بسم الله الرحمن الرحيم
هل يجوز التسمي بالسلفي أو الأثري
خصوصا عندما كثرت دعاوى الانتساب للسلفية
أقول بعد حمد الله المتعالي العظيم، والصلاةِ والسلام على رسوله النبي الكريم، ومن اهتدى بهديه إلى يوم الدين:
أما التبري من السلف والسلفية؛ فهو كالتبري من الإسلام والمسلمين، لا يقوله مسلم، أما التبري من التعصب للسلفيين، الذين وصلوا بسلفيتهم المزعومة إلى حد التحزب والتعصب المقيت، فهذا التبري منه جائز بل واجب، فلا يجوز المولاة أو المعاداة على شيخ أو أستاذ، أو داعٍ أو زعيم، أو طائفة أو قبيلة أو حزب، سواء ادعى السلفية أو غيرها، فالتحزب تحت أي اسم ممقوت، والتعصب تحت أي شعار محظور، والموالاة والمعاداة تحت أي عنوان سوى الإسلام هو التفرق والتشرذم المذموم.
وإليكَ عزيزي القارئ ما قاله شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله- في مجموع الفتاوى (20/164):
"وليس لأحد أن ينصب للأمة شخصاً يدعو إلى طريقته، ويوالي ويعادي عليها غير النبي صلى الله عليه وسلم (ولا ينصب لهم كلاماً يوالي عليه ويعادي غير كلام الله -عز وجل- ورسوله) وما اجتمعت عليه الأمة، هذا من فعل أهل البدع الذين ينصبون لهم شخصاً أو كلاماً يفرقون به بين الأمة، يوالون به على ذلك الكلام أو تلك النسبة ويعادون" (1).
وقال ابن تيمية -رحمه الله- أيضاً (28/15-16):
"فإذا كان المعلم أو الأستاذ قد أمر بهجر شخص، أو بإهداره وإسقاطه وإبعاده، ونحو ذلك نظر فيه؛ فإذا كان قد فعل ذنباً شرعياً؛ لم يجز أن يعاقب بشيء لأجل غرض المعلم أو غيره.
وليس للمعلمين أن يحزبوا الناس، ويفعلوا ما يلقي بينهم العداوة والبغضاء، بل يكونوا مثل الإخوة المتعاونين على البر والتقوى، كما قال الله تعالى:
(... وتعاونوا على البر والتقوى و لا تعاونوا على الإثم والعدوان واتقوا الله إن الله شديد العقاب) سورة المائدة، الآية: (2).
وهاك ما قاله علماء العصر؛ علماء الأمة في هذا الزمان، عما آل إليه حال المنتسبين للسلف؛ السلفيين:
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
كلمة مضيئة
لسماحة العلامة/ عبد العزيز بن باز (رحمه الله) الذي لم يذيل اسمه بـ(السلفي):
((... الواجب على طلبة العلم وعلى أهل العلم معرفة واجب العلماء، والواجب عليهم حسن الظن وطيب الكلام والبعد عن سيئ الكلام، فالدعاة إلى الله -جل وعلا- حقهم عظيم على المجتمع.
فالواجب أن يُساعَدوا على مهمتهم بكلام طيب، وبأسلوب حسن، والظن الصالح الطيب، لا بالعنف والشدة، ولا بتتبع الأخطاء وإشاعتها، للتنفير من فلان وفلان.
يجب أن يكون طالب العلم، ويكون السائل يطلب الخير والفائدة، ويسأل عن هذه الأمور، وإذا وقع خطأ أو إشكال سأل بالحكمة والنية الصالحة، كل إنسان يخطئ ويصيب، ما فيه أجد معصوم إلا الرسل -عليهم الصلاة والسلام- معصومون فيما يبلغون عن ربهم، والصحابة وغيرهم كل واحد قد يخطئ وقد يصيب، والعلماء كلامهم معروف في هذا والتابعون ومن بعدهم.
ليس معنى هذا أن الداعية معصوم، أو العالم أو المدرس أو الخطيب، لا! قد يخطئون، فالواجب إذا نُبه أن يتنبه، وعلى من يشكل عليه شيء أن يسأل بالكلام الطيب، والقصد الصالح حتى تحصل الفائدة.
ويزول الإشكال من غير أن يقع في عرض فلان أو النيل منه.
العلماء هم ورثة الأنبياء، وليس معنى هذا أنهم لا يخطئون أبداً، فهم إن أخطأوا لهم أجر، وإن أصابوا لهم أجران.
يقول الرسول: ((إذا حكم الحاكم فاجتهد ثم أصاب فله أجران، فإذا حكم فاجتهد ثم أخطأ فله أجر)). رواه البخاري (9/193)، ومسلم (33/1342).
وإخواننا الدعاة إلى الله -عز وجل- في هذه البلاد حقهم على المجتمع أن يََُسَاعَدوا على الخير، وأن يُحسن بهم الظن، وأن يبين الخطأ بالأسلوب الحسن، ليس بقصد التشهير والعيب.
بعض الناس يكتب نشرات في بعض الدعاة، نشرات خبيثة رديئة لا ينبغي أن يكتبها طالب علم، فلا ينبغي هذا الأسلوب ....))
كلمة مضيئة
لسماحة العلامة/ محمد بن صالح العثيمين (رحمه الله) الذي لم يميز نفسه بـ(الأثري):
((إنه إذا كثرت الأحزاب في الأمة فلا تنتم إلى حزب، فقد ظهرت طوائف من قديم الزمان مثل الخوارج والمعتزلة، والجهمية والرافضة، ثم ظهرت أخيراً إخوانيون وسلفيون، وتبليغيون وما أشبه ذلك، فكل هذه الفرق اجعلها على اليسار، وعليك بالأمام؛ وهو ما أرشد إليه النبي صلى الله عليه وسلم في قوله: "عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين"
ولا شك أن الواجب على جميع المسلمين أن يكون مذهبهم مذهب السلف؛ لا الانتماء إلى حزب معين يسمى السلفيين.
والواجب أن تكون الأمة الإسلامية مذهبها مذهب السلف الصالح، لا التحزب إلى ما يسمى (السلفيون)، فهناك طريق السلف، وهناك حزب يسمى (السلفيون)، والمطلوب اتباع السلف)) شرح الأربعين النووية، حديث (2 أوصيكم بتقوى الله والسمع والطاعة، ص (308،309).
ويقول الشيخ العلامة د. صالح بن فوزان الفوزان (حفظه الله) الذي لم يصف نفسه (بالسلفي ولا الأثري) مزكيا لها؛ مع أنه يشهد له بأنه سلفي أثري قولا وفعلا واعتقادا:
"هناك من يدعي أنه على مذهب السلف لكن يخالفهم، يغلوا ويزيد، ويخرج عن طريقة السلف.
ومنهم من يدعي أنه على مذهب السلف، ويتساهل ويضيع ويكتفي بالانتساب.
الذي على منهج السلف يعتدل ويستقيم بين الإفراط والتفريط، هذه طريقة السلف لا غلو ولا تساهل، ولهذا قال الله تعالى: (... والذين اتبعوهم بإحسان ..)
فإذا أردت أن تتبع السلف لا بد أن تعرف طريقتهم، فلا يمكن أن تتبع السلف إلا إذا عرفت طريقتهم، وأتقنت منهجهم من أجل أن تسير عليه، وأما مع الجهل فلا يمكن أن تسير على طريقتهم وأنت تجهلها ولا تعرفها، أو تنسب إليهم ما لم يقولوه ولم يعتقدوه، تقول: هذا مذهب السلف، كما يحصل من بعض الجهال -الآن- الذين يسمون أنفسهم (سلفيين) ثم يخالفون السلف،ويشتدون ويكفرون، ويفسقون ويبدعون.
السلف ما كانوا يبدعون ويكفرون ويفسقون إلا بدليل وبرهان، ما هو بالهوى أو الجهل، إنك تخط خطة وتقول: من خالفها فهو مبتدع، فهو ضال، لا -يا أخي- ما هذا بمنهج السلف.
منهج السلف العلم والعمل، العلم أولاً ثم العمل على هدى، فإذا أردت أن تكون سلفياً حقاً؛ فعليك أن تدرس مذهب السلف بإتقان، وتعرفه ببصيرة، ثم تعمل به من غير غلو ومن غير تساهل، هذا منهج السلف الصحيح، أما الإدعاء والانتساب من غير حقيقة فهو يضر ولا ينفع". (1) من إجابات الشيخ على أسئلة الحضور في شرح العقيدة الطحاوية ، لعام 1425 هـ ، وهو مسجل على شريط حول هذا الموضوع .
فإلى هؤلاء أقول :
كونوا دعاة لا أدعياء، ادعوا إلى السلفية الحقة، قولاً وعملاً، على ضوء الكتاب والسنة، بلا إفراط ولا تفريط، ولا تدّعوا السلفية قولاً بلا عمل.
والدعاوى ما لم يقيموا عليها بينات أبناؤها أدعياء
شعار الأدعياء
ما هوالحكم في قول من يقول: "نحن سلفيون" أو "أنا سلفي" أو يذيلون أسمائهم بلقب (السلفي) في أختام مثل (فلان بن فلان السلفي)، أو (الأثري) وهكذا، ادعاء مظهري خاوي من المضمون الجوهري.
سئل صاحب الفضيلة العلامة د. صالح بن فوزان الفوزان (حفظه الله) هذا السؤال/
بعض الناس يختم اسمه (بالسلفي) أو (الأثري) فهل هذا من تزكية النفس أو هو موافق للشرع ؟
الجواب :
"المطلوب أن الإنسان يتبع الحق، المطلوب أن الإنسان يبحث عن الحق ويطلب الحق ويعمل به، أما إنه يتسمى بأنه (سلفي) أو (أثري) أو ما أشبه ذلك فلا داعي لهذا، الله يعلم سبحانه وتعالى: (قل أتعلمون الله بدينكم والله يعلم ما في السماوات وما في الأرض والله بكل شيء عليم).
فالله يعلم ما في السماوات وما في الأرض، والله بكل شيء عليم .
فالتسمي (سلفي، أثري) أو ما أشبه ذلك، هذا لا أصل له، نحن ننظر إلى الحقيقة ولا ننظر إلى القول والتسمي والدعاوى، قد يقول إنه سلفي وما هو بسلفي، أو أثري وما هو بأثري، وقد يكون سلفياً أو أثرياً؛ وهو ما قال إنه أثري أو سلفي.
فالنظر إلى الحقائق لا إلى المسميات ولا إلى الدعاوى، وعلى المسلم أن يلزم الأدب مع الله سبحانه وتعالى، لما قالت الأعراب: (آمنا) أنكر الله عليهم (قالت الأعراب آمنا قل لم تؤمنوا ولكن قولوا أسلمنا) (ولكن قولوا أسلمنا)، الله أنكر عليهم أن يسموا ويصفون أنفسهم بالإيمان، وهم ما بعد وصلوا لهذه المرتبة، أعراب جاءوا من البادية، ويدعون أنهم صاروا مؤمنين على طول، لا. أسلموا دخلوا في الإسلام، وإذا استمروا وتعلموا دخل الإيمان في قلوبهم شيئاً فشيئاً (ولما يدخل الإيمان في قلوبكم) وكلمة (لما) للشيء الذي يتوقع، يعني سيدخل الإيمان، لكن إنك تدعيه من أول مرة هذه تزكية للنفس.
فلا حاجة إنك تقول: "أنا سلفي، أنا أثري" أنا كذا، أنا كذا، عليك أن تطلب الحق وتعمل به وتصلح النية، والله الذي يعلم -سبحانه- الحقائق" (1). انتهى كلامه (حفظه الله).
وكم لهذا الشعار من أثار على من يحمله، فهو يولد عند حديثي الأسنان من السفهاء استيلاء التدين على إخوانهم، والزهو والغرور بالانتساب إلى السلفية، وأنه أصبح اسمه (فلان السلفي)، وبهذا الشعار يوحي بعضهم إلى بعض زخرف القول غروراً، بأنهم قد نجوا من الفرق الثنتين والسبعين الهالكة، وأصبحوا في عداد الفرقة الناجية، أو الطائفة المنصورة، فيصبرون من تبعهم بها على ضلالهم.
فيا لله من هذا العُجب الذي أتى بالعجب.
وانظر إلى هؤلاء الأدعياء كيف تجرؤا على أن ينجوا أنفسهم بأنفسهم، ويهلكوا إخوانهم بزعمهم؟! والله سبحانه وتعالى يقول:
(إن ربك هو أعلم بمن ضل عن سبيله وهو أعلم بالمهتدين). النحل 125 .
ثم اعلم أنه لا يلجأ إلى تزكية النفس إلا ضعيف النفس، مقبل على شهواتها، مغفل عن دسائسها، وأما عالي الهمة؛ فيعلم أنها من الله منَّة ونعمة، فيسترها بالتواضع، لأن كل ذي نعمة محسود.
ويقول العلامة د. صالح بن فوزان الفوزان (السلفي) (حفظه الله):
"إن الذين يسخرون من العلماء يريدون أن يُفقدوا الأمة علماءها، حتى ولو كانوا موجودين على الأرض، ما دام أنها قد نزعت منهم الثقة؛ فقد فُقِدوا ... ولا حول ولا قوة إلا بالله". (وجوب التثبت في الأخبار واحترام العلماء)، ص (50).
ولقد جارى بعض مدعي السلفية -زعموا- مبدأ الأحزاب والفرق، وهو (إذا لم تكن معي فأنت ضدي)، إذا لم تقل مثلهم "أنا سلفي" ولم تعاد من عادوه، وتضلل من ضللوه، وتبدع من بدعوه، وتهجر من هجروه، وتحذر كما يحذرون، وتقصي من أقصوه، وتدني من أدنوه، فأنت ضدهم وخارج عن المنهج السلفي، كما يزعمون.
يقول العلامة الشيخ/ محمد بن صالح العثيمين -رحمه الله-:
"فمن الناس من يتحزب إلى طائفة معينة، يقرر منهجها، ويستدل عليه بالأدلة التي قد تكون دليلاً عليه، وقد تكون دليلاً له، ويحامي دونها ويضلل من سواها، وإن كانوا أقرب إلى الحق منها يضلل، ويأخذ بمبدأ (من ليس معي فهو عليّ) وهذا مبدأ خبيث" انتهى كلامه.
فهؤلاء لا يرضون عن أحد من الناس حتى يوافقهم على هواهم، ويتبع مسلكهم هذا، وإن بدا منهم رضا عنك، فهو رضا مظهري، سرعان ما ينكشف عن الحقيقة الكامنة، بمجرد مناقشتهم بالدليل والإنكار عليهم وترك مداهنتهم.
ولعل هذا المبدأ الذي أخذوا به ناتج عن أسباب من أهمها:
1. تحاملهم الشديد على العلماء، والدعاة المصلحين في تضليلهم والتحذير منهم، وإسقاطهم من أعين الناس.
2. وقوعهم في الحزبية التي نادوا بها تحت ستار (السلفية).
3 - ردة الفعل عندهم بسب الآراء المخالفة لأهوائهم ولما يدعون إليه.
4 - شعورهم بالنبذ وعدم القبول لما يطرحونه من آراء شاذة لدى عامة الناس فضلاً عن المتعلمين منهم.
فلا يوجد عندهم اعتذار لأهل الصلاح والفضل عما وقعوا فيه من بدعة عن اجتهاد، وحمل كلامهم المشكل على أحسن محمل.
فهؤلاء حقيق وجدير بكل مسلم أن يتبرأ من طريقتهم التي لا تختلف عن طريقة أهل الأهواء والبدع، ولكن اختلف العنوان، وتغير لون الشعار (السلفيون)
لعلها اتضحت الحقيقة، وزال اللبس، ووضح الاشتباه.
وفي الختام أسأل الله العظيم الجليل لي ولك ولسائر المسلمين بالتوفيق والسداد في الأمور كلها، وأن يحيينا ويميتنا على كلمة التوحيد والإخلاص، وشهادة (ألاإله إلا الله، وأن محمدا رسول الله) وعلى منهاج السلف الصالح من الصحابة والتابعين، ومن اهتدى بهديهم إلى يوم الدين, اللهم آمين آمين!!
الفقير إلى عفو رب العباد
أبو المنذر فؤاد
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
هل يجوز التسمي بالسلفي أو الأثري
خصوصا عندما كثرت دعاوى الانتساب للسلفية
أقول بعد حمد الله المتعالي العظيم، والصلاةِ والسلام على رسوله النبي الكريم، ومن اهتدى بهديه إلى يوم الدين:
أما التبري من السلف والسلفية؛ فهو كالتبري من الإسلام والمسلمين، لا يقوله مسلم، أما التبري من التعصب للسلفيين، الذين وصلوا بسلفيتهم المزعومة إلى حد التحزب والتعصب المقيت، فهذا التبري منه جائز بل واجب، فلا يجوز المولاة أو المعاداة على شيخ أو أستاذ، أو داعٍ أو زعيم، أو طائفة أو قبيلة أو حزب، سواء ادعى السلفية أو غيرها، فالتحزب تحت أي اسم ممقوت، والتعصب تحت أي شعار محظور، والموالاة والمعاداة تحت أي عنوان سوى الإسلام هو التفرق والتشرذم المذموم.
وإليكَ عزيزي القارئ ما قاله شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله- في مجموع الفتاوى (20/164):
"وليس لأحد أن ينصب للأمة شخصاً يدعو إلى طريقته، ويوالي ويعادي عليها غير النبي صلى الله عليه وسلم (ولا ينصب لهم كلاماً يوالي عليه ويعادي غير كلام الله -عز وجل- ورسوله) وما اجتمعت عليه الأمة، هذا من فعل أهل البدع الذين ينصبون لهم شخصاً أو كلاماً يفرقون به بين الأمة، يوالون به على ذلك الكلام أو تلك النسبة ويعادون" (1).
وقال ابن تيمية -رحمه الله- أيضاً (28/15-16):
"فإذا كان المعلم أو الأستاذ قد أمر بهجر شخص، أو بإهداره وإسقاطه وإبعاده، ونحو ذلك نظر فيه؛ فإذا كان قد فعل ذنباً شرعياً؛ لم يجز أن يعاقب بشيء لأجل غرض المعلم أو غيره.
وليس للمعلمين أن يحزبوا الناس، ويفعلوا ما يلقي بينهم العداوة والبغضاء، بل يكونوا مثل الإخوة المتعاونين على البر والتقوى، كما قال الله تعالى:
(... وتعاونوا على البر والتقوى و لا تعاونوا على الإثم والعدوان واتقوا الله إن الله شديد العقاب) سورة المائدة، الآية: (2).
وهاك ما قاله علماء العصر؛ علماء الأمة في هذا الزمان، عما آل إليه حال المنتسبين للسلف؛ السلفيين:
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
كلمة مضيئة
لسماحة العلامة/ عبد العزيز بن باز (رحمه الله) الذي لم يذيل اسمه بـ(السلفي):
((... الواجب على طلبة العلم وعلى أهل العلم معرفة واجب العلماء، والواجب عليهم حسن الظن وطيب الكلام والبعد عن سيئ الكلام، فالدعاة إلى الله -جل وعلا- حقهم عظيم على المجتمع.
فالواجب أن يُساعَدوا على مهمتهم بكلام طيب، وبأسلوب حسن، والظن الصالح الطيب، لا بالعنف والشدة، ولا بتتبع الأخطاء وإشاعتها، للتنفير من فلان وفلان.
يجب أن يكون طالب العلم، ويكون السائل يطلب الخير والفائدة، ويسأل عن هذه الأمور، وإذا وقع خطأ أو إشكال سأل بالحكمة والنية الصالحة، كل إنسان يخطئ ويصيب، ما فيه أجد معصوم إلا الرسل -عليهم الصلاة والسلام- معصومون فيما يبلغون عن ربهم، والصحابة وغيرهم كل واحد قد يخطئ وقد يصيب، والعلماء كلامهم معروف في هذا والتابعون ومن بعدهم.
ليس معنى هذا أن الداعية معصوم، أو العالم أو المدرس أو الخطيب، لا! قد يخطئون، فالواجب إذا نُبه أن يتنبه، وعلى من يشكل عليه شيء أن يسأل بالكلام الطيب، والقصد الصالح حتى تحصل الفائدة.
ويزول الإشكال من غير أن يقع في عرض فلان أو النيل منه.
العلماء هم ورثة الأنبياء، وليس معنى هذا أنهم لا يخطئون أبداً، فهم إن أخطأوا لهم أجر، وإن أصابوا لهم أجران.
يقول الرسول: ((إذا حكم الحاكم فاجتهد ثم أصاب فله أجران، فإذا حكم فاجتهد ثم أخطأ فله أجر)). رواه البخاري (9/193)، ومسلم (33/1342).
وإخواننا الدعاة إلى الله -عز وجل- في هذه البلاد حقهم على المجتمع أن يََُسَاعَدوا على الخير، وأن يُحسن بهم الظن، وأن يبين الخطأ بالأسلوب الحسن، ليس بقصد التشهير والعيب.
بعض الناس يكتب نشرات في بعض الدعاة، نشرات خبيثة رديئة لا ينبغي أن يكتبها طالب علم، فلا ينبغي هذا الأسلوب ....))
كلمة مضيئة
لسماحة العلامة/ محمد بن صالح العثيمين (رحمه الله) الذي لم يميز نفسه بـ(الأثري):
((إنه إذا كثرت الأحزاب في الأمة فلا تنتم إلى حزب، فقد ظهرت طوائف من قديم الزمان مثل الخوارج والمعتزلة، والجهمية والرافضة، ثم ظهرت أخيراً إخوانيون وسلفيون، وتبليغيون وما أشبه ذلك، فكل هذه الفرق اجعلها على اليسار، وعليك بالأمام؛ وهو ما أرشد إليه النبي صلى الله عليه وسلم في قوله: "عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين"
ولا شك أن الواجب على جميع المسلمين أن يكون مذهبهم مذهب السلف؛ لا الانتماء إلى حزب معين يسمى السلفيين.
والواجب أن تكون الأمة الإسلامية مذهبها مذهب السلف الصالح، لا التحزب إلى ما يسمى (السلفيون)، فهناك طريق السلف، وهناك حزب يسمى (السلفيون)، والمطلوب اتباع السلف)) شرح الأربعين النووية، حديث (2 أوصيكم بتقوى الله والسمع والطاعة، ص (308،309).
ويقول الشيخ العلامة د. صالح بن فوزان الفوزان (حفظه الله) الذي لم يصف نفسه (بالسلفي ولا الأثري) مزكيا لها؛ مع أنه يشهد له بأنه سلفي أثري قولا وفعلا واعتقادا:
"هناك من يدعي أنه على مذهب السلف لكن يخالفهم، يغلوا ويزيد، ويخرج عن طريقة السلف.
ومنهم من يدعي أنه على مذهب السلف، ويتساهل ويضيع ويكتفي بالانتساب.
الذي على منهج السلف يعتدل ويستقيم بين الإفراط والتفريط، هذه طريقة السلف لا غلو ولا تساهل، ولهذا قال الله تعالى: (... والذين اتبعوهم بإحسان ..)
فإذا أردت أن تتبع السلف لا بد أن تعرف طريقتهم، فلا يمكن أن تتبع السلف إلا إذا عرفت طريقتهم، وأتقنت منهجهم من أجل أن تسير عليه، وأما مع الجهل فلا يمكن أن تسير على طريقتهم وأنت تجهلها ولا تعرفها، أو تنسب إليهم ما لم يقولوه ولم يعتقدوه، تقول: هذا مذهب السلف، كما يحصل من بعض الجهال -الآن- الذين يسمون أنفسهم (سلفيين) ثم يخالفون السلف،ويشتدون ويكفرون، ويفسقون ويبدعون.
السلف ما كانوا يبدعون ويكفرون ويفسقون إلا بدليل وبرهان، ما هو بالهوى أو الجهل، إنك تخط خطة وتقول: من خالفها فهو مبتدع، فهو ضال، لا -يا أخي- ما هذا بمنهج السلف.
منهج السلف العلم والعمل، العلم أولاً ثم العمل على هدى، فإذا أردت أن تكون سلفياً حقاً؛ فعليك أن تدرس مذهب السلف بإتقان، وتعرفه ببصيرة، ثم تعمل به من غير غلو ومن غير تساهل، هذا منهج السلف الصحيح، أما الإدعاء والانتساب من غير حقيقة فهو يضر ولا ينفع". (1) من إجابات الشيخ على أسئلة الحضور في شرح العقيدة الطحاوية ، لعام 1425 هـ ، وهو مسجل على شريط حول هذا الموضوع .
فإلى هؤلاء أقول :
كونوا دعاة لا أدعياء، ادعوا إلى السلفية الحقة، قولاً وعملاً، على ضوء الكتاب والسنة، بلا إفراط ولا تفريط، ولا تدّعوا السلفية قولاً بلا عمل.
والدعاوى ما لم يقيموا عليها بينات أبناؤها أدعياء
شعار الأدعياء
ما هوالحكم في قول من يقول: "نحن سلفيون" أو "أنا سلفي" أو يذيلون أسمائهم بلقب (السلفي) في أختام مثل (فلان بن فلان السلفي)، أو (الأثري) وهكذا، ادعاء مظهري خاوي من المضمون الجوهري.
سئل صاحب الفضيلة العلامة د. صالح بن فوزان الفوزان (حفظه الله) هذا السؤال/
بعض الناس يختم اسمه (بالسلفي) أو (الأثري) فهل هذا من تزكية النفس أو هو موافق للشرع ؟
الجواب :
"المطلوب أن الإنسان يتبع الحق، المطلوب أن الإنسان يبحث عن الحق ويطلب الحق ويعمل به، أما إنه يتسمى بأنه (سلفي) أو (أثري) أو ما أشبه ذلك فلا داعي لهذا، الله يعلم سبحانه وتعالى: (قل أتعلمون الله بدينكم والله يعلم ما في السماوات وما في الأرض والله بكل شيء عليم).
فالله يعلم ما في السماوات وما في الأرض، والله بكل شيء عليم .
فالتسمي (سلفي، أثري) أو ما أشبه ذلك، هذا لا أصل له، نحن ننظر إلى الحقيقة ولا ننظر إلى القول والتسمي والدعاوى، قد يقول إنه سلفي وما هو بسلفي، أو أثري وما هو بأثري، وقد يكون سلفياً أو أثرياً؛ وهو ما قال إنه أثري أو سلفي.
فالنظر إلى الحقائق لا إلى المسميات ولا إلى الدعاوى، وعلى المسلم أن يلزم الأدب مع الله سبحانه وتعالى، لما قالت الأعراب: (آمنا) أنكر الله عليهم (قالت الأعراب آمنا قل لم تؤمنوا ولكن قولوا أسلمنا) (ولكن قولوا أسلمنا)، الله أنكر عليهم أن يسموا ويصفون أنفسهم بالإيمان، وهم ما بعد وصلوا لهذه المرتبة، أعراب جاءوا من البادية، ويدعون أنهم صاروا مؤمنين على طول، لا. أسلموا دخلوا في الإسلام، وإذا استمروا وتعلموا دخل الإيمان في قلوبهم شيئاً فشيئاً (ولما يدخل الإيمان في قلوبكم) وكلمة (لما) للشيء الذي يتوقع، يعني سيدخل الإيمان، لكن إنك تدعيه من أول مرة هذه تزكية للنفس.
فلا حاجة إنك تقول: "أنا سلفي، أنا أثري" أنا كذا، أنا كذا، عليك أن تطلب الحق وتعمل به وتصلح النية، والله الذي يعلم -سبحانه- الحقائق" (1). انتهى كلامه (حفظه الله).
وكم لهذا الشعار من أثار على من يحمله، فهو يولد عند حديثي الأسنان من السفهاء استيلاء التدين على إخوانهم، والزهو والغرور بالانتساب إلى السلفية، وأنه أصبح اسمه (فلان السلفي)، وبهذا الشعار يوحي بعضهم إلى بعض زخرف القول غروراً، بأنهم قد نجوا من الفرق الثنتين والسبعين الهالكة، وأصبحوا في عداد الفرقة الناجية، أو الطائفة المنصورة، فيصبرون من تبعهم بها على ضلالهم.
فيا لله من هذا العُجب الذي أتى بالعجب.
وانظر إلى هؤلاء الأدعياء كيف تجرؤا على أن ينجوا أنفسهم بأنفسهم، ويهلكوا إخوانهم بزعمهم؟! والله سبحانه وتعالى يقول:
(إن ربك هو أعلم بمن ضل عن سبيله وهو أعلم بالمهتدين). النحل 125 .
ثم اعلم أنه لا يلجأ إلى تزكية النفس إلا ضعيف النفس، مقبل على شهواتها، مغفل عن دسائسها، وأما عالي الهمة؛ فيعلم أنها من الله منَّة ونعمة، فيسترها بالتواضع، لأن كل ذي نعمة محسود.
ويقول العلامة د. صالح بن فوزان الفوزان (السلفي) (حفظه الله):
"إن الذين يسخرون من العلماء يريدون أن يُفقدوا الأمة علماءها، حتى ولو كانوا موجودين على الأرض، ما دام أنها قد نزعت منهم الثقة؛ فقد فُقِدوا ... ولا حول ولا قوة إلا بالله". (وجوب التثبت في الأخبار واحترام العلماء)، ص (50).
ولقد جارى بعض مدعي السلفية -زعموا- مبدأ الأحزاب والفرق، وهو (إذا لم تكن معي فأنت ضدي)، إذا لم تقل مثلهم "أنا سلفي" ولم تعاد من عادوه، وتضلل من ضللوه، وتبدع من بدعوه، وتهجر من هجروه، وتحذر كما يحذرون، وتقصي من أقصوه، وتدني من أدنوه، فأنت ضدهم وخارج عن المنهج السلفي، كما يزعمون.
يقول العلامة الشيخ/ محمد بن صالح العثيمين -رحمه الله-:
"فمن الناس من يتحزب إلى طائفة معينة، يقرر منهجها، ويستدل عليه بالأدلة التي قد تكون دليلاً عليه، وقد تكون دليلاً له، ويحامي دونها ويضلل من سواها، وإن كانوا أقرب إلى الحق منها يضلل، ويأخذ بمبدأ (من ليس معي فهو عليّ) وهذا مبدأ خبيث" انتهى كلامه.
فهؤلاء لا يرضون عن أحد من الناس حتى يوافقهم على هواهم، ويتبع مسلكهم هذا، وإن بدا منهم رضا عنك، فهو رضا مظهري، سرعان ما ينكشف عن الحقيقة الكامنة، بمجرد مناقشتهم بالدليل والإنكار عليهم وترك مداهنتهم.
ولعل هذا المبدأ الذي أخذوا به ناتج عن أسباب من أهمها:
1. تحاملهم الشديد على العلماء، والدعاة المصلحين في تضليلهم والتحذير منهم، وإسقاطهم من أعين الناس.
2. وقوعهم في الحزبية التي نادوا بها تحت ستار (السلفية).
3 - ردة الفعل عندهم بسب الآراء المخالفة لأهوائهم ولما يدعون إليه.
4 - شعورهم بالنبذ وعدم القبول لما يطرحونه من آراء شاذة لدى عامة الناس فضلاً عن المتعلمين منهم.
فلا يوجد عندهم اعتذار لأهل الصلاح والفضل عما وقعوا فيه من بدعة عن اجتهاد، وحمل كلامهم المشكل على أحسن محمل.
فهؤلاء حقيق وجدير بكل مسلم أن يتبرأ من طريقتهم التي لا تختلف عن طريقة أهل الأهواء والبدع، ولكن اختلف العنوان، وتغير لون الشعار (السلفيون)
لعلها اتضحت الحقيقة، وزال اللبس، ووضح الاشتباه.
وفي الختام أسأل الله العظيم الجليل لي ولك ولسائر المسلمين بالتوفيق والسداد في الأمور كلها، وأن يحيينا ويميتنا على كلمة التوحيد والإخلاص، وشهادة (ألاإله إلا الله، وأن محمدا رسول الله) وعلى منهاج السلف الصالح من الصحابة والتابعين، ومن اهتدى بهديهم إلى يوم الدين, اللهم آمين آمين!!
الفقير إلى عفو رب العباد
أبو المنذر فؤاد
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
منقول
تعليق