( الحد الفاصل بين معاملة أهل السنة وأهل الباطل )
ويليه :
( الضوابط في كيفية معاملة أهل السنة وأهل الباطل )
ثم :
( فقه التعامل مع أهل السنة وأهل الباطل )
وهي عبارة عن سلسلة لقاءات لشباب من المغرب العربي
مع فضيلة الشيخ عبيد بن عبد الله الجابري -حفظه الله-
وقد نصح الشيخ عبيد الجابري بقراءتها والرجوع إليها في المسائل المنهجية
http://www.sahab.net/forums/showthread.php?t=348583
________________________
ويليه :
( الضوابط في كيفية معاملة أهل السنة وأهل الباطل )
ثم :
( فقه التعامل مع أهل السنة وأهل الباطل )
وهي عبارة عن سلسلة لقاءات لشباب من المغرب العربي
مع فضيلة الشيخ عبيد بن عبد الله الجابري -حفظه الله-
وقد نصح الشيخ عبيد الجابري بقراءتها والرجوع إليها في المسائل المنهجية
http://www.sahab.net/forums/showthread.php?t=348583
________________________
* السؤال الأول :
فضيلة الشيخ : هل إذا أخطأ عالم من العلماء الكبار، يجوز أو يسع لأحد من الشباب أن يردَّ عليه خطأه ، أم يرد عليه عالم مثله؟ حيث إن بعض الشباب يتجرأ على رد فتوى بعض العلمـاء التي تكون الفتـوى أحياناً محظورة شرعاً ، وأفتى بها العالم نظراً لضرورة ، أو حكمة يراها هو - بارك الله فيكم - أفتونا مأجورين .
الحمد لله رب العالمين ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحـده لا شريك له ، ولي الصالـحين، ورب الطـيـبـين وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، سيد ولد آدم أجمعين ، صلى الله عليه وعلى آله، وأصحابه الطـيـبـين الطاهرين ، وسلم تسليماً كثيرا إلى يوم الدين . أما بعد :
فإن ما سألتم عنـه يُنظر إليه من وجهـين ، كما يُـنظر إلى من صدرت عنه تلك المقـولة الخاطئة من جهتـين أيضاً، وهكذا أهل السنة ينظرون إلى المخالفة، وإلى المخالف.
( فالمخالفة لا تخلو من حالين )
- إما أن تكون مخالفةً في أمر لا يسوغ فيه الاجتهاد :سواء أن كان في أصول الدين، أو في فروعـه ؛ لأنه تظافرت عليها النصوص من الـقـرآن والـسـنة ، وأجمع عليها الأئمة، أو كانت في حكم الإجماع، وكان المخالف ليس عنده من النصوص ما يقوي مذهبه.
- وإما أن تكون المخالفة حدثت في أمر يسوغ فيه الاجتهاد :
أو أمر النصوص تحتمل، وتحتمل.
فالصـنف الأول : وهو الذي لا يسـوغ فيه الاجتهاد
فإن الخـلاف فيه غير سـائغ، غير سـائغ أبداً؛ ويُردُّ الخطأ على قائله، كائناً من كان.
( ثم هذ ا المخـالف لا يخلو عن واحد من رجلين )
* إماأن يكون صاحب سنة عرف الناس منه الاسـتقـامة عليها،والذَّبَّ عـنها وعن أهلـها، كما عرفوا منه النصح للأمة، فهذا لا يـتابع على زلته، وتحفظ كرامـته، وإن كنا رددنا مخالفـته فإنَّا نتأدب معه، ونحفظ كرامته، ولا نشنع عليه كما نشنع على المبتدعة الضـُّلال؛ وذلك رعايـةً لما مـنَّ الله به عليه من السـابقة في الفضل، والجلالة في القدر، والإمامة في الدين، فنحن نرعـى هذا كله، وإذا نظـرت في كثير من الأئمة الذين هم على السنة، يشهد لهم الناس في محياهم ، وكذلك نرجوا أن يكونوا بعد مماتهم - إن شاء الله تعالى - حدثت منهم أخطاء ، زلت بهم القدم ، فردَّ عليـهم المعاصـرون لهم واللاحقون لهـم مع حفظ كرامتهم، وصيانه أعراضهم، وعدم التطاول عليهم بنابيات العبارات. * وإما أن يكون هذا المخالف الذي خالف في أمر لا يسوغ فيه الاجتهاد- ولكنه خالف- قد يكون هذا خالف عناداً، واستكباراً، وترفعاً عن الحق، وانسياقاً وراء الـهوى، فهذا لا كرامة له عند أهل السنة؛ يردون عليه قوله، ويشنعون عليه، ويصفونه البدعة والضلال، ويحذرون منه، ويغلظون فيه القول.
>>إلا إذا ترتبت مفـسدة أكبر من المصلحة المرجوة، فإنهم يكتفون برد خطأه، ويحذرونه في أنفسهم، وهذا إذا كان ذلكم المبتدع الضال له في البلد، وأهله الصولة، والجولة، والكفة الراجحة، والشوكة القوية؛كأن يكون مفتي البلد ، أو وزيـراً من الوزراء ؛ مثل وزير الأوقاف، أو وزير العدل، أو من المقربـين من الدولة ، أو من العلماء الموثوقين بهم عند الدولة، ونحن مسـتضعفون، فإنَّا لا نصفه بشيء من هذا. نقول:- هذا خطأ، أخطأ الشيخ فلان في كذا، ولا نقبله منه؛ العبرة في الدليل، الدليل عندنا على خلافه .
>> ويـجــب أن يكون الرد علمياً؛ يستند على الكتاب والسنة وفق فهم السلف الصالح، بعيداً عن المهاترات والعبارات النابيات، التي تجعل السامعين يتقززون منها وينفرون منها ويزهدون في الحـق الذي عندنا أو الحق الذي عندكم؛ لما يسمعونه من عباراتٍ في غير محلها لا تـليق بطـلاب العـلـم . فإن الرد الذي يستند على الكتاب والسنة وفهم السلف الصالح ويُـجلَّى فيه الحـق، ويُفـنَّدُ فيه الباطل،فإن المنصفين يقـبلونه ولا ينازعون فيه، وإن كانوا يحبون ذلك المخالف، وهذا مجرَّب - بارك الله فيكم - فتفطنوا إليه.
النوع الثاني من المخالفات : في أمر يسوغ فيه الاجتهاد
فأنت تبـين قولك حسب ما ترجح عندك، ولا تشنع على الطرف الآخر ولا تحذر منه، ولا تصفه بالمبتدع الضال ولا الزائغ، ولكن تقول الصواب عندنا كذا .
>> على سبيل المثال : الترتيب في الوضوء، فالجمهور على وجوبه، ومن ذلكم الإمام أحمد وأصحابه - رحم الله الجميع- والأحناف، ومن وافقهمعلى أنه لايجب، فنحن نرد على الأحناف من غير تثريب، من غير إغلاظ في القول، نقول الراجـح عندنا، أو أرجـح القولين الوجوب.
>> ومثالٌ آخر : تارك الصلاة متهاوناً، فالجمهور على أنه فاسق، يستتاب فإن تاب وإلا قُتل حداً، حكمه حكم غيره من الفساق؛ يغسَّل، ويكفَّن، ويصلى عليه، ويدعى له، ويدفـن في مقابر المسلـمين، ويرثه المسلمون من أهله، وهذا هو قول الزُهـري، ومالك، وهو رواية عن الإمام أحـمد، وكذلك قال به غير هـؤلاء، الجمهور كما قدمت لكم.
والرواية الثانية عن الإمام أحمد، وعليها محققون أئمة، ومنهم الشيخ "عبدالعزيز" الإمام الأثري، المجتهد- رحمه الله- والشيخ "محمد بن عثيمين" الإمام الفقيه، المحقق المدقق المجتهد - رحمه الله- على أنه كافر يستتاب؛ فإن تاب وإلا قتل ردة؛ وعليه فإنه لا يُغسل،ولا يكفن، ولا يصلى عليه، ولا يدعى له، ولا يرثه المسلمون من أهله؛ ماله فيء؛ يصرفه الحاكم في المصارف العامة للمسلمين.
فإذا نظرت في حال هاتين الطائفتين من الأئمة - رحمة الله عليهم - لم تجد أن المفسِّقـين يصفون المكفِّـرين بأنهم خوارج، كذلك لم تجد أن المكـفرين يصفون المفسقـين بأنهم مرجئة. لماذا؟
لأن الكل عنده أدلة قوية يرجع إليها في هذا الأصل الذي ذهب إليه .
بقي أن أقـــــــول :-
هذا العالم الجليل الذي أخطأ في أمرٍ ترونه راجحاً، هذا أرى أن يناصح وأن يُبـيَّن له خطأه، فإن لم يقبل منكم فارفعوا الأمر إلى علماء أكبر منكم ومنه، فإنهم يناصحونه ويبـينون له، وسوف ترده السنة - إن شاء الله تعالى – .
هذا الألباني - رحمه الله، وسائر أئمة المسلمين، أهل السنة، والهدى، رحمهم الله - يرى أن وجه المرأة ليس بعورة؛ يجوز لها كشفه، والشيخ عبدالعزيز -رحمه الله- والشيخ محمد بن عثيمين- رحمه الله- والشيخ محمد بن إبراهيم- رحـمه الله- يرون خلاف ذلك، لكن لم يشنعوا عليه، وأهل العـلم يردون على الشيخ ناصر-رحمه الله- من غير تشنيع عليه، ولا تثريب، ولا شطط .
كذلك يرى - رحمه الله - تحريم الذهب المحلق، ويستدل له، ومن ذكرتُ من علمائنا، وغيرهم لا يـُثرِّبون عليه؛ يقولون أخطأ الشيخ ناصر الألباني في هذا، والصواب كذا، وهكذا - بارك الله فيك - أهل العلم يوقر بعضهم بعضا.
وقد بينت لكم من قبل الميزان الذي عرفته من كلام أئمتنا، وعلمائنا في المخالفة، والمخالف. فتفطَّنوا إلى ذلك فليس الأمر على حد سواء.
* * *
** السؤال الثاني :أحسن الله إليكم ، وبارك فيكم. هذا سائل يسأل ويقول :-
كيفية التعامل مع أهل البدع ، والأهواء من الجانب الديني ، والدنيوي ؟
أولاً : أهل السنة عندهم ميزان مستقيم، ومنهج سليم؛ فهم يبغضون البدع، ويستنكرونها، وكذلك يبغضون المبتدعة الذين يدعون إلى بدعهم، وينافحون عنها، وينشرونها، بما أوتوا من قوة، وما استـطاعوا من وسيلة ويحذرون منهم، ومن مجالستـهم، ومن مجادلتـهم، ومن ذلك ما رواه ابن بطة في ( الإبانة الكـبرى ) عن أيوب السِختياني قال: قال لي أبو قِلابة:- يا أيوب احفظ عني أربعة : [ لاتقل في القرآن برأيك، وإياك والقدر، وإذا ذكِر أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم فأمسك، ولا تمكِّن أهل الأهواء من سمعك فينـبذوا فيه ما شاؤا - أو قال - يقرُّوا فيه ما شاؤا] وروى عن مصعب بن سعد - رحمه الله، رحم الله الجميع- قال:- [لا تجالس مفتوناً ؛ فإنه لن يُخطِئك منه إحدى اثنتين؛ إما أن يفتنك فتتابعه- أو قال- فتتبعه، أو يؤذيكقبل أن تفارقه] والنقل عن هؤلاء الأئمة بدءاً من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ومن بعدهم من أئمة التابعين يحذرون هذا التحذير، وينكرون هذا النكير الشديد؛ لأن المقصود : تصفية السنة من البدع والمحدثات في الدين، ووقاية أهل السنة من خطر المبتدعة؛ ولـهذا هم يـفـرقـون بين المبتدع الداعية، وبين الساكت؛ لأن الساكت لا يضر أحداً، يضر نفسه .
>> وكان أهل السـنة على هذه الشـدة، وهذه القوة على أهل البدع، والضلالات حينما تكون لهم الشوكة، والكفة الراجحة، فإنهم يتصدون للبـدع وأهلها بكل قـوة.
>> كما أنهم إذا كانوا ضعفاء؛ لا حول لهم و لا قوة، والشوكة للمبتدعة، والصـولة لهم، والكـفة الراجحة لهم فإنهم ينتهجون الحكمة، ويكتفون بالتحذير من البدع، والمحدثات في دين الله.
فاللهَ الله، يا أبـنائنا في المغرب العربي، في جـميع أنحاء المسلمين، إياكم، ثم إياكم أن تخالفوا هذا المنهج عليكم بالحكمة؛ فإن سلفكم يستعملون الشدة حين لا تنفع إلا الشدة، وتكون لهم قـوة، ويستعملون الرفق حيث لا ينفع إلا الرفق، وعلى هذا يخرَّج قول ابن سيرين، وغيره من الأئمة- رحمة الله عليهم-
[ يا أهـل السـنة ترفـقـوا ؛ فإنـكم أقـل النـاس ] ، هذا أول ما أوصيكم به.
ثانياً : أوصيكم يا أبنائنا في المغرب العربي، ويا أبـنائنا من المسلمين الذين تصل إليهم هذه الرسالة المسجلة أوصيكم بالإقبال على العلم الشرعي، والعلم الشرعي ما هو؟
هو فقه الكتاب والسنة وفق سيرة السلف الصالح ومما أوصيكم به :
* كتب العقائد التي ألفها أئمة السلف مثل : (السنة) لعبد الله بن الإمام أحمد و (السنة) لابن أبى عاصم، و(السنة) للخلال، و(التوحيد) لابن منده، و(الإيمان) له، و(التوحيد) لابن خزيْمة و (الإبانة الـكبرى) لابن بطـة العُكبري، و(شرح أصول السنة) للالكائي، ومكتبة شيخ الإسلام ابن تـيميه، ومكتبة شيخ الإسلام -تلميذه- ابن القيم، ومكتبة شيخ الإسلام المجدد الثالث في هذه الجزيرة -حسب ما علمناه :شيخ الإسلام مـحمد بن عبد الوهاب - رحمه الله - وما شاكلها من الكتب التي نقلت لنا أصول الدين، وفروعه نقلاً مأموناً، موثوقاً.
* ومن كتب الحديث :- الكتب الستة- ومعروفة- ومسند الإمام أحمد، وسنن الدارِمي، وموطأ الإمام مالك، وسنن الدارقطني، ومستدرك الحاكم، وصحيح ابن حبان، وما شابهها من كتب الحديث التي تلقاها الأئمة بالقَبول .
* ومن كتب التفسير :- تفـسير ابن جرير، وتفسير ابن كثير، وتفـسير ابن أبي حـاتم- الموجود منه- وتـفسير البغوي، وتفسير القرطبي : هو جيد في اللغة، والفقه، أما في العقيدة فالذي ظهر لي أنه عنده تأويلات ينبغي أن يُتَفطن لها، وكذلك تفسير ابن سعدي، وهو علامة معاصر- رحمه الله -.
* ومن كتب الفـقه :- المختصرات عندنا : (عمدة الفقه) لابن قدامة، و(منهاج السالكين) لابن سعدي، و(منار السبيل) لابن طُـوِيَّان. والمطولات منها: (المغني) لابن قدامة، و(الـمجموع) للنووي، و(الـمُدوَّنـة) لسحنون في المذهب المالكي- رحم الله الجميع- وغيرها كتب كثيرة .
>> وكذلك أحذركم من الكتب الفكرية، وعلى رأس ما نحذر منه كتب الغزالي المصري السقا، وكتب يوسف بن عبد الله القرضاوي - المقيم في قطر- وكتب سـيد قطـب، لاسيما ’ معالم في الطريق ‘؛ فإنه ينضح بالتكـفير وتفـسيره، فإنه مليء بالضلالات، وكـتبه كلها ضـلال، وكتب النـدوي، وكتب المـودودي،وكتـب جميع الإخوان؛ فإنها حرفٌ أو انحراف بالمسلم من السنة إلى البدع، والمحدثات إذا تتلمذ عليها، وجعل ما فيها ديناً يدين لله به.
وثالثاً : عليكم ملازمة أهل العلم الذين عرفتم، وعرف الناس غيركم منهم الاستقامة على السنة، ومناصرتها ومناصرة أهلها، والذب عنها، والذب عن أهلها، من كان حياً فلازمـوه بالجلوس عليه، وبالأخذ من كتبه إن لم تستطيعوا، أو أشرطته، ومن كان ميتاً فمن ما خلَّفه من الكتب المفيدة، التي تركها وهو على السنة إن شاء الله تعالى.
* * *
** السؤال الثالث :جزاكم الله خيراً ، وأحسن الله إليكم. سائل آخر يزيد تأكيداً على السؤال السابق ، ويقول:- هل يجوز التعامل مع الحزبيين في أمور الدنيا ، كالتجارة؟
حيث أن بعض الشباب يفعل ذلك، ويقول: أنا لا أتعامل معهم إلا في الأمور الدنيوية!!!
أقـــول : إن استطعتم أن تباعدوا المبتدعة؛ فلا تشاركوهم في أي نشاط ديني، أو دنيوي فافعلوا.
>>أما النشاط الديني : و يسمونه النشاط الدعوي - الدعوة - فلا تمكنوهم .
فلا تعينوهم على بناء مساجد تنشر من خلالها البدعة، ولا على مدارس تنشر خلالها البدعة، ولا على طبع كتب تنشر فيها البدعة - أبداً - لأن من أعانهم وهو يعلم حالهم فإنه مثلهم، شاء أم أبى .
>>أما الأمور الدنيوية : فهذه عندما تحتاجون إلى ذلك، ويكون الرجل منكم
* محصناً تحصيناً قوياً في العقيدة الصحيحة.
* وتحصيناً قوياً في السنة.
* وتحصيناً قوياً في الحذر من البدع.
* واحتاج إلى التعامل مع هؤلاء.
* فلا مانع، على أن يكون ذلك بقدر الحاجة.
وليحذر من المخالطة.
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: {المرء على دين خليله ، فلينظر أحدكم من يخالل}.
فـهذا أمـر خطـير ؛ فكم من رجل جرفته الأمور الدنيوية حتى انسلخ، وأصبح إما :-
عــدواً للسنة، وأهلها أو مـيـت الغيرة ؛ ليس فيه ولاء ولا براء
فإذا أردت أن تتعامل معه بأن تشغله عندك، وتكـون أنت المشرف وأنت الناظـر عليه، فهذا لا شك أنه أسلم، وإن احتجت لأن تعمل معه؛ هناك أمور بُليت بها في التجارة فاحتجت إلى العمل معه (فـلتحـذر) لتكن معاملتك معه معاملة دنيوية فقط؛ خذ دينار وأعطني دينار وفقط؛ هذا حسابه كذا، وهذا حسابه كذا، ولا تـتوسع وتدخل معه حتى يجرك إلى التعامل في الدين، أو النشاط الدعوي.
وإن استغنيتم ببعضكم يا مـعشر السلفيين، فهذا أسلم لدينكم وعِرضكم، وهذا الذي نحرِّضكم عليه وندعوكم إليه، أحَب ما إلينا أن تستغنوا عن الحزبيين والحركيين وجميع أهل البدع.
* * *
** السؤال الرابع :أحسن الله إليكم ، وبارك فيكم. سائل يسأل ويقول :-
فضيلة الشيخ : كثر في الآونة الأخيرة الاشتغال بأشرطة وكتب الردود مع إهمال لطلب العلم ، وإذا قام أحد بتوجيه الشباب وحثهم على طلب العلم ، يمكن أن يصنَّف من أتباع فلان أو علان! فما هو الضابط في ذلك ؟
وما توجيهكم في التعامل مع هؤلاء الشباب في هذه المسألة ؟ مع نصيحة عامة للشباب في طلب العلم .
قدمتُ لكم- بارك الله فيكم- ما يغني عن بعض ما جاء في هذا السؤال، وعرفتم ما نصحتكم به من الكتب وما حذرتكم منه، وعـرَّفتُ لكم في ما قدمته لكم حد العلم الشرعي.
والذي أزيده هنا أقول :-
الردود : باب من أبواب الدعوة، فيها نشر للسنة، ودفع للبدعة، وصيانة لأهل السنة من خطر المبتدعة.
ولا أعرف عالماً من أهل السنة، فضلاً عن الأئمة، ينهى عن الردود – أبداً - لا ينـهون عنها نهياً مطـلقاً، بل ينهون نهياً مقيداً؛ فإذا رأى العالم تلامذته، أو أهل بلده تركوا الفقه في العقيدة، والعبادة، والمعاملة وانصرفوا إلى الردود، فإنه يحذِّرهم، ويقول : لا تنشغلوا بالردود؛ يعني لا تجعلوها شغلكم الشاغل .
فهو يريد أمرين - أعني هذا العالم الـسني، وكذلك الإمام من باب أولى - يريد من تلامذته ، ومحبـيه من أهل بلده وغيرهم، والذين جمعت بينه،وبينهم السنة والمحبة في ذات الله،تحابوا في ذات الله، يريد منهم أمرين :-
>>الأمر الأول :التحصيل العلمي : فأنت إذا نظرت في الأئمة الذين حـذروا من البدع، وأهلها، وفـندوا شبه المبطلين، وصانوا هذا الدين، عن تحريف الغالين، وانتحال المبطلين، وتأويل الجاهلين، وجدتهم يتكلمون بعلم، لا بعاطفة، وكـذلك من ورثهم من أبنائهم، وأحفادهم، وإخوانهم، على نفس النهـج؛ وذلكم حرصاً على تحقيق ما أشار إليه النبي صلى الله عليه وسلم، بل أخبر به {من يرد الله به خيراً يفقه في الدين}.
قال أهل العلم : ومن لا يرد الله به خيراً لا يفقه في الدين - هذا مفهوم الحديث- وهذا صحيح .
>> والأمر الثاني : أن يأخـذوا من الردود بقدر ، بقدر فقط؛ بحيث لا تشغلهم عن العلم ، فأنتـم تعلمون أن الأنبياء عليهم الصلاة والسلام، ما ورَّثوا ديناراً، ولا درهماً، بل ورَّثوا العـلـم، فمن أخذ به أخذ بحظ وافر. هذه وصية نبينا صلى الله عليه وسلم .
(وعلى هذا فإن من يتناول الردود، ويطالعونها أصناف)
>> صنف : عنده القدرة على الجمع بينها وبين مسائل العلم، فهذا لا يُرَدْ، هذا يؤيد، ويبارَك له صنيعه، ويشد أزره؛ مادام عنده قدرة على تحصيل المسائل العلمية، دقيقها، وجليلها، وصغيرها، وكبيرها، فهذا لا يُثنى ولا يجوز أن يُثنى؛ مادام أنه لم يُـهمل الجانب العلمي؛ التحصيل العلمي.>> الصنف الثاني : من لا همَّ له في تحصيل المسائل العلمية، بل مطالعة ما يجري في الساحة، وفلان قال وفلان قال، فهذا الذي يشدد عليه، لا من باب أنه ركب بدعة، ولكن من باب مصلحته هو، فيقال : أنت أهملت أمراً أكبر من هذا.
>> فإذا ذهب العلماء الذين دفع الله بهم البدع وأهلها، وكانوا جبالاً، من يرثهم إذا لم يكن لدينا علم ؟ هل يرثهم الجهال يا أبنائي؟ هل يصلح الجهال بعدهم لرئاسة النـاس، وقيادة الناس، وهدايـة الناس؟ أبداً؛ هؤلاء يَـضلون، ويـُضلون، فمن هذه الناحية نشدد على أخينا هذا، ويقال له: اتق الله؛ أنت جعلت وقتك كـله، أو جـله في هذه الردود، وكان يكفـيك أن تعلم بأن الإمام فلان، أو الـعالم فلان ردَّ على فلان من الناس، وكشف عن حاله، وهتك ستره؛ لما هو راكبٌ إياه من البدعة، والضلال، يكفيك هذا.
وأنا أقول لكم :- أنا شخـصياً والله ما قرأت كل ما كتبه الشيخ ربيع – حفـظه الله، وحفـظ جـميع علماء الإسلام والسنة، بالإسلام والسنة في الحياة وبعد الممات- ما كتبه الشيخ ربيع- حفظه الله- عن سيد قطب والله ما قرأته كله، أبداً، ولكن فهمته؛ قرأت بعضه ففهمت البقية.
* لأن الشيخ ربـيع عندي :
صاحب راية يرفع بها لـواء السنة ويذب عنها وعن أهلها، فما رفعها ولله الحمد في وجه محارب، معادي للـسنة إلا عادت هذه الـراية منصـورة، مـؤزرة، قـوية، مـا لانت، ولا هـانت، وقد فـُضح بها ولله الـحمد أهل البدع والضلال، وأساطين أهل البدع والضلال، فكفاني أن الشيخ ربـــيــع ردَّ على فلان، أو أن الشيخ محمد بن عثيـمـين ردَّ على فلان، كفاني.
>> الصنف الثالث : من لا يدري عما يجري : فهذا نكون معه، ونطلعه على ما واجه به علماء السـنة أساطين الضلال وأئمة البدع؛ حتى يكون على بصيرة، ولا يؤتى من غِـرَّة.
>> هذا هو المنهج الصحيح -بارك الله فيكم- وأعطيكم مثالاً : الشيخ محمد بن عثيمين - رحمه الله - وهو من تعلمونه، لما سئل عن كتب سيد قطب قال:" أنا لا أدري عنها؛ ما قرأت له كثيراً، قرأت أول الأمر إن كنت في الشباب". ومرة قال :" كفانا فيها أخونا الشيخ ربيع" أحالك، فهمتم! أحالك، وأخر أمره قال: - رحمه الله- " لولا الـورع لقلنا بكـفر سيد قطب " حدثني بهذا.
وأنتم قولوا : حدثنا عبيد الجابري – عرفتم اسمي وإلا لا – عـبيد بن عبد الله بن سليمان الجـابري - المدرس بالجـامعة الإسـلامية سابقاً - حفظ الله الجامعة الإسـلامية، وجامـعات أهل الإسلام، وصانها من كل مكروه. أنا أقول : حدثني الدكتور عبد الله بن زيد الـمُسَلَّم - من أهل عنيزة – بهذا الخبر فأنتم قولوا : حدثنا عبيد الجابري، قال حدثني عبد الله بن زيد الـمسلم. وقد فهمتم الخبر.
>> فالمقصود : أنا أنهاكم يا أبنائي عن الشطط ، أنهاكم عن الشطط، وآمركم بالرفق ، فمن نهاني عن الاشتغال بالردود ،وترك المسائل العلمية ،أنا لا أشططُّ عليه ،لا أشططُّ عليه إذا عرفتُ أنه من أهل السنة ، أعرف أنه يريد نصحي، ويريد أن أحصِّل أبواباً من العلم .
نعم أهل البـدع هم الذين ينهـون عن الردود نهياً مـطلقاً؛ اتركوا الردود، دعـوا عنكم الردود، فيها مـضيعة للوقت، وفيها مَشغلة عن العلم، نهياً مطلقاً .
لكن أهل السنة لا ينهون نهياً مطلقاً، وإن قال هذه العبارة مطلقاً في وقت، لكن جل وقته أو كثير من وقته يريد هذا؛ نعرف هذا من حاله ومقاله.
فمثلا الشيخ بن عثيمين- رحمه الله- حينما يقول لتلامذته وأهل بلده والمسلمين، لا تنـشغلوا بالردود حـاله ما هو؟ حاله على السنة، يقررها، ويدعوا إليها، ويدفع عن أهلها بقدر ما أوتي، وقرينة الحال تدل - في الحقيقة- على المقال؛ تدل على المراد من المقال .
فإذا قال لك إخواني بنَّـائي، أو أخـواني سروري قـطبي، أو تبليـغي" لا تشغلوا أنفسـكم بالردود، إن هذه الردود مضيعة للوقت، ومَشغلة عن طلب
العلم"! فضع عليه علامة كبـيرة! ماذا يريد هذا منك؟! يريد أن يروِّج للبدعة ويمهِّد لنشرها، وتضليل أهل السنة.
(فبان بهذا أن الناهين عن الردود صنفان من الناس)
*صنف هم أهل سنة : وهؤلاء لا ينهون عنها نهياً مطلقاً.*وصنف آخر هم أهل البدع : وهم الذين يُطلقــون، وأهل البدع نعـرفهم، نعـرف الإخـوان المسلمين، نعرف التبليغيين، نعرف السرورية القطبية، ونعرف المتحزبة، نعرفهم، فإذا كان الذي نهى عن الردود من هؤلاء نعرفه ، هذا ليس له عندي كرامة، ولا مكانة، أنا منتهي منه .
لكن من كان من أهل السنة؛ على ما أنا عليه، فإن مراده واضح - بارك الله فيكم - مراده واضح.
* * *
** السؤال الخامس :أحسن الله إليكم ، وبارك فيكم. هذا سائل يسأل ويقول:-
هناك قصاصون على الساحة الدعوية من أمثال: سعيد بن مسفر، والدويـش، والعريفي والجـبيلان وغيرهم...... كيف يُتعامل مع أشرطتهم التي هي مجرد قَصص ، وتشويق ، وفكاهات.... هل ينصح بسماعها؟ بارك الله فيكم .
أقـــول:- هـدي رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهـدي خـلفائه، وسـائر أصـحابه، وأئمة العـلم، والدين والإيمان من بعده من أهل القرون المفضلة، ومن هو على النهج، هديهم هو :-
تقرير قواعد الدين، وأصوله الكلية؛ يأمرون بالتوحيد، ويقررونه للناس باباً باباً، وينهون عن الشرك ويحذرون منه، ويفصِّلون فيه تفصيلاً حتى تكون الأمة على حذر منه، كما أنهم أيضاً لا يدَعون الأمر بجميع فرائض الدين العملية، ويبينون للناس الحلال والحرام، وكذلك هم ينهون عن جميع المعاصي والبدع والمحدثات في الدين، وقد يكون في مقالاتهم، وخطبهم شيء من الوعظ؛ للترغيب والترهيب.
ومن هنا نقول:-
( إن الوعَّاظ قسمان )
>> قسم : على ما سبق من تـقرير أصول الـدين وقواعـده الكلية بالـدلـيـل ، ويكون في مواعظهم، وخطبهم شيء من الوعظ للترغيب والترهيب؛ تذكير بالموت الاستعـداد للجنة، الحذر من النار... ولكن هذا إلى جانب تقـعـيـد القواعد وتأصيل الأصول قليل .>> القسم الثاني : من لا يعـتنون بتقرير قواعد الدين وأصوله، ولا يهتمون بـتـوحـيد ولا شـرك، وديدنهم كله أو جله هو كما ذكـرتَ في سؤالك؛ قصص، وفكاهات ومجرد تشـويق، أو ترهيب خالي أو ترغيب خالٍ فهؤلاء قصاصون، وفي أشرطتهم مضيعة للوقت ومشغَلة عن طلب العـلم الشرعي الذي أخبر نبينا صلى الله عليه وسلم أنه سبيل الخيرية التامة؛ الخيرية التي تتضمن سعادة الدنيا والآخرة {من يرد الله به خيراً يفـقّه في الدين } فهؤلاء يجب على المسلمين أن يحذروا أشرطتهم وكتبهم، وأن يحذروا منها؛ لأن التلمذة عليهم لا تُورث إلا الجهل؛ ترقيق قلوب بدون علم. والله سبحانه وتعالى ما أثنى على الوعظ ثناءً مجرداً، بل أثنى على العلم،وأهله{شـهد الله أنه لا إله إلا هـو والمـلائـكة وألـوا العـلـم قائماً بالقـسط لا إله إلا هو العـزيـز الحكيم} وقال: { يرفع الله الذين ءامنوا منكم والذين أوتوا العلم درجات } وقال: {إنما يخشى اللهَ من عباده العلماء } وقال صلى الله عليه وسلم: {من سلك طـريقاً يبتغي فيه علمـاً سهَّـل الله له طـريقاً إلى الـجنـة ، وإن الملائكة لتضع أجنحتها لطالب العلم رضاً بما صنع، وإن العالم ليستغفر له من في السماء والأرض حتى الحيتان في جوف الماء، وفضل العالم على العابد كفضل القمر على سائر الكواكب ، وإن الأنبياء لم يورثوا دينارًا ولا درهماً وإنما ورَّثوا العلم فمن أخذ به أخذ بحظ وافر }.
التحــذير من الوعاظ والقُصَّاص، وأصحاب الفكاهات والقصص والأساليب المشوقة، دون استناد إلى علم شرعي يقرَّر منه أصول الدين وقواعده الكلية، هؤلاء يحذَّر منهم ويحذَرون؛ لأنهم لم يكونوا على هدي رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهدي خلفائه وأصحابه وأئمة التابعين ومن بعدهم.
* * *
** السؤال السادس :أحسن الله إليكم ، وبارك فيكم. هذا سائل يسأل ويقول:-
فضيلة الشيخ : متى يكون الهجر هجراً صحيحا شرعياً لأهل البدع ، وأهل المعاصي؟ متى يكون ذلك حتى يتحقق الغرض الشرعي من هذا الأصل العظيم؟
أولاً :الهجر هو الأصل، ممن قدر عليه، وكان مطاعاً؛ يأتمر الناس بأمره، وينتهي بنهيه ، هجر أهل البدع، وهجر أهل المعاصي- هذا هو الأصل- حتى يعود إلى رشده، ويراجع الحق.
- لكن إذا كان هذا الشخص غير مطاع، والكفة الراجحة لذلك المبتدع، فهنا لا تدعوا إلى الهجر، ولا تأمر به.
- لكن لك أنت أن تحذره؛ فلا تـزوره، ولا تستزيره، ولا تحـضر مجالسه، فإذا سُئلت قل لا آمنه على ديني لا آمنه على نـفسي.
وقد قدمت لكم أول الكلـمة، أظـن في أول سؤال، أو في ثاني سؤال، ولعله تـكرر، أن أهل السـنة يراعون المصلحة؛ ينظرون في المصلحة، والمفسدة؛
فإذا كانت المصلحة راجحة في هجر المبتدع وزجره والتحذير منه، هجروه وزجروه وحـذَّروا منه وهجروه وإذا كانت المفسدة أرجح والناس يتألـبون على أهل السنة، فإنهم لا يهجرونه يكتفون بالرد العلمي.
(ولهذا أقول لكم يا أيها المستضـعفون من أهل السنة )
اعتصـموا أنتم بالسـنة ، ولا تجادلوا هؤلاء، ولا تخاصموهم؛ اضربوا عنهم صفحاً؛ إذا كان أئمتكم هؤلاء فصلوا معهم ثم اخرجوا ولا تهيجوا عوام الناس ورَعاع الناس والذين ليس عندهم فقه في الدين عليكم .* * *
** السؤال السابع :أحسن الله إليكم، وبارك فيكم. هذا سائل يسأل ويقول:- ما قولكم حفظكم الله في من يقول: أجالس صوفياً أخلاقه حسنة ، أفضل من أن أجالس سلفياً أخلاقه سيئة ؟!
أولاً : لا أظن أن سلفياً تشربت عروقه بالسنة، وخالطت بشاشتها قلبه - أبــداً - لا يقول هذا.
فالسلفي يبتعد من المبتدعة، الصوفية، وغيرهم، وينحاز إلى أهل السنة.
ولكن ننظر في موجب القول والقائل ، فإذا كان القائل من أهل التحزب، والحركيـين ، فليس هذا بغريب عليهم؛ لأنهم ينطـلقون شاؤا، أم أبـوا من قاعدة :- نتعاون فيما اتفقنا عليه، ويعذر بعضنا بعضاً فيما اختلفنا فيه.!!؟!!
وإن كان صاحب سـنة، لكنه حزَّ في نفسه شيء؛ لما يرى من جفاء إخوانه عليه، وغلظتهم عليه غلظة يرى أنها زادت عن حدها، فهذا ما أظنه قالها إلا للزجر ولشدة العتاب، فهذا يجب على إخوانه أن يتعاملوا معه برفق، وأن يحسنوا صحبته لاسيَّما إن كان ذا جاهٍ كبير، ومكانة مرموقة في الناس.
فحسن الصحبة واجبة بين أهل السنة؛ من سَعة الصدر، والصبر، والملاطفة، وقد أردُّ على سني، ويـردُّ عليَّ، وأشـتدُّ عليه فيما بينه، ويشـتدُّ علي، لكن لا على سبيل التشهير، لا أشــهِّر به، ولا أجعــله عرضة لحديثي في المجالس الخاصة والعامة، فلـو سئلتُ عن قـول فلان في كذا، أقـول: أخطـأ؛ الصواب خلاف ذلك، وفلان أعرف عنه أنه صاحب سنة، لكنه ما وفِّق في هذا.
فتفطنوا بارك الله فيكم - إلى الحال والمقال ومـا يوجب المقال ، فـإن - كما يقولون - لكل مقامٍ مقال.
* * *
** السؤال الثامن :جزاكـم الله خيراً ، وأحسن الله إليكم ، وهذا سائل يسأل عن الفرق بين العقيدة والمنهج؟ وهل بينهما خصوص وعموم أم لا ؟
>> العقـيدة هي :
ما تعتقده تديناً في الله وملائكته، وكتبه، ورسله، واليوم الآخـر، والقدر خيره، وشـره، وما يستــتبع ذلك من تصـديق خبر الله، وخبر رسوله صلى الله عليه وسلم، في الماضي والمستقبل، ومن ذلك نعيم القبر وعذابه والحوض - حوض النـبي صلى الله عليه وسلم - والميزان وغير ذلك، هذه العقيدة، وكذلك يتبع هذا تنزيل الأولياء والصالحين،الذين هم أولياء لله متقين لله، أهل سنة، وأئمتهم أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم،وآل البيت منهم خاصة، وأئمة التابعين ومن بعدهم، فتنزلهم منازلهم من غير غلو، من غير إفراط،ولا تفريط، وتتولاهم محبةً في ذات الله سبحانه وتعالى.
>> والمنهـج هو :
الطريق الذي يسلكه المرء في دعوة الناس إلى الله عز وجل .
وقاعدته : الكتاب والسنة على فهم السلف الصالح .
( واعلموا أن العقيدة والمنهج متلازمان)
وما أحسن ما قال البربهاري- رحمه الله- [اعلم أن الإسلام هو السنة،وأن السنة هي الإسلام ] ، فالعقيدة والمنهج لا يختل أحدهما إلا من خلل في الآخر؛ فالخـوارج لما اختـل منهـجهم وكـفَّـروا بالكبـيرة وحكموا على مرتكبها في الدنيا بأنه كـافر حلال الدم والمال، وتوصلوا من هذا إلى سبي نسائهم وذراريـهم من خلل في عقيـدتهم؛ كذَّبوا النصوص الصحيحة الثـابتة عن النـبي صلى الله عليه وسلم في أن المـعاصي لا تسلب الإيمان بالكلية وإنما تسلب كماله، ولهذا هم ارتكبوا- مع هذا- تكذيباً آخر؛ فكحموا على مرتكب الكبيرة إذا مات بأنه خالد مـخلد في النار. والمعتـزلة قالوا إنه في منزلة بين منزلتين ! لا مـؤمن ولا كافر! خـلاف ما شـهدت به النــصوص من آي التـنزيل وصحـيح السنة عن النبي صلى الله علـيه وسلم، ووافـقوا الخوارج في من مات على كبيرة من الكبائر.
وهكذا والمرجئة الغُلاة الذين يقولون : الإيمان هو مجرد التصديق أو يقولون القول، أو التصديق مع القول، حاصل عقيدتهم بل هم يـقررونه : لا يــضر مع الإيمان ذنب! كما لا ينفع مع الكفر طاعة! فانظروا التناقض؛ لا ينفع مع الكفر طاعة هذا صحيح،لكن المَقيس فاسد؛ لايضر مع الإيمان ذنب! إذاً يستوي عندهم السِّكير العِربيد الفاجر،مع البَر التقي الصائب المصلي! هذا خـلل في العـقيدة وخـلل في المنـهج، فهم يـوالون ويـعادون في هذه العقائد الفاسدة، وأهل السنة لا يـوالون ولا يعادون إلا في الله سبحانه وتعالى. فلا تـغرنَّـكم شواذ العبارات، ولا بُنـيَّات الطريق.
فالعقيدة والمنهج الذي هو طريق الدعوة إلى الإسلام الخالي من شوب الكفر ومن شوب البدع ومن المعاصي المنهج الصحيح لا يخالف العقيـدة الصحيحة - أبــداً- فالإسـلام، أو الدعوة إلى الإسـلام على منـهاج رسول الله صلى الله عليه وسلم تقوم على عقيدة صحيحة ومنهج سديد صحيح.
* * *
** السؤال التاسع :جزاكم الله خيراً ، وأحسن الله إليكم. هذا سائل يسأل ويقول:-
متى يكون الإنسان مؤهلاً لأن ينكر المنكر؟!
أولاً : يا بني اعلم أن المنكر على ثلاث مراتب؛ جاءت في الحديث الصحيح الذي رواه مسلم عن أبي سعيد الخُدْري رضي الله عنه- عن النبي صلى الله عليه وسلم قال{من رأى منكم منكراً فليغيره بيده} هذه المرتبة الأولى. {فإن لم يستطع فبلسانه} وهذه المرتبة الثانية، {فإن لم يستطع فبقلبه ، وذلك أضعف الإيمان} وهذه المرتبة الثالثة .
ولا أدري ما تريد بقولك : متى يكون مؤهلاً! لكن أقول لك شيئين :-
>> أولاً :الإنكار بالقلب هذه جميع عباد الله مؤهلون لها، لا يعجز عنها أحد.
وأما المرتبتان الأوليان : التغيير باليد، والتغيير باللسان :
فالأولى : لمن قدر، وأمن المفسدة التي هي أكبر من تغييرالمنكر.
والثانية :لأهل العلم؛ الذين يحسنون البيان، ويـبيـنون للناس الحق،ويحذرونهم من الباطل، يأمرونهم بالحلال بالدليل، وينهونهم عن الحرام بالدليل، يدعونهم إلى السنة بالدليل، وينهونهم عن البدع بالدليل بالحكمة، والموعظة الحسنة، وإن دعا الأمر جادلوا بالتي هي أحسن .
>> والأمر الثاني : اعلم أنه إذا ترتبت على تغيير المنكر مفـسـدة أكبر منه كان منـكـراً، كان تغييره منكراً.
ولهذا- والله أعلم- قال صلى الله عليه وسلم {من كانت عنده نصيحة لذي سلطان فلا يبدهاعلانيـة، وليخلو به ، وليأخذ بيـده ، فإن قـبـلها قبــلها ، وإن ردَّهــا كان قد أدى ما عـلـيه} رواه ابن أبي عاصـم وغـيره، عن عياض بن غُـنْم - رضي الله عنه - وهو صـحيح بمجـموع طرقه. وقد صحـحه العـلاَّمة، الإمـام، المحدث في هذا العصر بلا منازع، الشيخ: " ناصر" - رحمه الله -. فتفطنوا - بارك الله فيكم - في بعض الأحيان لا تستطيع أن تنكر منكراً، فيبقى عليك الإنكار بالقلب.
* * *
** السؤال العاشر :أحسن الله إليكم ، وبارك فيكم. هذا سائل يسأل ، ويقول :-
هل يُشترط في الرد على المخالف والتحذير منه أن يجتمع على التحـذير منه والكلام فيه أهل العلـم! أم يكفي عالم واحد فقط؟!.
هذه قاعدة الجرح والتعديل، وملخصها:" أن من علم حجة على من لم يعلم" . فإذا حذر عالم من رجل وأقام عليه الدليل بأنه من أهل الأهواء، أو من الجهال الذين لا يستحقون الصدارة في العلم والتعليم، وكان هذا العالم معروفاً بين الناس بالسنة والاستقامة عليها، وتقوى الله سبحانه وتعالى فإنا نقبل كلامه، ونَحذر من حذرنا منه، وإن خالفه مئات؛ مادام أنه أقام الدليل، وأقام البينة على ما قاله في ذالكم المحذَّر منه، فهذا وسعنا، بل هو فرضـنا، والواجـب علينا، وإلا ضاعت السـنة .
فإن كثير من أهل الأهـواء يخفى أمرهم على جمهرة أهل العلم، ولا يتمكنون من كشف عوارهم، وهتك أستارهم؛ لأسباب منها :
>> البـطانة الســيئة : التي تحول بين هذا العـالم الجليل السني القـوي، وبين وصول ما يُهتك به سـتر ذلك اللعَّاب الماكر الغشاش الدساس - البـطـانة الســيئة - حال لا يمكن أن يصل إليه شيء، حتى أنها تحـول بينه، وبين إخوانه الذين يحبهم في الله، فلا يستطيع أن يقرأ كل شيء .
>> ومنها : أن يكون ذلك العالم ليس عنده وقت، بل وقته كله في العلم، والتعليم .
>> ومنها : أن يكون بعيداً عن هذه الساحة؛ يكون هذا الشخص مثلاً : في مصر، أو الشام، أو المغرب، أو مثلاً اليمن، وهذا العالم- الذي في السعودية- لا يدري عما يجري في تلك الساحة؛ ما بلَّغه ثقةٌ بما يجري في تلك الساحة والساحات؛ فهو جاهل بحاله.
>> ومنها : أن يكون هذا العالم قد نمى إلى علمه وتعلق في فكره أن ذلك الرجل ثقة عنده، فما استطاع أن يصل إلى ما كشفه غيره من أهل العلم ؛ للأسباب المتقدمة وغيرها،لكن نمى إلى علمه سابقاً أنه صاحب سنة وأنه يدعوا إلى الله، وكان أمامه يُظهر السنة، وحب أهل السنة،والدعوة إلى السنة، ويذكر قَصصاً من حياته ومصارعته للأفكار الفاسدة، والمناهج الكاسدة، ويأتي له بكتب سليمة، وما درى عن دسائسه.
فإذاً ماذا نصنع؟ نعمل على كلام ذلك العالم الذي أقام الدليل، وأقام البينة التي توجب الحذر من ذلك الرجل من كتبه، ومن أشرطته، ومن شخصه.
وأما ذلك العالم الجليل فهو على مكانته عندنا؛ لا نجرحه، ولا نحط من قدره، ولا نقلل من شأنه بل نعتذرله؛ نقول ما علم، لو علم ما علمنا لكان عليه مثلنا أو أشد منا. والله أعلم ، نكتفي بهذا ، وأستودعكم الله، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
تعليق