ليسـت عِمـــالة
و لكنهــا
السُّنـــــــة
و لكنهــا
السُّنـــــــة
إعــــداد
أبو عبد الرحمن عبد المحسن بن محمد
أبو عبد الرحمن عبد المحسن بن محمد
ليست عِمالة ولكنها السنة
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادى له واشهد أن لا إله إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله
﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ﴾ ﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُواْ رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاء وَاتَّقُواْ اللّهَ الَّذِي تَسَاءلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً ﴾ ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً{70} يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَن يُطِعْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيماً{71} ﴾
أما بعد فإن أصدق الحديث كتاب الله وخير الهدى هدى محمد صلى الله عليه وسلم وشر الأمور محدثاتها وكل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة وكل ضلالة فى النار
إن الشارع الحكيم قد منح ولى الأمر المسلم مكانة علية ومنزلة رفيعة جليلة تناسب قدره وعلو وظيفته ورفيع منصبه وعظم مسؤليتهولما تبين هذا لأهل العلم بالبحث فى نصوص الكتاب والسنة وأقوال أسلاف هذه الأمة سلكوا سبيل أسلافهم سائرين على هدى نبيهم
صلى الله عليه وسلم مطبقين أوامره ونواهيه فصاروا داعين غيرهم إلى الإلتزام بالهدى النبوى قى تلك المسألة الهامة التى قلما نجد من يدعوا الناس إليها لجهله بها أو خوفا من أن يقال عنه الأقاويل كما يقال دائما وأبدا عن الدعاة إلى الله الناصحين لأمتهم فمما يقال عنهم عملاء للأمن
وعلماء السلطان.. الخ
أما وقد قال رب العزة سبحانه لنبيه صلى الله عليه وسلم " فذكر إنما أنت مذكر * لست عليهم بمسيطر " وقال سبحانه " إن عليك إلا البلاغ"
ونتسلى بما حدث مع نبينا صلى الله عليه وسلم الذى بلغ رسالة ربه عز وجل وقد قال أهل قريش فيه ساحر وشاعر وكاهن وهذا هو دأب المغرضين فى كل العصور لصرف الناس عن الحق وعدم الاستماع إليه فضلا عن اعتقاد صحته و اتباعه
فتلك الرسالة التى أسأل الله تعالى ان يجعلها سبباً فى توضيح شىء من الحق الذى غاب عن الكثير او تذكرة لمن غلبه الهوى فسار تبعا له ونسى أو تناسى الأوامر الشرعية فى هذا الباب والله المستعان وعليه التكلان .
قال الإمام الشافعى – رحمه الله تعالى- " لا سياسة إلا ما وافق الشرع " عبارة هامة جدا وقيمة من هذا الإمام فهى صريحة فى أن السياسة العادلة المحمود صاحبها هى الموافقة لشرع الله الذى جاء به قران يُتلى أو سنة تَهدى أو إجماع أو قياس معتبران فى الشرع المطهر .
قال العلامة ابن قيم الجوزية – رحمه الله تعالى- فى معرض رده على تقسيم الناس الحكم الى شريعة وسياسة فقال : " والسياسة نوعان : سياسة عادلة فهى جزء من الشريعة وقسم من أقسامها لا قسيمتُها وسياسة باطلة مضادة للشريعة مضادة الظلم للعدل .." يتبين لنا الخطأ الشرعى الذى يقع فيه الكثير ممن يتحدثون فى السياسة ولم يعرفون السياسة الشرعية ! لكن يتحدثون كما يتحدث غيرهم !دون اهتمام إلى الضوابط الشرعية فى هذا الباب
أولاً: مكانة ولى الأمر فى الشرع المطهر :-
- أخرج الإمام أحمد فى مسنده : قال صلى الله عليه وسلم " من أكرم سلطان الله تبارك وتعالى فى الدنيا أكرمه الله يوم القيامه ومن أهان سلطان الله تبارك وتعالى فى الدنيا أهانه الله يوم القيامه" ، والمعنى أن من تجرأ على السلطان فأهانه بفعل أو قول فقد تعدى حدود الله وارتكب محظورا شنيعا فكانت عقوبته من جنس عمله المشين وهى أن الله تعالى يقابل هوانَه بِهوانه وهوان الله أعظم وأشد
- أخرج الإمام مسلم فى صحيحه – كتاب الإمارة - عن عبد الله بن عمر رضى الله عنهما قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول :
"من خلع يدا من طاعة لقى الله يوم القيامة لا حجة له ومن مات وليس فى عنقه بيعة مات ميتة جاهلية"
- يقول الحسن البصرى رحمه الله تعالى فى الأمراء :
" هم يلون من أمورنا خمساً : الجمعة والجماعة والعيد والثغور والحدود ، والله لا يستقيم الدين إلا بهم وإن جاروا وظلموا
والله لما يصلح الله بهم أكثر مما يفسدون مع أم طاعتهم لغبطة وإن فرقتهم لكفر "
ثانيا: السمع والطاعة لولى الأمر المسلم :
- أمر الله تعالى بطاعة الولاة وقرن طاعة رسوله صلى الله عليه وسلم بطاعتهم فدل ذلك على رفيع شانهم وعظيم قدرهم
قال تعالى (يأيها الذين ءامنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولى الأمر منكم ...) وهذه الطاعة لولاة الأمر المفروضة على العباد مقيده بما إذا لم يأمروا بمعصية الله تعالى فإن أمروا بمعصية الله فلا يُطاعون فى هذه المعصية لأنه لا طاعة لمخلوق فى معصية الخالق
قال الإمام النووى - رحمه الله تعالى – " المراد بأولى الأمر من أوجب الله طاعته من الولاة والأمراء هذا قول جماهير السلف والخلف من المفسرين والفقهاء وغيرهم وقيل هم العلماء وقيل هم الأمراء والعلماء"
قال ابن جرير الطبرى – رحمه الله تعالى – فى تفسيره " وأولى الأقوال فى ذلك بالصواب قول من قال هم الأمراء والولاة لصحة الأخبار عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بالأمر بطاعة الأئمة والولاة فيما كان طاعة وللمسلمين مصلحة " .
-أخرج الإمام مسلم فى صحيحه – كتاب الإمارة – عن أبى هريرة رضى الله عنه قال ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم
" عليك بالسمع والطاعة فى عُسرِك ويُسرِك ومَنشَطِك ومَكرهِك وأثرَة عليك " ،قوله منشطك : أى فى حالة نشاطك ، ومكرهك : أى فى حالة كراهتك
قال الإمام النووى فى شرح مسلم : قال العلماء " معناه تجب طاعة ولاة الأمور فيما يَشُقُّ وتكرهُه النفوس وغيره مما ليس بمعصية فإن كانت معصية فلا سمع ولا طاعة
والأثرةُ الاستئثار والاختصاص بأُمور الدنيا عليكم اى اسمعوا وأطيعوا وإن اختص الأمراء بالدنيا ولم يوصِلوكم حقَّكم ممَّا عندهم .
ثالثا : الحث على إنكار المنكر وكيفية الإنكار على ولى الأمر :
- قال تعالى " والمؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر .."
الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر أصل من أصول الدين به يظهر الخير ويَعُمّ ويختفى الباطل ويضمحلّ.
-قال ابن الجوزى : الجائز من الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر مع السلاطين : التعريف والوعظ فأما تخشين القول نحو : يا ظالم ، يا من لا يخاف الله ، فإن كان ذلك لا يحرك فتنة يبعدى شررها إلى الغير لم يجز وإن لم يخف إلا على نفسه فهو جائز عند جمهور العلماء
قال : والذى أرى المنع من ذلك .
- لما وقعت الفتنة فى عهد عثمان بن عفان رضى الله عنه قال بعض الناس لأسامه بن زيد رضى الله عنه : ألا تنكر على عثمان ؟
قال : أأُنكر عليه عند الناس ؟ لكن أنكر عليه بينى وبينه ولا أفتح باب شر على الناس.
- قال الإمام أحمد رحمه الله تعالى:-
" حدثنا أبو المغيرة : ثنا صفوان : حدثنى شُريح بن عبيد الحضرمىُّ – وغيره ، قال جلد عياض بن غَنم صاحب (دارا) حين فُتحت ، فأغلظ له هشام بن حيكم القول ، حتى غضب عياض ثم مكث ليالى ، فأتاه هشام بن حيكم ، فاعتذر إليه ، ثم قال هشام لعياض : ألم تسمع النبى صلى الله عليه وسلم يقول : " إن من أشد الناس عذابا أشدهم عذابا فى الدنيا للناس "
فقال عياض بن غَنم : يا هشام بن حيكم ! قد سمعنا ما سمعت ، ورأينا ما رأيت ، أولم تسمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول :
" من أراد أن ينصح لسلطان بأمر فلا يُبدِ له علانية ، ولكن ليأخذ بيده ، فليخلو به ، فإن قَبل منه فذاك ، وإلا كان قد أدى الذى عليه لهُ " وإنك يا هشام لأنت الجرىءُ إذ تجترىء على سُلطان الله فهلا خشيت أن يقتُلك السلطان فتكون قتيل سلطان الله – تبارك وتعالى – "
- عن عمر بن الخطاب رضى الله عنه أنه قال :
" أيتها الرعية ! إن لنا عليكم حقا ، النصيحة بالغيب ، والمعاونة على الخير .... "
- عن سعيد بن جبير قال : قلت لابن عباس أمُرُ إمامى بالمعروف ؟
فقال ابن عباس : " إن خشيت أن يقتلك فلا ، فإن كنت فاعلا هذا ففيما بينك وبينه ولا تغتب إمامك "
- عن خيثمة بن عبد الرحمن بن أبى سبرة قال ، قال عبد الله : " إذا أتيت الأمير المؤمر فلا تأته على رؤوس الناس "
رابعا : الهدى النبوى فى التعامل مع جور الولاة :
- أخرج مسلم فى صحيحه وبوب عليه الإمام النووى فقال - باب فى طاعة الأمراء وإن منعوا الحقوق
– عن علقمة بن وائل الحضرمى عن أبيه قال :سأل سلمة بن يزيد الجعفى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : يا نبى الله ! أرأيت إن قامت علينا أمراء يسألونا حقَّهم ويمنعونا حقنا فما تأمُرنا ؟ فأعرض عنه ، ثم سأله فى الثانية أو فى الثالثة ؟ فجذبه الأشعث بن قيس فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم " اسمعوا وأطيعوا فإنما عليهم ما حُمِّلوا وعَليكُم ما حُمِّلتم " ، والمعنى أن الله تعالى حمل الولاة وأوجب عليهم العدل بين الناس فإذا لم يقيموه أثموا وحمَّل الرعية السمع والطاعة لهم فإن قاموا بذلك أُثيبوا عليه وإلا أَثِموا .
- أخرج مسلم فى صحيحه عن حذيفة بن اليمان رضى الله عنهما قال : قلت يا رسول الله إنا كُنَّا بِشَرٍ فجاء الله بخير فنحن فيه فهل من وراء هذا الخير من شر ؟ ، قال : " نعم " قلت : هل وراء ذلك الشر خير ؟ قال " نعم " قلت : فهل وراء الخير شر ؟ قال : " نعم " قلت كيف ؟ قال : " يكون بعدى أئمة لا يهتدون بهداى ولا يستنون بسنتى وسيقوم فيكم رجال قلوبهم قلوب الشياطين فى جثمان إنس " قلت : كيف أصنع يا رسول الله إن أدركت ذلك ؟ ، قال : " تسمع وتطيع للأمير وإن ضرب ظهرك وأخذ مالك فاسمع وأطع"
وصف النبى صلى الله عليه وسلم هؤلاء الأئمة بأنهم لا يهتدون بهديه ولا يستنون بسنته وذلك غاية الضلال والفساد ونهاية الزيغ والعناد فهم لا يهتدون بالهدى النبوى فى أنفسهم ولا فى أهلهم ولا فى رعاياهم ومع ذلك فقد أمر النبى صلى الله عليه وسلم بطاعتهم فى غير معصية الله .
- يقول الإمام أحمد بن حنبل - رحمه الله :
" اجتمع فقهاء بغداد فى ولاية الواثق إلى أبى عبد الله يعنى الإمام أحمد بن حنبل – رحمه الله تعالى – وقالوا له : إن الأمر قد تفاقم وفشا – يعنون : إظهار القول بخلق القران ، وغير ذلك ، ولا نرضى بإمارته ولا سُلطانِهِ !
فناظرهم فى ذلك ، وقالَ : عليكم بالإنكارِ فى قُلُوبكم ولا تخلعوا يدا من طاعةٍ ، ولا تشقوا عصا المسلمين ، ولا تسفكوا دماءكم ودِماءَ المسلمينَ معكُم ، وانظروا فى عاقبةِ أَمرِكُم ، واصبروا حتى يستريح بَرٌّ ، ويُستراحُ من فاجر
وقال : ليس هذا – يعنى : نزع أيديهم من طاعته – صواباً ، هذا خِلاف الاثار " .
- قال شيخ الإسلام ابن تيمية – رحمه الله تعالى :-
" وأما ما يقع من ظلمهم وجورهم بتأويل سائغ أو غير سائغ فلا يجوز أن يُزال لما فيه من ظلم وجور ،كما هو عادة أكثر النفوس ، تزيل الشر بما هو شر منه , وتزيل العدوان بما هو أعدى منه ، فالخروج عليهم يوجب من الظلم والفساد أكثر من ظلمهم فيُصبر عليه كما يُصبر عند الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر على ظلم المأمور والمنهى – فى مواضع كثيرة – كقوله تعالى " وأمر بالمعروف وانه عن المنكر واصبر على ما اصابك "
وقوله " فاصبر كما صبر أولوا العزم من الرسل " وقوله " واصبر لحكم ربك فإنك بأعيننا " .
- أخرج البخارى ومسلم فى صحيحيهما : عن عبد الله بن عباس رضى الله عنهما أن النبى صلى الله عليه وسلم قال
" من رأى من أميره شىء يكرهه فليصبر فإنه من فارق الجماعة شبرا فمات فميتة جاهلية "
وفى رواية لمسلم " من كره من أميره شيئا فليصبر عليه فإنه ليس أحد من الناس خرج من السلطان شبرا فمات عليه إلا مات ميتة جاهلية "
والمراد بالميتة الجاهلية : حالة الموت كموت أهل الجاهلية على ضلال وليس له إمام مُطاع لأنهم كانوا لا يعرفون ذلك .
قال ابن حجر فى الفتح : وليس المراد أنه يموت كافراً بل يموت عاصيا .
- اخرج البخارى ومسلم فى صحيحيهما عن ابن مسعود رضى الله عنه
أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال " إنها ستكون بعدى أَثَرة وأمور ٌ تُنكِرونها ، قالوا : يارسول الله فما تأمُرُنا ؟
قال : تؤدون الحق الذى عليكم وتسألون الله الذى لكم .
قوله : أثرة هى الإنفراد بالشىء عمن له فيه حق ّ ، وقوله أمور تنكرونها : يعنى من أمور الدين
قال الإمام النووى- كما فى شرح مسلم على هذا الحديث- " فيه الحث على السمع والطاعة وإن كان المتولى ظالما عسوفا فيُعطى حقَّه من الطاعة ، ولا يُخرج عليه ، ولا يُخلع بل يُتضرع إلى اللهِ- تعالى – فى كشف أذاهُ ودفع شَرِّه وإصلاحه "
- اخرج البخارى ومسلم فى صحيحيهما – عن أُسيد بن حضير أن رجلاً من الأنصار خلا برسول الله – صلى الله عليه وسلم – فقال ألا تستعملنى كما استعملت فلاناً فقال :" إنكم ستلقون بعدى أثرة فاصبروا حتى تلقونى على الحوض " وقد بوب عليه الإمام النووى فى شرح مسلم فقال باب الأمر بالصبر عند ظلم الولاة واستئثارهم .
خامسا : التحذير من الطعن فيهم :-
- سبق ذكر هذا الحديث الذى أخرجه الإمام أحمد فى مسنده :
قال صلى الله عليه وسلم " من أكرم سلطان الله تبارك وتعالى فى الدنيا أكرمه الله يوم القيامه ومن أهان سلطان الله تبارك وتعالى فى الدنيا أهانه الله يوم القيامه" ،والمعنى أن من تجرأ على السلطان فأهانه بفعل أو قول فقد تعدى حدود الله وارتكب محظورا شنيعا فكانت عقوبته من جنس عمله المشين وهى أن الله تعالى يقابل هوانَه بِهوانه وهوان الله أعظم وأشد .
- قال شيخ الإسلام ابن تيمية – رحمه الله تعالى –
" وأما أهل العلم والدين والفضل فلا يرخضون لأحد فيما نهى الله عنه من معصية ولاة الأمور وغيبتهم والخروج عليهم بوجه من الوجوه كما قد عُرف من عادات أهل السنة والدين قديما وحديثا ومن سيرة غيرهم .
- عن أنس بن مالك رضى الله عنه قال : نهانا كبراؤنا من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ، قال " لا تسُبُّوا أُمراءكُم ، ولا تغشوهم ، ولا تُبغِضوهُم ، واتقوا الله واصبروا فإن الأمر قريب " ففى هذا الأثر إتفاق أكابر أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم على تحريم الوقيعة فى الأُمراء بالسب
- أخرج البيهقى فى شعب الإيمان وابن عبد البر فى التمهيد عن أبى الدرداء رضى الله عنه أنه قال " إن أول نفاق المرء طعنُهُ على إمامه "
- عن عمرو البُكالىِّ قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول " إذا كان عليكم أُمراء يأمرونكم بالصلاة والزكاة والجهاد فقد حرَّم الله عليكم سبَّهُم وحَلَّ لكم الصلاة خلفهم"
- عن أبى الدرداء رضى الله عنه قال " إياكم ولعن الولاة فإن لعنهم الحالقة وبُغضهم العاقرة "
قيل : يا أبا الدرداء ! فكيف نصنع إذا رأينا منهم مالا نُحب ؟
قال : " اصبروا ، فإن الله إذا رأى ذلك منهم حبسهم عنكم بالموت "
- أخرج ابن زنجويه عن أبى إدريس الخولانى أنه قال : " إياكم والطعن على الأئمة ، فإن الطعن عليهم هى الحالقة ، حالقة الدين ليس حالقة الشعرِ ، إلا أن الطاعنين هم الخائبون ، وشرار الأشرار " .
سادسا: حكم التثبيط عن ولى الأمر :
- قال الإمام الشوكانى – رحمه الله تعالى- فى شرح قول صاحب (الأزهار ) :
" ويؤدب من يثبط عنه أو ينُفى ، ومن عاداهُ فبقلبه مُخطىء ، وبلسانه فاسق ، وبيده مُحارب "
قال الإمام الشوكانى فى الشرح " وأما قوله : ويؤدب من يثبط عنه ، فالواجب دفعُهُ عن هذا التثبيط ، فإن كفَّ ، وإلا كان مستحقاً لتغليظ العقوبة ، والحيلولة بينه وبين من صار يسعى لديه بالتثبيط بحبس أو غيره ، لأنه مُرتكب لمُحرًّم عظيم وساع فى إثارة فتنة تُراق بسببها الدِّماء ، وتُهتك عندها الحُرم , وفى هذا التثبيط نزع ليده من طاعة الإمام ، وقد ثبت فى الصحيح عنه صلى الله عليه وسلم ، أنه قال " من نزع يده من طاعة الإمام ، فإنه يجىء يوم القيامة ولا حجة له ومن مات وهو مُفارق للجماعة فإنه يموت موتة جاهلية "
سابعا : الحث على الدعاء لولاة الأمر بالصلاح و التحذير من الدعاء عليهم :
- قال الفضيل بن عياض " لو أن لى دعوة مستجابة ماصيرتها إلا فى الإمام ، قيل كيف ذلك يا أبا على ؟ ، قال : متى صيرتها فى نفسى لم تجُزنى ومتى صيرتها فى الإمام : يعنى عمَّت فصلاح الإمام صلاح العباد والبلاد ، فقبَّل ابن المبارك جبهته وقال : " يا معلم الخير ! من يُحسن هذا غيرُك ؟ "
- قال الإمام أحمد عن الإمام كما أخرجه الخلال فى السنة :
" وإنى لأدعوا له بالتسديد والتوفيق فى الليل والنهار والتأييد وأرى ذلك واجب علىَّ "
- قال العلامة البربهارى – رحمه الله – فى شرح السنة :
" وإذا رأيت الرجل يدعوا على السلطان فاعلم أنه صاحب هوى وإذا رأيت الرجل يدعوا للسلطان فاعلم أنه صاحب سنة إن شاء الله "
- قال أبو عثمان الزاهد " فانصح للسلطان وأكثر له من الدعاء بالصلاح والرشاد بالقول والعمل والحُكم فإنهم إذا صَلحوا صلح العباد بصلاحهم وإياك أن تدعوا عليهم باللعنة فيزدادوا شرا أو يزيد البلاء على المسلمين ولكن ادع لهم بالتوبة فيتركوا الشر فيرتفع البلاء عن المؤمنين"
- ذكر ابن منير المالكى – رحمه الله تعالى – كما فى الإنتصاف :
أنه نُقل عن بعض السلف أنه دعا لسلطان ظالم ، فقيل له أتدعوا له وهو ظالم ؟
فقال : أى والله أدعوا له إن ما يَدفَع الله ببقائِهِ أعظم مما يدفع بزواله .
- سمع الحسن رجلا يدعوا على الحجاج فقال : " لا تفعل – رحمك الله- ، إنكم من أنفسكم أُتيتم ، إنما نخاف إن عُزل الحجاج أو مات أن تليكم القردة والخنازير
ثامناً : الخاتمة :
فى هذه الرسالة توضيح لمسألة هامة وبيان أدلتها من الكتاب والسنة واقوال الصحابة والتابعين وتابعيهم بإحسان إلى يوم الدين
فهل بعد كل هذا يأتى من يقول إنها عِمالة ! ، أو أن يقول أحد بخلاف هذه الاثار متجرئاً فى الكلام على ولى أمره ويطعن فيه ويدعوا عليه ويثبط الناس عنه !
حينها يكون تابعا للخوارج وليس للسنة ولا لأهلها ويكون عاص لله تعالى على بينة من معصيته
أسأل الله تعالى أن ينفع بهذه الرسالة كل باحث عن الحق ساعيا إلى معرفة هدى النبى محمد
صلى الله عليه وسلم فى هذه المسألة حريصا كل الحرص على اتباع الحق فور بيانه بدليله
راجيا المثوبة من ربه سبحانه ، وأسأله سبحانه أن يحفظ بلادنا من كل مكروه
وأن يهدى ولاة أمورنا لما يحبه ويرضاه
فهل بعد كل هذا يأتى من يقول إنها عِمالة ! ، أو أن يقول أحد بخلاف هذه الاثار متجرئاً فى الكلام على ولى أمره ويطعن فيه ويدعوا عليه ويثبط الناس عنه !
حينها يكون تابعا للخوارج وليس للسنة ولا لأهلها ويكون عاص لله تعالى على بينة من معصيته
أسأل الله تعالى أن ينفع بهذه الرسالة كل باحث عن الحق ساعيا إلى معرفة هدى النبى محمد
صلى الله عليه وسلم فى هذه المسألة حريصا كل الحرص على اتباع الحق فور بيانه بدليله
راجيا المثوبة من ربه سبحانه ، وأسأله سبحانه أن يحفظ بلادنا من كل مكروه
وأن يهدى ولاة أمورنا لما يحبه ويرضاه
وأن يرزقهم البطانة الصالحة
جُلُّ هذه الرسالة من كتاب ( معاملة الحكام فى ضوء الكتاب والسنة – لفضيلة الشيخ الدكتور : عبد السلام بن برجس العبد الكريم – رحمه الله تعالى )
إعــداد
أبو عبد الرحمن عبد المحسن بن محمد
أبو عبد الرحمن عبد المحسن بن محمد