تنبيه: أصل هذا المقال تعليق للشيخ على موضوع نشر في شبكة سحاب السلفية بعنوان: (تنبيه الصائل بأن الرجوع إلى الحق خيرٌ من التمادي في الباطل)
منقول من موقع فضيلة الشيخ الدكتورعبدالله بن عبد الرحيم البخاري حفظه الله ورعاه ورفع قدره ومنزلته
أسباب تمادي المرء في الباطل بعد بيانه له
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمدٍ وآله وصحبه أجمعين،وبعد:
فإنَّ مما لا شكَ فيه ما قرره وفقه الله من أنَّ الرجوع إلى الحق خيرٌمن التمادي في الباطل؛ لأنَّ التَّمادي في الباطل دليلٌ على الخذلان، وأنَّ المرءقد مُكر به، كما قال الإمام ابن القيم في (الفوائد): "والخذلان أن يكلك الله إلى نفسك".
و أسباب تمادي المرء في الباطل بعد بيانه له عديدة منها:
1/ حبُّ السًّلطة والتَّصدر. قال العلامة الشاطبي رحمه الله في (الاعتصام): "آخر الأشياء نزولاً من قلوب الصَّالحين: حبُّ السُّلطة والتَّصدر".
قال إبراهيم بن أدهم: "مَا صَدق َاللهَ عَبدٌ أَحَبَّ الشُّهرة "
قال الحافظ الذهبي معلِّقا: قلت: عَلاَمَة ُالمُخلِصِ الذي قد يُحِبُّ شُهرَةً، ولا يشعرُ بها، أنّه إذا عُوتب في ذلك لا يَحْرَدُ ولايُبَرِّئُ نفسَهُ، بل يعترف ويقول: رحمَ الله من أهدى إليَّ عُيوبي، ولا يَكُنْ مُعْجباً بنفسِه؛ لا يشعرُ بعيوبها، بل لا يشعر أنّه لا يشعر، فإنّ هذا داءٌمزمنٌ
[ سير أعلام النبلاء للذهبي 7 / 393 ]
و أنشد ابن عبدالبر في (جامع بيان العلم) (1 / رقم 975):
"حبُّ الرئاسـة داءٌيحلــق الدنيا ويجعل الحبَّ حرباً للمحبينا
يفري الحلاقيم والأرحام يقطــعها فلا مروءة يبقها و لا ديـنا
مَنْ دان بالجهل أو قبل الرسوخ فما تَلفـيه إلاَّ عـدواً للمحقينا
يشنا العلوم ويقلي أهلهاحســداً ضاهى بذلك أعداءَ النبيين"
وقال أبو نعــيم : "واللهم ا هلك مَنْ هلكَ إلاَّ بحبِّ الرِّئاسة" (جامع بيان العلم) (1 / ص 570).
2/ الاستكبار و الإباء عن قبول الحقِّ؛ قال الإمام سفيان بن عيينة: "ليس العاقل الذي يعرف الخير والشر، وإنما العاقل الذي إذا رأى الخير اتبعه وإذا رأى الشر اجتنبه" (الحلية) (8 / 339).
وقال الإمام ابن القيم في (الفوائد) (ص 155): "من علامات السعادة والفلاح: أنَّ العبد كُلَّما زيدَ في عِلْمِه زِيْدَ في تواضعهِ ورَحْمَتِهِ، وكُلَّما زِيدَ في عملهِ زِيدَ في خَوْفِهِ وحذَرِهِ، وكُلَّما زِيدَ في عمرهِ نَقَصَ مِنْ حِرْصِهِ، وكُلَّما زِيدَ في مالهِ زِيْدَ في سَخَائِهِ وبذلهِ، وكُلَّما زيدَ في قَدْرِهِ وَجَاهِهِ زيدَ في قُرْبِهِ مِنَ النَّاسِ وقضاءِ حوائجهم والتَّواضع لهم.
وعلامات الشَّقاوة: أنَّه كُلَّما زيدَ في عِلْمِهِ زيدَ في كِبْرِهِ وتِيْهِهِ، وكُلَّما زيدَ في عَمَلِهِ زيدَ في فَخْرِهِ واحتقارِهِ للنَّاسِ وحسن ظنِّه بنفسهِ، وكُلَّما زيدَ في عُمرهِ زيدَ في حرصهِ، وكُلَّما زيدَ في مالهِ زيدَ في بُخْلِهِ وإمْسَاكهِ، وكُلَّما زيدَفي قَدْرِهِ وجَاهِهِ زيدَ في كِبْرِه وتِيْهِهِ، وهذه الأمورُ ابتلاءٌ مِنَ الله وامتحانٌ يبْتلي بها عبَادهُ فيَسْعدُ بها أقوامٌ ويَشْقَى بهاأقوامٌ".
قال أبوالدرداء رضي الله عنه: "علامة الجهلِ ثلاثة: العجبُ، وكثرة المنطق فيما لا يعنيه، وأنْ ينهى عن شيءٍويأتيه"
وعن علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال: "الإعجاب آفةالألباب".
وقال غيره: "إعجاب المرء بنفسه دليلٌ على ضعف عقله"
وقالوا: "لا ترى المعجب إلاَّ طالباًللرئاسة".
ينظر: (جامع بيان العلم) (1 / 570-571).
والمرء لا بدَّ أن يدرك تمام الإدراك أنَّ الله مطلعٌ عليه يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور، وأنَّ القلوب بين أصبعين من أصابع الرحمان يقلبها كيف شاء سبحانه، أسند ابن أبي حاتم في (الزهد) (ص 49) عن الحسن رحمه الله قوله: (إنَّ القلب لأشد طيرورة من الريشة في يومٍ عاصفٍ).
ختم الله لنا ولكم بخير، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.
وكتب :عبدالله بن عبد الرحيم البخاري
3 / ذي الحجة / 1429هـ
منقول من موقع فضيلة الشيخ الدكتورعبدالله بن عبد الرحيم البخاري حفظه الله ورعاه ورفع قدره ومنزلته
منقول من منتديات البيضاء للفائدة
السلام عليكم ورحمة الله و بركاته
أسباب تمادي المرء في الباطل بعد بيانه له
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمدٍ وآله وصحبه أجمعين،وبعد:
فإنَّ مما لا شكَ فيه ما قرره وفقه الله من أنَّ الرجوع إلى الحق خيرٌمن التمادي في الباطل؛ لأنَّ التَّمادي في الباطل دليلٌ على الخذلان، وأنَّ المرءقد مُكر به، كما قال الإمام ابن القيم في (الفوائد): "والخذلان أن يكلك الله إلى نفسك".
و أسباب تمادي المرء في الباطل بعد بيانه له عديدة منها:
1/ حبُّ السًّلطة والتَّصدر. قال العلامة الشاطبي رحمه الله في (الاعتصام): "آخر الأشياء نزولاً من قلوب الصَّالحين: حبُّ السُّلطة والتَّصدر".
قال إبراهيم بن أدهم: "مَا صَدق َاللهَ عَبدٌ أَحَبَّ الشُّهرة "
قال الحافظ الذهبي معلِّقا: قلت: عَلاَمَة ُالمُخلِصِ الذي قد يُحِبُّ شُهرَةً، ولا يشعرُ بها، أنّه إذا عُوتب في ذلك لا يَحْرَدُ ولايُبَرِّئُ نفسَهُ، بل يعترف ويقول: رحمَ الله من أهدى إليَّ عُيوبي، ولا يَكُنْ مُعْجباً بنفسِه؛ لا يشعرُ بعيوبها، بل لا يشعر أنّه لا يشعر، فإنّ هذا داءٌمزمنٌ
[ سير أعلام النبلاء للذهبي 7 / 393 ]
و أنشد ابن عبدالبر في (جامع بيان العلم) (1 / رقم 975):
"حبُّ الرئاسـة داءٌيحلــق الدنيا ويجعل الحبَّ حرباً للمحبينا
يفري الحلاقيم والأرحام يقطــعها فلا مروءة يبقها و لا ديـنا
مَنْ دان بالجهل أو قبل الرسوخ فما تَلفـيه إلاَّ عـدواً للمحقينا
يشنا العلوم ويقلي أهلهاحســداً ضاهى بذلك أعداءَ النبيين"
وقال أبو نعــيم : "واللهم ا هلك مَنْ هلكَ إلاَّ بحبِّ الرِّئاسة" (جامع بيان العلم) (1 / ص 570).
2/ الاستكبار و الإباء عن قبول الحقِّ؛ قال الإمام سفيان بن عيينة: "ليس العاقل الذي يعرف الخير والشر، وإنما العاقل الذي إذا رأى الخير اتبعه وإذا رأى الشر اجتنبه" (الحلية) (8 / 339).
وقال الإمام ابن القيم في (الفوائد) (ص 155): "من علامات السعادة والفلاح: أنَّ العبد كُلَّما زيدَ في عِلْمِه زِيْدَ في تواضعهِ ورَحْمَتِهِ، وكُلَّما زِيدَ في عملهِ زِيدَ في خَوْفِهِ وحذَرِهِ، وكُلَّما زِيدَ في عمرهِ نَقَصَ مِنْ حِرْصِهِ، وكُلَّما زِيدَ في مالهِ زِيْدَ في سَخَائِهِ وبذلهِ، وكُلَّما زيدَ في قَدْرِهِ وَجَاهِهِ زيدَ في قُرْبِهِ مِنَ النَّاسِ وقضاءِ حوائجهم والتَّواضع لهم.
وعلامات الشَّقاوة: أنَّه كُلَّما زيدَ في عِلْمِهِ زيدَ في كِبْرِهِ وتِيْهِهِ، وكُلَّما زيدَ في عَمَلِهِ زيدَ في فَخْرِهِ واحتقارِهِ للنَّاسِ وحسن ظنِّه بنفسهِ، وكُلَّما زيدَ في عُمرهِ زيدَ في حرصهِ، وكُلَّما زيدَ في مالهِ زيدَ في بُخْلِهِ وإمْسَاكهِ، وكُلَّما زيدَفي قَدْرِهِ وجَاهِهِ زيدَ في كِبْرِه وتِيْهِهِ، وهذه الأمورُ ابتلاءٌ مِنَ الله وامتحانٌ يبْتلي بها عبَادهُ فيَسْعدُ بها أقوامٌ ويَشْقَى بهاأقوامٌ".
قال أبوالدرداء رضي الله عنه: "علامة الجهلِ ثلاثة: العجبُ، وكثرة المنطق فيما لا يعنيه، وأنْ ينهى عن شيءٍويأتيه"
وعن علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال: "الإعجاب آفةالألباب".
وقال غيره: "إعجاب المرء بنفسه دليلٌ على ضعف عقله"
وقالوا: "لا ترى المعجب إلاَّ طالباًللرئاسة".
ينظر: (جامع بيان العلم) (1 / 570-571).
والمرء لا بدَّ أن يدرك تمام الإدراك أنَّ الله مطلعٌ عليه يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور، وأنَّ القلوب بين أصبعين من أصابع الرحمان يقلبها كيف شاء سبحانه، أسند ابن أبي حاتم في (الزهد) (ص 49) عن الحسن رحمه الله قوله: (إنَّ القلب لأشد طيرورة من الريشة في يومٍ عاصفٍ).
ختم الله لنا ولكم بخير، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.
وكتب :عبدالله بن عبد الرحيم البخاري
3 / ذي الحجة / 1429هـ