(تنديد شديد): حَفِـظَ الله الجزائـــرَ من دُعَاة الدّمَار وجَعَل كَيْد أَعْدَائهَا في تبار
[منقحة]
قال الإمام ابن قيم الجوزية رحمه الله تعالى:
و الجهل داءٌ قاتل وشفاؤه أمران في التركيب متفقان
نص من القرآن أو من سنة وطبيـب ذاك العالم الرباني.
"إنكارٌ شديدٌ"
حَفِـظَ الله الجزائـــرَ
من دُعَاة الدّمَار
وجَعَل كَيْد أَعْدَائهَا في تَبَار.
حَفِـظَ الله الجزائـــرَ
من دُعَاة الدّمَار
وجَعَل كَيْد أَعْدَائهَا في تَبَار.
وكتبه:
أبو عبد الباري عبد الحميد أحمد العربي الجزائري.
أبو عبد الباري عبد الحميد أحمد العربي الجزائري.
الحمد لله الواحد الوتر الرحيم البر، عالم الغيب والشهادة والسّر والجهر، مصعد الكلم الطيب، ومنزل القطر، أحمده وهو أهل الحمد والشكر، وبيده النفع والضر.
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، المؤمَّل لحط الوزر، ورفع الإصر، وإسبال الستر، وإلهام الصبر، شهادة مرغمة لأهل البدعة والإرهاب والشرك والكفر، وسارّة لأهل السنة المأمورين بالصلاة والصيام والحج والنحر.
وأشهد أن محمدا عبده ورسوله القائل: (أنا ولد آدم ولا فخر)، المبعوث من خير العرب؛ وهم قريش أولاد لؤي بن غالب بن فهر.
أما بعد:
إنَّ الأعمال الإجرامية الخسيسة، التي تعرضت لها الجزائر الأبية، موطن السّلم والمصالحة والأمل والوئام؛ يوم (23 ربيع الأول 142 على أيدي شرذمة من اليائسين المبتدعين، والقانطين من رحمة الله ربّ العالمين؛ يزيد أهل السّنة الغراء في الجزائر النجلاء تمسكا بمنهج الصحابة الأبرار، وسيرا على طريقة السلف الأخيار، وقدما لكشف فيلق البدعة والفساد والدمار، وعزما على بثّ الصلح في الأنفس والأوطان والغمار، واجتهادا على دحض مخطط دعاة الإرهاب والاستئصال المسنود من الغرب بكل بسالة وصدق وإصرار؛ استجابة لأوامر الله تعالى العزيز الجبار، وسيرا على منهج رسول الله صلى الله عليه وسلم النبي المختار، وتحقيقا لكليات الإسلام العظيمة والمليئة بالأنوار.
فيلق منبوذ في الأرجاء، مكروه في الأنفس، بائس تاعس، يعيش في الحنادس، يلفظ أنفاسه الأخيرة ير يد أن يثبت للعالم من خلاله تململه و تخبطه، ومشروعه الدامس، أنه قادر على هز كيان الدولة، وبث الرعب في صفوف مواطنيها، ورمس وطمس معالم الصلح والأمل الذي أشرق شعاعه -وإن كان خافتا- على تلال وربوع الوطن الحبيب.
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، المؤمَّل لحط الوزر، ورفع الإصر، وإسبال الستر، وإلهام الصبر، شهادة مرغمة لأهل البدعة والإرهاب والشرك والكفر، وسارّة لأهل السنة المأمورين بالصلاة والصيام والحج والنحر.
وأشهد أن محمدا عبده ورسوله القائل: (أنا ولد آدم ولا فخر)، المبعوث من خير العرب؛ وهم قريش أولاد لؤي بن غالب بن فهر.
أما بعد:
إنَّ الأعمال الإجرامية الخسيسة، التي تعرضت لها الجزائر الأبية، موطن السّلم والمصالحة والأمل والوئام؛ يوم (23 ربيع الأول 142 على أيدي شرذمة من اليائسين المبتدعين، والقانطين من رحمة الله ربّ العالمين؛ يزيد أهل السّنة الغراء في الجزائر النجلاء تمسكا بمنهج الصحابة الأبرار، وسيرا على طريقة السلف الأخيار، وقدما لكشف فيلق البدعة والفساد والدمار، وعزما على بثّ الصلح في الأنفس والأوطان والغمار، واجتهادا على دحض مخطط دعاة الإرهاب والاستئصال المسنود من الغرب بكل بسالة وصدق وإصرار؛ استجابة لأوامر الله تعالى العزيز الجبار، وسيرا على منهج رسول الله صلى الله عليه وسلم النبي المختار، وتحقيقا لكليات الإسلام العظيمة والمليئة بالأنوار.
فيلق منبوذ في الأرجاء، مكروه في الأنفس، بائس تاعس، يعيش في الحنادس، يلفظ أنفاسه الأخيرة ير يد أن يثبت للعالم من خلاله تململه و تخبطه، ومشروعه الدامس، أنه قادر على هز كيان الدولة، وبث الرعب في صفوف مواطنيها، ورمس وطمس معالم الصلح والأمل الذي أشرق شعاعه -وإن كان خافتا- على تلال وربوع الوطن الحبيب.
ألست منتهيا عن نحت أثلتنا***ولست ضائرها ما أطّّت الإبل.
كناطح صخرة يوما ليوهنها***فلم يضرها وأوهى قرنه الوعل.
فيلق خاسر كونا وشرعا يأمل أن يدخل بوابة التاريخ ولكن على مفهوم ذلك الرجل الذي تنكبه المؤرخون لإفلاسه في جميع الفنون، فأراد أن يلفت انتباه أهل الصنعة إليه فاختار موسم الحج، ويوم أن أفاض الناس من مزدلفة إلى مكة لأداء طواف الإفاضة، ارتقى المفلس على حافة بئر زمزم وصرخ بأعلى صوته، فلما التفت إليه المؤرخون قام وبال في البئر، فدوّن أهل الصنعة من المؤرخين في كتبهم أنه في سنة كذا بال فلان بن فلان في بئر زمزم!!.
وهكذا الحال مع فيلق الفساد والإجرام، فإن الدَّوِيَ الذي أفزعوا به الأبرياء شبيهٌ ببول ذلك المفلس في بئر زمزم!.
ثم الغريب والأنكى أن رأس الأفعى، وزعيم القاعدة في المغرب العربي زعموا، ومقدم الفيلق إلى النار كما صرحوا؛ تراه يتلذذ من أشلاء الأبرياء عَلَنا، ويصف غدره وختره بالمسلمين أنه غزوة بدر في المغرب العربي كذبا وتجنيا على السيرة النبوية العطرة!!، ثم يتمادى في حقارته وسفوله، ويهدي خزيه ونذالته إلى المسلمين في العالم كله، وصدق النبي صلى الله عليه وسلم حين قال: (إذا لم تستح فاصنع ما شئت).
ولو كان رأس الأفعى واعيا في حديثه، ومدركا لفعله البشع، عالما بمآل جرمه وخطره على الأمة الإسلامية، لزفّ غزوته إلى المحافظين في الكونجرس الأمريكي، وإلى اللوبي الصهيوني، وإلى دعاة عقيدة (هرمجيدون)، لأنهم أول من يستفيد من جرم دعاة الدمار، وأول من يتغذى من إجرامهم ويتقوت، ولهذا في قرار أنفسهم، وأحيانا علانا دون خجل يتمنون لدعاة الدمار الزيادة، والمضاعفة في الإجرام.
إنَّ ابنَ الجزائر الغراء -والمحروسة بإذن المولى من كيد المفسدين- قد ارتقى إلى مستوى من المعرفة والعلم، ما يخول له التعامل مع دعاة الإبادة الجماعية، وصناع الإرهاب، وأشباح الاستئصال بكل حنكة ودراية، وما يجعله يفرق بين دعاة الحق الذين هم صدقا على منهج السلف في الأقوال والأعمال، ويسعون إلى بناء أوطانهم بالحكمة والموعظة الحسنة، والذين أخبر الله عنهم بقوله في سورة الأنبياء: [وَجَعَلْنَاهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا وَأَوْحَيْنَا إِلَيْهِمْ فِعْلَ الْخَيْرَاتِ وَإِقَامَ الصَّلَاةِ وَإِيتَاء الزَّكَاةِ وَكَانُوا لَنَا عَابِدِينَ]، وبين دعاة الإجرام والفساد باسم الدين ومنهج السلف، التائهين في يمّ الشبهات، الذين مِن عَمَاهم تراهم يغيرون أسماء تنظيماتهم في كل عام مرة أو مرتين؛ فمن الجيش الإسلامي، إلى السلفية القتالية، إلى القاعدة في المغرب العربي، إلى...إلى.. والذين أخبر الله عنهم في سورة القصص فقال: [وَجَعَلْنَاهُمْ أَئِمَّةً يَدْعُونَ إِلَى النَّارِ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ لَا يُنصَرُونَ].
ولن يتمكن صناع الإرهاب إن شاء الله الحكيم من فؤاد ابن الجزائر لهزه وبث الرعب فيه، وملئه بالخور والهلع، بعد ما أدرك مخططهم، ووقف على قول المصطفى صلى الله عليه وسلم فيهم: (كلما خرجوا قطعوا)، وإن كانوا بغدرهم ومكرهم قد أسالوا بعض قطرات دمه، أو شققوا جدران بيته، فإن فؤاده موصول بالله تعالى، وما كان بالله ولله فلن يضره طيش الخاسئين.
وقد فهم كذلك الشعب الجزائري الأبيّ أنّ الإسلام الحق بريء من حسك فيلق الموت، فنصوصه الشرعية ومقاصده وآدابه المرعية، جاءت بتحريم قتل الأنفس المعصومة، وإزهاق الأرواح الآمنة بالشبه، وتدمير الممتلكات، والاعتداء على الأموال والحقوق، والسعي في الأرض بالفساد، واغتيال الأبرياء بشبهة إحياء السنن المهجورة على تصور فيلق الإفساد! فقد قال الله تعالى محذرا من هذه الفعال الشنيعة: [وَإِذَا تَوَلَّى سَعَى فِي الأَرْضِ لِيُفْسِدَ فِيِهَا وَيُهْلِكَ الْحَرْثَ وَالنَّسْلَ وَاللّهُ لاَ يُحِبُّ الفَسَادَ]، وقد حرّم الإسلام الحنيف الظلم وعده من الكبائر، وأمر بالقسط والعدل حتى مع العدو المشاحن، [يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُونُواْ قَوَّامِينَ لِلّهِ شُهَدَاء بِالْقِسْطِ وَلاَ يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلاَّ تَعْدِلُواْ اعْدِلُواْ هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى وَاتَّقُواْ اللّهَ إِنَّ اللّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ]، ونهى بنصوصه النيرة عن سلوك العنف والفظاظة فقال تعالى [فَبِمَا رَحْمَةٍ مِّنَ اللّهِ لِنتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لاَنفَضُّواْ مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الأَمْرِ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللّهِ إِنَّ اللّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ]، وقال نبي المرحمة صلى الله عليه وسلم كما في صحيح مسلم: «من يحرم الرفق يحرم الخير كله»، وقال أيضا: «ما كان الرفق في شيء إلا زانه، ولا نزع من شيء إلا شانه، وما كان العنف في شيء إلا شانه، ولا نزع من شيء إلا زانه».
ولا أريد أن أخوض في التحاليل السياسية، وتخمينات الصحافيين الدائرة حول أسباب التفجيرات، ومن وراءها، ومن هي القاعدة، ومن يقف وراءها، وما هي خطورتها على الحوض الإفريقي، وغيرها من الأسئلة؟ فلهذا الفصل الشائك والمشبوه مربع خاص به، ولكن أريد أن ألفت انتباه القراء الكرام ومن يقف على مقالنا على سبب واحد دون إسهاب زج بأبناء الأمة ليتبنوا التفجيرات العشوائية كسبيل لرفع راية الجهاد، وتحرير العباد وتطهير البلاد، والقضاء على المرتدين وأهل العناد، على زعم فيلق الموت ذي الأوتاد!!
*إنّ الجهلَ بكتابِ الله تعالى، وبسنةِ رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم، وكلامِ السلف في باب الجهاد واسترجاع الحقوق، وسننِ الله الكونية في دفع الظلم والبغي؛ أوقع كثيرا من أبناء الأمة المغفلين في براثين التأويل الفاسد الذي عمل في الأمة أكثر من سيف التعطيل، فلو جئنا يا رعاكم الله من كل سوء لنعد َقَتْلَى المسلمين في حربهم مع الكفار الأصليين، فإنه لا يكاد يُذكر عددهم بجانب قتلاهم فيما بينهم البين بسبب التأويل الفاسد والاجتهاد البائد، وما العراق والصومال عنا ببعيد!.
قال شيخ الإسلام -رحمهُ اللهُ- في مجموع الفتاوى (17/307-30: (فان القرآنَ جعله الله شفاءً لما في الصدور، وبياناً للناسِ، فلا يجوز أن يكون بخلاف ذلك، لكن قد تخفى آثار الرسالة في بعض الأمكنة والأزمنة، حتى لا يعرفون ما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم، إما أن لا يعرفوا اللفظ، وإما أن يعرفوا اللفظ ولا يعرفوا معناه، فحينئذ يصيرون في جاهلية بسبب عدم نور النبوة، ومن ههنا يقع الشِّرْك، وتفريق الدين شيعاً كالفتن التي تُحْدِثُ السَّيْفَ.
فالفتن القولية و العملية هي من الجاهلية بسبب خفاء نور النبوة عنهم، كما قال مالك بن أنس: إذا قل العلم ظهر الجفاء، وإذا قلَّتِ الآثارُ ظهرتِ الأهواءُ.
ولهذا شبهت الفتن بقطع الليل المظلم، ولهذا قال أحمد في خطبته: "الحمد لله الذي جعل في كل زمانِ فترةٍ بقايا من أهل العلم"، فالهدي الحاصل لأهل الأرض إنما هو من نور النبوة، كما قال تعالى: [فإما يأتينكم مني هدى فمن اتبع هداي فلا يضل ولا يشقى]).
وقال كذلك -رحمهُ اللهُ- (17/310): (إذا انقطع عن الناسِ نور النبوة وقعوا في ظلمة الفتن، وحدثت البدع والفجور، ووقع الشر بينهم).
إن جهل أبناء الأمة بفقه الجهاد، جعلهم يُمَتِّنون لأعمدة الجاهلية في ربوع الأمة وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعا، مما آل بهم إلى الوقوع فريسة في أيدي رؤوس الضلال والفتن، يتلاعبون بعقيدتهم ودينهم، ويصورون لهم العالم الفسيح كقطعة ليل مظلم، لا تنفع معه أنوار الأكوان، ولا تجدي معه الشمس في كشف ظلمته، ولو وضعت على مقربة شبر منه، ويغرسون فيهم أن السبيل الأمثل لإنقاذ البقية الباقية من أفراد البشرية الذين لم يتدنسوا بالكفر، ولم يقعوا في الردة على مفهومهم الساذج، وتأويلهم الكاذب هو مسح ما على وجه الكون من متحرك و جامد عن طريق العماليات الناسفة، ثم إعادة إعمار الأرض على الطريقة التي انقدحت في أذهانهم، والتي لم تخطر على عقول الأوائل والأواخر من علماء الأمة.
إن العقل الناضج، والسليم من بوائق أهل الضلال قمن أن يمكن صاحبه من التمييز بين التمرة والجمرة، وحري أن يسوقه إلى قارب النجاة، والملاحظ أن فيلق الموت قد تخلى عن عقله، أو سلب منه وجعل بدله هباء لا يميز به بين عدو وصديق، وجار وأخ شقيق!.
قال العلامة ابن قيم الجوزية - رحمه الله تعالى- في مفتاح دار السعادة (1/384): (والعقل عقلان: عقل غريزة، وهو أبو العِلْم، ومُرَبِّيه، ومُثْمِرُه، وعقل مُكتسَبٌ مستفاد، وهو وَلَدُ العلم، وثمرته، ونتيجته، فإذا اجتمعا في العبد؛ فذلك فضل الله يؤتيه من يشاء، واستقام له أمره، وأقبلتْ عليه جيوش السعادة من كل جانب، وإذا فقدهما؛ فالحيوان البهيم أحسن حالًا منه، وإذا انفردا؛ نقص الرجل بنقصان أحدهما)اهـ.
وأحسب أن فيلق الموت قد فقد العقلين، وإلا لما سلك طريقا لا يبقي على مكتسب ولا يجلب مفقودا أو متأملا!.
إن الاستدلال بنصوص القرآن، والتركيز على سورتي التوبة والأنفال من غير فقه لهما، أو وقوف على تفسير السلف لهما جر فيلق الموت إلى التيه في دهاليز التأويل الفاسد، والخروج عن المنهج القويم في فهم كتاب الله تعالى، وجعلهم يتخبطون في سيرهم، ويسحقون كلّ من دل التأويل الفاسد أنه كافر جاحد.
قال الشاطبي في الاعتصام رحمه الله (2/691): (ألا ترى أن الخوارج كيف خرجوا من الدين كما يخرج السهم من الصيد المرمي؟ لأن رسول الله وصفهم بأنهم يقرؤون القرآن لا يجوز تراقيهم، يعني -والله أعلم- أنهم لا يتفقهون به حتى يصل إلى قلوبهم؛ لأن الفهم راجع إلى القلب، فإذا لم يصل إلى القلب لم يحصل به فهم على حال، وإنما يقف عند محل الأصوات والحروف المسموعة فقط، وهو الذي يشترك فيه من يفهم ومن لا يفهم). منقول من سحاب
كناطح صخرة يوما ليوهنها***فلم يضرها وأوهى قرنه الوعل.
فيلق خاسر كونا وشرعا يأمل أن يدخل بوابة التاريخ ولكن على مفهوم ذلك الرجل الذي تنكبه المؤرخون لإفلاسه في جميع الفنون، فأراد أن يلفت انتباه أهل الصنعة إليه فاختار موسم الحج، ويوم أن أفاض الناس من مزدلفة إلى مكة لأداء طواف الإفاضة، ارتقى المفلس على حافة بئر زمزم وصرخ بأعلى صوته، فلما التفت إليه المؤرخون قام وبال في البئر، فدوّن أهل الصنعة من المؤرخين في كتبهم أنه في سنة كذا بال فلان بن فلان في بئر زمزم!!.
وهكذا الحال مع فيلق الفساد والإجرام، فإن الدَّوِيَ الذي أفزعوا به الأبرياء شبيهٌ ببول ذلك المفلس في بئر زمزم!.
ثم الغريب والأنكى أن رأس الأفعى، وزعيم القاعدة في المغرب العربي زعموا، ومقدم الفيلق إلى النار كما صرحوا؛ تراه يتلذذ من أشلاء الأبرياء عَلَنا، ويصف غدره وختره بالمسلمين أنه غزوة بدر في المغرب العربي كذبا وتجنيا على السيرة النبوية العطرة!!، ثم يتمادى في حقارته وسفوله، ويهدي خزيه ونذالته إلى المسلمين في العالم كله، وصدق النبي صلى الله عليه وسلم حين قال: (إذا لم تستح فاصنع ما شئت).
ولو كان رأس الأفعى واعيا في حديثه، ومدركا لفعله البشع، عالما بمآل جرمه وخطره على الأمة الإسلامية، لزفّ غزوته إلى المحافظين في الكونجرس الأمريكي، وإلى اللوبي الصهيوني، وإلى دعاة عقيدة (هرمجيدون)، لأنهم أول من يستفيد من جرم دعاة الدمار، وأول من يتغذى من إجرامهم ويتقوت، ولهذا في قرار أنفسهم، وأحيانا علانا دون خجل يتمنون لدعاة الدمار الزيادة، والمضاعفة في الإجرام.
إنَّ ابنَ الجزائر الغراء -والمحروسة بإذن المولى من كيد المفسدين- قد ارتقى إلى مستوى من المعرفة والعلم، ما يخول له التعامل مع دعاة الإبادة الجماعية، وصناع الإرهاب، وأشباح الاستئصال بكل حنكة ودراية، وما يجعله يفرق بين دعاة الحق الذين هم صدقا على منهج السلف في الأقوال والأعمال، ويسعون إلى بناء أوطانهم بالحكمة والموعظة الحسنة، والذين أخبر الله عنهم بقوله في سورة الأنبياء: [وَجَعَلْنَاهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا وَأَوْحَيْنَا إِلَيْهِمْ فِعْلَ الْخَيْرَاتِ وَإِقَامَ الصَّلَاةِ وَإِيتَاء الزَّكَاةِ وَكَانُوا لَنَا عَابِدِينَ]، وبين دعاة الإجرام والفساد باسم الدين ومنهج السلف، التائهين في يمّ الشبهات، الذين مِن عَمَاهم تراهم يغيرون أسماء تنظيماتهم في كل عام مرة أو مرتين؛ فمن الجيش الإسلامي، إلى السلفية القتالية، إلى القاعدة في المغرب العربي، إلى...إلى.. والذين أخبر الله عنهم في سورة القصص فقال: [وَجَعَلْنَاهُمْ أَئِمَّةً يَدْعُونَ إِلَى النَّارِ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ لَا يُنصَرُونَ].
ولن يتمكن صناع الإرهاب إن شاء الله الحكيم من فؤاد ابن الجزائر لهزه وبث الرعب فيه، وملئه بالخور والهلع، بعد ما أدرك مخططهم، ووقف على قول المصطفى صلى الله عليه وسلم فيهم: (كلما خرجوا قطعوا)، وإن كانوا بغدرهم ومكرهم قد أسالوا بعض قطرات دمه، أو شققوا جدران بيته، فإن فؤاده موصول بالله تعالى، وما كان بالله ولله فلن يضره طيش الخاسئين.
وقد فهم كذلك الشعب الجزائري الأبيّ أنّ الإسلام الحق بريء من حسك فيلق الموت، فنصوصه الشرعية ومقاصده وآدابه المرعية، جاءت بتحريم قتل الأنفس المعصومة، وإزهاق الأرواح الآمنة بالشبه، وتدمير الممتلكات، والاعتداء على الأموال والحقوق، والسعي في الأرض بالفساد، واغتيال الأبرياء بشبهة إحياء السنن المهجورة على تصور فيلق الإفساد! فقد قال الله تعالى محذرا من هذه الفعال الشنيعة: [وَإِذَا تَوَلَّى سَعَى فِي الأَرْضِ لِيُفْسِدَ فِيِهَا وَيُهْلِكَ الْحَرْثَ وَالنَّسْلَ وَاللّهُ لاَ يُحِبُّ الفَسَادَ]، وقد حرّم الإسلام الحنيف الظلم وعده من الكبائر، وأمر بالقسط والعدل حتى مع العدو المشاحن، [يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُونُواْ قَوَّامِينَ لِلّهِ شُهَدَاء بِالْقِسْطِ وَلاَ يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلاَّ تَعْدِلُواْ اعْدِلُواْ هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى وَاتَّقُواْ اللّهَ إِنَّ اللّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ]، ونهى بنصوصه النيرة عن سلوك العنف والفظاظة فقال تعالى [فَبِمَا رَحْمَةٍ مِّنَ اللّهِ لِنتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لاَنفَضُّواْ مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الأَمْرِ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللّهِ إِنَّ اللّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ]، وقال نبي المرحمة صلى الله عليه وسلم كما في صحيح مسلم: «من يحرم الرفق يحرم الخير كله»، وقال أيضا: «ما كان الرفق في شيء إلا زانه، ولا نزع من شيء إلا شانه، وما كان العنف في شيء إلا شانه، ولا نزع من شيء إلا زانه».
ولا أريد أن أخوض في التحاليل السياسية، وتخمينات الصحافيين الدائرة حول أسباب التفجيرات، ومن وراءها، ومن هي القاعدة، ومن يقف وراءها، وما هي خطورتها على الحوض الإفريقي، وغيرها من الأسئلة؟ فلهذا الفصل الشائك والمشبوه مربع خاص به، ولكن أريد أن ألفت انتباه القراء الكرام ومن يقف على مقالنا على سبب واحد دون إسهاب زج بأبناء الأمة ليتبنوا التفجيرات العشوائية كسبيل لرفع راية الجهاد، وتحرير العباد وتطهير البلاد، والقضاء على المرتدين وأهل العناد، على زعم فيلق الموت ذي الأوتاد!!
*إنّ الجهلَ بكتابِ الله تعالى، وبسنةِ رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم، وكلامِ السلف في باب الجهاد واسترجاع الحقوق، وسننِ الله الكونية في دفع الظلم والبغي؛ أوقع كثيرا من أبناء الأمة المغفلين في براثين التأويل الفاسد الذي عمل في الأمة أكثر من سيف التعطيل، فلو جئنا يا رعاكم الله من كل سوء لنعد َقَتْلَى المسلمين في حربهم مع الكفار الأصليين، فإنه لا يكاد يُذكر عددهم بجانب قتلاهم فيما بينهم البين بسبب التأويل الفاسد والاجتهاد البائد، وما العراق والصومال عنا ببعيد!.
قال شيخ الإسلام -رحمهُ اللهُ- في مجموع الفتاوى (17/307-30: (فان القرآنَ جعله الله شفاءً لما في الصدور، وبياناً للناسِ، فلا يجوز أن يكون بخلاف ذلك، لكن قد تخفى آثار الرسالة في بعض الأمكنة والأزمنة، حتى لا يعرفون ما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم، إما أن لا يعرفوا اللفظ، وإما أن يعرفوا اللفظ ولا يعرفوا معناه، فحينئذ يصيرون في جاهلية بسبب عدم نور النبوة، ومن ههنا يقع الشِّرْك، وتفريق الدين شيعاً كالفتن التي تُحْدِثُ السَّيْفَ.
فالفتن القولية و العملية هي من الجاهلية بسبب خفاء نور النبوة عنهم، كما قال مالك بن أنس: إذا قل العلم ظهر الجفاء، وإذا قلَّتِ الآثارُ ظهرتِ الأهواءُ.
ولهذا شبهت الفتن بقطع الليل المظلم، ولهذا قال أحمد في خطبته: "الحمد لله الذي جعل في كل زمانِ فترةٍ بقايا من أهل العلم"، فالهدي الحاصل لأهل الأرض إنما هو من نور النبوة، كما قال تعالى: [فإما يأتينكم مني هدى فمن اتبع هداي فلا يضل ولا يشقى]).
وقال كذلك -رحمهُ اللهُ- (17/310): (إذا انقطع عن الناسِ نور النبوة وقعوا في ظلمة الفتن، وحدثت البدع والفجور، ووقع الشر بينهم).
إن جهل أبناء الأمة بفقه الجهاد، جعلهم يُمَتِّنون لأعمدة الجاهلية في ربوع الأمة وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعا، مما آل بهم إلى الوقوع فريسة في أيدي رؤوس الضلال والفتن، يتلاعبون بعقيدتهم ودينهم، ويصورون لهم العالم الفسيح كقطعة ليل مظلم، لا تنفع معه أنوار الأكوان، ولا تجدي معه الشمس في كشف ظلمته، ولو وضعت على مقربة شبر منه، ويغرسون فيهم أن السبيل الأمثل لإنقاذ البقية الباقية من أفراد البشرية الذين لم يتدنسوا بالكفر، ولم يقعوا في الردة على مفهومهم الساذج، وتأويلهم الكاذب هو مسح ما على وجه الكون من متحرك و جامد عن طريق العماليات الناسفة، ثم إعادة إعمار الأرض على الطريقة التي انقدحت في أذهانهم، والتي لم تخطر على عقول الأوائل والأواخر من علماء الأمة.
إن العقل الناضج، والسليم من بوائق أهل الضلال قمن أن يمكن صاحبه من التمييز بين التمرة والجمرة، وحري أن يسوقه إلى قارب النجاة، والملاحظ أن فيلق الموت قد تخلى عن عقله، أو سلب منه وجعل بدله هباء لا يميز به بين عدو وصديق، وجار وأخ شقيق!.
قال العلامة ابن قيم الجوزية - رحمه الله تعالى- في مفتاح دار السعادة (1/384): (والعقل عقلان: عقل غريزة، وهو أبو العِلْم، ومُرَبِّيه، ومُثْمِرُه، وعقل مُكتسَبٌ مستفاد، وهو وَلَدُ العلم، وثمرته، ونتيجته، فإذا اجتمعا في العبد؛ فذلك فضل الله يؤتيه من يشاء، واستقام له أمره، وأقبلتْ عليه جيوش السعادة من كل جانب، وإذا فقدهما؛ فالحيوان البهيم أحسن حالًا منه، وإذا انفردا؛ نقص الرجل بنقصان أحدهما)اهـ.
وأحسب أن فيلق الموت قد فقد العقلين، وإلا لما سلك طريقا لا يبقي على مكتسب ولا يجلب مفقودا أو متأملا!.
إن الاستدلال بنصوص القرآن، والتركيز على سورتي التوبة والأنفال من غير فقه لهما، أو وقوف على تفسير السلف لهما جر فيلق الموت إلى التيه في دهاليز التأويل الفاسد، والخروج عن المنهج القويم في فهم كتاب الله تعالى، وجعلهم يتخبطون في سيرهم، ويسحقون كلّ من دل التأويل الفاسد أنه كافر جاحد.
قال الشاطبي في الاعتصام رحمه الله (2/691): (ألا ترى أن الخوارج كيف خرجوا من الدين كما يخرج السهم من الصيد المرمي؟ لأن رسول الله وصفهم بأنهم يقرؤون القرآن لا يجوز تراقيهم، يعني -والله أعلم- أنهم لا يتفقهون به حتى يصل إلى قلوبهم؛ لأن الفهم راجع إلى القلب، فإذا لم يصل إلى القلب لم يحصل به فهم على حال، وإنما يقف عند محل الأصوات والحروف المسموعة فقط، وهو الذي يشترك فيه من يفهم ومن لا يفهم). منقول من سحاب
....يتع إن شاء الله
function __RP_Callback_Helper(str, strCallbackEvent, splitSize, func){var event = null;if (strCallbackEvent){event = document.createEvent('Events');event.initEvent(str CallbackEvent, true, true);}if (str && str.length > 0){var splitList = str.split('|');var strCompare = str;if (splitList.length == splitSize)strCompare = splitList[splitSize-1];var pluginList = document.plugins;for (var count = 0; count < pluginList.length; count++){var sSrc = '';if (pluginList[count] && pluginList[count].src)sSrc = pluginList[count].src;if (strCompare.length >= sSrc.length){if (strCompare.indexOf(sSrc) != -1){func(str, count, pluginList, splitList);break;}}}}if (strCallbackEvent)document.body.dispatchEvent(even t);}function __RP_Coord_Callback(str){var func = function(str, index, pluginList, splitList){pluginList[index].__RP_Coord_Callback = str;pluginList[index].__RP_Coord_Callback_Left = splitList[0];pluginList[index].__RP_Coord_Callback_Top = splitList[1];pluginList[index].__RP_Coord_Callback_Right = splitList[2];pluginList[index].__RP_Coord_Callback_Bottom = splitList[3];};__RP_Callback_Helper(str, 'rp-js-coord-callback', 5, func);}function __RP_Url_Callback(str){var func = function(str, index, pluginList, splitList){pluginList[index].__RP_Url_Callback = str;pluginList[index].__RP_Url_Callback_Vid = splitList[0];pluginList[index].__RP_Url_Callback_Parent = splitList[1];};__RP_Callback_Helper(str, 'rp-js-url-callback', 3, func);}function __RP_TotalBytes_Callback(str){var func = function(str, index, pluginList, splitList){pluginList[index].__RP_TotalBytes_Callback = str;pluginList[index].__RP_TotalBytes_Callback_Bytes = splitList[0];};__RP_Callback_Helper(str, null, 2, func);}function __RP_Connection_Callback(str){var func = function(str, index, pluginList, splitList){pluginList[index].__RP_Connection_Callback = str;pluginList[index].__RP_Connection_Callback_Url = splitList[0];};__RP_Callback_Helper(str, null, 2, func);}
تعليق