بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على نبينا محمد ، وعلى آله وصحبه أجمعين ، وبعد ؛
فقد أوقفني بعض الفضلاء على انتقادٍ في (منتديات كل السلفيين) ، لِمَا تَضَمَّنَته زيارتي لفضيلة الشيخ الوالد العلامة ربيع بن هادي المدخلي حفظه الله تعالى ، في الخامس عشر من شهر شعبان الماضي .
وكنتُ قد سألتُ الشيخ حفظه الله تعالى في تلك الزيارة عن الجمعيات الخيرية ؛ لكي يقوم الإخوة في تونس الشقيقة -حرسها الله من كل مكروه - باستقدام المشايخ من خلالها .
فما كان من الشيخ -حفظه الله تعالى- إلا أن وجَّه ((نصيحةً)) غاليةً بالبُعد عن الجمعيات ؛ لأنها سبيل إلى التفرُّق والتَّحزُّب .
وما كان من المُنتقِد -عفا الله تعالى عنه - إلا أن اتَّهم الشيخ - حفظه الله تعالى - بالتناقض في ذلك ، حيث أنه يقول بجواز الجمعيات في مواضع بشروط ، وهنا يقول بتحريمها - كذا قال - .
فأردتُ أن أكتب شيئاً في الذبِّ عن عِرض الشيخ - حفظه الله تعالى - لعلَّ الله سبحانه وتعالى يذُبُّ بها عن عرضي ، ويدفع بها عن نفسي .
والنبي صلى الله عليه وسلم يقول : (أُنصُر أخاك ظالماً أو مظلوماً) ، وقال صلى الله عليه وسلم : (مَن ذَبَّ عن عِرض أخيه بالغِيبة ؛ كان حقاًّ على الله أن يُدخِله الجنة) .
وقد تضمَّن هذا الانتقاد للشيخ ربيع حفظه الله تعالى الاتهام له بالتناقض في ذلك ، ووصم كاتبُه -هداه الله- مقاله بـــــ (مشايخ الغلاة يُحلُّونه عاماً ويُحرِّمونه عاماً) .
وكان ينبغي عليه - هداه الله تعالى - أن يفهم المراد قبل أن يتَّهم بلا علم ولا رَوِيَّة ولا فهم ، والنبي صلى الله عليه وسلم يقول : (... ، ومَن قال في مُؤمنٍ ما ليس فيه أسكنه الله ردغة الخبال) .
ولن أُطيل في المُقدِّمات ، وأسأل الله تعالى أن تصل هذه الكلمات إلى كاتب المقال - عفا الله عنه - ، لعلَّه يتوب إلى الله تعالى من نِسبة ما لم يفهمه إلى العلماء ، والله سبحانه تعالى يحول بين المرء وقلبه .
والذي أسلُكُه هنا نُصحاً لهذا المنتقد - عفا الله عنه - ؛ هو قول الله تعالى : (ادفع بالتي هي أحسن ...) .
بدايةً نقول : إن فضيلة الشيخ ربيع المدخلي - حفظه الله تعالى - (لم) يأتِ في ثنايا كلامه الذي نقلتُه عنه أنَّه قال بتحريم إنشاء الجمعيَّات ، ولكن جاء فيه النُّصح بالبعد عن الجمعيات ؛ مُعلِّلاً ذلك بأنها من أسباب الفُرقة بين السلفيين .
وإليك نصُّ الكلام الذي نقلتُه عنه : (أنا أرى أنَّ الجمعيات تُفَرِّق السلفيين ، وأنها من أسباب التحزُّب ، و((نصيحتي)) لهم بأن يبتعدوا عن الجمعيات ، وأن يطلبوا العلم في المساجد ، وأن يتركوا الجمعيات ، ولا أرى أن يدخلوا في الجمعيات .
وإذا لم يستطيعوا إلقاء الدروس في المساجد ، فعليهم بتعلُّم العلم في بيوتهم ) .
وإذا لم يستطيعوا إلقاء الدروس في المساجد ، فعليهم بتعلُّم العلم في بيوتهم ) .
فنقول لهذا المنتقد : أين هو الكلام الذي زعمته عفا الله عنك ؟!
وأذكِّرُك بتقوى الله عز وجل ، ولْتَعلم أنك مسؤولٌ أمام الله تعالى عن ذلك (يوم تأتي كلُّ نفسٍ تُجادِل عن نفسها وتُوَفَّى كلُّ نفسٍ ما عَمِلت وهم لا يُظلمون) .
ولا أدري إن كنتَ - عفا الله عنك - تُفرِّقُ بين النُّصح بفِعل (الأفضل) ، و(التحريم) ؟؟!!
والنبي صلى الله عليه وسلم يقول : (المُستشارُ مُؤتمن) .
وهل يكون على العبد غضاضة إذا نصح لأخيه بما يظهر له أنه الأكمل والأورَعُ في نَظَره ؟!
ولا أظنُّ ذلك يخفى عليك -عفا الله عنك - .
والنبي صلى الله عليه وسلم يقول : (المُستشارُ مُؤتمن) .
وهل يكون على العبد غضاضة إذا نصح لأخيه بما يظهر له أنه الأكمل والأورَعُ في نَظَره ؟!
ولا أظنُّ ذلك يخفى عليك -عفا الله عنك - .
وسبب هذه النصيحة الغالية ؛ هو أنَّه الشيخ - وفَّقه الله - قد نظر فيما آلت إليه أحوال كثيرٍ من الإخوة الذين كانوا على المنهج السلفي ، ثم أخذوا يتعصَّبون للجمعيات ، ويجعلون الولاء والبراء على قوانين تلك الجمعيات .
فلا أدري إن كان المنتقد - عفا الله عنه - يُدرك ذلك ، أو أنه لا يُدركُه ؟!
وللأسف أنَّ أحداً من المشاركين في الكتابة في ذلك المقال لم يُنبِّه على شيءٍ من ذلك .
بل الذي حصل أنَّ أحدهم -هداه الله - انتقد الشقَّ الثاني من إجابة الشيخ عن المراكز العلمية ، وهو لم يفهم مُراد الشيخ أيضاً .
وكنتُ قد سألتُ الشيخ حفظه الله تعالى عن إقامة المراكز لاستقدام المشايخ الفضلاء لنفس الغاية ، فكان جواب الشيخ يَنُمُّ عن بُعدِ نظر ، فقال وفقه الله : (عليهم بإقامة الدروس في المساجد) .
والمُلاحَظُ أنَّ الشيخ (لم) يقُل : (لا يجوز إنشاء المراكز العلمية) ، ولكن نصح بأن تكون الدروس في المساجد .
وأنا هنا أسأل هذا المنتقد - عفا الله عنه - هل الأصل في إقامة الدروس (المراكز) أو (المساجد) ؟
فإن قلت : المساجد .
فإن قلت : المساجد .
قلنا لك : هذا هو مُراد الشيخ - وفَّقه الله - ، وهو أنهم ما داموا يستطيعون إقامة الدروس في المساجد ، فلا حاجة إلى إنشاء المراكز .
قال الله تعالى : (في بيوتٍ أذِن الله أن تُرفع ويُذكر فيها اسمه يُسبِّح له فيها بالغدو والآصال * رجال لا تُلهيهم تجارة ولا بيعٌ عن ذكر الله وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة .... ) .
وقد دلَّت السُّنَّة العمليَّة على ذلك في مواضع كثيرةٍ جداًّ ، ولن أُطيل بذكر ذلك ، ولكن مع التنبيه أننا نتكلَّم هنا عن الأصل في التدريس ، ولا نتكلم عن جواز التدريس في غير المساجد .
وأما إن قلت -عفا الله عنك - : الأصل فيها (المراكز) .
قلنا لك : خالفت الكتاب والسنة ، وما عليه العلماء قاطبة من عهد الصحابة رضي الله عنهم إلى يومنا هذا ، ولا أظنُّ أنك تقول بذلك - عفا الله عنك - .
قلنا لك : خالفت الكتاب والسنة ، وما عليه العلماء قاطبة من عهد الصحابة رضي الله عنهم إلى يومنا هذا ، ولا أظنُّ أنك تقول بذلك - عفا الله عنك - .
وإلاَّ ؛ فلا أظنُّك تفهم أنَّ الشيخ يُحرِّم الجامعات ، والمعاهد الشرعية ؟؟!!
وأنا والله قد لمستُ في مقال هذا الكاتب تحاملاً ، وتكلُّفاً في توجيه الكلام ليُوافق مُراده ، والله يعلم خائنة الأعيُن وما تُخفي الصُّدور .
وقبل أن أختم أُذكِّرُ كلَّ مَن شارك في ذلك المقال بقول الله تعالى : (ستُكتب شهادتهم ويُسألون) ، وبقوله تعالى : (إلا من شهد بالحق وهم يعلمون) .
وختاماً ؛ فقد أُخبرتُ أنَّ كثيراً من مواقع إخواننا الأفاضل قد تناقلت تلك النصيحة الغالية من الشيخ ربيع - حفظه الله - وأرجو أن يقوم الإخوة بنقل هذا التوضيح إلى تلك المواقع ؛ لكي يكمُل بذلك توضيح مُراد الشيخ ؛ ولكي لا يُفهم كلامُه على نحوٍ لم يُرِده حفظه الله تعالى .
والله أعلى وأعلم
وصلى الله وسلم على نبينا محمد ، وعلى آله وصحبه أجمعين
حامد بن خميس بن ربيع الجنيبي
في صبيحة يوم الثلاثاء
16 رمضان 1432 هـــ
وصلى الله وسلم على نبينا محمد ، وعلى آله وصحبه أجمعين
حامد بن خميس بن ربيع الجنيبي
في صبيحة يوم الثلاثاء
16 رمضان 1432 هـــ