بسم الله الرحمن الرحيم
كان شيخ الإسلام رحمه الله من أعرف الناس بأهل البدع وحكمهم في الشرع وها هو في هذا النقل النادر ، الذي يذكره عنه ابن كثير تلميذه يحكم على طائفة من المسلمين ظهرت في عصره ، أنهم يقاتَلون قتال الخوارج رغم اختلافهم عن الخوارج في خصال كثيرة .قال ابن كثير في البداية والنهاية (14/23) :
" وقد تكلم الناس في كيفية قتال هؤلاء التتر من أي قبيل هو فإنهم يظهرون الإسلام وليسوا بغاة على الإمام فإنهم لم يكونوا في طاعته في وقت ثم خالفوه فقال الشيخ تقي الدين هؤلاء من جنس الخوارج الذين خرجوا على علي ومعاوية ورأوا أنهم أحق بالأمر منهما وهؤلاء يزعمون أنهم أحق بإقامة الحق من المسلمين ويعيبون على المسلمين ما هم متلبسون به من المعاصي والظلم وهم متلبسون بما هو أعظم منه بأضعاف مضاعفة فتفطن العلماء والناس لذلك وكان يقول للناس إذا رأيتموني من ذلك الجانب وعلى رأسي مصحف فاقتلوني فتشجع الناس في قتال التتار وقويت قلوبهم ونياتهم ولله الحمد " .
فتأمل قوله في وصفهم وهؤلاء يزعمون أنهم أحق بإقامة الحق ، ويعيبون على المسلمين ما هم متلبسون به من المعاصي والظلم .
وفي الاقتضاء (1/75) قال شيخ الإسلام:
" روى مسلم في صحيحه عن أبي قيس زياد بن رباح عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال (مَنْ خَرَجَ مِنْ الطَّاعَةِ وَفَارَقَ الْجَمَاعَةَ فَمَاتَ مَاتَ مِيتَةً جَاهِلِيَّةً وَمَنْ قَاتَلَ تَحْتَ رَايَةٍ عِمِّيَّةٍ يَغْضَبُ لِعَصَبَةٍ أَوْ يَدْعُو إِلَى عَصَبَةٍ أَوْ يَنْصُرُ عَصَبَةً فَقُتِلَ فَقِتْلَةٌ جَاهِلِيَّةٌ وَمَنْ خَرَجَ عَلَى أُمَّتِي يَضْرِبُ بَرَّهَا وَفَاجِرَهَا وَلَا يَتَحَاشَى مِنْ مُؤْمِنِهَا وَلَا يَفِي لِذِي عَهْدٍ عَهْدَهُ فَلَيْسَ مِنِّي وَلَسْتُ مِنْهُ )، ذكر صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث الأقسام الثلاثة التي يعقد لها الفقهاء باب قتال أهل القبلة من البغاء والعداة وأهل العصبية"
ثم قال " والقسم الثالث ، الخوارج على الأمة إما من العداة الذين غرضهم الأموال كقطاع الطريق ونحوهم ، أو غرضهم الرياسة كمن يقتل أهل مصر ، الذين هم تحت حكم غيره مطلقاً وإن لم يكونوا مقاتلة أو من الخارجين عن السنَّة الذين يستحلون دماء أهل القبلة مطلقاً كالحرورية الذين قتلهم علي رضي الله عنه " .
فتأمل كيف جعل العداة الذين غرضهم الأموال كقطاع الطريق ونحوهم ، أو غرضهم الرياسة من الخوارج .
وقال الذهبي في سير أعلام النبلاء في ترجمة الحسن بن صالح ( 7/363) :" دخل سفيان الثوري يوم الجمعة من الباب القبلي فإذا الحسن بن صالح يصلي فقال نعوذ بالله من خشوع النفاق وأخذ نعليه فتحول إلى سارية أخرى " .
والحسن بن صالح قال فيه الإمام الذهبي ، هو من أئمة الإسلام لولا تلبسه ببدعة.
قلت : وبدعته أنه كان يرى جواز الخروج على أئمة الجور .
قال أبو سليمان الداراني " ما رأيت أحداً الخوف أظهر على وجهه والخشوع من الحسن بن صالح قام ليلة بـ عم يتساءلون - النبأ - فغشي عليه فلم يختمها إلى الفجر " ، وروى عن الحسن بن صالح أنه كان إذا نظر إلى المقبرة يصرخ ويغشى عليه ، قال أبو سعيد ، سمعت ابن إدريس وذُكر له صعق الحسن بن صالح فقال: تبسم سفيان أحب إلينا من صعق الحسن .
فهذا من أئمة الإسلام كما نعته بذلك الذهبي لكن عد من الخوارج لموافقته إياهم في مسألة واحدة .
نقلا من صفحة الشيخ محمد بازمول أم القرى.