أقامت جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية ندوة باسم: (السلفية منهج شرعي ومطلب وطني) وقد توج هذه الندوة صاحب السمو الملكي الأمير نايف بن عبدالعزيز ولي العهد ونائب رئيس مجلس الوزراء وزير الداخلية حفظه الله بإلقاء كلمة في افتتاحها قال فيها: (المملكة العربية السعودية ستظل متبعة للمنهج السلفي ولن تحيد عنه ولن تتنازل فهو مصدر عزها وتوفيقها) إلا أن هذه الندوة وهذه الكلمة من صاحب السمو لم ترق لزياد الدريس وأظن أن على شاكلته كثير لم ترقهم وكتب كلمة بعنوان: (السلفية هل هذا وقتها) قال فيها: (هذه الدولة تتصاغر حين تستجيب وتنغمس في تشظيات الحزبية – الحزبية تجعل الصغار كبارا لكنها في المقابل تجعل الكبار صغارا. وقال: معارضاً لعنوان الندوة (السلفية منهج شرعي ومطلب وطني) والصحيح أنها مطب وطني واعتبر زياد الدريس أن هذا وقوع في شرك التحول من الدوائر الكبرى إلى الدوائر الصغرى – ثم قال في آخر كلمته: أدرك أن منطوق السلفية لا غبار عليه من منظور شرعي لكنني أيضاً أدرك أن كل الحركات الطائفية والحزبية بدأت حراكها بأسماء نبيلة لا غبار عليها لكن الغبار على كثير من أفعالها وتحركاتها، وهو ذاته الغبار التحزبي والاقصائي الذي يصيب السلفية الآن.
فهذا الاسم الوديع خرجت منه السلفية الجهادية التي تفجر أجساد الناس وتغتالهم في عمليات انتحارية باسم الإسلام وخرجت منه أيضاً السلفية الجامية التي تفجر قيم الناس وكراماتهم وتغتالهم وهم أحياء في انتهازية رخيصة باسم الإسلام إلى آخر ما قال مما لا طائل تحته سوى أنه يخاف من السلفية المزيفة التي حصل منها ما ذكره – ونقول له إن هذا من قصور فهمك للسلفية حيث أدخلت فيها ما ليس منها وإن من تسمى بها فهو لا يحسب منها حتى يحققها والواجب عليك كمثقف وكاتب وموجه أن تتحلى بالإنصاف والتمييز بين ما هو حق وما هو باطل باسم الحق - إن السلفية الحقة والتي تعنيها الندوة هي ما كان عليه السلف الصالح من الصحابة والتابعين لهم بإحسان أي بمعرفة لمنهجهم وسير عليه كما قال تعالى: (وَالسَّابِقُونَ الأَوَّلُونَ مِنْ الْمُهَاجِرِينَ وَالأَنصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَان) أي بإتقان لمنهجهم قولا وعملا لا بمجرد دعوى الإتباع من غير بصيرة ثم أيضاً أنت لم تحمل على السلفية لهذا الذي ذكرته فحسب بل زعمت أنها دائرة صغيرة لا تسع المسلمين أو المتسمين بالإسلام وهذا أيضاً عدم فهم للسلفية الصحيحة حيث إنها وسعت شعوب الأرض كلها في دولة الخلفاء الراشدين ودولة الأمويين ودولة العباسيين فمن هذه الشعوب من دخل في الإسلام والتزم منهج السلفية ومنهم من عاش تحت ظلها معاهداً أو ذمياً أو مستأمناً وبالتعبير العصري مواطناً. قال الإمام مالك رحمه الله: (لا يصلح آخر هذه الأمة إلا ما أصلح أولها).
فالذي تعنيه هذه الندوة هو الدعوة إلى تلك السلفية الصحيحة لا السلفية المدعاة التي وصفتها بما ذكرت. وأما اللقب الذي لمزت به أتباع السلفية الصحيحة بأنهم جامية نسبة إلى الشيخ الفاضل محمد أمان الجامي رحمه الله وهو لا ذنب له إلا أنه يدعو إلى السلفية الحقة الصحيحة كما عرفناه عنه وعاصرناه عليه وما هو مدون في كتبه وأشرطته وهذا لقب نقلته عن غيرك ولم تعرف ما تحته ومن الذي اخترعه.
إن الذين اخترعوه هم الحزبيون لما رأوا الشيخ محمد أمان الجامي وإخوانه يدعون إلى السمع والطاعة لولي أمر المسلمين ويدعون إلى لزوم الجماعة وعدم التفرق والاختلاف الذي تعينه الجماعات الحزبية اخترعوا هذا اللقب لينفروا من تلك الدعوة وأصحابها كما اخترعت الفرق السابقة لأهل السنة والجماعة ألقاباً منفردة مثل الحشوية والمجسمة والخوارج والوهابية إلى غير ذلك ولكن هذا لا يضير أهل الحق كما قال إخوانهم من قبل (قَالُوا لا ضَيْرَ إِنَّا إِلَى رَبِّنَا مُنْقَلِبُونَ) هذا وأدعو الكاتب زياداً لمراجعة الحق والصواب فالرجوع إلى الحق خير من التمادي في الباطل. وفق الله الجميع لما يحب ويرضى.
وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه.
كتبه
صالح بن فوزان الفوزان
عضو هيئة كبار العلماء
17-02-1433هـ
تعليق