بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده أما بعد ،،
فإن قيمة الرجل ومكانته بين أهل الإسلام تكون بحسب ما يصدر من لسانه وفعاله فهو يخفضه ويرفعه ويعزه ويذله بإذن الله ، فإن تكلم بعلم وافق السنة وهدي سلف الأمة يعمل به ويدعوا إليه مخلصا لله دينه الذي ارتضى لعباده نفعته تلك الآلة (اللسان) ، فأعزته ورفعت مكانه ، فعظم عند الناس قدره ومقداره ، وإن تكلم بالبدعة وفيما لا يعلم ولا يحسن أذلته وخفضت وأنزلت مقداره.
فاللسان قائد الجوارح والأركان والتي تتكون منها الأبدان إلى العز أو الامتهان ، فقد روى الترمذي في جامعه عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه ، رفعه قال: ((إذا أصبح ابن آدم فإن الأعضاء كلها تكفر اللسان فتقول: اتق الله فينا فإنما نحن بك فإن استقمت استقمنا وإن اعوججت اعوججنا)).
والتكفير في قوله ( تكفر اللسان ) أي تخضع وتتذلل و تخشع وذلك لأنه قائدها وهو كالولي لأمرها.
فلرب كلمة تجعل الوجيه عند الخلق تافها عند الخالق، فيبغضه ويرسل عليه البغضاء في قلوب أهل الأرض فتسقط مكانته قالت عائشة رضي الله عنها: (( إن الرجل إذا عمل بمعصية الله عاد مادحوه ذامين له )) ، ولقد روى الإمام أحمد في مسنده وابن ماجة عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (( سيأتي على الناس سنوات خداعات يصدق فيها الكاذب ويكذب فيها الصادق ويؤتمن فيها الخائن ويخون فيها الأمين وينطق فيها الرويبضة)) ، قيل وما الرويبضة؟ قال: (( الرجل التافه في أمر العامة )).
ومن أتفه من سمعته من رويبضات العصر المسمى بـ(طارق حبيب) ، والذي تجرأ على ذات النبي صلى الله عليه وسلم فطعن فيها وعلى حكمة الله سبحانه فانتقص منها ، وأما طعنه في ا لنبي صلى الله عليه وسلم فقبل النبوة وبعد النبوة ، فقال: (( أنه تزوج خديجة لنقص في شخصه تكمله خديجة تعويضا عن حنان الأمومة)) !
سبحان الله! ما أتفه عقله وما أحمقه كيف ذهب عنه بغشاوة في قلبه ؟ فلهم قلوب لا يفقهون بها ، ألم يعلم بأن الله قد سمع مقالته وقد اعتنى بنبيه قبل النبوة ليكون أهلا لها فلا يكون لأحد حجة بعد نبوته أنها لا تلائمه قال تعالى : ﴿ ٱللَّهُ أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسَالَتَهُ﴾ (الأنعام:124).
قال ابن كثير: ((أي هو أعلم حيث يضع رسالته ومن يصلح لها من خلقه ))، نعم أعلم فمعاذ الله أن يجعل سبحانه نقصاً بشرياًّ من أي وجه في أحد من رسله وبخاصة أولي العزم منهم ، وبخاصة خاتمتهم وأفضلهم وسيد ولد آدم من الأولين والآخرين فقد بلغ في حد الكمال البشري أوجه فالله أعلم حيث يجعل رسالته ، فقال تعالى: ﴿أَلَمْ يَجِدْكَ يَتِيمًا فَآوَىٰ ﴿6﴾ وَوَجَدَكَ ضَالاًّ فَهَدَىٰ ﴿7﴾ ﴾ (الضحى:6-7).
فأي عناية أعظم من هذه أن يعتني به سبحانه بنفسه فآواه في يتمه وهداه بعد نبوته فطعن طارق في إيوائه وهدايته وحكمته، فكان يسمى في مكة بالصادق الأمين ، وعند علماء النفس من كان فيه نقص من جهة الأمومة والحنان فشخصيته مضطربة فأي طعن في شخص النبي صلى الله عليه وسلم أعظم من مثل هذا فالمضطرب نفسيا بنقص حنان الأمومة ، فمعرض أن تنقص حكمته وهدوءه لتبليغ رسالة ربه وحينئذ فلا نعرف عند طارق متى صار الإشباع العاطفي النفسي الذي كمل به ذلكم النقص بعد زواج خديجة أقبل النبوة أم بعدها وقبل موتها ، ليبقى بلازم قوله ( شخصية النبي صلى الله عليه وسلم ) محل احتمال لأوهامه وطعوناته ، لاحتمال اضطرابها في فترة من فترات حياته عياذاً بالله.
روى الطبراني في معجمه عن عبد الله ابن مسعود رضي الله عنه ، قال: قال صلى الله عليه وسلم : ((إذا ذكر أصحابي فامسكوا )) ،لأنهم نقلة علمه ، فكيف بالمصدر وهو رسول الله صلى الله عليه وسلم ، الواسطة بين الله تبارك وتعالى وخلقه ، فيتخوض في حقه طارق ، فيطلق العنان للسانه بالتخوض بغير علم في شخصه فيصفه بالنقص طاعنا في حكمة ربه وحسن إيوائه ليتمه!
فهل يحل الكلام في تصرفات النبي صلى الله عليه وسلم وصفته وهو الحجة وهو السنة بالظنيات والعقليات والحدسيات والأقيسة والآراء، كلاّ!
إن مثل هذا يستوجب غضب أهل الأرض والسماء ومخالفته ، وقد ذم الله هذا الصنف من الرويبضات فقال تعالى: ﴿ إِن يَتَّبِعُونَ إِلَّا ٱلظَّنَّ وَمَا تَهْوَى ٱلْأَنفُسُ وَلَقَدْ جَاءَهُم مِّن رَّبِّهِمُ ٱلْهُدَىٰ﴾(النجم:23) ، فليس لأحد بعد هذه الآية الخوض في السنة بالجهل والظن بل ننطق في صفته صلى الله عليه وسلم وأحواله على وفق ما جاءنا من كلام ربنا وسنة نبينا فنقول لم يتعرض لنقص من أي وجه من قال الله فيه: ﴿وَإِنَّكَ لَعَلَىٰ خُلُقٍ عَظِيم﴾ (القلم:4) ، فناقص الأمومة عند علماء النفس ذو اضطراب لا يتحصل معه على علو المراتب في الطمائنينة والهدوء وحسن الأخلاق والحكمة .اللازمة في الدعوة لدين رب الاباب
ثم إن أمه آمنة رعته وربته دهرا إلى نحو سبع وهو سن الحضانة ، واحتضنته فاضلات المرضعات من انحاء العرب كحليمة السعدية ، فكيف ينفي مثل هذا وينسب له النقص في الحضانة ؟!
وقد قال الرب ﴿أَلَمْ يَجِدْكَ يَتِيمًا فَآوَىٰ﴾ (الضحى:6)، أفإيواء الله يحتمل معه النقص أيها الظالم لنفسه الجاهل بكلام ربه ؟
فخديجة لم تكن وظيفتها إشباع الأمومة فلا دليل على ذلك إلا الظن وما تهوى الأنفس، فوظيفتها أعظم فنالت شرف العقل والرزانة إذ كانت أول من آمن بالنبي صلى الله عليه وسلم ، وناصرته وثبتته ، وقد جاءها خائفا يرجف فؤاده بعد ما أنزل عليه الوحي ، فثبتته وهدأت من روعه بتلك الكلمات المباركات النافعات ، والتي من العلم لإقرار النبي صلى الله عليه وسلم لها: (( كلا لن يخزيك الله ، لقد كنت تقري الضيف وتكسب المعدوم وتعين على نوائب الدهر )) فكانت سكنه وتسكين روعته معها فثبت وبلغ عن الله فلا أحد أعظم نصرة له صلى الله عليه وسلم من النساء مثلها ثم أخذته زيادة في تثبيته إلى عالم بالكتب السالفة ورقة بن نوفل ليكون نورا على نور فثبت ثم ثبت وسكن ثم سكن فبلغ عن الله من بعد ذلك التثبيت مطمئن أنه وحي من رب العبيد
فما أحسن أثرها رضي الله عنها في نصرته ، فلا تعجب من حبه وتقديمه لها والاشادة منه بفضلها
لها كما روى البخاري عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: أَتَى جِبْرِيلُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ : (( يَا رَسُولَ اللَّهِ هَذِهِ خَدِيجَةُ قَدْ أَتَتْ مَعَهَا إِنَاءٌ فِيهِ إِدَامٌ أَوْ طَعَامٌ أَوْ شَرَابٌ فَإِذَا هِيَ أَتَتْكَ فَاقْرَأْ عَلَيْهَا السَّلَامَ مِنْ رَبِّهَا وَمِنِّي وَبَشِّرْهَا بِبَيْتٍ فِي الْجَنَّةِ مِنْ قَصَبٍ لَا صَخَبَ فِيهِ وَلَا نَصَبَ )) ،
حتى كان ذكرها يستجلب غيرة حبه من نساءه عائشة الصديقة فتقول كما في رواية له، اسْتَأْذَنَتْ هَالَةُ بِنْتُ خُوَيْلِدٍ أُخْتُ خَدِيجَةَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَعَرَفَ اسْتِئْذَانَ خَدِيجَةَ فَارْتَاعَ لِذَلِكَ فَقَالَ: ((اللَّهُمَّ هَالَةَ)) ، قَالَتْ: فَغِرْتُ، فَقُلْتُ: مَا تَذْكُرُ مِنْ عَجُوزٍ مِنْ عَجَائِزِ قُرَيْشٍ حَمْرَاءِ الشِّدْقَيْنِ هَلَكَتْ فِي الدَّهْرِ قَدْ أَبْدَلَكَ اللَّهُ خَيْرًا مِنْهَا .. الحديث، ولقد نصرته نصرا مؤزرا كما تقدم قد هيئه الله بها للتبليغ ثابتا بتلك الكلمات المباركات النافعات والتي كانت عونا له كما روى البخاري في صحيحه عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ عَنْ عَائِشَةَ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ أَنَّهَا قَالَتْ أَوَّلُ مَا بُدِئَ بِهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ الْوَحْيِ الرُّؤْيَا الصَّالِحَةُ فِي النَّوْمِ فَكَانَ لَا يَرَى رُؤْيَا إِلَّا جَاءَتْ مِثْلَ فَلَقِ الصُّبْحِ ثُمَّ حُبِّبَ إِلَيْهِ الْخَلَاءُ وَكَانَ يَخْلُو بِغَارِ حِرَاءٍ فَيَتَحَنَّثُ فِيهِ وَهُوَ التَّعَبُّدُ اللَّيَالِيَ ذَوَاتِ الْعَدَدِ قَبْلَ أَنْ يَنْزِعَ إِلَى أَهْلِهِ وَيَتَزَوَّدُ لِذَلِكَ ثُمَّ يَرْجِعُ إِلَى خَدِيجَةَ فَيَتَزَوَّدُ لِمِثْلِهَا حَتَّى جَاءَهُ الْحَقُّ وَهُوَ فِي غَارِ حِرَاءٍ فَجَاءَهُ الْمَلَكُ فَقَالَ اقْرَأْ ، (( قَالَ مَا أَنَا بِقَارِئٍ )) ، قَالَ فَأَخَذَنِي فَغَطَّنِي حَتَّى بَلَغَ مِنِّي الْجَهْدَ ثُمَّ أَرْسَلَنِي فَقَالَ: اقْرَأْ ، ((قُلْتُ مَا أَنَا بِقَارِئٍ ))، فَأَخَذَنِي فَغَطَّنِي الثَّانِيَةَ حَتَّى بَلَغَ مِنِّي الْجَهْدَ ثُمَّ أَرْسَلَنِي فَقَالَ: اقْرَأْ، (( فَقُلْتُ مَا أَنَا بِقَارِئٍ)) فَأَخَذَنِي فَغَطَّنِي الثَّالِثَةَ ثُمَّ أَرْسَلَنِي فَقَالَ : ﴿ٱقْرَأْ بِٱسْمِ رَبِّكَ ٱلَّذِى خَلَقَ ﴿1﴾ خَلَقَ ٱلْإِنسَـٰنَ مِنْ عَلَقٍ ﴿2﴾ ٱقْرَأْ وَرَبُّكَ ٱلْأَكْرَمُ ﴿3﴾ ﴾ (العلق:1-3) ، فَرَجَعَ بِهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَرْجُفُ فُؤَادُهُ، فَدَخَلَ عَلَى خَدِيجَةَ بِنْتِ خُوَيْلِدٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا فَقَالَ: (( زَمِّلُونِي زَمِّلُونِي)) فَزَمَّلُوهُ حَتَّى ذَهَبَ عَنْهُ الرَّوْعُ فَقَالَ لِخَدِيجَةَ وَأَخْبَرَهَا الْخَبَرَ لَقَدْ خَشِيتُ عَلَى نَفْسِي ، فَقَالَتْ خَدِيجَةُ: كَلَّا وَاللَّهِ مَا يُخْزِيكَ اللَّهُ أَبَدًا إِنَّكَ لَتَصِلُ الرَّحِمَ وَتَحْمِلُ الْكَلَّ وَتَكْسِبُ الْمَعْدُومَ وَتَقْرِي الضَّيْفَ وَتُعِينُ عَلَى نَوَائِبِ الْحَقِّ.
فَانْطَلَقَتْ بِهِ خَدِيجَةُ حَتَّى أَتَتْ بِهِ وَرَقَةَ بْنَ نَوْفَلِ بْنِ أَسَدِ بْنِ عَبْدِ الْعُزَّى ابْنَ عَمِّ خَدِيجَةَ وَكَانَ امْرَأً قَدْ تَنَصَّرَ فِي الْجَاهِلِيَّةِ وَكَانَ يَكْتُبُ الْكِتَابَ الْعِبْرَانِيَّ فَيَكْتُبُ مِنْ الْإِنْجِيلِ بِالْعِبْرَانِيَّةِ مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ يَكْتُبَ وَكَانَ شَيْخًا كَبِيرًا قَدْ عَمِيَ فَقَالَتْ لَهُ خَدِيجَةُ يَا ابْنَ عَمِّ اسْمَعْ مِنْ ابْنِ أَخِيكَ فَقَالَ لَهُ وَرَقَةُ يَا ابْنَ أَخِي مَاذَا تَرَى فَأَخْبَرَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَبَرَ مَا رَأَى فَقَالَ لَهُ وَرَقَةُ هَذَا النَّامُوسُ الَّذِي نَزَّلَ اللَّهُ عَلَى مُوسَى، يَا لَيْتَنِي فِيهَا جَذَعًا لَيْتَنِي أَكُونُ حَيًّا إِذْ يُخْرِجُكَ قَوْمُكَ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ((أَوَمُخْرِجِيَّ هُمْ))، قَالَ: نَعَمْ لَمْ يَأْتِ رَجُلٌ قَطُّ بِمِثْلِ مَا جِئْتَ بِهِ إِلَّا عُودِيَ وَإِنْ يُدْرِكْنِي يَوْمُكَ أَنْصُرْكَ نَصْرًا مُؤَزَّرًا. ثُمَّ لَمْ يَنْشَبْ وَرَقَةُ أَنْ تُوُفِّيَ وَفَتَرَ الْوَحْيُ قَالَ ابْنُ شِهَابٍ وَأَخْبَرَنِي أَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَنَّ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ الْأَنْصَارِيَّ قَالَ وَهُوَ يُحَدِّثُ عَنْ فَتْرَةِ الْوَحْيِ فَقَالَ فِي حَدِيثِهِ : ((بَيْنَا أَنَا أَمْشِي إِذْ سَمِعْتُ صَوْتًا مِنْ السَّمَاءِ فَرَفَعْتُ بَصَرِي فَإِذَا الْمَلَكُ الَّذِي جَاءَنِي بِحِرَاءٍ جَالِسٌ عَلَى كُرْسِيٍّ بَيْنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ فَرُعِبْتُ مِنْهُ فَرَجَعْتُ فَقُلْتُ : زَمِّلُونِي زَمِّلُونِي )) فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى: ﴿ يَٰايُّهَا ٱلْمُدَّثِّرُ ﴿1﴾ قُمْ فَأَنذِرْ ﴿2﴾ وَرَبَّكَ فَكَبِّرْ ﴿3﴾ وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ ﴿4﴾ وَٱلرُّجْزَ فَٱهْجُرْ ﴿5﴾ ﴾ وَتَتَابَعَ..
أهذا الكلام خير في مايتعلق بحكمته الباهرة سبحانه التي بهرت العقول السليمة والفطر القويمة والتي لم تنتكس ويطفأ منها نور النبوة
من نكاح خديجة أم أنه تزوجها كما يقول ذلك المفلس من العلم المتكلم في غير فنه المعجب برأية بلا فقه في أنه تزوجها لنقص في شخصه في جانب الأمومة فغذته خديجة به نعوذ بالله من بلادة الذهن والهوى ، وهو أدهى وأمر وإنما ضلت النصارى بكلامهم في نبيهم بغير علم ، ومن تشبه بقوم فهو منهم.
وأما قوله في عائشة أنما تزوجها صغيرة لأنه محتاج إلى (فرفوشة فرائحية) فهذا طعن في أمنا الصديقة وفي حكمة نبينا صلى الله عليه وسلم
، فمعاذ الله أن يكون هم النبي صلى الله عليه وسلم وهمته دنيوية دانية ، ينكح لحب الفرح و(الفرفشة)، بل همته في تحصيل الخير زكيةً عاليةً، ومعاذ الله أن نصف الصديقة بنت الصديق العالمة الفقيهة الحافظة للعلم
ذات السمت الحسن والوقار بـ(الفرفوشة الفرائحية) القريبة من أخلاق الماجنة ، والتي تمضي وقتها في إلقاء الطرف وإضحاك
الناس ، والغفلة عن العلم والتعبد لرب الناس ، والاهتمام بأمره والمكانة العظيمة التي أولاها الرب بإنكاحها لنبيه ، بل كانت
تمضي الوقت في جمع الحديث وحفظه والتفقه فيه حتى أُشهر ذلك عنها رضي الله عنها فقال الناظم:
والمكـثرون بحرهم وأنـس *** عائشة وجـابر مقـدس
صاحب دوس وكذا ابن عمر *** رب قني والمكثرين الضرر
فقد اختارها الله لنبيه وأراه إياها في المنام قبل نكاحها، ومعاذ الله أن يكون ذلك الاختيار الإلهي لمجرد أنها ( فرائحية فرفوشة ) كما يزعم ((طارق الشر)) بل ذلك طعن في حكمة الرب سبحانه.
روى البخاري عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَهَا: (( أُرِيتُكِ فِي الْمَنَامِ مَرَّتَيْنِ أَرَى أَنَّكِ فِي سَرَقَةٍ مِنْ حَرِيرٍ وَيَقُولُ هَذِهِ امْرَأَتُكَ فَاكْشِفْ عَنْهَا فَإِذَا هِيَ أَنْتِ فَأَقُولُ إِنْ يَكُ هَذَا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ يُمْضِهِ)) ، فليست شخصيتها (هزلية) أو (فرائحية فرفوشة) كما أملاه شيطان ((طارق)) وقرينه عليه، للحط من رتبة أم المؤمنين الفقيهة العالمة لإبعاد الناس عن توقيرها واخذ العلم عنها والاستفادة من سمتها، بل بعد سماع هذا الوصف من ((طارق)) لأم المؤمنين وتصديق الرعاع الهمج من الفتيات له يتركن التأسي بها ، فهمتها لجمع العلم ورواية الحديث وحسن السمت إلى أن تكون الواحدة منهن همها (الفرفشة) مع زوجها وكثرة الضحك واللعب والهزل الذي يميت الإكثار منه قلب الزوجين فجعل ذلك أعظم ما وُصِفَت به من غباوته وجهله (الفرفشة) و(الفرائحية) من أجل ذلك نكحها النبي صلى الله عليه وسلم وبذلك فضلت، معاذ الله!
فقد روى البخاري عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَنَّهُ سَمِعَ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ يَقُولُ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: ((فَضْلُ عَائِشَةَ عَلَى النِّسَاءِ كَفَضْلِ الثَّرِيدِ عَلَى سَائِرِ الطَّعَامِ))، فهل النساء كلهن(فرائحيات فرفوشات) حتى تكون أفضلهن في (الفرفشة) و(الفرائحية) عائشة أيها الأحمق!
فلاشك أنها فضلت لمزايا أعلى من سَفَلِ تلك المرتبة الوضيعة التي جعلها أهم ما تميزت به لو كانت لها ميزة بها !!
فأين الأحاديث التي تدل على كثرة ضحكها مع النبي صلى الله عليه وسلم و(فرفشتها) ، ﴿ قُلْ هَلْ عِندَكُم مِّنْ عِلْمٍ فَتُخْرِجُوهُ لَنَا﴾ (الأنعام:14 ؟
فليس هذا الكلام عليه أثارة من علم ، وحينئذ يكون ((طارق)) كالكاذب على السنة أنها كانت كذلك، وأقرها النبي صلى الله عليه وسلم ، فأين هذا أيها الجهول من سيرتها وسيرة النبي صلى الله عليه وسلم ؟
فلو تأدبت مع نبي الأمة وخاتمة الرسل ووقرته ووقرت أحب أزواجه بوصفهم على وفق ما جاء في صحيح سنته ، وتورعت عن هذا وتبت منه لكان خيرا لك فان من كان(فرفوشاً فرائحيًّا) مما يذم عليه العاقل العالم حسن السمت لا مما يمتدح به الفضلاء العقلاء فان كثرة الضحك تميت القلب.
روى الترمذي في جامعه عن أبي هريرة رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((كن ورعا تكن أعبد الناس وكن قنعا تكن أشكر الناس وأحب للناس ما تحب لنفسك تكن مؤمنا وأحسن مجاورة من جاورك تكن مسلما وأقل الضحك فإن كثرة الضحك تميت القلب)).
فانظر كيف كانت جلساتها مع النبي صلى الله عليه وسلم وفائدتها للأمة فقد أمضت وقتها في مراقبته لحفظ السنة ومراجعته لحفظ الفقه حتى كانت مرجعا لكبار علماء الصحابة وفضلائهم وكلهم عدول، فمثاله ما رواه الإمام أحمد في مسنده عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيِّ أَنَّ أَبَا سَلَمَةَ بْنَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَخْبَرَهُ قَالَ سَأَلْتُ عَائِشَةَ كَيْفَ كَانَتْ صَلَاةُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي رَمَضَانَ، فَقَالَتْ: مَا كَانَ يَزِيدُ فِي رَمَضَانَ وَلَا فِي غَيْرِهِ عَلَى إِحْدَى عَشْرَةَ رَكْعَةً يُصَلِّي أَرْبَعًا فَلَا تَسْأَلْ عَنْ طُولِهِنَّ وَحُسْنِهِنَّ ثُمَّ يُصَلِّي أَرْبَعًا فَلَا تَسْأَلْ عَنْ حُسْنِهِنَّ وَطُولِهِنَّ ثُمَّ يُصَلِّي ثَلَاثًا فَقَالَتْ عَائِشَةُ قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَتَنَامُ قَبْلَ أَنْ تُوتِرَ؟ قَالَ: (( يَا عَائِشَةُ إِنَّ عَيْنِي تَنَامُ وَلَا يَنَامُ قَلْبِي)).
و أما حفظها للفقه واستغراق الوقت فيه دون كثرة الضحك و(الفرفشة) بل في طلبه والسؤال عنه، فما رواه البخاري في صحيحه عن نَافِعُ بْنُ عُمَرَ قَالَ حَدَّثَنِي ابْنُ أَبِي مُلَيْكَةَ أَنَّ عَائِشَةَ زَوْجَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَتْ لَا تَسْمَعُ شَيْئًا لَا تَعْرِفُهُ إِلَّا رَاجَعَتْ فِيهِ حَتَّى تَعْرِفَهُ، وَأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: ((مَنْ حُوسِبَ عُذِّبَ )) قَالَتْ عَائِشَةُ: فَقُلْتُ أَوَلَيْسَ يَقُولُ اللَّهُ تَعَالَى فَسَوْفَ يُحَاسَبُ حِسَابًا يَسِيرًا قَالَتْ فَقَالَ: (( إِنَّمَا ذَلِكِ الْعَرْضُ وَلَكِنْ مَنْ نُوقِشَ الْحِسَابَ يَهْلِكْ )).
ومع ذلك لو أمضت أحيانا شيئا من الوقت لتسلي النبي صلى الله عليه وسلم وتسلي نفسها بالأنس بالحديث معه فما أعظم ما تقوله وتحكيه من بركة وفائدة للأمة، كما روى البخاري في صحيحه حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ وَعَلِيُّ بْنُ حُجْرٍ قَالَا أَخْبَرَنَا عِيسَى بْنُ يُونُسَ حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: جَلَسَ إِحْدَى عَشْرَةَ امْرَأَةً فَتَعَاهَدْنَ وَتَعَاقَدْنَ أَنْ لَا يَكْتُمْنَ مِنْ أَخْبَارِ أَزْوَاجِهِنَّ شَيْئًا قَالَتْ الْأُولَى زَوْجِي لَحْمُ جَمَلٍ غَثٍّ عَلَى رَأْسِ جَبَلٍ لَا سَهْلٍ فَيُرْتَقَى وَلَا سَمِينٍ فَيُنْتَقَلُ قَالَتْ الثَّانِيَةُ زَوْجِي لَا أَبُثُّ خَبَرَهُ إِنِّي أَخَافُ أَنْ لَا أَذَرَهُ إِنْ أَذْكُرْهُ أَذْكُرْ عُجَرَهُ وَبُجَرَهُ قَالَتْ الثَّالِثَةُ زَوْجِي الْعَشَنَّقُ إِنْ أَنْطِقْ أُطَلَّقْ وَإِنْ أَسْكُتْ أُعَلَّقْ قَالَتْ الرَّابِعَةُ زَوْجِي كَلَيْلِ تِهَامَةَ لَا حَرٌّ وَلَا قُرٌّ وَلَا مَخَافَةَ وَلَا سَآمَةَ قَالَتْ الْخَامِسَةُ زَوْجِي إِنْ دَخَلَ فَهِدَ وَإِنْ خَرَجَ أَسِدَ وَلَا يَسْأَلُ عَمَّا عَهِدَ قَالَتْ السَّادِسَةُ زَوْجِي إِنْ أَكَلَ لَفَّ وَإِنْ شَرِبَ اشْتَفَّ وَإِنْ اضْطَجَعَ الْتَفَّ وَلَا يُولِجُ الْكَفَّ لِيَعْلَمَ الْبَثَّ قَالَتْ السَّابِعَةُ زَوْجِي غَيَايَاءُ أَوْ عَيَايَاءُ طَبَاقَاءُ كُلُّ دَاءٍ لَهُ دَاءٌ شَجَّكِ أَوْ فَلَّكِ أَوْ جَمَعَ كُلًّا لَكِ قَالَتْ الثَّامِنَةُ زَوْجِي الْمَسُّ مَسُّ أَرْنَبٍ وَالرِّيحُ رِيحُ زَرْنَبٍ قَالَتْ التَّاسِعَةُ زَوْجِي رَفِيعُ الْعِمَادِ طَوِيلُ النِّجَادِ عَظِيمُ الرَّمَادِ قَرِيبُ الْبَيْتِ مِنْ النَّادِ قَالَتْ الْعَاشِرَةُ زَوْجِي مَالِكٌ وَمَا مَالِكٌ مَالِكٌ خَيْرٌ مِنْ ذَلِكِ لَهُ إِبِلٌ كَثِيرَاتُ الْمَبَارِكِ قَلِيلَاتُ الْمَسَارِحِ وَإِذَا سَمِعْنَ صَوْتَ الْمِزْهَرِ أَيْقَنَّ أَنَّهُنَّ هَوَالِكُ قَالَتْ الْحَادِيَةَ عَشْرَةَ زَوْجِي أَبُو زَرْعٍ وَمَا أَبُو زَرْعٍ أَنَاسَ مِنْ حُلِيٍّ أُذُنَيَّ وَمَلَأَ مِنْ شَحْمٍ عَضُدَيَّ وَبَجَّحَنِي فَبَجِحَتْ إِلَيَّ نَفْسِي وَجَدَنِي فِي أَهْلِ غُنَيْمَةٍ بِشِقٍّ فَجَعَلَنِي فِي أَهْلِ صَهِيلٍ وَأَطِيطٍ وَدَائِسٍ وَمُنَقٍّ فَعِنْدَهُ أَقُولُ فَلَا أُقَبَّحُ وَأَرْقُدُ فَأَتَصَبَّحُ وَأَشْرَبُ فَأَتَقَنَّحُ أُمُّ أَبِي زَرْعٍ فَمَا أُمُّ أَبِي زَرْعٍ عُكُومُهَا رَدَاحٌ وَبَيْتُهَا فَسَاحٌ ابْنُ أَبِي زَرْعٍ فَمَا ابْنُ أَبِي زَرْعٍ مَضْجَعُهُ كَمَسَلِّ شَطْبَةٍ وَيُشْبِعُهُ ذِرَاعُ الْجَفْرَةِ بِنْتُ أَبِي زَرْعٍ فَمَا بِنْتُ أَبِي زَرْعٍ طَوْعُ أَبِيهَا وَطَوْعُ أُمِّهَا وَمِلْءُ كِسَائِهَا وَغَيْظُ جَارَتِهَا جَارِيَةُ أَبِي زَرْعٍ فَمَا جَارِيَةُ أَبِي زَرْعٍ لَا تَبُثُّ حَدِيثَنَا تَبْثِيثًا وَلَا تُنَقِّثُ مِيرَتَنَا تَنْقِيثًا وَلَا تَمْلَأُ بَيْتَنَا تَعْشِيشًا قَالَتْ خَرَجَ أَبُو زَرْعٍ وَالْأَوْطَابُ تُمْخَضُ فَلَقِيَ امْرَأَةً مَعَهَا وَلَدَانِ لَهَا كَالْفَهْدَيْنِ يَلْعَبَانِ مِنْ تَحْتِ خَصْرِهَا بِرُمَّانَتَيْنِ فَطَلَّقَنِي وَنَكَحَهَا فَنَكَحْتُ بَعْدَهُ رَجُلًا سَرِيًّا رَكِبَ شَرِيًّا وَأَخَذَ خَطِّيًّا وَأَرَاحَ عَلَيَّ نَعَمًا ثَرِيًّا وَأَعْطَانِي مِنْ كُلِّ رَائِحَةٍ زَوْجًا وَقَالَ كُلِي أُمَّ زَرْعٍ وَمِيرِي أَهْلَكِ، قَالَتْ فَلَوْ جَمَعْتُ كُلَّ شَيْءٍ أَعْطَانِيهِ مَا بَلَغَ أَصْغَرَ آنِيَةِ أَبِي زَرْعٍ قَالَتْ عَائِشَةُ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ((كُنْتُ لَكِ كَأَبِي زَرْعٍ لِأُمِّ زَرْعٍ)).
فانظر الى بركتها تتكلم بالمباح فينتج عن ذلك العلم الصراح ، فما أعظم بركتها على الأمة وما أشأم ما وصفها به ((طارق))، إن أعظم ما اتصفت به حتى ينكحها رسول الله صلى الله عليه وسلم لصغرها انها ( فرفوشة فرائحية) !!
فانظر إلى حكم من عاصرها من فضلاء الصحابة على صفتها وبركتها، فروى البخاري في صحيحه من طريق ْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْقَاسِمِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَتْ: خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي بَعْضِ أَسْفَارِهِ حَتَّى إِذَا كُنَّا بِالْبَيْدَاءِ أَوْ بِذَاتِ الْجَيْشِ انْقَطَعَ عِقْدٌ لِي، فَأَقَامَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى الْتِمَاسِهِ وَأَقَامَ النَّاسُ مَعَهُ وَلَيْسُوا عَلَى مَاءٍ فَأَتَى النَّاسُ إِلَى أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ فَقَالُوا أَلَا تَرَى مَا صَنَعَتْ عَائِشَةُ أَقَامَتْ بِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالنَّاسِ وَلَيْسُوا عَلَى مَاءٍ وَلَيْسَ مَعَهُمْ مَاءٌ فَجَاءَ أَبُو بَكْرٍ وَرَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَاضِعٌ رَأْسَهُ عَلَى فَخِذِي قَدْ نَامَ فَقَالَ حَبَسْتِ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالنَّاسَ وَلَيْسُوا عَلَى مَاءٍ وَلَيْسَ مَعَهُمْ مَاءٌ فَقَالَتْ عَائِشَةُ: فَعَاتَبَنِي أَبُو بَكْرٍ وَقَالَ مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ يَقُولَ وَجَعَلَ يَطْعُنُنِي بِيَدِهِ فِي خَاصِرَتِي فَلَا يَمْنَعُنِي مِنْ التَّحَرُّكِ إِلَّا مَكَانُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى فَخِذِي فَقَامَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِينَ أَصْبَحَ عَلَى غَيْرِ مَاءٍ فَأَنْزَلَ اللَّهُ آيَةَ التَّيَمُّمِ فَتَيَمَّمُوا، فَقَالَ أُسَيْدُ بْنُ الْحُضَيْرِ مَا هِيَ بِأَوَّلِ بَرَكَتِكُمْ يَا آلَ أَبِي بَكْرٍ، قَالَتْ فَبَعَثْنَا الْبَعِيرَ الَّذِي كُنْتُ عَلَيْهِ فَأَصَبْنَا الْعِقْدَ تَحْتَهُ.
فانظر إلى توقرها لمقام الرسول صلى الله عليه وسلم وإنها تحافظ ببدنها ليكون ساكن فلا يرتاع من نومه مع قوة الطعن في موضع هو مما تهتز له أركان البدن وهو الخاصرة عند مجرد مسه فكيف الطعن فيه، فهل هي التي تخالف الهدي والسمت للعالم الفقيه وطالب العلم والفقه فتكون(فرفوشة فرائحية) وليس هذا بسمت العالم ولا طالب العلم ولا بأخلاق النبوة التي ربى النبي صلى الله عليه وسلم أمنا عائشة عليه ، وقد قال كما روى الترمذي عن عبد الله بن سرجس رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (( السمت الحسن والتؤدة والاقتصاد جزء من أربعة وعشرين جزءا من النبوة)) فلا يجامع حسن السمت المنافي لكثرة الفرح و(الفرفشة) المزعومة الفقه وإلا ظهرت صفة النفاق التي قد برأت منها أم المؤمنين بتوحيدها لربها وعلمها وعملها بسنة نبينا و بسيرتها العطرة وأخلاقها الكريمة الفاضلة المنتسبة من خاتم النبوة بعلها وحبيبها.
روى الترمذي في سننه عن أبي هريرةقال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((خصلتان لا تجتمعان في منافق حسن سمت ولا فقه في الدين)) صححه العلامة الألباني.
بل لو قال تزوجها صغيرة لمعنى العلم وللتربى في بيت النبوة فتنقل وقت الصغر وزمن قوة الحفظ ما لا يقدر الكبير فيكثير من الأحيان على نقله واستيعابه لكان خيرا له ، فالعلمفي الصغر كالنقش على الحجر والعلم في الكبر، كما جاء في عيون الاخبار عنالحسن البصري رحمه الله ويروى عن أبي الدراداء و لا يصح، ثم عاشت بعدهزمنا طويلا تنقل علمه فأي حكمة أعظم من هذه وأي هوّة أراد ((طارق)) إيقاع الهمج الرعاعمن أتباعه فيه وإعانة الغربيين والمستغربين من أعداء الدين عليها بقوله تزوجهالحاجته ((لفرفشتها وفرائحيتها)) فيفرح الرافضة اللئام بهضم حقها في العلم وحسن الأدبللنيل منها وإنما أرسل بهذه الكلمات بتوفيق الله وفضل منه ونصرة لأمهات المؤمنينلعل الله أن ينجيني من ناره ويدخلني الفردوس الأعلى من جنته ومن يقرأ كلامي مقرا لهبالدليل والله هو السميع العليم.
فهذا هو سوء الظن بالرب أنيختار لخاتمة أنبياءه امرأة تلهييه بكثرة (فرفشتها وفرائحيتها) ، وسوء الظنبالرب من أعظم الذنوب والجهل بحكمته سبحانه لا إله إلا هو تبارك اسمه وتعالى جدهولا إله غيره.
تعليق