السلام عليكم ورحمة الله.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومَن والاه...
وبعدُ:
هذا مقطع صوتي تم قصه من خطبة الجمعة [إلى ميدان التحرير ائتنا!!]
لفضيلة الشيخ محمد سعيد رسلان؛ فبعد أن قمتُ بتفريغ تلك الخطبة ارتأيتُ قص ذلك المقطع لأهميته وأسميته: [اتقِ الله واصبر ولا تستعجل]
لتحميل المقطع الصوتي بصيغة MP3
اضغط هنا للتحميل من المفرقات.
لتحميل التفريغ بصيغة PDF - جاهز للطباعة والنشر [ورقتان]
اضغط هنا للتحميل من المفرقات.
[القراءة المباشرة] التفريغ
لا تستعجلوا؛ فإن الأنَاةَ والحِلمَ، وإن التُّؤَدَة والصبر لا يأتي ذلك كلُّه إلا بالخير.
وقد أخرج البخاري -رحمه الله- في الأدب المفرد -وهو في صحيحه أي في صحيح الأدب المفرد- عن الحسن البصري -رحمة الله عليه- أنّ رجلاً كان له غلامٌ ومولَى فحضرته الوفاة فأوصى مولاه بغلامه؛ فقضى؛ فقام مولاه على ما اؤتمن عليه رعايةً وحفظًا حتى أدرك، فزوجه ابنته، فقال له الغلام -وقد صار شابًا-: إني أريد أن أرحل في طلب العلم، فزوده، فرحل، فلقي عالمًا فقال: عَلِّمني، فقال: إذا أردتَ الرحيل فأعلمني أعلمك، قال: قد حضرت الرحلةُ الآن، قال: اتقِ الله واصبر ولا تستعجل.
فرجع بهن -بثلاث كلمات: اتقِ الله واصبر ولا تستعجل- فرجع، فأناخ راحلته، فدخل بيته، فوجد امرأته نائمةً، ووجد رجلاً نائمًا عندها مُتراخٍ عنها -أي بمبعدة منها-؛ فقال: هذا لا يُصبر عليه! فرجع إلى رحله فاستلَّ سيفه من غِمْدِه وأراد أن يمضي إليه ليجهز عليه فطنَّ في رأسه قولُ عالمه: اتقِ الله واصبر ولا تستعجل، فأغمد سيفه ورجع فوقف على رأس النائم، فقال: هذا لا يُصبر عليه! ومسَّه لَزْعُ الغيرة بجمرها فرجع أراد أن يأخذ سيفه فتذكر قول العالم: اتقِ الله واصبر ولا تستعجل ثلاث مرار حتى وقف على رأس الرجل فانتبه، فقام إليه، فالتزمه وقال: كيف أنتَ؟ وما أصبتَ من بعدي؟ قال: أصبتُ من بعدكَ ما حجزني الله بكَ، وقد اختلفتُ بين السيف ورقبتكَ ثلاث مِرار فحجزني الله -تبارك وتعالى- عنكَ بما علَّمنيه: اتقِ الله واصبر ولا تستعجل.
قال رسولُ الله -صلى الله عليه وآله وسلم- لخبّاب وقد جاء إلى النبي -صلى الله عليه وآله وسلم- وقد تَوَسَّد بُرْدَهُ في ظل الكعبة، وخبّاب قد جُعل الجمر المحمي في النار على ظهره فما أطفأه إلا الوَدْكُ -أي الدهن يسيل من ظهره، والأجواء مُعَبَّقَة بلحم شواءٍ حي من لحم خبّاب -رضي الله عنه- قال: يا رسول الله ألا تدعوا الله لنا، ألا تستنصر لنا.
كان متكئًا فقعد -صلى الله عليه وآله وسلم- وذكر ما كان من أحوال مَن قبلنا: (إنّ مَن كان قبلكم كان الرجل منهم يُمَشَّط بأمشاطٍ من حديد ما بين لحمه وعصبه وعظمه ويُؤشر بالمئشار -أي بالمنشار- من مَفْرِق رأسه إلى أَخْمَصِ قدمه حتى يصير بنصفين)، يقول رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم-: (وليظهرن الله هذا الأمر حتى يسير الراكب من صنعاء إلى حضر موت لا يخشى إلا الله والذئبَ على غنمه ولكنكم قومٌ تستعجلون).
أخرج ابن سعد في (الطبقات) وابن أبي حاتم في (تفسيره) والآجري في (الشريعة) عن الحسن -رحمه الله- قال: لو أن الناس إذ ابتلوا من قبل سلطانهم صبروا، ما لبثوا أن يُفرَّج عنهم ولكنهم يفزعون إلى السيف فيوكلون إليه، فو الله ما جاءوا بيوم خير قط! ثم قرأ قوله تعالى: ﴿وَتَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ الْحُسْنَى عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ بِمَا صَبَرُوا وَدَمَّرْنَا مَا كَانَ يَصْنَعُ فِرْعَوْنُ وَقَوْمُهُ وَمَا كَانُوا يَعْرِشُونَ﴾ [الأعراف:137].
كان فرعونُ أكفرَ أهلِ الكفر! قال: ﴿مَا عَلِمْتُ لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرِي﴾ [القصص:38].
ولم يقنع بدعوى الألوهية حتى ادعي الربوبية، قال: ﴿أَنَا رَبُّكُمُ الْأَعْلَى﴾ [النازعات:24].
وأما فساده وإفساده، فقد قال عنه ربنا -جلَّ وعلا- : ﴿ إِنَّ فِرْعَوْنَ عَلَا فِي الْأَرْضِ وَجَعَلَ أَهْلَهَا شِيَعًا يَسْتَضْعِفُ طَائِفَةً مِنْهُمْ يُذَبِّحُ أَبْنَاءَهُمْ وَيَسْتَحْيِي نِسَاءَهُمْ إِنَّهُ كَانَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ ﴾ [القصص:4].
وعن طغيانه وفساده وظلمه، قال ربنا -جلَّ وعلا- عنه: ﴿قَالَ سَنُقَتِّلُ أَبْنَاءَهُمْ وَنَسْتَحْيِي نِسَاءَهُمْ وَإِنَّا فَوْقَهُمْ قَاهِرُونَ﴾ [الأعراف:127].
ومع ذلك كله أمر موسى -عليه السلام- بني إسرائيل بالاستعانة بالله -رب العالمين- وبالصبر. ﴿قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ اسْتَعِينُوا بِاللَّهِ وَاصْبِرُوا إِنَّ الْأَرْضَ لِلَّهِ يُورِثُهَا مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ﴾ [الأعراف:128].
(اسْتَعِينُوا بِاللَّهِ وَاصْبِرُوا إِنَّ الْأَرْضَ لِلَّهِ يُورِثُهَا مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ) ردّ بنو إسرائيل على موسى بقولهم: (أُوذِينَا مِنْ قَبْلِ أَنْ تَأْتِيَنَا وَمِنْ بَعْدِ مَا جِئْتَنَا) فردّ موسى -عليه السلام- قائلاً: (عَسَى رَبُّكُمْ أَنْ يُهْلِكَ عَدُوَّكُمْ وَيَسْتَخْلِفَكُمْ فِي الْأَرْضِ فَيَنْظُرَ كَيْفَ تَعْمَلُونَ).
وكانت عاقبةُ صبرهم ما قال الله -جلَّ وعلا- : ﴿وَتَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ الْحُسْنَى عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ بِمَا صَبَرُوا وَدَمَّرْنَا مَا كَانَ يَصْنَعُ فِرْعَوْنُ وَقَوْمُهُ وَمَا كَانُوا يَعْرِشُونَ﴾ [الأعراف:137].
بما صبروا على دينهم، وعلى عذاب فرعون أي بسبب صبرهم على الشدائد التي كابدوها من فرعون وقومه.
وحسبكَ بهذا حاثًا على الصبر ودالاً على أن مَن قابل البلاء بالجزع وكله الله -تعالى- إليه، ومَن قابله بالصبر ضمن الله له الفرج.
إنَّ الناس إذا ابتلوا من قِبل سلاطينهم ففزعوا إلى السيف وُكلوا إليه ولا والله ما وجدوا خيرًا قط! في يومٍ أبدًا كما قال الحسن -رحمة الله عليه-.اهـ
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومَن والاه...
وبعدُ:
هذا مقطع صوتي تم قصه من خطبة الجمعة [إلى ميدان التحرير ائتنا!!]
لفضيلة الشيخ محمد سعيد رسلان؛ فبعد أن قمتُ بتفريغ تلك الخطبة ارتأيتُ قص ذلك المقطع لأهميته وأسميته: [اتقِ الله واصبر ولا تستعجل]
لتحميل المقطع الصوتي بصيغة MP3
اضغط هنا للتحميل من المفرقات.
لتحميل التفريغ بصيغة PDF - جاهز للطباعة والنشر [ورقتان]
اضغط هنا للتحميل من المفرقات.
[القراءة المباشرة] التفريغ
لا تستعجلوا؛ فإن الأنَاةَ والحِلمَ، وإن التُّؤَدَة والصبر لا يأتي ذلك كلُّه إلا بالخير.
وقد أخرج البخاري -رحمه الله- في الأدب المفرد -وهو في صحيحه أي في صحيح الأدب المفرد- عن الحسن البصري -رحمة الله عليه- أنّ رجلاً كان له غلامٌ ومولَى فحضرته الوفاة فأوصى مولاه بغلامه؛ فقضى؛ فقام مولاه على ما اؤتمن عليه رعايةً وحفظًا حتى أدرك، فزوجه ابنته، فقال له الغلام -وقد صار شابًا-: إني أريد أن أرحل في طلب العلم، فزوده، فرحل، فلقي عالمًا فقال: عَلِّمني، فقال: إذا أردتَ الرحيل فأعلمني أعلمك، قال: قد حضرت الرحلةُ الآن، قال: اتقِ الله واصبر ولا تستعجل.
فرجع بهن -بثلاث كلمات: اتقِ الله واصبر ولا تستعجل- فرجع، فأناخ راحلته، فدخل بيته، فوجد امرأته نائمةً، ووجد رجلاً نائمًا عندها مُتراخٍ عنها -أي بمبعدة منها-؛ فقال: هذا لا يُصبر عليه! فرجع إلى رحله فاستلَّ سيفه من غِمْدِه وأراد أن يمضي إليه ليجهز عليه فطنَّ في رأسه قولُ عالمه: اتقِ الله واصبر ولا تستعجل، فأغمد سيفه ورجع فوقف على رأس النائم، فقال: هذا لا يُصبر عليه! ومسَّه لَزْعُ الغيرة بجمرها فرجع أراد أن يأخذ سيفه فتذكر قول العالم: اتقِ الله واصبر ولا تستعجل ثلاث مرار حتى وقف على رأس الرجل فانتبه، فقام إليه، فالتزمه وقال: كيف أنتَ؟ وما أصبتَ من بعدي؟ قال: أصبتُ من بعدكَ ما حجزني الله بكَ، وقد اختلفتُ بين السيف ورقبتكَ ثلاث مِرار فحجزني الله -تبارك وتعالى- عنكَ بما علَّمنيه: اتقِ الله واصبر ولا تستعجل.
قال رسولُ الله -صلى الله عليه وآله وسلم- لخبّاب وقد جاء إلى النبي -صلى الله عليه وآله وسلم- وقد تَوَسَّد بُرْدَهُ في ظل الكعبة، وخبّاب قد جُعل الجمر المحمي في النار على ظهره فما أطفأه إلا الوَدْكُ -أي الدهن يسيل من ظهره، والأجواء مُعَبَّقَة بلحم شواءٍ حي من لحم خبّاب -رضي الله عنه- قال: يا رسول الله ألا تدعوا الله لنا، ألا تستنصر لنا.
كان متكئًا فقعد -صلى الله عليه وآله وسلم- وذكر ما كان من أحوال مَن قبلنا: (إنّ مَن كان قبلكم كان الرجل منهم يُمَشَّط بأمشاطٍ من حديد ما بين لحمه وعصبه وعظمه ويُؤشر بالمئشار -أي بالمنشار- من مَفْرِق رأسه إلى أَخْمَصِ قدمه حتى يصير بنصفين)، يقول رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم-: (وليظهرن الله هذا الأمر حتى يسير الراكب من صنعاء إلى حضر موت لا يخشى إلا الله والذئبَ على غنمه ولكنكم قومٌ تستعجلون).
أخرج ابن سعد في (الطبقات) وابن أبي حاتم في (تفسيره) والآجري في (الشريعة) عن الحسن -رحمه الله- قال: لو أن الناس إذ ابتلوا من قبل سلطانهم صبروا، ما لبثوا أن يُفرَّج عنهم ولكنهم يفزعون إلى السيف فيوكلون إليه، فو الله ما جاءوا بيوم خير قط! ثم قرأ قوله تعالى: ﴿وَتَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ الْحُسْنَى عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ بِمَا صَبَرُوا وَدَمَّرْنَا مَا كَانَ يَصْنَعُ فِرْعَوْنُ وَقَوْمُهُ وَمَا كَانُوا يَعْرِشُونَ﴾ [الأعراف:137].
كان فرعونُ أكفرَ أهلِ الكفر! قال: ﴿مَا عَلِمْتُ لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرِي﴾ [القصص:38].
ولم يقنع بدعوى الألوهية حتى ادعي الربوبية، قال: ﴿أَنَا رَبُّكُمُ الْأَعْلَى﴾ [النازعات:24].
وأما فساده وإفساده، فقد قال عنه ربنا -جلَّ وعلا- : ﴿ إِنَّ فِرْعَوْنَ عَلَا فِي الْأَرْضِ وَجَعَلَ أَهْلَهَا شِيَعًا يَسْتَضْعِفُ طَائِفَةً مِنْهُمْ يُذَبِّحُ أَبْنَاءَهُمْ وَيَسْتَحْيِي نِسَاءَهُمْ إِنَّهُ كَانَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ ﴾ [القصص:4].
وعن طغيانه وفساده وظلمه، قال ربنا -جلَّ وعلا- عنه: ﴿قَالَ سَنُقَتِّلُ أَبْنَاءَهُمْ وَنَسْتَحْيِي نِسَاءَهُمْ وَإِنَّا فَوْقَهُمْ قَاهِرُونَ﴾ [الأعراف:127].
ومع ذلك كله أمر موسى -عليه السلام- بني إسرائيل بالاستعانة بالله -رب العالمين- وبالصبر. ﴿قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ اسْتَعِينُوا بِاللَّهِ وَاصْبِرُوا إِنَّ الْأَرْضَ لِلَّهِ يُورِثُهَا مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ﴾ [الأعراف:128].
(اسْتَعِينُوا بِاللَّهِ وَاصْبِرُوا إِنَّ الْأَرْضَ لِلَّهِ يُورِثُهَا مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ) ردّ بنو إسرائيل على موسى بقولهم: (أُوذِينَا مِنْ قَبْلِ أَنْ تَأْتِيَنَا وَمِنْ بَعْدِ مَا جِئْتَنَا) فردّ موسى -عليه السلام- قائلاً: (عَسَى رَبُّكُمْ أَنْ يُهْلِكَ عَدُوَّكُمْ وَيَسْتَخْلِفَكُمْ فِي الْأَرْضِ فَيَنْظُرَ كَيْفَ تَعْمَلُونَ).
وكانت عاقبةُ صبرهم ما قال الله -جلَّ وعلا- : ﴿وَتَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ الْحُسْنَى عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ بِمَا صَبَرُوا وَدَمَّرْنَا مَا كَانَ يَصْنَعُ فِرْعَوْنُ وَقَوْمُهُ وَمَا كَانُوا يَعْرِشُونَ﴾ [الأعراف:137].
بما صبروا على دينهم، وعلى عذاب فرعون أي بسبب صبرهم على الشدائد التي كابدوها من فرعون وقومه.
وحسبكَ بهذا حاثًا على الصبر ودالاً على أن مَن قابل البلاء بالجزع وكله الله -تعالى- إليه، ومَن قابله بالصبر ضمن الله له الفرج.
إنَّ الناس إذا ابتلوا من قِبل سلاطينهم ففزعوا إلى السيف وُكلوا إليه ولا والله ما وجدوا خيرًا قط! في يومٍ أبدًا كما قال الحسن -رحمة الله عليه-.اهـ
- شبكة الإمام الآجري -