بسم الله الرحمن الرحيم
إنَّ الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله، وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله.
[يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ]
[يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً]
[يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَن يُطِعْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا ]
ألا وإن أصدق الكلام كلام الله، وخير الهدي هدي محمد، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار .
أما بعد :
فقد وقفت على مقال بعنوان (( كَرِهْتُ أنْ أُثيرَ على أحدٍ مِن النَّاسِ شرًّا)) لأحد أكبر رؤوس مثيري الشغب والفتن ومؤيدي أهل البدع والضلال والمحن في هذا العصر ألا وهو المدعو علي الحلبي الذي بدعه أهل العلم والإيمان بسبب الفتن والقلاقل التي أثارها والبدع والضلالات التي أصلها ودافع عنها ثم يأتي يدعي أنه لا يريد إثارة الفتن وهو متولي إشعال نارها والنافخ لها في هذه الأيام ولا يزال !
فأحببت أن أكشف بعضاً من تلبيساته وتضليلاته التي أتى بها – ولا يزال يأتي بأمثالها من الفلسفيات التي تغرقه في البدع والضلالات – نسأل الله السلامة والعافية من الفتن وأهلها .
قال الحلبي :
"كَرِهْتُ أنْ أُثيرَ على أحدٍ مِن النَّاسِ شرًّا" !!
كلمةٌ قالَها رسولُ الله -صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ- للسيِّدَةِ الصدِّيقَةِ عائشةَ أمّ المُؤمنِين -رضيَ اللهُ عنها- في آخِرِ حِوارِهِ -صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ- معها، بعد حادِثَةِ سِحْرِهِ المشهورةِ -في «الصَّحيحَيْنِ»-؛ وذلك لَـمَّا طَلَبَت منهُ -رضيَ اللهُ عنها- أنْ يُظْهِرَ السِّحْرَ إلى النَّاسِ؛ فرَفَضَ النبيُّ -صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ- طَلَبَهَا؛ مُعَلِّلاً رَفْضَهُ بهذِه الكلمةِ الذهبيَّةِ المنهجيَّةِ الجليلةِ...
أقول:
من العجائب قولك يا حلبي ((كرهت أن أثير على أحد من الناس شرا)) !!
ثم أثرت أخبث الكذب والشرور ! ألا يعد استدلالك بهذا الحديث من السخرية والاستهزاء بحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم ومخالفة جريئة لموقف الرسول صلى الله عليه وسلم فالرسول صلى الله عليه وسلم رفض إثارة الفتن قولا وعملا وأنت بالعكس أثرت شروراً وأقوال الزور .
قال الحلبي :
وعلى الرُّغْمِ مِن تعلُّقِ هذه القضيَّةِ الخَطيرةِ بجَنابِ النُّبُوَّةِ، وما في ذلك مِن تأثيرٍ كبيرٍ على المُجتمعِ والأُمَّةِ: إلاّ أنَّ النبيَّ -صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ- طَوَى أمْرَها، وأغلقَ بابَها..
وما ذلك منهُ -صلواتُ الله وسلامُهُ عليه- إلاّ مِن بابِ تَرْكِ المصلحةِ خَوفَ المَفسدَةِ -كما نَقَلَهُ الحافظُ ابنُ حَجَر في «فتح الباري» عن الإمامِ النَّوَوِيِّ -رحِمَهُما اللهُ-.
هذه الطريقةُ النَّبويَّةُ المُثلَى -في عِلاجِ الأدواءِ، وكَبْتِ الفِتَنِ-: نحنُ أحوجَ ما نكونُ إليها، وأنْ نَجتمِعَ عليها؛ حتَّى تكونَ دَعوتُنا السلفيَّةُ المُباركَةُ -بحقٍّ- دعوةَ سُنَّةٍ وجَماعةٍ:
(سُنَّةٍ): نُوافِقُ بها نَهْجَ نبيِّنا -صلَّى اللهُ عليه وسلَّم-، ودَرْبَهُ؛ عِلماً وعَملاً؛ لا ادِّعاءً وتَزيُّناً..
و(جماعةٍ): تُبْعِدُنا عن الفُرْقَةِ والتَّشَتُّتِ، وتَنْأَى بنا عن التشرذُم والتَّمَحْوُر...
إنَّهُ الحِرْصُ على المَصلحةِ العامَّةِ؛ مُقدَّماً على كُلِّ مصلحةٍ دُونَها...
إنَّهُ المُجانَبَةُ للمَفسَدَةِ؛ دَفعاً لِتَأثيرِها، وآثارِها..
فكيفَ الشَّأنُ -والحالةُ هذه- بأُناسٍ مِن (إخوانِنا) ممَّن حَصَرُوا دَعوتَهُم في الإثارةِ..
والتَّثويرِ...
أقول:
هذه صفاتك يا حلبي وصفات عصابتك فأنت تثور الناس ضد بعضها بعضاً وضد مشائخ السنة الصادقين الثابتين.
قال الحلبي: والجَرْحِ..
أقول: وأنت يا حلبي الذي تجرح أهل الحق بالظلم والبغي والعدوان .
قال الحلبي: والتَّجريحِ..
والإسقاطِ..
والتَّسقيط...
أقول: وأنتم الذين تتآمرون على إسقاط علماء السنة ولا تخجلون من تدوين ذلك.
قال الحلبي: والتربّص...
أقول: وأنتم المتربصون الدوائر بأهل السنة ؟
قال الحلبي: والترصّد....
أقول: وأنتم أصحاب الترصد لأهل السنة بالظلم والبغي والعدوان .
قال الحلبي: والتلصّص...
أقول: وأنتم من شر المتلصصين على الكتب والمواقع .
وعصابتك معروفة بذلك والشواهد كثيرة .
قال الحلبي: والغيبة..
والنميمة..
أقول: وأما الغيبة والنميمة فهي ديدنكم وشيمتكم .
قال الحلبي: والبهتان..
والافتراء...
أقول: وأما البهتان والافتراء فهما حرفتكم .
قال الحلبي: والعناد...
والإباء...
أقول: وأما العناد والمكابرة وإباء الحق فمن أخص خصائصكم وقد أنشأتم لذلك أصولا منها: ( لا يلزمني ) و(لا يقنعني ) فتردون بها الحق الواضح الجلي.
قال الحلبي: كل ذلك بنفسيّات ظالمة مظلمة - نجّانا الله، وإياكم ، وإياهم منها -...
بل لا يَكادُ يكونُ لهُم وُجودٌ وبقاء إلاّ في هذه البيئةِ والأجواء...
ولكنْ؛ لا يمنعُ هذا التأصيلُ المُنضبِطُ -المُسْتَقَى مِن النَّهج النبويِّ -بحالٍ مِن الأحوالِ- أنْ يُقالَ للمُخطِئِ -مِن أهلِ السُّنَّةِ-: مُخطِئ...
وأنْ يُنْصَحَ...
بل أنْ يُحَذَّرَ مِن خطئِهِ..
لكنْ: برحمةٍ، وشَفَقَةٍ، ورِفْقٍ، ولِين..
وبخاصَّةٍ إذا كان دافعُ ذلك وباعِثُهُ الرَّحمةَ والحِرص، وكذا حمايةَ المُجتمعِ وأُلْفَتَهُ..
وبخاصَّةٍ -أيضاً- إذا كان الخِلافُ (المُثارُ) -أو المُرادُ تَثويرُهُ!- في مسائلَ خِلافيَّةٍ، اجتهاديَّةٍ، سُنِّيَّةٍ -وإن ظنَّها الغُلاةُ أصليَّةً قطعيَّةً!- ما قولُ أحدٍ طَرَفَي الخِلافِ فيها بأَوْلَى مِن الآخَر-!!!
أقول: وهل مدح حرية الأديان وأخوة الأديان ومساواة الأديان ومدح الدعوة إلى الديمقراطية وإلى إلزام الأمم بقوانين الأمم المتحدة والشهادة بأنها شارحة الإسلام وتمثل الوسطية من النهج النبوي والتأصيل المنضبط أو من المنهج والتأصيل الماسوني .
قال الحلبي:
وما أضْبَطَ ما قالَهُ أُستاذُنا العلاَّمةُ الشيخُ محمدُ بنُ صالحِ العُثَيمين -رحِمَهُ اللهُ- في كتابِهِ «مِن أحكامِ القُرآنِ الكَريمِ» (2/69) في تفسيرِ قولِ الله -تعالى-:
(كَانَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً فَبَعَثَ اللهُ النَّبِيِّينَ مُبَشِّرِينَ وَمُنذِرِينَ وَأَنزَلَ مَعَهُمُ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِيَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ فِيمَا اخْتَلَفُواْ فِيهِ وَمَا اخْتَلَفَ فِيهِ إِلاَّ الَّذِينَ أُوتُوهُ مِن بَعْدِ مَا جَاءتْهُمُ الْبَيِّنَاتُ بَغْيًا بَيْنَهُمْ فَهَدَى اللهُ الَّذِينَ آمَنُواْ لِمَا اخْتَلَفُواْ فِيهِ مِنَ الْحَقِّ بِإِذْنِهِ واللهُ يَهْدِي مَن يَشَاء إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيم)[البقرة:213]؛ -ذاكِراً بعضَ الفوائدِ المُسْتَنْبَطَةِ مِن الآيةِ الكريمة- ممَّا فيه علاجٌ لبعضِ هذه الظَّواهر المُنحرِفة الأثيمة-:
التَّحذيرُ مِن الاختِلافِ في الحقِّ؛ حيثُ كان بَغْياً وعُدواناً.
وكُلُّ إنسانٍ -لا شَكَّ- يَكْرَهُ البَغْيَ والعُدوانَ؛ فيجبُ الحَذَرُ مِن الاختِلافِ في دِينِ الله، ويَجِبُ الاتِّفاقُ عليه -كما أمرَ اللهُ به في قولِهِ-: {وَاعْتَصِمُواْ بِحَبْلِ الله جَمِيعًا وَلاَ تَفَرَّقُواْ }[آل عمران:103]، وفي قولِهِ -تعالى-: {شَرَعَ لَكُم مِّنَ الدِّينِ مَا وَصَّى بِهِ نُوحًا وَالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ وَمَا وَصَّيْنَا بِهِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ وَلاَ تَتَفَرَّقُوا فِيهِ }[الشورى:13].
وبهذا نَعْرِفُ خطأَ مَن خالَفَ الحقَّ في هذه المسألةِ العظيمةِ، وجَعَلَ اختِلافَ الرَّأيِ -فيما فيه مَساغٌ للاجتِهادِ-: سَبَباً لاختِلافِ القُلوبِ، والتَّفَرُّقِ، حتَّى صارَ يُضَلِّلُ الآخَرِينَ في أمْرٍ لهم فيه سَعَةٌ، فيقولُ عنهُم: إنَّهُم مُبتدِعَةٌ!
ورُبَّما يَتجاوَزُ إلى أكثرَ مِن ذلك، فيقولُ: إنَّهُم كَفَرَةٌ (!) -والعياذُ بالله-، في أمْرٍ يَسُوغُ فيه الاجتهادُ، وليسَ أحدُ المُختلِفَيْنِ بأَوْلَى مِن الآخَرِ بالصَّوابِ إلاّ ما وافَقَ النَّصَّ، وليس عند أحدِهِم وَحْيٌ يجبُ اتِّباعُهُ، بل كُلُّهُم مُجتهِدُونَ.
فالواجبُ: أن تتَّسِعَ الصُّدُورُ لِـمِثْلِ هذا الخِلافِ السَّائغِ، وألاّ تختلِفَ القُلوبُ به، كما كان ذلك شأنَ الصَّحابةِ -رضيَ اللهُ عنهُم-، حيثُ يَختلِفُونَ في الأُمورِ التي يَسُوغُ فيها الاجتهادُ، ولكنَّ قُلوبَهُم واحدةٌ لا تختلِفُ»..
أقول: الشيخ ابن عثيمين – رحمه الله- يقصد اختلافات العلماء المجتهدين الشرفاء الذين يصدق عليهم الحديث النبوي الحكيم " إِذَا حَكَمَ الْحَاكِمُ فَاجْتَهَدَ ثُمَّ أَصَابَ فَلَهُ أَجْرَانِ، وَإِذَا حَكَمَ فَاجْتَهَدَ ثُمَّ أَخْطَأَ فَلَهُ أَجْرٌ ". ولا يقصد خلافات أهل الأهواء والكذب والفجور .
فتنزيلك لتفسير الشيخ ابن عثيمين – رحمه الله- على مخالفتك ومخالفات عدنان عرعور وأبي الحسن المأربي من الكذب والمغالطات فمخالفاتكم من أخطر مخالفات أهل الضلال والبدع إذ فيها أصول مضادة لأصول السلف الصالح .
وفيها دفاع عن أهل وحدة الأديان وحرية الأديان وأخوة الأديان ومساواة الأديان بل دفاع عن أهل وحدة الوجود والطعن في الصحابة وفي مخالفتكم بغي وظلم وجهالات وعناد ومكابرات لا نظير لكم فيها.
يا حلبي لا يوجد لك نظير في إثارة الفتن وتأييد أهل الفتن والسعي في تمزيق السلفيين الذين هداهم الله لهذا المنهج، فتمزقهم شر ممزق وأنت على هذا المنهج وبهذا الأسلوب من حوالي اثني عشر عامًا، لا تقر لك عين ولا يقر لك قرار إلا بهذه الأعمال الشيطانية مع مقابلة السلفيين لك ولأعمالك هذه باللطف والصبر الجميل، فما يزيدك هذا اللطف وهذا الصبر الجميل إلا تماديا في الفتن والتفريق والتمزيق، ثم تظهر نفسك في صورة المظلوم النزيه، فيصدق عليك المثل "ضربني وبكى وسبقني واشتكى!" و"رمتني بدائها وانسلت" و"تقتل القتيل وتمشي في جنازته باكياً" .
إن أفعالك الشنيعة لتضيق عنها المقالات!
فالله حسيبك في أعمالك وأقوالك الشيطانية.
قال الحلبي: وما أحسنَ ما قالَهُ (بَعضُ النَّاس!) -مِن كلامٍ بَديعٍ أجملَ مِن )الرَّبيع- (مُبَيِّناً - ردَّهُ اللهُ إلى الحقِّ- أحوالَ مَن فارَقُوا هذا المنهجَ الجليل -في كثيرٍ وقليل- وإنِ اختلَفَت أسماؤُهُم! وتبايَنَت أوصافُهُم!!-كاشِفاً عن أصلِهِم الخَبيث -في القديم والحديث-:
...» وهو: أنَّهُم إذا ألصقوا بإنسان قولاً هو بريءٌ منهُ، ويُعلِنُ براءتَهُ منهُ، فإنَّهُم يُصرُّونَ على الاستمرارِ على رَمْيِ ذلك المظلومِ بما ألصَقُوهُ به؛ فهُم بهذا الأصلِ الخبيثِ يَفُوقونَ الخَوارج«.
فاللهمَّ هُداك.. حتَّى نَلْقاك...
ولْنَنْظُرْ -مِن جهةٍ أُخرَى- لِنَعرِفَ أخلاقَ الرَّحمةِ، وآدابَ الأُلْفَةِ، ومسالك المعذرة-: إلى ما رواهُ الإمامُ ابنُ الجَوزيِّ في كتابِهِ «المُنتظَم في تاريخِ المُلوكِ والأُمَم» (7/15) عن الأعمشِ، قال:
«خرجتُ أنا وإبراهيمُ النَّخَعِيُّ ونحنُ نُريدُ الجامِعَ، فلمَّا صِرْنَا في خِلالِ طُرُقاتِ الكُوفةِ، قال لي: يا سُليمان!
قُلتُ: لَبَّيْكَ.
قال: هل لك أنْ تأخذَ في خِلالِ طُرُقاتِ الكُوفةِ [أي: يأخذ كُلٌّ منهُما طريقاً] كي لا نَمُرَّ بسُفهائِها؛ فينظُرونَ إلى أعور، وأعمش! فيَغتابُونَنا، فيأثَمُونَ.
قُلتُ: يا أبا عِمرانَ! وما عليكَ في أن نُؤجَرَ ويأثَمُون؟!
قال: سُبحانَ الله! بل نَسْلَمُ ويَسْلَمُونَ خيرٌ مِن أنْ نُؤجَرَ ويأثَمُون».
هذه هي النفسيَّاتُ الرَّاقيةُ الرائقةُ، الحليمةُ الرَّحيمةُ -جَعَلَنا اللهُ وإيَّاكُم مِثْلَهُم- التي تَسْعَدُ بها الأُمَّةُ، وتُسْعِدُها...
... واللهُ المُستعانُ، ولا حولَ ولا قُوَّةَ إلاّ بالله.
أقول: يا حلبي! هل أنت من أهل النفسيات ذات الرأفة والرحمة!؟ فما أبعدك وأمثالك عن هذه الأخلاق فلا تتشبع بما لم تعط فالمتشبع بما لم يعط كلابس ثوبي زور، وأعتقد أنك من أكثر الناس لباسًا لثوب الزور.
والشرفاء المنصفون الواعون يعرفون حقيقة واقعك فأرح الناس من تلبيساتك ومغالطاتك وتظاهرك مما ليس فيك شيء منه، بل أنت من أبعد الناس عنه.
وأما الكلام البديع الذي أتى به الربيع الذي لا يدرك شأنه أمثالك من أهل البدع والتضليل والتشنيع بقوله
...» وهو: أنَّهُم إذا ألصقوا بإنسان قولاً هو بريءٌ منهُ، ويُعلِنُ براءتَهُ منهُ، فإنَّهُم يُصرُّونَ على الاستمرارِ على رَمْيِ ذلك المظلومِ بما ألصَقُوهُ به؛ فهُم بهذا الأصلِ الخبيثِ يَفُوقونَ الخَوارج«.
فهذا الكلام يصدقك عليك أيها الوضيع ؟!
وعلى عصابتك التي تقبل منك كل باطل شنيع بكل صدر بالبدع والأهواء ضليع .
وفي الجملة أيها القارئ الكريم هذه بعض الوقفات مع هذا المتهافت في العلم والموغل في الضلالات والبدع .
اسأل أن يحفظني وإياكم من الأهواء والأدواء والبدع والفتن ما ظهر منها وما بطن .
وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين .
والحمد لله رب العالمين .
أخوكم المحب
أحمد بن عمر بن سالم بازمول
فجر يوم السبت
الموافق 29 شعبان 1432هـ
إنَّ الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله، وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله.
[يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ]
[يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً]
[يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَن يُطِعْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا ]
ألا وإن أصدق الكلام كلام الله، وخير الهدي هدي محمد، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار .
أما بعد :
فقد وقفت على مقال بعنوان (( كَرِهْتُ أنْ أُثيرَ على أحدٍ مِن النَّاسِ شرًّا)) لأحد أكبر رؤوس مثيري الشغب والفتن ومؤيدي أهل البدع والضلال والمحن في هذا العصر ألا وهو المدعو علي الحلبي الذي بدعه أهل العلم والإيمان بسبب الفتن والقلاقل التي أثارها والبدع والضلالات التي أصلها ودافع عنها ثم يأتي يدعي أنه لا يريد إثارة الفتن وهو متولي إشعال نارها والنافخ لها في هذه الأيام ولا يزال !
فأحببت أن أكشف بعضاً من تلبيساته وتضليلاته التي أتى بها – ولا يزال يأتي بأمثالها من الفلسفيات التي تغرقه في البدع والضلالات – نسأل الله السلامة والعافية من الفتن وأهلها .
قال الحلبي :
"كَرِهْتُ أنْ أُثيرَ على أحدٍ مِن النَّاسِ شرًّا" !!
كلمةٌ قالَها رسولُ الله -صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ- للسيِّدَةِ الصدِّيقَةِ عائشةَ أمّ المُؤمنِين -رضيَ اللهُ عنها- في آخِرِ حِوارِهِ -صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ- معها، بعد حادِثَةِ سِحْرِهِ المشهورةِ -في «الصَّحيحَيْنِ»-؛ وذلك لَـمَّا طَلَبَت منهُ -رضيَ اللهُ عنها- أنْ يُظْهِرَ السِّحْرَ إلى النَّاسِ؛ فرَفَضَ النبيُّ -صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ- طَلَبَهَا؛ مُعَلِّلاً رَفْضَهُ بهذِه الكلمةِ الذهبيَّةِ المنهجيَّةِ الجليلةِ...
أقول:
من العجائب قولك يا حلبي ((كرهت أن أثير على أحد من الناس شرا)) !!
ثم أثرت أخبث الكذب والشرور ! ألا يعد استدلالك بهذا الحديث من السخرية والاستهزاء بحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم ومخالفة جريئة لموقف الرسول صلى الله عليه وسلم فالرسول صلى الله عليه وسلم رفض إثارة الفتن قولا وعملا وأنت بالعكس أثرت شروراً وأقوال الزور .
قال الحلبي :
وعلى الرُّغْمِ مِن تعلُّقِ هذه القضيَّةِ الخَطيرةِ بجَنابِ النُّبُوَّةِ، وما في ذلك مِن تأثيرٍ كبيرٍ على المُجتمعِ والأُمَّةِ: إلاّ أنَّ النبيَّ -صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ- طَوَى أمْرَها، وأغلقَ بابَها..
وما ذلك منهُ -صلواتُ الله وسلامُهُ عليه- إلاّ مِن بابِ تَرْكِ المصلحةِ خَوفَ المَفسدَةِ -كما نَقَلَهُ الحافظُ ابنُ حَجَر في «فتح الباري» عن الإمامِ النَّوَوِيِّ -رحِمَهُما اللهُ-.
هذه الطريقةُ النَّبويَّةُ المُثلَى -في عِلاجِ الأدواءِ، وكَبْتِ الفِتَنِ-: نحنُ أحوجَ ما نكونُ إليها، وأنْ نَجتمِعَ عليها؛ حتَّى تكونَ دَعوتُنا السلفيَّةُ المُباركَةُ -بحقٍّ- دعوةَ سُنَّةٍ وجَماعةٍ:
(سُنَّةٍ): نُوافِقُ بها نَهْجَ نبيِّنا -صلَّى اللهُ عليه وسلَّم-، ودَرْبَهُ؛ عِلماً وعَملاً؛ لا ادِّعاءً وتَزيُّناً..
و(جماعةٍ): تُبْعِدُنا عن الفُرْقَةِ والتَّشَتُّتِ، وتَنْأَى بنا عن التشرذُم والتَّمَحْوُر...
إنَّهُ الحِرْصُ على المَصلحةِ العامَّةِ؛ مُقدَّماً على كُلِّ مصلحةٍ دُونَها...
إنَّهُ المُجانَبَةُ للمَفسَدَةِ؛ دَفعاً لِتَأثيرِها، وآثارِها..
فكيفَ الشَّأنُ -والحالةُ هذه- بأُناسٍ مِن (إخوانِنا) ممَّن حَصَرُوا دَعوتَهُم في الإثارةِ..
والتَّثويرِ...
أقول:
هذه صفاتك يا حلبي وصفات عصابتك فأنت تثور الناس ضد بعضها بعضاً وضد مشائخ السنة الصادقين الثابتين.
قال الحلبي: والجَرْحِ..
أقول: وأنت يا حلبي الذي تجرح أهل الحق بالظلم والبغي والعدوان .
قال الحلبي: والتَّجريحِ..
والإسقاطِ..
والتَّسقيط...
أقول: وأنتم الذين تتآمرون على إسقاط علماء السنة ولا تخجلون من تدوين ذلك.
قال الحلبي: والتربّص...
أقول: وأنتم المتربصون الدوائر بأهل السنة ؟
قال الحلبي: والترصّد....
أقول: وأنتم أصحاب الترصد لأهل السنة بالظلم والبغي والعدوان .
قال الحلبي: والتلصّص...
أقول: وأنتم من شر المتلصصين على الكتب والمواقع .
وعصابتك معروفة بذلك والشواهد كثيرة .
قال الحلبي: والغيبة..
والنميمة..
أقول: وأما الغيبة والنميمة فهي ديدنكم وشيمتكم .
قال الحلبي: والبهتان..
والافتراء...
أقول: وأما البهتان والافتراء فهما حرفتكم .
قال الحلبي: والعناد...
والإباء...
أقول: وأما العناد والمكابرة وإباء الحق فمن أخص خصائصكم وقد أنشأتم لذلك أصولا منها: ( لا يلزمني ) و(لا يقنعني ) فتردون بها الحق الواضح الجلي.
قال الحلبي: كل ذلك بنفسيّات ظالمة مظلمة - نجّانا الله، وإياكم ، وإياهم منها -...
بل لا يَكادُ يكونُ لهُم وُجودٌ وبقاء إلاّ في هذه البيئةِ والأجواء...
ولكنْ؛ لا يمنعُ هذا التأصيلُ المُنضبِطُ -المُسْتَقَى مِن النَّهج النبويِّ -بحالٍ مِن الأحوالِ- أنْ يُقالَ للمُخطِئِ -مِن أهلِ السُّنَّةِ-: مُخطِئ...
وأنْ يُنْصَحَ...
بل أنْ يُحَذَّرَ مِن خطئِهِ..
لكنْ: برحمةٍ، وشَفَقَةٍ، ورِفْقٍ، ولِين..
وبخاصَّةٍ إذا كان دافعُ ذلك وباعِثُهُ الرَّحمةَ والحِرص، وكذا حمايةَ المُجتمعِ وأُلْفَتَهُ..
وبخاصَّةٍ -أيضاً- إذا كان الخِلافُ (المُثارُ) -أو المُرادُ تَثويرُهُ!- في مسائلَ خِلافيَّةٍ، اجتهاديَّةٍ، سُنِّيَّةٍ -وإن ظنَّها الغُلاةُ أصليَّةً قطعيَّةً!- ما قولُ أحدٍ طَرَفَي الخِلافِ فيها بأَوْلَى مِن الآخَر-!!!
أقول: وهل مدح حرية الأديان وأخوة الأديان ومساواة الأديان ومدح الدعوة إلى الديمقراطية وإلى إلزام الأمم بقوانين الأمم المتحدة والشهادة بأنها شارحة الإسلام وتمثل الوسطية من النهج النبوي والتأصيل المنضبط أو من المنهج والتأصيل الماسوني .
قال الحلبي:
وما أضْبَطَ ما قالَهُ أُستاذُنا العلاَّمةُ الشيخُ محمدُ بنُ صالحِ العُثَيمين -رحِمَهُ اللهُ- في كتابِهِ «مِن أحكامِ القُرآنِ الكَريمِ» (2/69) في تفسيرِ قولِ الله -تعالى-:
(كَانَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً فَبَعَثَ اللهُ النَّبِيِّينَ مُبَشِّرِينَ وَمُنذِرِينَ وَأَنزَلَ مَعَهُمُ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِيَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ فِيمَا اخْتَلَفُواْ فِيهِ وَمَا اخْتَلَفَ فِيهِ إِلاَّ الَّذِينَ أُوتُوهُ مِن بَعْدِ مَا جَاءتْهُمُ الْبَيِّنَاتُ بَغْيًا بَيْنَهُمْ فَهَدَى اللهُ الَّذِينَ آمَنُواْ لِمَا اخْتَلَفُواْ فِيهِ مِنَ الْحَقِّ بِإِذْنِهِ واللهُ يَهْدِي مَن يَشَاء إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيم)[البقرة:213]؛ -ذاكِراً بعضَ الفوائدِ المُسْتَنْبَطَةِ مِن الآيةِ الكريمة- ممَّا فيه علاجٌ لبعضِ هذه الظَّواهر المُنحرِفة الأثيمة-:
التَّحذيرُ مِن الاختِلافِ في الحقِّ؛ حيثُ كان بَغْياً وعُدواناً.
وكُلُّ إنسانٍ -لا شَكَّ- يَكْرَهُ البَغْيَ والعُدوانَ؛ فيجبُ الحَذَرُ مِن الاختِلافِ في دِينِ الله، ويَجِبُ الاتِّفاقُ عليه -كما أمرَ اللهُ به في قولِهِ-: {وَاعْتَصِمُواْ بِحَبْلِ الله جَمِيعًا وَلاَ تَفَرَّقُواْ }[آل عمران:103]، وفي قولِهِ -تعالى-: {شَرَعَ لَكُم مِّنَ الدِّينِ مَا وَصَّى بِهِ نُوحًا وَالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ وَمَا وَصَّيْنَا بِهِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ وَلاَ تَتَفَرَّقُوا فِيهِ }[الشورى:13].
وبهذا نَعْرِفُ خطأَ مَن خالَفَ الحقَّ في هذه المسألةِ العظيمةِ، وجَعَلَ اختِلافَ الرَّأيِ -فيما فيه مَساغٌ للاجتِهادِ-: سَبَباً لاختِلافِ القُلوبِ، والتَّفَرُّقِ، حتَّى صارَ يُضَلِّلُ الآخَرِينَ في أمْرٍ لهم فيه سَعَةٌ، فيقولُ عنهُم: إنَّهُم مُبتدِعَةٌ!
ورُبَّما يَتجاوَزُ إلى أكثرَ مِن ذلك، فيقولُ: إنَّهُم كَفَرَةٌ (!) -والعياذُ بالله-، في أمْرٍ يَسُوغُ فيه الاجتهادُ، وليسَ أحدُ المُختلِفَيْنِ بأَوْلَى مِن الآخَرِ بالصَّوابِ إلاّ ما وافَقَ النَّصَّ، وليس عند أحدِهِم وَحْيٌ يجبُ اتِّباعُهُ، بل كُلُّهُم مُجتهِدُونَ.
فالواجبُ: أن تتَّسِعَ الصُّدُورُ لِـمِثْلِ هذا الخِلافِ السَّائغِ، وألاّ تختلِفَ القُلوبُ به، كما كان ذلك شأنَ الصَّحابةِ -رضيَ اللهُ عنهُم-، حيثُ يَختلِفُونَ في الأُمورِ التي يَسُوغُ فيها الاجتهادُ، ولكنَّ قُلوبَهُم واحدةٌ لا تختلِفُ»..
أقول: الشيخ ابن عثيمين – رحمه الله- يقصد اختلافات العلماء المجتهدين الشرفاء الذين يصدق عليهم الحديث النبوي الحكيم " إِذَا حَكَمَ الْحَاكِمُ فَاجْتَهَدَ ثُمَّ أَصَابَ فَلَهُ أَجْرَانِ، وَإِذَا حَكَمَ فَاجْتَهَدَ ثُمَّ أَخْطَأَ فَلَهُ أَجْرٌ ". ولا يقصد خلافات أهل الأهواء والكذب والفجور .
فتنزيلك لتفسير الشيخ ابن عثيمين – رحمه الله- على مخالفتك ومخالفات عدنان عرعور وأبي الحسن المأربي من الكذب والمغالطات فمخالفاتكم من أخطر مخالفات أهل الضلال والبدع إذ فيها أصول مضادة لأصول السلف الصالح .
وفيها دفاع عن أهل وحدة الأديان وحرية الأديان وأخوة الأديان ومساواة الأديان بل دفاع عن أهل وحدة الوجود والطعن في الصحابة وفي مخالفتكم بغي وظلم وجهالات وعناد ومكابرات لا نظير لكم فيها.
يا حلبي لا يوجد لك نظير في إثارة الفتن وتأييد أهل الفتن والسعي في تمزيق السلفيين الذين هداهم الله لهذا المنهج، فتمزقهم شر ممزق وأنت على هذا المنهج وبهذا الأسلوب من حوالي اثني عشر عامًا، لا تقر لك عين ولا يقر لك قرار إلا بهذه الأعمال الشيطانية مع مقابلة السلفيين لك ولأعمالك هذه باللطف والصبر الجميل، فما يزيدك هذا اللطف وهذا الصبر الجميل إلا تماديا في الفتن والتفريق والتمزيق، ثم تظهر نفسك في صورة المظلوم النزيه، فيصدق عليك المثل "ضربني وبكى وسبقني واشتكى!" و"رمتني بدائها وانسلت" و"تقتل القتيل وتمشي في جنازته باكياً" .
إن أفعالك الشنيعة لتضيق عنها المقالات!
فالله حسيبك في أعمالك وأقوالك الشيطانية.
قال الحلبي: وما أحسنَ ما قالَهُ (بَعضُ النَّاس!) -مِن كلامٍ بَديعٍ أجملَ مِن )الرَّبيع- (مُبَيِّناً - ردَّهُ اللهُ إلى الحقِّ- أحوالَ مَن فارَقُوا هذا المنهجَ الجليل -في كثيرٍ وقليل- وإنِ اختلَفَت أسماؤُهُم! وتبايَنَت أوصافُهُم!!-كاشِفاً عن أصلِهِم الخَبيث -في القديم والحديث-:
...» وهو: أنَّهُم إذا ألصقوا بإنسان قولاً هو بريءٌ منهُ، ويُعلِنُ براءتَهُ منهُ، فإنَّهُم يُصرُّونَ على الاستمرارِ على رَمْيِ ذلك المظلومِ بما ألصَقُوهُ به؛ فهُم بهذا الأصلِ الخبيثِ يَفُوقونَ الخَوارج«.
فاللهمَّ هُداك.. حتَّى نَلْقاك...
ولْنَنْظُرْ -مِن جهةٍ أُخرَى- لِنَعرِفَ أخلاقَ الرَّحمةِ، وآدابَ الأُلْفَةِ، ومسالك المعذرة-: إلى ما رواهُ الإمامُ ابنُ الجَوزيِّ في كتابِهِ «المُنتظَم في تاريخِ المُلوكِ والأُمَم» (7/15) عن الأعمشِ، قال:
«خرجتُ أنا وإبراهيمُ النَّخَعِيُّ ونحنُ نُريدُ الجامِعَ، فلمَّا صِرْنَا في خِلالِ طُرُقاتِ الكُوفةِ، قال لي: يا سُليمان!
قُلتُ: لَبَّيْكَ.
قال: هل لك أنْ تأخذَ في خِلالِ طُرُقاتِ الكُوفةِ [أي: يأخذ كُلٌّ منهُما طريقاً] كي لا نَمُرَّ بسُفهائِها؛ فينظُرونَ إلى أعور، وأعمش! فيَغتابُونَنا، فيأثَمُونَ.
قُلتُ: يا أبا عِمرانَ! وما عليكَ في أن نُؤجَرَ ويأثَمُون؟!
قال: سُبحانَ الله! بل نَسْلَمُ ويَسْلَمُونَ خيرٌ مِن أنْ نُؤجَرَ ويأثَمُون».
هذه هي النفسيَّاتُ الرَّاقيةُ الرائقةُ، الحليمةُ الرَّحيمةُ -جَعَلَنا اللهُ وإيَّاكُم مِثْلَهُم- التي تَسْعَدُ بها الأُمَّةُ، وتُسْعِدُها...
... واللهُ المُستعانُ، ولا حولَ ولا قُوَّةَ إلاّ بالله.
أقول: يا حلبي! هل أنت من أهل النفسيات ذات الرأفة والرحمة!؟ فما أبعدك وأمثالك عن هذه الأخلاق فلا تتشبع بما لم تعط فالمتشبع بما لم يعط كلابس ثوبي زور، وأعتقد أنك من أكثر الناس لباسًا لثوب الزور.
والشرفاء المنصفون الواعون يعرفون حقيقة واقعك فأرح الناس من تلبيساتك ومغالطاتك وتظاهرك مما ليس فيك شيء منه، بل أنت من أبعد الناس عنه.
وأما الكلام البديع الذي أتى به الربيع الذي لا يدرك شأنه أمثالك من أهل البدع والتضليل والتشنيع بقوله
...» وهو: أنَّهُم إذا ألصقوا بإنسان قولاً هو بريءٌ منهُ، ويُعلِنُ براءتَهُ منهُ، فإنَّهُم يُصرُّونَ على الاستمرارِ على رَمْيِ ذلك المظلومِ بما ألصَقُوهُ به؛ فهُم بهذا الأصلِ الخبيثِ يَفُوقونَ الخَوارج«.
فهذا الكلام يصدقك عليك أيها الوضيع ؟!
وعلى عصابتك التي تقبل منك كل باطل شنيع بكل صدر بالبدع والأهواء ضليع .
وفي الجملة أيها القارئ الكريم هذه بعض الوقفات مع هذا المتهافت في العلم والموغل في الضلالات والبدع .
اسأل أن يحفظني وإياكم من الأهواء والأدواء والبدع والفتن ما ظهر منها وما بطن .
وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين .
والحمد لله رب العالمين .
أخوكم المحب
أحمد بن عمر بن سالم بازمول
فجر يوم السبت
الموافق 29 شعبان 1432هـ