للحزبية مفاسد كثيرة ولو لم يكن فيها سوى هذا لكفى به إثما، ولذلك كان من عجائب الآيات التي نددت بالحزبية أنها لا تكاد تذكرها إلا مقرونة بالفرقة فتأمل قوله تعالى ( ولا تكونوا من المشركين من الذين فرقوا دينهم وكانوا شيعا كل حزب بما لديهم فرحون) الروم: 31 ، 32 وتأمل قوله تعالى (فتقطعوا أمرهم بينهم زبرا كل حزب بما لديهم ف...رحون) المؤمنون : 53 وتأمل قوله تعالى:( فاختلف الأحزاب من بينهم فويل للذين كفروا من مشهد يوم عظيم) مريم: 37 وقوله تعالى: ( فاختلف الأحزاب من بينهم فويل للذين ظلموا من عذاب يوم أليم ) الزخرف: 65 وكيف لا تذم الأحزاب وهي متعددة؟، وهذه الأمة أمة واحدة
من أجل هذا فإن النبي صلى الله عليه وسلم لم يَعبأ بالوحدة السياسية بادئ ذي بدء وإنما التفت إلى إصلاح أصل الدين، فأسس قواعد التوحيد، ودعا إلى عبادة رب العالمين، وهذا مما ينبغي أن يلتفت إليه، وأن يُؤمَّ، وألّا يُستدبر، وألّا يُهمل
وذلك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم حرص على أن تكون القلوب مجتمعة، فتجتمع الأبدان تبعا، وأما الذين عكسوا الهدي المحمدي وخرجوا عن السنن النبوي؛ فهم الذين التفتوا إلى الوحدة السياسية قبل أن يؤصلوا الوحدة العقدية وحالهم كحال اليهود ( تحسبهم جميعا وقلوبهم شتى ذلك بأنهم قوم لا يعقلون) الحشر:14 ، فمن حرص على الوحدة السياسية قبل الوحدة العقدية فهو من الذين لا يعقلون، وهو سائر على هدي اليهود الملاعين الذين تنكبوا هدي سيد المرسلين صلى الله عليه وسلم
وسرّ، ذلك أنهم اعتنوا بصلاح ظاهرهم، وباطنهم خراب، فأنى لهم الانتصار على العدو؟
واعلم أن فرض التعددية الحزبية على الدول الضعيفة هو لون من ألوان الاستعمار الجديد وذلك لما في هذه التعددية الحزبية من تحقيق مبدأ الإستعمار القائل "فرق تسد" حيث مزق قديما المملكة الإسلامية إلى دول بل إلى دويلات مستقل بعضها عن بعض حتى أصبحت كل دويلة ترى نفسها شعب الله المختار، وأضحت كل بلاد إسلامية تذم أختها إلا ما شاء الله، واليوم يُمَزِّق الاستعمار الجديد الدويلة المسلمة الواحدة إلى أحزاب و ( كل حزب بما لديهم فرحون ) الروم: 32
ولقد فعل بهم هذا لأنه ضاق ذرعا بالدعوة الإسلامية التي تدخل في دين الله من الملل الأخرى في كل سنة أعدادا كبيرة؛ فاهتدوا إلى وسيلة التعددية الحزبية؛ ليظفروا من المسلمين بأمرين:
الأول: صرف الدعاة عن الدعوة الولود بإشغالهم بالمهاترات البرلمانية العقيمة لأن في العمل السياسي شغلا ينسي ممارسة الدين بالدعوة إلى سبيل الله القويم،
والثاني: إطماعهم في الرئاسة بغية تقريبهم مما يسهل تفريق صفهم؛ إذ قضت التجربة أنه ما فتح باب التحزب السياسي إلا اختلفوا داخلوه، ولو كانوا أهل دين واحد، وشريعة مُحكمة واحدة.وكل أمة متفرقة فهي أمة فاشلة ضعيفة ، قال الله تعالى ( ولاتنازعوا فتفشلوا وتذهب ريحكم) الأنفال: 46 وقد روى الإمام أحمد في "العلل ومعرفة الرجال" عن الحسن قال: "شهدتهم يوم تراموا بالحصى في أمر عثمان حتى جَعلتُ انظر فما أرى أديم السماء من الرَّهد – أي من الغبار- فسمعت كلام امرأة من بعض الحُجَر؛ فقيل لي: هذه أم المؤمنين؛ فسمعتها تقول:إن نبيكم صلى الله عليه وسلم قد برئ ممن فرّق دينه واحتزب"ا.ه
ولذلك فإن العلمانيين في كثير من بلاد المسلمين قد اجتهدوا في توقيف توسع الإسلام، ووأد نشاطه، فلم يفلحوا في كبير شيء، بعد أن تمكنوا من كل شيء
فأوحى إليهم الشيطان بهذه الفكرة ليبثوها في المسلمين، ألا وهي الحزبية السياسية، والتي سماها أولئك لهؤلاء أسامي زور، ودلاهم فيها الشيطان بحبل غرور؛ فقال هذا سبيل العدل، وشفافية العدل، وحرية التعبير، وديمقراطية التفكير، وصيانت حقوق الإنسان، وضمان عيش الأقليات بأمان، كل ذلك ليدخلوهم في صراع مع حكوماتهم وهم يتفرجون.
فكل مخالف لهم: إما أن يغروه بدفعه لاستعمال العغنف في بلاده، فإذا استجاب أغروا به دولته لتبطش به؛ فيضربون هذا بهذا، والكاسب هو الشيطان الرجيم.
وإما أن يزينوا له الدخول في "اللعبة الديمقراطية" فجاء من كانوا في قومهم داعين إلى الله كالأنبياء؛ فزهّدهم الشيطان في دعوة الأنبياء وقال لهم إلى متى وأنتم في المساجد كالدراويش، والناس يتقاسمون الملك؟
فاستنزلوهم من عليائهم، واستزلوهم إلى برلماناتهم، وألقي إليهم منها عظم هزيل، ليُشغلوا به لكن بالشم والتقبيل؛ فبينما هم عليه يقتتلون، إذ حرم الناس من إرشادهم، كما حرموا هم أنفسهم من الاستقامة التي كانوا على شيء منها من قبل ، فكانوا كن ذهب يصيد، فَصِيد وقد قيل اليوم "السياسة لا دين لها"
ولذلك ترى كل من دخل هذا البرلمان –بلا اسثناء- يجرد من دينه شيئا فشيئا حتى لا يبقى له من دعوته إليه سوى الشعارات والدعاوى العريضة.
نزلوا، ثم ضلوا فزلوا، وقد قيل رب عطب تحت طلب.
ولما دخلوا بحزبهم –كما دخل غيرهم بأحزابهم- في صراع سياسي فيما بينهم، وكذا بينهم وبين دولتهم، انتهى بهم ذلك الصراع إلى وهن الدعوة الإسلامية، وعودَ الجهل الذريع إلى الشعوب حتى عُبد الله بشر البدع، لأن الدعاة الذين كان من المفترض أن يكونوا نخبة مجتمعاتهم أصبحوا مشغولين بالسياسة
مقتبس باختصار وتصرف من خطبة للشيخ محمد سعيد رسلان بعنوان الإسلام والتعددية الحزبية
من أجل هذا فإن النبي صلى الله عليه وسلم لم يَعبأ بالوحدة السياسية بادئ ذي بدء وإنما التفت إلى إصلاح أصل الدين، فأسس قواعد التوحيد، ودعا إلى عبادة رب العالمين، وهذا مما ينبغي أن يلتفت إليه، وأن يُؤمَّ، وألّا يُستدبر، وألّا يُهمل
وذلك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم حرص على أن تكون القلوب مجتمعة، فتجتمع الأبدان تبعا، وأما الذين عكسوا الهدي المحمدي وخرجوا عن السنن النبوي؛ فهم الذين التفتوا إلى الوحدة السياسية قبل أن يؤصلوا الوحدة العقدية وحالهم كحال اليهود ( تحسبهم جميعا وقلوبهم شتى ذلك بأنهم قوم لا يعقلون) الحشر:14 ، فمن حرص على الوحدة السياسية قبل الوحدة العقدية فهو من الذين لا يعقلون، وهو سائر على هدي اليهود الملاعين الذين تنكبوا هدي سيد المرسلين صلى الله عليه وسلم
وسرّ، ذلك أنهم اعتنوا بصلاح ظاهرهم، وباطنهم خراب، فأنى لهم الانتصار على العدو؟
واعلم أن فرض التعددية الحزبية على الدول الضعيفة هو لون من ألوان الاستعمار الجديد وذلك لما في هذه التعددية الحزبية من تحقيق مبدأ الإستعمار القائل "فرق تسد" حيث مزق قديما المملكة الإسلامية إلى دول بل إلى دويلات مستقل بعضها عن بعض حتى أصبحت كل دويلة ترى نفسها شعب الله المختار، وأضحت كل بلاد إسلامية تذم أختها إلا ما شاء الله، واليوم يُمَزِّق الاستعمار الجديد الدويلة المسلمة الواحدة إلى أحزاب و ( كل حزب بما لديهم فرحون ) الروم: 32
ولقد فعل بهم هذا لأنه ضاق ذرعا بالدعوة الإسلامية التي تدخل في دين الله من الملل الأخرى في كل سنة أعدادا كبيرة؛ فاهتدوا إلى وسيلة التعددية الحزبية؛ ليظفروا من المسلمين بأمرين:
الأول: صرف الدعاة عن الدعوة الولود بإشغالهم بالمهاترات البرلمانية العقيمة لأن في العمل السياسي شغلا ينسي ممارسة الدين بالدعوة إلى سبيل الله القويم،
والثاني: إطماعهم في الرئاسة بغية تقريبهم مما يسهل تفريق صفهم؛ إذ قضت التجربة أنه ما فتح باب التحزب السياسي إلا اختلفوا داخلوه، ولو كانوا أهل دين واحد، وشريعة مُحكمة واحدة.وكل أمة متفرقة فهي أمة فاشلة ضعيفة ، قال الله تعالى ( ولاتنازعوا فتفشلوا وتذهب ريحكم) الأنفال: 46 وقد روى الإمام أحمد في "العلل ومعرفة الرجال" عن الحسن قال: "شهدتهم يوم تراموا بالحصى في أمر عثمان حتى جَعلتُ انظر فما أرى أديم السماء من الرَّهد – أي من الغبار- فسمعت كلام امرأة من بعض الحُجَر؛ فقيل لي: هذه أم المؤمنين؛ فسمعتها تقول:إن نبيكم صلى الله عليه وسلم قد برئ ممن فرّق دينه واحتزب"ا.ه
ولذلك فإن العلمانيين في كثير من بلاد المسلمين قد اجتهدوا في توقيف توسع الإسلام، ووأد نشاطه، فلم يفلحوا في كبير شيء، بعد أن تمكنوا من كل شيء
فأوحى إليهم الشيطان بهذه الفكرة ليبثوها في المسلمين، ألا وهي الحزبية السياسية، والتي سماها أولئك لهؤلاء أسامي زور، ودلاهم فيها الشيطان بحبل غرور؛ فقال هذا سبيل العدل، وشفافية العدل، وحرية التعبير، وديمقراطية التفكير، وصيانت حقوق الإنسان، وضمان عيش الأقليات بأمان، كل ذلك ليدخلوهم في صراع مع حكوماتهم وهم يتفرجون.
فكل مخالف لهم: إما أن يغروه بدفعه لاستعمال العغنف في بلاده، فإذا استجاب أغروا به دولته لتبطش به؛ فيضربون هذا بهذا، والكاسب هو الشيطان الرجيم.
وإما أن يزينوا له الدخول في "اللعبة الديمقراطية" فجاء من كانوا في قومهم داعين إلى الله كالأنبياء؛ فزهّدهم الشيطان في دعوة الأنبياء وقال لهم إلى متى وأنتم في المساجد كالدراويش، والناس يتقاسمون الملك؟
فاستنزلوهم من عليائهم، واستزلوهم إلى برلماناتهم، وألقي إليهم منها عظم هزيل، ليُشغلوا به لكن بالشم والتقبيل؛ فبينما هم عليه يقتتلون، إذ حرم الناس من إرشادهم، كما حرموا هم أنفسهم من الاستقامة التي كانوا على شيء منها من قبل ، فكانوا كن ذهب يصيد، فَصِيد وقد قيل اليوم "السياسة لا دين لها"
ولذلك ترى كل من دخل هذا البرلمان –بلا اسثناء- يجرد من دينه شيئا فشيئا حتى لا يبقى له من دعوته إليه سوى الشعارات والدعاوى العريضة.
نزلوا، ثم ضلوا فزلوا، وقد قيل رب عطب تحت طلب.
ولما دخلوا بحزبهم –كما دخل غيرهم بأحزابهم- في صراع سياسي فيما بينهم، وكذا بينهم وبين دولتهم، انتهى بهم ذلك الصراع إلى وهن الدعوة الإسلامية، وعودَ الجهل الذريع إلى الشعوب حتى عُبد الله بشر البدع، لأن الدعاة الذين كان من المفترض أن يكونوا نخبة مجتمعاتهم أصبحوا مشغولين بالسياسة
مقتبس باختصار وتصرف من خطبة للشيخ محمد سعيد رسلان بعنوان الإسلام والتعددية الحزبية