بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين و بعد
فهذه مقالة نشرها الشيخ محمد العنجري – وفقه الله – في جريدة القبس الكويتية و كانت حول طاعة ولاة الأمر و القواعد الشرعية فيها ، و مناسبتها أنه حصل في الكويت كثير من التهييج على ولاة الأمر و التحريض عليه من قبل نواب مجلس الأمة و الجماعات السياسية الإسلامية من خلال ندواتهم و بياناتهم بسبب خلافات داخل مجلس الأمة .
إذا أقبلت الفتن عرفها العقلاء ، وإذا أدبرت أدركها الجهلاء.
تكرر لفظ الفتنة في كتاب الله ستين مرة ومن معانيها قول إمام أهل السنة في زمانه الإمام البربهاري : " وكل ما كان من قتال بين المسلمين على الدنيا فهو فتنة ".
قال تعالى : " ذوقوا فتنتكم " وقال تعالى :" ألا في الفتنة سقطوا " وقال تعالى :" وإن كادوا ليفتنونك " وقال تعالى : " إن الذين فتنوا المؤمنين والمؤمنات "
والمتسببين في الفتنة في وبال عظيم ، قال تعالى : " والفتنة أشد من القتل "
واليوم ، نرقب جميعا ، وبقلوب يعتصرها الأسى والألم ، ما آلت إليه الأمور في بلدنا الحبيبة الكويت ، ولا أجد في هذا المقام سبيلاً للنجاة إلا في الإستجابة لأمر الله والرسول حيث قال تعالى : "يا أيها الذين آمنوا استجيبوا لله وللرسول إذا دعاكم لما يحييكم" ، وليعلم أصحاب المدارس الفلسفية والسياسية والبدعية أن الحياة لا تكون إلا بطاعة الله في المنشط والمكره ، قال تعالى : "فليحذر الذين يخالفون عن أمره أن تصيبهم فتنة أو يصيبهم عذاب أليم " .
أخي المسلم ، أختي المسلمة
أولاً :
إن الله تعالى قد كتب وأوجب علينا طاعة ولي الأمر المسلم فقد قال عز شأنه " يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم " .
وقال صلى الله عليه وسلم : (( على المرء السمع والطاعة فيما أحب وكره )) متفق عليه .
ثانيا :
الطاعة لولي الأمر غير مشروطة بعدله أو ظلمه ، أي سواء كان ظالما أو عادلا ًفله السمع والطاعة ، لقوله صلى الله عليه وسلم : (( ستكون بعدي أثرة وأمور تنكرونها )) قالوا يا رسول الله ، فما تأمرنا ؟ قال ،(( تؤدون الحق الذي عليكم وتسألون الله الذي لكم )) . متفق عليه
ثالثا :
الطاعة لولي الأمر واجبة علينا فيما فيه خير لنا أو شر علينا ، لقوله صلى الله عليه وسلم ، (( عليك السمع والطاعة في يسرك وعسرك ، ومنشطك ومكرهك وأثرة عليك )) . رواه مسلم
والأثرة تعنى الإستنثار ظلماً وعدواناً .
وعن سلمة بن يزيد الجعفي قال : يا رسول الله ، أرأيت إن قامت علينا أمراء يسألونا حقهم ويمنعونا حقنا ، فما تأمرنا ؟ قال - صلى الله عليه وسلم- (( إسمعوا وأطيعوا فإنما عليهم ما حملوا وعليكم ما حملتم )) . رواه مسلم .
رابعاً :
هل المسلم مخير برد هذه النصوص التي تقدمت في وجوب طاعة ولي الأمر إذا كان غير مقتنع بها عقلاً ؟
الجواب : قال تعالى " وما كان لمؤمن ولا مؤمنة إذا قضى الله ورسوله أمرا أن يكون لهم الخيرة من أمرهم " .
وأقول ناصحاً لكل مسلم ، لا يغرنك ولا يستدرجنك أصحاب الطرح الخارجي والخطاب الثوري فما أنت بالنسبة لهم إلا سلما يوصلهم إلى تشكيل القرار السياسي وتحقيق السلطنة ويكفيك بأن تنظر إلى التاريخ ليثبت لك فساد نهج الخوارج ومن شابههم ، والعبرة بكتاب الله وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم على فهم الصحابة الكرام رضوان الله عليهم ومن تبعهم بإحسان ، ولنقرأ ما كتبه في هذا الباب وما قاله علمائنا من أمثال عبدالعزيز بن باز وناصر الدين الألباني وابن عثيمين والفوزان ولا ننظر إلى المنحرفين عن الصراط الذين يعملون على تحريض الناس على ولاة الأمر بالعصيان والخطابات والكتابات ، وتذكر أيها المسلم أن معظم النار من مستصغر الشرر ، فلا تكن مادة لهم ، فإذا وقعت الفتنة لا يفيد الندم ولا يمكن الرجوع إلا إذا شاء الله .
خامسا : لا تكون الطاعة لولي الأمر في معصية الله لقوله صلى الله عليه وسلم ، (( على المرء السمع والطاعة فيما أحب وكره إلا أن يؤمر بمعصية )) . متفق عليه . وقال أيضاً (( لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق )) . رواه أحمد ( صحيح ) وقال صلى الله عليه وسلم ، (( من رأى من أميره شيئا من معصية فليكره ما يأتي من معصية الله ولا ينزعن يدا من طاعة )).. رواه مسلم .
سادساً :
لا تكون طاعة ولي الأمر تزلفاً وطمعاً بل خالصة لوجه الله تعالى ، قال صلى الله عليه وسلم (( ثلاثة لا يكلمهم الله يوم القيامة ولا ينظر إليهم ولا يزكيهم ... ورجل بايع إماما لا يبايعه إلا لدنيا فإن أعطاه منها وفا (رضي) ، وإن لم يعطه منها لم يف (سخط) )) متفق عليه .
سابعاً :
وجوب النصيحة لولي الأمر بالأصول الشرعية ، فقد قال صلى الله عليه وسلم (( ثلاثة لا يغل عليهن قلب مسلم ، إخلاص العمل لله ومناصحة ولاة الأمور ولزوم جماعتهم )) رواه مسلم .
وقال صلى الله عليه وسلم ((من أراد أن ينصح لذي سلطان في أمر فلا يبده علانية)) ... رواه أحمد والبيهقي (صحيح)
ثامناً :
أخي المسلم ، أختي المسلمة
في عنقكما بيعة للأمير ، وقد أمرنا رسول الله في لزوم طاعته . فاحذروا من شرور دعاة الفتنة ومن الوقوع في شرك الشيطان . فقد قال صلى الله عليه وسلم : (( من نزع يدا من طاعة فلا حجة له ، ومن مات مفارقا للجماعة فقد مات ميتة جاهلية )) رواه مسلم . ونزع البيعة للأمير تكون باللسان وباليد وبالإعتقاد .
بالإعتقاد : قال صلى الله عليه وسلم (( من مات وليس في عنقه بيعة ، مات ميتة جاهلية )) رواه مسلم
وباللسان : الخروج عن طاعة ولي الأمر باللسان أشد من السلاح ، وقد قال صلى الله عليه وسلم ، (( ستكون فتنة قتلاها في النار ، اللسان منها أشد من وقع السيف )) رواه الترمذي وابن ماجة ( ضعيف ) ، وعن عبدالله بن عكيم قال : لا أعين على قتل خليفة بعد عثمان رضي الله عنه أبدا ، فقيل له ،أأعنت على دمه ؟ قال : " إني أعد ذكر مساوئه عونا على دمه " ... رواه إبن سعد في الطبقات وغيره (صحيح) .
فانظر أخي المسلم كيف جعل ذكر مساوئ الحاكم إعانة على الخروج باليد والسلاح ضده .
وقد قال العلامة بن عثيمين : " ونحن نعلم علم اليقين بمقتضى طبيعة الحال أنه لا يمكن الخروج بالسيف إلا وقد سبقه خروج باللسان والقول " وقال أيضا " نحن نعلم علم اليقين أن الخروج بالسيف فرع عن الخروج باللسان والقول "
تاسعاً :
النهي عن طرق أبواب السلاطين :
فمن هدي أهل الحق ألا يدخلوا على السلاطين في كل حال ، ولا بد من مصلحة واضحة ومنفعة راجحة للأمة من نصيحة أو أمر بالمعروف أو نهي عن المنكر وغير ذلك ، فبذلك لا يعرض المسلم نفسه لفتن ، قال صلى الله عليه وسلم : " من أتى أبواب السلطان افتتن " . رواه النسائي والترمذي وأبو داود (صحيح) .
وقال صلى الله عليه وسلم :" إياكم وأبواب السلطان فإنه قد أصبح صعبا هبوطاً ." هبوطاً أي ذلاً " . رواه الديلمي وابن منده (صحيح)
وعن أنس رضي الله عنه قال : نهانا كبرائنا من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم فقالوا : " لا تسبوا أمرائكم ولا تغشوهم ولا تبغضوهم ، واتقوا الله واصبروا فإن الأمر قريب " رواه إبن أبي عاصم (صحيح)
عاشراً :
طاعة الأمير بطاعة نوابه ووزراءه الذين ينفذون أوامره ، قال صلى الله عليه وسلم " من أطاعني فقد أطاع الله ومن عصاني فقد عصى الله ومن أطاع أميري فقد أطاعني ومن عصى أميري فقد عصاني " . متفق عليه
وعن جرير بن عبدالله قال : " جاء ناس من الأعراب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم " إن ناسا من المصدقين يأتوننا فيظلموننا " فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم " أرضوا مصدقيكم " ( الموظفين الذين يجمعون الصدقات ) . قال جريح ما صدر عني مصدق منذ سمعت هذا من رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا وهو عني راض " . رواه مسلم
حادي عشر :
إن وحوب طاعة ولي الأمر ثابتة بنصوص القرآن والسنة وإجماع الصحابة ، ولا اعتبار للأفكار والقوانين والآراء الوضعية ، وإن جمعت بين دفتي كتاب ، فالذي يلزمنا عند الوقوف بين يدي الله تعالى حفاة عراة هو شرع الله المطهر فحسب .
قال الحافظ بن حجر ،" أجمع الفقهاء على وجوب طاعة السلطان "
وأخيراً :
احذر أخي المسلم أن ترد حكم الله ورسوله مهما خالف قناعاتك وآرائك وطباعك ، فقد قال الخليفة الراشد عمر بن الخطاب رضي الله عنه ،" اتهموا آرائكم على الدين " وثق يا عبدالله بحكم الله وأنه لا يأمر بأمر إلا وفيه الحكمة والخير ، وإياك أن تظن بالله ظن السوء ، أو أن تشك بأن حكمه غير صالح ، فالبسمع والطاعة ندرء الفتن ، وكل من إستقرأ ما وقع في التاريخ أدرك أن عصيان الأمير والخروج على أمره فتح بابا عظيما للفتنة والزيغ ، وكل من خالف هذا النهج الرباني وإن أضمر ذلك أظهره الله على سقطات لسانه أو فلتات أفعاله أو في سحنة وجهه .
قال الله تعالى : " فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجا مما قضيت ويسلموا تسليما " .
كتبه / محمد عثمان العنجري
منقول من البيضاء العلمية
الحمد لله رب العالمين و بعد
فهذه مقالة نشرها الشيخ محمد العنجري – وفقه الله – في جريدة القبس الكويتية و كانت حول طاعة ولاة الأمر و القواعد الشرعية فيها ، و مناسبتها أنه حصل في الكويت كثير من التهييج على ولاة الأمر و التحريض عليه من قبل نواب مجلس الأمة و الجماعات السياسية الإسلامية من خلال ندواتهم و بياناتهم بسبب خلافات داخل مجلس الأمة .
إذا أقبلت الفتن عرفها العقلاء ، وإذا أدبرت أدركها الجهلاء.
تكرر لفظ الفتنة في كتاب الله ستين مرة ومن معانيها قول إمام أهل السنة في زمانه الإمام البربهاري : " وكل ما كان من قتال بين المسلمين على الدنيا فهو فتنة ".
قال تعالى : " ذوقوا فتنتكم " وقال تعالى :" ألا في الفتنة سقطوا " وقال تعالى :" وإن كادوا ليفتنونك " وقال تعالى : " إن الذين فتنوا المؤمنين والمؤمنات "
والمتسببين في الفتنة في وبال عظيم ، قال تعالى : " والفتنة أشد من القتل "
واليوم ، نرقب جميعا ، وبقلوب يعتصرها الأسى والألم ، ما آلت إليه الأمور في بلدنا الحبيبة الكويت ، ولا أجد في هذا المقام سبيلاً للنجاة إلا في الإستجابة لأمر الله والرسول حيث قال تعالى : "يا أيها الذين آمنوا استجيبوا لله وللرسول إذا دعاكم لما يحييكم" ، وليعلم أصحاب المدارس الفلسفية والسياسية والبدعية أن الحياة لا تكون إلا بطاعة الله في المنشط والمكره ، قال تعالى : "فليحذر الذين يخالفون عن أمره أن تصيبهم فتنة أو يصيبهم عذاب أليم " .
أخي المسلم ، أختي المسلمة
أولاً :
إن الله تعالى قد كتب وأوجب علينا طاعة ولي الأمر المسلم فقد قال عز شأنه " يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم " .
وقال صلى الله عليه وسلم : (( على المرء السمع والطاعة فيما أحب وكره )) متفق عليه .
ثانيا :
الطاعة لولي الأمر غير مشروطة بعدله أو ظلمه ، أي سواء كان ظالما أو عادلا ًفله السمع والطاعة ، لقوله صلى الله عليه وسلم : (( ستكون بعدي أثرة وأمور تنكرونها )) قالوا يا رسول الله ، فما تأمرنا ؟ قال ،(( تؤدون الحق الذي عليكم وتسألون الله الذي لكم )) . متفق عليه
ثالثا :
الطاعة لولي الأمر واجبة علينا فيما فيه خير لنا أو شر علينا ، لقوله صلى الله عليه وسلم ، (( عليك السمع والطاعة في يسرك وعسرك ، ومنشطك ومكرهك وأثرة عليك )) . رواه مسلم
والأثرة تعنى الإستنثار ظلماً وعدواناً .
وعن سلمة بن يزيد الجعفي قال : يا رسول الله ، أرأيت إن قامت علينا أمراء يسألونا حقهم ويمنعونا حقنا ، فما تأمرنا ؟ قال - صلى الله عليه وسلم- (( إسمعوا وأطيعوا فإنما عليهم ما حملوا وعليكم ما حملتم )) . رواه مسلم .
رابعاً :
هل المسلم مخير برد هذه النصوص التي تقدمت في وجوب طاعة ولي الأمر إذا كان غير مقتنع بها عقلاً ؟
الجواب : قال تعالى " وما كان لمؤمن ولا مؤمنة إذا قضى الله ورسوله أمرا أن يكون لهم الخيرة من أمرهم " .
وأقول ناصحاً لكل مسلم ، لا يغرنك ولا يستدرجنك أصحاب الطرح الخارجي والخطاب الثوري فما أنت بالنسبة لهم إلا سلما يوصلهم إلى تشكيل القرار السياسي وتحقيق السلطنة ويكفيك بأن تنظر إلى التاريخ ليثبت لك فساد نهج الخوارج ومن شابههم ، والعبرة بكتاب الله وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم على فهم الصحابة الكرام رضوان الله عليهم ومن تبعهم بإحسان ، ولنقرأ ما كتبه في هذا الباب وما قاله علمائنا من أمثال عبدالعزيز بن باز وناصر الدين الألباني وابن عثيمين والفوزان ولا ننظر إلى المنحرفين عن الصراط الذين يعملون على تحريض الناس على ولاة الأمر بالعصيان والخطابات والكتابات ، وتذكر أيها المسلم أن معظم النار من مستصغر الشرر ، فلا تكن مادة لهم ، فإذا وقعت الفتنة لا يفيد الندم ولا يمكن الرجوع إلا إذا شاء الله .
خامسا : لا تكون الطاعة لولي الأمر في معصية الله لقوله صلى الله عليه وسلم ، (( على المرء السمع والطاعة فيما أحب وكره إلا أن يؤمر بمعصية )) . متفق عليه . وقال أيضاً (( لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق )) . رواه أحمد ( صحيح ) وقال صلى الله عليه وسلم ، (( من رأى من أميره شيئا من معصية فليكره ما يأتي من معصية الله ولا ينزعن يدا من طاعة )).. رواه مسلم .
سادساً :
لا تكون طاعة ولي الأمر تزلفاً وطمعاً بل خالصة لوجه الله تعالى ، قال صلى الله عليه وسلم (( ثلاثة لا يكلمهم الله يوم القيامة ولا ينظر إليهم ولا يزكيهم ... ورجل بايع إماما لا يبايعه إلا لدنيا فإن أعطاه منها وفا (رضي) ، وإن لم يعطه منها لم يف (سخط) )) متفق عليه .
سابعاً :
وجوب النصيحة لولي الأمر بالأصول الشرعية ، فقد قال صلى الله عليه وسلم (( ثلاثة لا يغل عليهن قلب مسلم ، إخلاص العمل لله ومناصحة ولاة الأمور ولزوم جماعتهم )) رواه مسلم .
وقال صلى الله عليه وسلم ((من أراد أن ينصح لذي سلطان في أمر فلا يبده علانية)) ... رواه أحمد والبيهقي (صحيح)
ثامناً :
أخي المسلم ، أختي المسلمة
في عنقكما بيعة للأمير ، وقد أمرنا رسول الله في لزوم طاعته . فاحذروا من شرور دعاة الفتنة ومن الوقوع في شرك الشيطان . فقد قال صلى الله عليه وسلم : (( من نزع يدا من طاعة فلا حجة له ، ومن مات مفارقا للجماعة فقد مات ميتة جاهلية )) رواه مسلم . ونزع البيعة للأمير تكون باللسان وباليد وبالإعتقاد .
بالإعتقاد : قال صلى الله عليه وسلم (( من مات وليس في عنقه بيعة ، مات ميتة جاهلية )) رواه مسلم
وباللسان : الخروج عن طاعة ولي الأمر باللسان أشد من السلاح ، وقد قال صلى الله عليه وسلم ، (( ستكون فتنة قتلاها في النار ، اللسان منها أشد من وقع السيف )) رواه الترمذي وابن ماجة ( ضعيف ) ، وعن عبدالله بن عكيم قال : لا أعين على قتل خليفة بعد عثمان رضي الله عنه أبدا ، فقيل له ،أأعنت على دمه ؟ قال : " إني أعد ذكر مساوئه عونا على دمه " ... رواه إبن سعد في الطبقات وغيره (صحيح) .
فانظر أخي المسلم كيف جعل ذكر مساوئ الحاكم إعانة على الخروج باليد والسلاح ضده .
وقد قال العلامة بن عثيمين : " ونحن نعلم علم اليقين بمقتضى طبيعة الحال أنه لا يمكن الخروج بالسيف إلا وقد سبقه خروج باللسان والقول " وقال أيضا " نحن نعلم علم اليقين أن الخروج بالسيف فرع عن الخروج باللسان والقول "
تاسعاً :
النهي عن طرق أبواب السلاطين :
فمن هدي أهل الحق ألا يدخلوا على السلاطين في كل حال ، ولا بد من مصلحة واضحة ومنفعة راجحة للأمة من نصيحة أو أمر بالمعروف أو نهي عن المنكر وغير ذلك ، فبذلك لا يعرض المسلم نفسه لفتن ، قال صلى الله عليه وسلم : " من أتى أبواب السلطان افتتن " . رواه النسائي والترمذي وأبو داود (صحيح) .
وقال صلى الله عليه وسلم :" إياكم وأبواب السلطان فإنه قد أصبح صعبا هبوطاً ." هبوطاً أي ذلاً " . رواه الديلمي وابن منده (صحيح)
وعن أنس رضي الله عنه قال : نهانا كبرائنا من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم فقالوا : " لا تسبوا أمرائكم ولا تغشوهم ولا تبغضوهم ، واتقوا الله واصبروا فإن الأمر قريب " رواه إبن أبي عاصم (صحيح)
عاشراً :
طاعة الأمير بطاعة نوابه ووزراءه الذين ينفذون أوامره ، قال صلى الله عليه وسلم " من أطاعني فقد أطاع الله ومن عصاني فقد عصى الله ومن أطاع أميري فقد أطاعني ومن عصى أميري فقد عصاني " . متفق عليه
وعن جرير بن عبدالله قال : " جاء ناس من الأعراب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم " إن ناسا من المصدقين يأتوننا فيظلموننا " فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم " أرضوا مصدقيكم " ( الموظفين الذين يجمعون الصدقات ) . قال جريح ما صدر عني مصدق منذ سمعت هذا من رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا وهو عني راض " . رواه مسلم
حادي عشر :
إن وحوب طاعة ولي الأمر ثابتة بنصوص القرآن والسنة وإجماع الصحابة ، ولا اعتبار للأفكار والقوانين والآراء الوضعية ، وإن جمعت بين دفتي كتاب ، فالذي يلزمنا عند الوقوف بين يدي الله تعالى حفاة عراة هو شرع الله المطهر فحسب .
قال الحافظ بن حجر ،" أجمع الفقهاء على وجوب طاعة السلطان "
وأخيراً :
احذر أخي المسلم أن ترد حكم الله ورسوله مهما خالف قناعاتك وآرائك وطباعك ، فقد قال الخليفة الراشد عمر بن الخطاب رضي الله عنه ،" اتهموا آرائكم على الدين " وثق يا عبدالله بحكم الله وأنه لا يأمر بأمر إلا وفيه الحكمة والخير ، وإياك أن تظن بالله ظن السوء ، أو أن تشك بأن حكمه غير صالح ، فالبسمع والطاعة ندرء الفتن ، وكل من إستقرأ ما وقع في التاريخ أدرك أن عصيان الأمير والخروج على أمره فتح بابا عظيما للفتنة والزيغ ، وكل من خالف هذا النهج الرباني وإن أضمر ذلك أظهره الله على سقطات لسانه أو فلتات أفعاله أو في سحنة وجهه .
قال الله تعالى : " فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجا مما قضيت ويسلموا تسليما " .
كتبه / محمد عثمان العنجري
منقول من البيضاء العلمية