الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه
أما بعد :
قال الحافظ ابن حجر في ترجمة إبراهيم بن عبد الملك من تهذيب التهذيب (1/91) :
" وقال صاحب الميزان ضعفه الساجي بلا مستند كذا
قال – أي الحافظ - : وأي مستند أقوى من ابن معين ؟"
أقول : الساجي والعقيلي وغيرهم ممن صنف في الضعفاء يبني تضعيفه للراوي على أحد أمرين أو كلاهما جميعاً وهما:اجتهاده , وأقوال الأئمة
واليوم إذا قلنا : أي مستندٍ أقوى من قول الشيخ ربيع المدخلي حامل راية الجرح والتعديل قُبل قَولُنا , إذا قُبل قول الحافظ وذلك من جوه :
أولها : أن الشيخَ ما جرح أحداً إلا وقدم البينة على جرحه فيكون جرحه مفسراً والقاعدة أن الجرح المفسر ( من معتبر ) مقدمٌ على التعديل المجمل
والمخالفون يرمون أهل السنة بالتقليد وهم أولى به فالآخذ بالتعديل المجمل مع وجود الجرح المفسر أولى بوسم التقليد من الآخذ بالجرح المفسر ، وجرح يحيى الذي جوز الحافظ أن يكون مستنداً للساجي كان مجملاً ولكنه لم يعارضه ما هو أقوى منه ، والجرح المفسر أقوى من الجرح المجمل بجميع أحواله .
الثاني : أن الشيخ ما جرح أحداً إلا وتابعه طائفةٌ من أهل العلم ، حتى أنه لما بدع الحلبي وافقه جمعٌ من العلماء
الثالث : أن الشيخ مشهودٌ له بالمعرفة في الجرح والتعديل من أئمة العلماء في هذا العصر
قال الإمام عبدالعزيز بن باز - رحمه الله - عن الشيخ ربيع –حفظه الله -:
إنه إمام في السنة .
{ انظر كتاب النقولات السلفية في الرد على الطائفة الحدادية ص 51للشيخ عبدالله الأحمري بتقديم
1-الشيخ العلامة أحمد بن يحيى النجمي - رحمهالله-
2-والشيخ العلامة صالح الفوزان –حفظه الله -
3-والشيخ حافظثناء الله الزاهدي –حفظه الله -}
فكل هؤلاء اطلعوا على مقالة الإمام عبدالعزيزبن باز - رحمه الله - فما كان منهم إلا التقديم لهذا الكتاب النافع , فالشيخ ربيع –حفظه الله -إمام في السنة وإمام في الجرح والتعديل.
وقال الشيخ الألباني في شريط (الموازنات بدعة العصر للألباني) بعد كلامٍ له في هذه البدعة العصرية :
"وباختصار أقول: إن حامل راية الجرح والتعديل اليوم في العصر الحاضر وبحق هو أخونا الدكتور ربيع، والذين يردون عليه لا يردون عليه بعلم أبداً، والعلم معه، وإن كنت أقول دائماً وقلت هذا الكلام له هاتفياً أكثر من مرة أنه لو يتلطف في أسلوبه يكون أنفع للجمهور من الناس سواء كانوا معه أو عليه، أما من حيث العلم فليس هناك مجال لنقد الرجل إطلاقاً، إلا ما أشرت إليه آنفاً من شيء من الشدة في الأسلوب، أما أنه لا يوازن فهذا كلام هزيل جداً لا يقوله إلا أحد رجلين: إما رجل جاهل فينبغي أن يتعلم، وإلا رجل مغرض، وهذا لا سبيل لنا عليه إلا أن ندعو الله له أن يهديه سواء الصراط" انتهى
أقول : وكلام الشيخ الألباني نصٌ في أنه أعرف بأحوال المعاصرين ، وهذا يوازي قولهم ( فلان أعرف بحديث البصريين أو الدمشقيين ) فيكون كلامه فيهم مقدماً على كلام غيره ، وقول الشيخ مقبل الوادعي في الشيخ ربيع :" آية في معرفة الحزبيين " يفيد هذا المعنى.
وقال الشيخ ابن عثيمين في شريط " إتحاف الكرام" وهو شريط سجّل في عنيزة بعد محاضرة الشيخ ربيع فيها بعنوان "الاعتصام بالكتاب والسنّة"،:
((إننا نحمد الله سبحانه وتعالى أن يسر لأخينا الدكتور ربيع بن هادي المدخلي أن يزور هذه المنطقة حتى يعلم من يخفى عليه بعض الأمور أن أخانا وفقنا الله وإياه على جانب السلفية طريــق السلف، ولست أعني بالسلفية أنها حزب قائم يضاد لغيره من المسلمين لكني أريد بالسلفية أنه على طريق السلف في منهجه ولاسيما في تحقيق التوحيد ومنابذة من يضاده، ونحن نعلم جميعاً أن التوحيـد هو أصل البعثة التي بعث الله بها رسله عليهم الصلاة والسلام , زيارة أخينا الشيخ ربيـع بن هادي إلى هذه المنطقة وبالأخص إلى بلدنا عنيزة لاشك أنه سيكون له أثر ويتبين لكثير من الناس ما كان خافياً بواسطة التهويل والترويج وإطلاق العنان للسان وما أكثر الذين يندمون على ما قالوا في العلماء إذا تبين لهم أنهم على صواب)).
ثم قال أحد الحاضرين في الشريط نفسه : هاهنا سؤال حول كتب الشيخ ربيع؟
فأجاب -رحمه الله تعالى-: ((الظاهر أن هذا السؤال لا حاجة إليه، وكما سئل الإمام أحمد عن إسحاق بن راهويه -رحمهم الله جميعاً- فقال: مثلي يسأل عن إسحاق ! بل إسحاق يسأل عني، وأنا تكلمت في أول كلامي عن الذي أعلمه عن الشيخ ربيع -وفقه الله-، ومازال ما ذكرته في نفسي حتى الآن، ومجيئه إلى هنا وكلمته التي بلغني عنها ما بلغني لاشك أنه مما يزيد الإنسان محبة له ودعاء له)).
أقول : فقول الشيخ ( هو يسأل عني ) شهادةٌ بأنه من علماء الجرح والتعديل .
أفهذا أحق أن يتبع قوله أم قول شيخكم ( البحر ) الذي أحسن أحواله أن تقولوا فيه :" اختلف العلماء في تبديعه على قولين " ثم تأتون بأقوال من عدله قبل تغيره ، وعلى هذا لا يجوز الإلزام بتعديله ، إذ لا إجماع على تعديله ! ، واتركوا الطنطنة حول ( الحجة المقنعة ) فهي عندكم كعنقاء المغرب لا وجود لها فقولكم بتعديله معلم وليس بملزم !.
ولم يشهد له أحدٌ بأنه من علماء الجرح والتعديل
وقد حاولت أن أعرف ضابط ( الحجة المقنعة ) بالنظر إلى تطبيقات القوم ، فوجدت أن العامل المشترك بين جميع من جرحهم ( بحرهم ) من المنتسبين للسنة أنهم يتكلمون في شيخهم ويجرحونه فكل من أبي شقرة والدوسري وابن المنان وابن عبد المقصود كذلك
فإن قالوا : الشيخ ربيع متشدد وعلماء الجرح والتعديل فيهم المتشدد والمعتدل والمتساهل .
فالجواب من جوه :
أولها : أن المتشددين والمتساهلين والمعتدلين كلهم داخلون تحت مسمى ( من يقبل قوله في الجرح والتعديل ) فكلهم يخرق الإجماع الملزم عندكم !
ثانيها : أن تقسيم العلماء إلى متشددين ومعتدلين ومتساهلين لا يفهم بمعزل عن قاعدة ( الجرح المفسر من معتبر مقدمٌ على التعديل المجمل ) ، وأنتم تعطلون هذه القاعدة ، وتعملون غيرها بهواكم
فإذا أردتم إسقاط جرح أهل العلم في بعض معدليكم جعلتموه من باب كلام الأقران الذي يطوى ولا يروى !
وإذا تكلم أحدهم في شيخكم -لم -تجعلوا ذلك من باب كلام الأقران الذي يطوى ولا يروى بل تنحازون لشيخكم انحيازاً كاملاً وتشرعون بالطعن في المتكلم بشيخكم بأفجر أنواع الطعون حتى وصل الأمر عند بعض أعيانكم إلى الطعن في الأنساب والتجسس وتتبع عورات الناس .
ثالثها : إن قلنا ما الدليل على تشدده فإنه ما جرح أحداً إلا وأقام بينةً وتابعه جماعة من أهل العلم والذين أثنوا عليه وشهدوا له بالمعرفة في هذا العلم لم يتهموه بالتشدد
واتهام شيخكم بالتساهل أولى من اتهامه بالتشدد ، فقد عدل الكثير من المجروحين والمخالفون له أكثر عدداً وعدةً ممن خالفوا الشيخ ربيعاً في جرح من جرحهم ( وهذا مشروحٌ في جناية أصحاب المذهب الجديد على قواعد الجرح والتعديل )
فإذا قلنا مقابلةً لكم أن شيخكم متساهل ولهذا لا يجوز لأحد أن يأخذ بتعديله لم يمكنكم الرد على ذلك ( وإن كان شيخكم عندنا مبتدعاً لا يصلح للجرح والتعديل )
فإن قلتم : أنه عدل أقواماً ثم جرحهم
قلنا: قولكم هذا من جنس قول السقاف بأن الألباني متناقض لأنه كان يصحح بعض الأحاديث ثم يضعفها ، ويضعف بعض الأحاديث ثم يصححها وما هذه إلا منقبة للشيخ الألباني إذ أنه كان رجاعاً للحق .
ومن المعلوم أن القلوب بين إصبعين من أصابع الرحمن ، والولي من أولياء الله يجوز أن يكون من أفجر خلق الله بين ليلةٍ وضحاها.
وقد وقع هذا – أعني تغير القول في الجرح والتعديل - لعدد من أهل العلم
قال المزي في تهذيب الكمال (4/465) :"وَقَال محمد بن عبد الله بن عبد الحكم : سمعت الشافعي يقول : قال سفيان الثوري س لشعبة : لئن تكلمت في جابر الجعفي ، لأتكلمن فيك !"
أقول : هذا إن صح فإن الشافعي لم يدرك الثوري محمولٌ على ما كان قبل إظهار الجعفي لاعتقاد الرجعة ، وهذا إلزامٌ بالتعديل خلافاً لقواعد القوم فتأمل !
قال العقيلي (1/191) :" حدثنا بشر قال حدثنا الحميدي قال حدثنا سفيان قال الناس يحملون عن جابر قبل أن يظهر ما أظهر فلما أظهر ما أظهر اتهمه الناس في حديثه وتركه بعض الناس فقيل له وما أظهر قال الإيمان بالرجعة "
فتأمل كيف عدلوه ورووا عنه قبل أن يظهر ما أظهر ، فلما أظهر الإيمان بالرجعة تركوه ، ولم يثلبهم أحدٌ بذلك .
وقال العقيلي (1/190) :" حدثنا حبان بن إسحاق المروزي قال حدثنا إسحاق بن ناجويه الترمذي قال حدثنا يحيى بن يعلى قال سمعت زائدة يقول جابر الجعفي رافضي يشتم أصحاب النبي عليهم السلام وأمرنا زائدة أن نترك حديثه"
قلت: فتأمل قوله ( وأمرنا أن نترك حديثه ) وما فيه من الإلزام بالجرح
ولزائدة غير هذا في الإلزام بالجرح والهجر
قال العقيلي في الضعفاء (1/ 232 ) :" حدثنا محمد بن عيسى قال حدثنا إبراهيم بن سعيد قال حدثنا خلف بن تميم قال كان زائدة يستتيب من أتى حسن بن صالح "
أقول : وهذا عين الإلزام بالجرح الذي يزعم بعضهم أنه بدعة !
وقال العقيلي في ترجمة عبد الغفار بن القاسم أبي مريم (1/99) :" حدثني الخضر بن داود قال حدثنا أحمد بن محمد بن هانئ قال :
قال أبو عبد الله روى أبو مريم حديث عدي بن ثابت عن البراء عن خالد فجاء بقصة طويلة ذكر فيها أخذ المال ما أحسن ما جاء به فقلت له عبد الغفار فقال لي نعم قلت له وترى الرواية عنه فضحك قال إنما ذكرت أنه رواه فحسنه قلت فإن شعبة قد روى عنه قال شعبة عرفه قديما كان يقول إنما كان ما نزل به بعد
قال أبو عبد الله ذكر أبو عبيدة في تصنيفه عن أبي مريم فكانوا يضجون إذا قال أبو مريم وتبسم أبو عبد الله قلت لأبي عبد الله أبو مريم من أين جاء ضعفه من قبل رأيه أو من قبل حديثه قال من قبل رأيه ثم قال وقد حدث ببلايا في عثمان أحاديث سوء "
قلت : فهذا الرجل منكر الحديث ويقع في عثمان ، وروى عنه شعبة ، فبين الإمام أحمد أن رواية شعبة عنه كانت قبل انحرافه ، ومفهوم ذلك أن شعبة لو أدرك انحرافه لما روى عنه .
وهذا الإمام الألباني قد أثنى على حبيب الرحمن الأعظمي ، ثم جرحه لما تبين له حاله :
قال الألباني في مقدمة " صحيح الترغيب والترهيب " ط المكتب الإسلامي ص (63) : " واعلم أن مما شجعني على نشرهما العالم الشهير الجليل الشيخ حبيب الرحمن الأعظمي . . . "
وهذا قبل أن يتبين حاله
فلما تبين عداؤه للسنة قال الشيخ الألباني في آداب الزفاف ص (
: " واستعان الأنصاري بآخر رسالته بأحد أعداء السنة وأهل
الحديث ودعاة التوحيد المشهورين بذلك ألا وهو الشيخ حبيب الرحمن
الأعظمي لجبنه وفقدانه الشجاعة العلمية والأدبية "اه
وهذا أمثلته في المعاصرين كثيرة غير أني حرصت على ذكر الشيخ الألباني لكثرة تمسحهم به .
ثم إن شيخهم نفسه واقعٌ في ذلك ، بل وفي صورة لا يمكن تبريرها فتجده يجرح الحويني ثم يعدله والحويني على حاله !
فإن قالوا : الشيخ الألباني وصفه بالشدة !– يعني الشيخ ربيعاً -
قلنا : قد تراجع الألباني عن كلمته هذه
[ وانظر هنا ]
وحتى إن لم يتراجع فالشيخ كان يتكلم عن الشدة في الألفاظ لا الشدة في الأحكام
فعامة الذين جرحهم الشيخ ربيع في حياة الشيخ الألباني ( وهم سيد ابن قطب وأتباعه ومحمود الحداد وشيعته وعبد الرحمن بن عبد الخالق وغيرهم) أنتم توافقون على جرحهم فأين التشدد إذن ؟!
والشيخ ليس منفرداً بجرحهم ، ولو انفرد لم يضره ذلك لأنه قدم البينة على جرحه وإذا لم يكن ( حامل الجرح والتعديل ) من يحدد ضابط الحجة العلمية المقنعة فما ذا الذي يكون كذلك ؟!
وهذا [ بحركم ] يقول في التنبيهات المتوائمة ص172 :" وردودالأستاذ الشيخ ربيع بن هادي - حفظه المولى - على الحزبيين والمبتدعين من سروريين ،وقطبيين ، وحداديين ومميعين رائعةذائعة"
قال ابن عدي في الكامل (5/311) :"وإذا قال مثل ابن معين لا أعرفه فهو مجهول غير معروف وإذا عرفه غيره لا يعتمد على معرفة غيره لأن الرجال بابن معين تسبر أحوالهم"
قلت : كلام ابن عدي هذا عند أصحاب المذهب الجديد غلو وتقليد ! ولكنه إنما صدر عن تحقيق لا عن ادعاء عصمة ، ونحن نقول ( بالمدخلي تسبر أحوال الرجال )
وقال المزي في ترجمة سويد بن سعيد (12/ 251) :" وَقَال أبو داود : سمعت يحيى بن مَعِين يقول : سويد مات منذ حين
وسمعت يحيى قال : هو حلال الدم "
أقول : فتأمل هذه الشدة من هذا الإمام ، فإنه أفتى بأن سويد بن سعيد حلال الدم لأنه كبر فعمي فصار يلقن فيتلقن فأغضب ذلك ابن معين منه ، وقال فيه قولته هذه ، ولم يحط ذلك من شأن ابن معين عند الناس ، بل زاده عندهم إلا رفعة ، لأنه ما قال ذلك إلا حميةً على السنة .
وأين الموازنة في التقييم عند الإمام ابن معين وقد أهدر دم رجلٍ كان من ثقات المحدثين بتحديثه ببعض المناكير بعد أن كبر ولقن ؟!
وهنا وقفة أخيرة مع نص للذهبي أورده بعضهم وفهمه فهماً أساء به للإمام الذهبي بخاصة ولأهل السنة بعامة وما أراد بذلك إلا التنصل من الالتزام بجرح من جرحهم العلماء جرحاً مفسراً
قال الذهبي في سير أعلام النبلاء (14/345) في ترجمة الحلاج :" فتدبر يا عبد الله نحلة الحلاج الذي هو من رؤوس القرامطة، ودعاة الزندقة، وأنصف وتورع واتق ذلك، وحاسب نفسك، فإن تبرهن لك أن شمائل هذا المرء شمائل عدو للإسلام، محب للرئاسة، حريص على الظهور بباطل وبحق، فتبرأ من نحلته، وإن تبرهن لك والعياذ بالله، أنه كان والحالة هذه محقا هاديا مهديا ، فجدد إسلامك واستغث بربك أن يوفقك للحق، وأن يثبت قلبك على دينه، فإنما الهدى نور يقذفه الله في قلب عبده المسلم، ولا قوة إلا بالله، وإن شككت ولم تعرف حقيقته، وتبرأت مما رمي به، وأرحت نفسك، ولم يسألك الله عنه أصلا"
فزعم هذا الناقل أن الذهبي يخاطب بهذا النص العلماء ، وأنه يقول لهم :" لن يسألكم عن الحلاج "، ويبرر بذلك قوله لبعض من وصفهم بالعوام :" لن تسأل في قبرك عن تبديع فلان وفلان "
والواقع أن هناك فرقاً بيناً بين كلام الذهبي وكلام المعترض
وهو أن الذهبي قسم الناس إلى ثلاثة أقسام
الأول : من تبين له ضلال الحلاج فهذا أوجب له التبرؤ منه ، ولم يقل له ( لن يسألك الله يوم القيامة عن الحلاج )
الثاني : من أثنى على الحلاج وحسن حاله ، فهذا طالبه بالتوبة وتجديد الإسلام ولم يقل له ( لن يسألك الله يوم القيامة عن الحلاج )
الثالث : من لم يتحقق من ثبوت هذه الأمور عن الحلاج ، فأوجب الذهبي عليه التبرؤ من الأقوال ، والتوقف في حال الحلاج
فهذا التفصيل لم يرد في قول المعترض فقد يكون هذا الذي قال له :" لن تسأل عنه في قبرك أو يوم القيامة " قد تبين له ضلاله فكيف يجوز له عدم التبرؤ منه؟
وهذا القسم الثالث إذا رد أخبار الثقات لم يكن والحال هذه معذوراً فإن قبول أخبار الثقات واجبٌ
قال الله تعالى :" يَأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَأٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ "
قال ابن العربي في أحكام القرآن (3/ 224) :" قال الله عز وجل { إن جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا } وذلك عموم في إيجاب التثبت في سائر أخبار الفساق والشهادة خبر فوجب التثبت فيها إذا كان الشاهد فاسقا فلما نص الله على التثبت في خبر الفاسق وأوجب علينا قبول شهادة العدول المرضيين "
ولا يقال أن الله لن يسألك عما أوجب عليك !
ثم إنه هل يوجد عالمٌ يخفى عليه حال الحلاج ؟
الجواب : هذا مستحيل ، ومدعي ذلك شاهدٌ على نفسه بالجهل ، والواجب قبول جرح أهل العلم فيه
قال الإمام البخاري في خلق أفعال العباد ص 6:" نظرت في كلام اليهود والنصارى والمجوس فما رأيت أضل في كفرهم منهم ، وإني لأستجهل من لا يكفرهم إلا من لا يعرف كفرهم "
قلت : وكفر الحلاج أظهر من كفر الجهمية
وقال شيخ الإسلام في الصارم المسلول ص590 :" أما من اقترن بسبه دعوى أن عليا إله أو أنه كان هو النبي و إنما غلط جبرئيل في الرسالة فهذا لا شك في كفره بل لا شك في كفر من توقف في تكفيره"
أقول : وقوله ( لا شك في كفر من توقف في تكفيره ) ، يشمل كل من كان كفره ظاهراً واستبان لهذا المتوقف كفره سواءً كان هذا المتوقف معدوداً في العلماء أو في طلبة العلم أو في العوام
فإن العامي إذا توقف في تكفير من يقول أن الله ثالث ثلاثة كان بذلك واقعاً بالكفر !
فكيف إذا توقف في كفر من يقول ( أنا الله ) أو (حل الله في ) كالحلاج وأمثاله تعالى الله عما يقولون علواً كبيراً ؟
وكيف نقول له : لن يسألك الله عن وقوعك في الكفر ؟!
وقال شيخ الإسلام كما في مجموع الفتاوى (2/132 ) :" ويجب عقوبة كل من انتسب إليهم أو ذب عنهم أو أثنى عليهم أو عظم كتبهم أو عرف بمساعدتهم ومعاونتهم أو كره الكلام فيهم أو أخذ يعتذر لهم بأن هذا الكلام لا يدرى ما هو أو من قال انه صنف هذا الكتاب وأمثال هذه المعاذير التي لا يقولها إلا جاهل أو منافق بل تجب عقوبة كل من عرف حالهم ولم يعاون على القيام عليهم فإن القيام على هؤلاء من أعظم الواجبات لأنهم أفسدوا العقول والأديان على خلق من المشايخ والعلماء والملوك والأمراء وهم يسعون في الأرض فسادا ويصدون عن سبيل الله "
أقول : فتأمل كيف أوجب شيخ الإسلام عقوبة كل من ذب عنهم أو توقف فيهم ولم يعاون على عقوبتهم ، أو اعتذر لهم بأن هذا الكلام لا يثبت عنهم ولا يدرى من قائله ، وهذا النص من شيخ الإسلام يخالف ما فهمه المعترض من نص الذهبي
ومعلومٌ عند عامة طلبة العلم أن من نواقض الإسلام :" من لم يكفر المشركين أو شك في كفرهم أو صحح مذهبهم "
وجاء في شرح الشيخ صالح الفوزان على نواقض الإسلام ص96 أنه سئل السؤال التالي " يوجد في القنوات الفضائية من يقول إن اليهود والنصارى إخواننا في الإيمان ، فما حكم هؤلاء ؟ هل يكفرون ؟
الجواب : من قال إن اليهود والنصارى إخواننا فإنهم يكفرون بذلك ، إلا إذا كان القائل ( جاهلاً ) فإنه يبين له فإن أصر فإنه يحكم بكفره ، وأما إذا تاب , تاب الله عليه .
سؤال : ما الضابط في تكفير المعين ؟ ومنهم من يقول : لا تكفروا الشخص إذا كان يهودياً بعينه حتى يتحقق لنا ما يكفره .
الجواب : من أظهر الكفر فإنه يحكم عليه بالكفر ، ومن أشرك يحكم عليه بأنه مشرك ، ولكن لا تجزم له بالنار ، فأنت تحكم عليه بالكفر في الدنيا بموجب ما صدر منه ، وأما في الآخرة فأنت لا تحكم عليه بأنه من أهل النار ، فقد يكون قد تاب وأنت لا تدري ، فالسائل قد خلط بين الأمرين : مسألة التكفير ومسألة الحكم بالنار على معين "
قلت : تأمل كلام الشيخ الفوزان في أن الجاهل ( يبين له ) ولم يقل يترك على حاله ويقال له ( إن الله لن يسألك عن تكفير من هو من أكفر من اليهود والنصارى ) !
وهذه من مسائل الأسماء والأحكام التي يخاطب بها كل مسلم خلافاً لمن قال :" لا يخاطب العوام بمسائل الأسماء والأحكام "
وكلام الشيخ صالح الفوزان يدل على أنه يعذر مثل هذا بــ( الجهل ) ، والعذر بالجهل لا يعني عدم الإنكار فتنبه !
ثم إن المعترض هو أول من يخالف الذهبي ، فإنه زعم أن قوله ( لن تسأل في قبرك عن تبديع فلان ) إنما خاطب به العوام وأن هذا أمرٌ مختص بالعلماء ومفهوم كلامه أن العلماء يسألون عن ذلك يوم القيامة ، ثم هو يزعم أن الذهبي خاطب طائفةً من العلماء بأن الله لن يسألهم عن الحلاج ( والحلاج أكفر من فرعون )
ولو قصد الذهبي هذا لكان باطلاً ، ويكون من جنس ما وقع منه من هنات مثل إجازته شد الرحال إلى القبور ( انظر سير أعلام النبلاء [9/344])، ودعاء الله عندها وكلٌ يؤخذ من قوله ويرد !
ويا ليت شعري ماذا يريد منا دكتور العقيدة ؟
هل يريد إجازة الدراسة عند من لا يكفر الحلاج وابن عربي وابن الفارض ؟!
والخلاصة أن الذهبي لم يقل :" إذا صح عندك أن الحلاج قال هذا الكفر وكفره العلماء ولم تكفره فلن يسألك الله عنه ! "
فلا يقاس عليه قول من يقول :" إذا صح عند أن فلاناً قال بهذه البدع وبدعه العلماء فلم تبدعه فلن يسألك الله عنه ! "
وهل يجرؤ الأستاذ المعترض أن يقول للـــ(عامي ) الذي سأله :" إن الله لن يسألك عن تكفير ابن عربي وابن الفارض" وهذا العامي يعرف وحدة الوجود وأنها كفر وما قاله العلماء في الرجلين ؟
فإن قال : لا ، نقض على نفسه بنفسه
وإن قال : نعم ، أبان عن سوء مذهبه بما يغني عن الإطالة في رده
كتبه الاخ الفاضل عبد الله الخليفي
هذا وصل اللهم على محمد وعلى آله وصحبه وسلم
من هنا بي دي إف
أما بعد :
قال الحافظ ابن حجر في ترجمة إبراهيم بن عبد الملك من تهذيب التهذيب (1/91) :
" وقال صاحب الميزان ضعفه الساجي بلا مستند كذا
قال – أي الحافظ - : وأي مستند أقوى من ابن معين ؟"
أقول : الساجي والعقيلي وغيرهم ممن صنف في الضعفاء يبني تضعيفه للراوي على أحد أمرين أو كلاهما جميعاً وهما:اجتهاده , وأقوال الأئمة
واليوم إذا قلنا : أي مستندٍ أقوى من قول الشيخ ربيع المدخلي حامل راية الجرح والتعديل قُبل قَولُنا , إذا قُبل قول الحافظ وذلك من جوه :
أولها : أن الشيخَ ما جرح أحداً إلا وقدم البينة على جرحه فيكون جرحه مفسراً والقاعدة أن الجرح المفسر ( من معتبر ) مقدمٌ على التعديل المجمل
والمخالفون يرمون أهل السنة بالتقليد وهم أولى به فالآخذ بالتعديل المجمل مع وجود الجرح المفسر أولى بوسم التقليد من الآخذ بالجرح المفسر ، وجرح يحيى الذي جوز الحافظ أن يكون مستنداً للساجي كان مجملاً ولكنه لم يعارضه ما هو أقوى منه ، والجرح المفسر أقوى من الجرح المجمل بجميع أحواله .
الثاني : أن الشيخ ما جرح أحداً إلا وتابعه طائفةٌ من أهل العلم ، حتى أنه لما بدع الحلبي وافقه جمعٌ من العلماء
الثالث : أن الشيخ مشهودٌ له بالمعرفة في الجرح والتعديل من أئمة العلماء في هذا العصر
قال الإمام عبدالعزيز بن باز - رحمه الله - عن الشيخ ربيع –حفظه الله -:
إنه إمام في السنة .
{ انظر كتاب النقولات السلفية في الرد على الطائفة الحدادية ص 51للشيخ عبدالله الأحمري بتقديم
1-الشيخ العلامة أحمد بن يحيى النجمي - رحمهالله-
2-والشيخ العلامة صالح الفوزان –حفظه الله -
3-والشيخ حافظثناء الله الزاهدي –حفظه الله -}
فكل هؤلاء اطلعوا على مقالة الإمام عبدالعزيزبن باز - رحمه الله - فما كان منهم إلا التقديم لهذا الكتاب النافع , فالشيخ ربيع –حفظه الله -إمام في السنة وإمام في الجرح والتعديل.
وقال الشيخ الألباني في شريط (الموازنات بدعة العصر للألباني) بعد كلامٍ له في هذه البدعة العصرية :
"وباختصار أقول: إن حامل راية الجرح والتعديل اليوم في العصر الحاضر وبحق هو أخونا الدكتور ربيع، والذين يردون عليه لا يردون عليه بعلم أبداً، والعلم معه، وإن كنت أقول دائماً وقلت هذا الكلام له هاتفياً أكثر من مرة أنه لو يتلطف في أسلوبه يكون أنفع للجمهور من الناس سواء كانوا معه أو عليه، أما من حيث العلم فليس هناك مجال لنقد الرجل إطلاقاً، إلا ما أشرت إليه آنفاً من شيء من الشدة في الأسلوب، أما أنه لا يوازن فهذا كلام هزيل جداً لا يقوله إلا أحد رجلين: إما رجل جاهل فينبغي أن يتعلم، وإلا رجل مغرض، وهذا لا سبيل لنا عليه إلا أن ندعو الله له أن يهديه سواء الصراط" انتهى
أقول : وكلام الشيخ الألباني نصٌ في أنه أعرف بأحوال المعاصرين ، وهذا يوازي قولهم ( فلان أعرف بحديث البصريين أو الدمشقيين ) فيكون كلامه فيهم مقدماً على كلام غيره ، وقول الشيخ مقبل الوادعي في الشيخ ربيع :" آية في معرفة الحزبيين " يفيد هذا المعنى.
وقال الشيخ ابن عثيمين في شريط " إتحاف الكرام" وهو شريط سجّل في عنيزة بعد محاضرة الشيخ ربيع فيها بعنوان "الاعتصام بالكتاب والسنّة"،:
((إننا نحمد الله سبحانه وتعالى أن يسر لأخينا الدكتور ربيع بن هادي المدخلي أن يزور هذه المنطقة حتى يعلم من يخفى عليه بعض الأمور أن أخانا وفقنا الله وإياه على جانب السلفية طريــق السلف، ولست أعني بالسلفية أنها حزب قائم يضاد لغيره من المسلمين لكني أريد بالسلفية أنه على طريق السلف في منهجه ولاسيما في تحقيق التوحيد ومنابذة من يضاده، ونحن نعلم جميعاً أن التوحيـد هو أصل البعثة التي بعث الله بها رسله عليهم الصلاة والسلام , زيارة أخينا الشيخ ربيـع بن هادي إلى هذه المنطقة وبالأخص إلى بلدنا عنيزة لاشك أنه سيكون له أثر ويتبين لكثير من الناس ما كان خافياً بواسطة التهويل والترويج وإطلاق العنان للسان وما أكثر الذين يندمون على ما قالوا في العلماء إذا تبين لهم أنهم على صواب)).
ثم قال أحد الحاضرين في الشريط نفسه : هاهنا سؤال حول كتب الشيخ ربيع؟
فأجاب -رحمه الله تعالى-: ((الظاهر أن هذا السؤال لا حاجة إليه، وكما سئل الإمام أحمد عن إسحاق بن راهويه -رحمهم الله جميعاً- فقال: مثلي يسأل عن إسحاق ! بل إسحاق يسأل عني، وأنا تكلمت في أول كلامي عن الذي أعلمه عن الشيخ ربيع -وفقه الله-، ومازال ما ذكرته في نفسي حتى الآن، ومجيئه إلى هنا وكلمته التي بلغني عنها ما بلغني لاشك أنه مما يزيد الإنسان محبة له ودعاء له)).
أقول : فقول الشيخ ( هو يسأل عني ) شهادةٌ بأنه من علماء الجرح والتعديل .
أفهذا أحق أن يتبع قوله أم قول شيخكم ( البحر ) الذي أحسن أحواله أن تقولوا فيه :" اختلف العلماء في تبديعه على قولين " ثم تأتون بأقوال من عدله قبل تغيره ، وعلى هذا لا يجوز الإلزام بتعديله ، إذ لا إجماع على تعديله ! ، واتركوا الطنطنة حول ( الحجة المقنعة ) فهي عندكم كعنقاء المغرب لا وجود لها فقولكم بتعديله معلم وليس بملزم !.
ولم يشهد له أحدٌ بأنه من علماء الجرح والتعديل
وقد حاولت أن أعرف ضابط ( الحجة المقنعة ) بالنظر إلى تطبيقات القوم ، فوجدت أن العامل المشترك بين جميع من جرحهم ( بحرهم ) من المنتسبين للسنة أنهم يتكلمون في شيخهم ويجرحونه فكل من أبي شقرة والدوسري وابن المنان وابن عبد المقصود كذلك
فإن قالوا : الشيخ ربيع متشدد وعلماء الجرح والتعديل فيهم المتشدد والمعتدل والمتساهل .
فالجواب من جوه :
أولها : أن المتشددين والمتساهلين والمعتدلين كلهم داخلون تحت مسمى ( من يقبل قوله في الجرح والتعديل ) فكلهم يخرق الإجماع الملزم عندكم !
ثانيها : أن تقسيم العلماء إلى متشددين ومعتدلين ومتساهلين لا يفهم بمعزل عن قاعدة ( الجرح المفسر من معتبر مقدمٌ على التعديل المجمل ) ، وأنتم تعطلون هذه القاعدة ، وتعملون غيرها بهواكم
فإذا أردتم إسقاط جرح أهل العلم في بعض معدليكم جعلتموه من باب كلام الأقران الذي يطوى ولا يروى !
وإذا تكلم أحدهم في شيخكم -لم -تجعلوا ذلك من باب كلام الأقران الذي يطوى ولا يروى بل تنحازون لشيخكم انحيازاً كاملاً وتشرعون بالطعن في المتكلم بشيخكم بأفجر أنواع الطعون حتى وصل الأمر عند بعض أعيانكم إلى الطعن في الأنساب والتجسس وتتبع عورات الناس .
ثالثها : إن قلنا ما الدليل على تشدده فإنه ما جرح أحداً إلا وأقام بينةً وتابعه جماعة من أهل العلم والذين أثنوا عليه وشهدوا له بالمعرفة في هذا العلم لم يتهموه بالتشدد
واتهام شيخكم بالتساهل أولى من اتهامه بالتشدد ، فقد عدل الكثير من المجروحين والمخالفون له أكثر عدداً وعدةً ممن خالفوا الشيخ ربيعاً في جرح من جرحهم ( وهذا مشروحٌ في جناية أصحاب المذهب الجديد على قواعد الجرح والتعديل )
فإذا قلنا مقابلةً لكم أن شيخكم متساهل ولهذا لا يجوز لأحد أن يأخذ بتعديله لم يمكنكم الرد على ذلك ( وإن كان شيخكم عندنا مبتدعاً لا يصلح للجرح والتعديل )
فإن قلتم : أنه عدل أقواماً ثم جرحهم
قلنا: قولكم هذا من جنس قول السقاف بأن الألباني متناقض لأنه كان يصحح بعض الأحاديث ثم يضعفها ، ويضعف بعض الأحاديث ثم يصححها وما هذه إلا منقبة للشيخ الألباني إذ أنه كان رجاعاً للحق .
ومن المعلوم أن القلوب بين إصبعين من أصابع الرحمن ، والولي من أولياء الله يجوز أن يكون من أفجر خلق الله بين ليلةٍ وضحاها.
وقد وقع هذا – أعني تغير القول في الجرح والتعديل - لعدد من أهل العلم
قال المزي في تهذيب الكمال (4/465) :"وَقَال محمد بن عبد الله بن عبد الحكم : سمعت الشافعي يقول : قال سفيان الثوري س لشعبة : لئن تكلمت في جابر الجعفي ، لأتكلمن فيك !"
أقول : هذا إن صح فإن الشافعي لم يدرك الثوري محمولٌ على ما كان قبل إظهار الجعفي لاعتقاد الرجعة ، وهذا إلزامٌ بالتعديل خلافاً لقواعد القوم فتأمل !
قال العقيلي (1/191) :" حدثنا بشر قال حدثنا الحميدي قال حدثنا سفيان قال الناس يحملون عن جابر قبل أن يظهر ما أظهر فلما أظهر ما أظهر اتهمه الناس في حديثه وتركه بعض الناس فقيل له وما أظهر قال الإيمان بالرجعة "
فتأمل كيف عدلوه ورووا عنه قبل أن يظهر ما أظهر ، فلما أظهر الإيمان بالرجعة تركوه ، ولم يثلبهم أحدٌ بذلك .
وقال العقيلي (1/190) :" حدثنا حبان بن إسحاق المروزي قال حدثنا إسحاق بن ناجويه الترمذي قال حدثنا يحيى بن يعلى قال سمعت زائدة يقول جابر الجعفي رافضي يشتم أصحاب النبي عليهم السلام وأمرنا زائدة أن نترك حديثه"
قلت: فتأمل قوله ( وأمرنا أن نترك حديثه ) وما فيه من الإلزام بالجرح
ولزائدة غير هذا في الإلزام بالجرح والهجر
قال العقيلي في الضعفاء (1/ 232 ) :" حدثنا محمد بن عيسى قال حدثنا إبراهيم بن سعيد قال حدثنا خلف بن تميم قال كان زائدة يستتيب من أتى حسن بن صالح "
أقول : وهذا عين الإلزام بالجرح الذي يزعم بعضهم أنه بدعة !
وقال العقيلي في ترجمة عبد الغفار بن القاسم أبي مريم (1/99) :" حدثني الخضر بن داود قال حدثنا أحمد بن محمد بن هانئ قال :
قال أبو عبد الله روى أبو مريم حديث عدي بن ثابت عن البراء عن خالد فجاء بقصة طويلة ذكر فيها أخذ المال ما أحسن ما جاء به فقلت له عبد الغفار فقال لي نعم قلت له وترى الرواية عنه فضحك قال إنما ذكرت أنه رواه فحسنه قلت فإن شعبة قد روى عنه قال شعبة عرفه قديما كان يقول إنما كان ما نزل به بعد
قال أبو عبد الله ذكر أبو عبيدة في تصنيفه عن أبي مريم فكانوا يضجون إذا قال أبو مريم وتبسم أبو عبد الله قلت لأبي عبد الله أبو مريم من أين جاء ضعفه من قبل رأيه أو من قبل حديثه قال من قبل رأيه ثم قال وقد حدث ببلايا في عثمان أحاديث سوء "
قلت : فهذا الرجل منكر الحديث ويقع في عثمان ، وروى عنه شعبة ، فبين الإمام أحمد أن رواية شعبة عنه كانت قبل انحرافه ، ومفهوم ذلك أن شعبة لو أدرك انحرافه لما روى عنه .
وهذا الإمام الألباني قد أثنى على حبيب الرحمن الأعظمي ، ثم جرحه لما تبين له حاله :
قال الألباني في مقدمة " صحيح الترغيب والترهيب " ط المكتب الإسلامي ص (63) : " واعلم أن مما شجعني على نشرهما العالم الشهير الجليل الشيخ حبيب الرحمن الأعظمي . . . "
وهذا قبل أن يتبين حاله
فلما تبين عداؤه للسنة قال الشيخ الألباني في آداب الزفاف ص (
: " واستعان الأنصاري بآخر رسالته بأحد أعداء السنة وأهل
الحديث ودعاة التوحيد المشهورين بذلك ألا وهو الشيخ حبيب الرحمن
الأعظمي لجبنه وفقدانه الشجاعة العلمية والأدبية "اه
وهذا أمثلته في المعاصرين كثيرة غير أني حرصت على ذكر الشيخ الألباني لكثرة تمسحهم به .
ثم إن شيخهم نفسه واقعٌ في ذلك ، بل وفي صورة لا يمكن تبريرها فتجده يجرح الحويني ثم يعدله والحويني على حاله !
فإن قالوا : الشيخ الألباني وصفه بالشدة !– يعني الشيخ ربيعاً -
قلنا : قد تراجع الألباني عن كلمته هذه
[ وانظر هنا ]
وحتى إن لم يتراجع فالشيخ كان يتكلم عن الشدة في الألفاظ لا الشدة في الأحكام
فعامة الذين جرحهم الشيخ ربيع في حياة الشيخ الألباني ( وهم سيد ابن قطب وأتباعه ومحمود الحداد وشيعته وعبد الرحمن بن عبد الخالق وغيرهم) أنتم توافقون على جرحهم فأين التشدد إذن ؟!
والشيخ ليس منفرداً بجرحهم ، ولو انفرد لم يضره ذلك لأنه قدم البينة على جرحه وإذا لم يكن ( حامل الجرح والتعديل ) من يحدد ضابط الحجة العلمية المقنعة فما ذا الذي يكون كذلك ؟!
وهذا [ بحركم ] يقول في التنبيهات المتوائمة ص172 :" وردودالأستاذ الشيخ ربيع بن هادي - حفظه المولى - على الحزبيين والمبتدعين من سروريين ،وقطبيين ، وحداديين ومميعين رائعةذائعة"
قال ابن عدي في الكامل (5/311) :"وإذا قال مثل ابن معين لا أعرفه فهو مجهول غير معروف وإذا عرفه غيره لا يعتمد على معرفة غيره لأن الرجال بابن معين تسبر أحوالهم"
قلت : كلام ابن عدي هذا عند أصحاب المذهب الجديد غلو وتقليد ! ولكنه إنما صدر عن تحقيق لا عن ادعاء عصمة ، ونحن نقول ( بالمدخلي تسبر أحوال الرجال )
وقال المزي في ترجمة سويد بن سعيد (12/ 251) :" وَقَال أبو داود : سمعت يحيى بن مَعِين يقول : سويد مات منذ حين
وسمعت يحيى قال : هو حلال الدم "
أقول : فتأمل هذه الشدة من هذا الإمام ، فإنه أفتى بأن سويد بن سعيد حلال الدم لأنه كبر فعمي فصار يلقن فيتلقن فأغضب ذلك ابن معين منه ، وقال فيه قولته هذه ، ولم يحط ذلك من شأن ابن معين عند الناس ، بل زاده عندهم إلا رفعة ، لأنه ما قال ذلك إلا حميةً على السنة .
وأين الموازنة في التقييم عند الإمام ابن معين وقد أهدر دم رجلٍ كان من ثقات المحدثين بتحديثه ببعض المناكير بعد أن كبر ولقن ؟!
وهنا وقفة أخيرة مع نص للذهبي أورده بعضهم وفهمه فهماً أساء به للإمام الذهبي بخاصة ولأهل السنة بعامة وما أراد بذلك إلا التنصل من الالتزام بجرح من جرحهم العلماء جرحاً مفسراً
قال الذهبي في سير أعلام النبلاء (14/345) في ترجمة الحلاج :" فتدبر يا عبد الله نحلة الحلاج الذي هو من رؤوس القرامطة، ودعاة الزندقة، وأنصف وتورع واتق ذلك، وحاسب نفسك، فإن تبرهن لك أن شمائل هذا المرء شمائل عدو للإسلام، محب للرئاسة، حريص على الظهور بباطل وبحق، فتبرأ من نحلته، وإن تبرهن لك والعياذ بالله، أنه كان والحالة هذه محقا هاديا مهديا ، فجدد إسلامك واستغث بربك أن يوفقك للحق، وأن يثبت قلبك على دينه، فإنما الهدى نور يقذفه الله في قلب عبده المسلم، ولا قوة إلا بالله، وإن شككت ولم تعرف حقيقته، وتبرأت مما رمي به، وأرحت نفسك، ولم يسألك الله عنه أصلا"
فزعم هذا الناقل أن الذهبي يخاطب بهذا النص العلماء ، وأنه يقول لهم :" لن يسألكم عن الحلاج "، ويبرر بذلك قوله لبعض من وصفهم بالعوام :" لن تسأل في قبرك عن تبديع فلان وفلان "
والواقع أن هناك فرقاً بيناً بين كلام الذهبي وكلام المعترض
وهو أن الذهبي قسم الناس إلى ثلاثة أقسام
الأول : من تبين له ضلال الحلاج فهذا أوجب له التبرؤ منه ، ولم يقل له ( لن يسألك الله يوم القيامة عن الحلاج )
الثاني : من أثنى على الحلاج وحسن حاله ، فهذا طالبه بالتوبة وتجديد الإسلام ولم يقل له ( لن يسألك الله يوم القيامة عن الحلاج )
الثالث : من لم يتحقق من ثبوت هذه الأمور عن الحلاج ، فأوجب الذهبي عليه التبرؤ من الأقوال ، والتوقف في حال الحلاج
فهذا التفصيل لم يرد في قول المعترض فقد يكون هذا الذي قال له :" لن تسأل عنه في قبرك أو يوم القيامة " قد تبين له ضلاله فكيف يجوز له عدم التبرؤ منه؟
وهذا القسم الثالث إذا رد أخبار الثقات لم يكن والحال هذه معذوراً فإن قبول أخبار الثقات واجبٌ
قال الله تعالى :" يَأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَأٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ "
قال ابن العربي في أحكام القرآن (3/ 224) :" قال الله عز وجل { إن جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا } وذلك عموم في إيجاب التثبت في سائر أخبار الفساق والشهادة خبر فوجب التثبت فيها إذا كان الشاهد فاسقا فلما نص الله على التثبت في خبر الفاسق وأوجب علينا قبول شهادة العدول المرضيين "
ولا يقال أن الله لن يسألك عما أوجب عليك !
ثم إنه هل يوجد عالمٌ يخفى عليه حال الحلاج ؟
الجواب : هذا مستحيل ، ومدعي ذلك شاهدٌ على نفسه بالجهل ، والواجب قبول جرح أهل العلم فيه
قال الإمام البخاري في خلق أفعال العباد ص 6:" نظرت في كلام اليهود والنصارى والمجوس فما رأيت أضل في كفرهم منهم ، وإني لأستجهل من لا يكفرهم إلا من لا يعرف كفرهم "
قلت : وكفر الحلاج أظهر من كفر الجهمية
وقال شيخ الإسلام في الصارم المسلول ص590 :" أما من اقترن بسبه دعوى أن عليا إله أو أنه كان هو النبي و إنما غلط جبرئيل في الرسالة فهذا لا شك في كفره بل لا شك في كفر من توقف في تكفيره"
أقول : وقوله ( لا شك في كفر من توقف في تكفيره ) ، يشمل كل من كان كفره ظاهراً واستبان لهذا المتوقف كفره سواءً كان هذا المتوقف معدوداً في العلماء أو في طلبة العلم أو في العوام
فإن العامي إذا توقف في تكفير من يقول أن الله ثالث ثلاثة كان بذلك واقعاً بالكفر !
فكيف إذا توقف في كفر من يقول ( أنا الله ) أو (حل الله في ) كالحلاج وأمثاله تعالى الله عما يقولون علواً كبيراً ؟
وكيف نقول له : لن يسألك الله عن وقوعك في الكفر ؟!
وقال شيخ الإسلام كما في مجموع الفتاوى (2/132 ) :" ويجب عقوبة كل من انتسب إليهم أو ذب عنهم أو أثنى عليهم أو عظم كتبهم أو عرف بمساعدتهم ومعاونتهم أو كره الكلام فيهم أو أخذ يعتذر لهم بأن هذا الكلام لا يدرى ما هو أو من قال انه صنف هذا الكتاب وأمثال هذه المعاذير التي لا يقولها إلا جاهل أو منافق بل تجب عقوبة كل من عرف حالهم ولم يعاون على القيام عليهم فإن القيام على هؤلاء من أعظم الواجبات لأنهم أفسدوا العقول والأديان على خلق من المشايخ والعلماء والملوك والأمراء وهم يسعون في الأرض فسادا ويصدون عن سبيل الله "
أقول : فتأمل كيف أوجب شيخ الإسلام عقوبة كل من ذب عنهم أو توقف فيهم ولم يعاون على عقوبتهم ، أو اعتذر لهم بأن هذا الكلام لا يثبت عنهم ولا يدرى من قائله ، وهذا النص من شيخ الإسلام يخالف ما فهمه المعترض من نص الذهبي
ومعلومٌ عند عامة طلبة العلم أن من نواقض الإسلام :" من لم يكفر المشركين أو شك في كفرهم أو صحح مذهبهم "
وجاء في شرح الشيخ صالح الفوزان على نواقض الإسلام ص96 أنه سئل السؤال التالي " يوجد في القنوات الفضائية من يقول إن اليهود والنصارى إخواننا في الإيمان ، فما حكم هؤلاء ؟ هل يكفرون ؟
الجواب : من قال إن اليهود والنصارى إخواننا فإنهم يكفرون بذلك ، إلا إذا كان القائل ( جاهلاً ) فإنه يبين له فإن أصر فإنه يحكم بكفره ، وأما إذا تاب , تاب الله عليه .
سؤال : ما الضابط في تكفير المعين ؟ ومنهم من يقول : لا تكفروا الشخص إذا كان يهودياً بعينه حتى يتحقق لنا ما يكفره .
الجواب : من أظهر الكفر فإنه يحكم عليه بالكفر ، ومن أشرك يحكم عليه بأنه مشرك ، ولكن لا تجزم له بالنار ، فأنت تحكم عليه بالكفر في الدنيا بموجب ما صدر منه ، وأما في الآخرة فأنت لا تحكم عليه بأنه من أهل النار ، فقد يكون قد تاب وأنت لا تدري ، فالسائل قد خلط بين الأمرين : مسألة التكفير ومسألة الحكم بالنار على معين "
قلت : تأمل كلام الشيخ الفوزان في أن الجاهل ( يبين له ) ولم يقل يترك على حاله ويقال له ( إن الله لن يسألك عن تكفير من هو من أكفر من اليهود والنصارى ) !
وهذه من مسائل الأسماء والأحكام التي يخاطب بها كل مسلم خلافاً لمن قال :" لا يخاطب العوام بمسائل الأسماء والأحكام "
وكلام الشيخ صالح الفوزان يدل على أنه يعذر مثل هذا بــ( الجهل ) ، والعذر بالجهل لا يعني عدم الإنكار فتنبه !
ثم إن المعترض هو أول من يخالف الذهبي ، فإنه زعم أن قوله ( لن تسأل في قبرك عن تبديع فلان ) إنما خاطب به العوام وأن هذا أمرٌ مختص بالعلماء ومفهوم كلامه أن العلماء يسألون عن ذلك يوم القيامة ، ثم هو يزعم أن الذهبي خاطب طائفةً من العلماء بأن الله لن يسألهم عن الحلاج ( والحلاج أكفر من فرعون )
ولو قصد الذهبي هذا لكان باطلاً ، ويكون من جنس ما وقع منه من هنات مثل إجازته شد الرحال إلى القبور ( انظر سير أعلام النبلاء [9/344])، ودعاء الله عندها وكلٌ يؤخذ من قوله ويرد !
ويا ليت شعري ماذا يريد منا دكتور العقيدة ؟
هل يريد إجازة الدراسة عند من لا يكفر الحلاج وابن عربي وابن الفارض ؟!
والخلاصة أن الذهبي لم يقل :" إذا صح عندك أن الحلاج قال هذا الكفر وكفره العلماء ولم تكفره فلن يسألك الله عنه ! "
فلا يقاس عليه قول من يقول :" إذا صح عند أن فلاناً قال بهذه البدع وبدعه العلماء فلم تبدعه فلن يسألك الله عنه ! "
وهل يجرؤ الأستاذ المعترض أن يقول للـــ(عامي ) الذي سأله :" إن الله لن يسألك عن تكفير ابن عربي وابن الفارض" وهذا العامي يعرف وحدة الوجود وأنها كفر وما قاله العلماء في الرجلين ؟
فإن قال : لا ، نقض على نفسه بنفسه
وإن قال : نعم ، أبان عن سوء مذهبه بما يغني عن الإطالة في رده
كتبه الاخ الفاضل عبد الله الخليفي
هذا وصل اللهم على محمد وعلى آله وصحبه وسلم
من هنا بي دي إف