بسم الله الرحمن الرحيم
الحمدُ لله والصلاة والسلامُ على رسول الله، أمَّا بعد:
مِنَ الشُّبَه التي يُردُّدها كَثيرٌ من المُعارِضينَ لِلحَقِّ وخاصَّةً في العَقيدة والمنهج، وكذلك بعضِ السُّنَن المهجورة في العبادات والمعاملات،
قولُهم أنَّ هذا عِلمٌ جديدٌ ما عَهِدنا عليه عُلماءنا، وما وَجَدنا عليه آباءَنا، وقصدُهم من ذلك هو مُصادمةُ نصوصِ الشَّريعة وهدي السَّلف الصالح رضوان الله عليهم.
وهذا مُقتطَفٌ من رِسالَة الشِّرك ومَظاهره للشَّيخ العلَّامة مُبارك الميلي رحمه الله يرُدُّ فيه هذه الشُّبهة بعلمٍ راسخٍ وبُرهان مُبين.
قال العلاَّمة مُبارَك المِيلي رحمه الله في (رسالة الشرك ومظاهره) [ص96-97] (ط.الأولى، دار الراية):
((إنَّ أهلَ زمانِنا قد رضُوا حالَتَهُم، وسَخِطوا على ناصحيهِم ومقالَتِهم،
وقالوا: قد جاؤونا بِعلمٍ جديد، وقد سَبَقَهم عُلماءُ أجِلاء لم نسمَع منهم نُكرانًا لهذا الأمر.
فإن كان بين هؤلاء الساخطين مَن شَدَا شيئا من العِلم، زادهم جَهالةً بتأويلِ النُّصوصِ الشَّرعية، وبِصَرفِ أقوالِهم وأعمالهم الدالة على فَسادِ اعتقادِهم إلى ما يُوافِقُ الإسلام، وإن كانَ خلافَ مُرادِهم، ثم زَعَم لهم أنَّ ما يُرشِد إليه المُصلِحون ضلالةٌ ابتدَعها ابنُ تيمية.
الجواب عن المطاعن:
لا، لَم نَأتِ بِعِلمٍ جَديدٍ في نَظَرِ الدِّين، ولَكِنَّه جَديدٌ في آذانِ المُستَمِعين.
ومَن تقَدَّمَنا من العلماء بعضُهم أنكروا مثلَنا فطُعِن فيهم وحيل بينهم وبين العامَّة، وبعضُهم أسرُّوا الإنكار لمن وثِقوا بامتثالِه، ومنهم مَن كتَم لغلَبة يأسِه ومحافَظَتِه على هناء نفسِه، ومنهم من لم يكن يدري هذا الشَّأن، وإنَّما اشتهَرَ بمسائلِ الفُروع.
ثُمَّ العُلماءُ الثِّقاتُ حُجَّة فيما يأثرون لا فيما يَفعلون أو يُقِرُّون، ولا يكون الفعلُ أو التَّقريرُ حُجَّةً إلا من المعصوم.
فأمَّا تأويلُ النُّصوص، فأكثرُه تحريفٌ للكَلِم عن مواضِعِه، وغضٌّ من مهابة ظواهرها وعِظَم موقعها في النفوس.
وأمَّا صرفُ أقوال العامَّة وأفعالِها إلى غيرِ ما أرادَت منها، فتغريرٌ بها وإغراء لها على الباطل.
وأمَّا ابنُ تيمية، فلم يبتدِع ضلالةً، وإنَّما أحيا السُّنة، ودعا إلى الهُدى، واجتَهَدَ في النُّصح،
وليست الدَّعوة إلى التوحيدِ بمذهبٍ خاص، ولكنَّه دين اللهِ العام)). انتهى كلامه رحمه الله.
********
فائدتان من كلام الشيخ رحمه الله:
الأولى: أنَّ أصحابَ هذه الشُّبهة صنفان:- صِنفٌ بِضاعَتُهم الجهل وقِلَّة المعرفة بدين الله وهؤلاء يصدُق عليهم قول الله عز وجل:(بل كذَّبوا بما لم يُحيطوا بِعلمه) وقوله تعالى: (وإذ لم يهتدوا به فسيقولون هذا إفكٌ قديم)ويصدق عليهم قول القائل: مَن جهِلَ شيئا عاداه.
- وصِنفٌ عندهُم شيءٌ من العِلم، فهُم يوَجِّهونه إلى حيثُ تهوى أنفُسُهم، ليًّا لأعناق النصوص وتحريفًا لمعانيها، تغريرًا بالعامَّة ودَفعًا بها إلى الجَهلِ والضَّلال، وتَنفيرًا لها عن العُلماء الربَّانيين، والدُّعاة السلفيين، وهذا الصِّنفُ أشدُّ خطَرًا من الأوَّل، يُستفاد ذلك من قول الشيخ رحمه الله: (فإن كان بين هؤلاء الساخطين مَن شَدَا شيئا من العِلم، زادهم جهالةً)
الثانية: أنَّ من انتَصبَ للدعوة إلى الله عزَّ وجَلَّ على طريقَةِ أهل الحقّ، فلا بُدَّ أن يستنكِرَ فِعلَهُ المُستنكِرون، وأن يُطعَنَ فيه ويُحذَّرَ العامةُ مِنه.والله أعلم.
كتب: أبو زياد حمزة الجزائري
الأربعاء 2 شوال 1432 هـ
الحمدُ لله والصلاة والسلامُ على رسول الله، أمَّا بعد:
مِنَ الشُّبَه التي يُردُّدها كَثيرٌ من المُعارِضينَ لِلحَقِّ وخاصَّةً في العَقيدة والمنهج، وكذلك بعضِ السُّنَن المهجورة في العبادات والمعاملات،
قولُهم أنَّ هذا عِلمٌ جديدٌ ما عَهِدنا عليه عُلماءنا، وما وَجَدنا عليه آباءَنا، وقصدُهم من ذلك هو مُصادمةُ نصوصِ الشَّريعة وهدي السَّلف الصالح رضوان الله عليهم.
وهذا مُقتطَفٌ من رِسالَة الشِّرك ومَظاهره للشَّيخ العلَّامة مُبارك الميلي رحمه الله يرُدُّ فيه هذه الشُّبهة بعلمٍ راسخٍ وبُرهان مُبين.
قال العلاَّمة مُبارَك المِيلي رحمه الله في (رسالة الشرك ومظاهره) [ص96-97] (ط.الأولى، دار الراية):
((إنَّ أهلَ زمانِنا قد رضُوا حالَتَهُم، وسَخِطوا على ناصحيهِم ومقالَتِهم،
وقالوا: قد جاؤونا بِعلمٍ جديد، وقد سَبَقَهم عُلماءُ أجِلاء لم نسمَع منهم نُكرانًا لهذا الأمر.
فإن كان بين هؤلاء الساخطين مَن شَدَا شيئا من العِلم، زادهم جَهالةً بتأويلِ النُّصوصِ الشَّرعية، وبِصَرفِ أقوالِهم وأعمالهم الدالة على فَسادِ اعتقادِهم إلى ما يُوافِقُ الإسلام، وإن كانَ خلافَ مُرادِهم، ثم زَعَم لهم أنَّ ما يُرشِد إليه المُصلِحون ضلالةٌ ابتدَعها ابنُ تيمية.
الجواب عن المطاعن:
لا، لَم نَأتِ بِعِلمٍ جَديدٍ في نَظَرِ الدِّين، ولَكِنَّه جَديدٌ في آذانِ المُستَمِعين.
ومَن تقَدَّمَنا من العلماء بعضُهم أنكروا مثلَنا فطُعِن فيهم وحيل بينهم وبين العامَّة، وبعضُهم أسرُّوا الإنكار لمن وثِقوا بامتثالِه، ومنهم مَن كتَم لغلَبة يأسِه ومحافَظَتِه على هناء نفسِه، ومنهم من لم يكن يدري هذا الشَّأن، وإنَّما اشتهَرَ بمسائلِ الفُروع.
ثُمَّ العُلماءُ الثِّقاتُ حُجَّة فيما يأثرون لا فيما يَفعلون أو يُقِرُّون، ولا يكون الفعلُ أو التَّقريرُ حُجَّةً إلا من المعصوم.
فأمَّا تأويلُ النُّصوص، فأكثرُه تحريفٌ للكَلِم عن مواضِعِه، وغضٌّ من مهابة ظواهرها وعِظَم موقعها في النفوس.
وأمَّا صرفُ أقوال العامَّة وأفعالِها إلى غيرِ ما أرادَت منها، فتغريرٌ بها وإغراء لها على الباطل.
وأمَّا ابنُ تيمية، فلم يبتدِع ضلالةً، وإنَّما أحيا السُّنة، ودعا إلى الهُدى، واجتَهَدَ في النُّصح،
وليست الدَّعوة إلى التوحيدِ بمذهبٍ خاص، ولكنَّه دين اللهِ العام)). انتهى كلامه رحمه الله.
********
فائدتان من كلام الشيخ رحمه الله:
الأولى: أنَّ أصحابَ هذه الشُّبهة صنفان:- صِنفٌ بِضاعَتُهم الجهل وقِلَّة المعرفة بدين الله وهؤلاء يصدُق عليهم قول الله عز وجل:(بل كذَّبوا بما لم يُحيطوا بِعلمه) وقوله تعالى: (وإذ لم يهتدوا به فسيقولون هذا إفكٌ قديم)ويصدق عليهم قول القائل: مَن جهِلَ شيئا عاداه.
- وصِنفٌ عندهُم شيءٌ من العِلم، فهُم يوَجِّهونه إلى حيثُ تهوى أنفُسُهم، ليًّا لأعناق النصوص وتحريفًا لمعانيها، تغريرًا بالعامَّة ودَفعًا بها إلى الجَهلِ والضَّلال، وتَنفيرًا لها عن العُلماء الربَّانيين، والدُّعاة السلفيين، وهذا الصِّنفُ أشدُّ خطَرًا من الأوَّل، يُستفاد ذلك من قول الشيخ رحمه الله: (فإن كان بين هؤلاء الساخطين مَن شَدَا شيئا من العِلم، زادهم جهالةً)
الثانية: أنَّ من انتَصبَ للدعوة إلى الله عزَّ وجَلَّ على طريقَةِ أهل الحقّ، فلا بُدَّ أن يستنكِرَ فِعلَهُ المُستنكِرون، وأن يُطعَنَ فيه ويُحذَّرَ العامةُ مِنه.والله أعلم.
كتب: أبو زياد حمزة الجزائري
الأربعاء 2 شوال 1432 هـ