في سؤال لمعالي الشيخ صالح بن فوزان الفوزان حفظه الله حول من وقع في الشرك الأكبر وهو جاهل طول عمره يفعل هذا ومات عليه ، هل يُعذر بالجهل ، وما هو ضابط الجهل بالعذر ؟أجاب حفظه الله: «فضل التوحيد فضلٌ عظيم ، لأنه يُخرج من الكفر والشرك إلى توحيد الله وإفراده بالعبادة ، فيعيش المسلم على عبادة الله ، وعلى نورٍ من الله سبحانه وتعالى ، وكل ما عمل من خير فإنه يثاب عليه ويؤجر عليه مع التوحيد ، وأما المشرك فلا يُقبل له عمل ، ولا ينفعه عملٌ صالح ما دام على الشرك ، فهذا يدل على فضل التوحيد ، ومن أعظم فضائل التوحيد أنه يُنجيك من النار ويُدخلك الجنة يوم القيامة ، فتكون من أهل الجنة ، بخلاف المشرك فإنه يكون من أهل النار ، (إنه من يشرك بالله فقد حرَّم الله عليه الجنة ومأواه النار وما للظالمين من أنصار) ، وبعد بعثة الرسول صلى الله عليه وسلم ونزول القرآن الكريم والسنة النبوية ووجود العلم والعلماء زال الجهل والحمدلله ، فالذي يعيش مع المسلمين ويقرأ القرآن ويسمع الأحاديث والخطب والمواعظ والمحاضرات والدروس هذا لا يجهل أمر الشرك ، الشرك من الأمور الظاهرة الواضحة التي توعد الله عليها بأشد الوعيد ، فأمره واضح جلي ، فالذي يعيش مع المسلمين ويسمع القرآن ويسمع الأحاديث والنصوص ، ويسمع البرامج الإعلامية في العقيدة ، هذا بلغته الدعوة وقامت عليه الحجة ، فلا يُعذر ببقائه على الجهل وعلى الشرك في أمرٍ ظاهر واضح ، إنما يُعذر بالجهل من عاش بعيداً عن المسلمين ، ولم يسمع القرآن ولم يسمع شيئاً من العلم ، فهذا هو الذي يُعذر بالجهل ويكون مثل أصحاب الفترة الذين يُوكل أمرهم إلى الله سبحانه وتعالى ، وهذا قليلٌ في الناس خصوصاً الآن بعدما قويت وسائل الإعلام وبلغت المشارق والمغارب ، فصار كلٌ يسمعها ، وكلٌ يقرأها ، وهذا من حكمة الله لإقامة الحجة ، كان الإسلام في الأول ينتشر بالجهاد والدعوة إلى الله ، ولما ضعُف الجهاد أو قل أو انعدم ، وضعُفت الدعوة إلى الله على بصيرة ، صارت وسائل الإعلام مما أقام الله بها الحجة على عباده ، فلا يبقى أحدٌ لا يدري عن الشرك وعن التوحيد وعن الجنة وعن النار ، لا أحد يجهل تحريم الزنا ، لا أحد يجهل تحريم الشرك ، لا أحد يجهل تحريم الربا ، لا أحد يجهل تحريم الخمر والمسكرات ، هذه أمورٌ واضحة ، ولا أحد يجهل تحريم قتل النفوس بغير حق ، هذه كلها أمورٌ واضحة ، فلا يُعذر الإنسان بدعوى الجهل فيها لأنها واضحة والإنسان يسمعها ويقرأها ، ويعيش في مجتمعٍ مسلم ، فكيف يدَّعي أنه جاهل ، فهذا لا يُعذر بالجهل ، إلى متى الجهل ؟ ، وهذا بإمكانه أن يسأل ، بإمكانه أن يتعلم ، فيزول جهله ، ولكنه قصَّر وفرط ، فهو الملوم في هذا» .
منقول
تعليق