بسم الله الرحمان الرحيم
بعد وفاة الرسول صلى الله عليه وسلّم اختلفت الأُمَّة في أحكام الشريعة التي لا تقضي على أصول الشريعة وأصول مصادرها.
أسباب الخلاف نجملها بما يأتي:
1. أن يكون الدليل لم يبلغ هذا المخالف الذي أخطأ في حكمه.
فهذا السبب يكون في الصحابة وفيمن بعدهم.
2. أن يكون الحديث قد بلغ الرجل ولكنه لم يثق بناقله، ورأى أنه مخالف لما هو أقوى منه، فأخذ بما يراه أقوى منه.
3. أن يكون الحديث قد بلغه ولكنه نسيه.
4. أن يكون بلغه وفهم منه خلاف المراد.
مثال: اختلاف العلماء رحمهم الله في معنى {أَوْ لَـامَسْتُمُ النِّسَآءَ}.
البعض منهم فهم أن المراد مطلق اللمس، وآخرون فهموا أن المراد به اللمس المثير للشهوة، وآخرون فهموا أن المراد به الجِماع، وهذا الرأي رأي ابن عباس رضي الله عنهما.
والصواب مع مَن يرى أنه الجِماع لماذا؟
لأن الله تبارك وتعالى ذَكَرَ نوعين في طهارة الماء، طهارة الحدث الأصغر والأكبر:
· ففي طهارة الحدث الأصغر قوله: {فاغْسِلُواْ وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُواْ بِرُؤُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَينِ}.
· وفي طهارة الحدث الأكبر قوله: {وَإِن كُنتُمْ جُنُباً فَاطَّهَّرُواْ...} الآية.
وكان مقتضى البلاغة والبيان أن يُذكر أيضاً موجبا الطهارتين في طهارة التيمم:
· فموجب طهارة الحدث الأصغر قوله تعالى: {أَوْ جَآءَ أَحَدٌ مِّنْكُم مِّنَ الْغَائِطِ}
· وموجب طهارة الحدث الأكبر قوله: {أَوْ لَـمَسْتُمُ النِّسَآءَ}
ولو جعلنا الملامسة هنا بمعنى اللمس، لكان في الآية ذِكْر موجبين من موجبات طهارة الحدث الأصغر، وليس فيها ذكر لشيء من موجبات طهارة الحدث الأكبر، وهذا خلاف ما تقتضيه بلاغة القرآن.
5. أن يكون قد بلغه الحديث لكنه منسوخ ولم يعلم بالناسخ، فيكون الحديث صحيحاً والمراد منه مفهوماً ولكنه منسوخ، والعالم لا يعلم بنسخه، فحينئذٍ له العذر لأن الأصل عدم النسخ حتى يعلم بالناسخ.
6. أن يعتقد أنه معارض بما هو أقوى منه من نص أو إجماع. بمعنى أنه يصل الدليل إلى المستدل، ولكنه يرى أنه معارض بما هو أقوى منه من نص أو إجماع، وهذا كثير في خلاف الأئمة. وما أكثر ما نسمع من ينقل الإجماع، ولكنه عند التأمل لا يكون إجماعاً.
7. أن يأخذ العالم بحديث ضعيف أو يستدل استدلالاً ضعيفاً. وهذا كثير جداً، كذلك أيضاً مَن يأخذ بدليل ضعيف من حيث الاستدلال. الدليل قوي لكنه من حيث الاستدلال به ضعيف.
من نتبع من هؤلاء العلماء؟
الواجب على مَن علِم بالدليل أن يتبع الدليل ولو خالف مَن خالف من الأئمة. إذا لم يخالف إجماع الأمة.
والناس ينقسمون في هذا الباب إلى ثلاثة أقسام:
1 ـ عالِم رزقه الله عِلماً وفهماً: فله الحق أن يجتهد وأن يقول، بل يجب عليه أن يقول ما كان مقتضى الدليل عنده مهما خالفه مَن خالفه من الناس، لأنه مأمور بذلك.
2 ـ طالب علم عنده من العلم، لكن لم يبلغ درجة ذلك المتبحِّر: فلا حرج عليه إذا أخذ بالعموميات والإطلاقات وبما بلغه، ولكن يجب عليه أن يكون محترزاً في ذلك، وألا يقصِّر عن سؤال مَن هو أعلى منه من أهل العلم؛ لأنه قد يخطئ، وقد لا يصل علمه إلى شيء خصَّص ما كان عامًّا، أو قيَّد ما كان مطلقاً، أو نَسَخَ ما يراه محكماً. وهو لا يدري بذلك.
3 ـ عامي لا يدري شيئاً: فهذا يجب عليه أن يسأل أهل العلم. لكن من يسأل؟ هل نقول: يجب عليك أن تتحرى مَن هو أقرب إلى الصواب فتسأله ثم تأخذ بقوله، أو نقول: اسأل مَن شئت ممَّن تراه من أهل العلم؟
فالذي أرى في هذه المسألة أنه يسأل مَن يراه أفضل في دينه وعلمه لا على سبيل الوجوب، لأن من هو أفضل قد يخطئ في هذه المسألة المعينة، ومن هو مفضول قد يصيب فيها الصواب، فهو على سبيل الأولوية، والأرجح: أن يسأل من هو أقرب إلى الصواب لعلمه وورعه ودينه.
بعد وفاة الرسول صلى الله عليه وسلّم اختلفت الأُمَّة في أحكام الشريعة التي لا تقضي على أصول الشريعة وأصول مصادرها.
أسباب الخلاف نجملها بما يأتي:
1. أن يكون الدليل لم يبلغ هذا المخالف الذي أخطأ في حكمه.
فهذا السبب يكون في الصحابة وفيمن بعدهم.
2. أن يكون الحديث قد بلغ الرجل ولكنه لم يثق بناقله، ورأى أنه مخالف لما هو أقوى منه، فأخذ بما يراه أقوى منه.
3. أن يكون الحديث قد بلغه ولكنه نسيه.
4. أن يكون بلغه وفهم منه خلاف المراد.
مثال: اختلاف العلماء رحمهم الله في معنى {أَوْ لَـامَسْتُمُ النِّسَآءَ}.
البعض منهم فهم أن المراد مطلق اللمس، وآخرون فهموا أن المراد به اللمس المثير للشهوة، وآخرون فهموا أن المراد به الجِماع، وهذا الرأي رأي ابن عباس رضي الله عنهما.
والصواب مع مَن يرى أنه الجِماع لماذا؟
لأن الله تبارك وتعالى ذَكَرَ نوعين في طهارة الماء، طهارة الحدث الأصغر والأكبر:
· ففي طهارة الحدث الأصغر قوله: {فاغْسِلُواْ وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُواْ بِرُؤُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَينِ}.
· وفي طهارة الحدث الأكبر قوله: {وَإِن كُنتُمْ جُنُباً فَاطَّهَّرُواْ...} الآية.
وكان مقتضى البلاغة والبيان أن يُذكر أيضاً موجبا الطهارتين في طهارة التيمم:
· فموجب طهارة الحدث الأصغر قوله تعالى: {أَوْ جَآءَ أَحَدٌ مِّنْكُم مِّنَ الْغَائِطِ}
· وموجب طهارة الحدث الأكبر قوله: {أَوْ لَـمَسْتُمُ النِّسَآءَ}
ولو جعلنا الملامسة هنا بمعنى اللمس، لكان في الآية ذِكْر موجبين من موجبات طهارة الحدث الأصغر، وليس فيها ذكر لشيء من موجبات طهارة الحدث الأكبر، وهذا خلاف ما تقتضيه بلاغة القرآن.
5. أن يكون قد بلغه الحديث لكنه منسوخ ولم يعلم بالناسخ، فيكون الحديث صحيحاً والمراد منه مفهوماً ولكنه منسوخ، والعالم لا يعلم بنسخه، فحينئذٍ له العذر لأن الأصل عدم النسخ حتى يعلم بالناسخ.
6. أن يعتقد أنه معارض بما هو أقوى منه من نص أو إجماع. بمعنى أنه يصل الدليل إلى المستدل، ولكنه يرى أنه معارض بما هو أقوى منه من نص أو إجماع، وهذا كثير في خلاف الأئمة. وما أكثر ما نسمع من ينقل الإجماع، ولكنه عند التأمل لا يكون إجماعاً.
7. أن يأخذ العالم بحديث ضعيف أو يستدل استدلالاً ضعيفاً. وهذا كثير جداً، كذلك أيضاً مَن يأخذ بدليل ضعيف من حيث الاستدلال. الدليل قوي لكنه من حيث الاستدلال به ضعيف.
من نتبع من هؤلاء العلماء؟
الواجب على مَن علِم بالدليل أن يتبع الدليل ولو خالف مَن خالف من الأئمة. إذا لم يخالف إجماع الأمة.
والناس ينقسمون في هذا الباب إلى ثلاثة أقسام:
1 ـ عالِم رزقه الله عِلماً وفهماً: فله الحق أن يجتهد وأن يقول، بل يجب عليه أن يقول ما كان مقتضى الدليل عنده مهما خالفه مَن خالفه من الناس، لأنه مأمور بذلك.
2 ـ طالب علم عنده من العلم، لكن لم يبلغ درجة ذلك المتبحِّر: فلا حرج عليه إذا أخذ بالعموميات والإطلاقات وبما بلغه، ولكن يجب عليه أن يكون محترزاً في ذلك، وألا يقصِّر عن سؤال مَن هو أعلى منه من أهل العلم؛ لأنه قد يخطئ، وقد لا يصل علمه إلى شيء خصَّص ما كان عامًّا، أو قيَّد ما كان مطلقاً، أو نَسَخَ ما يراه محكماً. وهو لا يدري بذلك.
3 ـ عامي لا يدري شيئاً: فهذا يجب عليه أن يسأل أهل العلم. لكن من يسأل؟ هل نقول: يجب عليك أن تتحرى مَن هو أقرب إلى الصواب فتسأله ثم تأخذ بقوله، أو نقول: اسأل مَن شئت ممَّن تراه من أهل العلم؟
فالذي أرى في هذه المسألة أنه يسأل مَن يراه أفضل في دينه وعلمه لا على سبيل الوجوب، لأن من هو أفضل قد يخطئ في هذه المسألة المعينة، ومن هو مفضول قد يصيب فيها الصواب، فهو على سبيل الأولوية، والأرجح: أن يسأل من هو أقرب إلى الصواب لعلمه وورعه ودينه.