صبرا سماحة المفتي ومهلا يادعاة المظاهرات
الحمد لله ,والصلاة والسلام على رسول الله,وآله وصحبه ومن والاه,واتبع هداه,أما بعد:إن الفتن إذا أقبلت,انقسم الناس فيها إلى ثلاثة أقسام :
ومثال ذلك في هذه الفتنة,التي قد عمت الأقطار,وماجت في الأمصار,ولم يسلم منها حتى ربات الحجال في الديار.ماأمثل به,-وليعذرني القارئ الكريم,على الصراحة والتصريح,فإنه لو كان يسعني السكوت لسكت-.
المثال الأول:سماحة المفتي عبد العزيز آل الشيخ- ومن سار على دربه من العلماء الربانيين السلفيين- فإنه قد تكلم في الجمعة الفارطة بصراحة عن المظاهرات,ووصفها بـ { التظاهرات ب*"الإجرامية الكاذبة*" لضرب الأمة والقضاء على دينها وقيمها وأخلاقها.}و{ بالمخططة والمدبرة لتفكيك الدول العربية الإسلامية وتحويلها إلى دول صغيرة متخلفة}. وهذا منه اتباع للعلماء من قبله,فإنهم قد أفتوا بتحريم المظاهرات وتجريمها,ومنهم العلامة ابن باز,والألباني,وابن عثيمين,ومقبل الوادعي والفوزان ,واللحيدان, و النجمي,وغيرهم رحم الله أمواتهم وأحياءهم.
المثال الثاني :أريد أن أمثل بثلاثة قد ظهروا أول أمس وردوا على المفتي العام فتياه,واعتبروها فتيا سلاطين,تبرر للحكام ظلمهم واحتكارهم للسلطة.
1- معارض قد وطن قلبه بالعلم النافع,والحلم الناجع,و السير على نهج العلماء الربانيين. 2- مؤيد قد جرفه سيل الفتنة,ودب في عروقه اضطرامه,حتى لم يدع مفصلا إلا ودخله.فجعل يغذي الفتنة بنفسه,وماله وولده. 3- وحائر متذبذب لا إلى هذا ولا إلى هذا.وهذا والثاني لقلة البضاعة,ولنقص التجربة والصناعة.
صفوت حجازي
أولهم:صفوت حجازي حيث قال:إن الشيخ عبد العزيز آل الشيخ مفتي المملكة,العربية السعودية فقط,وليس مفتيا للعالم بأسره. وقال بشأن فتواه الأخيرة عن مظاهرات شعبي تونس ومصر إنها تلزمه وحده.
وقال الداعية في اتصال هاتفي مع الشروق إن ما يقوم به الشعب المصري وقبله التونسي هو تقويم للحاكم "من باب قول كلمة الحق عند سلطان جائر، ومن باب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وليس خروجا عن الحاكم".
* ووضّح الشيخ أن الخروج على الحاكم يكون باستخدام السلاح وقتله ورفع السلاح في وجهه، *"أما ما يقوم به المتظاهرون في البلدين لم يصل أبدا إلى هذا الحد، وغير موجود مطلقا*".
الجواب:هذا الذي اعتبرته تقويما للحاكم,هو عين مخالفة هذه الأحاديث التي سأسوقها إليك:
ما تصنع بهذا الحديث:{تسمع وتطيع للأمير وإن ضرب ظهرك,وأخذ مالك}وهو حديث صحيح في صحيح مسلم.من حديث حذيفة رضي الله عنه.
وقول رسول الله صلى الله عليه وسلم:اسمع وأطع في عسرك ويسرك,ومنشطك ومكرهك,وأثرة عليك,وإن أكلوا مالك و ضربوا ظهرك}السنة لابن أبي عاصم[1026]وصححه الألباني.
وأثر سويد بن غفلة:قال لي عمر بن الخطاب:{لعلك أن تخلف بعدي,فأطع الإمام وإن كان عبدا حبشيا,وإن ظلمك فاصبر, وإن ضربك فاصبر,وإن دعاك إلى أمر منقصة في دينك فقل سمعا وطاعة دمي دون عرضي,ولا تفارق الجماعة}رواه الخلال في السنة[1/111]وابن أب شيبة في المصنف[12/544].
دفع شبهة:قد تقول يا صفوت:إن هذا في حق الحاكم العادل,وليس في حق كل حاكم.
فالجواب من وجوه:
1-كيف يتأتى هذا مع قوله:{وإن ضرب ظهرك وأخذ مالك} صرح بأنه ظالم يضرب الظهر ويأخذ المال,ومع ذلك أمر بطاعته.
2-أن الأحاديث في طاعة الأمراء جاءت مطلقة ولم تفرق بين جائر وعادل.
3-جاءت أحاديث صريحة,فيها طاعة الحاكم الجائر في غير معصية –طبعا-.مثل حديث عدي بن حاتم-رضي الله عبه-قال:قلنا يا رسول الله لا نسألك عن طاعة من اتقى,ولكن من فعل وفعل فذكر الشر,فقال رسول الله-صلى الله عليه وسلم-:{اتقوا الله واسمعوا وأطيعوا}رواه ابن أبي عاصم في السنة وصححه الألباني.وهذا نص في موطن النزاع,إذ النبي-صلى الله عليه وسلم-أمر بالسمع والطاعة في حق الحاكم الذي فعل الشر.أما الحاكم الصالح فطاعته كانت متقررة عند الصحابة-رضي الله عنهم-إذ قالوا {لا نسألك عن طاعة من اتقى.ولكن....}.
4-هذا أثر سويد بن غفلة إذ أمره عمر بن الخطاب رضي الله عنه,أن يسمع ويطيع للأمير وإن أكل ماله,أو ضربه,وأمره أن لا يفارق الجماعة.
قال حجازي: :{إن الشيخ عبد العزيز آل الشيخ مفتي المملكة,العربية السعودية فقط,وليس مفتيا للعالم بأسره.}
أقول سبحان الله،وهل يشترط في قبول الحق أن يكون المفتي مفتيا لبلده فقط؟ فأهل البلد يقبلون أما غيرهم فلا يلزمهم قبوله.هذه قاعدة باطلة,تشبه قاعدة الجزأرة الذين يقولون لا نأخذ العلم إلا عن علماء الجزائر.
قال حجازي: إن ما يقوم به الشعب المصري وقبله التونسي هو تقويم للحاكم "من باب قول كلمة الحق عند سلطان جائر، ومن باب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وليس خروجا عن الحاكم".
التعليق:تستدل على الخروج بحديث{أفضل الجهاد كلمة حق أمام سلطان جائر} هذا الإستدلال مردود,ترده كلمة [أمام]و[عند] يقتضي أنك تأتيه في قصر ملكه وتأمره وتنهاه فإن قبل منك فبها ونعمت,وإن قتلك فأنت على أجر عظيم.
أما الخروج في مظاهرات,ومسيرات فهذا لا يدل عليه الحديث بوجه من الوجوه.
وقولك :{هذا من باب الأمر بالمعروف,والنهي عن المنكر}
الجواب:أن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر له ضوابط وخاصة إذا تعلق بالسلطان,فإن الخطأ في ذلك قد يؤدي فتنة عارمة تسيل فيها دماء كثيرة.
وشروط مناصحة السلطان ذكرها ابن مفلح في الآداب الشرعية,[1/195-197] وابن النحاس في تنبيه الغافلين[46].وهاهي دونك:
1-أن لاينكر باليد ولا يشهر عليه السلاح.
2-أن تكون مناصحتة سرا.
3-أن يتلطف معه في الكلام.
قول صفوت حجازي: أن الخروج على الحاكم يكون باستخدام السلاح وقتله ورفع السلاح في وجهه، *"أما ما يقوم به المتظاهرون في البلدين لم يصل أبدا إلى هذا الحد، وغير موجود مطلقا*".
التعليق :الخروج يكون بثلاثة ,بالإعتقاد واللسان واليد،قال المناوي في فيض القدير[3/324-325]{قوله [رجل فارق الجماعة]بقلبه ولسانه واعتقاده,أو ببدنه ولسانه}إلى أن قال{قوله[وعصى إمامه]إما بنحو بغي أو حرابة أو صيال أو عدم إظهار الجماعة في الفرائض...}
بل ينبغي أن تعلم يا شيخ أن الخوج بالإعتقاد واللسان أخطر من الخروج بالسلاح,لأنه متى اعتقد الخروج فإنه لابد وأن يكون ساعيا في تطبيقه متى سنحت له الفرصة,ومتى خرج بلسانه فإنه يكون محرضا على ولي الأمر ناشرا للفتنة والفوضى.ويعتبر والحال هذه من القعدية وهم كما يقول ابن حجر رحمه الله في التهذيب [114 /8]
{قعد الخوارج، كانوا لا يرون بالحرب، بل ينكرون على أمراء الجور حسب الطاقة، ويدعون إلى رأيهم، ويزينون مع ذلك الخروج ويحسنونه }ا.هـ
قال عبد الله بن محمد الضعيف رحمه الله: (قعد الخوارج هم أخبث الخوارج).
قال حجازي: واستشهد حجازي بموقف الرعية من أمير المؤمنين عمر بن الخطاب، إذ قالوا له لا سمع ولا طاعة لك إن عصيت الله فينا)
الجواب:يستدل به الكثيرون على الخروج,والرد عليهم من وجوه:
1-أن أمير المؤمنين عمر بن الخطاب كان هو الأمير ,وتنازل عن حقه,وأذن لهم أن يقوموه.
2-أن الخروج لم يقع,حتى يقال إن هذا دليل على الخروج.
3-أن هذا الأثر وإن كان مجملا فينبغي أن يرد فهمه إلى النصوص الواضحة في معاملة الحكام,من وجوب طاعتهم والصبر على جورهم.
4-أن الأحاديث إذاتعارضت مع الآثار فإن المقدم هو الأحاديث.
5-إن الخليفة الراشد عمر بن الخطاب رضي الله عنه أبعد من أن يريد بقوله هذا هذه التظاهرات العمياء.فيصان قوله عن هذه الظنون السيئة.
قال صفوت حجازي: "فهم عصوا الله فينا ونحن نأخذ على أيدي الظالم ولا نخرج على الحاكم أبدا".
الجواب:إذا كنت تعني بالأخذ على يد الظالم-الأخذ بالمظاهرات والمسيرات,فهذا تناقض صارخ.لأن الخروج يكون بما دون السلاح.
وقال صفوت حجازي: لو رأى الصحابة هذه المظالم والمفاسد ماذا كانوا سيفعلون؟
هذا استفهام تقريري:أي أنهم كانوا سيخرجون في المظاهرات,والله إن هذا لعجب,وإن العجب ليتعجب من هذا,لاأدري كيف خلصت إلى هذا,أقل مايقال عن هذاأنه كهانة.
-ونفى حجازي أن يكون ما يقوم به الشباب من ثورة إرهابا أو تطرّفا، "بل هو تعبير عن الرأي بصورة سلمية.
التعليق :ثورة الشباب المصري سقط فيها نحو من 400قتيل,فهل يقال عنها أنها سليمة.
وهذه الدماء التي سالت,أليست دماء المسلمين,وهي معصومة في الشرع.هذا هو الخروج بعينه.
ثم قال حجازي: إن من يفتي بغير ذلك ما هم إلا "علماء السلاطين الذين يفتون لهم بما يتماشى معهم.
الجواب:هكذا يهيج شباب المسلمين على السلاطين,وينزع الثقة من علماء الأمة بحجة أنهم عملاء للحكام.
يجيبنا عن هذا الشيخ الفوزان-حفظه الله-:هذا ما يضر علماء هذي البلاد,هذا الكلام يضر الذين قالوه,ويرجع عليهم إثمه ووزره,فلا تحسدوهم على ما وقعوا فيه من الشر,ولا تحزنوا عليهم....}الإجابات المهمة,في المشاكل الملمة[ص27].
قال حجازي: وامتدح الشيخ أولئك الشباب بالقول "إنهم من أصلح الناس، هم أصحاب رأي وأحرار، يريدون الخير لأمتهم ويريدون حاكما عادلا حقيقي"
الجواب:هذا بالنظر إلى نياتهم ,أما الفعل هذا,فهو خروج ظاهر,والنية وحدها لاتكفي بل لابد من صلاح النية والعمل معا كيف وهما من شروط العبادة.
فصبرا أيها المفتي,ومهـــــــــلا يادعاة المظاهرات.
والحمد لله رب العالمين
والحمد لله رب العالمين
يتبع بإذن الله.
وكتبه: أبو العباس محمد رحيل بوادي التاغية8/صفر/1432هـ حامدا و مصليا.
وكتبه: أبو العباس محمد رحيل بوادي التاغية8/صفر/1432هـ حامدا و مصليا.
تعليق