لزوم السنة والجماعة والسمع والطاعة
بسم الله الرحمن الرحيم
الولاء لله ولرسوله وللمؤمنين، والنصيحة لله ولكتابه ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم، أصل عظيم من أصول الإيمان، قال الله تعالى: {ومن يتول الله ورسوله والذين آمنوا فإن حزب الله هم الغالبون} [المائدة: 56]، وقال النبي صلى الله عليه وسلم: ” الدين النصيحة“ قلنا: لمن؟ قال: ” لله، ولكتابه، ولرسوله، ولأئمة المسلمين، وعامتهم“ [رواه مسلم]، وقد ألزمنا الله الطاعة المطلقة لواحد من البشر لا ثاني له، عصمه من الزلل في تبليغ دينه: محمد صلى الله عليه وسلم، وألزمنا اتباع منهاج واحد لا ثاني له، مصدره الوحي، لا الهوى ولا الظن، ولا الفكر: سنته المطهرة من كل نقص أو خلل بهما يجتمع المسلمون، وبغيرهما يفترقون شيعاً وأحزاباً وجماعات، قال الله تعالى: {من يطع الرسول فقد أطاع الله ومن تولى فما أرسلناك عليهم حفيظا} [النساء: 80]، وقال تعالى: {قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله ويغفر لكم ذنوبكم} [آل عمران: 31]، وقال تعالى: {لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة لمن كان يرجو الله واليوم الآخر وذكر الله كثيرا} [الأحزاب: 21]، وقال الرسول صلى الله عليه وسلم: ” فعليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين تمسكوا بها وعضوا عليها بالنواجذ وإياكم ومحدثات الأمور فإن كل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة“ رواه أحمد وأبو داود والترمذي وابن ماجه والحاكم وغيرهم – صحيح الجامع الصغير.
وشرع الله لنا وحدة الجماعة على الدين الحق، وحذرنا من التفرق فيه، قال الله تعالى: {وإن هذه أمتكم أمة واحدة وأنا ربكم فاتقون * فتقطعوا أمرهم بينهم برا كل حزب بما لديهم فرحون} [المؤمنون: 52 – 53]، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ” من مات وهو مفارق للجماعة فإنه يموت ميتة جاهلية“ [رواه مسلم].
وألزمنا الله ورسوله السمع والطاعة لولاة الأمر منا، قال الله تعالى: {يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولى الأمر منكم فإن تنازعتم في شىء فردوه إلى الله والرسول إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر ذلك خيراً وأحسن تأويلا} [النساء: 59]، وقال الله تعالى: {وإذا جاءهم أمر من الأمن أو الخوف أذاعوا به ولو ردوه إلى الرسول وإلى أولي الأمر منهم لعلمه الذين يستنبطونه منهم ولولا فضل الله عليكم ورحمته لا تبعتم الشيطان إلا قليلا} [النساء: 83]، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ” من رأى من أميره شيئاً يكرهه فليصبر عليه فإنه ليس أحد يفارق الجماعة شبراً فيموت إلا مات ميتة جاهلية“ [متفق عليه]، وقال صلى الله عليه وسلم: ” يكون بعدي أئمة لا يهتدون بهداي ولا يستنون بسنتي“. قال حذيفة رضى الله عنه قلت: كيف أصنع يا رسول الله إن أدركت ذلك؟ قال: ” تسمع وتطيع للأمير، ولو ضرب ظهرك وأخذ مالك فاسمع وأطع“ [رواه مسلم]، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ” إذا بويع لخليفتين فاقتلوا الآخر منهما“ [رواه مسلم]، وقال صلى الله عليه وسلم: ” إذا رأيتم من ولاتكم شيئاً تكرهونه فاكرهوا عملـــه، ولا تنزعن يـــداً من طاعة“ [رواه مسلم]، وقال صلى الله عليه وسلم: ” كيف أنت إذا كانت عليك أمراء يؤخرون – أو يميتون – الصلاة عن وقتها“. قال أبو ذر رضى الله عنه : قلت فما تأمرني ؟ قال: ” صل الصلاة لوقتها، فإن أدركتها معهم فصل فإنها لك نافلة“ [رواه مسلم].
واستثنى الرسول صلى الله عليه وسلم الأمر بمعصية فإنه لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق، ومع ذلك لم يأذن للمسلم بنزع يده من طاعة أميره لمعصيته أو ظلمه أو كراهيته مطلقاً، كما قال عبدالله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما أحد رواة هذه الأحاديث ” أطعه في طاعة الله واعصه في معصية الله“ [رواه مسلم].
والتميز عن جماعة المسلمين بحزب أو فرقة أو جماعة أو منهاج محدث أو طائفة أو أمير مطاع، خروج عن الجماعة وعن شرع الله وسنة رسوله من وجوه: –
1 – بّين الله في محكم كتابه وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم أن صراطه وشرعه وسبيل المؤمنين إليه واحد {وأن هذا صراطي مستقيماً فاتبعوه} ونهى عن السبل المتعددة {ولا تتبعوا السبل فتفرق بكم عن سبيله} [الأنعام: 153] ومثل هذا كثير في الكتاب والسنة عن تعدد الأحزاب والفرق، فلا خير في تعددها وإن وصفت – زوراً – بالإسلامية.
2 – المنهاج الشرعي الفرد للدعوة إلى الله في جميع رسالاته في كل حين: صرف أول الاهتمام وأعظمه الى حمل الناس على إفراد الله بالعبادة، وترك الشرك بالله في العبادة دعاءً أو ذبحاً أو نذراً أو استغائة أو غيرها مما اختص الله به ذاته، قال الله تعالى: {ولقد بعثنا في كل أمه رسولا أن اعبدوا الله واجتنبوا الطاغوت} [النمل: 36].
وجميع الأحزاب والفرق والجماعات الموصوفة بالإسلامية في هذا العصر تخالف هذا السبيل مخالفة تامة، بإهمالها هذا الأصل الأول والأعظم من أصول الدعوة إلى الله على بصيرة، مع إهتمامها بتفاصيل جزئية غير مهمة وغير مشروعة ديناً كما أوصى الشيخ/ حسن البنا رحمه الله أعضاء حزبه بتقليل شرب الشاي والقهوة، وأوصى الحكومات بتوحيد الزي وتنظيم المصايف في (مجموعة رسائله) وكما حمّل الشيخ/ تقي الدين النبهاني رحمه الله نفسه الفتوى لأعضاء حزبه بمصافحة الأجنبية والنظر إلى الصور العارية في (دستور الحزب) و(شخصيته الإسلامية).
3 – ومع كثرة النصوص من الوحيين – وقد مر بعضها – في الحث على لزوم السنة فإن الأحزاب الحركية المعاصرة – وهي تحرص على وصف نفسها بالإسلامية – تخالف السنة في أهدافها (منازعة الأمر أهله) ووسائلها (تفريق الأمة بزيادة عدد فرقها) وأحياناً بنصوصها كما نرى بالمقارنة بين وحي الله عن الموبقات (سبع : الشرك بالله ….. إلخ) ولم يتفــــق الفكر الإسلامـــي المبتدع مع الوحي إلا في واحدة : الربا (المذكرات 295) وكذلك فيما ابتدعه عفا الله عنا وعنه من (الوصايا العشر) و (الأوراد) ونحوها.
4 – ومع كثرة النصوص من الوحيين – وقد مر بعضها – من الحث على السمع والطاعة لولي الأمر من المسلمين فإن الأحزاب الحركية المعاصرة تركز أهدافها ومناهجها ونشاطها على مخالفة ولاة أمر المسلمين واغتصاب سلطانهم، والتحريش بينهم وبين رعاياهم، واستغلال حماس الشباب وعواطفهم في هذا السبيل تحت مظلة التحفيظ والتفسير ودراسة السير.
هدى الله الجميع لشرعه، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله.
المصدر