تفريغ شريط
((جناية التميّع على المنهج السلفي))
لفضيلة الشيخ
عبيد بن عبد بن سليمان الجابري
-حفظه الله-
◄ تحميل الشريط الصوتي : جناية التميع على المنهج السلفي للشيخ عبيد الجابري.mp3
فرّغ هذه المادة
أبو عبد الله القسنطيني الأثري
((جناية التميّع على المنهج السلفي))
لفضيلة الشيخ
عبيد بن عبد بن سليمان الجابري
-حفظه الله-
◄ تحميل الشريط الصوتي : جناية التميع على المنهج السلفي للشيخ عبيد الجابري.mp3
فرّغ هذه المادة
أبو عبد الله القسنطيني الأثري
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام علي أشرف المرسلين وعلى آله وصحبه أجمعين.
يسعدنا في هذا اليوم أن نكون في ضيافة صاحب الفضيلة الشيخ عبيد الجابري حفظه الله تعالى ويسرنا أن نعرض عليه بعض الأسئلة.
يسعدنا في هذا اليوم أن نكون في ضيافة صاحب الفضيلة الشيخ عبيد الجابري حفظه الله تعالى ويسرنا أن نعرض عليه بعض الأسئلة.
- السؤال الأول: يتعلق بعض المميعين للمنهج السلفي عند مناصحته بعدم مجالسة الأحزاب كالإخوان المسلمين والتبليغ، بأن هذا المنهج هو منهج سماحة الشيخ ابن باز، مجالسة كل الناس، فهل هذا هو منهج سماحة الشيخ ابن باز رحمه الله؟
الحمد لله رب العالمين والعاقبة للمتقين وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ولي الصالحين وأشهد أن محمدا عبده ورسوله سيد ولد آدم أجمعين صلى الله عليه وعلى أله وأصحابه الطيبين الطاهرين أما بعد.
فإن الجواب على هذا السؤال يستدعي منا بيان أمور عدة:
الأمر الأول: سماحة الوالد الإمام الأثري العلامة الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله، إمام جهبذ وعالم قوي، راسخ في المنهج رسوخا عظيما، ولرسوخه في المنهج ورسوخه في العلم الشرعي وصلابته في الحق فإنه يهابه كل أحد، فإنه يوقره أهل السنة ويهابه أهل البدعة.
الأمر الثاني: نعرف عن سماحته رحمه الله الصدع بالحق وأنه لا يخاف في الله لومة لائم يقول الحق ويصدع به مع الحكمة والموعظة بالتي هي أحسن.
الأمر الثالث: من جالس الشيخ رحمه الله مجالسة مستفيضة وخبر حاله فإنه يعرف عنه زجر بعض المخالفين بأسمائهم وأمام الملأ، فقد بلغنا قوله لبعضهم: ((يافلان أسكت فإنك فتان))، وقال لبعض أهل العلم: ((هذا ليس بصحيح، الصواب كذا))، وبهذا يظهر للمنصف أن الشيخ رحمه الله لا يجالس هؤلاء مجالسة مجردة عن النصح وبقوة وبشدة، كما أنه وإن كان يجالس بعض الناس لكن التميّز وظهور السنة والدعوة إليها واضح وجلي في سيرته و سياسته رحمه الله، وبهذا عرفتم أن هذه المقولة "هذا هو منهج الشيخ عبد العزيز مجالسة كل الناس"، أنها ليست علي إطلاقها، أو أنا لا نسلم لهم بأنه يجالس كل الناس على الإطلاق، والشيخ رحمه الله هو إمام مقصود من جميع الناس، ليس من داخل المملكة العربية السعودية التي هي بلده فقط، بل من جميع أنحاء الأرض فالمسلمون كلهم يقصدونه ويرتادون مجلسه فلا بد أن تكون له سياسة معينة في معالجة أوضاع الناس، هذا من وجه. ومن وجه أخر أن الشيخ رحمه الله كان ضمن الموقعين على قرار هيئة كبار العلماء المتصمن أن المعروفين البارزين من الحركيين عندهم تجاوزات وأخطاء، ذلكم القرار سوغ لولي الأمر إيقافهم وحبسهم، أو إيقاف بعضهم وحبس الآخرين مع إيقافهم، ولهذا استبان لنا أن الشيخ رحمه الله كان صارما حيث لا ينفع إلا الصرامة والشدة، كما أنه لين حيث يرى أن اللين والرفق نافع.
وثمة وجه: أن العالم إذا اجتهد وأخطاء لا يكون خطؤه منهجا يسلكه كثير من الناس، هو مأجور على اجتهاده، هذا وسعه ولا يكلف الله نفسا إلا وسعها، لكن أن ينتهج خطؤه ويتخذ مسلكا ودينا فليس ذلك بسديد، بل ولا صواب ولا حق فالخطأ خطأ.
وثمة وجه وهو أن هؤلاء المنحرفين أهل الشطط استغلوا رحابة صدر الشيخ رحمه الله وطيبة قلبه ومحبته النصح بالرفق والحكمة والموعظة الحسنة، فعقدوا آخر الأمر جلسة لمحاكمته يريدون إسقاطه، فانظروا ماذا صنعوا معه يريدون أن يصنعوا معه جزاء سنيمار.
ثم يقال إذا كان هذا هو سمت الشيخ رحمه الله، والذي ندين الله فيه أنه عالم محقق مجتهد وأنه ما سلك مع هؤلاء من اللين والرفق إلا وهو طامع في قبولهم الحق واستجابتهم له، حتى أنهم تجرؤوا عليه وعمدوا على إسقاطه ولكن الله خيب سعيهم أقول:
فإنه حذر علماء أجلاء وأئمة جهابذة من الركون إلى أهل الأهواء والشطط وممازجتهم ومخالطتهم، مخالطة تميع وتسكيت وتخدير، من عصر الصحابة إلى اليوم وأنا ذاكر لكم بعض الأمثلة، روى الكلكائي عن إبن عباس رضي الله عنهما أنه قال: ((والله ما أظن أن أحدا أحب إلى الشيطان هلاكا مني اليوم))، فقيل وكيف؟ فقال: ((تحدث البدعة في المشرق أو المغرب فيحملها الرجل إلي، فإذا إنتهت إلي قمعتها باالسنة)).
وقال مصعب بن سعد: ((لا تجالس مفتونا، فإنه لن يخطئك منه أحدى اثنتين: إما أن يفتنك فتتابعه، أو يؤذيك قبل أن تفارقه))، وأبلغ من هذا وذاك قوله صلى الله عليه وسلم: «المرء على دين خليله فلينظر أحدكم إلى من يخالل»، فإذا تقرر هذا فاعلموا أن من يجالسون أهل الشطط وأهل الأهواء أصناف، ولا يمكن أن نسوي بينهم في الحكم فكل صنف منها كما ستسمعون يختلف في الحكم عن الأخر:
أحدها: من كان إماما قويا جهبذا صادعا بالحق، يهابه هؤلاء لما هو متميز به من القوة في المنهج والرسوخ في العلم، وقد ترجح لديه في هذه المجالسة مصلحة من كسر شوكتهم أو تقليل شرهم أو التأثير فيهم بالنصح، مثل ماكان يصنع الشيخ عبد العزيز، فهذا سلفي قُحٌ محض خالص خال إن شاء الله من الشوب، من شوب الحزبية.
الصنف الثاني: من هو سلفي سليم لكنه ليس عنده فرقان ولا إدراك للمناهج، هو يظهر السلفية ويدعو إليها ويصدع بالسنة ويحارب البدعة لكن ليس عنده فرقان فإنه يجالس كل من سنحت الفرصة بمجالسته، فهذا حقه علينا البيان والكشف عن حال هؤلاء بالرفق وبالحكمة وأن لا نتخلى عنه وأن لا نخلي مجلسه لهؤلاء.
الصنف الثالث: من هو متميع ضائع يرى أن الكل مصيب هذا وهذا، فهذا لاشك أنه خطر على المنهج، فالواجب تذكيره بحق المنهج عليه ومناصحته ببيان مخالفته بهذا السلوك أهل الحق، فإن انتصح وإلا كان منهم ولا كرامة.
الرابع: من يخالط هؤلاء مع المدافعة عنهم وتكثير سوادهم والتشديد على السلفيين فهذا حزبي محترق.
الخامس: من هو سلفي قُح لكنه يرى أن في مخالطة هؤلاء بيان الحق لهم وإقامة الحجة، مثل ما يصنعه بعض المشايخ وفقهم الله وسددنا الله وإياهم وإياكم في الأقوال والأعمال من زيارة بعض الجماعات الدعوية المنحرفة بحجة الصدع بالحق عليهم في دارهم وإقامة الحجة عليهم من منبرهم كما يقولون، فهذا عندي خالف الأولى، نحن نشدد عليهم ونغلظ عليهم ولكن لا نتخلى عنهم ماداموا معنا يقوون شوكتنا ويعاضدوننا ويآزروننا ولا يكثرون سواد هؤلاء ولا يقوون شوكتهم وإنما في ظروف معينة ولأسباب معينة أجابوا دعوتهم فأقاموا في نواديهم المحاضرات أو الدورات العلمية، هؤلاء عرفنا منهم أشياخا أخيار هم لهم باعهم ولهم رسوخهم في المنهج السلفي، لكن عندي أنهم خالفوا الأولى وأن الحزبين يتكسبون بزيارة هؤلاء، نعم.
أحسن الله إليكم وبارك فيكم،
- السؤال الثاني: يحث بعضهم الشباب على طلب العلم وعدم معرفة المخالفين من الأحزاب ويقولون بأن الشاب إذا طلب العلم سيعرف المناهج المخالفة، فهل هذا كاف لمعرفة الشباب للمخالفين للمنهج السلفي؟
الأمر عندي ليس على الإطلاق بل ضمن الفقه في دين الله معرفة السنة والدعوة إلى العمل بها وكذلك التحذير من البدع والمبتدعة، فإنه بناءً على هذه المقولة المطلقة ينشأ أجيال من الشباب ومن غيرهم وليس عندهم فرقان في المنهج وفي المناهج، فالنبي صلى الله عليه وآله وسلم منذ بعثه الله حتى توفاه وهو يقرر التوحيد ويدعو إليه ويحض عليه كما يقرر سائر فرائض الدين العملية مثل الصلاة والزكاة والصيام والحج وغير ذلك إلى جانب المعاملات الشرعية أو المشروعة كما أنه صلى الله عليه وسلم يحذر من الشرك وسائر المعاصي والبدع والمحدثات وفي هذا أسوة حسنة وهو المنهج الحق، فمما هو محفوظ عنه صلى الله عليه وعلى أله وسلم بالنقل الصحيح حديث عبد الرحمن بن عبد رب الكعبة عن عبد الله بن عمر بن العاص رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «إنه لم يكن نبي قبلي قط إلا كان حقا عليه أن يدل أمته على خير ما يعلمه لهم وأن ينذرهم شر ما يعلمه لهم»، وفي حديث افتراق الأمم وهو صحيح، صالح للإحتجاج عند أهل السنة قال صلى الله عليه وسلم: «وستفترق هذه الأمة على ثلاث وسبعين فرقة كلها في النار إلا واحدة»، قالو من هي يا رسول الله؟ قال: «الجماعة»، فسرها عبد الله ابن مسعود رضي الله عنه فقال: ((الجماعة ما وافق الحق وان كنت وحدك))، فأنت حينئذ الجماعة، وفي رواية ضعيفة ويصححها بعض أهل العلم لشواهدها، قالوا من هي يا رسول الله؟ قال: «من كان عل مثل ما أنا عليه اليوم وأصحابي»، وصح عنه صلى الله عليه وسلم التحذير من الدجال حتى قال قائلهم إن كنا لنظنه أنه في طائفة النخل، يعني في المدينة، وحذر من الخوارج وأمر بقتلهم وقتالهم ووعد على ذلك بالآجر وهو لا يعد إلا عن الله تبارك وتعالى وحذر صلى الله عليه وسلم من القدرية وسماهم مجوس هذه الأمة وحذر من الرافضة فقال: «يخرج قوم لهم نبز يقال لهم الرافضة إذا لقيتموهم فقاتلوهم فإنهم مشركون»، حذر صلى الله عليه وسلم من هذه الفرق ولم تحدث في عهده، لم يرها صلى الله عليه وسلم وحذر من معاصي لم ير أهلها فقال صلى الله عليه وسلم: «صنفان من أهل النار لم أرهما قوم معهم سياط كأذناب البقر ونساء كاسيات عاريات مميلات مائلات رؤوسهن كأسنمة البخت المائلة» الحديث، وبهذا تأكد لكم أن هذه المقولة ليست بصحيحة، بل المعلم يعلم تلميذه السنة، يعلمه التوحيد وسائر فرائض الدين العملية والأحكام الشرعية في العبادة والمعاملة كما يحذره من المعاصي كلها وأعظمها الشرك وكذلك يحذر من البدع والمحدثات، لكن قد يرجئ العالم تلميذه شيئا إذا كان مبتدئاً يريد أن يحفظه بعض المتون ويقرر له بعض المسائل لكن لا [كلمة غير مفهومة] لا بل حسب المصلحة حسب ما يقتضيه الأمر، والساحة اليوم تعج بالبدع والمحدثات والشطط وبالهوى ويدخل أهل الإنحراف كل بيت فيجب على الناصحين للأمة أن يبينوا للناس الحق بدليله ويحضوهم عليه، وأن يبينوا البدع والمحدثات ويحذروهم منها فإن الساحة اليوم مقرفة نتنة عفنة، فيها ولله الحمد الحق كثير وأهل الحق لا يزال لهم هيبة ولهم صولة ولهم جولة ولهم سطوتهم وقوتهم، ولكن مع هذا تعج الساحة بنتن من الأقوال والأفعال، فإذا ترك الناس كما هو ظاهر هذه المقالة فإنه سيختلط عليهم الأمر فتصبح السنة إلى جنب البدعة ولا فُرقان، وبهذا تبين لكم أن هذا الإطلاق باطل، وأقول بالمناسبة فإن من سمت أهل البدع ونهجهم الإجمال في المقالات، فاحذروا مثل هذه المقالة، وعليكم بسمت السلف الصالح الذين تأسوا بالنبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه من بعده، وأذكرههنا بما رواه أبو عمر ابن عبد البر في تمهيده بسنده إلى أصبغ بن فرج عن مالك رحمه: قال كان وهب بن كيسان يجلس لنا أو قال يقعد لنا أو يقعد إلينا ولا يقوم حتى يقول: ((إعلموا أنه لن يُصلح آخر هذا الأمر إلا ما أصلح أوله))، قال أصبغ لمالك رحمه الله الجميع قال "مايريد"، قال: ((يريد بادئ الدين أو التقوى))، نعم.
أحسن الله إليكم وبارك فيكم،
- السؤال الثلث: يتزعم ويتصدر بعض طلبة العلم في القضايا النازلة في المناهج ومعرفة الرجال ويخالفون كبار العلماء الذين لهم صبر في معرفة هذه القضايا، بحجة أننا لسنا مجبورين باتباع أحد من الناس، فما توجيهكم في هذا الأمر بارك الله فيكم؟
لابد هاهنا من بيان أمور، حتى يكون الجواب على هذه المقولة أو على هذا المسلك الذي تضمنه السؤال واضحا جليا.
الأمر الأول: التذكير بقوله جل وعلا: ﴿وَإِذَا جَاءَهُمْ أَمْرٌ مِنَ الْأَمْنِ أَوِ الْخَوْفِ أَذَاعُوا بِهِ وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُولِي الْأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ وَلَوْلا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ لَاتَّبَعْتُمُ الشَّيْطَانَ إِلَّا قَلِيلاً﴾ [النساء:83]، فهذه الآية تربي المسلمين على قاعدة شريفة يجب عليهم سلوكها حيال النوازل والمعضلات والمشكلات، وتلكم القاعدة هي رد مشكلات النوازل وعظائم الأمور التي تجعل الحليم حيران إلى من هم أهل للكلام فيها ومعالجتها، وهم طائفتان من الناس.
الطائفة الأولى: رسول الله صلى الله عليه وسلم، والمراد الأن الرد إلى سنته.
والطائفة الثانية: أولوا الأمر فإن ولي الأمر بمن حوله من أهل شوراه من العلماء والخبراء وأهل الحل والعقد والخبرة في الشرع وسياسة الأمور هم الذين يحسنون معالجة هذه القضايا النازلة، وليس لعامة الناس ذلك.
يزيد هذا وضوحا مارواه مسلم في صحيحه أنه أشيع أن رسول الله صلى الله عليه وسلم طلق نساءه قال عمر فأتيت النبي صلى الله عليه وسلم فقلت يا رسول الله أطلقت نساءك قال: «لا»، قال عمر رضي الله عنه لما نزلت الآية أنا من الذين يستنبطونه، أنا من الذين يستنبطونه.
الأمر الثاني: في قوله ((ولسنا مجبرين بإتباع فلان أو كما قال))، نحن نقول أنت لست مجبرا باتباع فلان نعم، لكن قولك هذا مجمل فإنه يحتمل الخطأ والصواب ويحتمل الحق والباطل وكان جديرا بك أن تفصح، فإن العبرة ليست بقول فلان أو علان لذاته، بل العبرة بالدليل فحينما يتنازع الناس في أمر من الأمور فإنه يجب رد ما تنازعوا فيه إلى الله ورسوله صلى الله عليه وسلم كما قال تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ﴾ [النساء:59]، قال أهل العلم الرد إلى الله هو الرد إلى كتابه، والرد إلى رسوله هو الرد إليه في حياته والرد إلى سنته بعد مماته صلى الله عليه وسلّم، فقولك هذا في غاية الفساد والبطلان ولايفهم منه أحد إلا أنك تريد أن تربط الناس بك أو بمن هو على شاكلتك من المتصدرين للعلم والمنصدرين ميدان الدعوة، وكان الواجب عليك أن تربط الناس بأئمة الهدى والعلماء المعروفين بصحة المعتقد والمنهج السديد السليم والمعرفين كذلك بالرسوخ في العلم والنصح للأمة، فإن هؤلاء هم ورثة الأنبياء فإذا قالوا كلمتهم في نازلة من النوازل أو في أمر من الأمور أو في التحذير من رجل من الرجال وأبانوا بالدليل فساد منهجه وسوء مأخذه وجب قبول ما قالوه لأنه حق مادام مبنيا على الدليل وعلى البينة والبرهان، فبان بهذا أن هذه المقولة باطلة وفاسدة، نعم.
بارك الله فيكم وأحسن إليكم،
- السؤال الرابع: إذا كان الرجل مستور الحال ولا يُعرف عنه شيء، هل يجوز السؤال عنه لمعرفة حاله أو لايجوز؟ وفقكم الله.
لا شك أنه في كل زمان وفي كل مكان، يفد على الناس من لا يُعرف، هذا الذي لا يُعرف إن كان وادعا ساكتا ولم يُظهر خلافا للحق فإنه يبقى مستورا، لكن إذا استراب الناس من حال هذا الرجل أو أرادوا منه أمرا من الأمور فلهم أن يختبروا حاله، ومن الشواهد على ذالك مارواه مسلم وغيره عن معاوية بن الحكم رضي الله عنه أنه كانت له جارية ترعى الغنم، فعدا الذيب فاختطف شاة منها، فأتى معاوية فلطمها، ثم استعظم ذلك فذهب إلى النبي صلى الله عليه وسلم فأخبره الخبر وقال يا رسول الله أنا بشر كسائر البشر، فاستعظم ذلك النبي صلى الله عليه وسلم، ثم قال يا رسول الله إن علي رقبة أفلا أعتقها قال: «جئني بها أنظر أمؤمنة»، ثم جاء بها فسألها النبي صلى الله عليه وسلم: «أين الله؟»، قالت في السماء، قال لها: «من أنا؟»، قالت أنت رسول الله، قال: «أعتقها فإنها مؤمنة».
وقديما قالو أعني الأئمة امتحنوا أهل المدينة بمالك بن أنس وأهل الشام بالآوزاعي عبد الرحمن بن عمر وأهل مصر باليث بن سعد وأهل الموصل بالمعافة بن عمران، فيُمتحن الرجل إذا استريب منه أو أريد منه أمر من الأمور فإنه يمتحن وهذا الأمر لايستطيع الناس دفعه حتى في المعاملات فلو خطب رجل امرأة من أهلها فإنهم مطالبون بالسؤال عن حاله، هل هو ممن يُرضى دينه أو خلقه ولا يقال لم يعرف عن هذا شيء، وبهذا يستبين لكم بطلان المقولة ((الأصل في المسلم العدالة ))، أليس كذلك، هذه المقولة باطلة وكتب الجرح والتعديل شهادة على ما نقول، فلو كان الأصل في المسلمين كلهم العدالة ما احتاج الناس إلى علماء و أئمة، يُجرح من جرحوا ويُعدل من عدلوا، نعم.
بارك الله فيكم وأحسن إليكم،
- السؤال الخامس: إذا اضطر طالب العلم أن ينقل عن كتب أهل العلم أو الأخذ عنهم، فما الضوابط الشرعية عند علماء السنة والتوحيد في هذا ؟
كتب أهل العلم إن كانوا أعني مؤلفي هذه الكتب ممن هم على السنة فليس في الأمر عندي إشكال، إلا أنه عليه أن يتخير العبارات الواضحة التي يفهمها الناس ، يفهمها المخاطبون، وأن يختار في نقله عبارات تناسب الحال والمقال، أما إن كان المنقول عنهم من أهل البدعة فإن الأمر يختلف وليس على وتيرة واحدة ولهذا قسم الأئمة كتب المبتدعة إلى ثلاثة أصناف:
أحدها: ما كان بدعة خالصا وليس فيه سنة أو فيه نزر يسير من السنة فهذا لا يحل النظر فيه إلا لعالم متمكن يريد أن يرد على القوم من كتبهم، ومن أمثلة هذا الصنف كتب الرافضة كالكافي وأصول الكافي وفصل الخطاب.
الثاني: ماكان خليطا فيه سنة وبدعة، قالوا فلا يحل النظر فيه إلا لعالم متمكن يمييز الصحيح من السقيم والفاسد من الصالح والحق من الباطل فإنه يحل له، لأنه قادر على التمييز يعرف ماذا ينقل من الحق، وأرى ألا يكثر فإنه إذا أكثر وشاع ذلك وانتشر فإنه يؤدي إلى الخلط فلربما ظن السامعون والقراء أن هذا المنقول عنه سني، بل أرى أنه يجب عليه أن يعلق في الحواشي حال هذا الرجل ويبين ضلاله وأنه نقل عنه ما نقل لأنه يوافق قول أهل السنة، وعندي أن الاستغناء أفضل وأسلم لا سيما في حال الإحتدام كما هو في عصرنا اليوم، احتدام المناهج واصطدامها فإن منهج الحق وأهل الحق في صدام مع النهج الباطل وأهله فأرى الاستغناء عن هؤلاء، فإنه في كتب السلف ولله الحمد ما يغني عن كتب هؤلاء، لكن بعض العلماء الأفاضل رأيناهم ينقلون عن مبتدعة، فلا نستطيع أن نقول أن هؤلاء مبتدعة أو أنهم جعلوا أنفسهم سلما للأهل البدع، لا حاشاهم من ذلك، لكن عندي أن الإستغناء أسلم وأفضل لأن كتب السلف مليئة بهذا الحق، لكن لعل ذلك العالم رأى في نقله عبارة سليمة صحيحة من كتاب ضال مضل مبتدع لأنها وافقت الحق ووافقت ما عنده من الحق فهو ينقلها على سبيل الإستشهاد لا على سبيل الإستقلال والتأصيل أبدا.
الثالث: من كان خاليا من البدعة، صاحبه ليس له هم في نشر بدعه والدعوة إليها وإنما همه تحقيق كتاب من كتب أهل السنة، كأنه صاحب تجارة أو صاحب بضاعة يريد أن يتعيش فهو مرتزق يحقق هذا الكتاب وهذا الكتاب ولم يضمنه شيئا من بدعه وانحرافاته فهذا الأمر فيه واسع، فمن أمثلة الصنف الثاني" الكشاف" للزمخشري، فالزمخشري وأظنه أسمه محمود بن عمر الملقب بجار الله هذا معتزلي جلد، لكن العلماء ينقلون منه في المعاني وفي اللغة ينقلون منه شواهد، والثالث لا أستطيع أن أقول جازما، لكن لعل منه أقول لعل منه ترتيب أبي غدة لسنن النسائي، فأبو غدة صوفي محترق بل هو كوثري هذا العصر نعم، عدو لأهل السنة، نعم.
أحسن الله إليكم وبارك فيكم،
- السؤال السادس: ما الفرق في قولهم هذا صاحب بدعة وهذا مبتدع؟
عندي أن الفرق واضح وسيتبين لكم، الذي عرفناه من عبارات أهل العلم وسمتهم ونهجهم في قولهم مبتدع، أنهم لا يطلقونها إلى على من قامت الحجة على أنه مبتدع، قامت الحجة عليه وأنه صاحب ضلال وأنه ضال مضل فيقولون مبتدع وقد يطلقونها أحيانا على سبيل الزجر، لكن الغالب هذا هولا يقولون مبتدع إلا على من ركب البدعة وقامت الحجة عليه بذلك، وأما صاحب بدعة فإنه لا يشترط فيه إقامة الحجة إنما يقولون هذا صاحب بدعة يعني يركب البدعة فهي أعم، صاحب بدعة أعم، صاحب بدعة أعم، أما مبتدع فهو أخص، يعني لفظ أخص فتفطنوا لهذا بارك الله فيكم، نعم.
جزاكم الله خيرا وبارك الله فيكم،
- السؤال السابع: يمضي بعض الناس السنين والشهور في منا صحة أهل الأحزاب كالإخوان المسلمين والتبليغ مع مجالستهم، والحجة لمناصحتهم، فهل هذا كان عليه عمل السلف؟
المناصحة لابد أن تنتهي إلى شيء وهي إما قبول المنصوح نصيحة الناصح ورجوعه إلى الحق وسلوكه سبيل المؤمنين وانتهاج السنة; أو العناد والإصرار، لابد أن تنتهي إلى شيء، وهذا الأمر لا يستدعي التطويل أبدا، بل يظهر في جلسات هذا في الغالب، وإنما لو صاغ التطويل فهوا نادر في حق اناس يظهر منهم اللين ويظهر منهم شيء من القرب، لكن عليهم غبش، فهؤلاء يحتاجون إلى شيء من التعاهد، أما مجالسة جميع أهل أهواء أو في مجلس يغلب عليه أهل أهواء، مجالسة ممازجة ومخالطة يعني على الدوام فهذا ليس عليه عمل السلف فيما علمناه حتى الساعة، فالأمر فيه تفصيل وقد قدمت شيء من هذا، نعم.
بارك الله فيكم
- السؤال الثامن: يزعم بعض من ينتسب للعلم أن بيان الأخطاء الجماعات الإسلامية اليوم وتوضيح حالهم أنه منهج يصد عن الحق ويقسي القلوب ويسبب الإنتكاسة في الشباب، فهل هذا صحيح؟
أولا قدمت لكم تحذير النبي صلى الله عليه وسلم وتحذير السلف الصالح وأرى إعادة حديث عبد الرحمن بن عبد رب الكعبة عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «إنه لم يكن نبي قبلي قط إلا كان حق عليه أن يدل أمته على خير ما يعمله لهم وأن ينذرهم شرما يعلمه لهم»، فالواجب على أهل العلم الناصحين للأمة، الذين يفقهون الناس دين الله عز وجل من كتاب وسنة وسيرة السلف الصالح أن يبينوا لهم ما يفد عليهم من البدع والمخالفات سواء كانت تلكم البدع والمخالفات من جماعات أو أفراد، وهذا هوا الذي عرفناه من السنةو من سيرة السلف الصالح من الصحابة والتابعين ومن بعدهم. فمن السنة قوله صلى الله عليه وسلم لما قال له مسلمة الفتح وكان في طريقه إلى حنين لغزو ثقيف
وهوا زن حين كانوا مشركين لما قال له أولئك الجماعة رضي الله عنهم يا رسول الله: اجعل لنا ذات أنوط كما لهم ذات أنواط، وقد مروا بسدرة يعكف المشركون عندها وينطون بها أسلحتهم قال: «الله أكبر إنها السنن قلتم والذي نفسي بيده كما قال أصحاب موسى لموسى اجعل لنا إلها كما لهم آلهة»، والنبي صلى الله عليه وسلم في حال حرب، سائر إلى مواجهة العدو والقوم يمثلون خمس المعسكر أو سدس المعسكر.
وعن عمر رضي الله عنه قال: ((إياكم وأهل الرأي فإنهم أعيتهم أحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يحفظوها فقالوا بالرأي فضلوا وأضلوا))، وروى الطيالسي وأحمد وأبوا داود والبغوي وغيرهم عن عبادة بن الصامت رضي الله عنه قيل له يقول أبو محمد: الوتر واجب، قال: كذب أبو محمد سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «خمس صلوات كتبهن الله على العباد في اليوم والليلة»، الحديث.
وذكر الذهبي عند ترجمته عمر بن عبيد المعتزلي القدري، حين ترجم له في الميزان وسير أعلام النبلاء وغيرهما من كتبه، عن عاصم الأحول رحمه الله قال كنا في مجلس قتادة فذُكِر عمرو بن عبيد قال: ((فوقع فيه))، قلت: ((مالي أرى بعض أهل العلم يقع في بعض))، قال يعني قتادة: ((أما تدري يا أحول أن الرجل إذا ابتدع بدعة يجب أن يذكر ليعلم))، وكتب الجرح والتعديل شاهدة وكتب السنة مثل الإبانة لابن بطة العكبري وشرح أصول أهل السنة للألكائي وغيرهما ملأى بهذا من كشف عوار المبتدعة والتحذير منهم والرد عليهم والتصريح بأعيانهم، وبهذا تعلمون أن صاحبكم المسؤول عنه إما جاهل أو صاحب بدعة يقرر قاعدة المعذرة والتعاون: "نتعاون في ما اتفقنا عليه ويعذر بعضنا بعضا في ما اختلفنا فيه"، تلكم القاعدة التي هي قاعدة المنار أولا ثم هي قاعدة الإخوان المسلمين من بعد.
فأقول لكم ناصحوه وبينوا له أنه على خطأ وأنه يجب أن يتخلى عن هذا المنهج الفاسد، فإن انتصح كان بها فهو منكم له مالكم وعليه ما عليكم، وإلا فاحذروه وابتعدوا منه.
أحسن الله إليكم يا شيخ
- السؤال التاسع: يرى بعض من يدعي السلفية أنه لابد من العمل الجماعي واحتواء الشباب بحجة أن السلفيين لا يعملون وأن شغلهم الردود وأن فيهم شدة تنفر الناس عنهم، فهل هذا من الدعوة السلفية في شيء؟
وأقول هذا القول يرده أمران:
الأمر الأول: حال السلف بدءً من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم إلى اليوم، فإن الأئمة على بيان الحق للناس والنصيحة للأمة بدءً من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم إلى اليوم، وأذكر هاهنا الأثر الذي يحسن بعض أهل العلم رفعه: ((يحمل هذا العلم من كل خلف عدوله، فينفون عنه تحريف الغالين وتأويل الجاهلين وانتحال المبطلين)).
الأمر الثاني: أن منهج السلف ليس مقصورا على الردود بل هو شامل للتعليم وإن شئت فقل تأليف الكتب العلمية مع التعليم العملي والردود، والردود باب من أبواب صد البدع والمحدثات.
الأمر الثالث: أنه لا يوجد عالم في من عرفت يقتصر في تنبيه الناس على الرد فقط بل هو جامع بين الأمرين، وإن كان أحيانا يغلب عليه الرد لأن الحال عنده يقتضي ذلك.
وبهذا تعلمون أن صاحبكم هذا المسؤول عنه على خطأ وعلى خطر، وأنه يريد التلفيق، بل ما أظنه إلا ويريد التستر على أهل البدع والضلال، وإن أحسنا الظن به قلنا إنه جاهل لا يحسن الدعوة إلى الله على بصيرة، ليس هو من أهل البصيرة، بل هو من أهل الجهل بالنهج الحق في الدعوة إلى الله أو هو من أهل الضلال والإنحراف والتلفيق في المنهج، نعم.
أحسن الله إليكم وبارك الله فيكم
- السؤال العاشر: متى يخرج الرجل من المنهج السلفي ويحكم عليه بأنه ليس سلفيا؟
هذا بينة أهل العلم، وضمنوه كتبهم ونصائحهم وهو ضمن منهجهم وذلك أن الرجل يخرج من السلفية إذا خالف أصلا من أصول أهل السنة، وقامت الحجة عليه بذلك وأبى الرجوع، هذا يخرج من السلفية، كذلك قالوا حتى في الفروع إذا خالف فرعا من فروع الدين فأصبح يوالي ويعادي في ذلك فإنه يخرج من السلفية، نعم.
أحـســن الله إلـيـكــم، وبـارك فـيـكــم، وجـزاكــم الله خيــرا.
وصلى الله على نبينا محمد وعلى أله وصحبه أجمعين.
جعلنا الله وإياكم هداة مهتدين صالحين مصلحين.
وصلى الله على نبينا محمد وعلى أله وصحبه أجمعين.
جعلنا الله وإياكم هداة مهتدين صالحين مصلحين.
تعليق