بسم الله الرحمن الرحيم
(الحلقة الثانية)
(الحلقة الثانية)
قال الإمام المبجل أبو عبد الله أحمد بن حنبل – رحمه الله تعالى- :((وترك البدع وكل بدعة فهي ضلالة...)).
قلت :بعدَ أنْ ذكرَ الإمامُ احمدٌ - رحمهُ اللهُ تعالى - التمسكَ بما كانَ عليهِ أصحابُ رسول الله صلى الله عليه وسلم والاقتداء بهم قالَ : ((و تركُ البدع ...)) وفيه فوائدُ منهجيةٌ منها :
1- أنَّ الواوَ عاطفةٌ فتعطفُ ما بعدها على ما قبلها فيكونُ المعنى : و منْ أصولِ أهلُ السُنةِ تركُ البدعِ ، والتركُ يشملُ ترك البدعِ وأهل البدعِ ؛ فالذي لا يتركُ البدعَ وأهلَها فليسَ على منهجِ أهلِ السنةِ ، فكيفَ يكونُ حالُ منْ يُثني على أهل البدعِ ؟!! بلْ ويدافع عنها و عنهم!! بلْ وينصبُ العداءَ للسنةِ وعلمائِها !!بلْ ويطعنُ فيهم !بلْ ويحذِّر منهم !بل ويصفهم بأوصافٍ ما وصفَ بها أهلَ البدعِ الواضحة ، فنعوذ باللهِ من الفتنِ ما ظهرَ منها وما بطن ونسأله السلامة والعافية.
2- التَّحذيرُ من الشرِ ألا وهي البدعُ ، فبعدما دعا إلى الخيرِ بقولهِ : ((التمسكَ بما كانَ عليهِ أصحابُ رسول اللهَ صلى الله عليه وسلم والاقتداء بهم)) حذَّر من الشَّرِ وهي البدعُ ، وهذا يدلُ على أنَّ دعوةَ أهل السُنةِ لا تقتصرُ على الدَّعوةِ إلى الخيرِ؛ بلْ يُضمُّ الى ذلكَ التحذيرُ منَ الشرِ .
3- وفيه رد على المميعة الذين لا يحذرون من البدع وأهلها وأن دعوتهم غير قائمة على السنة.
4- قوله رحمه الله : (( وكل بدعة فهي ضلالة..)) فيه :
أ - الردُّ على منْ لم يعتقدْ ذلكَ ؛ لأنه كما لا يخفى أنَّ (كل) منْ ألفاظِ العموم ِكقولهِ تعالى :(( ثم توفى كل نفس ما كسبت وهم لا يظلمون )) [(161) ال عمران] وقوله : (( إن الله على كل شيء قدير)) وشهيد ومحيط ووو غيرها في آيات كثيرة كقوله: (( وربك على كل شيء حفيظ))[ (21) سبأ ]وقوله : (( إنا كل شيء خلقناه بقدر)) [ (49)القمر] وقوله (( كل نفس ذائقة الموت ثم إلينا ترجعون)) [ من الآية (57) العنكبوت] فهل نقول أن كل هنا ليست للعموم ؟!! حاشا وكلا ؛ فإن قلنا ذلك – والعياذ بالله- نكفرُ بهذهِ الآياتِ لأنها جاءت هكذا عامَّة ولم يأتي ما يُخصّصُها فتبقى على عمومِها ، فكذلكَ قولُ رسول الله صلى الله عليه وسلم كما عندَ مسلمٍ وغيره منْ خطبةِ الحاجةِ : ( وكلُّ بدعةٍ فهيَ ضلالةٌ) يبقى على عمومه ومن خصصه أخطأ وجانب الصواب.
ب - اقتباسٌ من كلامِ رسولهِ صلى الله عليه و سلم َكما في خطبةِ الحاجةِ وحديثِ العرباضِ بن ساريةَ رضي الله عنه ، حيثُ حثَّ الناسَ وأمرهم بالتمسكِ بما كانَ عليهِ الصحابةُ رضي الله عنهم كما في قولهِ ( فعليكم بسنتي وسنة الخلفاء..) وحذَّر من الشَّرِ وهي البدع، وهكذا ينبغي للداعيةِ أنْ يكونَ كلامه مقتبساً وموافقاً لكلامِ اللهِ وكلامِ رسولهِ صلى الله عليه و سلم.
هذا والله أعلم وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
تعليق