الموقف من سير بعض السَّلف والصالحين المُخالفة للسُّنّة
لفضيلة الشيخ صالح آل الشيخ حفظه الله:
تحميل المقطع الصوتي
التفريغ
أفعال العلماء ليسَت بِحُجَّة على الشَّريعة، وإنَّما الحُجَّة فيما دلَّ عليه الكِتابُ والسُّنَّة وفِعلُ الصَّحابَةِ رِضوانُ الله عليهم -إذا اجتَمَعوا على ذلِك-، وما يُنقَلُ في السِّيَرِ مِن أخْبارِ بَعضِ العُلَماءِ على أَقسام، مِنهُ ما يُمْكِنُ تَأَوُّلُه مِن مِثل: أنَّ بَعضَهُم كانَ يقُومُ اللَّيلَ كُلَّه، - هذا مُخالِفٌ للسُّنَّة -، وأنَّ بَعضَهُم كانَ يَختِمُ القُرآنَ في كُلِّ يومٍ مَرَّة، كما نُقِلَ عن الشَّافعي أنَّه خَتَم القُرآنَ في شَهرِ رمضانَ سِتِّينَ مَرَّة, وكما نُقِلَ عَن عُثمانَ رضي الله عنه -بل صحَّ عنه- أنَّهُ خَتَمَ القُرآنَ في رَكعَةٍ من ليالي الشِّتاءِ طويلةٍ, أوتَرَ بها وقرأ فيها القُرآنَ كُلَّه, وجاءَ أيضًا أنَّ تِلكَ الرَّكعةَ كانَت في جوفِ الكعبَة, وأشباه ذلك..
وهذه تَأَوَّلها أهلُ العِلم -وذكروها-,أنَّ أهلَ العِلمِ قد يفعَلونَ بعضَ الأشياءِ لا على وجهِ المُداومَة وإنَّما أحيانًا, ولِهذا ذكروا في مَسألَةِ خَتمِ القُرآن على حديثِ النَّبِيِّ عليهِ الصَّلاةُ والسَّلام: (لم يفقَهْ مَن قرَأَ القُرآنَ في أقَلَّ مِن ثلاث), أنَّ هذا فيمن كان الغالِبُ عليهِ أنَّه يقرأ ذلك, أمَّا إذا استَغَلَّ موسِمًا فاضِلاً -في زمانٍ فاضل كَرَمضان- أو مكانٍ فاضل, فأرادَ أن يزدادَ مِن الحسناتِ لِأجلِ ذلك, فإنَّ السَّلفَ فعلوا ذلك وهذا جائزٌ, وحَمَلوا الحديثَ على مَن كان ذلك هو الغالِبُ عليه, وكذلك في مسألة الصلاة وقيام الليل كلِّه إذا كان هذا هو الغالب عليه فإنَّه مُخالِفٌ للسُّنَّة, أمَّا إذا حَصَلَ له عارض وقوة قلب وتضرع وأشباه ذلك, وفَعلَ مثل هذه الأشياء مرَّةً واحدة فإنه يكون متأولاً في ذلك والسُّنة قاضيةٌ على فِعلِه، بعضُ الحكاياتِ عن أهلِ العِلمِ أو عنِ الصَّالِحينَ تكونُ بَاطِلَةً في نَفسِها فيكونُ النَّقلُ غيرَ صحيحٍ, مِثل ما نقلوا عن أحمدَ حكاياتٍ في الزُّهدِ موضوعة, ومثل ما نقلوا عن الشَّافعي حكاياتٍ في الزهد موضوعةٍ كما نبه عليها العلماء، وهناك بعض ما يُنقلُ عن الصَّالحين باطلٌ شرعًا ولا يجوزُ الأخذُ به ولا وَعظُ الناسِ به؛ لأنَّه يُعطي صورةً سَيِّئةً وقُدوةً سيِّئة, مثل أنّ فلانًا قام يومه وليله على أكل فجلة، قال: فما وجد إلاّ فجلة، نَصَفَها بين يومين مِن شِدَّةِ اعتنائه بالعِلم, وجَلسَ خمسة أيامٍ لا يأكلُ بعد شرائه سمكةً لم يحسن أنْ يطبخها أو أن يطهوَها لاشتغاله بالعلم, أو أنّ فلانا أراد أنْ يخلص نفسه من الرّذائل فمشى بصدره وبطنه حبوًا بل زحفًا على شوك ليُعَلِّم نفسه شدة عذاب النار, وأشباه ذلك من الحكايات هذه باطلةٌ لا يجوز أنْ تُقال للنَّاسِ لأنها تُعطي صورةً سَيئة وقدوة سيئة, بل الناس بحاجة إلى سُنَّة المصطفى صلّى الله عليه وسلّم, بحاجة إلى سيرة الصحابة وقد قال عليه الصلاة والسلام: ((أما إنّي أخشاكم لله وأتقاكم لله أما إني أصوم وأفطر وأقوم اللّيل وأنام وأتزوج النساء فمن رغب عن سنتي فليس مني)) فالكمالُ في هديِه عليه الصلاة والسلام, والمبالغةُ في الرقائقِ بما لا يصِحُّ شرعا يعطي نتائجَ سيئةٍ من جهةِ عدم حُسن ظنِّ النَّاس بالأولين أو بتكذيبهم أو بما أشبه ذلك.
لفضيلة الشيخ صالح آل الشيخ حفظه الله:
تحميل المقطع الصوتي
التفريغ
أفعال العلماء ليسَت بِحُجَّة على الشَّريعة، وإنَّما الحُجَّة فيما دلَّ عليه الكِتابُ والسُّنَّة وفِعلُ الصَّحابَةِ رِضوانُ الله عليهم -إذا اجتَمَعوا على ذلِك-، وما يُنقَلُ في السِّيَرِ مِن أخْبارِ بَعضِ العُلَماءِ على أَقسام، مِنهُ ما يُمْكِنُ تَأَوُّلُه مِن مِثل: أنَّ بَعضَهُم كانَ يقُومُ اللَّيلَ كُلَّه، - هذا مُخالِفٌ للسُّنَّة -، وأنَّ بَعضَهُم كانَ يَختِمُ القُرآنَ في كُلِّ يومٍ مَرَّة، كما نُقِلَ عن الشَّافعي أنَّه خَتَم القُرآنَ في شَهرِ رمضانَ سِتِّينَ مَرَّة, وكما نُقِلَ عَن عُثمانَ رضي الله عنه -بل صحَّ عنه- أنَّهُ خَتَمَ القُرآنَ في رَكعَةٍ من ليالي الشِّتاءِ طويلةٍ, أوتَرَ بها وقرأ فيها القُرآنَ كُلَّه, وجاءَ أيضًا أنَّ تِلكَ الرَّكعةَ كانَت في جوفِ الكعبَة, وأشباه ذلك..
وهذه تَأَوَّلها أهلُ العِلم -وذكروها-,أنَّ أهلَ العِلمِ قد يفعَلونَ بعضَ الأشياءِ لا على وجهِ المُداومَة وإنَّما أحيانًا, ولِهذا ذكروا في مَسألَةِ خَتمِ القُرآن على حديثِ النَّبِيِّ عليهِ الصَّلاةُ والسَّلام: (لم يفقَهْ مَن قرَأَ القُرآنَ في أقَلَّ مِن ثلاث), أنَّ هذا فيمن كان الغالِبُ عليهِ أنَّه يقرأ ذلك, أمَّا إذا استَغَلَّ موسِمًا فاضِلاً -في زمانٍ فاضل كَرَمضان- أو مكانٍ فاضل, فأرادَ أن يزدادَ مِن الحسناتِ لِأجلِ ذلك, فإنَّ السَّلفَ فعلوا ذلك وهذا جائزٌ, وحَمَلوا الحديثَ على مَن كان ذلك هو الغالِبُ عليه, وكذلك في مسألة الصلاة وقيام الليل كلِّه إذا كان هذا هو الغالب عليه فإنَّه مُخالِفٌ للسُّنَّة, أمَّا إذا حَصَلَ له عارض وقوة قلب وتضرع وأشباه ذلك, وفَعلَ مثل هذه الأشياء مرَّةً واحدة فإنه يكون متأولاً في ذلك والسُّنة قاضيةٌ على فِعلِه، بعضُ الحكاياتِ عن أهلِ العِلمِ أو عنِ الصَّالِحينَ تكونُ بَاطِلَةً في نَفسِها فيكونُ النَّقلُ غيرَ صحيحٍ, مِثل ما نقلوا عن أحمدَ حكاياتٍ في الزُّهدِ موضوعة, ومثل ما نقلوا عن الشَّافعي حكاياتٍ في الزهد موضوعةٍ كما نبه عليها العلماء، وهناك بعض ما يُنقلُ عن الصَّالحين باطلٌ شرعًا ولا يجوزُ الأخذُ به ولا وَعظُ الناسِ به؛ لأنَّه يُعطي صورةً سَيِّئةً وقُدوةً سيِّئة, مثل أنّ فلانًا قام يومه وليله على أكل فجلة، قال: فما وجد إلاّ فجلة، نَصَفَها بين يومين مِن شِدَّةِ اعتنائه بالعِلم, وجَلسَ خمسة أيامٍ لا يأكلُ بعد شرائه سمكةً لم يحسن أنْ يطبخها أو أن يطهوَها لاشتغاله بالعلم, أو أنّ فلانا أراد أنْ يخلص نفسه من الرّذائل فمشى بصدره وبطنه حبوًا بل زحفًا على شوك ليُعَلِّم نفسه شدة عذاب النار, وأشباه ذلك من الحكايات هذه باطلةٌ لا يجوز أنْ تُقال للنَّاسِ لأنها تُعطي صورةً سَيئة وقدوة سيئة, بل الناس بحاجة إلى سُنَّة المصطفى صلّى الله عليه وسلّم, بحاجة إلى سيرة الصحابة وقد قال عليه الصلاة والسلام: ((أما إنّي أخشاكم لله وأتقاكم لله أما إني أصوم وأفطر وأقوم اللّيل وأنام وأتزوج النساء فمن رغب عن سنتي فليس مني)) فالكمالُ في هديِه عليه الصلاة والسلام, والمبالغةُ في الرقائقِ بما لا يصِحُّ شرعا يعطي نتائجَ سيئةٍ من جهةِ عدم حُسن ظنِّ النَّاس بالأولين أو بتكذيبهم أو بما أشبه ذلك.