تويت
لحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف الخلق أجمعين محمد بن عبد الله وعلى آله وصحبه أجمعين .. أما بعد :
فإن الله تعالى قد تعبدنا بالقرآن والسنة ففيهما التحاكم والرجوع إليهما في النوازل والأمور العامة والخاصة فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ سورة النساء الآية : 59 ، فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ هذا عام وَمَا اخْتَلَفْتُمْ فِيهِ مِنْ شَيْءٍ فَحُكْمُهُ إِلَى اللَّهِ هذا عام أيضا . وقال تعالى : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا ) . سورة النساء الآية: 59 .
قـال الحافظ ابن كثير : (أطيعوا الله ، أي اتبعوا كتابه ، وأطيعوا الرسول أي خـذوا سنته ، وأولي الأمر منكـم أي فيما أمروكم به من طاعة الله لا في معصيـة الله ، فإنه لا طاعة لمخلوق في معصية الله) . وقوله فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ قال مجاهد : أي إلى كتاب الله وسنة رسـوله . وهذا أمر من الله عز وجل بأن كل شيء تنازع الناس فيه من أصول الديـن وفروعه أن يرد التنازع في ذلك إلى الكتاب والسنة كما قال تعـالى : وَمَا اخْتَلَفْتُمْ فِيهِ مِنْ شَيْءٍ فَحُكْمُهُ إِلَى اللَّهِ (الشورى : 10) . فما حكـم به الكتـاب والسنة وشهدا له بالصحة فهو الحق ، فماذا بعد الحق إلا الضلال . ولهذا قال تعـالى : إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ أي ردوا الفصـل في الخصومات والجهالات إلى الكتاب والسنة ومن لا يرجع إليهما في ذلـك فليس مؤمنًا بالله ولا اليوم الآخر . وقوله ذَلِكَ خَيْرٌ أي التحـاكم إلى كـتاب الله وسنة رسوله ، والرجوع إليهما في فصل النـزاع خير وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا أي وأحسن عاقبة ومآلا كما قال السدي وقال مجاهد : (وأحسـن جزاء وهو قريب) . وفي كتاب الله آيات كثـيرة وردت في وجـوب الاعتصام بالكتاب والسنة والرجوع إليهما في كل الأمور . اهـ
وإنه قد ساءني ما كتبه المشرف على موقع ( المسلم ) في الانترنت الدكتور ناصر بن سليمان العمر في موضوع له عن كارثة جدة والذي لم يسلك فيه للأسف المسلك الشرعي في مناصحة ولي الأمر حيث قال :
[ وعندنا في هذه البلاد استقال أو أقيل المسؤول الأول في الرئاسة العامة لرعاية الشباب إثر تكرر هزيمة فريق كرة ! أما في جدة حيث تكررت المأساة وراحت ضحيتها حتى هذه اللحظة أنفس الله أعلم بعددها، وأموال كانت كفيلة بحل كثير من مشكلات الشباب، بل المجتمع، بالإضافة إلى طاقات وجهود، وآمال وأحلام، مع ذلك لم نشعر بوجود أدنى رغبة حتى الآن لأحد من الوزراء أو الأمراء في تقديم استقالتهم، فهل الكرة أغلى من الأرواح والممتلكات، التي هي من الضرورات الخمس التي أجمعت الشرائع على وجوب المحافظة عليها ؟ أو أن جدة غير؟!! وهذا وربي لايؤذن بخير! ]. اهـ
فهذا كلامه – هداه الله – فإن كان زلة وخطأ فالرجوع عن الخطأ فضيلة وخير والحمد لله فإن خير الخطائين التوابون وإن كان معتقدا ً أن ذلك صوابا ً عنده فعندنا كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم نتحاكم إليها في أمورنا كلها ، فالنصيحة الشرعية لولي الأمر بينها صلى الله عليه وسلم حينما قال : ( من أراد أن ينصح لذي سلطان في أمر فلا يبده علانية ولكن ليأخذ بيده فيخلوا به فإن قبل منه فذاك وإلا كان قد أدى الذي عليه ) رواه ابن أبي عاصم في السنة ، والأحاديث والكلام مستفيض في ذلك من كلام السلف والعلماء المعتبرين في ذلك ، يقول ابن رجب الحنبلي رحمه الله في كتابه ( جامع العلوم والحكم ) عن شروط النصح لولي الأمر في شرحه لحديث ( الدين النصيحة ) :
( فالنصيحة لولي الأمر يشترط لكونها شرعية أن تكون سرّاً بمعنى أنه لا يعلم بها من جهة الناصح إلا هو، وأن لا يتحدث بها؛ بأنه نصح وعمل وكذا؛ لأنه ربما أفسد المراد من النصيحة بذكره وصَعُبَ قبول النصيحة بعد اشتهار أنَّ ولي الأمر نُصح وأشباه ذلك.
وعلى هذا جاء الحديث المعروف، الذي صححه بعض أهل العلم وهو قوله عليه الصلاة والسلام : ( من أراد أن ينصحَ لذي سلطان فلا يبده علانية ولكن ليخلُ به وليدنُ منه فإن قبل منه فذاك وإلاَّ فقد أدّى الذي عليه ) . وقد سُئل ابن عباس-رضي الله عنهما- (هل أُنكر على الإمام علناً؟ فقال: لا بل داره بذلك سِرّاً) .
وفي (صحيح البخاري) أيضاً أنّ أُسامة ابن زيد جاءهُ جماعة وقالوا له: ألا تنصح لعثمان ألا ترى ما نحن فيه؟ فقال: (أما إنِّي لا أكونُ فاتح باب فِتنة وقد بذلته له سرّاً )
أو كما جاء عن أسامة ابن زيد في (صحيح البخاري) فدلّ هذا على اشتراط أن تكون النصيحةُ سرّاً وهذا من حَقّه، إلى غير ذلك من الشروط التي ذكرها أهل العلم في هذا الموضع.
من شرح حديث ( الدين النصيحة ) لفضيلة الشيخ صالح بن عبد العزيز آل الشيخ .
وعليه طلبت من الدكتور ناصر العمر وفقه الله بر البريد الالكتروني بدليل شرعي من الكتاب والسنة يجوز فيه النصح للسلطان والتعريف بأخطائه أمام الناس وعلى الملأ !!!
وإنه حقيقة ً أدهشني هذا الرد منه ولا أعلم هل هي مراوغة ً أم لا ؟
وذلك حينما سألته عن الطريقة الصحيحة في مناصحة ولي الأمر ولماذا يقوم هو بغير الطريقة الشرعية المتبعة في ذلك ولعموم الأدلة الدالة على مناصحة ولي الأمر سرا ً فكان جواب الدكتور بالفعل مفاجأة ً لي حيث لم يذكر أدلة ًمن الكتاب والسنة بل قال ردا ً على ذلك ما نصه : (( وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته أشكرك , واقرأ مقالات العلامة الشيخ عبد المحسن العباد البدر وخطاباته الموجهة علانية إلى خادم الحرمين صراحة وفيها انتقادات كثيرة وطلب عزل ولاة.وتجد فيها الدليل الشرعي )) . وفقك الله .
وقد أدهشني فأقول :
كلامك هذا يا دكتور الحقيقة أنه يفتقد إلى التأصيل الشرعي الذي طلبته منك والذي يتحلى به كل عالم وطالب علم على منهج أهل السنة والجماعة ، فأين التأصيل الشرعي في مناصحة ولي الأمر ؟
أين الدليل من الكتاب والسنة على جواز مناصحة ولي الأمر وبيان الأخطاء أمام الناس ؟!!
وهل فعل الشيخ عبد المحسن العباد البدر حفظه الله تعالى دليلا ً يستشهد به أم العبرة في كتاب الله تعالى وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم ؟!!
وإني لأعلم وأستيقن أن الشيخ عبد المحسن العباد البدر حفظه الله تعالى لو سألته بأنك تستشهد بكلامه وتقدمه على كلام الله ورسوله صلى الله عليه وسلم لما قبل بذلك حتما ً ، ولقد قال إمام دار الهجرة مالك بن أنس رحمه الله تعالى : " كل يؤخذ من قوله ويرد إلا صاحب هذا القبر " فإذا كان ذلك في المسائل الفقهية فما بالك بالمسائل العقدية المجمع عليها !!!
وهل استشهادك يا دكتور ناصر العمر بكلام فضيلة الشيخ عبد المحسن العباد البدر حفظه الله يدل على أنك تتبع الشيخ عبد المحسن العباد البدر حفظه الله ؟
وهل تستشهد بكلام الشيخ عبد المحسن العباد وتعمل به في نبذه لبعض المناهج المخالفة لمنهج أهل السنة والجماعة مثل الإخوان المسلمين وجماعة التبليغ وهل سمعت برأيه في نقده لسيد قطب والتحذير منه ومن طريقته وكتبه وأنها مخالفة للكتاب والسنة !!!
قال الشيخ عبد المحسن العباد في شرحه لكتب السنة بالمسجد النبوي الشريف ما نصه :
( والكتاب الذي كتبته أخيرا ً وهو ( رفقا ً أهل السنة بأهل السنة ) لا علاقة للذين ذكرتهم في مدارك النظر بهذا الكتاب فهذا الكتاب ( رفقا ً أهل السنة بالسنة ) لا يعني الإخوان المسلمين ولا يعني المفتونين بسيد قطب وغيره من الحركيين ولا يعني أيضا ً المفتونين بفقه الواقع !! والنيل من الحكام وكذلك التزهيد في العلماء ولا يعني هؤلاء لا من قريب ولا من بعيد وإنما يعني أهل السنة فقط وهم على طريقة أهل السنة حيث يحصل بينهم الاختلاف فينشغل بعضهم ببعض تجريحا ً ةهجرا ً وذما ً ) انتهى كلامه حفظه الله .
فهل المسألة إذن ما وافق الهوى والرأي أم ما وافق الكتاب والسنة ؟
وثانيا ً : أين هذا الكلام الذي ذكرته يا دكتور عن الشيخ عبد المحسن العباد والتي فيها انتقادات مباشرة وصريحة لخادم الحرمين الشريفين ويطلب من خادم الحرمين الشريفين فيها عزل أمراء ؟؟؟
الشيخ عبد المحسن العباد حفظه الله تعالى عالم معروف وناصح أمين نحسبه والله حسيبه فلا يؤخذ بعض كلامه على أنه نصح على الملأ واختلاف بين كلام الشيخ عبد المحسن العباد وبين كلام غيره ، ولا ينبغي أن ينزل كلام الشيخ عبد المحسن العباد حسب الأفهام والأفكار لكل شخص .
والعبرة أولا ً وأخيرا ً بكلام الله تعالى وكلام رسوله صلى الله عليه وسلم ، وأما مايستدل بغير الكتاب والسنة فإن وافقهما فبها ونعمة وإن كان مخالف لهما فلا يؤخذ كلام أحد كائنا ً من كان وهذا هو مذهب أهل السنة والجماعة .
ألا تتأمل يا فضيلة الدكتور في هذه الآية :( اتخذوا أحبارهم ورهبانهم أربابا ً من دون الله ) سورة مريم وفي تفسير هذه الآية : يقول السدي : ( استنصحوا الرجال ، وتركوا كتاب الله وراء ظهورهم ) تفسير ابن كثير ، وأين تذهب من حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم العظيم :( من أراد أن ينصح لذي سلطان في أمر فلا يبده علانية ولكن ليأخذ بيده فيخلوا به فإن قبل منه فذاك وإلا كان قد أدى الذي عليه ) رواه ابن أبي عاصم في السنة .
وكان يفترض منك يا دكتور ناصر العمر أن تتبع الكتاب والسنة وترجع إلى الحق أو أن تثبت بالدليل الذي لا شك فيه على جواز نصح ولي الأمر علانية وبيان أخطائه أمام الناس ، ويا ليتك نصحت للسلطان فيما بينك وبينه سرا ً متمثلا ً الهدي النبوي في ذلك بدلا ً من مخالفة النبي صلى الله عليه وسلم ونصح السلطان على شبكة الانترنت العالمية والله المستعان .
ولي وقفة أخيرة مع الدكتور ؟!
قولك في مقالتك : ( أو أن جده غير ) ماذا تعني به ؟!!
وقولك ( وهذا وربي لا يؤذن بخير ) ماذا تعني به ؟!!
عندك الإجابة ؟! وآمل أن لا يكون الجواب هو ما يتبادر إلى ذهن كل قارئ لبيب !!!
اللهم إنا نعوذ بك من الفتن ما ظهر منها وما بطن ، اللهم من أراد فتنة ً في هذا البلد الطيب المملكة العربية السعودية وولاة أمرها من العلماء والأمراء فاجعل كيده في نحره .
اللهم اهدنا فيما اختلف فيه من الحق بإذنك فإنك تهدي من تشاء إلى صراطك المستقيم .
اللهم اهدنا لأحسن الأخلاق لا يهدي لأحسنها إلا أنت واصرف عنا سيئها لا يصرف عنا سيئها إلا أنت .
اللهم أرنا الحق حقا ً وارزقنا اتباعه وأرنا الباطل باطلا ً وارزقنا اجتنابه .
والله تعالى أعلم .
وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم .
وكتبه : الفقير إلى مولاه الغني الكريم
فواز بن لوفان الظفيري
منقول
فإن الله تعالى قد تعبدنا بالقرآن والسنة ففيهما التحاكم والرجوع إليهما في النوازل والأمور العامة والخاصة فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ سورة النساء الآية : 59 ، فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ هذا عام وَمَا اخْتَلَفْتُمْ فِيهِ مِنْ شَيْءٍ فَحُكْمُهُ إِلَى اللَّهِ هذا عام أيضا . وقال تعالى : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا ) . سورة النساء الآية: 59 .
قـال الحافظ ابن كثير : (أطيعوا الله ، أي اتبعوا كتابه ، وأطيعوا الرسول أي خـذوا سنته ، وأولي الأمر منكـم أي فيما أمروكم به من طاعة الله لا في معصيـة الله ، فإنه لا طاعة لمخلوق في معصية الله) . وقوله فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ قال مجاهد : أي إلى كتاب الله وسنة رسـوله . وهذا أمر من الله عز وجل بأن كل شيء تنازع الناس فيه من أصول الديـن وفروعه أن يرد التنازع في ذلك إلى الكتاب والسنة كما قال تعـالى : وَمَا اخْتَلَفْتُمْ فِيهِ مِنْ شَيْءٍ فَحُكْمُهُ إِلَى اللَّهِ (الشورى : 10) . فما حكـم به الكتـاب والسنة وشهدا له بالصحة فهو الحق ، فماذا بعد الحق إلا الضلال . ولهذا قال تعـالى : إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ أي ردوا الفصـل في الخصومات والجهالات إلى الكتاب والسنة ومن لا يرجع إليهما في ذلـك فليس مؤمنًا بالله ولا اليوم الآخر . وقوله ذَلِكَ خَيْرٌ أي التحـاكم إلى كـتاب الله وسنة رسوله ، والرجوع إليهما في فصل النـزاع خير وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا أي وأحسن عاقبة ومآلا كما قال السدي وقال مجاهد : (وأحسـن جزاء وهو قريب) . وفي كتاب الله آيات كثـيرة وردت في وجـوب الاعتصام بالكتاب والسنة والرجوع إليهما في كل الأمور . اهـ
وإنه قد ساءني ما كتبه المشرف على موقع ( المسلم ) في الانترنت الدكتور ناصر بن سليمان العمر في موضوع له عن كارثة جدة والذي لم يسلك فيه للأسف المسلك الشرعي في مناصحة ولي الأمر حيث قال :
[ وعندنا في هذه البلاد استقال أو أقيل المسؤول الأول في الرئاسة العامة لرعاية الشباب إثر تكرر هزيمة فريق كرة ! أما في جدة حيث تكررت المأساة وراحت ضحيتها حتى هذه اللحظة أنفس الله أعلم بعددها، وأموال كانت كفيلة بحل كثير من مشكلات الشباب، بل المجتمع، بالإضافة إلى طاقات وجهود، وآمال وأحلام، مع ذلك لم نشعر بوجود أدنى رغبة حتى الآن لأحد من الوزراء أو الأمراء في تقديم استقالتهم، فهل الكرة أغلى من الأرواح والممتلكات، التي هي من الضرورات الخمس التي أجمعت الشرائع على وجوب المحافظة عليها ؟ أو أن جدة غير؟!! وهذا وربي لايؤذن بخير! ]. اهـ
فهذا كلامه – هداه الله – فإن كان زلة وخطأ فالرجوع عن الخطأ فضيلة وخير والحمد لله فإن خير الخطائين التوابون وإن كان معتقدا ً أن ذلك صوابا ً عنده فعندنا كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم نتحاكم إليها في أمورنا كلها ، فالنصيحة الشرعية لولي الأمر بينها صلى الله عليه وسلم حينما قال : ( من أراد أن ينصح لذي سلطان في أمر فلا يبده علانية ولكن ليأخذ بيده فيخلوا به فإن قبل منه فذاك وإلا كان قد أدى الذي عليه ) رواه ابن أبي عاصم في السنة ، والأحاديث والكلام مستفيض في ذلك من كلام السلف والعلماء المعتبرين في ذلك ، يقول ابن رجب الحنبلي رحمه الله في كتابه ( جامع العلوم والحكم ) عن شروط النصح لولي الأمر في شرحه لحديث ( الدين النصيحة ) :
( فالنصيحة لولي الأمر يشترط لكونها شرعية أن تكون سرّاً بمعنى أنه لا يعلم بها من جهة الناصح إلا هو، وأن لا يتحدث بها؛ بأنه نصح وعمل وكذا؛ لأنه ربما أفسد المراد من النصيحة بذكره وصَعُبَ قبول النصيحة بعد اشتهار أنَّ ولي الأمر نُصح وأشباه ذلك.
وعلى هذا جاء الحديث المعروف، الذي صححه بعض أهل العلم وهو قوله عليه الصلاة والسلام : ( من أراد أن ينصحَ لذي سلطان فلا يبده علانية ولكن ليخلُ به وليدنُ منه فإن قبل منه فذاك وإلاَّ فقد أدّى الذي عليه ) . وقد سُئل ابن عباس-رضي الله عنهما- (هل أُنكر على الإمام علناً؟ فقال: لا بل داره بذلك سِرّاً) .
وفي (صحيح البخاري) أيضاً أنّ أُسامة ابن زيد جاءهُ جماعة وقالوا له: ألا تنصح لعثمان ألا ترى ما نحن فيه؟ فقال: (أما إنِّي لا أكونُ فاتح باب فِتنة وقد بذلته له سرّاً )
أو كما جاء عن أسامة ابن زيد في (صحيح البخاري) فدلّ هذا على اشتراط أن تكون النصيحةُ سرّاً وهذا من حَقّه، إلى غير ذلك من الشروط التي ذكرها أهل العلم في هذا الموضع.
من شرح حديث ( الدين النصيحة ) لفضيلة الشيخ صالح بن عبد العزيز آل الشيخ .
وعليه طلبت من الدكتور ناصر العمر وفقه الله بر البريد الالكتروني بدليل شرعي من الكتاب والسنة يجوز فيه النصح للسلطان والتعريف بأخطائه أمام الناس وعلى الملأ !!!
وإنه حقيقة ً أدهشني هذا الرد منه ولا أعلم هل هي مراوغة ً أم لا ؟
وذلك حينما سألته عن الطريقة الصحيحة في مناصحة ولي الأمر ولماذا يقوم هو بغير الطريقة الشرعية المتبعة في ذلك ولعموم الأدلة الدالة على مناصحة ولي الأمر سرا ً فكان جواب الدكتور بالفعل مفاجأة ً لي حيث لم يذكر أدلة ًمن الكتاب والسنة بل قال ردا ً على ذلك ما نصه : (( وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته أشكرك , واقرأ مقالات العلامة الشيخ عبد المحسن العباد البدر وخطاباته الموجهة علانية إلى خادم الحرمين صراحة وفيها انتقادات كثيرة وطلب عزل ولاة.وتجد فيها الدليل الشرعي )) . وفقك الله .
وقد أدهشني فأقول :
كلامك هذا يا دكتور الحقيقة أنه يفتقد إلى التأصيل الشرعي الذي طلبته منك والذي يتحلى به كل عالم وطالب علم على منهج أهل السنة والجماعة ، فأين التأصيل الشرعي في مناصحة ولي الأمر ؟
أين الدليل من الكتاب والسنة على جواز مناصحة ولي الأمر وبيان الأخطاء أمام الناس ؟!!
وهل فعل الشيخ عبد المحسن العباد البدر حفظه الله تعالى دليلا ً يستشهد به أم العبرة في كتاب الله تعالى وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم ؟!!
وإني لأعلم وأستيقن أن الشيخ عبد المحسن العباد البدر حفظه الله تعالى لو سألته بأنك تستشهد بكلامه وتقدمه على كلام الله ورسوله صلى الله عليه وسلم لما قبل بذلك حتما ً ، ولقد قال إمام دار الهجرة مالك بن أنس رحمه الله تعالى : " كل يؤخذ من قوله ويرد إلا صاحب هذا القبر " فإذا كان ذلك في المسائل الفقهية فما بالك بالمسائل العقدية المجمع عليها !!!
وهل استشهادك يا دكتور ناصر العمر بكلام فضيلة الشيخ عبد المحسن العباد البدر حفظه الله يدل على أنك تتبع الشيخ عبد المحسن العباد البدر حفظه الله ؟
وهل تستشهد بكلام الشيخ عبد المحسن العباد وتعمل به في نبذه لبعض المناهج المخالفة لمنهج أهل السنة والجماعة مثل الإخوان المسلمين وجماعة التبليغ وهل سمعت برأيه في نقده لسيد قطب والتحذير منه ومن طريقته وكتبه وأنها مخالفة للكتاب والسنة !!!
قال الشيخ عبد المحسن العباد في شرحه لكتب السنة بالمسجد النبوي الشريف ما نصه :
( والكتاب الذي كتبته أخيرا ً وهو ( رفقا ً أهل السنة بأهل السنة ) لا علاقة للذين ذكرتهم في مدارك النظر بهذا الكتاب فهذا الكتاب ( رفقا ً أهل السنة بالسنة ) لا يعني الإخوان المسلمين ولا يعني المفتونين بسيد قطب وغيره من الحركيين ولا يعني أيضا ً المفتونين بفقه الواقع !! والنيل من الحكام وكذلك التزهيد في العلماء ولا يعني هؤلاء لا من قريب ولا من بعيد وإنما يعني أهل السنة فقط وهم على طريقة أهل السنة حيث يحصل بينهم الاختلاف فينشغل بعضهم ببعض تجريحا ً ةهجرا ً وذما ً ) انتهى كلامه حفظه الله .
فهل المسألة إذن ما وافق الهوى والرأي أم ما وافق الكتاب والسنة ؟
وثانيا ً : أين هذا الكلام الذي ذكرته يا دكتور عن الشيخ عبد المحسن العباد والتي فيها انتقادات مباشرة وصريحة لخادم الحرمين الشريفين ويطلب من خادم الحرمين الشريفين فيها عزل أمراء ؟؟؟
الشيخ عبد المحسن العباد حفظه الله تعالى عالم معروف وناصح أمين نحسبه والله حسيبه فلا يؤخذ بعض كلامه على أنه نصح على الملأ واختلاف بين كلام الشيخ عبد المحسن العباد وبين كلام غيره ، ولا ينبغي أن ينزل كلام الشيخ عبد المحسن العباد حسب الأفهام والأفكار لكل شخص .
والعبرة أولا ً وأخيرا ً بكلام الله تعالى وكلام رسوله صلى الله عليه وسلم ، وأما مايستدل بغير الكتاب والسنة فإن وافقهما فبها ونعمة وإن كان مخالف لهما فلا يؤخذ كلام أحد كائنا ً من كان وهذا هو مذهب أهل السنة والجماعة .
ألا تتأمل يا فضيلة الدكتور في هذه الآية :( اتخذوا أحبارهم ورهبانهم أربابا ً من دون الله ) سورة مريم وفي تفسير هذه الآية : يقول السدي : ( استنصحوا الرجال ، وتركوا كتاب الله وراء ظهورهم ) تفسير ابن كثير ، وأين تذهب من حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم العظيم :( من أراد أن ينصح لذي سلطان في أمر فلا يبده علانية ولكن ليأخذ بيده فيخلوا به فإن قبل منه فذاك وإلا كان قد أدى الذي عليه ) رواه ابن أبي عاصم في السنة .
وكان يفترض منك يا دكتور ناصر العمر أن تتبع الكتاب والسنة وترجع إلى الحق أو أن تثبت بالدليل الذي لا شك فيه على جواز نصح ولي الأمر علانية وبيان أخطائه أمام الناس ، ويا ليتك نصحت للسلطان فيما بينك وبينه سرا ً متمثلا ً الهدي النبوي في ذلك بدلا ً من مخالفة النبي صلى الله عليه وسلم ونصح السلطان على شبكة الانترنت العالمية والله المستعان .
ولي وقفة أخيرة مع الدكتور ؟!
قولك في مقالتك : ( أو أن جده غير ) ماذا تعني به ؟!!
وقولك ( وهذا وربي لا يؤذن بخير ) ماذا تعني به ؟!!
عندك الإجابة ؟! وآمل أن لا يكون الجواب هو ما يتبادر إلى ذهن كل قارئ لبيب !!!
اللهم إنا نعوذ بك من الفتن ما ظهر منها وما بطن ، اللهم من أراد فتنة ً في هذا البلد الطيب المملكة العربية السعودية وولاة أمرها من العلماء والأمراء فاجعل كيده في نحره .
اللهم اهدنا فيما اختلف فيه من الحق بإذنك فإنك تهدي من تشاء إلى صراطك المستقيم .
اللهم اهدنا لأحسن الأخلاق لا يهدي لأحسنها إلا أنت واصرف عنا سيئها لا يصرف عنا سيئها إلا أنت .
اللهم أرنا الحق حقا ً وارزقنا اتباعه وأرنا الباطل باطلا ً وارزقنا اجتنابه .
والله تعالى أعلم .
وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم .
وكتبه : الفقير إلى مولاه الغني الكريم
فواز بن لوفان الظفيري
منقول