا العصر إلى بيت المقدس بعد تحويل القبلة والمغرب والعشاء والفاتحة الأولى من صلاة الفجر حتى جاءهم من يخبرهم وهم في الركعة الثانية فتحولوا إلى مكة ,فعذرهم r ولم يأمرهم بالإعادة لأنهم ما عندهم علم عذروا أو ما عذروا ؟.ولولا العذر بالجهل لهلك الناس جميعا, حتى الذي يقول بعدم العذر بالجهل أهلكهم [...]نعذرهم لأنهم جهال.
فهذا ملخص هذه المسألة , فهذه المسألة لها نظائر, مثل : الأعمال شرط كمال أو شرط صحة ؟ هذه أختها, لا نقول شرط كمال ولا شرط صحة, نقول الأعمال من الإيمان ,لكن لا نشدد على سلفي قال شرط كمال أو شرط صحة ,فهذا له سلف وهذا له سلف.
أقول هذه المسألة لها نظائر لأنها إنما تورد لتفريق أهل السنة والله الذي لا إله غيره, العذر بالجهل والأعمال شرط كمال أو شرط صحة ونحوها من المسائل فإنما تورد لا لشيء إلا ليفرقوا بين السلفيين ,وفعلا فرقوا ,استطاعوا أن يضربوا السلفيين بعضهم ببعض بقوة,حتى إلى التبديع بل إلى التكفير ,حتى قال بعضهم من لم يكفر الكافر فهو كافر.
أنا أرى أنكم إذا سمعتم هذا أن تقولوا نقول لكم ما قال فيها أهل السنة والجماعة
منقول من سحاب الخير
وهذه مطوية منسقة للموضوع جاهزة للتحميل بإذن الله
مسألة العذر بالجهل إنما تورد للتفريق بين أهل السنة للشيخ الدكتور محمد بن عبد الوهاب العقيل حفظه الله.rar
الحمد لله وأصلي وأسلم على المبعوث رحمة للعالمين نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين أما بعد :
فموضوع هذه الكلمة موضوع هام جدا, يتعلق بأمر هام خرج وظهر أخيرا مِنْ مَنْ ينتسب إلى العقيدة السلفية, وسبَّبَ الجهلُ به إشكالا كبيرا ,بل وفرقة بل أصبح مناط الولاء و البراء ,فمن وافقك فيما تعتقده في هذه المسألة واليته ,ومن خالفك فيما تعتقده في هذه المسألة عاديته ,هذه المسألة هي ما تسمى بمسألة العذر بالجهل وسبب ظهور هذه المسألة في هذا الزمان هو ظهور فتنة التكفير ,هذا هو سبب ظهورها وإلا في الحقيقة لا مناسبة لها لا من قريب ولا من بعيد شأنها شأن بقية المسائل الأصولية لأن هذه المسألة في الحقيقة مسألة أصولية ,وهي الأعذار التي ترفع الحرج والإثم الدنيوي والأخروي كالخطأ والنسيان والإكراه والتأويل والجهل , هذه أعذار متلازمة .وقد اجمع العلماء على أن الخطأ رافع للحرج وعلى أن التأويل رافع للحرج وعلى أن النسيان رافع للحرج وعلى أن الجهل كذلك رافع للحرج ,لأن العلة واحدة وهي عدم التعمد في الفعل أو الترك لأن الذي يؤاخذ لابد أن يكون عالما متعمدا ,أما الجاهل فلا يؤاخذ وأما غير العالم وغير المتعمد فلا يؤاخذ .لكن التكفيريين في هذا الزمان لما أرادوا تكفير المجتمعات الإسلامية وأرادوا العزلة عن هذه المجتمعات وأرادوا إنشاء أحزاب تقوم على تكفير المجتمعات ركزوا على هذا الجانب مستغليين بعض الكلمات التي وردت عن بعض العلماء قديما وحديثا, وإلا فإن النصوص الشرعية دالة دلالة ظاهرة على أنه لا فرق بين الخطأ والجهل في العذر بالجهل ,ولما نزل قول الله U :"لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ رَبَّنَا لا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا رَبَّنَا وَلا تَحْمِلْ عَلَيْنَا إِصْرًا كَمَا حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِنَا رَبَّنَا وَلا تُحَمِّلْنَا مَا لا طَاقَةَ لَنَا بِهِ وَاعْفُ عَنَّا وَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا أَنْتَ مَوْلانَا فَانصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ" [البقرة:286]. قال الله عز وجل كما في صحيح مسلم قد فعلت قد فعلت ,فأصبح محل إجماع على أن الأمر الذي فعلته بجهل أو فعلته بخطأ لا تؤاخذ عليه ,هذا بإجماع المسلمين .
لكن لماذا ميزوا الجهل عن الخطأ ؟ولماذا ميزوا الجهل عن التأويل ؟
ولماذا ميزوا الجهل عن النسيان ؟
حتى يكفروا المجتمعات الإسلامية ,لأن المجتمعات الإسلامية وقعت في أمور عظيمة جدا ومحاذير عظيمة ,هذه المحاذير لو أنهم فعلوها متعمدين عالمين ذاكرين لكفروا ,لكننا لا نكفرهم, لماذا ؟ قد يكون بعضهم مخطئ وبعضهم ناسي وبعضهم متأول وبعضهم جاهل ,فلما لم يستطيعوا أن يعذروهم بتلك الأعذار الثلاثة الخطأ والنسيان وعدم التعمد والتأويل بقي هذا العذر أخذوهم به ,قالوا هؤلاء ليسوا بجهلة أو قالوا هؤلاء جهلة غير معذورين بالجهل , وهذا خطأ كبير جدا, فإن العذر بالجهل قد قال الله عز وجل "وما كنا معذبين حتى نبعث رسولا ,يقول الأصفهاني رحمه الله تعالى " لو لم يرسل الله عز وجل الرسل ما وجب على أحد شيء أصلا ,ما وجب على أحد شيء أبدا ,ما وجبت علينا الصلاة إلا بالرسل والصيام والزكاة وهكذا بقيت شعائر الإسلام ما وجبت علينا إلا بالرسل , قال الله U" رُسُلًا مُبَشِّرِينَ وَمُنذِرِينَ لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللَّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ وَكَانَ اللَّهُ عَزِيزًا حَكِيمًا." [النساء:165]. قامت حجة الله على خلقه بإرسال الرسل, فكل من بلغته الرسالة فقد قامت عليه الحجة ومن لم تبلغه الرسالة لم تقم عليه الحجة ومن بلغه شيء قامت عليه الحجة بقدر ما بلغه من الرسالة , هذه قضية مفهومة جدا , لكن هؤلاء التكفيريين أرادوا أن يكفروا الناس وأخذوا ينمون هذه القضية : عدم العذر بالجهل!عدم العذر بالجهل !, سبحان الله !! كيف لا يعذرون بالجهل ؟ كيف لا يعذرون وأساس هذا الدين هو العلم, ومن ليس عنده علم لا يجب عليه شيء أصلا.
خذوا أوقات الصلاة مثلا , يقول النبي r "إن بلالا يؤذن بليل فكلوا واشربوا حتى يؤذن ابن أم مكتوم " وابن أم مكتوم لا يؤذن حتى يقول له الناس أذن ,أذن قد طلع الفجر, قد طلع الفجر, لماذا أذن ابن أم مكتوم ؟ لوجود العلم ,لو أنه أذن قبل أن يقول له الناس ,هل يقبل آذانه ؟ لا, لأنه أعمى ,كفيف ,آذانه لا يقبل إلا بالعلم ,لما قال له الناس قد طلع الفجر, أذن رضي الله عنه وأرضاه, فقبل آذانه لأنه مبني على علم , وهكذا سائر شعائر الإسلام من صلاة وزكاة وصيام رمضان " فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ " إذن الذي ما شهده يصومه أو لا يصومه؟ما يصومه إلا إذا أخبر أنه دخل الشهر ,فصامه ,بعلم أو بجهل؟ بعلم فقضية العلم وقضية الجهل قضيتان متلازمتان أبدا,إذا جاء هذا ذهب هذا ,والنصوص الشرعية كثيرة جدا ,أفرادا وجماعات في أن الجهل عذر رافع للحرج الشرعي والأخروي .
أضرب لكم مثالا على هذا :
تعرفون الزنا ؟! نعوذ بالله من الزنا , إنسان دخل بيته ووجد امرأة في فراشه فوطئها, فإذا هي ليست زوجته ,ما حكمه؟ زنا أو ما زنا ؟ زنا , لكن جهله رفع عنه الحد في الدنيا والإثم في الآخرة , ما الذي رفع الحد عنه ؟ الجهل , جهله : ظن أنها زوجته .
كذلك رجل تزوج محرما من محارمه بسبب الرضاعة جهلا أنها من محارمه,تزوج أخته من الرضاعة أو خالته من الرضاعة ومكث على زواجه عشرين سنة,بعد العشرين سنة قامة عليه الحجة ,أخبر بطريق الثقاة أنه يجب عليه أن يفارقها, لكن ما حكم ذلك الوطء؟ يحاسب عليه في الدنيا ؟ الأبناء أبناءه ينسبون إليه, ولا يقام عليه حد في الدنيا ولا عقاب يوم القيامة ,ولا يجرى ...لكن من نكح إحدى محارمه وهو يعلم, يقتل مباشرة, هذه قضية مجمع عليها, حتى قال سماحة المفتي العذر بالجهل عذر بإجماع المسلمين, إجماع المسلمين إجماعا, لكن الخلاف في حقيقة الجاهل, فلذلك نحن نفصل في المسألة فنقول :العذر بالجهل يعذر به أناس ولا يعذر به آخرون .العذر بالجهل هذه قضية أساسية بإجماع المسلمين ,عقيدة السلف رحمهم الله ,مذهب الفقهاء قاطبة ,فكما أنه عندهم عذر بالخطأ وعذر بالنسيان ,عندهم عذر بالجهل , هذا عذر عند كل الفقهاء ,لكن تنزيل هذه القضية على المعين هذه هي التي فيها الخلاف, هل هذه قاعدة مطردة أننا نعذر كل جاهل ؟ نقول: لا .هل لا نعذر كل جــــــــاهل ؟ نقول : لا
إذن القضية فيها تفصيل , العذر بالجهل أساس , لكن إذا أردنا أن ننزلها على الواقع هذا فيه تفصيل نقول : الجهلة ينقسمون إلى قسمين : جاهل مفرط, وجاهل غير مفرط.
الجاهل المفرط هذا هو المعرض " وَمَنْ أَعْرَضَ عَن ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى" [طه124],المعرض عن دين الله لا يتعلم ولا يعلم هذا عندنا كافر, هولا يريد أن يتعلم قال الله ولا يهمه ولا يرفع بذلك رأسا نعوذ بالله من ذلك...لا يريد.نقول أنت معرض عن دين الله ,الإعراض عند دين الله ناقض من نواقض الإسلام
هذا جاهل أو عالم ؟جاهل ,لكنه جاهل مفرط هو الذي لا يريد أن يتعلم, لم يرفع بالدين رأسا ,هذا معرض وهذا كافر إذا وقع في مكفر, نعوذ بالله من ذلك.
النوع الثاني: إنسان بذل وسعه في معرفة الحق فإن أصابه, ما شاء الله ,فإن أخطا فهو معذور, لأنه بذل وسعه, وهو المسلم الجديد,من نشا في بادية بعيدة ,من نشأ بين علماء سوء كحال كثير من المسلمين اليوم ,هو جاهل في نفسه ويظن أنه عالم, لأن عنده علم باطل ,علم بدعي ,علم على غير السنة ,من أين اخذ هذا العلم ؟أخذه من علماء.
الآن الأشاعرة من أين أخذوا علمهم ؟ من علماء أم من جهلاء ؟ من علماء, الصوفيون أخذوا علمهم من علماء ,لكن بحق أو بباطل ؟ إذن هو في الحقيقة علم أو جهل ؟ إذن هم جهلة , هؤلاء بارك الله فيكم ما دام جاء العامي وتعلم منهم وقال :هذا شيخي ويظن أنه عالم, تابع يظنه على السنة, يظنه على حق ,هذا معلوم قال الله عز وجل "فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون "
فرض طالب العلم أن يتعلم بالدليل, فرض الجاهل أن يسأل العالم ,الناس ثلاثة: العالم يأخذ من الكتاب والسنة مباشرة ,والمتبع نحوه ,بقي الجاهل " فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون "
أنا الآن في بلد كبلدك مثلا : من أسأل ؟ أسأل الشباب الجهلة أو في كلية الشريعة أو أسأل المفتي ؟ من أسأل ؟ أسأل المفتي, سألت المفتي: يا مفتي ما حكم كذا ؟قال حلا ل, فأخذته لأنه وافق هواي أو لأنه قول المفتي ؟ وأنا أعتقد أن المفتي أعلم أهل الزمان, وأن المفتي عضو في رابطة العالم الإسلامي, ما سمعت قط إنسانا ينكر عليه [..] ويخرج في التلفزيون ,ويتكلم في القران والتفسير والسنة [...]
أنا جاهل لا أميز, إذن الآن وكثير من طلاب العلم لا يعرفون يميزون بين البدعي والسني ,أتلزم العامي بهذا ؟
أنا أعرف بعض الدكاترة ما عرفوا حقيقة سيد قطب حتى قرؤوا كتب الشيخ ربيع, دكتور في الشريعة !!ما عرف حقيقة سيد قطب حتى قرأ كتب الشيخ ربيع ,إذا كان هذا حال دكتور في الشريعة !!فما بال العامي ؟فكيف تلزم العامي أن يخالف ما عليه عامة العلماء في بلده ,ويتابع إنسانا في آخر الدنيا ,هذا شيء كتبه الله [...]
لكن هذا العامي أحد رجلين : إما متبع لهواه أو متبع للحق ,متبع لهواه همه أن يأخذ قول هذا الرجل ,حق أو باطل , يريد يعظم هذا الرجل ,لا لأنه أعلم هذا البلد بل لأنه يحبه يعظمه لهواه, هذا أصاب الأخطاء كلها نعوذ بالله من ذلك ,أما إذا عظمه ظنا منه أنه العالم فهذا معذور مأجور إن شاء الله تعالى .
وإذا أردنا التفصيل في هذا ,فالتفصيل فيه كثير جدا, كذلك الذي أوصى أهله أن يحرقوه ويذروه مخافة الله تعالى فغفر له ,وكقول عائشة رضي الله عنها ,قالت للنبي r :هل يعلم الله كل شيء ؟ قال: نعم .وكقصة حاطب بن بلتعة وفعل تلك الفعلة وراسل أهل مكة عذره النبي r ونحوها من الأخطاء الخطيرة جدا التي يقع فيها [...] ولازلنا إلى يومنا هذا ,الصحابة اختلفوا في القبلة فصلى أحدهم إلى المشرق وأحدهم إلى المغرب , عذرهم النبي r ولا أمر أحدهم أن يعيد, وأهل قباء تنزل تحويل القبلة [...]فصلوا العصر إلى بيت المقدس بعد تحويل القبلة والمغرب والعشاء والفاتحة الأولى من صلاة الفجر حتى جاءهم من يخبرهم وهم في الركعة الثانية فتحولوا إلى مكة ,فعذرهم r ولم يأمرهم بالإعادة لأنهم ما عندهم علم عذروا أو ما عذروا ؟.ولولا العذر بالجهل لهلك الناس جميعا, حتى الذي يقول بعدم العذر بالجهل أهلكهم [...]نعذرهم لأنهم جهال.
فهذا ملخص هذه المسألة , فهذه المسألة لها نظائر, مثل : الأعمال شرط كمال أو شرط صحة ؟ هذه أختها, لا نقول شرط كمال ولا شرط صحة, نقول الأعمال من الإيمان ,لكن لا نشدد على سلفي قال شرط كمال أو شرط صحة ,فهذا له سلف وهذا له سلف.
أقول هذه المسألة لها نظائر لأنها إنما تورد لتفريق أهل السنة والله الذي لا إله غيره, العذر بالجهل والأعمال شرط كمال أو شرط صحة ونحوها من المسائل فإنما تورد لا لشيء إلا ليفرقوا بين السلفيين ,وفعلا فرقوا ,استطاعوا أن يضربوا السلفيين بعضهم ببعض بقوة,حتى إلى التبديع بل إلى التكفير ,حتى قال بعضهم من لم يكفر الكافر فهو كافر.
أنا أرى أنكم إذا سمعتم هذا أن تقولوا نقول لكم ما قال فيها أهل السنة والجماعة
منقول من سحاب الخير
وهذه مطوية منسقة للموضوع جاهزة للتحميل بإذن الله
مسألة العذر بالجهل إنما تورد للتفريق بين أهل السنة للشيخ الدكتور محمد بن عبد الوهاب العقيل حفظه الله.rar