لا تفتنوا الناس ... بالمظاهرات والمسيرات
الشيخ محمد عمر بازمول -حفظه الله-
إن من أهم خصائص الإسلام صلاحيته وإصلاحه لكل زمان ومكان.فهو دين الحنيفية السمحة.
وهو دين يهدي الناس إلى ما فيه صلاحهم وإصلاحهم. (إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ وَيُبَشِّرُ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْراً كَبِيراً) (الإسراء:9).
وإن من أهم الأمور التي أمر بها الدين : لزوم الجماعة والسمع والطاعة.
وإن من الأمر بذلك النهي عن كل ما يؤدي إلى ضده، ومن ذلك المظاهرات والمسيرات.
ولعل من المفيد توضيح ما يستدل به بعض الناس في تسويغ المسيرات والمظاهرات، وذلك في الوقفات التالية :
الوقفة الأولى :
قول بعضهم: "إن حق المسلم في حرية التعبير عن رأيه أكثر الحقوق التصاقا بحق الحياة. وعليه تعتمد أكثر التكاليف الشرعية في العبادات والمعاملات.
والمظاهرة السلمية أحد مظاهر حرية التعبير لأنها تسعى لإعادة حقوق الشعب المسلوبة و المتعدى عليها، كالمطالبة بمعالجة البطالة، وتأمين المقاعد الدراسية للطلاب في الجامعات، وتأمين السكن والعيش الهنيء للمواطنين، وتأمين سرير لكل مريض في المستشفى. فلحرية التعبير دور كبير في محاربة الفساد المالي والإداري في جميع أجهزة الدولة ومنع الموظفين كبارا وصغارا من الرشاوى وتبذير أموال الأمة واستغلال النفوذ لكشفهم وإحالة المنتهك لهذه الحقوق إلى القضاء. وما هذا إلا عين الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بما يناسب الحال والزمان"اهـ
أقول : حرية التعبير عن الرأي، ليست بهذا الإطلاق في الإسلام، بل لها ضوابط وقيود، وهي التالية:
1 ) أن لا يعبر عن رأيه بألفاظ تخالف الشرع، وإلا دخل في المناهي اللفظية.
2 ) أن لا يتعدّى على الآخرين.
3 ) أن لا يؤدي كلامه إلى حدوث ضرر، فإنه "لا ضرر و لا ضرار".
4 ) أن يغلب على ظنه أو يتيقن حصول الخير من كلامه.
5 ) أن يكون مسموحاً له بالكلام حينها.
ويدل على هذه الضوابط قوله: "من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيراً أو ليصمت"، ونُهِي المسلم حال الخطبة عن الكلام، وأن لا يلغو، وأن المسلم مأمور بأن لا يكون بكلامه سبباً في البدعة والضلالة.
و لا تتعارض هذه الضوابط، مع أداء النصيحة والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، بالطريقة الشرعية، التي يتحقق فيها جلب المصالح ودرء المفاسد.
ودعوى أن "المظاهرة السلمية أحد مظاهر حرية التعبير لأنها تسعى لإعادة حقوق الشعب المسلوبة و المتعدى عليها"؛ غير مسلمة، لأنه في الواقع لا تسلم أي مظاهرة من حصول أمور من كسر الزجاج، والسباب والشتائم، واستغلال بعض الجهلة هذه الأحوال فيصدر منهم ما يتنافى أصلاً مع السلم، بل هذه المظاهرات تحمل في طياتها ذكر عيوب لولاة الأمر قد تتسبب في أمور لا تحمد عقباها، مثل ما جاء عن عبدا لله بن عكيم الجهني قال: لا أعين على دم خليفة أبداً بعد عثمان!!
فقيل له : يا أًبا معبدٍ أًوَ أًعنت على دمِهِ؟
فيقول : إِني أُعِدُّ ذِكْرَ مساويه عوناً على دمِهِ!"([1]).
وإعادة الحقوق لها طرقها الشرعية القائمة على :
أداء النصيحة لولاة الأمر، بالطريقة الشرعية، في خاصة نفسه، "من كانت له نصيحة إلى ذي سلطان فلينصحه في خاصة نفسه".
المطالبة عن طريق القضاء وديوان المظالم.
الرجوع إلى ولي الأمر نفسه.
الكتابة إليه.
فإن لم يتحقق ما تريد من استرجاع الحق فليس لك إلا الصبر، وأن تسأل الله ما لك، وتعطي ولاة الأمر ما لهم من السمع والطاعة في المعروف.
عن عَبْد اللَّهِ قَالَ: قَالَ لَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إِنَّكُمْ سَتَرَوْنَ بَعْدِي أَثَرَةً وَأُمُورًا تُنْكِرُونَهَا قَالُوا: فَمَا تَأْمُرُنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: أَدُّوا إِلَيْهِمْ حَقَّهُمْ وَسَلُوا اللَّهَ حَقَّكُمْ"([2]).
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ : أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "يُصَلُّونَ لَكُمْ فَإِنْ أَصَابُوا فَلَكُمْ وَإِنْ أَخْطَئُوا فَلَكُمْ وَعَلَيْهِمْ"([3]).
فإذا كان هذا في أمر الصلاة، وهي أعظم أركان الإسلام بعد الشهادتين، ففي غيرها من باب أولى.
عن ابْن عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "مَنْ رَأَى مِنْ أَمِيرِهِ شَيْئًا يَكْرَهُهُ فَلْيَصْبِرْ عَلَيْهِ فَإِنَّهُ مَنْ فَارَقَ الْجَمَاعَةَ شِبْرًا فَمَاتَ إِلَّا مَاتَ مِيتَةً جَاهِلِيَّةً"([4]).
الوقفة الثانية:
قول بعضهم: "جاء في صحيح مسلم :"من أطاع الأمير فقد أطاعني ومن عصى الأمير فقد عصاني" .
وأخرج أبو داوود عن أبي موسى الأشعري:" إن من إجلال الله....... إكرام ذي السلطان المقسط".
وفي حديث عبادة بن الصامت المتفق عليه :" بايعنا رسول الله على السمع والطاعة في السر والعلن. وعلى النفقة في العسر واليسر والأثرة، وإن لا تنازع السلطان أهله، إلا أن نرى كفرا بواحا عندنا فيه من الله برهان".
وفي حديث عبد الله بن عمر عند مسلم قال رسول الله عليه وسلم: "على المرء المسلم السمع والطاعة فيما أحب وكره ما لم يؤمر بمعصية فإن أمر بمعصية فلا سمع عليه ولا طاعة".
إن طاعة الحاكم والأمير أو الرئيس العادل بهذه النصوص وغيرها، واجبة وجوبا قطعيا، إذا أمر بمعروف و طاعة أما إذا أمر بمنكر أو معصية فلا سمع له ولا طاعة، كما في الحديث: "لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق" وقد جعل الله طاعة الحاكم المسلم قرينة طاعة الله والرسول بقوله: (يا أيها الذين امنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم فإن تنازعتم قي شيء فردوه إلى الله والرسول إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر ذلك خير وأحسن تأويلا) (النساء:59).
ومن الملاحظ في الآية أن فعل أطيعوا لم يكرر في حق أولي الأمر بل اكتفى بمجرد العطف فقط. وفي هذا دلالة على أن طاعة الحاكم أو السلطان والأمير- ليست مطلقة في كل ما يقوله أو يأمر به بل لا بد أن يكون أمره ونهيه موافقا لأمر الله و أمر رسوله.
كما يلحظ أيضا في قوله: (فإن تنازعتم في شيء) أن التنازع فد يقع بين الحاكم والشعب أو يقع بينه وبين أحد أفراد رعيته خلاف ونزاع في حكم من الأحكام أو موقف من المواقف فالمرجع حينئذ قوله تعالى: (فردوه إلى الله ورسوله..)، أي إلى كتاب الله وسنة نبيه على القول بتفسير (أولي الأمر) في الآية بأنهم (الأمراء) دون (العلماء)؛ فيجوز لعامة الناس منازعة الأمراء في بعض الأمور، وليس لهم منازعة العلماء المجتهدين فالناس لا ينازعونهم في أحكامهم بل يرجعون إليهم: (فسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون)"اهـ تـفسير الألوسي (5/66).
وأكثر ما يقع الخلاف بين الحاكم وشعبه في سن قوانين قد يراها هو من المباح والمصالح المرسلة وهي في نظر العلماء ليست كذلك. وكلمة ?شيء? في الآية نكرة في سياق الشرط تفيد العموم. أي إن تنازعتم في أي شيء قليلا كان أو كثيرا من أمور الدين أو الدنيا فردوه إلى الله ورسوله..
وقال الطوفي الحنبلي في كتابه (الإشارات الإلهية إلى المباحث الأصولية (2/2: "فـالأمر في هذه الآية عام مخصوص بما إذا دعوا الناس إلى معصية أو بدعة لا تجوز طاعتهم للحديث: "إنما الطاعة في المعروف" و"لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق". وقد امتنع كثير من أئمة السلف من إجابة الخلفاء إلى المناكر والمفاسد والبدع. وهم في ذلك قدوة، والآية المذكورة حجة لهم "اهـ."اهـ
أقول : هذا الكلام فيه نظر، وبيانه في النقاط التالية:
1 ) في عبارة الكاتب ما يوهم سقوط طاعة ولي الأمر مطلقاً بمجرد أمره بمعصية، فلا يسمع و لا يطاع له، بعد أمره بمعصية، بل وذكر ما يشعر بأن محل طاعة الأمير والسلطان عنده إذا كان عادلاً، فإن كان فاسقاً أو جائراً لا طاعة له، وذلك في قوله: "إن طاعة الحاكم والأمير أو الرئيس العادل بهذه النصوص وغيرها، واجبة وجوبا قطعيا، إذا أمر بمعروف و طاعة أما إذا أمر بمنكر أو معصية فلا سمع له ولا طاعة، كما في الحديث: "لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق"اهـ.
أقول : وهذا غير مسلم، بل الصحيح والصواب أن الأمير أو السلطان إذا أمر بمعصية لا يطاع فيها، وتبقى طاعته فيما عداها، وكذا إذا كان الأمير أو السلطان ظالماً أو جائراً، لا ننزعن يداً من طاعة، في غير معصية، ويدل عليه حديث الرسول ^.
عَنْ عَوْفِ بْنِ مَالِكٍ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "خِيَارُ أَئِمَّتِكُمْ الَّذِينَ تُحِبُّونَهُمْ وَيُحِبُّونَكُمْ وَتُصَلُّونَ عَلَيْهِمْ وَيُصَلُّونَ عَلَيْكُمْ وَشِرَارُ أَئِمَّتِكُمْ الَّذِينَ تُبْغِضُونَهُمْ وَيُبْغِضُونَكُمْ وَتَلْعَنُونَهُمْ وَيَلْعَنُونَكُمْ.
قَالُوا : قُلْنَا: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَفَلَا نُنَابِذُهُمْ عِنْدَ ذَلِكَ؟
قَالَ : لَا مَا أَقَامُوا فِيكُمْ الصَّلَاةَ. لَا مَا أَقَامُوا فِيكُمْ الصَّلَاةَ .
أَلَا مَنْ وَلِيَ عَلَيْهِ وَالٍ فَرَآهُ يَأْتِي شَيْئًا مِنْ مَعْصِيَةِ اللَّهِ فَلْيَكْرَهْ مَا يَأْتِي مِنْ مَعْصِيَةِ اللَّهِ وَلَا يَنْزِعَنَّ يَدًا مِنْ طَاعَةٍ"([5]) .
وهذا أمر خطير ينبغي مراعاته، فإن إطلاق العبارات التي توهم غير المراد سبب من أسباب سوء الفهم والوقوع في الفتن؛ والمقصود: بيان وجوب السمع والطاعة لولي الأمر، وإن ظلم أو جار، وأن وجوب السمع والطاعة له ثابت في غير المعصية التي أمر بها، فإن أمر بمعصية لا نطيعه فيها فقط، ولا ننزع يداً من طاعة.
قال ابن تيمية رحمه الله: "ما يقع من ظلمهم و جورهم بتأويل سائغ أو غير سائغ فلا يجوز أن يزال لما فيه من ظلم و جور كما هو عادة أكثر النفوس تزيل الشر بما هو شر منه و تزيل العدوان بما هو أعدى منه فالخروج عليهم يوجب من الظلم و الفساد أكثر من ظلمهم، فيصبر عليه كما يصبر عند الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر على ظلم المأمور و المنهي في مواضع كثيرة"اهـ([6]).
و قال أئمة الدعوة: "ما يقع من ولاة الأمر من المعاصي والمخالفات التي لا توجب الكفر و الخروج من الإسلام فالواجب فيها مناصحتهم على الوجه الشرعي برفق و اتباع ما عليه السلف الصالح من عدم التشنيع عليهم في المجالس و مجامع الناس([7])، واعتقاد أن ذلك من إنكار المنكر الواجب إنكاره على العباد؛ وهذا غلط فاحش و جهل ظاهر لا يعلم صاحبه ما يترتب عليه من المفاسد العظام في الدين و الدنيا كما يعرف ذلك من نور الله قلبه و عرف طريقة السلف الصالح و أئمة الدين"اهـ([8]).
و لما أراد بعض العلماء نزع يد الطاعة في ولاية الواثق بسبب فتنة خلق القرآن منعهم الإمام أحمد و ناظرهم في ذلك وقال: "عليكم بالإنكار في قلوبكم ولا تخلعوا يداً من طاعة لا تشقوا عصا المسلمين و لا تسفكوا دماءكم و دماء المسلمين معكم وانظروا في عاقبة أمركم و اصبروا حتى يستريح بر و يستراح من فاجر و ليس هذا - أي نزع أيديهم من طاعة ولي الأمر - صواباً هذا خلاف الآثار.
فقال بعضهم : إنا نخاف على أولادنا إذا ظهر هذا لم يعرفوا غيره ويمحى الإسلام و يدرس"([9])!
فقال لهم الإمام أحمد : كلا إن الله عز و جل ناصر دينه و إن هذا الأمر له رب ينصره و إن الإسلام عزيز منيع!
فخرجوا من عند أبي عبدالله ولم يجبهم إلى شيء مما عزموا عليه أكثر من النهي عن ذلك و الاحتجاج عليهم بالسمع و الطاعة حتى يفرج الله عن الأمة"([10]).
و قال العلامة الإمام عبد اللطيف آل الشيخ رحمه الله تعالى: "أكثر ولاة أهل الإسلام من عهد يزيد بن معاوية حاشا عمر بن عبد العزيز ومن شاء الله من بني أمية قد وقع منهم من الجراءة والحوادث العظام والخروج و الفساد في ولاية أهل الإسلام و مع ذلك فسيرة الأئمة الأعلام و السادة العظام معهم معروفة مشهورة لا ينزعون يداً من طاعة فيما أمر الله به و رسوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من شرائع الإسلام لا يعلم أن أحداً من الأئمة نزع يداً من طاعة و لا رأى الخروج عليهم"اهـ([11]).
2 ) في عبارة الكاتب ما يوهم أن ما يأتي به ولي الأمر من أنظمة يشترط في قبولها أن توافق ما في الكتاب والسنة، يعني و لا تخالف ما فيهما، وهذا فيه ما يوهم رد الأنظمة والقوانين التي لم يأت ما يوافقها في الكتاب والسنة، فهو يقول: "ومن الملاحظ في الآية أن فعل (أطيعوا) لم يكرر في حق (أولي الأمر) بل اكتفى بمجرد العطف فقط. وفي هذا دلالة على أن طاعة الحاكم أو السلطان والأمير ليست مطلقة في كل ما يقوله أو يأمر به بل لا بد أن يكون أمره ونهيه موافقا لأمر الله و أمر رسوله"اهـ.
أقول: هذا الكلام غير بيّن، وعبارة الكاتب غامضة فيه، وظاهرها أن أي نظام يضعه ولي الأمر لا يوافق الكتاب والسنة و لا يخالف الكتاب والسنة أنه مردود، وهذا غير مستقيم، بل هذا تطبق فيه الآية فتجب طاعة ولي الأمر فيما أمر به من هذا القسم، بل ظاهر الآية ذلك، فإن ما أمر به ولي الأمر مما يوافق الكتاب والسنة داخل في طاعة الله ورسوله، فلا معنى لتكراره، ومقصود الآية بيان وجوب طاعة ولاة الأمر فيما لم يأت في الكتاب والسنة و لا يخالفهما، وهو باب المصالح المرسلة، ويوضحه: أن الله تعالى ورسوله: أوجب طاعة أولي الأمر ولم يستثن منه سوي المعصية فبقي ما عداه على الامتثال.
قال الشيخ عبيد الرحمن المباركفوري رحمه الله:" الإمام إذا أمر بمندوب أو مباح وجب"اهـ(2) .
وقال سماحة الشيخ عبدالعزيز بن باز رحمه الله تعالى : "هذا باطل ومنكر بل يجب السمع و الطاعة في هذه الأمور التي ليس فيها منكر بل نظمها ولي الأمر لمصالح المسلمين يجب الخضوع لذلك والسمع و الطاعة في ذلك لأن هذا من المعروف الذي ينفع المسلمين"اهـ(1)
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله :"إذا أمروا بأمر فإنه لا يخلو من ثلاثة حالات :
الحالة الأولى : أن يكون مما أمر الله به فهذا يجب علينا امتثاله لأمر الله به و أمرهم به لو قالوا : أقيموا الصلاة وجب علينا إقامتها امتثالاً لأمر الله و امتثالاً لأمرهم قال تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ) (النساء: من الآية59).
الحالة الثانية : أن يأمروا بما نهى الله عنه و في هذه الحالة نقول سمعاً و طاعة لله و معصية لكم لأنه لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق مثل أن يقول : لا تصلوا جماعة في المساجد فنقول : لا سمع و لا طاعة.
الحالة الثالثة : أن يأمروا بأمر ليس عليه أمر الله و رسوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ولا نهي الله ورسوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : فالواجب السمع و الطاعة لا نطيعهم لأنهم فلان و فلان و لكن لأن الله أمرنا بطاعته و أمرنا بذلك رسوله عليه الصلاة و السلام قال :"اسمع و أطع و إن ضرب ظهرك و أخذ مالك"([12])"اهـ([13]).
3 ) في كلامه جواز منازعة الأمراء، بل وأكد عدم جواز منازعة العلماء في اجتهادهم، فهو يقول: "كما يلحظ أيضا في قوله: (فإن تنازعتم في شيء) أن التنازع فد يقع بين الحاكم والشعب أو يقع بينه وبين أحد أفراد رعيته خلاف ونزاع في حكم من الأحكام أو موقف من المواقف فالمرجع حينئذ قوله تعالى: (فردوه إلى الله ورسوله...)، أي إلى كتاب الله وسنة نبيه على القول بتفسير (أولي الأمر) في الآية بأنهم (الأمراء) دون (العلماء)؛ فيجوز لعامة الناس منازعة الأمراء في بعض الأمور، وليس لهم منازعة العلماء المجتهدين فالناس لا ينازعونهم في أحكامهم بل يرجعون إليهم: (فسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون)"اهـ تـفسير الألوسي (5/66)."اهـ
أقول: هذا غير مسلم، بل لا يجوز منازعة الأمر أهله، وهو ما قاله في الحديث الذي أورد الكاتب نفسه هداه الله، فقد أورد حديث عبادة بن الصامت المتفق عليه :"بايعنا رسول الله على السمع والطاعة في السر والعلن. وعلى النفقة في العسر واليسر والأثرة، وإن لا تنازع السلطان أهله، إلا أن نرى كفرا بواحا عندنا فيه من الله برهان". وهذا الحديث نص في عدم جواز منازعة الأمر أهله، لا للعامة ولا لغيرهم، خلافاً لما ذكره كاتب المقال.
وأمّا منازعة المجتهدين في اجتهاداتهم فهذه كتب الخلاف بين يديك انظر فيها، حتى قال مالك إمام دار الهجرة: "ما منا إلا رد أو مردود عليه، إلا صاحب هذا القبر".
نعم العامي ليس له ذلك، إنما مرجعه إلى المفتي، (فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون) .
الوقفة الثالثة :
نقله عن سماحة الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز رحمه الله ما يوهم أنه يجيز المظاهرات والمسيرات السلمية، وذلك في قوله: "وقال سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله: "إن العلماء وجميع الدعاة وأنصار الحق أوصوا بتجنب المسيرات والمظاهرات التي تضر بالدعوة ولا تنفعها وتسبب الفرقة بين المسلمين والفتنة بين الحكام والمحكومين"اهـ مجموع الفتاوى (7/344).
فسماحته لم يعترض على المظاهرات السلمية وإنما منع المظاهرات غير السلمية وهي التي ينتج منها المفاسد والفتن وهذه حرام ولا شك"اهـ.
أقول : هذا النقل غير مستقيم، فإنه أنقص منه عبارات تالية توضح أن قوله فيما نقله: "التي تضر بالدعوة و لا تنفعها" وصف كاشف، لا مفهوم مخالفة له، فالشيخ يريد وصف المظاهرات والمسيرات عموماً بأنها تضر بالدعوة و لا تنفعها، وعبارته مع ما يليها: "كما أوصي العلماء وجميع الدعاة وأنصار الحق أن يتجنبوا المسيرات والمظاهرات التي تضر الدعوة ولا تنفعها وتسبب الفرقة بين المسلمين والفتنة بين الحكام والمحكومين .
وإنما الواجب سلوك السبيل الموصلة إلى الحق واستعمال الوسائل التي تنفع ولا تضر وتجمع ولا تفرق وتنشر الدعوة بين المسلمين , وتبين لهم ما يجب عليهم بالكتابات والأشرطة المفيدة والمحاضرات النافعة , وخطب الجمع الهادفة التي توضح الحق وتدعو إليه , وتبين الباطل وتحذر منه , مع الزيارات المفيدة للحكام والمسئولين , , والمناصحة كتابة أو مشافهة بالرفق والحكمة والأسلوب الحسن , عملا بقول الله عز وجل في وصف نبيه محمد صلى الله عليه وسلم : (سورة آل عمران الآية 159): (فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ) الآية . وقوله عز وجل لموسى وهارون عليهما الصلاة والسلام لما أرسلهما إلى فرعون : (سورة طه الآية 44): (فَقُولَا لَهُ قَوْلًا لَيِّنًا لَعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَى)"اهـ
ولسماحته عبارة أخرى تؤكد ما ذكرته، فهو يقول: "فالواجب على الداعي إلى الله أن يتحمل ، وأن يستعمل الأسلوب الحسن الرفيق اللين في دعوته للمسلمين والكفار جميعا , لا بد من الرفق مع المسلم ومع الكافر ومع الأمير وغيره ولا سيما الأمراء والرؤساء والأعيان ، فإنهم يحتاجون إلى المزيد من الرفق والأسلوب الحسن لعلهم يقبلون الحق ويؤثرونه على ما سواه , وهكذا من تأصلت في نفسه البدعة أو المعصية ومضى عليه فيها السنون يحتاج إلى صبر حتى تقتلع البدعة وحتى تزال بالأدلة , وحتى يتبين له شر المعصية وعواقبها الوخيمة ، فيقبل منك الحق ويدع المعصية .
فالأسلوب الحسن من أعظم الوسائل لقبول الحق .
والأسلوب السيئ العنيف من أخطر الوسائل في رد الحق وعدم قبوله وإثارة القلاقل والظلم والعدوان والمضاربات، ويلحق بهذا الباب ما قد يفعله بعض الناس من المظاهرات التي قد تسبب شرا عظيما على الدعاة ، فالمسيرات في الشوارع والهتافات والمظاهرات ليست هي الطريق للإصلاح والدعوة , فالطريق الصحيح بالزيارة والمكاتبة التي هي أحسن , فتنصح الرئيس والأمير وشيخ القبيلة بهذا الطريق لا بالعنف والمظاهرة , فالنبي صلى الله عليه وسلم مكث في مكة ثلاث عشرة سنة لم يستعمل المظاهرات ولا المسيرات ولم يهدد الناس بتخريب أموالهم واغتيالهم"اهـ([14]) .
الوقفة الرابعة :
قول بعضهم : "وملخص القول في طاعة ولي الأمر، إذا أمر أو نهى عن شيء مباح :
إن كان الأمر والنهي متوجها على فرد بذاته كأن يمنعه من السفر أو أن يتزوج من خارج البلاد ونحو ذلك. فهذا جائز وعليه السمع والطاعة لولي الأمر.
أما إذا أصدر الحاكم تنظيما أو تعميما أو قانونا يمنع فيه عامة الشعب من شيء هو مباح بأصل الشرع فإن هذا تقييد لحرية التعبير. والمظاهرة السلمية يجب أن تنضبط بالضوابط الشرعية:
1 - أن تكون المطالب مشروعة وعادلة فإن تضمنت مفسدة أو حراما فلا تجوز.
2 - ألا تؤدي المظاهرة إلى منكر آخر يساوي أو يزيد عن المنكر الذي خرج المتظاهرون لتغييره .
3 - ألا يصحب المظاهرة ترك واجب كصلاة الجمعة أو الجماعة أو تشتمل على اختلاط محرم بين الرجال والنساء.
4 - ألا تتسبب بإلحاق ضرر في الأنفس والممتلكات.
فالمظاهرات السلمية التي لا تشهر سلاحا ولا تسفك دما ولا تتعدى على الأنفس والممتلكات المعصومة- جائزة شرعا. والله أعلم"اهـ
أقول : فصله بين طاعة ولي الأمر على مستوى الفرد وطاعته على مستوى الجماعة، لم يذكر دليله فيه، وحقه أن يسوِّي بينهما، لأن العلة موجودة فيهما، سواء مع الفرد أو الجماعة.
ووضعه الضوابط المذكورة لا يصح، ولو أنصف فإن هذه الضوابط ستؤول بالحكم إلى المنع، لتعذر توفرها والقيام بها في أي مظاهرة ومسيرة، فإن المظاهرات والمسيرات إذا انطلقت يتعذر جداً السيطرة عليها.
وعلى التسليم بأن أمر المظاهرات والمسيرات على الإباحة؛ فإن المباح إذا كان ذريعة لمحرم منع منه، فما بالك وقد تبين بحسب الواقع في المظاهرات والمسيرات أنه يندس فيها أصحاب الأغراض والأهواء والجهلة وأصحاب التوجهات المخالفة والمعادية لأهل السنة والجماعة، بل ولأمة الإسلام والمسلمين وتسوق البلاد إلى أن تقع في ربقة الاحتلال الغاشم! أليس من الحكمة والفقه سد الذريعة؟!
الوقفة الخامسة :
ذكره أنه لا يحق لولي الأمر أن يقيد العامة في المباحات، فيه نظر؛ فإن ذلك إذا كان يحقق مصلحة ظاهرة، لا يرد بل يقبل ويجب تنفيذه، وهذا هو محل الأمر بطاعة ولاة الأمر المأمور به في الآية، عند التأمل.
وذكره الخلاف في المسألة لا يسوغ رد طاعة ولاة الأمر في ما يأمرون به الناس من ضبطهم وتقييدهم في بعض المباحات، وإلا ما رأي الكاتب في نظام المرور والبلديات والطرقات وغيرها من الأنظمة التي ليست في كتاب الله و لا في سنة رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هل نقول: إنها ليست ملزمة للعامة، ولهم أن يفعلوا ما يشاؤون فيها؟!
هذا ما ظهر لي ، سائلاً الله التوفيق والهدى والرشاد للجميع.
وأنقل فصلاً نفيساً من كلام ابن تيمية رحمه الله في واجب الصبر على جور الأئمة والبعد عن الخروج عليهم، لما في ذلك من الفساد.
قال ابن تيمية رحمه الله: "في الجملة أهل السنة يجتهدون في طاعة الله ورسوله بحسب الإمكان ، كما قال تعالى : (فَاتَّقُوا الله َ مَا اسْتَطَعْتُمْ) (التغابن: 16)، وقال النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إذا أمرتكم بأمر فأتوا منه ما استطعتم"([15]).
ويعلمون أن الله بعث محمداً صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بصلاح العباد في المعاش والمعاد، وأنه أمر بالصلاح ونهى عن الفساد، فإذا كان الفعل فيه صلاح وفساد رجحوا الراجح منهما، فإذا كان صلاحه أكثر من فساده رجحوا فعله، وإن كان فساده أكثر من صلاحه رجحوا تركه، فإن الله تعالى بعث رسوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بتحصيل المصالح وتكميلها، وتعطيل المفاسد وتقليلها، فإذا تولى خليفة من الخلفاء كيزيد، وعبد الملك، والمنصور وغيرهم؛
فإما أن ُيقال: يجب منعه من الولاية وقتاله حتى يولى غيره كما يفعله من يرى السيف؛ فهذا رأي فاسد ، فإن مفسدة هذا أعظم من مصلحته؛ وقلّ من خرج على إمام ذي سلطان إلا كان ما تولد على فعله من الشر أعظم مما تولد من الخير:
كالذين خرجوا على يزيد بالمدينة .
وكابن الأشعث الذي خرج على عبد الملك بالعراق .
وكابن المهلب الذي خرج على أبيه بخراسان .
وكأبي مسلم صاحب الدعوة الذي خرج عليهم بخراسان أيضاً.
وكالذين خرجوا على المنصور بالمدينة والبصرة .
وأمثال هؤلاء ...
وغاية هؤلاء إما أن يغلبوا وإما أن يُغلبوا ، ثم يزول ملكهم فلا يكون لهم عاقبة، فإن عبدالله بن علي وأبا مسلم هما اللذان قتلا خلقاً كثيراً، وكلاهما قتلة أبو جعفر المنصور .
وأما أهل الحرة وابن الأشعث ، وابن المهلب – وغيرهم - فهُـزموا وهُزم أصحابهم فلا أبقوا ديناً ولا أبقوا دنيا.
والله لا يأمر بأمر لا يحصل به صلاح الدين ولا صلاح الدنيا.
وإن كان فاعل ذلك من عباد الله المتقين ومن أهل الجنة فليسوا أفضل من علي وطلحة والزبير وعائشة وغيرهم، ومع ذلك لم يُحمدوا ما فعلوه من القتال، وهم أعظم قدراً عند الله وأحسن نية من غيرهم .
وكذلك أهل الحرة كان فيهم خلق من أهل العلم والدين.
وكذلك أصحاب ابن الأشعث كان فيهم خلق من أهل العلم، والله يغفر لهم كلهم....
وكان أفاضل المسلمين ينهون عن الخروج والقتال في الفتنة، كما كان عبدالله بن عمر وسعيد بن المسيب وعلي بن الحسين وغيرهم ينهون عام الحرة عن الخروج على يزيد، وكما كان الحسن البصري ومجاهد وغيرهما ينهون عن الخروج في فتنة ابن الأشعث.
ولهذا استقر أمر أهل السنة على ترك القتال في الفتنة للأحاديث الصحيحة الثابتة عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وصاروا يذكرون هذا في عقائدهم، ويأمرون بالصبر على جور الأئمة وترك قتالهم، وإن كان قد قاتل في الفتنة خلق كثير من أهل العلم والدين.
وباب قتـال أهل البغي والأمر بالمعـروف والنهي عن المنكر يشتبه بالقـتال في الفتنة، وليس هذا موضع بسطه .
ومن تأمل الأحاديث الصحيحة الثابتة عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في هذا الباب، واعتبر اعتبار أولي الأبصار؛ علم أن الذي جاءت به النصوص النبوية خير الأمور.
ولهذا لما أراد الحسين رضي الله عنه أن يخرج إلى أهل العراق لما كاتبوه كتباً كثيرة أشار عليه أفاضل أهل العم والدين كابن عمر، وابن عباس، وأبي بكر بن عبدالرحمن بن حارث بن هشام أن لا يخرج، وغلب على ظنهم أنه يُـقتل، حتى إن بعضهم قال: أستودعك الله من قتيل. وقال بعضهم: لولا الشناعة لأمسكتك ومنعتك من الخروج. وهم بذلك قاصدون نصيحته، طالبون لمصلحته ومصلحة المسلمين، والله ورسوله إنما يأمرون بالصلاح لا بالفساد، لكن الرأي يصيب تارة ويخطئ تارة.
فتبيّن أن الأمر على ما قاله أولئك، ولم يكن في الخروج مصلحة لا في دين ولا في دنيا، بل تمكن أولئك الظلمة الطغاة من سبط رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حتى قتلوه مظلوماً شهيداً، وكان في خروجه وقتله من الفساد ما لم يكن يحصل لو قعد في بلده، فإن ما قصده من تحصيل الخير ودفع الشر لم يحصل منه شيء بل زاد الشر بخروجه وقتله، ونقص الخير بذلك، وصار ذلك سبباً لشر عظيم، وكان قتل الحسين مما أوجب الفتن، كما كان قتل عثمان مما أوجب الفتن.
وهذا كله مما يبين أن ما أمر به النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من الصبر على جور الأئمة وترك قتالهم والخروج عليهم هو أصلح الأمور للعباد في المعاش والمعاد، وأن من خالف ذلك متعمداً أو مخطئاً لم يحصل بفعله صلاح بل فساد ، ولهذا أثنى الرسول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ على الحسن بقوله : "إن ابني هذا سيد وسيصلح الله به بين فئتين عظيمتين من المسلمين"، ولم يُثن على أحد ٍ لا بقتال ولا في فتنة ولا بخروج على الأئمة، ولا نزع يد من طاعة ولا بمفارقة الجماعة.
وأحاديث النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الثابتة في الصحيـح كلها تدل على هذا، كما في صحـيح البخاري([16]) من حديث الحسن البصري: سمعت أبا بكرة رضي الله عنه قال: "سمعت النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ على المنبر والحسن إلى جنبه ينظر إلى الناس مرة وإليه مرة و يقول: "إن ابني هذا سيّد، ولعل الله أن يصلح به بين فئتين عظيمتين من المسلمين"، فقد أخبر النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بأنه سيد وحقق ما أشار إليه من أن الله يصلح به بين فئتين عظيمتين من المسلمين.
وهذا يبين أن الإصلاح بين الطائفتين كان محبوباً ممدوحاً يحبه الله ورسوله، وأن ما فعله الحسن من ذلك كان من أعظم فضائله ومناقبه التي أثنى بها عليه النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ولو كان القتال واجباً أو مستحباً لم يُثن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ على أحد بترك واجب أو مستحب، ولهذا لم يُثن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ على أحد بما جرى من القتال يوم الجمل وصفين، فضلاً عما جرى في المدينة يوم الحَرّة وما جرى بمكة في حصار ابن الزبير، وما جرى في فتنة ابن الأشعث وابن المهلب وغير ذلك من الفتن، ولكن تواتر عنه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنه أمر بقتال الخوارج([17]) المارقين الذين قاتلهم أمير المؤمنين علي رضي الله عنه بالنهروان بعد خروجهم عليه بحروراء.
فهؤلاء استفاضت السنن عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بالأمر بقتالهم ولما قاتلهم علي رضي الله عنه فرح بقتالهم وروى الحديث فيهم، واتفق الصحابة على قتال هؤلاء وكذلك أئمة أهل العلم بعدهم، ولم يكن هذا القتال عندهم كقتال أهل الجمل وصفين وغيرهما مما لم يأت فيه نص ولا إجماع، ولا حمده أفاضل الداخلين فيه، بل ندموا عليه ورجعوا عنه. ...
وكذلك الحسن كان دائماً يشير على أبيه وأخيه بترك القتال، ولما صار الأمر إليه ترك القتال وأصلح الله به بين الطائفتين المقتتلتين، وعليّ رضي الله عنه في آخر الأمر تبيّن له أن المصلحة في ترك القتال أعظم منها في فعله، وكذلك الحسين رضي الله عنه لم يُقتل إلا مظلوماً شهيداً تاركاً لطلب الإمارة، طالباً الرجوع إما إلى بلده، أو إلى الثغر أو إلى المتولي على الناس يزيد.
وإذا قال القائل: إن علياً والحسين إنما تركا القتال في آخر الأمر للعجز عنه لأنه لم يكن لهما أنصار فكان في المقاتلة قتل النفوس بلا حصول المصلحة المطلوبة.
قيل له : وهذا بعينه هو الحكمة التي راعها الشارع في النهي عن الخروج على الأمراء، وندب إلى ترك القتال في الفتنة، وإن كان الفاعلون لذلك يرون أن مقصودهم الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر كالذين خرجوا بالحرّة وبدير الجماجم على يزيد والحجاج وغيرهما.
لكن إذا لم يُزل المنكر إلا بما هو أنكر منه صار إزالته على هذا الوجه منكراً، وإذا لم يحصل المعروف إلا بمنكر مفسدته أعظم من مصلحة ذلك المعروف كان تحصيل ذلك المعروف على هذا الوجه منكراً.
وبهذا الوجه صارت الخوارج يستحلون السيف على أهل القبلة حتى قاتلت علياً وغيره من المسلمين، وكذلك من وافقهم في الخروج على الأئمة بالسيف في الجملة من المعتزلة والزيدية والفقهاء وغيرهم. …
ومما ينبغي أن يُعلم أن أسباب هذه الفتن تكون مشتركة، فيَردُ على القلوب من الواردات ما يمنع القلوب من معرفة الحق وقصده، ولهذا تكون بمنزلة الجاهلية، والجاهلية ليس فيها معرفة الحق وقصده، والإسلام جاء بالعلم النافع والعمل الصالح بمعرفة الحق وقصده، فيتفق أن بعض الولاة يظلم باستئثار، فلا تصبر النفوس على ظلمه، ولا يمكنها دفـع ظلمه إلا بما هو أعـظم فسـاداً منـه، ولكن لأجل محبـة الإنسان لأخـذ حقـه ودفـع الظلم عنه لا ينظر في الفساد العام الذي يتولد عن فعله؛ ولهذا قال النبيصَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إنكم ستلقون بعدي أثرة فاصبروا حتى تلقوني على الحوض"([18]).
وكذلك ثبت عنه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في الصحيحين أنه قال: "على المرء السمع والطاعة في يسره وعسره، ومنشطه ومكرهه، وأثرة عليه"([19]) .
وفي الصحيحين أنه قال: "بايعنا النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ على السمع والطاعة في عسرنا ويسرنا، ومنشطنا ومكرهنا، وأثرة علينا، وأن لا ننازع الأمر أهله، وأن نقول ونقوم بالحق حيثما كنا، لا نخاف في الله لومة لائم"([20]) .
فقد أمر النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ المسلمين أن يصبروا على الاستئثار عليهم، وأن يطيعوا ولا ة أمورهم وإن استأثروا عليهم، وأن لا ينازعوهم الأمر.
وكثير ممن خرج على ولاة الأمر - أو أكثرهم - إنما خرج لينازعهم مع استئثارهم عليه ولم يصبروا على الاستئثار، ثم أنه يكون لولي الأمر ذنوب أخرى فيبقى بغضه لاستئثاره يُعظّم تلك السيئات، ويبقى المقاتل له ظاناً أنه يقاتله لئلا تكون فتنة ويكون الدين كله لله، ومن أعظم ما حركه عليه طلب غرضه، إما ولاية وإما مال، كما قال تعالى: (فَإِنْ أُعْطُوا مِنْهَا رَضُوا وَإِنْ لَمْ يُعْطَوْا مِنْهَا إِذَا هُمْ يَسْخَطُونَ) (التوبة:5.
وفي الصحيح عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنه قال: "ثلاثة لا يكلمهم الله ولا ينظر إليهم يوم القيامة ولا يزكيهم، ولهم عذاب أليم:
رجل على فضل ماء يمنعه من ابن السبيل، يقول الله له يوم القيامة: اليوم أمنعك فضلي كما منعت فضل ما لم تعمل يداك.
ورجل بايع إماماً لا يبايعه إلا لدنيا إن أعطاه منها رضي، وإن منعه سخط.
ورجل حلف على سلعة بعد العصر كاذباً لقد ُأعطي بها أكثر ما أعطى"([21]).
فإذا اتفق من هذه الجهة شبهة وشهوة، ومن هذه الجهة شهوة وشبهة قامت الفتنة، والشارع أمر كل إنسان بما هو مصلحة له وللمسلمين. فأمر الولاة بالعدل والنصح لرعيتهم، حتى قال عليه الصلاة والسلام: "ما من راع يسترعيه الله رعية يموت يوم يموت وهو غاش لرعيته إلا حرّم الله عليه رائحة الجنة"([22]).
وأمر الرعية بالطاعة والنصح، كما ثبت في الصحيحين([23]): "الدين النصيحة، الدين النصيحة، الدين النصيحة، قالوا: لمن يا رسول الله ؟ قال: لله ، ولكتابه، ولرسوله، ولأئمة المسلمين وعامتهم".
وأمر بالصبر على استئثارهم ونهى عن مقاتلتهم ومنازعتهم الأمر مع ظلمهم، لأن الفساد الناشئ من القتال أعظم من فساد ظلم ولاة الأمر، فلا يزال أخف الفساد بأعظمهما .
ومن تدبر الكتاب والسنة الثابتة عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ واعتبر ذلك بما يجده في نفسه وفي الآفاق، علم تحقيق قول الله تعالى: (سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الآفَاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ) (فصلت:53)، فإن الله تعالى يُري عباده آياته في الآفاق وفي أنفسهم حتى يتبين لهم أن القرآن حق ، فخيره صدق ، وأمره عدل.
?وَتَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ صِدْقًا وَعَدْلا لا مُبَدِّلَ لِكَلِمَاتِهِ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ? (الأنعام:115)"اهـ([24]).
______________
([1]) صحيح، أخرجه ابن سعد في الطبقات (6/115) . فائدة : قال الحافظ في الفتح (13/13) : "قتل عثمان كان أشد أسبابه : الطعن على أمرائه ثم عليه بتوليته لهم"انتهى .
([2]) أخرجه البخاري في كتاب الفتن، باب سترون بعدي، حديث رقم (7052)، ومسلم في كتاب الإمارة، باب وجوب الوفاء ببيعة الخلفاء الأول فالأول، حديث رقم 0(1843).
([3]) أخرجه البخاري في كتاب الأذان، باب إذا لم يتم الإمام وأتم من خلفه، حديث رقم (694).
([4]) أخرجه البخاري في كتاب الفتن، باب قول النبي r: "سترون..."، حديث رقم (7054)، ومسلم في كتاب الإمارة، باب وجوب ملازمة جماعة المسلمين عند ظهور الفتن، حديث رقم (184) .
([5]) أخرجه مسلم في كتاب الإمارة، باب خيار الأئمة وشرارهم، حديث رقم (1855).
([6]) مجموع الفتاوى (28/179).
([7]) قف : إذا كان العلماء ينكرون التشنيع على الأمراء والسلاطين في المجالس ومجامع الناس، أليس من باب أولى يكون حال المظاهرات والمسيرات أشنع من ذلك؟!
([8]) نصيحة مهمة ص30.
([9]) هذه الشبه يحتج بها كثير ممن لا يصبرون على جور الأئمة! فتأمل جواب الإمام أحمد رحمه الله جيداً تجده مطابقاً للسنة .
([10]) انظر : محنة الإمام أحمد 70-72 و مجموع الفتاوى (12/48 و المعاملة ص 7.
([11]) الدرر السنية (7/177). قف : أليس في هذا الكلام ما يدل على أن السعي بالمظاهرات والمسيرات والاعتصامات من صور الخروج على ولاة الأمر خاصة إذا تذكرنا ما يصاحب ذلك في العادة؟!
(2) تحفة الأحوذي (5/365) . بواسطة السنة فيما يتعلق بولي الأمة ص35
(1) المعلوم ص19 . بواسطة السنة فيما يتعلق بولي الأمة ص35.
([12]) أخرجه مسلم في كتاب الإمارة، باب وجوب ملازمة جماعة المسلمين عند ظهور الفتن، حديث رقم (1847).
([13]) من شريط "طاعة ولاة الأمر" . بواسطة السنة فيما يتعلق بولي المة ص31.
([14]) مجموع فتاوى سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله(27/164).
([15]) أخرجه البخاري في كتاب الإعتصام بالكتاب والسنة، باب الاقتداء بسنن الرسول r، حديث رقم (72 ، ومسلم في كتاب الحج، باب فرض الحج مرة في العمر، حديث رقم (1337). ولفظ الحديث عند البخاري: "عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "دَعُونِي مَا تَرَكْتُكُمْ إِنَّمَا هَلَكَ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ بِسُؤَالِهِمْ وَاخْتِلَافِهِمْ عَلَى أَنْبِيَائِهِمْ فَإِذَا نَهَيْتُكُمْ عَنْ شَيْءٍ فَاجْتَنِبُوهُ وَإِذَا أَمَرْتُكُمْ بِأَمْرٍ فَأْتُوا مِنْهُ مَا اسْتَطَعْتُمْ".
([16]) في كتاب الصلح، باب قول النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ للحسن، حديث رقم (2704).
(1) انظر " نظم المتناثر من حديث المتواتر " ( رقم : 19 ) للكتاني .
([18]) أخرجه البخاري في كتاب المناقب، باب قول النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ للأنصار، حديث رقم (3792، 3793)، ومسلم في كتاب الإمارة باب الأمر بالصبر عند ظلم الولاة واستئثارهم، حديث رقم (1845)، ولفظ الحديث عند البخاري: "عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ عَنْ أُسَيْدِ بْنِ حُضَيْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ: أَنَّ رَجُلًا مِنْ الْأَنْصَارِ قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَلَا تَسْتَعْمِلُنِي كَمَا اسْتَعْمَلْتَ فُلَانًا؟! قَالَ: سَتَلْقَوْنَ بَعْدِي أُثْرَةً فَاصْبِرُوا حَتَّى تَلْقَوْنِي عَلَى الْحَوْضِ".
([19]) أخرجه البخاري في كتاب الفتن، باب قول النبي r: "سترون بعدي أثرة"، حديث رقم (7056)، ومسلم في كتاب الإمارة باب وجوب طاعة الأمراء في غير معصية، حديث رقم (1709). ولفظ الحديث عند البخاري: "عَنْ جُنَادَةَ بْنِ أَبِي أُمَيَّةَ قَالَ: دَخَلْنَا عَلَى عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ وَهُوَ مَرِيضٌ قُلْنَا: أَصْلَحَكَ اللَّهُ حَدِّثْ بِحَدِيثٍ يَنْفَعُكَ اللَّهُ بِهِ سَمِعْتَهُ مِنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: دَعَانَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَبَايَعْنَاهُ فَقَالَ: فِيمَا أَخَذَ عَلَيْنَا أَنْ بَايَعَنَا عَلَى السَّمْعِ وَالطَّاعَةِ فِي مَنْشَطِنَا وَمَكْرَهِنَا وَعُسْرِنَا وَيُسْرِنَا وَأَثَرَةً عَلَيْنَا وَأَنْ لَا نُنَازِعَ الْأَمْرَ أَهْلَهُ إِلَّا أَنْ تَرَوْا كُفْرًا بَوَاحًا عِنْدَكُمْ مِنْ اللَّهِ فِيهِ بُرْهَانٌ".
([20]) أخرجه البخاري في كتاب الأحكام، باب كيف يبايع الإمام الناس، حديث رقم (7199)، ومسلم في كتاب الإمارة، باب وجوب طاعة الأمراء في غير معصية، حديث رقم (1709)، واللفظ عند البخاري: "عَنْ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ قَالَ: بَايَعْنَا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى السَّمْعِ وَالطَّاعَةِ فِي الْمَنْشَطِ وَالْمَكْرَهِ وَأَنْ لَا نُنَازِعَ الْأَمْرَ أَهْلَهُ وَأَنْ نَقُومَ أَوْ نَقُولَ بِالْحَقِّ حَيْثُمَا كُنَّا لَا نَخَافُ فِي اللَّهِ لَوْمَةَ لَائِمٍ".
([21]) أخرجه البخاري في كتاب المساقاة، باب من رأى أن صاحب الحوض والقربة أحق بمائه، حديث رقم (2369)، ومسلم في كتاب الإيمان بيان غلظ تحريم إسبال الإزار والمن بالعطية، حديث رقم (10) . ولفظ الحديث عند مسلم: "عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "ثَلَاثٌ لَا يُكَلِّمُهُمْ اللَّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلَا يَنْظُرُ إِلَيْهِمْ وَلَا يُزَكِّيهِمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ رَجُلٌ عَلَى فَضْلِ مَاءٍ بِالْفَلَاةِ يَمْنَعُهُ مِنْ ابْنِ السَّبِيلِ وَرَجُلٌ بَايَعَ رَجُلًا بِسِلْعَةٍ بَعْدَ الْعَصْرِ فَحَلَفَ لَهُ بِاللَّهِ لَأَخَذَهَا بِكَذَا وَكَذَا فَصَدَّقَهُ وَهُوَ عَلَى غَيْرِ ذَلِكَ وَرَجُلٌ بَايَعَ إِمَامًا لَا يُبَايِعُهُ إِلَّا لِدُنْيَا فَإِنْ أَعْطَاهُ مِنْهَا وَفَى وَإِنْ لَمْ يُعْطِهِ مِنْهَا لَمْ يَفِ".
([22]) أخرجه البخاري في كتاب الأحكام، باب من استرعي رعية، فلم ينصح، حديث رقم (7150، 7151)، ومسلم في كتاب ألإيمان باب استحقاق الوالي الغاش لرعيته النار، حديث رقم (142). ولفظ مسلم : عَنْ الْحَسَنِ قَالَ: عَادَ عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ زِيَادٍ مَعْقِلَ بْنَ يَسَارٍ الْمُزنِيَّ فِي مَرَضِهِ الَّذِي مَاتَ فِيهِ قَالَ مَعْقِلٌ: إِنِّي مُحَدِّثُكَ حَدِيثًا سَمِعْتُهُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَوْ عَلِمْتُ أَنَّ لِي حَيَاةً مَا حَدَّثْتُكَ: إِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: مَا مِنْ عَبْدٍ يَسْتَرْعِيهِ اللَّهُ رَعِيَّةً يَمُوتُ يَوْمَ يَمُوتُ وَهُوَ غَاشٌّ لِرَعِيَّتِهِ إِلَّا حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ".
([23]) علقه البخاري في كتاب الإيمان باب قول الرسول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "الدين النصيحة لله ولرسوله ولأئمة المسلمين"، وأخرجه مسلم في كتاب الإيمان، باب بيان أن الدين النصيحة، حديث رقم (55). من حديث تميم الداري رضي الله عنه.
([24]) منهاج السنة (4/527 - 543) باختصار، وهو فصل ماتع نفيس كثير الفوائد كعادته رحمه الله.